التكيف فى مجال القانون الدولى الخاص
الملخص

التكييف عملية اجتهادية يراد بها إدراك الوقائع على ما هي عليه في حقيقتها، يعقب ذلك تبيّن الأنظمة القانونية التي تندرج تحت مظلة حكمها تلك الوقائع سواء بالتشريع أو التطبيق.

فالتكييف على العموم يعني: التعرّف، وبالطرق العقلية، إلى الواقع على ما هو عليه لتحديد ما يجب في هذا الواقع من حكم شرعي أو قانوني للانتقال به مما هو كائن إلى ما يجب أن يكون عليه في ضوء مقاصد هذا التشريع أو ذاك.

وبالتالي فإن التكييف بهذا المعنى سابق لأيّ تطور في حياة الأفراد والشعوب والأمم، وفي القوانين التي تحكمها.

بل هو شرط في تحقق التغيّر والتطوّر من حيث أن التغيّر والتطورّر يعني الانتقال من واقع إلى واقع آخر يفترض فيه أنه أفضل من سابقه، واللازم من ذلك معرفة الواقع السابق على ما هو عليه وهو التكييف، ثم معرفة ما يجب أن يكون عليه، ثم تحديد وسائل هذا الانتقال، وتنفيذها بالفعل ليحصل هذا الانتقال بالفعل.

وإذا كان يراد بالتكييف الكشف عن الواقع فإنّ المراد بالتفسير الكشف عن الحكم الشرعي أو القانوني من خلال النظر السليم في نصوص التشريع، وإقامة الأحكام والنظام على أرض الواقع لتحقيق مقاصد التشريع يتوقف على الأمرين معاً.

وقد انصبّ البحث في هذا المقام على بيان ماهية التكييف، وضرورته، ووظيفته، التفريق القضائي بين الزوجين للعيب، مبيّنين آراء فقهاء المسلمين في نطاق هذه العيوب، وأثرها في الحكمة المتوخاة من تشريع الزواج، والأحكام المترتبة على وجودها، لننزل بطريقة البحث هذه الحكم الكلي إلى أحد جزئياته لتتضح صورة موضوع البحث بجانبيه النظري والتطبيقي.

المقدمة
من المسلّم به أنه حيثما قام مجتمع وجد القانون (أو الشرع)، من حيث إنّ وظيفة القانون تنظيم العلاقات، والعلاقة تستلزم لقيامها وجود أكثر من طرف(شخص)([1]).

والتنظيم ليس غاية في ذاته بل هو وسيلة لتحقيق غاية، وقد تعرف الغاية بـ (مقاصد التشريع حكمه التشريع، غاية القانون، أهداف القانون..) وهي مصالح معتبرة بعرف هذا القانون أو ذاك، يجمعها عموماً القول : إنّها المصالح العامة والمصالح الخاصة، وإن حصل تفاوت فيما بينها في اعتبار بعض المصالح أو إلغائها، أو في أفراد المصالح العامة أو الخاصة، أو في ترتيب أفراد المصالح من حيث الأولوية أو قوة الاعتبار([2])وبالتالي في كيفية رفع التعارض، أو في تعداد أقسام المصلحة([3]).

وإذا كان القانون مجموع الخطابات الموجّهة إلى المحكومين وهي التي تعرف بأنها : القواعد العامة المجرّدة الملزمة التي تحكم سلوك الأفراد وعلاقاتهم في المجتمع سعياً نحو تحقيق حكمة التشريع([4])، وهذه القواعد لا تكفي من حيث هي خطابات لتحقيق وظيفة القانون وغايته ما لم تترجم على أرض الواقع من خلال :

· قبول وامتثال المخاطبين بهذا القانون له طواعية لعدالته بحسب نظرهم.
· قيام السلطة التنفيذية بتطبيقه تطبيقاً حسناً.
· الأداء النزيه من قبل القضاء في القضايا والنزاعات المثارة أمامه .
· حسن الرقابة على دستورية القوانين، وعلى أعمال السلطة التنفيذية .

على أنّ مصطلح القانون الذي هو القواعد العامة الموصوفة بما ذكر آنفاً له إطلاقان. إطلاق بالمعنى الأخص، ويراد به التشريع. وإطلاق بالمعنى الأعم، ويراد به مجموع القواعد التي تشكل التشريع والمصادر الرسمية للقانون في بلد معيّن وفي زمن معيّن([5]).

أهمية البحث ومنهجيته:
من المعلوم أنّ الوقائع غير متناهية أمّا النصوص الشرعية أو القانونية فهي متناهية، وبالتالي لا يتصوّر إيراد نصّ لكل واقعة، لكان لا بدّ من توسيع نطاق القانون.

وتوسيع نطاقه قد يتأتى من خلال تفسير النصوص، أو من خلال خلق القاضي لمبادئ قانونية يتوقف عليها حسم النزاع المعروض أمامه، أو من خلال تكييف الواقع أو الواقعة، لتضمّ بذلك الوقائع غير المتناهية إلى النصوص أو القواعد الشرعية أو القانونية المتناهية([6]).

ولا شكّ أن معرفة الواقع أمر سابق على معرفة الحكم فيه([7]). فالحكم فرع التصوّر، بمعنى أن تصوّر الواقع وهو العلم به سابق على إصدار الحكم فيه، وقد يتفرّع ذلك على قاعدة أنّ العلم تبع المعلوم. فكأنّ كلّ واقعة تعرض حالها مستدعية إيقاع حكم يصلح فيها ولا يصلح في غيرها مما يغايرها في جانب أو أكثر.

ومن هذا الاعتبار كان التكييف سابقاً على التشريع من حيث عمل المشرّع (القانوني)، وسابقاً لإيقاع الأحكام على الوقائع من حيث عمل القاضي والفقيه. ومن هنا ظهرت أهمية التكييف من حيث إنّه أحد ضرورات أو لوازم أعمال القانون؛ تشريعاً وتطبيقاً على أرض الواقع.

وفي هذا البحث أتعرّض من غير إسهاب إلى ماهية التكييف، ضرورته، وظيفته، تمييزه عمّا يشتبه به، مشفعاً ذلك ببيان أثر التكيف في اختلاف الأحكام الشرعية في مسائل قانونية، خاصة المدنية منها، على سبيل العرض الموجز، وقد أتعرض لها في هوامش البحث.

ثمّ أتوسع نسبياً في البحث في التفريق القضائي بين الزوجين بسبب العيب وأثر التكييف في اختلاف الأحكام الفقهية فيه، مشفعاً ذلك باتجاهات مشروع قانون الأحوال الشخصية الموحد في هذا الصدد، وهو الذي وضع مع مذكرته الإيضاحية ما بين سنة 1959-1961 لغاية الوحدة بين الإقليمين المصري والسوري. لغرض التعريف به من وجه، ولكونه من حيث هو جهد فقهي يشكل، بتقديري، مشروعاً لقانون أحوال شخصية موحد على صعيد عربي وإسلامي.

واختيارنا لهذا التطبيق مبنيّ على خطورة هذا العيب في تهديده لحكمة الزواج، وعلى كون أثر العيب ثابتاً في نطاق المعاملات المالية، وهي مجال تخصصنا الدقيق، بوجه مقارب لما نحن بصدد عرضه من حالة تفريق بين الزوجين.

وذلك في الأمرين مبني على مبدأ الاستصحاب، بل على أحد أنواعه على وجه التحديد وهو : استصحاب صفة معتبرة في الحكم. والصفة هنا هي السلامة من العيوب، فكان الأصل هو خلو محل التصرف من العيوب. فإن ظهر خلافة تبيّنا ما يأتي :

‌أ- تأثر الرضا سلباً بهذا العيب. فالرضا لم يصرف إلى محل معيب بل انصرف إلى محل سليم.
‌ب- اختلال التعادل بين الالتزامات المتقابلة لأطراف العلاقة، فأحد الأطراف سيلزم بما لم يرض به، وبأكثر من التزامات الطرف الآخر.

‌ج- تأثر الحكمة سلباً، وهي المصلحة المتوخاة من تشريع هذه الاسباب (التصرفات). فالأسباب ما شرّعت إلاّ لتحقيق مصلحة لا لجلب مفسدة . وفي ضوء ما تقدم يكون تقسيم البحث على النحو التالي:

الفصل الأول : في ماهية التكييف وتمييزه من التفسير.
الفصل الثاني : في التفريق القضائي للعيب وأثر التكييف في اختلاف الأحكام الفقهية فيه.
الخاتمة : تتضمن نتائج البحث والتوصيات.

الفصل الأول: ماهية التكييف وتمييزه من التفسير
لغرض استيفاء البحث في هذا الموضوع أقسّم الفصل إلى مبحثين؛ أخصص أولهما في ماهية التكييف وضرورته ووظيفته، وأخصص الثاني في تمييز التكييف من التفسير.

المبحث الأول : ماهية التكييف، ضرورته، ووظيفته
التكييف – في اللغة – مصدر كيّفه إذا ذكر أو أدرك كيفيته أو صفته، والتشبيه مصدر شبّهه إذا جعله مثل غيره في صفة([8]). وهذا البيان أفاد فارقاً دقيقً بين التكييف والتفسير تأتي على بيانه لاحقاً إن شاء الله تعالى، وقال رجال القانون في بيان التكييف إنّه :

· تحديد طبيعة العلاقة القانونية المتنازع فيها وردّها إلى نظام قانوني([9]).

وعرف أيضاً بأنه:
· تحليل الوقائع والتصرفات القانونية تمهيداً لإعطائها وصهفها الحق ووضعها في المكان الملائم من بين التقسيمات السائدة في فرع معين من فروع القانون([10]),
وظاهر أن تحديد طبيعة الواقعة وضمّها إلى نظام قانوني أمر لاحق على تحليل الواقعة القانونية، ولا شك في كون هذا التحليل وهذا التحديد اجتهاداً من حيث إنه إعمال النظر في أمر مجتهد فيه؛ أي ظني،

وهو الذي لم يقم على حكمه دليل قطعي من نصّ قطعي الدلالة أو إجماع فقهي، ولذلك أبرز آخرون هذه الحقيقة بالقول أن التكييف هو :

· العملية الذهنية المتمثّلة في إنزال حكم القانون على الواقع، أو إدراج الواقعة في طائفة محددة، أو حتى بيان القاعدة القانونية الواجب إمالها على الواقعة المطروحة([11]).
وقد يصوّب بعضهم نظره إلى الغاية من القيام بهذه العملية الذهنية والحكمة من غيجابها فيعبّر عن ذلك بالقول :

· إنّ التكييف القانوني للوقائع مجرد اختيار للقالب الذي يتطابق مفهومه المجرّد مع الخصائص القانونية المنبعثة من هذه الوقائع كما أثبتها القاضي([12]).

وإذا كان التكييف من حيث حقيقته عملاً ذهنياً غايته إثبات عموم حكم القانون وسيادته على الواقع فإنه لا يقتصر على عمل القاضي، وهو ما اقتصرت عليه التعريفات المذكورة، بل يتعداه إلى المشرع والفقيه بل وأطراف العلاقة. وسيأتي بيان ذلك قريباً.

وقد يكون ما حملهم على ذلك هو كثرة ممارسة القضاء للتكييف وديمومة العمل به من حيث إنّه يلزم للوصول إلى الحكم القانوني في الوقائع لإيقاعه عليها العلم بذلك الوقائع وبحقيقتها أولاً.وبعد؛ فأرى في التكييف أنّه:

الكشف عن حقيقة الواقعة القانونية لإسناد حكم القانون(أو الشرع) فيها ،
والكشف يستلزم التحليل وتحديد صفة الواقعة، ونحو ذلك مما ذكر في التعريفات السابقة لأنها من وسائل الكشف .

والواقعة القانونية الواردة في التعريف هي على معناه الأعم الشامل للتصرف القانوني والواقعة المادية وهي التي تشتمل على : الأفعال المادية والوقائع الطبيعية.
وقولي (الإسناد حكم القانون فيها) لبيان علة التكييف المتمثلة في إضفاء حكم القانون على الوقائع أو ضمّ الوقائع إلى نظام قانوني، والمؤدّى واحد. فشمل ذلك ضرورة التكيف في إعمال حكم القانون تشريعاً وتطبيقاً.

محل التكيف :
يمكننا القول إنّ محل التكييف يتنوّع بتنوع متعلّق الحاجة إلى بيان حكم القانون (أو الشرع) في الواقعة، فهو : “قد ينصبّ على واقعة معينة كحادثة يراد معرفة ما إذا كانت تكون عملاً مادياً ضاراً أم لا تكونه. كما أنه قد ينصبّ على مسألة قانونية كحق الحضانة يراد معرفة ما إذا كان أثراً من آثار الزواج أم من آثار الطلاق أم أنه يقع في نطاق الولاية على النفس.

وقد يتناول التكييف قاعدة موضوعية مثل تكييف القاعدة التي تحظر إجراء الوصية بالشكل العرفي الخطّي أهي تتعلق بشكل الوصية أم تتعلق بأهلية الموصي”([13]). والجامع في ذلك كما ذكرنا، وهي علّة التكييف التي يرتبط بها وجوداً وعدماً، والحاجة إلى

([1]) كيرة، حسن، المدخل إلى القانون، منشأة المعارف، الاسكندرية، 1971، ص19. وفرج، توفيق حسن، المدخل للعلوم القانونية، ط2، بيروت، 1975، ص13-14.

([2]) فالفلسفة الفردية تعتدّ بالحق الخاص ولا تعرف للحق العام وجوداً مستقلاً بل هو بنظرها محصلة الاعتداد بحق الفرد. وتذهب إلى نقيض ذلك الفلسفة الاشتراكية التي تعتدّ بالحق العام دون الحق الخاص وهو الذي يعدو بنظرها عن كونه مجرد واجب أو وظيفة يقوم بها الفرد لصالح الجماعة. وقد ورد هذا المعنى ونقد الاتجاهين في : السنهوري، عبد الرزاق وحشمت أبو ستيت، أصول القوانين، دار الفكر العربي، القاهرة، 1952ـ ص68-70، والبدراوي، عبد المنعم، المدخل للعلوم القانونية، 1962، ص37، والجرف، طعيمة، نظرية الدولة والأسس العامة للتنظيم السياسي – الكتاب الثاني -، القاهرة، 1966، ص132 و 141 . والدريني، فتحي، الحق ومدى سلطان الدولة في تقييده، ط1، مطبعة جامعة دمشق، 1967، ص43 و 50-52.

([3]) وبالنظر إلى الاتجاهين السابقين يمكن القول بغياب الحق المشترك الذي يستند في وجوده والاعتداد به على وجود الحقين العام والخاص باستقلالية والاعتداد بهما معاً.

([4]) تناغو، سمير عبد السيد، النظرية العامة للقانون، منشأة المعارف، الاسكندرية، 1973، ص7-8. وسلطان، أنور، المبادئ القانونية العامة، ط4، دار النهضة العربية، 1984، ص15-19. وكيرة، حسن، المدخل للعلوم القانونية، ص19-22. وفرج، توفيق حسن، المدخل للعلوم القانونية، ص14-17.

([5]) الصراف، عباس وجورج حزبون، المدخل إلى علم القانون، ط4، دار الثقافة، عمان، الأردن، 1997، ص9.

([6]) يقول السيوطي، عبد الرحمن بن أبي بكر؛ “نعلم قطعاً ويقيناً أنّ الحوادث والوقائع في العبادات والتصرفات مما لا يقبل الحصر والعدّ ونعلم أيضاً أنه لم يرد في كل حادثة نصّ ولا يتصور ذلك أيضاً. و النصوص متناهية والوقائع غير متناهية، وما لا يتناهى لا يضبطه ما يتناهى، علم قطعاً أنّ الاجتهاد والقياس واجب الاعتبار حتى يكون بصدد كل حادثة اجتهاد”. تفسير الاجتهاد، ط1، دار الدعوة، الاسكندرية، 1403، ص30.

([7]) وهذا يصدق على الحكم القانوني بمفهوم الحكم في القانون الوضعي، وعلى الحكم بمفهومه عند فقهاء المسلمين وهو الذي لا يعدو عن كونه الأثر المترتب على الوقائع، فهو حادث لذلك. إلا أنه لا يصدق على الحكم بمفهومه عند علماء أصول الفقه الإسلامي لأنّ الحكم عندهم هو خطاب الله المتعلق بأفعال المكلفين، والخطاب بموجب هذه النسبة قديم، بينما الواقع أو الوقائع حادثة لأنها مخلوقة.

([8]) العدوي، علي الصعيدي، حاشية العدوى على كفاية الطالب الرباني لرسالة أبي زيد القيرواني، مطبعة مصطفى البابي الحلبي، مصر، 1/80، وجاء في باب الفاء فصل الكاف؛ (الكيف: القطع.. وكيّفه قطعه، وقول المتكلمين كيّفته فتكيّف قياس لا سماع فيه..).
الفيروزأبادي، محمد بن يعقوب، القاموس المحيط، دار الفكر، بيروت، 1983. الزبيدي، محمد مرتضى الحسيني، تاج العروس من جواهر القاموس، الكويت، 1965.

([9]) الهداوي، حسن، القانون الدولي الخاص. تنازع القوانين، دار الثقافة، عمان، ص52.

([10]) صادق، هشام علي، تنازع القوانين، منشأة المعارف، الاسكندرية، ص111.

([11]) شحاتة محمد نور عبد الهادي، سلطة التكييف في القانون الإجرائي دراسة مقارنة في القوانين الإجرائية المدنية والجنائية والإدارية، دار النهضة العربية، القاهرة، 1993، ص5.

([12]) عبيد، رؤوف، المشكلات العملية الهامة في الإجراءات الجنائية، ط3، دار الفكر العربي، مصر، 1980، ص243. و شبّه الدكتور هشام علي صادق في المرجع السابق ص112 التكييف بالتشخيص الطبي بقوله” والتكييف وفقاً للمعنى الذي حددناه في إطار العلوم القانونية قريب الشبه إلى حدّ كبير بالتشخيص في مجال الطب.

فإذا كان من اليسير على طالب كلية الطب أن يفرق بوضوح بين العلاج المقرر لمرض معيّن، والعلاج الذ يتعيّن اتباعه لمرض آخر، فإن تشخيص حالة المريض وما إذا كان يشكو من هذا المرض أو ذاك هو أمر لا يسهل على المبتدئ تبينه في جميع الأحوال، رغم ما لهذه المسألة من أهمية جوهرية غير خافية بوصفها مسألة أولية لازمة لتحديد العلاج الصحيح، والأمر لا يختلف كثيراً في مجال العلوم القانونية، فقد يسهل على الكثيرين الإحاطة بالأحكام التي يتضمنها قانون معيّن، فطالب كلية الحقوق يعرف جيداً الأحكام الخاصة بكل من عقد البيع وعقد الإيجار أو عقد الهبة مثلاً.

أما إدراك التكييف الحق والوصف السليم للعقد محل البحث، فهي عملية ذهنية تحتاج إلى خبرة خاصة وبصيرة نافذة، إضافة إلى تتطلبه من حاسة قانونية مرهفة. وعلى هذا النحو يمكن القول بأن القدرة على التكييف السليم في نطاق القانون، أسوة بالتشخيص الصحيح في مجال الطب، هي الشرط الجوهري للنبوغ في كل من هذين الفرعين من فروع المعرفة، إضافة إلى كونه الأساس الذي لا غنى عنه لحسن تطبيق ما يتضمنه كلّ من الفرعين السابقين من أحكام”.

([13]) عبدالله، عز تالدين، القانون الدولي الخاص، تنازع القوانين، ط7، دار النهضة العربية، القاهرة، 1972، ص114.