دعوى استرداد المنقولات المحجوزة:

أهمية دعوى الاسترداد:

ترجع أهمية دعوى الاسترداد إلى أن لها أثراً قانونياً هاماً، فهي بمجرد رفعها توقف التنفيذ (مادة 393) وهذا الأثر – أي وقف التنفيذ – يترتب أوتوماتيكياً أي بقوة القانون ولمجرد رفع دعوى الاسترداد.
غير أن هذا الأثر لا يترتب عليها – أو بعبارة أدق لا يستقر لها – إلا إذا روعيت فيها الشروط التي قررها المشرع في المادة 394 مرافعات. ونعرض فيما يلى لبيان هذه الشروط:

شروط رفع دعوى الاسترداد:

ترفع دعوى الاسترداد – كأية دعوى – بالطرق المعتادة أي بصحيفة تودع قلم الكتاب وتقيد ثم تعلن للمدعى عليهم مع تكليفهم بالحضور أمام قاضى التنفيذ للحكم عليهم بالطلبات الواردة فيها.
غير أن المشرع قرر بالنسبة لدعوى الاسترداد شروطاً ينبغي مراعاتها في رفعها. ونلخصها فيما يلى:

أولاً: أنه يجب فيما اختصام المحجوز عليه والحاجز والحاجزين المتدخلين، على أنه إذا لم ترفع الدعوى إلا على بعض هؤلاء الأشخاص فغن ذلك لا يؤدى إلى عدم قبولها أو إلى بطلان صحيفتها بل تكون مقبولة وصحيحة، ويجوز تأجيلها لإدخال من لم ترفع عليه في البداية، وإنما قد يؤدى هذا النقص إلى تعطيل الأثر الواقف لهذه الدعوى على ما سنرى.
ويلاحظ أن العمل قد جرى على اختصام قلم المحضرين القائم بإجراء التنفيذ وان كان القانون لم ينص على ذلك، ولكن الغرض من إعلان قلم المحضرين هو أن يتوقف المحضر على إجراء البيع.

ثانياً: يجب أن تشتمل صحيفة الدعوى على بيان واف لأدلة الملكية.

ثالثاً: يجب أن تودع المستندات الدالة على الملكية عند تقديم صحيفة الدعوى لقلم الكتاب.
تعطيل الأثر الواقف لدعوى الاسترداد

والأثر يترتب على دعوى استرداد المنقولات المحجوزة هو وقف البيع، إلا أن هذا الأثر الواقف لدعوى الاسترداد قد يتعطل ويكون ذلك أما بحكم من القضاء وأما بغير حاجة إلى حكم.

(أ) تعطيل أثر الدعوى بحكم قضائي:

قد يتعطل الأثر الواقف لدعوى الاسترداد بموجب حكم قضائي يقرر الاستمرار في التنفيذ رغم دعوى الاسترداد وذلك بناء على طلب يتقدم به الحاجز إلى القضاء، غير أنه يجب في ذلك أن نفرق بين صورتين يكون الحكم باستمرار التنفيذ في أولاهما جوازياً للقضاء وفى الثانية وجوبياً متعيناً على المحكمة بحيث لا يجوز لها أن ترفضه متى طلب وتحققت أسبابه ويكون رفضها له خطأ في القانون.

أولاً- حالات الحكم الجوازي (باستمرار التنفيذ):

نصت المادة 393 على أنه يجوز لقاضى التنفيذ أن يحكم باستمرار التنفيذ (بشرط إيداع الثمن أو بدونه) رغم رفع دعوى الاسترداد.
ويصدر الحكم باستمرار التنفيذ أثناء نظر الدعوى وقبل صدور الحكم فيها. وحكم القاضي باستمرار التنفيذ في هذه الحالة جوازي ومتروك لتقديره.

رفض الدعوى ابتدائياً، هل يزيل أثرها:

ونشير بهذه المناسبة إلى أنه كان المفهوم مما تقدم أن الأثر الواقف لدعوى الاسترداد يستمر إلى أن يقضى فيها نهائياً (حتى لو صدر الحكم الابتدائي برفضها) طالما أنه لم يصدر حكم بالاستمرار في التنفيذ، وبعبارة أخرى أن الحكم برفض الدعوى ابتدائياً كان لا يزيل أثرها الواقف بل كان البيع يظل موقوفاً إلى أن يقضى فيها استئنافياً مهما طالت مدة نظر الاستئناف، وقد كان هذا هو حكم القانون السابق. ولهذا نص القانون الجديد على أن للحاجز أن يمضى في التنفيذ إذا حكم برفض الدعوى (مادة 394) فتدارك بذلك نقص القانون القديم، ومدى ذلك أننا لم نعد في حاجة إلى أن يقترن حكم الرفض (في ظل القانون الجديد) بما يفيد الحكم باستمرار التنفيذ، فقد أصبح حكم الرفض بذاته مبرراً كافياً لاستمرار التنفيذ بقوة القانون.

ثانياً- حالات الحكم الوجوبي (باستمرار التنفيذ):

نصت المادة (394) على أنه إذا لم تراعى الإجراءات السابق بيانها في رفع دعوى الاسترداد كلها أو بعضها فإنه يكون من حق الحاجز أن يطلب الحكم بالاستمرار في التنفيذ بغير انتظار الفصل في الدعوى، وفى هذه الحالة يجب الحكم باستمرار التنفيذ.
أي أن الحكم في هذه الحالة وجوبي. وتقرر المادة (394): أنه لا يجوز الطعن في هذا الحكم بأي طريق.

وعلى هذا: فإذا يختصم في الدعوى أحد الأشخاص المنصوص عليهم (المحجوز عليه – والحاجز – والحاجزين المتدخلين)، أو لم تشتمل صحيفتها على بيان واف لأدلة الملكية أو لم يكن البيان واضحاً أو لم تودع المستندات في قلم الكتاب عند تقديم صحيفة الدعوى، ففي جميع هذه الأحوال قد تسير الدعوى بل وقد يحكم فيها في النهاية لمصلحة رافعها، ولكن يجب على المحكمة أن تقضى باستمرار التنفيذ إذا طلب الحاجز ذلك وتحققت المحكمة من عدم مراعاة الإجراءات وذلك قبل صدور الحكم في موضوع الدعوى ودون انتظار الفصل في الموضوع. وغنى عن البيان أنه يلزم عند تقديم هذا الطلب دفع الرسم اللازم عنه.

إلا أنه يلاحظ أن الدعوى المعيبة يترتب عليها أثرها الواقف بمجرد رفعها، ولا يزول هذا الأثر إلا إذا طلب الحاجز من المحكمة أن تحكم باستمرار التنفيذ وصدر الحكم بذلك. وهو لا يصدر إلا بناء على طلب الدائن الحاجز لأن المحكمة لا تقضى إلا بما يطلب منها، فإذا لم يتقدم بهذا الطلب فإن البيع يظل موقوفاً. ولا تقضى المحكمة باستمرار التنفيذ من تلقاء نفسها لأن هذه المسألة تتعلق بمصلحة الدائن الخاصة.

(ب) تعطيل الأثر الواقف لدعوى الاسترداد بقوة القانون أي بغير حاجة إلى استصدار حكم قضائي بالاستمرار في التنفيذ:

نصت المادة (395) على أنه يحق للحاجز أن يمضى في التنفيذ في جملة حالات بينتها تلك المادة وهى:
إذا حكم بإيقاف الدعوى طبقاً للمادة 99 مرافعات (أي في حالة الوقف الجزائي).
إذا اعتبرت الدعوى كأن لم تكن ا حكم باعتبارها كذلك.
إذا حكم بشطب الدعوى (لغياب طرفيها).
أو إذا حكم برفض الدعوى (طبقاً للقانون الجديد).
وكذلك إذا حكم في الدعوى بعدم الاختصاص.
أو بعدم القبول.
أو ببطلان صحيفتها.
أو بسقوط الخصومة فيها.
أو بقبولها تركها.

ويكفى في هذه الحالات (من 1-9) تقديم صورة الحكم الصادر من المحكمة بأحد المعاني المتقدمة، حتى ينهض المحضر إلى إجراء البيع الذى أوقفته دعوى الاسترداد، ويستوى في ذلك أن يكون الحكم عندئذ قابلاً للاستئناف أو أن يكون نهائياً. ويلاحظ أن الحكم في هذه الحالة لا يتضمن صراحة الأمر باستمرار التنفيذ ولكن هذه هى النتيجة الحتمية والمفترضة لصدور حكم بأحد المعاني المتقدمة.

دعوى الاسترداد الثانية:

تنص المادة 396 على أنه إذا رفعت دعوى استرداد ثانية فلا توقف البيع إلا إذا حكم قاضى التنفيذ بإيقافه لأسباب هامة – وهذه هى الصورة العكسية للأثر المترتب على رفع دعوى الاسترداد الأولى، فالأصل عند رفع دعوى استرداد (أولى) أنها توقف البيع (مادة 393) ولكن هذا الأثر يتعطل في بعض الحالات كما قدمنا، ويجوز أن يحكم باستمرار التنفيذ رغم رفع دعوى الاسترداد – ولكن إذا كانت الدعوى دعوى استرداد ثانية فالأصل أنها لا توقف البيع، ولكن يجوز هنا استثناء أن يصدر حكم بإيقافه لمبرر قوى – أي أن الأصل هنا ينقلب استثناء والاستثناء ينقلب أصلاً.

والحكم بإيقاف البيع رغم أن الدعوى المرفوعة هى دعوى استرداد ثانية يكون (لأسباب هامة) وتقدير أهمية الأسباب متروك لتقدير قاضى التنفيذ.

متى تكون الدعوى ثانية:

ولكن متى تعتبر الدعوى استرداد ثانية، وبعبارة أخرى: متى تعتبر دعوى من الدرجة الثانية؟

نص المشرع في المادة 396 على أنها تعتبر كذلك إذا كان قد سبق رفعها من المسترد نفسه اعتبرت كأن لم تكن، أو حكم باعتبارها كذلك، أو حكم بشطبها أو بعدم قبولها أو بعدم اختصاص المحكمة بها أو ببطلان صحيفتها أو بسقوط الخصومة فيها، أو بقبول تركها، وغنى عن البيان أنه إذا رفعت دعوى من شخص آخر (غير المسترد نفسه) وتحققت تلك الظروف نفسها فإنها تعتبر أيضاً دعوى استرداد ثانية.

على أنه يمكن القول بصفة عامة أن الدعوى لا تعتبر دعوى استرداد ثانية إلا إذا رفعت بعد صدور حكم من شأنه تعطيل الأثر الواقف لدعوى الاسترداد الأولى (سواء أكان حكماً باستمرار التنفيذ أو حكماً من الأحكام المشار إليها في المادة 395 والتي يكون من نتيجتها اعطاء الحق للحاجز في المضي في التنفيذ بقوة القانون أي بغير حاجة إلى استصدار حكم قضائي بالاستمرار في التنفيذ).

وعلى هذا فإذا رفعت أكثر من دعوى بالاسترداد من جملة مستردين فإن كلا منها يعتبر دعوى استرداد أولى، ويترتب على كل منها وقف البيع طالما أن الأثر الواقف لأية واحدة منها لم يتعطل بأي سبب من الأسباب سواء بحكم قضائي جوازي أو وجوبي، أو بغير حكم. فليست العبرة إذن بعدد الدعاوى أو بالأسبقية في رفعها وإنما توصف الدعاوى بأنها (أولى) أو (ثانية) بالمعنى الاصطلاحي المبين فيما تقدم.

وإذا رفع المسترد دعواه بالاسترداد وتبين له أنه أخطأ فيها فإنه يستطيع أن يتدارك ذلك برفع دعوى أخرى بالاسترداد يستوفى فيها ما لم يتمكن من استيفائه أو يصحح فيها خطأه. وتعتبر هذه الدعوى الأخرى دعوى استرداد اولى مادامت قد رفعت قبل صدور حكم بالاستمرار في التنفيذ ا, قبل أن يصدر في دعوى الاسترداد التي رفعها أولاً حكم من الأحكام المشار إليها في المادة (395).
ونخلص مما تقدم بأن دعوى الاسترداد تعتبر دعوى ثانية إذا كان قد سبق رفع دعوى استرداد غيرها وتعطل الأثر الواقف لتلك الدعوى السابقة سواء كان تعطيله بصدور حكم يقضى باستمرار التنفيذ طبقاً للمادة 393 أو للمادة 394 أو بغير حكم قاض بالاستمرار (أي في إحدى الحالات المبينة في المادة 395).

ونخلص مما تقدم بأن دعوى الاسترداد تعتبر دعوى ثانية إذا كان قد سبق رفع دعوى استرداد غيرها وتعطل الأثر الواقف لتلك الدعوى السابقة سواء كان تعطيله بصدور حكم يقضى باستمرار التنفيذ طبقاً للمادة 393 أو للمادة 394 أو بغير حكم قاضى بالاستمرار (أي في إحدى الحالات المبينة في المادة 395).

أما إذا لم يكن الأثر المواقف للدعاوى السابقة قد تعطل فإن الدعوى اللاحقة تعتبر مع ذلك دعوى استرداد أولى أي من الدرجة الأولى.

الاختصاص بالدعوى:

عقد المشرع الاختصاص بدعوى الاسترداد لقاضى التنفيذ الذى يقع المنقول المحجوز عليه في دائرته أيا كانت قيمة الدعوى.

الطعن في الحكم:

ويجوز استئناف الحكم إلى المحكمة الابتدائية إذا كانت قيمة النزاع تزيد عن 50 جنيها ولا تجاوز 500 جنيهاً، أما إذا زادت عن 500 جنيهاً فيرفع الطعن إلى محكمة الاستئناف العليا.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .