ان من شرط تحقق حق الدفاع الشرعي ان يكون فعل الدفاع متناسبا مع فعل الاعتداء بحيث لا يستعمل المدافع الا القدر الضروري من القوة لصد الخطر. وعندئذ فقط يصبح الفعل الذي قام به المدافع مباحا. ولكن قد يتجاوز المدافع حدود حقه في الدفاع هذا وذلك بان يستعمل قوة اكثر مما يتطلبه الدفاع لمنع الاعتداء، وفي هذه الحالة نكون امام صورة تجاوز حدود حق الدفاع الشرعي. لقد فطن واضع قانون العقوبات العراقي لهذه الحالة فبين حكمها في المادة (45) حيث قال : (لا يبيح حق الدفاع الشرعي احداث ضرر أشد مما يستلزمه هذا الدفاع. واذا تجاوز المدافع عمدا او اهمالا حدود هذا الحق او اعتقد خطأ انه في حالة دفاع شرعي، فانه يكون مسئولا عن الجريمة التي ارتكبها، وانما يجوز للمحكمة في هذه الحالة ان تحكم بعقوبة الجنحة بدلا من عقوبة الجناية وان تحكم بعقوبة المخالفة بدلا من عقوبة الجنحة). من دراسة هذا النص يتبين لنا ما يلي :

1.ان لتجاوز حدود حق الدفاع الشرعي صور ثلاث هي : (الأولى) ويكون فيها فعل المدافع عمديا كما لو كان مهددا بالضرب بعصا عادية فصد هذا الضرب بإطلاق رصاصة او بطعنة سكين مميتة، (والثانية) ويكون فيها المدافع قد ارتكب خطأ عند دفاعه، كما لو كان معرضا لخطر الدهس بدراجة فحاول مسكها مما أدى الى اصطدامه بطفل بسبب اهماله وعدم انتباهه فمات الطفل نتيجة ذلك، (والثالثة) ويكون فيها الخطر وهميا اساسه اعتقاد المدافع بحسن نية انه يواجه حالة خطر مع ان الحقيقة غير ذلك كما لو شاهد المدافع شخصا بيده سكينا ويتوجه اتجاهه فظن انه يقصد طعنه فضربه بعصا على يده ادت الى احادث كسر فيها وتبين بعد ذلك ان صاحب السكين انما جاء ليسنها لدى مصلح السكاكين الواقف بقرب المدافع.

2.ان في حالة تجاوز حدو الدفاع الشرعي لا يكون فعل المدافع مباحا وانما يكون جريمة.

3.ان حالة تجاوز حدود الدفاع الشرعي تحقق ظرفا قضائيا مخففا يجيز للمحكمة عند تحققه تخفيف العقوبة، ولا يجبرها على ذلك.

4.اذا اقتنعت المحكمة بضرورة تخفيف العقوبة فلها ان تحكم بعقوبة الجنحة بدلا من عقوبة الجناية وان تحكم بعقوبة المخالفة بدلا من عقوبة الجنحة.

المؤلف : علي حسين خلف _ سلطان عبد القادر الشاوي
الكتاب أو المصدر : المبادئ العامة في قانون العقوبات

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .