قضاة متخصصون يشرحون مطبات “الزواج الخارجي” وتبعاته

 

دعاء ازاد

إعادة نشر بواسطة محاماة نت

يقع في الصف الأول للدعاوى المرفوعة أمام محاكم الأحوال الشخصية في العراق، إنه ليس مجرد إجراء تنقصه الصفة القانونية، بل بات ظاهرة تهدد نسيج المجتمع العراقي، ورغم إن المشرع وضع نصوصا، لكن الواقع لم يسعف المرأة في التخلص آثاره السلبية.

الزواج خارج المحكمة وتصديقه رسميا، عنوان واسع يطرح أسئلة عدة على الشقين القانوني والاجتماعي، وينتظر إجابات لن تأخذ طريقها الصحيح دون زيادة في الوعي وإدراك لمخاطر محتملة الوقوع ومشكلات بعضها آنية وأخرى غير متوقعة تظهر مع مرور الوقت.

نائب رئيس محكمة استئناف الكرخ الاتحادية القاضي إبراهيم محمد سلمان شرح في حديث مع (المركز الإعلامي للسلطة القضائية) أوجه تصديق عقود الزواج الخارجي، قائلا إن “منها ما يتم بموافقة الطرفين وهنا يمثل أصحاب العلاقة أمام المحكمة وتنجز الإجراءات المتعلقة بالبينة الشخصية وشهود مجلس الزواج الخارجي وعالم الدين الذي أبرم العقد لإضفاء الصفة الرسمية عليه”.

وأضاف سلمان “بعد ذلك يحال الزوج على محكمة التحقيق المتخصصة لاستكمال الإجراءات القانونية بحقه لان المشرع يحاسب الرجل فقط لاعتبارات عدة من بينها انه المبادر بالزواج كما يراعي الجوانب الاجتماعية للمرأة”.

ولفت سلمان إلى إنه “قبل 2003 كان القضاء يحاسب رجل الدين الذي اشرف على عقد الزواج الخارجي وفق نص قانوني أسهم في الحد من هذه الحالات”، مستدركاً “بعدها ألغيت هذه المادة القانونية بسبب الظروف الأمنية والاجتماعية التي مر بها العراق وصعوبة التنقل”.

وتابع سلمان “قد ينكر الرجل الزواج مع وجود العقد الخارجي وهنا تتقصى المحكمة ادّعاء المشتكي وتستدعي شهود مجلس الزواج ورجل الدين وبعد التأكد من صحة الواقعة يثبت العقد وتستكمل الإجراءات القانونية”، ويرى أن “المشكلة الأكبر التي تعترض إثبات هذه الحالة حين يكون الزواج شفوياً وهنا تتحقق المحكمة من البينة الشخصية”.

وفي حالة وجود طفل للزواج الخارجي يوضح سلمان “عندما ينكر الزوج الأبوة يتم عرض الزوجين على لجنة طبية لترى مدى تطابق الأنسجة بتقرير يكون هو الفاصل”، مؤكدا أن “امتناع الزوج عن المثول أمام اللجنة الطبية يعد قرينة لصالح الزوجة وان الدعوى تسير بحقه غيابياً، ما يعني انه فعلا والد الطفل وان رفضه للأبوة نكاية بالزوجة”.

أما إذا تأكد عدم صحة ادّعاء المرأة بنسب الطفل رد نائب رئيس استئناف الكرخ “حين يتضح أن مزاعم المرأة غير صحيحة فإن المحكمة ترد الدعوى وتحمل المرأة المصاريف من رسوم الفحص وغيرها”، مستطرد ان “تكاليف الفحوصات عالية تصل إلى مليون و200 ألف دينار لكل طرف يتحملها الخاسر”.

ويلفت سلمان إلى “إمكانية الطعن بتقرير اللجنة الطبية وإعادة الفحص مرة أخرى والاعتراض يكون في المستشفى”، مقدرا بأن “مدة الفحص تستغرق 3 أشهر”.

وزاد سلمان انه “في حالات أخرى يتم الزواج والطلاق خارج المحكمة مع وجود أطفال، فيقوم القاضي أولا بتصديق الزواج ومن ثم تثبت النسب وينتهي بتصديق الطلاق”.

وأوضح سلمان أن “الوقائع تدلل على أن اغلب حالات الزواج خارج المحكمة تكون لفتيات تحت السن القانونية (دون 15 عاماً) وبعد بلوغهن يتم إضفاء الصفة الرسمية”.

وأفاد نائب رئيس استئناف الكرخ بأنبعض المتزوجين خارج المحكمة يخفون ذلك ويقومون بإبرام عقد رسمي جديد”، موضحا أن “المرأة عندما تكتشف في وقت لاحق إنها حامل ولا تستطيع إصدار بيان الولادة لتعارضها مع الموعد المثبت على العقد الرسمي تلجأ إلى تعديله بتاريخ الزواج الواقع خارج القضاء”، مشددا بالقول “تعد هذه (جريمة الإدلاء بمعلومات كاذبة) تستوجب إحالتهم على محكمة التحقيق لكن يتم التغاضي عن هذا الإجراء لاعتبارات اجتماعية”.

أما بخصوص الجزاء القانوني للزواج خارج المحكمة ذكر سلمان أنها “غرامة تتراوح بين (250-300) ألف دينار أو الحبس 6 أشهر مع إيقاف التنفيذ”، عاداً أن “هذه العقوبات غير شديدة”، منوها بأن “العقوبة تزداد إلى الحبس مدة لا تزيد عن خمس سنوات لكل رجل تزوج من أخرى خارج المحكمة”، منبها انه ” ذلك فيه مراعاة للأسرة والزوجة الأولى لان أي رجل يريد الزواج مرة أخرى عليه أن يقدم طلبا للمحكمة مستوفيا شروطا عدة للموافقة عليه”، وقال “من بينها المقدرة المالية والمصلحة المشروعة وتبليغ الزوجة الأولى وربط التقارير الطبية أن وجدت ومطالعة الادعاء العام والبحث الاجتماعي والبينة الشخصية”.

وخلص سلمان إلى إنللزواج خارج المحكمة تبعات خطيرة تفضي لمشكلات اجتماعية”، مطالباً بان “يكون هناك وعي كامل لاسيما إن المرأة هي الضحية وتدفع الثمن وان العقوبة لا تكفي لردع هذه الحالات”.

من جانبه، قال قاضي تحقيق مكتب التحقيق القضائي في الكاظمية احمد شهاب احمد ان “المحكمة المتخصصة تحيل الزوج على محكمة التحقيق لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقه وفق الفقرة الخامسة من المادة العاشرة لقانون الأحوال الشخصية”.

واضاف احمد في حديث لـ(المركز الاعلامي للسلطة القضائية) إن “القانون ينص على معاقبة مرتكب هذه الجريمة بالحبس تتراوح بين ستة أشهر وسنة أو بالغرامة المالية عن كل رجل عقد زواجه خارج المحكمة وتتشدد العقوبة إذا ابرم هذا العقد مع قيام زوجية أخرى رسمية”.

ويرجع احمد اقتصار العقوبة على الرجل دون المرأة إلى أن “القضاء لا يملك سلطة التوسع في تفسير النصوص العقابية المنصوص عليها في قانون الأحوال الشخصية بل يطبقها وفقا لمبدأ نصية القانون”.

ويدعو قاضي تحقيق مكتب الكاظمية إلى “تعديل النص العقابي عن الزواج خارج المحكمة ليشمل الطرفين لكي تخشى الزوجة المساءلة القانونية ولن توافق على إبرام العقد بعيدا عن القضاء”، لكنه عاد ليؤكد أن “القانون وضع العقوبات الحالية لحماية الزوجة في أن تأخذ حقوقها كاملة”.