شروط وإجراءات تعيين الوسيط القضائي وفقا للقانون الجزائري
L’accès à la profession de médiateur en Algérie.

السيد أحمد علي محمد الصالح
مدير الشؤون المدنية وختم الدولة

المرسوم رقم 09 100 المؤرخ في 10 /03/2009 المتضمن كيفيات تعيين الوسيط القضائي.

تعيين الوسيط القضائي.

بالنسبة للشروط التي يجب توفرها في الوسيط القضائي: إن -I
أول ما يجب التاكيد عليه أن الوساطة ليست مهنة مثل باقي المهن
القضائية بل هي مهمة وبالتالي فإن الشروط المطلوبة لتوليها تختلف
أساسا على تلك المطلوبة في المهن القضائية الأخرى آما هو الحال
بالنسبة لأعوان القضاء الذين يفرض عليهم القانون مثلا عدم ممارسة
أية مهنة أخرى أما بالنسبة للوسيط فإنه يمكنه الجمع بين الوساطة
القضائية ومهنة أخرى فقد يكون أستاذا جامعيا وقد يكون تاجرا أو
إماما بالمسجد أو خبيرا قضائيا أو محضرا.
ولقد تم الاعتماد العديد من فئة الموثقين والمحضرين آوسطاء
قضائيين نظرا لقرب هذه المهن من المهن القضائية و بالتالي قدرتها
على حل مشاآل ونزاعات المواطنين، فالمحضر القضائي عند تبليغ
العرائض والتكليفات بالحضور بصفته ضابطا عموميا ومستشارا
لأطراف النزاع يمكن له أن ينصح الأطراف بالوساطة وهو أولى
وأجدر أن يقوم بها.
الشروط المطلوبة في الوسيط القضائي تضمنتها المادة 998 من
قانون الإجراءات المدنية والإدارية وأولها أن يكون الشخص المكلف
بالوساطة معترفا له بحسن السلوك والاستقامة.
وإقرار القانون لمثل هذا الشرط المتعلق بسلوك الوسيط يعتبر
نتيجة حتمية لكون شخصية الوسيط محل اعتبار في مهنة الوساطة
القضائية، فهي قد تكون السبب الأساسي لقبول الأطراف بإجراء
الوساطة والتجاوب مع الوسيط، آما قد تكون سببا لرفضها.
– 5 –
فثقة الأطراف في شخص الوسيط عامل أساسي لنجاح مهمته
فالمسألة تتعلق بحقوق الأطراف التي لا يمكن أن نضعها إلا بين أيد
أمينة قادرة على حفظ هذه الحقوق وتأآيدا على وجوب توافر شرط
الإستقامة وحسن السلوك في الوسيط القضائي، فقد اشترط القانون أن
لا يكون الوسيط قد تعرض إلى عقوبة عن جريمة مخلة بالشرف ولا أن
يكون ممنوعا من حقوقه المدنية، وبطبيعة الحال يتم التأآد من توفر
هذا الشرط من خلال الوثائق التي يودعها المترشح للوساطة (شهادة
السوابق القضائية) وآذا من خلال التحقيقات الإدارية والاجتماعية التي
تجريها لجنة الانتقاء عن طريق الأشخاص المؤهلين لذلك.

الشرط الثاني، شرط موضوعي يتمثل في أهلية الوسيط للنظر في
النزاع وهنا تصبح المسألة متعلقة أآثر بموضوع وطبيعة القضية، إذ
يفترض أن يكون الوسيط المعين من أجل إجراء الوساطة في نزاع ما
قادرا على فهم طبيعة هذا النزاع وله الدراية والمعرفة الكافية بجوانبه
المختلفة، ما يمكّنه من إيجاد الحلول المناسبة له ولهذا السبب فإن
القانون الجزائري لم يقيد الوسطاء القضائيين باختصاص معين، بل
فتح المجال أمام جميع الاختصاصات والميادين العلمية والعملية
مراعاة لاختلاف طبيعة النزاعات والقضايا التي يمكن أن تكون محلا
لإجراء الوساطة القضائية، فقد يكون النزاع تجاريا أو مدنيا، عقاريا.
– في هذا الإطار نجد أن المادة 03 من المرسوم التنفيذي رقم 09
100 المحدد لكيفيات تعيين الوسيط القضائي تنص على إمكانية اختيار
الوسيط القضائي من بين الأشخاص الحائزين على شهادة جامعية أو
دبلوم أو تكوين متخصص أو أي شهادة أخرى تؤهله لتولي الوساطة في
نوع معين من النزاعات، إذن فإن أهلية الوسيط في النظر في النزاع
– 6 –
ترتبط أساسا بطبيعة هذا الأخير، فقد يقتضي النزاع تعيين شخص ذو
آفاءة علمية عالية، آما قد يكون التكوين العملي آافيا.
ليس هذا فحسب فبالرجوع إلى نفس المادة نجد أنه يمكن تعيين
شخص آوسيط إذا تبينت قدرته على حل النزاع بالنظر إلى مكانته
الاجتماعية، وفي هذه الحالة فإن القانون لم يشترط أي تكوين معين أو
شهادة علمية فبعض النزاعات تكفي فيها شخصية الوسيط وتأثيره في
مجتمعه ليكون قادرا على تقريب وجهات نظر الأطراف، خاصة إذا
آان هذا الشخص يتمتع بمكانة خاصة في محيطه، مما يجعله محل
احترام ووقار وثقة من طرف أفراده وهذا ما يسهل مهمته آوسيط
ويساهم في إنجاحها.
إن هذا المعيار ينفرد به التشريع الجزائري، إذ أن التشريعات
الأوروبية مثلا تستوجب نوعا من التخصص والتأهيل العلمي أما في
بلادنا فقد راعى التشريع الحقيقة الاجتماعية للمجتمع الجزائري الذي
مازالت تسيره قواعد تخضع لبعض التقاليد على أساس أن المجتمع
خاصة في الأرياف مجتمع محافظ يقوم على مبدأ تدرج العلاقات
وبالتالي مبدأ الإحترام، لهذا تم اعتماد عدد آبير من الوسطاء لا
يتوفرون على مؤهلات علمية ولكن يحضون بمكانة اجتماعية تسمح
لهم بالتأثير الإيجابي في علاقة المواطنين.
وآما تلاحظون فإن لا القانون ولا المرسوم تناول شرط السن الذي
يعتبر من الشروط الأساسية التي تستوجبها العديد من المهن القضائية
(القضاة، الخبراء القضائيون، المحامون، الموثقون، المحضرون
القضائيون والمترجمون…الخ) فتقدير الأهلية المتعلقة بالسن يخضع
للسلطة التقديرية للقاضي و قبوا الأطراف بالوسيط فإذا آان النزاع
– 7 –
تقني محض فشرط السن يكون أقل أهمية من الكفاءة والمؤهل العلمي،
أما إذا آان النزاع يستوجب الحكمة فإن شرط السن يكون العامل
الأساسي لبعث الثقة في أطراف النزاع، ولهذا عملت لجنة الانتقاء على
قبول ترشحات الوسطاء الذين تتجاوز أعمارهم 35 سنة.
من الشروط آذلك التي نصت عليها المادة 998 من قانون
الإجراءات المدنية والإدارية أن يكون الوسيط محايدا و مستقلا في
ممارسة الوساطة، فالحياد يضمن عدم تحيز الوسيط لأي طرف من
الأطراف والاستقلالية تضمن عدم خضوعه لأي ضغوط أو مؤثرات
خارجية يمكن أن تؤثر على مهمته ولهذا السبب جاءت المادة 11 من
100 وألزمت الوسيط أو أحد أطراف النزاع – المرسوم التنفيذي رقم 09
بإخطار القاضي بأي وضعية يمكن أن تشكل تهديدا أو مساسا لحياد
الوسيط أو استقلاليته وذلك في الحالات التي يكون فيها للوسيط مصلحة
شخصية في النزاع أو آانت له علاقة قرابة أو مصاهرة مع أحد
الخصوم، أو له خصومة سابقة أو قائمة معه أو إذا آان أحد أطراف
الخصومة في خدمته أو إذا آان بينه وبين أحد الخصوم صداقة أو
عداوة.
وإخطار القاضي بتوفر إحدى هذه الحالات يتم بغرض اتخاذه
الإجراءات التي تضمن حياد الوسيط واستقلاليته فيمكنه مثلا استبدال
الوسيط القضائي بآخر، وهذه إحدى مزايا نظام الوساطة القضائية في
القانون الجزائري إذ أن قبول الأطراف لهذا الإجراء لا يعني خروج
القضية من ولاية القاضي ولكن الإجراء يتم تحت إشرافه وذلك ما
يضفي عليه الشرعية والمصداقية، هذا عن الشروط الواجب توفرها في
الوسيط مع وجوب الإشارة إلى أن هذا الأخير ملزم أثناء تأدية مهامه
– 8 –
بحفظ السر المهني وعدم التزامه بذلك يعرضه للعقوبات المقررة قانونا
وهذه من المزايا الأخرى التي تجعل الوساطة القضائية آطريق بديل
لفض النزاعات يوفر نفس الضمانات الثقة التي تمنحها الجهات
القضائية للأطراف.

إجراءات تعيين الوسيط القضائي: – II
الإجراءات المتبعة في تعيين الوسيط القضائي منصوص عليها
100 على النحو الآتي: – ضمن أحكام المرسوم التنفيذي رقم 09
يتم إعداد قوائم الوسطاء القضائيين على مستوى آل مجلس
قضائي ليتم الاعتماد عليها في اختيار الوسيط المراد تعيينه في النزاع
فلا يمكن تعيين وسيط من خارج دائرة اختصاص المجلس القضائي
الذي تنظر إحدى محاآمه في القضية محل إجراء الوساطة ماعدا في
حالات إستثنائية، لاسيما إذا تعلق الأمر ببعض النزاعات التي تتطلب
وسيطا ذو تخصص أو تكوين غير متوفر عادة.
آما أنه لا يمكن للجهة القضائية أن تقوم بتعيين وسيط غير مقيد
ضمن قوائم الوسطاء المعتمدين إلا في حالة الضرورة وفي هذه الحالة
يستوجب على الوسيط المعين أن يؤدي اليمين القانونية أمام القاضي
الذي عينه قبل مباشرة مهامه.

وللتسجيل ضمن قائمة الوسطاء القضائيين يوجه المعني بالأمر
طلبا إلى النائب العام لدى المجلس القضائي الذي يقع بدائرة اختصاصه
مقر إقامة المترشح ويرفق به الوثائق الضرورية وهي:
– صحيفة السوابق العدلية
– شهادة الجنسية
– 9 –
– شهادة تثبت مؤهلات المترشح عند الاقتضاء
– شهادة الإقامة
يقوم النائب العام بإجراء تحقيق إداري حول المترشح ثم يحول
الملف إلى رئيس المجلس القضائي الذي يستدعي لجنة الانتقاء لدراسة
الطلبات والفصل فيها، ثم ترسل القوائم المعدة إلى معالي وزير العدل،
حافظ الأختام للموافقة عليها بموجب قرار، وتتم مراجعتها سنويا في
أجل شهرين على الأآثر من افتتاح السنة القضائية.
يقوم الوسيط بتأدية اليمين القانونية أمام المجلس القضائي المعين
في دائرة اختصاصه قبل أن يباشر مهامه.
وبهذا الصدد تجرد الإشارة إلى أنه لم يشترط توفر الوسيط على
مكتب لأداء مهمته ذلك أن الوساطة لا يجب أن تتقيد بشكليات آثيرة
ومعقدة آون أن الهدف منها هو الوصول لفض النزاعات في ظروف
حسنة ترضي أطراف النزاع وتحترم إرادتهم بما في ذلك اختيارهم
لمكان إجراء الوساطة، فقد تجرى بمكتب، بمنزل الوسيط أو لأحد
الأطراف، أو لدى الغير، أو في المسجد