تتجلى حصانة الدولة بشكل عام بنوعين أساسيين هما:-
1- الحصانة القضائية الجزائية والمدنية والإدارية: –
– يقول شارل روسو عن حصانة الدولة القضائية يشير إلى تقييد صلاحية المحاكم المحلية الداخلية الذي يحمله القانون الدولي، والذي يضع نوعاً ما الدول الأجنبية خارج هذه الصلاحية والعلاقة بين الحصانة القضائية وعدم الصلاحية والسلطة القضائية والدفع بعدم قبول الدعوى.
يقول فايز الحاج شاهين، عن الحصانة القضائية مرتبطة بإمكانية مثول الأجانب أمام المحاكم الوطنية وتعني أنه يحق للدولة الأجنبية المستفيدة من الحصانة ألا تمثل أمام المحاكم الوطنية وأن ترفض ولايتها وسلطتها.

2- حصانة التنفيذ: –
فإنها تعني عدم إمكانية اتخاذ أية إجراءات أو تدابير تنفيذية من قبل الدولة الوطنية لتنفيذ أي حكم يكون قد صدر من محاكمتها إزاء الدولة الأجنبية التي تنازلت مسبقاً عن حصانتها القضائية بإرادتها و تعتبر حصانة التنفيذ مستقلة وقائمة بذاتها ومنفصلة عن الحصانة القضائية.
يقول روسو:” إن حصانة التنفيذ تكمن في استبعاد طرق التنفيذ (من حجز وتوقيف وحراسة ومراقبة) إزاء الدولة الأجنبية.

*يقول د.فايز شاهين: أنه يستنتج أربعة معايير مختلفة لجأت إليها المحاكم وتدور حول معيار التفريق بين الأعمال التي تستفيد والتي لا تستفيد من الحصانة القضائية:-
1- فئة القرارات التي اعتمدت على معيار شكلي، بمعنى أن الدولة الأجنبية لا تستفيد من الحصانة القضائية إلا إذا كان الأسلوب والشكل المتبعان مختلفين عن الأسلوب والشكل المعتمدين في حقل التعامل الخاص.

2- فئة القرارات التي اعتمدت على معيار قصدي مستمد من الغاية التي لأجلها عاقدت الدولة الأجنبية أو من وجهة تخصيص العمل موضوع النزاع.

3- فئة القرارات التي لا تكتفي بواحد من المعيارين أعلاه بل تشترط توفرهما معاً.
*و هذا المعيار يسميه د.شاهين المعيار الجمعي والأسباب التي تبرره حسب رأيه:-
أ‌- أنه يصيب في الاتجاه العام القاضي بتطبيق ميدان الحصانة القضائية.
ب‌- أنه يحمي المواطن الذي يتعامل مع الدولة الأجنبية على اعتبار أن تخصيص العمل لتلببية حاجة المرفق العام ووجود البند الشاذ أثناء العملية التعاقدية.
ت‌- انه لا ينزع بصورة مطلقة الحماية عن الدولة الأجنبية على اعتبار أن هذه الأخيرة تبقى متمتعة في مطلق حالة بحصانة التنفيذ.

*معيار المساواة في المعاملة بين الدولة الأجنبية والوطنية: –
يقول د. رياض على وجوب معاملة الدولة الأجنبية نفس المعاملة التي يتعامل بها القاضي الوطني دولته ذاتها، وبعبارة أخرى يتعين على القاضي ألا يخص الدولة الأجنبية بمعاملة تختلف عن تلك التي عامل بها دولته وذلك في حين أن إعفاء الدولة الأجنبية من الخضوع للقضاء الوطني يرجع إلى اعتبارات تتصل بكيان المجتمع الدولي بأسره.

*معيار التناسق القانوني:-
يقوم هذا المعيار على التناسق بين النظم القانونية للدولة الأجنبية والدولة الوطنية في تحديد وظائف الدولة ويقترح د. رياض عن تحديد الحصانة الدولة القضائية يجب أن تتم وفقاً للأساس الذي تقوم عليه مختلف حلول القانون الدولي الخاص في الفكر الحديث فالحلول التي يضعها هذا القانون تقوم الآن على تحقيق التناسق بين النظم القانونية المختلفة أو على فكرة التعايش المشترك بين الدول.

*المعيار الوظيفي:-
واقترح المعيار الوظيفي الذي يقوم على مفهوم السيادة والاستقلال لتقرير حصانة الدولة حيث تعتبر بموجبه حصانة الدولة حصانة مطلقة سواء تعلق الأمر بالمسائل الجنائية أم بالمسائل الإدارية والمدنية باعتبار أن مفهوم السيادة والاستقلال يمنع خضوع الدولة لسلطة دولة أخرى مساوية لها، وإذا كان لا بد من خضوع الدولة الأجنبية لسلطة أو سلطان آخر فيجب أن يكون هذا الخضوع مرتبطاً مباشرة بسيادة القانون الدولي وبمبدأ التعايش السلمي والودي المشترك بين الدول، وبمعنى آخر تتمتع الدولة الأجنبية بسيادة مطلقة وبالتالي بحصانة مطلقة ما دامت خاضعة للقانون الدولي، وإذا ارتكبت أعمالاً غير مشروعة فالمسؤولية الدولية تترتب على الدولة المخالفة ويترتب بالتالي التعويض المناسب.

*و قد برزت حصانة الدولة القضائية باعتبارها حصانة مطلقة من خلال الحصانة القضائية التي يتمتع المبعوثون الدبلوماسيون بموجب المادة رقم 31 من اتفاقية فيينا لعام 1961 وذلك على الشكل التالي: –

1- أكدت هذه المادة على أن المبعوث الدبلوماسي يتمتع بحصانة قضائية جزائية مطلقة.
2- أكدت على حصانة قضائية مدنية وإدارية مطلقة على جميع الأعمال التي يقوم بها نيابة عن دولته وتدخل في أغراض البعثة أما الأعمال الخاصة بالمبعوث والتي لا تدخل في أغراض البعثة ولا يقوم بها نيابة عن دولته فلا تشملها الحصانة وبالتالي يخضع المبعوث للقضاء الوطني.

و من هذا المنطلق تصبح الحصانة القضائية المطلقة التي تتمتع بها البعثة الدبلوماسية وأعضاؤها بناء على المعيار أو المفهوم الوظيفي مدخلاً وركناً أساسياً لفهم حصانة الدولة القضائية المطلقة، باعتبار أن الاتفاقيات الدبلوماسي أكدت على أن البعثة بوصفها ممثلة للدولة تستمد حصانتها منها.

*حصانة الدولة وضمان حقوق الغير: –
*هناك طريقتين مفتوحتين أمام الفرد المتضرر:-

1- يمكن أن يلجأ إلى المحاكم الداخلية المعتمدة وهذا مكلف جداً ومشكوك فيه لأنه لن يتلق هذا الفرد معاملة عادلة من المحاكم التي تقاضي دولتها.

2- يمكن أن يتوجه الفرد إلى حكومته المباشرة مساعيها بحجة مبدأ الحماية الدبلوماسية ولكن الدولة ليست ملزمة قانونياً بممارسة حمايتها الدبلوماسية التي تخضع لاعتبارات سياسية وغيرها (و هذا ما أكدته لجنة القانون الدولي أن الدولة يجب أن تعتبر نفسها كسيد وحيد لتقرير ما إذا ستمنح حمايتها ولاية درجة ستمنحها، ومتى ستضع لها حداً أنها تملك في هذا المجال سلطة استنسابية حيث تخضع ممارستها في كل حالة للاعتبارات الأجنبية لا سيما ذات الطبيعة السياسية.

*هناك عدة نزاعات يمكن أن تنشأ بين أطراف القانون الدولي ويمكن ترتيبها على الشكل التالي:-
1- النزاعات التي تنشأ بين الدول حول مسائل دولية أو مسائل تكون الدولة طرفاً فيها في هذه الحالة من هو القضاء الصالح الذي ينظر بالنزاع إذا رفض القضاء الوطني هناك عدة وسائل سياسية منها: الضغط، الوساطة، قطع العلاقات الدبلوماسية والحرب ومنها الوسائل القانونية وهي إمكانية اللجوء إلى محكمة العدل الدولية المختصة بمقاضاة الدول فقط.

2- النزاعات التي تنشأ بين دولة أجنبية ومواطني دولة وطنية أو شركة أو مؤسسة في هذه الدولة فمن هو القضاء الصالح للنظر في هذه النزاعات، هل هو القضاء الوطني أم القضاء الأجنبي أم القضاء دولي آخر.

3- النزاعات التي تنشأ بين دولة ومنظمة دولية أو إقليمية ويشترك فيها طرف ثالث، دولة أو فرد أو شركة أو منظمة دولية أو إقليمية أخرى.

*أصل و تطور كلمة حصانات وامتيازات:-
– أصل كلمة حصانات وامتيازات: تشتق كلمة حصانة في اللغة الأجنبية وخاصة الفرنسية من اللغة اللاتينية من كلمة وجذرها (و تعني الإعفاء من أعباء معينة).

*ويقول روبير عن الحصانة في عدة معان وهي: –
1- إعفاء من عبء أو امتياز يمنح قانوناً لفئة معينة من الأشخاص.
2- الحصانة هي امتياز يمنح من الملك إلى مالك كبير أو إلى مؤسسة كنسية تقوم بمنح تصرف الوكلاء الملكيين في حقل هذا المالك الكبير.
ويلاحظ أن كلمة حصانة في اللغة الأجنبية تعود في أصل اشتقاقها لكلمة إعفاء ذات طابع مالي وضريبي.

وكلمة حصانة في القانون الروماني: هو الإعفاء من الأعباء البلدية ومن دفع الضرائب ومن القيام بالسخرة ومن إسكان الجنود.

*أما كلمة امتياز فهي تشتق من اللاتينية إلى عدة معان: (كما يقول روبير):-
كلمة امتياز: تعني امتيازاً أو ميزة أو التفضيل (أي أفضلية خاصة تمنح لفرد أو لفئة من الأفراد مع إمكانية التمتع بها خارج إطار القانون العام.

وكلمة امتياز من الناحية التاريخية: (تعني الحقوق والأفضليات الفخرية أو النفعية التي يملكها بعض الأشخاص بحكم نسبهم بالولادة ) أي النبلاء أو بحكم وظائفهم أوانخراطهم في بعض الهيئات من (اكليروس، وقضاة وأعضاء مختلف الحرفيات ) أو بعض المناطق (أقاليم الدولة).

– الكلمة المرادفة: تشتق من اللاتينية أي ميزة فخرية أو وضعية أو سلطة حصرية يملكها فرد أو جماعة وترتبط بممارسة وظيفة معينة و ذلك بالانتماء إلى طبقة اجتماعية أو حالة قانونية.
وما يتعلق بكلمة ضريبة وضرائب ( فهي مشتقة من اللاتينية وتعني حسب روبير:” الاقتطاع الذي تجريه الدولة على موارد الأفراد للمساعدة في تغطية الأعباء العامة”.

– وكلمة حرمة (وهي مشتقة من اللاتينية (و تعني أن شيئاً غير قابل للانتهاك أو انه يستحيل انتهاكه أو خرقه ويرادف هذه الكلمة أي لا يمس ( أي مقدس بمعنى آخر) ” حق مقدس لا ينتهك “.

*أما على صعيد اللغة العربية: فإن كلمة حصانات أو امتيازات أو ضرائب أو رسوم.
و هي تملك اشتقاقات لغوية عديدة: فالحصانة هي حالة الحصين، و الحصين هو المنيع أي من حصن، والحصن هو كل مكان محمي ومنيع، كلمة حصانة هي المنعة والمنعة هي القوة.

– امتياز: فهي تشتق من كلمة ميزة، أو أماز الشيء تعني فرزه عن غيره أي فضله على سواه، و امتاز امتيازاً أي انفصل عن غيره وانعزل.

كلمة حرمة: فهي تشتق من حرم، وحرم الشيء أي منعه إياه، وحرم عليه الأمر أي امتنع، وحرم الشيء أي جعله حراماً أي ممنوعاً واحرم أي كانت له ذمة أو حرمة لا تنتهك.

أما كلمة ضرائب، مفردها ضريبة و يرادفها الجزية، وفعل ضرب أي غرم أي ألزم بالأداء، و تغرم أي تحمل وتكلف الغرامة، وضرب ضرباً الجزية عليهم أي أوجبها، وضرب عليهم الذلة أي أذلهم.

*مفهوم نظام الأمان الإسلامي:-

*البند الأول: الأمان كأساس للحصانات والامتيازات الدبلوماسية العربية الإسلامية، منذ التاريخ كانت الحاجة إلى الاتصال والاحتكاك والتفاوض كانت قد فرضت إقرار ومنح حصانة للرسل، والمبعوثين مع مرور الزمن تطورت الممارسة الدبلوماسية تحولت إلى هالة قدسية بشخص المبعوث حيث لا يجوز العرض له و انتهاك حرمته، وعلى هذا الأساس اعتبرت الحصانة مقدسة لا يجوز المس بها، فالسفير يعتبر كالملاك الذي يخدم كرسول بين السماء و الأرض و كان تاريخياً قتل السفير يؤدي غالباً إلى إنهاك الحرب و إلى إقامة التماثيل لمن قتل دبلوماسيين كما أن يحدث في الإمبراطورية الرومانية.

* بالنسبة للبلاد العربية – الإسلامية: –
1- مارست الدول العربية الإسلامية مبدأ الحصانات من البداية على قاعدة عرفية استمدتها من التراث العربي القديم وأكدتها الشريعة الإسلامية وأقرتها قاعدة أخرى شكلت المفهوم العام للعلاقات الدولية والدبلوماسية الإسلامية.

2- حيث ساعدت على نمو و تطور علاقة الدولة الإسلامية مع الدول والشعوب والأقوام عاملة على إرساء قواعد في التعامل الدولي والتبادل الدبلوماسي انطلاقاً من مفهوم السلام والوئام والتعاهد والمودة وذلك من خلال تطبيقها لمبادئ العدل، والإنصاف والمساواة ومبدأ المعاملة بالمثل ومبدأ الحماية بكل أشكالها وأنواعها سواء أكان على صعيد مبدأ اللجوء أو مبدأ المعاملة بالمثل و مبدأ الحماية بكل أشكالها وأنواعها، سواء أكان على صعيد مبدأ اللجوء أو مبدأ الحصانة الدولية و الدبلوماسية.

3- لقد عرف العرب قبل الإسلام حصانة بيت الحرام و عرفوا عقد المؤتمرات والأحلاف لا سيما حلف الفضول كان لنصرة وحماية المظلوم إذا ظلم كما دفع العرب الظلم والجور ونبذوا الخضوع والمذلة حيث نمت وتوسعت علاقات الدولة الإسلامية مع غيرها في جميع المجاملات الاقتصادية والتجارية والثقافية والعلمية.

4- احترمت البلاد العربية مبدأ الحصانة الدولية والدبلوماسية واستنبطت من أحكام الشرع والفقه والاجتهاد نظرية أو مفهوماً أصيلاً للحصانات والامتيازات.

*ما هو مفهوم الأمان وما هو نظامه و ما هي المبادئ والقواعد التي قام عليها ؟؟
تشتق كلمة أمان من أمن ومعناها اطمأن وعاهد وسلم وحصن من حصين أي المنيع والمحمي.

*نظام الأمان:-
فهناك الأمان المؤيد الدائم الذي يستفيد من أهل الذمة، وأهل العهد، وأهل لحصن أي الأمان الدبلوماسي و هناك الأمان المؤقتة الذي يستفيد منه أهل الحرب والمستأمنون والأمان العرفي، أو العادي الذي ينقسم إلى أمان عام، أو أمان رسمي وأمان خاص أي أمن غير رسمي، و هناك الأمان الاتفاقي أو الأمان الموادع، وهناك الأمان الداخلي الذي يشمل جميع هذه الأشكال والأمان الخارجي الذي يمنحه المسلم خارج دار الإسلام في علاقاته مع غير المسلمين جاء أرض المسلمين طلباً للحماية في حقن بذلك دمه ويحميه من اعتداء الغير عليه.

يقول محمصاني: عن مفهوم الأمان، هو نوع من عقد يسمح فيه لغير المسلم أن يدخل دار الإسلام ويبقى فيها آمناً على نفسه وماله ليسمع كلام الله، مما يعني انه عقد مشروط يتضمن إمكانية فسخه أو إلغائه، الآية تقول في سورة التوبة:“وإن أحد من المشركين استجارك فأجره “ فهذا التعريف ينطبق على بعض الأشخاص غير المسلمين الذين يلجأون لدار الإسلام طلباً للحماية، بما يتعلق فقط بمفهوم اللجوء الديني و السياسي.

*البند الثاني: أمان غير المسلمين أنواع الأمان التي يستفيد منها غير المسلمين: –
1- أمان أهل الذمة: أهل الكتاب هم أهل الذمة الذين يحصلون على أمان مؤيد و إقامة دائمة مقابل دفع الجزية حتى يكسبون حماية الشريعة الإسلامية ( أي خضوعهم للشريعة الإسلامية بهدف حماية أنفسهم وأسرهم وأموالهم مقابل دفع الجزية سنوياً وهذا الأمن هو التزام أبدي غير قابل للنقص أو النقض من جانب الدولة الإسلامية.

يقول محمصاني ينهي بأحد الأمور الثلاثة، الدخول في الإسلام، أو التحالف بدار الحرب أو التمرد على المسلمين.

2- أمان أهل العنوة أو المستأمنون:-
هم أهل الحرب أو أهل العنوة أو أهل الشرك أو المخالفون، هم المحاربون الذين لا يستطيعون دخول دار الإسلام بغير أمان عرفي أو اتفاقي بموجب الأمان العرفي أو العادي تكتسب فئة المستأمنين من أهل الحرب أو أهل الشرك أماناً عاماً أو خاصاً فالأمان العام هو الذي يمنحه الإمام أو من يفوضه عنه لمصلحة مدنية أو قلعة والأمان الخاص هو الذي يمنح الفرد أو لعدد محدود من الأفراد (و يجد الخاص و العام أساسه القانون إذا ينتهي الأمان بانتهاء مدته أو نقضه من أحد الطرفين أو بارتكاب أعمال مخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية.

أما بموجب الأمان الاتفاقي أمام مفهوم الموادعة و الموادعين من أهل الحرب الذين يمنحون الأمان الذي يترتب على المعاهدة والمسالمة والمصالحة على ترك القتال لقاء دفع مال أو بدونه ويشمل هذا الأمان الشخص وأمواله وأسره و إلى جانب الموادعة هناك المهادنة التي هي نوع من الهدنة ترمي إلى وقف القتال مؤقتاً.

و تعني كلمة موادعة أو توادع تعني حسب لسان العرب “شبه مصالحة و تصالح والوديع تعني العهد و كلمة توادع القوم أي أعطى بعضهم عهداً وكله من المصالحة و كلمة موادعة تعني الهدنة، والتالي تنتهي الموادعة أو المهادنة بنبذها من قبل المسلمين في حال الخيانة أو نقضها أو نكثها من الجانب الآخر.

3- أهل العهد: –

و هم أهل الميثاق وأهل العهد الذين يعتبرون أهل دار الصلح في حال نشأت هذه الدار عن دار الحرب وبالتالي توقف القتال، في هذه الحالة يصبحون مثل أهل الموادعة إذا اعتزلوا القتال مؤقتاً حيث يدفعون الجزية مقابل الصلح، إذ يجوز دفع المال، أما إذا كانوا أهل الحياد حيث لم يشتركوا في قتال أو يساعدوا في عدوان بل حافظوا على حيادهم إزاء الطرفين فالشريعة الإسلامية تمنحهم الحماية والأمان إذا دخلوا دار الإسلام شرط التقيد بأحكامها، وهذا الأمان هو أمان دائم طالما هم محافظون على حيادهم ونعتقد بأنهم غير خاضعين لدفع مال أو جزية.

4- أمان أهل المتعة أو الأمان الدبلوماسي: –
هم أهل المنعة أو أهل الحصن، وهم جماعة الرسل والمبعوثين الدبلوماسيين الذين يتمتعون بنظام أمام مؤيد ومستديم سواء أكانوا مبعوثين من دار الإسلام أم من دار الحرب أم من دار العهد أو الصلح أو الحياد، وعن هذا النظام ينشأ مبدأ الحصانة الدبلوماسية التي أقرتها الشريعة في دائرة الحصانات الممنوحة للأشخاص العاديين من الأقاليم الأخرى المعادية أو المسالمة ووضعت الممثلين الدبلوماسيين في منزلة أرفع من الأشخاص الآخرين ومنحتهم من أتباعهم منعة و حرمة شخصية و حصانة في المسائل الجنائية ومن الإعفاءات المالية ومن ضرائب ومكوس ورسوم.

و من مفهوم الأمان انبثقت الحصانات و الامتيازات الدولية والدبلوماسية و كان النبي محمد ( أول من طبق الأمان) وأقر مبدأ المنعة الشخصية للسفراء أو المبعوثين لقد كان الفقهاء العرب أول من طرح بعض القواعد والأسس النظرية التي تفسر منح حصانات و امتيازات دبلوماسية والتي ارتبطت بمفهوم الولاية والخلافة والدولة.

*مقومات نظرية الصفة التمثيلية و يمكن أن تنشأ عن هذه النظرية عدة نظريات: –
1- إن نظرية الحصانة ارتكزت على كرامة الدولة أو الأمير الذي يمثل السفير، فكل هجوم يجري ضد السفير يعتبر كاعتداء على الكرامة الشخصية للسيد الذي يرسله.

تاريخياً ارتبط مبدأ اللجوء بالحصانة ودخل في نظام التابو، حيث كانت مقابر الشيوخ والقبائل والأجداد وما جاورها من الهياكل و المعابد و الممتلكات بعض القبائل ومنازل شيوخ القوم مكاناً آمناً لمن يلجأ إليها، لقد كان مبدأ السيادة الدولة واستقلالها ومبدأ المساواة والاحترام الكامل لهذه الدولة تتجسد في الحاكم بوصفه المجسد لهذه الدولة، وبالتالي لا تتحقق هذه المبادئ على صعيد العلاقات الدولية إلا بإرادته ويعتبر فوشي أكبر المدافعين عن الصفة التمثيلية، عن سبب وجود الحصانات هو الصفة التمثيلية للمبعوثين أي ضرورة الاستقلال اللازم لممارسة مهامهم وتجنب كل تعد على الكرامة المتبادلة للأمم ويجب بطريقة عامة القبول ببدء سريانها منذ يوم تكليفه وحتى وقت توقفه عن وظائفه ماعدا حالة التنازل، لقد ربط فوشي الصفة التمثيلية بضرورة الاستقلال والمصلحة المتبادلة للأمم ويقول على الوزير العام (السفير) ان يدعم بقوة وإخلاص مطالب ومصالح الدولة التي فوضته وان يكون لسانه حراً.

*نظرية امتداد الأقاليم: –
يقول كاييه حول هذه النظرية: من سلطة الحاكم الإقليمية بنوع من الوهم، حيث يعتبر الموظف الدبلوماسي بأنه لم يغادر أبداً إقليم دولته، ويمارس وظائفه الدبلوماسية لدى الدولة المبعوث لديها وكأنه في بلده الخاص، أي انه موجود جسدياً على أرض الدولة المعتمد لديها وقانونياً غائباً عنها، وبالتالي تؤدي هذه النظرية إلى اعتبار أن السفارة يفترض بها أن تعتبر كجزء من الأقاليم الوطنية، وإقليم الدولة الموفدة، يعتبر السفير إذن كأنه لم يغادر دولته و أن إقامته في الدولة التي يباشر فيها مهمته هي في حكم الامتداد لإقامته في موطنه وبعبارة أخرى (يعتبر مقر البعثة الدبلوماسية الذي يقوم فيه بأعمال وظيفته كامتداد لإقليم الدولة التي يمثلها السفير، ومن هنا أتت تسمية نظرية امتداد الإقليم.

*ما يؤكده تاريخ العلاقات الدبلوماسية:- حيث كانت الممارسة الدبلوماسية تفضي بإرسال المبعوثين الدبلوماسيين وإعفائهم من الضرائب والرسوم إلى جانب تمتعهم بالحصانة الشخصية لقد كان الدول المضيفة تتكفل بنفقات البعثات الدبلوماسية الأجنبية تدليلاً على تكريمها وحسن فادتها لها كما كانت بعض المجتمعات تسمح للبعثات الدبلوماسية بممارسة التجارة من أجل تغطية نفقات البعثة في حال لم تتكفل الدولة المضيفة أو المعتمدة بهذه النفقات.

– مقومات ضرورات الوظيفة تمنح الحصانات و الامتيازات من أجل تسهيل عمل أو وظائف البعث ممثلة لشخص القانون الدولي كانت دولة أم منظمة دولية، وبهدف تحقيق مبدأ المساواة في السيادة ورفض مبدأ الخضوع والإذعان الذي يجب أن لا يسود في العلاقات الدبلوماسية و أخيراً يسمح هذا التعايش لثلاثة معاييره المعيار الوظيفي ومعيار السيادة ومعيار المعاملة وبالتالي تصبح هذه المعايير المترابطة مع بعضها البعض أساساً صالحاً لتفسير جميع أشكال الحصانات و الامتيازات والتي تمنح لأشخاص يمارسون العمل الدبلوماسي وهم من خارج السلك الدائم مثل رؤساء الدول و وزرائها.

*حصانة البعثة: –
في ضوء أحكام ومبادئ اتفاقية فيينا لعام1961: –
1- حصانة المقرات: –
أن جميع هذه الأماكن والمقرات سواء أكنت مملوكة أم مستأجرة تشملها الحصانة التي تهدف إلى ضمان الأداء الفعال لوظائف البعثة وتأمين استقلال عمل الموظفين الدبلوماسيين واحترام سيادة الدولة المعتمدة بالرجوع لأحكام اتفاقية فيينا:-

تتمتع شخصية كبيرة وبحماية خاصة تفرض اتخاذ التدابير اللازمة من قبل الدولة المعتمد لديها وكما تمنع هذه الحرمة التعرض لهذه المقرات لأسباب حسب اتفاقية فيينا ورقم مادة 22:-
1- تكون حرمة مقرات البعثة مصونة، ولا يجوز لمأموري الدولة المعتمد لديها دخولها إلا برضى رئيس البعثة.
2- يترتب على الدولة المعتمد لديها التزام خاص باتخاذ جميع التدابير المناسبة لحماية دار البعثة من أي اقتحام أو ضرر ومنع أي إخلال بأمن البعثة أو مساس بكرامتها.

3- تعفى دار البعثة وأثاثها وأموالها الأخرى الموجودة فيها و وسائل النقل التابعة لها من إجراءات التفتيش أو الاستيلاء أو الحجز أو التنفيذ.

*في حالة قطع العلاقات الدبلوماسية بين دولتين أو الاستدعاء المؤقت أو الدائم لإحدى البعثات الأحكام التالية: –

1- يجب على الدولة المعتمد لديها حتى في وجود نزاع مسلح احترام و حماية دار البعثة وكذلك أموالها ومحفوظاتها.
2- يجوز للدولة المعتمد أن تعهد بحماية مصالحها ومصالح مواطنيها إلى دولة ثالثة تقبل لها الدولة المعتمد لديها.
3- يجوز للدولة المعتمدة أن تعهد بحراسة دار البعثة وكذلك أموالها ومحفوظاتها إلى دولة ثالث تقبل بها الدولة المعتمد لديها.

2- حصانة المحفوظات والوثائق: –
تشمل حصانة البعثة الدبلوماسية حرمة محفوظاتها وأوراقها الرسمية إذ لا يجوز تفتيشها أو مصادرتها أو التعرض لها مهما كانت الأسباب والذرائع وأنى وجدت كما يجب على رئيس البعثة اتخاذ جميع تدابير الحيطة والحذر للحؤول دون معرفة أسرار هذه المحفوظات والوثائق وكشف محتوياتها بحيث تكون بعيدة عن متناول الغير خاصة الدولة المعتمد لديها، وبالتالي تفترض حصانة هذه المحفوظات احترام سريتها وعدم سرقتها والمساس بها أن وجدت بمعزل عن حصانة مقرات البعثة.

و اقترح القانون الدولي لمؤتمر فيينا لعام 1961 بأن تكون المحفوظات والوثائق حصانة مستقلة وقائمة بذاتها و مصونة دائماً و أياً كان مكانها.

*حصانة الاتصالات والمراسلات والحقيبة الدبلوماسية: –
تفرض أحكام اتفاقية فيينا احترام حرية هذه الاتصالات والمراسلات التي تجريها البعثة الدبلوماسية مع غيرها، و الحفاظ على سريتها و العمل على تقديم جميع التسهيلات التي من شأنها مساعدة البعثة القيام بوظائفها على أكمل وجه وذلك بالسماح للبعثة الدبلوماسية أن تستخدم جميع الوسائل المناسبة لتأمين اتصالاتها ومراسلاتها ولكن يجب أن تكون هذه الوسائل مشروعة و غير مخالفة لتشريعات الدولة المعتمد لديها.

*تؤكد أحكام المادة 27 من اتفاقية فيينا لعام 1961 تنص على:-
1- تجيز الدولة المعتمد لديها البعثة حرية الاتصال لجميع الأغراض الرسمية و تصون هذه الحرية وان تستخدم جميع الوسائل المناسبة بما في ذلك الرسل الدبلوماسيين والرسائل المرسلة بالرموز و الشيفرة و لا يجوز للبعثة تركيب أو استخدام جهاز إرسال لاسلكي إلا برضى الدولة المعتمد لديها.
2- أن تكون حرمة المراسلات الرسمية للبعثة مصونة، و يقصد بها بالمراسلات الرسمية جميع المراسلات المتعلقة بالبعثة ووظائفها.