من خلال استقراء نصوص تشريعات الجنسية في مختلف دول العالم نجد انها تتطلب جملة شروط لمنح الاجنبية الجنسية الوطنية بعض هذه الشروط غير منصوص عليها في نصوص القوانين كشرط صحة الزواج الا انه شرط بديهي فلا يمكن منح الاجنبية الجنسية الوطنية بسبب الزواج من احد الوطنيين وكان زواجها باطلا ، ومن جهة اخرى فان قوانين الجنسية قد تنص على البعض الآخر من الشروط كشرط الأقامة وتقديم الطلب . وبصورة عامة يمكن القول أن تشريعات الجنسية في اغلب دول العالم لم تحدد شروطاً معينة مشتركة بين جميع دول العالم بل ان الامر متروك للمشرع في كل دولة ليضع من الشروط ما يراه ضروريا. وهذه الشروط هي كما يلي :-

اولا- صحة الزواج: لابد من ان ينعقد الزواج صحيحا من ناحية الموضوع والشكل حتى يكون سببا في منح الاجنبية الجنسية الوطنية ، وهذا الشرط اتفقت عليه كافة تشريعات الجنسية في دول العالم المختلفة كما انه محل اجماع الفقهاء (1) . وموضوع صحة الزواج يثير مسألتين مهمتين هما :

اولا : القانون المختص بعقد الزواج.

ثانيا : الآثار المترتبة على بطلان الزواج .

ففيما يتعلق بالقانون الذي يختص بحكم عقد الزواج ذهب فريق من الفقهاء(2). إلى وجوب ان يكون الزواج صحيحا طبقا لأحكام القانون الداخلي أي الاحكام الداخلية في القانون الوطني دون تلك التي تتعلق بالقانون الدولي الخاص بدليل ان هؤلاء الفقهاء (3). يذهبون الى القول انه لا يكفي ان يكون الزواج قد انعقد صحيحا وفقا لأحكام قانون الزوجة الاجنبية وانما يجب ان ينعقد الزواج صحيحا على وفق احكام القانون الوطني لكون الامر يتعلق بالجنسية الوطنية وليس بالجنسية الاجنبية .وعلى ذلك ينبغي عند هؤلاء الفقهاء ان يكون هذا الزواج صحيحا من الوجهتين الموضوعية والشكلية وفقا لما تقرره القواعد الداخلية في القانون الوطني من احكام (4) .في حين يذهب فريق (5). آخر من الفقهاء الى القول بأن الرأي الاول غير صحيح، فالزواج يجب ان ينعقد صحيحا وفقا لاحكام القانون الوطني حتى يترتب اثره في اكتساب الزوجة للجنسية الوطنية لكن المقصود بأحكام القانون الوطني هي الاحكام المتعلقة بتنازع القوانين (6). وعلى ذلك فانه يتعين ان يكون الزواج قد انعقد صحيحا من حيث الشكل والموضوع وفقا للقانون المختص بمقتضى قواعد الاسناد الوطنية وسواء أكان هذا هو القانون الوطني او القانون الأجنبي (7). وبالرجوع الى مختلف تشريعات الجنسية في دول العالم المختلفة نجد انها تفرق بين الشروط الموضوعية والشروط الشكلية ، فمن حيث الموضوع يلاحظ ان هذه التشريعات تقضي بأن الشروط الموضوعية لصحة الزواج يحكمها قانون كل من الزوجين وقت الزواج اذا كانا من جنسيتين مختلفتين فيما عدا شرط الاهلية فانه يبقى خاضعا للقانون الشخصي لكلا الزوجين ، وبهذا اخذ القانون المدني الالماني والسويسري والفرنسي والياباني والسوري والمصري واللبناني (8) .اما بالنسبة للشروط الشكلية فان القاعدة فيها هي خضوعها لقانون جنسية الزوجين او قانون بلد الابرام (9). فقانون المكان الذي ابرم فيه عقد الزواج يكون هو المختص بتقرير صحة الشكلية واذا ما تم العقد على وفق قانون ذلك المكان يكون صحيحا ومقبولا في سائر الدول الاخرى وهو اعمال لقاعدة (Loeas right actin) التي نادى بها المعلق اكورس وبهذا اخذت اغلب التشريعات الانكلو سكسونية واللاتينية(10). وبذلك قضت المادة (170) من القانون المدني الفرنسي إذ جاء فيها : “ان الزواج الذي يعقد في الخارج بين فرنسيين يكون صحيحا اذا حصل طبقا للشكل المقرر في البلد الذي ابرم فيه”، كما اقرت اتفاقية لاهاي هذا الاتجاه إذ جاء في المادة الخامسة ما يلي :”يعد الزواج الحاصل صحيحا من ناحية الشكل طبقا لقانون البلد الذي بوشر فيه صحيحا في مكان آخر” وبذلك اخذ القانون المدني المصري ( م20) والسوري(م21) والاردني( م21).نخلص مما تقدم الى وجوب رفض الرأي القائل بانه يجب الرجوع الى الاحكام الداخلية في القانون الوطني لتقدير صحة الزواج ، وانه يجب الرجوع الى ذات القانون الذي سبب تخلف احد شروطه ذاك البطلان فان كان البطلان بسبب تخلف احد الشروط الشكلية فان القانون الذي يكون مختصا بتقرير البطلان هو قانون بلد الابرام واذا كان البطلان بسبب فقدان احد الشروط الموضوعية فان القانون الذي يختص بتقرير البطلان هو قانون جنسية الزوجين (11). على وفق ما تشير اليه قواعد الاسناد.

