التحقيق الابتدائي في الشريعة الإسلامية

المؤلف : عماد حامد احمد القدو
الكتاب أو المصدر : التحقيق الابتدائي
إعادة نشر بواسطة محاماة نت

لم تكن القبائل العربية قبل الإسلام تعرف نظاماً قضائياً للفصل في المنازعات التي تنشأ بينها فكان الأسلوبان الوحيدان المعتمدان هما الاحتكام للسيف واللجوء لمنطق القوة وبعد ظهور الاسلام وضعت الشريعة الاسلامية العديد من القيود وجعلت لسلطة القاضي حدوداً لا يتعداها لان الخروج عليها يجعل عمله باطلاً ، فقد اكدت الشريعة الاسلامية على حرية الفرد المتهم وكذلك منعت اكراه المتهم وتعذيبه من اجل حمله على الاعتراف بفعله لانها اعتبرت الإقرار(1). وسيلة من وسائل الإثبات(2). ويتضح لنا استناد الشريعة الإسلامية إلى الإقرار كأحد أدلة الإثبات من خلال بعض الآيات القرآنية الكريمة قال تعالى. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ ) (3).

(أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ) (4).وكذلك قوله تعالى : (وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ) (5).وكذلك قوله تعالى (فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقاً لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ) (6).وقوله عز وجل “ (أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا)(7). أما في السنة النبوية الشريفة فقال صلى الله عليه وسلم “أغدُ يا أنيس على امرأة هذا فإن اعترفت فأرجمها” ويدل هذا الحديث الشريف على استعمال الشريعة الإسلامية للتحقيق(8).

وقد أظهرت أهمية الإقرار في المجتمع الإسلامي المبني على التقوى ومعرفة الحق في رد الحقوق إلى أصحابها حتى مع انعدام البيئة أكثر من أي مجتمع أخر لكن لا يكون للإقرار حجة على الغير فلو أقر شخص أنه زنى بامرأة وكذبته فهو يؤخذ بإقراره ويحد(9).

عرف العرب وخاصة البدو منهم القضاء وللبادية قوانين وأن كانت غير مكتوبة “الاعراف” كانت سائدة بين البدو وتحتل مكانة هامة في تنظيم شؤون حياتهم مثله مثل القوانين المكتوبة والقواعد المتبعة لدى الأمم المتحضرة بل أشد وأعظم وهذه القوانين هي خلاصة تجارب وأحداث أيدنها العصور وتوارثها البدو معتمدين على أحكام الشريعة الإسلامية.
يرى الباحث :
إن الإسلام ضمن حقوق البشر ولأن الإنسان أثمن من رأس المال في المجتمع فلا يضحي الإسلام به بسهولة فلذا فإن التحقيق وفق الشريعة الإسلامية له ضوابط معينة لا يمكن للمحقق أن يتجاوز فيها على حقوق المتهم.

فالمتهم بريء حتى تثبت إدانته وأبسط ممارسات حل النزاعات في الإسلام هي (البينة على من أدعى واليمين على من أنكر). والإسلام يستفيد أيضاً من التقدم العلمي ولا يرى ضرر في استخدام الوسائل العلمية الحديثة في التحقيق الابتدائي إضافة إلى القرآن والسنة اللذان يرجي التحقيق في إطارهما وعلى ضوئيهما.
____________
1 . د. سامي صادق الملا، مصدر سابق، صـ 2.
2 . الإقرار أخبار بحق لأخر لا إثبات له عليه وهو خبر يتردد بين الصدق والكذب فهو خبر محتمل باعتباره ظاهرة وبذلك لا يكون حجة ولكنه جعل حجة إذا أصطحب بدليل معقول يرجح جانب الصدق على جانب الكذب.
3 . د. هلالي عبد الإله أحمد عبد العال .مصدر سابق. صـ 55.- انظر ايضاً الشيخ أحمد ابراهيم، “طرق الاثبات في الشريعة، مجلة الحقوق س1 عدد 10 مشار إليه في د. سامي صادق الملا ، مصدر سابق، ص64.
4. سورة النساء ، أية 135.
5. سورة يوسف أية 51.
6 . سورة التوبة، أية 102.
7 . سورة الملك، أية 11.
8 . سورة آل عمران، أية 81.
9 . الموسوعة الفقهية، إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية، الكويت، الجزء السابع، طبعة 2، سنة 1999، صـ 138.
10 . د. حسني الجندي، ، أصول الإجراءات الجزائية في الإسلام” الطبعة الثانية، 1992 مطبعة جامعة القاهرة صـ 340.