عدم تحليف المتهم اليمين

المؤلف : عماد حامد احمد القدو
الكتاب أو المصدر : التحقيق الابتدائي
إعادة نشر بواسطة محاماة نت

كان تحليف المتهم يعتبر من أهم شكليات التحقيق والمحاكمة التي كانت تعترف بها النظم القانونية القديمة وتضع لها القواعد والضوابط اللازمة، من حيث صيغتها وكيفية أدائها والوقت المحدد لها وعقاب من يحنث عنها. ففي عهد الفراعنة كان المتهم يكلف بان يقسم بالإله على أن يقول الصدق ولا يكذب، ويعرض نفسه لأشد العقوبات إذا حنث عن يمينه. إما في فرنسا _ قديماً _ اتخذ القضاة فكرة تحليف المتهم اليمين قبل أن تسمع أقواله، فإذا فشلت التجربة اتخذت معه مختلف طرق الإكراه. وفي العصر الإسلامي اختلف فقهاء الشريعة في هذا الشأن، ولكن الراجح كان يذهب إلى عدم تحليف المتهم اليمين، ومن المتفق عليه إن اليمين لم تكن تؤدى إذا كان المدعى به حقا خالصا لله تعالى وهو الشأن في جرائم الحدود(1).

وقد جسدت هذا المعنى المادة (14) فقرة (3) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية (لا يكره المتهم على الشهادة ضد نفسه أو الاعتراف بذنبه). كما نص على هذا قانون أصول المحاكمات الجزائية (لا يحلف المتهم اليمين إلا إذا كان في مقام الشهادة على غيره)(2).

فالقاعدة العامة لا يحلف المتهم اليمين لان تحليف اليمين القانونية يعتبر من قبيل الإكراه وذلك بوضع المتهم في موقف محرج يحتم عليه إما أن يكذب وينكر الحقيقة أو يضحي بنفسه و يعترف.

أي إن التحليف يؤدي إلى أن ينازع المتهم عاملان هما المحافظة على نفسه وعدم التفريط بها وتعرضها للخطر بان يدفعه إلى ارتكاب جريمة شهادة الزور لإنقاذ نفسه أو قول الحقيقة حفاظا على معتقداته الدينية أو الأخلاقية التي يؤمن بها مما يرتب عليه تعريض المتهم نفسه إلى الإدانة في حال اعترافه بالتهمة المنسوبة إليه(3).

أو قد يسوق المتهم الخوف من الإثم إلى الإقرار بجريمة لم يرتكبها. حيث لا يحلف المتهم اليمين إلا في مقام الشهادة على غيره من المتهمين، فلو ظهر إن المتهم بعد تدوين إفادته بصفته متهماً، إن إفادته تتضمن شهادة ضد متهم آخر تفرق دعواه عن دعوى من يشهد عليه استنادا لنص المادة (125) من قانون أصول المحاكمات الجزائية ( إذا تبين للمتهم شهادة على متهم آخر فتدون شهادته وتفرق دعوى كل منهما).
______________________
1.د.محمد سامي النبراوي ،مصدر سابق،صـ56
2. فقرة (أ) من المادة (126) أصول المحاكمات الجزائية.
3. د. سامي النصراوي ،مصدر سابق،صـ67 .