ثانيا: اثر البطلان : يترتب على بطلان الزواج عدم السماح للزوجة اكتساب جنسية زوجها :

واذا كانت قد اكتسبت جنسية زوجها فانها تزول عن الزوجة بأثر رجعي. وهنا يثور سؤال حول الزواج الظني الذي تكون فيه الزوجة حسنة النية هل تزول الجنسية عنها ؟اختلفت تشريعات دول العالم في هذا الموضوع ، فأغلب التشريعات تذهب الى ان الزواج الذي يكون سببا في اكتساب الجنسية الوطنية هو الزواج الصحيح اما الزواج الباطل او الظني فلا ينفع ان يكون سببا في كسب الجنسية وجرى على ذلك الفقه والقضاء(12). فالمادة (42) من القانون المدني الفرنسي لسنة 1945 قضت بأنه ” لا تكتسب الزوجة الجنسية الفرنسية اذا ابطل زواجها من فرنسي بمقتضى حكم صادر من المحاكم الفرنسية ، او بحكم قابل للتنفيذ في فرنسا ولو كان هذا الزواج معقودا بحسن نية “.الا ان بعض التشريعات خالفت هذا الاتجاه انطلاقا من فكرة الجنسية الظاهرة ، التي تحصل عليها الزوجة بحسن نية ، ومن هذه التشريعات قانون الجنسية الفرنسية لسنة 1973 ، وبمقتضى هذا القانون فان المشرع الفرنسي رتب على الزواج الظني الذي يتم بحسن نية عدم تأثيره في زوال الجنسية عن الاجنبية المتزوجة بفرنسي حسبما جاء في المادة (42) : ” ان بطلان الزواج ليس من شأنه ان يؤثر على الجنسية الفرنسية التي تم اكتسابها من احد الزوجين على اثر الزواج وبناء على طلبه متى كان هذا الزواج بحسن نية أي لا يعلم بسبب البطلان ” وقرر في المادة (43) ” ان الجنسية التي يكتسبها الابناء نتاج هذه الزوجية التي حكم ببطلانها لا يتأثرون بهذا البطلان ولو لم يكن ظنيا فتظل الجنسية الفرنسية ثابتة لهم ” . والسبب في مسلك المشرع الفرنسي هذا هو ان الجنسية على اتصال وثيق بحياة الاسرة فاذا كان القانون المدني يرتب في ميدان المعاملات على حسن النية عدم زوال اثر العقد بالنسبة للطرف حسن النية ، فالاولى بالمشرع الفرنسي تعميم هذه القاعدة ليشمل قانون الجنسية (13).

ثالثا: استمرار الزوجية مدة معينة :

تشرط اغلب التشريعات المقارنة مضي مدة معينة على الزواج والغرض من هذه المدة هو التأكد من جدية الزواج واستمراره حتى لا يتخذ الزواج وسيلة للتحايل على احكام قانون الجنسية تحقيقا لأهداف عابرة او غايات شخصية (14). فلا يشترط ان تكون الزوجة مقيمة مع زوجها في بلد الزوج ذلك ان مرور هذه المدة يعني تحقق هذا الشرط ويكون لها الحق بأن تطلب جنسية زوجها ويلاحظ ان لهذا الشرط اهمية إذ انه يتيح للجهات المختصة في الدولة ان تقف على صلاحية الزوجة خلال هذه المدة لاكتساب الجنسية الوطنية (15) .وقد اختلفت التشريعات في دول العالم حول تحديد مدة استمرار الزوجية من جهة ، فبعض التشريعات تشترط ان تمضي (3) سنوات على الزواج وبعضها الآخر يشترط استمرار الزواج خمس سنوات وبعضها سنة والبعض الآخر يشترط ان يكون لمدة ستة اشهر. ومن جهة اخرى اختلفت التشريعات المقارنة في تحديد هذه المدة قبل تقديم الطلب او بعده وازاء اختلاف التشريعات حول هذا الشرط سوف تتم دراسة موقف التشريعات المقارنة على وفق الاتجاهات الآتية: الاتجاه الاول : استمرار الزوجية قبل تقديم الطلب :يمثل هذا الاتجاه مجموعة التشريعات التي اشترطت استمرار الزوجية مدة معينة قبل تقديم الطلب ، ويبدأ احتساب المدة منذ تأريخ عقد الزواج ولا يشترط ان تكون الزوجة في بلد الزوج فيصح ان تمضي المدة ولو كانت متواجدة خارج دولة الزوج (16) . ولقد اختلفت التشريعات في تحديد المدة التي يجب ان تستمر الزوجية خلالها والامر في ذلك يعود للمشرع في كل دولة على وفق ما يراه ملاءما ، ومن التشريعات التي سلكت هذا الاتجاه قانون جنسية دولة شيلي الصادر سنة 1925، إذ اشترطت المادة (3) ان تكون الزوجة الاجنبية مقيمة في شيلي مدة خمس سنوات تسبق تقديم الطلب ويبدأ حساب المدة من تأريخ زواج الاجنبية من المواطن الشيلي . وايضا المادة (15) من قانون الجنسية البلجيكي الصادر سنة 1932 إذ قضت : ” يتعين ان تطلب الزوجة الدخول في جنسية زوجها التي اكتسبها بالتجنس في خلال ستة اشهر من تأريخ تسجيل العمل الذي قام بسببه التجنس …” ، فالمشرع البلجيكي حدد المدة بـ (6) اشهر تسبق تقديم الطلب ، وايضا قانون الجنسية اللبناني الصادر سنة 1960 إذ اشترط ان تكون المدة هي سنة واحدة تسبق تقديم الطلب يبدأ حسابها من تأريخ تسجيل الزواج في قلم النفوس(17) . ومن التشريعات الاخرى قانون الجنسية السوداني لسنة 1969 إذ حدد المدة بأن تكون لمدة سنة واحدة تبدأ من تأريخ اقامة الزوجة مع زوجها في السودان (18). الاتجاه الثاني : مضي المدة بعد تقديم الطلب :ذهبت قوانين بعض الدول الى اشتراط مضي مدة معينة بعد تقديم الطلب ، ومن هذه القوانين المادة (65/فق4) من قانون الجنسية الاسترالي الصادر سنة 1948، إذ اشترطت ان تمضي مدة لا تقل عن عام يبدأ حسابها من تأريخ تقديمها طلبا بذلك . ومن التشريعات الحديثة قانون الجنسية اليمني الجديد الصادر سنة 1991 إذ اشترط ان تمضي مدة (4) سنوات تبدأ من تأريخ تقديم الطلب . اما المشرع الاماراتي فقد اشترط ان تكون المدة (3) سنوات من تأريخ اعلان الزوجة رغبتها في اكتساب جنسية زوجها وجعلت تشريعات كل من سورية والمغرب ومصر وقطر المدة اللازمة لاستمرار الزوجة سنتين يبدأ حسابها من تأريخ اعلان الزوجة رغبتها في الحصول على جنسية زوجها في حين حدد المشرع المغربي والتونسي ابتداءها من تأريخ اقامة العائلة في الاقليم الوطني. ومن التشريعات الاخرى قانون الجنسية الكويتي الذي جعل المدة اللازمة لاستمرار الزوجية (5) سنوات تبدأ من تأريخ اعلان الزوجة رغبتها في اكتساب الجنسية الكويتية ، الا ان المشرع الكويتي اعطى للسلطات المختصة صلاحية التخفيف من هذه المدة او اعفاء الزوجة منها .يتضح من خلال استعراض كلا الاتجاهين ان جميع هذه التشريعات اشترطت ان تستمر الزوجية مدة معينة سواء أكانت قبل تقديم الطلب ام بعده ، والسؤال الذي يثار هنا ما اثر انقطاع الزوجية على حق الزوجة في اكتساب الجنسية الوطنية ؟

من المعلوم ان الزوجية تنقطع لسببين :

اولا: الطلاق.

ثانيا: الوفاة .

بالنسبة للطلاق فلا شك ان الزوجة تفقد الحق في اكتساب الجنسية الوطنية لأن الطلاق يعبر عن حالة واقعية وهي عدم جدية الزوجة في زواجها من الوطني وانها ترمي من زواجها من الوطني تحقيق مآرب واغراض غير مشروعة في دولة الزوج (19) . اما بالنسبة لحالة الوفاة فان اغلب دول العالم لا تجعل الوفاة سببا لفقد الاجنبية الحق في اكتساب جنسية زوجها وتبرير ذلك ان المشرع الوطني عندما اشترط استمرار الزوجية مدة معينة فيكون بقصد الاستيثاق من جدية الزواج واستمراره، فاذا استمرت الزوجية هذه المدة وتوفي الزوج او توفي الزوج في خلالها فان ذلك يكون بسبب عمل غير ارادي ، ذلك ان انقطاع المدة المنصوص عليها لاشتراط استمرار الزوجية لم تتم نتيجة لعمل ارادي من جانب الزوجة يمكن ان يستفاد منه عدم جدية الزوجة او عدم صدق رغبتها في الاندماج بالجماعة الوطنية وانما حدث هذا الانقطاع نتيجة لأسباب قهرية في وقت قد تكون الاسرة قد تم لها الاستقرار بأقليم الدولة (20). ومن التشريعات التي سلكت هذا الاتجاه قانون الجنسية البوليفي والفرنسي والمصري والكويتي.

رابعا: الاقامة في بلد الزوج : تشترط معظم تشريعات دول العالم ان تقيم الزوجة مع زوجها في بلد الزوج مدة معينة قبل تقديم الطلب او بعده ، والغاية من اشتراط الاقامة (21). :

1-التأكد من اندماج الزوجة في مجتمع الزوج.

2-تسهيل مهمة الجهة الادارية في دولة الزوج لغرض رقابتها على المرأة لاجنبية للتأكد من ميولها وصلاحيتها للاندماج في مجتمع الدولة .

ويعد مثل هذا الشرط منطقيا ومكملا لشرط استمرارية الزواج ويحتمه الدور الايجابي الذي اعطي للسلطة المختصة في منح او منع الجنسية عن الاجنبية المتزوجة من الوطني ويشترط في الاقامة شرطين (22).:

الاول: ان تكون الاقامة مستمرة ، فلا يتخللها انقطاع الا انه يجوز ان تتخلل الاقامة مدد انقطاع او غياب مؤقت كالسفر للعلاج او للدراسة .

الثاني: ان تكون الاقامة مشروعة إذ يجب ان يكون دخول الاجنبية في بلد الزوج واقامتها مع زوجها بصورة مشروعة ومن ثم لا يعتد باقامة من دخلت البلاد خلسة او بصورة غير مشروعة.

خامسا: تقديم طلب :

ويمثل هذا الشرط اعلان الزوجة عن رغبتها في الانضمام الى جنسية زوجها ، ذلك ان تشريعات الجنسية في مختلف دول العالم اخذت بالفكرة المثالية في تنظيم الجنسية الداعية الى ضرورة الاعتداد بارادة المرأة وعدم فرض جنسية الزوج عليها خلافا لرغبتها لذا استلزمت ان يصدر عن الزوجة تعبير ارادي تكشف به عن رغبتها في اكتساب جنسية زوجها (23) . ومن القوانين التي اشترطت ان تقدم الزوجة طلب لاكتساب جنسية الزوج، قانون الجنسية الفرنسي الصادر سنة 1973 وقانون جنسية الولايات المتحدة الامريكية لسنة 1952 والقانون الياباني لسنة 1950 وقانون بوليفيا لسنة 1950 والاكوادور ( م6 قانون سنة 1950) ، غوانتيمالا ( م8 لسنة 1948) نيكاراغوا ( م19 من دستور سنة 1950) المكسيك ( م2/2 من قانون سنة 1934 ) السلفادور ( م11/5 من دستور سنة 1950) .

سادساً- وقت تقديم الطلب :

اختلفت التشريعات في الوقت الذي يجب ان تقدم فيه الزوجة طلب اكتساب جنسية زوجها فمن تلك التشريعات من لم تقيد المرأة الاجنبية بمدة معينة فيجوز ان تبدي رغبتها في أي مدة لاحقة على الزواج ومنها القانون المصري والليبي والكويتي ، في حين تشريعات اخرى قيدت اعلان الزوجة عن رغبتها في خلال مدة معينة كالقانون اللبناني والسوداني والتونسي والمغربي .

سابعاً: فقد الزوجة لجنسيتها :

دفعا لظاهرة ازدواج الجنسية التي من الممكن ان تنشأ في حالة ما اذا دخلت في جنسية الزوج ولم يفقدها قانونها لجنسيتها خصوصا اذا كان بلد الزوجة يأخذ بمبدأ استقلال الجنسية إذ لا تزول الجنسية عنها ما لم تطلب التخلي عنها. وهذه ميزة تسجل للتشريعات التي اشترطت هذا الشرط الا ان التمسك به قد يكون وبالا على المرأة في حالة ما اذا استغنت دولتها عن ان تلبي طلبها في السماح لها بالتخلي عن جنسيتها فيتعذر الدخول في جنسية زوجها . هذا من جهة ومن جهة اخرى فان التنازل المسبق من شأنه ان يؤدي الى وقوع الزوجة الاجنبية في حالة انعدام الجنسية ذلك في الوقت الذي تتخلى فيه عن جنسيتها الاصلية مع عدم تمكنها من دخول جنسية زوجها(24).ومن التشريعات التي سلكت هذا الاتجاه قانون جنسية دولة الامارات العربية المتحدة والسودان والمغرب والجزائر .

ثامناً: موافقة الجهة المختصة :

اسندت تشريعات الجنسية في دول العالم صلاحية البت في الطلب الذي تقدمه الزوجة الى السلطة التنفيذية وبالتحديد وزير الداخلية ، والبعض الآخر اسندها بوزير الخارجية (25) . ولقد ثار خلاف كبير بين الفقهاء حول طبيعة السلطة الممنوحة للجهة الادارية فذهب فريق من الفقهاء (26). الى ان جهة الادارة مقيدة باستثبات الشروط القانونية التي يتطلبها القانون وليس للجهة الادارية أي سلطة حيال دخول الاجنبية في جنسية زوجها وعلى ذلك فان السلطة الممنوحة للجهة الادارية هي سلطة تقديرية وليست مطلقة ، فاذا توافرت هذه الشروط فليس امام الجهة الادارية الا الموافقة على الطلب دون ان يكون لها خيار في الرفض . في حين ذهب فريق (27). آخر من الفقهاء الى ان السلطة المختصة تكون صلاحيتها تقديرية واسعة في الموافقة او الرفض وفي هذه الحالة يمكن تأمين المصلحة العامة المتمثلة في امكان حجب الزوجة من الدخول في جنسية زوجها اذا تبين للسلطات المختصة وجود اسباب تمنع الزوجة من الدخول في جنسية زوجها . وهذا الرفض لا يتم الا بتخويل الجهة الادارية صلاحية او سلطة تقديرية في الموافقة او الرفض . ولهذا السبب فان التشريعات تضع الزوجة بعد تقديم الطلب تحت رقابة السلطات وتسمى هذه المدة بـ ( مدة الريب والشك ) للتأكد من جدية الزواج ورغبة المرأة في الانضمام الى صفوف مجتمع زوجها (28) . ومن يمعن النظر في رأي الفريقين يتبين له ان الفريق الثاني اقرب الى الصواب من الفريق الاول ويؤيده ما ذهب اليه بعض الشراح من انه يجب ان يترك للادارة سلطة مطلقة في تقدير من يجوز لها اكتساب جنسية زوجها والتأكد من توافر الشروط القانونية المطلوبة ويصدر القرار بالموافقة او الرفض على طلب الزوجة(29) .ويثور السؤال عن طبيعة القرار الصادر من وزير الداخلية هل يجوز الطعن فيه والاعتراض عليه ؟ان القرارات التي تصدر عن السلطة التنفيذية على نوعين :

اولا: قرارات سيادية تدخل ضمن اعمال السيادة ، وتصدر عن الحكومة بوصفها جهة حكم لا جهة ادارة (30) .

ثانيا: قرارات ادارية تصدر عن السلطة بوصفها جهة ادارية وذلك اما لغرض تسهيل تطبيق قانون نافذ او تعديله او الغائه .وعلى ذلك فان القرارات التي تصدر عن السلطة التنفيذية في مسائل الجنسية لا يعد عملا من اعمال السيادة وانما هو من الاعمال الادارية التي يجوز الطعن فيها امام جهة اعلى وهو ما اخذت به معظم تشريعات دول العالم اليوم ، إذ اجاز قانون الجنسية العراقي رقم 46 لسنة 1990 في المادة (9) الطعن بقرار الوزير اما السيد رئيس الجمهورية وأجاز ت القوانين المقارنة الطعن بقرار الوزير امام الجهات العليا.

________________________________

1- بدوي ابو ديب ، المصدر السابق، ص 149 ، فؤاد عبدالمنعم رياض ، الموجز في الجنسية ومركز الاجانب ، ص 134 ، هشام علي صادق ، الجنسية والموطن، ص 456 ، حسن الهداوي، المصدر السابق، ص 131، ماجد الحلواني، المصدر السابق، ص 204 ، محمد عبدالمنعم رياض ، مبادىء القانون الدولي الخاص ، ص 93.

2- جابر جاد عبدالرحمن ، القانون الدولي الخاص العربي ، ص 175 ، محمد كمال فهمي، اصول القانون الدولي الخاص، الطبعة الثانية، القاهرة، منشورات الثقافة الجامعية،1985، ص 198، شمس الدين الوكيل، الموجز في الجنسية ومركز الاجانب، ص 193، حامد زكي، القانون الدولي الخاص، ص574، احمد مسلم، الجنسية ومركز الاجانب، ص 208، فؤاد عبدالمنعم رياض، سامية راشد، الوجيز في القانون الدولي الخاص، ص 167.

3- محمد كمال فهمي، المصدر السابق ، ص 157 . ، فؤاد عبدالمنعم رياض و سامية راشد ، المصدر السابق ، ص 167.

4- بدوي ابو ديب، المصدر السابق، ص 129، صوفي ابو طالب ، المرجع السابق ، ص 268 ، فؤاد عبدالمنعم رياض ، القانون الدولي الخاص في القانونين اللبناني والمصري، بيروت، دار النهضة المصرية، 1971، ص 126.

5- عكاشة عبدالعال ، احكام الجنسية اللبنانية ، ص 202 ، هشام علي صادق ، المصدر السابق، ص 138 ، حسن الهداوي ، المصدر السابق، ص 131.

6- هشام علي صادق ، المصدر السابق، ص 256، عكاشة عبدالعال، المصدر السابق، ص 203.

7- عكاشة عبدالعال ،المصدر السابق، ص 203 ، حسن الهداوي ، المصدر السابق، ص 131.

8- حسن الهداوي ، تنازع القوانين واحكامه في القانون الكويتي، الكويت، مطبوعات جامعة الكويت ، 1974 ، ص 154، هشام علي صادق ، المصدر السابق ، ص256.

9- عبدالواحد كرم ، المصدر السابق، ص 15 ، حسن الهداوي ، تنازع القوانين واحكامه في القانون الدولي الخاص العراقي ، ص 171، منصور مصطفى منصور، مذكرات في القانون الدولي الخاص، تنازع القوانين، القاهرة، مطبعة دون بوسكو، 1956- 1957، ص179.

10- عبدالحميد وشاحي ، المصدر السابق، ص 34 ، حسن الهداوي، غالب الداودي، القانون الدولي الخاص ، ج الثاني ، ص 34-35.

11- عبدالواحد كرم ، المصدر السابق ، ص 21.

12- اكد القضاء المصري هذا المعنى في اكثر من مناسبة . انظر حكم المحكمة الادارية العليا في 31/12/1966 والذي قررت فيه ان : ” من شأن الحكم ببطلان الزواج ان يعد العقد كأن لم يكن من تاريخ انعقاده فلا تعد الزوجة داخلة في الجنسية المصرية لأن هذه الآثار لا تترتب الا على الزواج الصحيح دون الزواج الباطل” وصدر ايضا حكم من محكمة مصر الابتدائية المختلطة بتاريخ 23 ابريل سنة 1931 قضت فيه المحكمة ” ان الزواج الذي يغير جنسية المرأة هو الزواج الصحيح وان بطلان الزواج يعيد الصفة السابقة عليه ” وايضا حكم محكمة الاستئناف المختلطة في 6 مارس سنة 1941 إذ اشار صراحة الى ضرورة توافر صحة الزواج لكي تكسب الزوجة جنسية زوجها ” . حول هذه القرارات ، انظر محمد عبدالمنعم رياض ، مبادىء القانون الدولي الخاص، ص 94 ، عكاشة عبدالعال ، المصدر السابق ، ص 201.

13- عكاشة عبدالعال ، المصدر السابق ، ص 204-205 ، هشام علي صادق ، الجنسية والموطن ومركز الاجانب ، ص 460-461.

14- عكاشة عبدالعال ، المصدر السابق ، ص 207 ، هشام علي صادق ، الجنسية اللبنانية ، ص 87.

15- عزالدين عبدالله ، القانون الدولي الخاص ، ص 426 ، هشام علي صادق ، الجنسية والموطن ومركز الاجانب ، ص 464-465.

16- ممدوح عبدالكريم حافظ ، القانون الدولي الخاص ، ص 98.

17- هشام علي صادق ، الجنسية اللبنانية ، ص 87.

18- حسن الهداوي ، اكتساب الاجنبية جنسية زوجها في التشريعات العربية ، ص 70-73.

19- عكاشة عبدالعال ، المصدر السابق ، ص 209 ، غالب الداودي ، القانون الدولي الخاص الاردني ، ص 116 ، حسن الهداوي ، الجنسية ومراكز الاجانب ، ص 141.

20- فؤاد عبدالمنعم رياض ، سامية راشد ، الوجيز في القانون الدولي الخاص ، ص 165-166. احمد مسلم ، الجنسية ومركز الاجانب ، ص 207-210، شمس الدين الوكيل ، الموجز في الجنسية والموطن ، ص 345 ، هشام علي صادق ، الجنسية اللبنانية ، ص 87 ، حسن الهداوي ، المصدر السابق ، ص 151 ، عكاشة عبدالعال، المصدر السابق ، ص 209 ، فؤاد عبدالمنعم رياض ، مبادىء القانون الدولي الخاص في القانونين اللبناني والمصري ، ص 128.

21- عزالدين عبدالله ، القانون الدولي الخاص ، ص 420، شمس الدين الوكيل ، المصدر السابق ، ص 343 ، فؤاد عبدالمنعم رياض ، سامية راشد ، المصدر السابق ، ص165.

22- حسن الهداوي ، اكتساب الاجنبية لجنسية زوجها في التشريعات العربية ، ص 73.

23- حسن الهداوي ، المصدر السابق ، ص 67-70.

24- حسن الهداوي ، المصدر السابق ، ص 74.

25- كقانون الجنسية المغربي إذ اناط البت في طلب الزوجة بوزير الخارجية.

26- عكاشة عبدالعال ، المصدر السابق ، ص 210.

27- حسن الهداري ، المصدر السابق ، ص 151 ، غالب الداودي ، القانون الدولي الخاص الاردني ، ص 118.

28- غالب الداودي ، المصدر السابق ، ص 118.

29- جابر عبدالرحمن ، القانون الدولي الخاص العراقي ، ص 151.

30- مدحت المحمود، شرح قانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنة 1969 وتطبيقاته العملية ، الجزء الاول، الطبعة الاولى، بغداد ، شركة الحسام للطباعة، 1994، ص45 ، عبدالرحمن العلام ، شرح قانون المرافعات، الجزء الاول، بغداد ، مطبعة العاني، دون سنة طبع ، ص 97.

المؤلف : مثنى محمد عبد القيسي
الكتاب أو المصدر : اثر الزواج المختلط على جنسية الزوجة
الجزء والصفحة : ص111-123

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .