لكي يستطيع الشخص المعنوي التمتع بحياته القانونية ، لابد له من خصائص معينة هي تقريباً نفسها ، الخصائص الممنوحة للشخص الطبيعي . ومن الخصائص التي يتمتع بها الشخص المعنوي ، ما تشكل لبنة في بنائه ، بحيث لا يمكن تصور قيامه بدونها ، ومن هذه الخصائص :

أولاً : اسم الشخص المعنوي(1).

وهو يستمد اما من الغرض الذي يسعى اليه او المجال الذي يمارس فيه نشاطه او من أسماء مؤسسي والقابهم وغير ذلك من اعتبارات ، ومهما كان معيار جنسية الشركة هل هو دولة التأسيس او مركز الشركة او جنسية اكثر الشركاء فان ما يعتبر من حالة الشركة ومنها الاسم ونوع الشركة والشخصية المعنوية ورأس المال وتنظيم الشركة وخاصة فيما يتعلق بتكوينها وادارتها ، اما عن كيفية تحديد الاسم ، فهي تختلف من شخص معنوي الى آخر ، فبالنسبة لاشخاص القانون العام الداخلي ، فالدستور يحدد عادة اسم الدولة ويتولى القانون تحديد اسماء الاشخاص المعنوية العامة الاخرى او ان يوكل هذه المهمة الى تشريعات فرعية تصدر استناداً اليه . اما الاشخاص المعنوية الخاصة فالاصل ان يتولى المؤسسون تحديد اسماءها باعتبار ان الاسم من البيانات الجوهرية الواجب ذكرها في طلبات التأسيس الا ان حرية المؤسسين في هذا المجال ليست سائبة ، بل مقيدة بان لا يأتي اسم المختار مخالفاً للنظام العام او الآداب ، او ان يرمز الى غاية مناهضة للغاية التي يسعى اليها الشخص المعنوي ، او ان يؤدي الى الخلط مع شخصيات معنوية(2). اخرى ، وقد يضع القانون بالنسبة لبعض الاشخاص المعنوية الخاصة اسساً يتم في ضوئها اختيار الاسم كما هو الحال بالنسبة للشركات . واخيراً قد يتدخل القانون في تحديد بعض اسماء الاشخاص المعنوية الخاصة وذلك في حالات التي تؤسس هذه الاشخاص بحكم منه وفي العراق لم يرد ذكر الاسم في المادة (48) من القانون المدني التي تكلمت عن خصائص الشخص المعنوي ، الا ان هذا لا يحمل على اساس ان الاسم لم يعتبر من خصائص الشخص المذكور(3). ويحمي القانون اسم الشخص المعنوي ، مثلما يحمي اسم الشخص الطبيعي من كل انتحال او منازعة من قبل الغير ، اذ يجوز للشخص المعنوي في مثل هذه الحالات ، طلب وقف الاعتداء على اسمه مع الحكم له بتعويض مناسب عما اصابه من ضرر وفيما يخص الشركة التابعة سواء كانت وحدة فرعية ام شركة وليدة فانه من الممكن ان يكون لها اسمها الخاص بها بما يتفق مع نوعها وشكلها ، مع مراعاة انه غالباً ما تتخذ الشركة التابعة اسمها من الشركة الام القابضة مع اضافة اسم الدولة التي تقوم فيها الشركة التابعة الى الاسم التجاري الخاص بالشركة القابضة(4).

ثانياً: أهلية الشخص المعنوي

ويترتب على اعتبار الشخص المعنوي شخصاً بوجهة نظر القانون ثبوت اهليتي الوجوب والاداء له ، اما اهلية وجوب الشخص المعنوي ونعني بها صلاحية الشخص للتمتع بالحقوق والالتزام بالواجبات(5). وهي بالنسبة للشركة ما تتمتع به من صلاحيات واختصاصات وما يمكن ان تلتزم به من واجبات ، اما اهلية اداء الشخص المعنوي باعتبارها صلاحية الشخص بالمباشرة بالتصرفات القانونية تستهدف انشاء حقوق والتزامات او استعمال الحقوق والوفاء بهذه الالتزامات(6). ان اهلية اداء الشركة لا يمكن ان تخضع الا إلى قانون واحد هو قانون الدولة التي تأسست فيها تبعاً لقوانينها واكتسبت فيها الشخصية المعنوية بناءاً على هذا التأسيس ، أي القانون الذي ولدت فيه الشركة قانوناً . اما اهلية الوجوب وهي بنسبة للشركة تخضع لقانون بلد التأسيس ايضاً الا انه بالنسبة للنشاط الذي تمارسه خارج بلدها فان هذا النشاط قد يخضع لقوانين اخرى ، فالشركة لا يمكنها مثلاً ان تملك أموالاً غير منقولة في بلد اجنبي اذا كان هذا البلد يمنع الاجانب من تملك هذه الأموال فيه ، بينما هي تتمتع بهذا الحق في بلادها .

ثالثاً: الذمة المالية للشخص المعنوي

تعرف الذمة المالية بانها (مجموع ما للشخص من حقوق وما عليه من التزامات في الحال أو الاستقبال)(7) .يتبين من هذا التعريف ان الذمة المالية تقتصر على الحقوق والالتزامات المالية دون غيرها ، وهي بعد ذلك ذات جانبين الاول ايجابي يتمثل بحقوق الشخص المالية الموجودة فعلاً أو التي ستوجد مستقبلاً ، والثاني سلبي يتمثل التزامات الشخص المالية . ومن نافلة القول ان الذمة المالية للشخص المعنوي تثبت بمجرد اكتسابه الشخصية المعنوية وهذه الذمة تكون منفصلة ومتميزة عن ذمة الافراد المكونين له ، واظهر ما يبدو ذلك في الشركات متعددة الجنسية ، اذ توجد اموال الشركة التي لا تختلط بأموال الشركاء ، فعقارات الاولى تسجل باسمها لا بأسم الشركاء وحقوقها وديونها ليست حقوقاً ولا ديوناً على هؤلاء ، كما وان حقوق الشركاء وديونهم ليست حقوقاً للشركة او ديوناً عليها ، وهذه هي الميزة الكبرى التي تحققها فكرة الشخصية المعنوية ، لأن الانفصال بين ذمة الشخص المعنوي وذمم الأعضاء الذين يتألف منهم هو الذي يضمن لذلك الشخص استقلالاً تاماً لتحقيق الأغراض الذي انشأ من اجلها . وفي التشريع العراقي نصت الفقرة (3) من المادة (48) من القانون المدني العراقي على ان للشخص المعنوي ذمة مالية مستقلة . وفيما يتعلق بالشركات متعددة الجنسية فاذا كان الوحدة الفرعية فرعاً فهي جزء غير منفصل عن المركز الاصلي يقوم بالاستثمار في الدولة المضيفة ولا يتمتع بشخصية قانونية مستقلة وان كان له وجود فعلي يتمثل في منحه قدراً من حرية الادارة في اطار الاستراتيجية العامة للشركة . اما اذا كانت الوحدة الفرعية شركة وليدة ، فانها تكتسب في الدولة المضيفة شخصية اعتبارية مستقلة عن الشركة الام القابضة ، ولكن تظل هذه الاخيرة محتفظة فيها بميزة تهيئ لها السيطرة عليها ، وتأتي هذه الميزة في الاسلوب التقليدي للقبض على ملكية الشركة الام بجزء هام من رأسمال الشركة الوليدة تتيح لها الهيمنة عليها .

رابعاً: موطن الشخص المعنوي

فضلاً عن الخصائص والميزات السابقة التي يتمتع بها الشخص المعنوي فان ثمة خصيصة تثبت له لغرض تنظيم حياته وتحديد تبعيته للدولة ، هذه الخصيصة هي الموطن ، والموطن هو المقر القانوني للشخص فيما يتعلق بنشاطه القانوني وعلاقته مع غيره من الاشخاص بحيث يعتبر موجوداً فيه على الدوام ولو تغيب عنه بصفة مؤقتة(8). وثمة تصوران للموطن ، أولهما، واقعي يحدد فيه بالمكان الذي يقيم به الشخص عادة وثانيهما حكمي يحدد فيه بالمكان الذي يوجد فيه المركز الرئيسي لأعمال الشخص ومصالحه(9). ان للشخص المعنوي موطناً مستقلاً عن موطن الاشخاص الذين يتألف منهم وهذا الموطن لا يقوم على اساس التصوير الواقعي لان من غير المتصور ان يكون للشخص المعنوي محل اقامة كالشخص الطبيعي ، بل على اساس تصوير حكمي يختلف مضمونه من تشريع لآخر ، وهناك اتجاهات اخرى تذهب الى اعتبار محل مزاولة النشاط او محل التأسيس موطناً للشخص الاعتباري ، وغالباً ما ينص القانون على اعتبار مكان مركز الادراة الرئيسي للشخص المعنوي موطناً له ولو كان غير المكان الذي يقوم فيه مزوالة نشاطه او الذي تأسس فيه أو الذي تم تسجليه فيه . ان لموطن الشخص المعنوي اهمية بالغة ، اذ ان من التصرفات القانونية ما يجب القيام به في موطن المدين كالوفاء بدين مثلاً . اما عن تحديد الموطن فقد اختلفت التشريعات الوضعية بمسألة تحديده ، ففي مصر يتحدد الموطن بالمكان الذي فيه مركز الادراة الرئيسي الفعلي ويعد الشخص المعنوي متوطناً في مصر اذا مارس نشاطه الرئيسي فيها حتى ولو كان مركز ادارته في الخارج (10). وفي العراق يعد الموطن من خصائص الشخص المعنوي ، حسبما نصت على ذلك المادة (48/6) من القانون المدني ، وهو يتحدد بالمكان الذي يتواجد فيه مركز الادارة ، اما الشركات التي يكون مركزها الرئيسي في الخارج ولها اعمال في العراق فان مركز ادارتها بالنسبة للقانون الداخلي ، هو المكان الذي فيه ادارة اعمالها في العراق.

________________________

– حسن كيرة ، المدخل الى القانون ، القاهرة ، 1971 ، ص652 .

2- سعيد عبد الكريم مبارك ، اصول القانون ، ط1 ، بغداد ، 1982 ، ص ص294-295 .

3- انظر المادة (13) من قانون الشركات النافذ .

4- محمد حسين اسماعيل ، الشركة القابضة وعلاقتها بشركاتها التابعة في مشروع قانون الشركات الأردني والقانون المقارن، 1990، طبعة أولى ، عمان ، الأردن ، ص33 .

5- منير القاضي ، مصدر سابق ، ص92 .

6- عبد الحي حجازي ، المدخل لدراسة العلوم القانونية ، الحق وفقاً للقانون الكويتي دراسة مقارنة ، مطبوعات جامعة الكويت ، 1970 ، ص402 .

7- راجع عبد الحي حجازي ، مصدر سابق ، ص538 وما بعدها .

8- راجع حسن كيرة ، مصدر سابق ، ص560 .

9- د. جعفر الفضلي ، المصدر السابق .

10- انظر المادة (396/2) من القانون المدني المصري .

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .