الوجيز في شرح قانون الإجراءات الجزائية

شرح وجيز ومبسط لقانون الإجراءات الجزائية

مع التعديلات المدخلة عليه بمقتضى القانون رقم: 90/24 المؤرخ في 18/08/1990 المعدل والمتمم للأمر رقم: 155 المؤرخ في 08/11/1966 المتضمن قانون الإجراءات الجزائية.
وكذا الأمر رقم: 95/10 المؤرخ في 25 رمضان عام 1415 هـ الموافق لــ 25/02/1995 م يعدل ويتمم الأمر رقم: 66/155 المؤرخ في 08 يونيو 1966 المتضمن قانون الإجراءات الجزائية ملحقا ومعلقا عليه بقرارات المحكمة العليا وببعض النماذج القضائية.
وكذا القانون رقم 01_08 مؤرخ في 26 يونيو 2001 المعدل القانون الإجراءات الجزائية.

مدخــــل

لا يكفي لتطبيق وتنفيذ المضطرد للعقوبات وعدلها أي إنزال العقوبة على المتهم لا تتم بمعزل عن إجراءات ونظم سليمة تقرر تعقب الجريمة ومحاكمة فاعلها أي طريقة تتبع وملاحقة مرتكبي الجريمة وإسناد الجريمة إليهم وتقديمهم للمحاكمة ثم تنفيذ الحكم عليهم.
فالعقاب وتوقيع الجزاء لا ينشأ بمجرد اقتراف الجرم بل هناك جهات مختصة دون سواها تتكفل بملاحقة المجرمين مع الحرس الدائم ومراعاة المبادئ القانونية والأحكام للتوفيق بين أمرين.

أولا: مصلحة المجتمع وحقه في توقيع العقاب على الجانحين في إطار القوانين والنظم.

ثانيا: حق المتهم وصيانة حقوقه في الدفاع عن حريته من التعسف وأي تجاوز محتمل لذا فقانون الإجراءات الجزائية بحكم خصائصه المتمثلة في التجريد والالتزام والعمومية ينبغي أن يسلم على سوء التطبيق للوصول إلى الغاية المنشودة وهي الملائمة بين مصلحة الجماعة من جهة وحق المتهم لصيانة حريته وحقه في الدفاع ودرء التهم المسندة إليه من جهة أخرى، وإذا رجعنا إلى الوراء، فإن الخصومة الجنائية تكون قد مرت عبر التاريخ بثلاثة مراحل مميزة وهي:

المرحلة الأولى:
عرفت هذه المرحلة بالنظام ألاتهامي، فكان الاتهام حقا خالصًا بالمجني عليه أي أن الاتهام كان قاصرًا على من أصابه ضرر، وكان على المضرور جمع الأدلة ووسائل الإثبات وله حق ملاحقة الجاني أمام القاضي الذي يختاره بنفسه، ثم تطور هذا النظام وأصبح جماعيا وأضحى لأي شخص من أهل المجني عليه أو غيره من أفراد العائلة يلاحق الجاني عن المجني عليه ولو لم تكن له مصلحة في ذلك ولم يصبه أي ضرر من المجرم.

ويوصف هذا النظام بميزة أساسية وهي قيام المجني عليه بكافة الإجراءات لوحده دون تدخل السلطة العامة لاقتصاص بالحصول على كافة حقوقه من جمع الأدلة واختيار القاضي الفاصل في الدعوى.

المرحلة الثانية:
جاءت هذه المرحلة في فترة زمنية لاحقة لما اضطلعت الدولة بمهام الدفاع والأمن الخارجي والداخلي والقضاء فأخذت الدولة على عاتقها عبء حق التقاضي لإقامة مرفق القضاء لتحقيق العدالة القضائية، وأصبحت للسلطات حق تعقب الجاني وملاحقته بمجرد وقوع الجريمة ويتميز هذا النظام أنه يلقى عبئ ملاحقة المجرمين وإقامة الأدلة وتقديمهم للمحكمة على سلطة عامة رسمية فضلا عن أن القاضي الفاصل في الدعوى معين من السلطة ولا دخل لمشيئة الخصوم في اختياره.

المرحلة الثالثة:
يعتبر هذا النظام من أحدث نظم الاتهام وقد أخذت به أغلب الدول في العصر الحديث، وأصبح الموظفون العموميون المتخصصون، هم أعضاء النيابة في مباشرة سلطة الاتهام ما عدا بعض الحالات الخاصة التي تجيز للمجني عليه أو للمدعي المدني الحق في تحريك الدعوى العمومية.

وتشمل هذا الدراسة شرحا وجيزا ومبسطا لقانون الإجراءات الجزائية باعتباره يتضمن قواعد عامة ومجردة وملزمة لا يمكن فصله عن القوانين الجنائية الأخرى ويعد ملازما وتابعا لقانون العقوبات، فلا يمكن تصور أحدهما دون الأخر وهو همزة الوصل والجسر بين الجريمة والعقوبة.

ومن جهة أخرى لا يمكن فضل علم الإجرام عن قانون الإجراءات الجزائية ولاسيما إذا اعتبر أن فحص المتهم يعد إجراء جوهريا وحتميا من إجراءات المحاكمة وقبل مثول المتهم أمام القضاء، وفحص المتهم يشمل الجانب العضوي والاجتماعي والنفسي والطبي، وقد أخذت بعض الدول بهذا النظام، كإنجلترا وفرنسا وألمانيا، وإن إغفال هذا الإجراء يؤدي إلى بطلان المحاكمة.

وتحتوي هذه الدراسة فضلا عما ذكرنا آنفا القواعد الخاصة بتشكيل المحاكم واختصاصها وكذا القيود المتعلقة برفع الدعوى وتحريكها والقواعد الخاصة بالإثبات وبالأحكام وبكيفية تسببها ثم إصدارها وطرق الطعن فيها دون أن نغفل القواعد المتعلقة بالعقوبة وكيفية تنفيذها.

وتشمل هذه الدراسة وفقا لقانون الإجراءات الجزائية الفصول التالية:

أولا: مباشرة الدعوى العمومية وإجراء التحقيق من ذلك صلاحيات الضبط القضائي.
ثانيا: النيابة العامة ونظامها، واختصاصها.
ثالثا: جهات التحقيق، قاضي التحقيق، غرفة الاتهام.
رابعا: جهات الحكم (طرق الإثبات، أنواع الحاكم، اختصاصها، تشكيلتها، طرق الطعن العادية المعارضة والاستئناف)).
خامسا: في جهات التحقيق والأحكام الخاصة بالمجرمين الأحداث.
سادسا: في طرق الطعن الغير عادية (الطعن بالنقص، الطعن لصالح القانون، ألتماس النظر).
سابعـا: في بعض الإجراءات الخاصة (التزوير – إخفاء بعض أوراق الإجراءات).
ثامنـــا: في تقادم العقوبة، وتسليم المجرمين.

ولقد ألحقت هذه الدراسة بقرارات المحكمة العليا والتي تناولت عدة مواضيع ومواد سعيا للإفادة بالاجتهاد القضائي الثري والمتطور لأعلى هيئة قضائية بنظامها القضائي بحكم وظيفتها في توحيد فهم القوانين وحسن تطبيقها فضلا عن كفاءة وخبرة القضاة بها.

المؤلف الأستاذ: طاهري حسين