العلامة التجارية
الكاتب/ احمد السلامة
العلامة التجارية ..مصطلح قانوني متداول في الأوساط التجارية المحلية والعالمية على السواء ، مصطلح له أهمية كبيرة أدى إلى أن أوجدت التشريعات لتنظيمه واسباغ الحماية اللازمة له .ولكن ما المقصود من هذا المصطلح ، ما هي أهميته ، ما الداعي للتعامل به وما المصلحة التي تعود على المتعامل به ، كلها تساؤلات تحتاج إلى الإجابة عنها .

ماهية العلامة التجارية

– تعني العلامة التجارية حسب تعريف رابطة التسويق الأمريكية : اسم أو تعبير أو إشارة أو رمز أو تصميم أو تركيبة من المفاهيم التي تهدف إلى تشجيع الزبائن المحتملين لتميز سلعة أو سلع يمتلكها شخص عن سلعة أو سلع منافسة ويأتي ضمن أنواع العلامة الكلمات أو الحروف أو الأرقام أو الرسوم أو الألوان أو الصور والأشكال والشعارات والرموز أو أي مجاميع مما سبق كما يمكن أن تكون الأصوات والروائح بمثابة علامة تجارية .

– ووفقا لاتفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية (التريبس) تعتبر أي علامة أو مجموعة علامات التي تسمح بتمييز السلع والخدمات التي تنتجها منشأة عن التي تنتجها منشآت أخرى ، ويدخل في عداد العلامة التجارية الأسماء والحروف والأرقام والأشكال ومجموعات الألوان وأي مزيج منها يصلح للتسجيل كعلامة تجارية .

– ويمكن القول بأن التعريف الشامل للعلامة التجارية أنها أسماء أو كلمات أو حروف أو أرقام أو رموز أو رسوم أو مزيج مما سبق وأية إشارة أخرى صالحة لتمييز منتجات صناعية أو تجارية أو حرفية أو زراعية أو مشروع استغلال ثروة طبيعية للدلالة على أن الشيء المراد وضع العلامة عليه يعود لصاحب العلامة بداعي صنعه أو الاتجار به أو اختراعه أو للدلالة على تأدية خدمة من الخدمات .

– كما أن المشرعون القانونيون في المملكة العربية السعودية قد عرفوها في المادة الأولى من الباب الأول لنظام العلامات التجارية “تعد علامة تجارية في تطبيق أحكام هذا النظام الأسماء المتخذة شكلا مميزا أو الإمضاءات أو الكلمات أو الحروف أو الأرقام أو الرسوم أو الرموز أو الأختام أو النقوش البارزة ، أو أي إشارة أخرى أو أي مجموع منها تكون قابلة للإدراك بالنظر وصالحة لتمييز منتجات صناعية أو تجارية أ, حرفية أ, زراعية أو مشروع استغلال للغابات أو ثروة طبيعية ، أو للدلالة على أن الشيء المراد وضع العلامة عليه يعود لمالك العلامة بداعي صنعه أو انتقائه أو اختراعه أو الاتجار به ، أو للدلالة على تأدية خدمة من الخدمات .

– وعليه إذا ما نظرنا إلى التعريفات التي أوردتها مختلف التشريعات والدول للعلامة التجارية نجد أنها متشابهة ومتقاربة بل يمكننا القول بتطابقها مع بعضها البعض .

– ولكن ماهي أهمية العلامة التجارية التي تجعل الدول تهتم بها بهذا الشكل لدرجة وضع قوانين منظمة لها وتحميها .- إن وظيفة العلامة التجارية وأهميتها ترجع إلى أن العلامة التجارية تعمل على توفير الحماية اللازمة لمالكها بضمان حقه في الإستئثار بالانتفاع بسلعة أو خدمة أو حتى التصريح للغير بالانتفاع بها أو التعامل عليها .

– وأهميتها ترجع أيضا إلى أنها توفر الحماية القانونية للسلع أو المنتجات المميزة بتلك العلامة التجارية وتمنح الثقة والأمان للمستهلك من خلال إيجاد رابطة أو صلة بين السلع أو المنتجات وبين المستهلك بما لها من خصائص ومواصفات معينة ، والتمييز بينها وبين السلع المنافسة للشركات أو المنتجين الآخرين والثقة في الخصائص المتوافرة في منتج معين وتساعده بالتالي على التمييز بين السلع المختلفة وأيها الذي يلبي احتياجاته ومتطلباته .

– أي أن العلامة التجارية بمثابة أداة توجيه للمستهلك توضح له أفضل السلع التي يمكن له استخدامها من خلال التعامل على علامة تجارية معينة وبالتالي تسهل الامر على المستهلك عند عمليات التسوق من حيث تحديد مصدر المنتج وعدم حدوث أي خلط بينه وبين مثيلاته من السلع الأخرى .

– كما أن أهمية العلامة التجارية تظهر في أنها تعمل على تسهيل مراقبة انتاج سلعة معينة بما يسمح بتوفير الحماية اللازمة للمستهلك من عمليات التزوير والتقليد .

– ولا يقف الامر عند حد المستهلك فقط بل يمتد تأثيرها إلى المنتج أيضا فهو عندما يضع تلك العلامة المميزة على منتج أو بضاعة معينة إنما يبين للكافة أن هذا المنتج يمتاز عن غيره بخصائص لا تتوافر لدى المنتجات المماثلة والتي تحمل علامات تجارية أخرى .

– وتلعب العلامة التجارية دورا بارزا في احباط عمليات المنافسة غير المشروعة والتي يمكن أن تسيء إلى سمعة الشركات ، وأيضا في السيطرة على الأسواق وذلك من خلال تميز منتج معين عن غيره من منتجات المنافسين في السوق وبالتالي انفراد هذا المنتج بمواصفات معينة ، وحماية المنتج من التصرفات المضادة التي تصدر من الموزعين للسلع والمنتجات بحيث لا يمكن التحول من توزيع سلعة إلى سلعة أخرى طبقا لما قد يحققه من أرباح أو مكاسب على حساب الغير .- ولكن كيف تقوم العلامة التجارية بأداء هذا الدور المهم .

– لا يمكن للعلامة التجارية أن تؤدي الدور المنوط بها من تلقاء نفسها بل هي تحتاج في البداية إلى أن يقوم من يحوز تلك العلامة بإتخاذ خطوات معينة وذلك من أجل اسباغ الحماية اللازمة على العلامة التجارية أولا ، لتتمكن فيما بعد من اداء دورها في حماية المنتج أو الخدمة التي تحمل تلك العلامة .

– وذلك لا يكون إلا بإجراء وحيد ألا هو التسجيل لتلك العلامة التجارية .

– يكون التسجيل لتلك الإشارة أو الرمز والمعروف بالعلامة التجارية لدى جهات أو هيئات حكومية معينة ومختصة بذلك مقابل رسوم تسدد لها وذلك لمدة زمنية محددة يتم تجديدها كل فترة ، وهذا التسجيل يوفر ويسبغ الحماية اللازمة من خلال الجهات القضائية والقانونية لمالك تلك العلامة .

– كذلك فإن تسجيل العلامات التجارية يؤدي إلى وجود الضمان والأمان في الأسواق التجارية المحلية والعالمية من خلال زيادة العملية التنافسية والترويجية عن الخدمات والمنتجات المملوكة للشركات المختلفة وهو الامر الذي يؤدي إلى زيادة الأموال التي يتم توظيفها واستخدامها من أجل العمل على تحسين وزيادة الجودة في البضائع والمنتجات لضمان استمرار السمعة الحسنة والشهرة بين الشركات المتنافسة .

– وقد نظمت القوانين الخاصة بالعلامات التجارية الكيفية والخطوات اللازم اتباعها عند القيام بتسجيل العلامات التجارية وكافة الإجراءات المتبعة .

– وتعد عملية اختيار العلامة التجارية من أهم المراحل أثناء تكوينها لذلك فإن مبتكروا العلامات التجارية يعطون هذه المرحلة العناية والاهتمام الكبيرين حتى لا يؤدي اختيار علامة ما إلى حدوث سلبيات لا يمكن تدارك أثرها في الأسواق .

– لذا وجب الاهتمام بتحديد عناصر العلامة التجارية بدء من اختيار العناصر المكونة لها سواء من الحروف أو الكلمات أو الأرقام أو الرموز ، مع مراعاة الاختلافات الواردة في اللغات بين الدول المختلفة بل حتى اللهجات في الدولة الواحدة ، وأن تكون العناصر المكونة للعلامة من السهل أن ترسخ وتثبت في أذهان المتعاملين بها وبالتالي لا يقف أمامها أي عائق .

– كما أن من أهم القواعد التي يجب مراعاتها عند اختيار العلامة هو مراعاتها وعدم مخالفتها للقيم والأخلاق والآداب والعادات الاجتماعية لدى مختلف المجتمعات .

– وآخر عنصر هو أن تكون العلامة مبتكرة بحيث لا يكون قد سبق التعامل عليها أو مسجلة من قبل جهة أو شركة أخرى وإلا عد الامر هنا اعتداء على علامة مملوكة لآخرين لا سيما لو كانت تلك الجهة أو الشركة تعمل في ذات مجال المنافسة.

– وهذا يقودنا إلى الحديث عن الاعتداء على العلامات التجارية من قبل الغير خاصة الذي يقع على العلامات التجارية المشهورة، ويكون هذا الاعتداء متمثلا في تقليد العلامة التجارية الأصلية من خلال وضع علامة أخرى مقاربة لها مما يدخل أو يحدث التباسا لدى جمهور المستهلكين فيختلط عليهم الامر فيعتقدوا أنهم بصدد التعامل على منتج أصلي.- والاعتداء قد يتمثل في وضع علامة تحاكي الأصلية أو مشابهة لها في الشكل ولكن مع تغيير في التراكيب أوالرموز بما يظهرها بمظهر العلامة الأصلية، وكذلك الامر في حالة كون العلامة اسما حيث يتم استخدام اسم مشابه مع تغيير أو إضافة بعض الأحرف مما يجعلها بنفس النطق لكن مع اختلاف الرموز أو الأحرف ، وهذا كله يؤدي إلى حدوث التباس لدى جمهور المستهلكين حيث ينصرف اعتقادهم إلى كونهم بصدد التعامل على منتج أصلي غير مقلد .

-ومن هنا وجب حماية العلامة التجارية حرصا على مصلحة المستهلك وعدم وقوعه في غش قد يصل مداه إلى الاضرار بالحياة في بعض الحالات ، وكذلك حرصا على أصحاب العلامات الأصلية من ناحية أخرى بما لا يعرضهم لمنافسة غير مشروعة من قبل المعتدين على العلامات التجارية وكذا لما لهذا التقليد من تأثير على مصداقية منتجاتهم وبضائعهم في الأسواق الامر الذي قد ينتهي بكارثة على الاقتصاد وعلى السوق التجاري الذي يقوم على الثقة والأمانة في التعامل .

– ومن أبرز ما قررته القوانين المنظمة للعلامات التجارية نجد دعوى المنافسة غير المشروعة والتي يكون من حق مالك العلامة التجارية اللجوء إليها ضد كل من يقوم بتقليد أو تزوير أو استعمال العلامة التجارية الخاصة به ، سواء كانت تلك العلامة مسجلة باسمه أو غير مسجلة وسواء أدى ذلك التعدي إلى حصول أو احتمال أن يؤدي إلى حصول اضرار بالمالك .

– كما أن هناك نوع آخر من الحماية القانونية ولكنها مقررة فقط بالنسبة للعلامات المسجلة وذلك في حالات :
التزوير والتقليد للعلامات التجارية ، ومن المعلوم أن التزوير هو نقل العلامة نقلا مطابقا للأصل أو نقل الأجزاء الرئيسية منها الامر الذي يجعلها مطابقة للأصل إلى حد كبير ، أما التقليد هو صنع علامة أخرى تشبه العلامة الأصلية شبها يؤدي إلى حدوث لبس وتضليل لدى المستهلك بالنسبة لنوع معين من المنتجات أو البضائع أو السلع التي تميزها تلك العلامة المقلدة

استعمال علامة تجارية مزورة أو مقلدة ، وذلك من خلال وضع العلامة المزورة أو المقلدة على المنتجات والاعلان عنها بطريقة توحي بكونها تحمل العلامة الأصلية ، وهنا يجب أن يتوافر سوء النية من حيث العلم المسبق بكون التعامل يتم بعلامة مزورة أو مقلدة .

استعمال علامة تجارية مملوكة للغير ، ويحدث ذلك عندما يقوم شخص ما بوضع علامة تجارية مملوكة ومسجلة باسم شخص آخر على البضائع الخاصة به ، ولابد أن يتوافر سوء النية هنا بالعلم بملكية شخص آخر للعلامة .

بيع منتجات تحمل علامة تجارية مزورة أو مقلدة أو موضوعة بغير حق أو عرضها للبيع أو التداول أو حيازتها بقصد البيع بسوء نية .
استعمال علامة تجارية ممنوعة قانونا ومحظور تسجيلها .

ايهام الغير بتسجيل علامة تجارية معينة موضوعة على المنتجات أو البضائع بما يوحي أنها تحمل علامة حقيقية .

– وكما سبق وأن ذكرنا فإن مناط اسباغ الحماية اللازمة للعلامات التجارية هو التسجيل، والتسجيل يكون لدى هيئات أو مصالح حكومية مختصة والجهه المعنية في المملكة العربية السعودي هو مكتب تسجيل العلامات التجارية في وزارة التجارة ، حيث نجد أن ذلك قد نظم من خلال القوانين المختلفة التي وضعتها الدول لحماية وتنظيم العمل بالعلامات التجارية وكذلك من خلال الاتفاقيات الدولية المنضم إليها العديد من الدول .

– وتسجيل العلامة التجارية يبدأ لدى الكافة بقيام مالك العلامة التجارية بتقديم طلب التسجيل لدى الجهة المختصة لكي يتم فحص العلامة على ضوء العلامات الأخرى المسجلة من حيث وجود علامات مسجلة سابقا أم لا وكذا الأصناف التي تغطيها العلامة المراد تسجيلها ، وبناء عليه إما أن يقبل الطلب المقدم أو يرفض .

– فإذا ما تم قبول الطلب فإن العلامة تمنح حماية منذ لحظة تقديم الطلب لتسجيلها لأنه يمثل أسبقية في حالة وجود أكثر من علامة متشابهة يراد تسجيلها .

– والحماية الممنوحة للعلامة التجارية تكون لمدة زمنية محددة بعدد معين من السنوات، وفي السعودية تكون مدة الحماية عشر سنوات، ولاستمرار تلك الحماية يجب العمل على تجديد التسجيل عند نهاية مدته .

– وهكذا نكون قد قدمنا فكرة مبسطة عن مصطلح العلامات التجارية وأهميتها في التجارة المحلية والعالمية وكيفية حمايتها من محاولات التعدي عليها من قبل الغير لما لهذا الموضوع من أهمية سواء لدى المستهلك العادي أو صاحب المنشأة التجارية .

إعادة نشر بواسطة محاماة نت