(((شرح وتحليل عن شروط و مسقطات الحضانةو مشاهدة المحضون في التشريع العراقي )))
=================================

اهتم المشرع العراقي بموضوع حضانة الطفل عبر العديد من النصوص التنظيمية والعقابية التي توزعت بين قانون الاحوال الشخصية رقم ( 188 ) لسنة 1959 و قانون العقوبات رقم ( 111 ) لسنة 1969 . لذا سوف يتم البحث في تلك النصوص على الوجه التالي:
المادة 57 :-
1- الام احق بحضانة الولد وتربيته حال قيام الزوجية وبعد الفرقة ما لم يتضرر المحضون من ذلك.

(( حضانة الطفل))
==============
أولآ-حضانة الطفل في قانون الأحوال الشخصية:-
يقصد بالحضانة رعاية الطفل وتربيته , ومن خلال استقراء نصوص قانون الاحوال الشخصية العراقي يلحظ ان المشرع قد منح حق الحضانة لأم المحضون وعدّها أحق بحضانة الطفل أثناء قيام الزوجية فيما اذا افترق الأبوان بالسكن مع بقاء الزوجية , كما عدها أولى بالحضانة من غيرها بعد حصول الفرقة بين الأبوين ( م/57 – 1 أحوال شخصية ) بشرط ان لا يتضرر المحضون من ذلك . وفي الحالة الاخيرة فان للأم الحاضنة المطالبة بأجرة حضانة شهرية تتناسب واحتياجات المحضون والحالة المادية لوالده , اما مع استمرار الزوجية فليس للام الحاضنة المطالبة بأجرة الحضانة .
وتستمر الحضانة لحين اكمال الصغير ( 10 ) سنوات , وللمحكمة ان تأذن يتمديدها لغاية ( 15 ) سنة , فان اكمل المحضون ال ( 15 ) سنة من عمره كان له حق الاختيار في الاقامة مع من يشاء من أبويه , والواقع ان الحضانة هي ليست فقط حقاُ للأم وانما هي ايضا التزام رتبه المشرع عليها لمصلحة المحضون , ذلك ان مناط الحضانة هي مصلحة المحضون , وبالتالي فان منح الحضانة للأم او للأب أو لسواهما يكون رهنا بما يحقق مصلحة المحضون . ولهذا نجد ان للأم المطالبة بحضانة طفلها الصغير حديث الولادة الذي لم يكمل السنتين دونما حاجة لرفع دعوى بذلك , اذ يكفي مجرد طلب يقدم للمحكمة لاستحصال قرار عاجل منها معنون الى مركز الشرطة لإجراء تسليم الطفل جبرا الى الام خلال 24 ساعة . وفي حالات استثنائية اذا كان احد المحضونين قد اكمل سن الحضانة والاخر لازال في حدود سن الحضانة قد اتجت محكمة التمييز بالمبالغة في مراعاة مصلحة المحضون كما جاء بقراراها:-
العدد: 465/شخصية أولى/2010
تاريخ القرار: 5/ 3/2010 م.
جهة الإصدار: محكمة التمييز الاتحادية
ادعت المدعية ان ا لمدعى عليه هو مطلقها وقد غصب اطفالها كل من ( على تولد 98 واحمد تولد 2001 ) رغم المطالبة الا انه ممتنع عن تسليمهم لها , عليه طلبت دعوى المدعى عليه للمرافعة والحكم بإلزامه بتسليم الاطفال اعلاه , قررت محكمة الموضوع بتأييد حضانة المدعى عليه ورد دعوى المدعية ولعدم قناعة وكيله المدعية بالحكم المذكورطعنت به تمييزاًطالبة نقضه.
القرار :-
———-
دعوى وجد ان رد الدعوى لدعوى المدعية بخصوص المحضون علي تولد 1998 اتجاه صحيح لأن المذكور قد تجاوز سن الحضانة ولم تجد المحكمة ما يبرر تمديد الحضانة للمدعية التي لم تكن اصلاً حاضنه له .أما بالنسبة للمحضون أحمد تولد 2001 فوجد ان اتجاه المحكمة برد الدعوى غير صحيح وسابق لأوانه , أذ كان الواجب التحقق فيما اذا كان المذكور يتضرر من مفارقة شقيقه علي في حال حضانة المدعى عليه له , إذا ان التنازل الذي اعتمدت المحكمة عليه في رد الدعوى لا يعتد به لأن الحاضنة لم تقرر الا لمصلحة المحضون وهي تدور وجوداً وعدماً مع ذلك .
ولأن مناط الحضانة هي كما اسلفنا مصلحة المحضون فاننانجدان مجرد علاقة الأمومة لوحدها لاتكفي سببا للحكم بالحضانة للأم وانماينبغي توافرشروط في الحاضنة أهمها:
1 – ان تكون الحاضنة بالغة :-
والمقصود به البلوغ العقلي والبدني , وهذا الشرط مفترض في الأم بحكم ولادتها للمحضون وبحكم اكتمال أهليتها بزواجها وقد أتمت الخامسة عشر من عمرها ( م/8 – 1 أحوال شخصية ) .
2 – ان تكون الحاضنة عاقلة :
بمعنى ان تكون سالمة من الامراض النفسية او العصبية التي يمكن ان تؤثر على وعيها وادراكها أو تعرّض حياة المحضون الى الخطر . وقد اعتبر العصبية المفرطة من قبل المرض النفسي وقد اشارت لهذه الفقرة محكمة التمييز بعدة قرارات منها :
(العدد: 4882/شخصية أولى/2004
تاريخ القرار:27/12/2004 م.
جهة الإصدار: محكمة التمييز الاتحادية
الحاضنة العصبية لا تصلح للحضانة
القرار :
ام الطفل أحق بحضانته من ابيه طالما انها تتمتع بشروط الحضانة وهي العقل والبلوغ والامانة وحيث ان المدعي طعن بان المدعى عليها عصبية ولا تصلح للحضانة مما كان على المحكمة التثبيت من هذه الجهة بارسال المدعى عليها الى اللجنة الطبية لفحص قواها العقلية والنفسية ومن ثم اصدار الحكم المقتضى . )
3 – ان تكون الحاضنة أمينة :
بمعنى ان تكون حريصة على مصلحة المحضون , محافظة على سلامته , وان تنأى به عن كل السلوكيات السلبية كالتشرد او التسول او الجنوح . ويدخل ضمن هذا المفهوم ان تكون الحاضنة حسنة السمعة والسلوك وغير محكومة بعقوبة ماسة بالسمعة او الشرف .
4 – ان تكون الحاضنة قادرة على تربية المحضون وصيانته :
فلا يمنعها عن ذلك ضعف او مرض او سفر او عقوبة سالبة للحرية . ( قرارا // ليس من حق الحاضنه السفر بالمحضون خارج العراق دون موافقه الأب اذ ان ذلك يتعارض مع حق الأب في النظر في شؤون المحضون وتربيته وتعليمه الماده السابعه والخمسون / ٤ احوال شخصيه لذا يجب على المحكمه ان تشير الى ذلك في الفقره الحكميه الا اذا وافق المدعى عليه الزوج او وكيله على سفر المحضون فيعتبر ذلك تنازلاً منه عن حقه وهو ماذهبت اليه محكمه التمييز الاتحاديه بقرارها ٢٢١٣/ هيئه الاحوال الشخصيه والمواد الشخصيه/ ٢٠١٤ في ٤/ ٥/ ٢٠١٤ ( …… ان وكيل المدعى عليه اجاب في الجلسه المؤرخة ………. بان موكله يوافق على سفر ابنته مع والدتها الى الخارج لغرض الدراسه وبذلك يكون المدعى عليه قد تنازل عن حقه في الإشراف على تربيه المحضون …..) )
متى تسقط حضانة الام ؟
ان المحكمة لاتحكم لللأم بالحضانة بمجرد رفعها الدعوى وانما تكلفها باثبات توافر شروط الحضانة لديها بالبينة المعتبرة قانونا كشهادات الشهود والتقارير الطبية وغيرها . اما اذا فقدت ام الصغير أحد شروط الحضانة او توفيت فان الحضانة تنتقل الى الأب وقد الحق الاتجاه التميزي في الآونة الاخيرة عدم تمكين الاب من المشاهدة من مسقطات الحضانة ( القرار / 7890 / هيئة الاحوال الشخصية / 2014 ت 8235 فــي 22 / 12 / 2014 القرار //لدى التدقيق والمداولة وجد ان الطعن التميزي مقدم ضمن المدة القانونية قرر قبوله شكلاً ولدى عطف النظر على الحكم المميز وجد انه غير صحيح ذلك لأن محكمة الموضوع ردت الدعوى لعدم استناد المميز للسند القانوني دون ان تلاحظ بأن امتناع الزوجة لتنفيذ الحكم وحرمان الاب من مشاهدة اولاده رغم صدور حكم بذلك يعد سبباًمن اسباب طلب اسقاط الحضانة لذى كان على المحكمة طلب الاضبارة التنفيذية والاطلاع على عدد مرات امتناع المميز عليها عن تنفيذ حكم المشاهدة وعلى ضؤ النتيجة اصدار القرار الموافق للشرع والقانون , لذى قرر نقضه واعادة الدعوى الى محكمتها لاتباع ما تقدم على ان يبقى رسم التمييز تابعا للنتيجة , وصدر القرار بالاتفاق فــي 29 / صــفر / 1436 هجـ المــوافق 22 / 12 / 2014 م ), الا اذا وجدت المحكمة ان مصلحة الصغير تقتضي خلاف ذلك فعندها تحدد المحكمة من له الحضانة , أما اذا وجدت المحكمة ان كلا الأبوين ليسا أهلا للحضانة فانها تودع المحضون لدى حاضن امين او الى أي من دور الحضانة الحكومية ان وجدت .
مع العرض ان زواج الام الحاضنة برجل اخر بعد وفاة زوجها الاول لا يعد سببا لإسقاط حضانتها حسب القانون العراقي , اذ تستمر حضانتها لكن الشروط الاتية :
أ / ان يتعهد زوجها الجديد في عقد الزواج برعاية الصغير وعدم الاضرار به .
ب / ان تكون الأم محتفظة ببقية شروط الحضانة .
ج / ان تقتنع المحكمة بعدم تضرر الصغير من بقائه مع الأم .
واقول ان المشرع العراقي قد اجحف عندما منح الام حقان في آن واحد و هما الحضانة و الزواج بشخص أجنبي عن القاصرين بعد تفريق والدتهم من أبيهم أو بعد وفاته و قد يكون من العراقيين لكنه لا يمت بأي صلة إلى القاصرين مقابل شروط بسيطة اشترطها المشرع على هذا الزوج الأجنبي و شروط شكلية لا معنى لها وغير معمول بها في الواقع العملي و فرض شروط على الحاضنة متمثلة بالأمانة و القدرة على تربية الأطفال و هي مناقضة كبيرة حيث تمحي هذه الشروط من الحاضنة بمجرد زواجها لأنه ليس من المعقول أن تقوم الأم الحاضنة بعد زواجها برعاية أبنائها القاصرين رعاية صالحة و تربيتهم تربية صحيحة و هم يساكنون رجل غريب عنهم لا يمت لهم بأي صلة و كيف تبقى الحضانة لامرأة فضلت غريزتها على أمومتها لأبنائها فلا يمكن أن تكون حاضنة لأطفالها و للزوج الغريب عنهم في آن واحد و إن المشرع جامل على حساب الحق أو غفل في هذا الشأن حق الأب و الجد الصحيح في حالة وفاة الأب ( الجد الصحيح هو أب الأب الذي لا يوجد بينه و بين الحفيد نسل مؤنث ) و غفل حق العم إن تواجد و هو شقيق الأب أو أخوه مخالفا أحكام الشريعة الإسلامية في الكتاب و السنة .

وفي الكتاب يقول البارئ عز و جل بسم الله الرحمان الرحيم ( و اتبعوا ملة أبيكم إبراهيم ) و كذلك ( واتبعتم ملة أبائي إبراهيم و إسحاق و يعقوب ) فهذه الآيات القرآنية تدل على دور الأب في الأولوية بتربية الأبناء ، إن الإتباع هو الاقتداء بهم و من حين السنة النبوية الشريفة يقول رسول الله ” صلى الله عليه و سلم ” إلى سيدنا عمر ” رضي الله عنه ” ( يا عمر ألا تعلم إن العم صنو الأب ) منقول عن عمه العباس ” رض ” و كلمة صنو تعني مثل الأب و الدليل على ذلك إن الجد الصحيح يرث ميراث الأب في حالة وفاته فهو أحق بالحضانة من الأم في حالة زواجها بعد وفاة ولده والد القاصرين و العم الذي هو بمثابة الأب هو أحق بحضانة أبناء شقيقه أو أخيه القاصرين فكان الأجدر بالمشرع أن يتلافى هذا الإخفاق القانوني و يجعل زواج الحاضنة سبب من أسباب سقوطها كون ما للحضانة من دور مهم في تربية الأطفال و بالذات في مجتمعنا نظرا لما مر به من ظروف أمنية سيئة و حروب طاحنة ، نحن لا نختلف مع الحاضنة بحقها الشرعي في الزواج سواء بعد التفريق من زوجها أو بعد الوفاة فمثلما نراعي أحكام الشرع من جانب يجب أن نراعيه من الجوانب الشرعية الأخرى المتمثلة بحقوق الاباء و قد تطاول المشرع بمجاملته كثيرا للحاضنة إذ أعطاها حق الزواج و الحضانة بعد التفريق من زوجها الذي هو على قيد الحياة غافلا حقه في الأبوة مناقضا ما سار عليه القضاء العراقي حديثا باتجاهات محكمة التمييز الاتحادية / الهيئة العامة / الذي أشار بان حنان الأبوة يسمو فوق أي اعتبار فهذه إشارة صريحة و ملزمة بحق الأب في الحضانة و خلاصة القول أيها السادة القراء و حسب رأيي المتواضع إن زواج الحاضنة برجل أجنبي عن أطفالها القاصرين يعد لوحده سببا كافي لإسقاط الحضانة عنها المشار إليها في نص المادة السابعة و الخمسون من قانون الأحوال الشخصية لسنة 1959 و المرقم 188
ثانيا – حضانة الطفل في قانون العقوبات :
———————————
أ / جرّم قانون العقوبات العراقي ابعاد الطفل حديث الولادة عن من له سلطة شرعية عليه او أخفاه ( م/381 ) .

ب / ومن اجل اعطاء الحكم القضائي الصادر عن محكمة الاحوال الشخصية قوة تنفيذية تكفل احترامه وتنفيذه فقد جرّمت ( م/382 – 1 ق ع ) الامتناع عن تسليم الطفل الى من حصل على حكم بالحضانة , وتسري العقوية بحق كل من امتنع عن تسليم المحضون سواءا كان الأبوان ام الجدّان .

ج / كما جرّمت ( الفقرة 2 ) من ذات المادة من انتزع بالحيلة او الاكراه محضونا ممن حكم له بحضانته .

د / جرمت ( م/384 ق ع ) الامتناع عن تسديد مبلغ اجرة الحضانة او النفقة رغم مرور مدة شهر على التبليغ بذلك , ولاتحرك الدعوى الا بشكوى من صاحب الشأن , وتنقضي الدعوى بتنازله عن الشكوى او اداء المشكو منه المبلغ المترتب في ذمته .

((مشاهدة المحضون))
==============
من الجدير بالذكر ان الحكم بالحضانة للأم او لسواها لا يسقط حق الأب في النظر في شؤون المحضون وتربيته , على ان لا يبيت المحضون الا عند حاضنته .
ان قانون الاحوال الشخصية قد تطرق بصورة غير مباشرة الى حق الرؤية ففي الفقرة /4 من المادة /57 التي اعطت الحق للاب النظر في شؤون ولده المحضون وتربيته وان المشرع لم يتطرق بشكل مباشر وصريح إلى حق المشاهدة وعدد مراتها ومكانها …. وان الذي تحدث في حق المشاهدة بشكل صريح هو قرار مجلس قيادة الثورة المنحل بالرقم 211 فـي 25 / 2 / 1984 الذي قرر فيه ان تكون مشاهدة أحد الوالدين ولده بمقتضى الحكم الصادر من محكمة الاحوال الشخصية في مقر منظمة الاتحاد العام لنساء العراق في البلدة التي يقيم فيها الولد مع حاضنته …..إلا ان القرار الغي بالقرار 6 لسنة 1992 فــي 6/1 / 1992 وكذلك فان الاتحاد العام لنساء العراق الغي بموجب قرار مجلس الوزراء بالرقم 3 لسنة 2004 … وان حق المشاهدة لا يتعلق بالوالدين فقط حيث ان لغيرهما من المحارم الحق في مشاهدة المحضون والاطمئنان على صحته وسلامته وحسن تربيته وتعليمه … إلا ان هذا الحق لا يتعدد فلو حكم للجد لأب مشاهدة المحضون فلا يجوز اصدار حكم اخر بمشاهدة المحضون كأن يكون لعمه لئلا يتضرر المحضون …..وبامكان من يرغب بمشاهدة المحضون أن يشاهده مع من حكم له بالمشاهدة ….. فعليه يجب تحديد عدد مرات المشاهدة والمكان والمدة في قرار الحكم وكأنه يكون المكان في مركز الشرطة او المجلس البلدي وغالبا ما تكون بدائرة التنفيذ او ساحة المحكمة وهذ غير مصرح به قانونا , الا اذا اتفق الطرفان على مكان وزمان المشاهدة بما لا يتضرر معه المحضون وتأخذ المحكمة بهذا الاتفاق .
ان المشرع العراقي لم يتطرق عند معالجته لاحكام الحضانة لمسألة منع صاحب الحق في الحضانة من له حق المشاهدة من مشاهدة المحضون فحق مشاهدة المحضون حق تراعى فيه مصلحتين : ـ
الاولى : ـ مصلحة من له حق المشاهدة في مشاهدة الصغير للاطمئنان عليه والاشراف على حسن تربيته وتعليمه ومراقبة أحواله الصحية والنفسية .
الثانية : ـ مصلحة الصغير في رؤية من تقرر حق المشاهدة لمصلحته ابا كان أم أما أم قريبا ، إذ يكون الصغير في هذه المرحلة في مفترق طرق إجتماعية وثقافية واشراف من تقررله حق المشاهدة عليه يساعده في التوجه الصحيح والبناء النفسي والعقلي الامثل وبالتالي لايجوز له عدم إستخدام هذا الحق ولايجوز لمن بيده الصغير منعه من المشاهدة ، فهي بالنسبة للصغير حق خالص .
وفي هذا المعنى يقول الدكتور زكريا البري : ( ليس للحاضنة ان تمنع الاب من رؤية ولده ، بل يجب عليها ان تمكنه من ذلك وليس للاب ايضا ان يمنع الام من رؤية ولدها إذا انتهت مدة حضانتها بل يجب عليهما ان يتعاونا في ذلك وان يقصرا خلافاتهما على أشخاصهما وان لايتخذا من الولد وسيلة للكيد والنكاية )
وإذا كان المشرع العراقي لم يتطرق لحكم هذه المسألة فأن هناك تشريعات عربية أخرى تناولت هذه المسألة وبينت حكمها ، حيث نص المشرع المصري في المادة (20 ) من القانون رقم ( 44 ) لسنة ( 1979 ) المعدل على إنه ” …. إذا امتنع من بيده الصغير عن تنفيذ الحكم بغير عذر أنذره القاضي فأن تكرر منه ذلك جاز للقاضي بحكم واجب التنفيذ نقل الحضانة مؤقتا الى من يليه من أصحاب الحق فيها لمدة يقررها ” .
وفي حالة إمتناع من بيده الصغير عن تنفيذ حكم المشاهدة ينتقل حق المشاهدة الى من يليه من أصحاب هذا الحق .
وأوجب المشرع الاماراتي تنفيذ حكم المشاهدة جبرا على من بيده الصغير في حالة إمتناعه عن السماح بتنفيذه ، حيث نص في الفقرة ( 4 ) من المادة ( 154 ) على إنه ” ينفذ الحكم جبرا إذا إمتنع عن تنفيذه من عنده المحضون “
ولما كانت مسألة المنع من مشاهدة المحضون كما أشرنا من المسائل المهمة فإننا نرى أن يتدارك المشرع العراقي النقص التشريعي وان يعمد إلى تضمين القانون بنص يقضي بعقوبة للحاضن الذي يمنع من له حق مشاهدة الصغير من مشاهدته وذلك بالانذار اولا ثم سحب الحضانة بصورة مؤقتة إذا تكرر المنع ثانيا ، ثم إسقاط حضانته ونقلها إلى من يليه في هذا الحق إذا تكرر المنع مرة ثالثة .
ونرى بأنه لايمكن الاخذ بالاتجاه الذي ذهب اليه المشرع الاماراتي والذي يقضي بتنفيذ حكم المشاهدةجبراعلى من بيده المحضون في حالة إمتناعه عن السماح بتنفيذه،وذلك للآثار النفسية السيئة التي يمكن يرتبها التنفيذ الجبري لحكم المشاهدة على الصغير
المسألة الثانية : ـ
إن المشرع العراقي لم يتطرق للاحكام الخاصة بالانتقال بالمحضون من مكان لإخر من قبل من له حق الحضانة ، وهي المسألة التي بحثها فقهاء الشريعة بشيء من التفصيل والخلاف حيث بينوا الحالات التي يحق للام فيها الانتقال والسفر بالمحضون من مكان لإخر ، وفرقوا في هذا الصدد بين ما إذا كانت الحياة الزوجية بين الزوجين قائمة حقيقة او حكما وبين ما إذا كانت الحياة الزوجية قد إنتهت بطلاق أو فرقة
وإذا كان المشرع العراقي لم يتعرض بصورة مباشرة للاحكام الخاصة بالانتقال بالمحضون ، إلا إنه يمكن الاستدلال بنص الفقرة (4 ) من المادة ( 57 ) لاستخلاص بعض هذه الاحكام ، حيث نصت هذه الفقرة على إنه ” للاب النظر في شؤون المحضون على أن لايبيت إلا عند حاضنته ”
حيث يقضي أعمال هذا النص ان يكون المحضون قرب الاب ليتولى مراقبته و العناية به والاشراف عليه وان السفر بالصغير والانتقال به الى مكان آخر يفوت على الاب والصغير المصلحة من إقرار هذا الحق .
وقد جرى قضاء محكمة التمييز في العراق على منع الحاضنة من السفر بالمحضون الى بلد غير بلد الاب إذا أدى ذلك الى الاخلال بحق الاب في العناية بالمحضون ورعاية شؤونه حيث جاء في أحد قراراتها ( ليس للحاضنة ألسفر بالمحضون الى بلد آخر لغرض الاستيطان بحيث يتعذر على أب المحضون النظر في شؤنه وتربيته وتعليمه طبقا للفقرة الرابعة من المادة ( 57 ) المعدلة )
كما جرى قضاء محكمة التمييز على منع المطلقة من السفر بالمحضون الى بلد بعيد عن البلد الذي يسكنه والده إذا أدى ذلك الى تفويت حقه في رعاية المحضون والعناية به حيث جاء في احد قراراتها ( ليس للوالدة أخذ ولدها الذي في حضانتها الى المدينة التي يسكنها أهلها بعيدا عن مدينة والد الطفل الذي طلقها
. ونرى هنا بان احكام إنتقال المحضون من الاحكام الهامة التي كان الاولى بالمشرع العراقي أن يضمنها قانون الاحوال الشخصية وذلك للخلاف الفقهي في هذه الاحكام الامر الذي يصًعب مهمة القاضي عند الرجوع الى هذه الاحكام . وهو الامر الذي تناولته قوانين الاحوال الشخصية العربية بشيء من التفصيل ، كالقانون السوري ، والقانون الاماراتي ، والقانون التونسي
ان للمشاهدة اهمية ودور في حياة المحضون وتكوين نفسيته … فالطفل بحاجة ماسة الى عطف الاب وحنان الام ويجب ان لا يؤثر افتراق الابوين على اولادهما قدر الامكان ويتم عن طريق التعاون بين الطرفين اذ ان الشق الاخير من الفقرة 4 من المادة 57 احوال نصت:-
( .. ان مصلحة الصغير تقضى بذلك على ان لا يبيت الا عند حاضنته)فكيف للاب ان يتدبر امر ابنه او بنته اذا كان المحضون لدى امه ونص القانون على عدم جواز ان يبيت المحضون في بيت غير بيت حاضنته
السؤال الذي يرد هنا هل ان ساعتين كل 14 يوماً تحقق الغاية من المشاهدة؟
هل سيتمكن الأب من رعاية ولده واقامة علاقة عائلية سليمة وهو مقيد بوقت قصير؟
لماذا هناك اصرار على تقييد ساعات المشاهدة، وبنفس الوقت هنالك نصوص تؤكد على اهمية ترسيخ العلاقات العائلية والانسانية؟
المادة 29 اولا من الدستور نصت على ان الاسرة اساس المجتمع، لذا، يفترض ايجاد طرائق وصيغ قانونية تكفل ضمان حسن بناء الاسرة، والا تؤثر خلافات الأهل وطلاقهم بنشوء اسرة سليمة. للأسف تفشي ظاهرة الطلاق والتفريق والمخالعة، وغياب النصوص القانونية التي تنظم وضع الأبناء بشكل كامل، من ناحية العاطفة والابوة او الامومة، مثلما نظمت الجانب المالي من خلال فرض نفقة للأطفال حتى بلوغهم سن معين، تسبب بشكل كبير في خلق فجوة بين الابناء وآبائهم، فكثير من الأمهات، يحاولن شحن الابناء على آبائهم، وتربيته على كره أبيه وجعله المتسبب الوحيد في انهاء العلاقة الزوجية.
فالاسرة جعلها المشرع بأهمية النظام العام والامن العام للبلد، في قانون الادعاء العام، عندما جعل من اهم واجبات جهاز الادعاء العام هو الحفاظ على الاسرة وكيانها من الهدم الفكري والأخلاقي. لذا من غير الانصاف ابقاء حال الاسرة بلا قانون يؤسس لها، في ظل الظروف والاوضاع المتوقعة حدوثها. القضاء يمارس سلطته التقديرية وفقا للنص القانوني ولا يمكنه ان يتوسع في مسألة لم يرد فيها نص واضح وصريح، خصوصا وان المشاهدة أصلا، هو مصطلح عملي ابتكره القضاء لمواجهة النقص التشريعي الحاصل في مشاهدة الأطفال الذين يعيشون مع حاضنتهم بعد طلاقها من أبيهم. النقص القانوني يفترض ان يجد ما يملأه من خلال تعديل نصوص القانون عبر إضافة نص صريح يتناسب مع الدستور والقانون، ويعطي للأسرة أهميتها الحقيقية، لا ان يورد نصا عابرا.
ومن خلال الممارسة في مجال دعاوى المشاهدة نجد ان التنفيذ يكاد يكون شكلياً ولا يحقق غاية النص القانوني لان مكان المشاهدة مزدحم بالناس ومكان للنزاع بين الأشخاص إذا كان مكان المشاهدة في بناية المحكمة او ان المكان غير متوفر على مقومات المشاهدة وأحيانا يحصل الخلاف بين الأبوين أمام الطفل أثناء فترة المشاهدة مما يفوت الفرصة في تحقيق هدف المتابعة لشؤونه وتربيته وهناك ملاحظات كثيرة شخصتها الجهات المختصة لا مجال لذكرها الآن. اما مسألة ساعات المشاهدة فلا نتصور ان ثمة مانعا قانونيا، من زيادتها او زيادة مرات المشاهدة، لتكون أكثر من مرتين في الشهر، لأن تلك الزيادة بالنهاية ستساهم بتآلف وتماسك الأبناء مع أبيهم، وتخلق حالة من المودة والتواصل بين الأب وأبنائه.

شؤرش قادر محمد رواندزى
إعادة نشر بواسطة محاماة نت