سحب القرار الإداري – بحث قانوني

مقال حول: سحب القرار الإداري – بحث قانوني

سحب القرار الإداري

من المتفق عليه أنه يجوز للجهة الإدارية سحب القرارات الإدارية المعيبة بعيب عدم المشروعية، وذلك مثل القرارات الإدارية التي لا تولد حقوقا أو لاعتبارات عدم الملائمة، أما بالنسبة للقرارات الإدارية المشروعة هل يجوز للجهة الإدارية مصدره القرار إن تسحب هذا القرار المشروع؟

أستاذ / سامح فكري حسن

محام

باحث قانوني
خطة البحث

مبحث تمهيدي
المبحث الأول: ماهية سحب القرار الإداري
المطلب الأول: تعريف سحب القرار الإداري
المطلب الثاني: طبيعة قرار السحب
المطلب الثالث: الأساس القانوني لحق الإدارة في السحب
المطلب الرابع: التفرقة بين السحب والإلغاء
المبحث الثاني: أنواع القرارات الإدارية من حيث مدي جواز سحبها
المطلب الأول: القرارات الإدارية السليمة
المطلب الثاني: القرارات الإدارية المعيبة
المبحث الثالث: ميعاد سحب القرار
المطلب الأول: ارتباط ميعاد السحب بميعاد الطعن القضائي
المطلب الثاني: آثار ارتباط ميعاد السحب بميعاد الطعن القضائي
المطلب الثالث: الاستثناءات من ميعاد السحب
حالة القرار المعدوم:
حالة صدور القرار بناء على غش أو تدليس:
حالة القرار الذي لم يعلن أو ينشر:
حالة القرارات المبينة على سلطة مقيدة:
المبحث الرابع: السلطة التي تملك حق سحب القرار
المبحث الخامس: آثار سحب القرار الإداري
المطلب الأول: زوال القرار المسحوب وآثاره القانونية بأثر رجعي
المطلب الثاني: أعاده الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل صدور القرار
المطلب الثالث: ما مدي شرعيه القرارات المبنية على قرارات معيبة تحصنت بفوات المواعيد المقررة للسحب قانونا
الخاتمة
المراجع
مبحث تمهيدي

إن القرارات الإدارية وبصفه عامه، تعتبر أكثر مرونة واقل استقرارا من الأعمال القانونية في مجال القانون الخاص، ومن المسلم به في فقه القانون العام الحديث أن القرارات الإدارية تخضع لقواعد مغايره تماما عن تلك التي يعرفها القانون الخاص، وأن هذه القواعد تستجيب بمرونة لمقتضيات حسن سير المرافق العامة ذلك أن المرفق العام الذي ترجعه إليه غالبيه قواعد القانون الإداري الحديثة، يخضع لثلاث أسس عامه هي: دوام سيره بانتظام واطراد، وقابليته للتغير والتبديل في كل وقت، ومساواة المنتفعين أمامه.

ومن هذه الأسس الثلاثة اشتقت معظم أسس وقواعد القانون الإداري الحديث، ومنها القواعد المتعلقة بامتيازات السلطة الإدارية(1) وتعد القرارات الإدارية من أهم مظاهر الامتيازات التي تتمتع بها السلطة الإدارية والتي تستمدها من القانون العام وأيضا وسيلتها المفضلة في القيام بوظائفها المتعددة والمتجددة في الوقت الحاضر لما تحققه من سرعه وفاعليه في العمل الإداري، وامكانيه البت من جانبها وحدها في أمر من الأمور، دون حاجه إلى الحصول على رضا ذوي الشأن، أو حتى معاونتهم وذلك بإنشاء حقوق للإفراد أو التزامات عليهم، هذا بالإضافة إلى قدره الإدارة على تنفيذها تنفيذا مباشرا وبالقوة الجبرية(2).

يمكن تعريف القرار الإداري بأنه ((إفصاح الإدارة في الشكل الذي يتطلبه القانون عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطه عامه، بمقتضي القوانين واللوائح وذلك بقصد إحداث مركز قانوني متى كان جائزا وممكنا قانونا ابتغاء تحقيق مصلحه عامه)).

والقانون الإداري يعترف للإدارة العامة، بسلطة تقديريه أو بقدر من حرية التصرف في مباشره معظم اختصاصاتها ومسئوليتها القانونية -باعتبارها الأمينة على المصلحة العامة -مثل هذه السلطة أو هذا القدر من حرية التصرف يعد بمثابة الشرط الأول لحياة وبقاء كل أداره، خاصة بعد تعاظم الدور الذي أصبحت تضطلع به الإدارية العامة في الوقت الراهن، نتيجة تشعب وتداخل مجالات ومسئوليات الدولة الحديثة(3).

وتطبيقا من المشرع لهذه السلطة التقديرية التي منحها للإدارة، فقد أعطاها الحق في سحب بعض ما تصدره من القرارات، إذا كانت هذه القرارات غير مشروعه قانونا أو كانت قرارات غير ملائمة ابتغاء للصالح العام وحسن سير المرافق العامة، وللتخفيف من على عاتق القضاء، الذي يسهر على رقابة مشروعيه القرارات الإدارية بالإلغاء والتعويض، فمنح الإدارة سلطه سحب قراراتها ليقلل بذلك من حالات اللجوء للقضاء من اجل الطعن في هذه القرارات. ويمكن التظلم من القرارات الإدارية المعيبة، ويكون المتظلم هنا بالخيار سواء بالتظلم إلى من أصدر القرار المعيب أو إلى رئيسه الأعلى.

ويسمي التظلم الأول بالتظلم الولائي أما التظلم الثاني بالتظلم الرئاسي، ويمتاز هذا الطريق بالسهولة واليسر كما انه يحقق مبدأ المشروعية بالإضافة إلى انه يحسم المراكز القانونية وهي في مهدها تفاديا للوصول بها إلى القضاء، ويعتبر القرار الصادر في التظلم قرارا إداريا تفصح به الجهة الإدارية عن إرادتها الملزمة، والدليل على ذلك انه يجوز للمضرور من هذا القرار اللجوء للقضاء للطعن فيه بالإلغاء، كما يجوز للجهة مصدره القرار (الجهة الاداري) سحب هذا القرار.

ومما لا خلاف، عليه انه يجوز للجهة الإدارية سحب القرارات الإدارية المعيبة بعيب عدم المشروعية، وذلك مثل القرارات الإدارية التي لا تولد حقوقا أو لاعتبارات عدم الملائمة، أما بالنسبة للقرارات الإدارية المشروعة هل يجوز للجهة الإدارية مصدره القرار إن تسحب هذا القرار المشروع، استقر قضاء مجلس الدولة الفرنسي ونظيره المصري على انه لا يجوز سحب القرار الإداري السليم، إلا وفقا للحدود المقررة في القانون في هذا الشأن، وهذه القاعدة مبنية على أساس عدم رجعيه القرارات الإدارية. ونظرا لأهمية موضوع سحب القرارات الإدارية غير المشروعة، فقد صيغت في صوره نظريه متكاملة ذات قواعد وشروط، صاغها مجلس الدولة الفرنسي، ونقلها عنه مجلس الدولة المصري.

ويري الدكتور احمد حافظ نجم أن سحب القرار الإداري غير المشروع يعتبر نوعا من الجزاء الذي توقعه الإدارة على نفسها بنفسها نتيجة إصدار قرار غير مشروع، توفر به على نفسها تلقي ذلك العقاب من القاضي الإداري، فيما لو طعن أحد الإفراد إمامه بعدم مشروعيه ذلك القرار، بما يجعله قاضيا بإلغائه لا محالة (4) وإذا كان كل من سحب القرار الإداري وإلغائه، يؤديان إلى نتيجة واحده وهي التخلص من القرار المعيب، إلا أن أسباب سحب القرار الإداري أوسع من أسباب الطعن بالإلغاء، فهي علاوة على احتوائها على الأسباب التقليدية للطعن بالإلغاء، فإنها تتضمن السحب لاعتبارات الملائمة ووفقا لمقتضيات المصلحة العامة، بالإضافة إلى أن اللجوء إلى طريق التظلم من القرار الإداري المعيب توصلا إلى سحبه، هو طريق سهل وميسور على المضرور من هذا القرار، لأنه يوفر عليه مؤنه اللجوء للقضاء.

وتتمثل الحكمة الأساسية من منح المشرع للجهة الإدارية مصدره القرار الحق في سحب هذا القرار، هي الوصول إلى احترام القانون وذلك من خلال التوفيق بين اعتبارين متناقضين. الأول: تمكين الجهة الإدارية من إصلاح ما ينطوي عليه قراراها من مخالفه قانونية الثاني: ويتمثل في وجوب استقرار الأوضاع القانونية المترتبة على القرار الإداري. والسحب بهذه الصورة يحفظ لمبدأ المشروعية قوته وفاعليته بإذلاله القرارات التي تصدر بالمخالفة له وتدفع الأفراد إلى احترامه(5).

ومن هذا المنطلق سوف نقسم هذا البحث إلى خمسة مباحث، نتحدث في المبحث الأول منها عن ماهية سحب القرار الإداري وذلك من حيث تعريفه وبيان طبيعته القانونية والأساس القانوني لحق الجهة الإدارية في سحب قراراتها ثم نعقد مقارنة سريعة بين كلا من السحب والإلغاء، وفي المبحث الثاني نتعرض بالحديث عن أنواع القرارات الإدارية من حيث مدي جواز سحبها ونفرق في هذا الشأن بين القرارات الإدارية السليمة ومدي جواز سحبها والاستثناءات التي ترد عليها والقرارات الإدارية المعيبة، أما في المبحث الثالث فنتعرض فيه لميعاد سحب القرار الإداري وفي المبحث الرابع نبين السلطة التي يملك حق سحب القرار الإداري ثم في خاتمة البحث نتعرض في المبحث الخامس للآثار التي تترتب على سحب القرار الإداري.

المبحث الأول: ماهية سحب القرار الإداري

نتناول في هذا المبحث الحديث عن تعريف سحب القرارات الإدارية، ثم نتناول بعد ذلك طبيعة قرار السحب، بالإضافة إلى الحديث حول الأساس القانوني لحق الجهة الإدارية في سحب ما يصدر عنها من قرارات، وأخيرا نتعرض بشيء من الإيجاز إلى التفرقة فيما بين سحب القرار الإداري وإلغاءه.
المطلب الأول: تعريف سحب القرار الإداري

اختلف الفقه الفرنسي والمصري، حول تعريف سحب القرار الإداري، وذلك الاختلاف يرجع إلى اختلاف الزاوية التي ينظر كل منهم إلى موضوع سحب القرار الإداري منها، فمنهم من ينظر إلى السحب من زاوية السلطة التي أصدره القرار بغض النظر عن طبيعة القرار نفسه، في حين ينظر جانب أخر عند تعريفه لسحب القرار الإداري إلى الطبيعة القانونية للسحب بجانب السلطة مصدره القرار.

يعرف الأستاذ دلوبادير سحب القرار الإداري: بأنه محو القرارات المعيبة بأثر رجعي عن طريق مصدرها يعيب هذا التعريف انه ينكر ما للسلطة الرئاسية من حق سحب القرارات المعيبة التي تصدر من السلطة الأدنى، فهو يقصر الحق في السحب على السلطة مصدره القرار أي ما يعرف بالتظلم الولائي فقط، وهذا هو الاتجاه الغالب في الفقه والقضاء الفرنسي، ويري الأستاذ حسني درويش عبد الحميد، تعليقا من سيادته أنه يمكن تحليل هذا الموقف إلى أن الفقهاء يعتبرون إن السحب، أذا صدر من جانب السلطة الرئاسية يعتبر إبطالا وليس سحبا.

في حين يتجه الفقه الفرنسي المعاصر إلى تعريف السحب بأنه إعدام للقرار ومحو آثاره بأثر رجعي عن طريق مصدره أو من السلطة الرئاسية (7).

أما بالنسبة لتعريف سحب القرار الإداري في الفقه المصري، ذهب الفقيه الكبير سليمان الطماوي إلى أن السحب هو إلغاء بأثر رجعي (8). ويمتاز هذا التعريف بالسهولة واليسر، فهو يبين إن السحب ينطوي على شقين، الأول هو الإلغاء أي إنهاء الوجود المادي والقانوني للقرار المسحوب، والشق الثاني يبين أن القرار المسحوب ينتهي وتنتهي كل أثاره سواء بالنسبة للمستقبل وكذلك الماضي، فيعيد الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل صدور القرار.

يعرف الدكتور عبد القادر خليل سحب القرار الإداري بأنه هو عمليه قانونيه تمكن السلطة الإدارية من أعاده النظر في القرار الذي أصدرته بالنسبة للماضي والمستقبل بأثر رجعي.

ويعرف الدكتور حسني درويش عبد الحميد السحب بأنه رجوع الإدارة سواء مصدره القرار الإداري آو السلطة الرئاسية في قرار أصدرته بالمخالفة للقانون ويكون السحب بأثر رجعي (9).

ويعرفه الدكتور احمد حافظ نجم بانه إلغاء القرار بأثر رجعي منذ تاريخ صدوره وبالتالى إلغاء كافة الآثار التي ترتبت على صدوره في الماضي أو التي يمكن إن تترتب مستقبلا على صدوره. أي إن سحب القرار الإداري يؤدي إلى اعتبار ذلك القرار كأن لم يصدر أصلا (10).

ويتضح لنا إن كل التعريفات السابقة، تتفق في مضمونها على مجموعة من النقاط وهي:

إن السحب هو محو للقرار الإداري.

انه لابد وان يترتب على السحب إلغاء الآثار المترتبة على القرار فيما يتعلق بالماضي، وكذلك التي يمكن أن تترتب في المستقبل.

إن السحب يعيد الأوضاع إلى ما كانت عليه.

المطلب الثاني: طبيعة قرار السحب
من الأمور المسلم بها قانونا، أن المشرع قد أعطي الجهة الإدارية مصدره القرار الحق في سحب هذا القرار طبقا للإجراءات والقواعد التي يحددها القانون في هذا الشأن، إذا رأت أن هذا القرار مخالف للقانون أو انه غير ملائم للظروف التي صدر في ظلها، وذلك يعتبر تطبيقا لمبدأ السلطة التقديرية التي منحها المشرع للإدارة وتحقيقا لمبدأ المشروعية.

وإمعانا من المشرع في السمو بمبدأ المشروعية، والحفاظ على حقوق الأفراد والوقوف أمام طغيان الإدارة وجموحها الذي يتزايد، فقد أعطي لكل ذي شأن الحق في الطعن في القرارات الإدارية المعيبة، وحدد المشرع طرق هذا الطعن في طريقتين هما التظلم الإداري والطعن القضائي.

أولا: التظلم الإداري:

كما ذكرنا فيما سبق أن هذا الطريق طريق سهل وميسور على المضرور، ويكون لذوي الشأن في هذا النوع من التظلم، أن يتقدم بتظلمه للجهة مصدرة القرار أو للسلطة الرئاسية، ويسمي النوع الأول بالتظلم الولائي، والنوع الثاني بالتظلم الرئاسي.

ثانيا: الطعن القضائي:

هذا هو الطريق الثاني أمام ذوي الشأن، وهو اللجوء للقضاء طالبا الحكم بإهدار القرار وأثاره القانونية من وقت نشأته وزوال أثاره بأثر رجعي، ويعيب هذا الطريق انه وعر المسلك شديد الوطأة، ويتميز بإجراءاته المعقدة وأطاله أمد التقاضي.

ويتضح مما تقدم أن لصاحب الشأن، الحق في الاختيار فيما بين الطريق القضائي والطريق الإداري (وذلك فيما عدا حالات التظلم الإجباري) كما أن صاحب الشأن لا يحرم من حقه في التظلم الإداري إذا هو ولج الطريق القضائي، فإذا اختار صاحب الشأن طريق التظلم ولم يفلح في الحصول على حقه وطرحت الإدارة وجهة نظره واعتبرت أن قرارها متسق مع صحيح القانون، فان له الحق في ولوج الطريق القضائي طالبا الحكم له في مسألته (11).

ويعتبر القرار الصادر في التظلم، قرارا إداريا تفصح به الجهة الإدارية عن إرادتها الملزمة في رفض تظلم ذوي الشأن، ويترتب على ذلك أن لذوي الشأن الحق في الطعن في هذا القرار أمام القضاء، كما يحق للجهة مصدره القرار أو للسلطة الرئاسية حق سحبه.

وتأكيدا للطابع الإداري للقرار الساحب، قد استقر القضاء الإداري المصري في شأن القرار التأديبي انه ليس حكما قضائيا بل هو قرار إداري يخضع لما تخضع له القرارات الإدارية من أحكام، وذلك على الرغم من أن الإجراءات التأديبية تسير على غرار الإجراءات المتبعة أمام المحاكم القضائية.

ويتضح لنا مما سبق أن طبيعة القرار الساحب هي طبيعة إدارية، فقرار السحب ما هو إلا قرار إداري يخضع وبصفة عامه إلى ما تخضع له القرارات الإدارية من أحكام وهذا ما استقر عليه الفقه في كلا من فرنسا ومصر، وذلك على خلاف الأحكام القضائية فهي تتمتع بحجية الشيء المقضي فيه، والتي لا يجوز الطعن فيها إلا وفقا للطرق التي حددها القانون للطعن في الأحكام القضائية.

وفي هذا المعني يقول العميد سليمان الطماوي ((إن السحب الإداري يتم بقرار إداري يخضع لكافة القواعد والأحكام المنظمة للقرارات الإدارية. فالقرار المسحوب إذا كان سليما لا يجوز الرجوع فيه إلا وفقا للحدود المقررة في هذا الخصوص، فإذا كان غير مشروع فانه لا يمكن الرجوع فيه إلا في خلال مدد الطعن)) (12).

وفي هذا المعني يقول محكمة القضاء الإداري (الحكم القضائي هو الذي تصدره المحكمة بمقتضي وظيفتها القضائية ويحسم على أساس قاعدة قانونيه خصومه قضائية تقوم بين خصمين وتتعلق بمركز قانوني خاص أو عام، ولا ينشئ الحكم مركزا قانونيا جديدا، وإنما يقرر في قوه الحقيقة القانونية وجود حق لأي من الخصمين أو عدم وجوده، فيعتبر عنوان الحقيقة فيما قضي به متى حاز قوه الشيء المقضي به (13).

وكما هو ظاهر فالحكم القضائي هو الذي يكتسب حجية الشيء المقضي به، وهذه صفه جوهريه تتصل بالإحكام القضائية وحدها أما قرارات السحب الصادرة من الإدارة فهي قرارات إدارية وليست قرارات قضائية ويرجع ذلك إلى التباين في وظيفة كل من القرار الإداري والحكم القضائي (14).

ونخلص من ذلك كله إلى أن قرارات السحب، سواء كانت صادره من السلطة مصدره القرار أو من السلطة الرئاسية لها، ما هي إلا قرارات إدارية يجوز الرجوع فيها جلال المدة المقررة للسحب قانونا، وانه يلزم لصحتها الأركان المقررة قانونا لصحة القرارات الإدارية، من حيث الاختصاص والسبب والشكل والغاية والمحل.

المطلب الثالث: الأساس القانوني لحق الإدارة في السحب
من المسلم به إن المشرع لم يمنح الجهة الإدارية الحق في سحب ما تصدره من قرارات، إلا من اجل منحها فرصه لتصحيح الأوضاع المخالفة للقانون ورد تصرفاتها إلى نطاق المشروعية وتحقيق الصالح العام.

ولكن ما هو ذلك الأساس القانوني، الذي يعطي الحق للجهة الإدارية في سحب بعض ما تصدره من قرارات، هل هو تحقيق مبدأ المشروعية أم تحقيق الصالح العام أم الرغبة في ضرورة استقرار الأوضاع والمراكز القانونية للإفراد، اختلف الآراء الفقهية التي قيل بها لتبرير حق الإدارة في سحب قراراتها المعيبة فردوها إلى عده نظريات وذلك على النحو التالي:

*النظرية الأولي: نظرية المصلحة الاجتماعية.

إن المستقر في القضاء الإداري أن سحب القرارات، قد شرع لتمكين الجهة الإدارية من تصحيح خطاء وقعت فيه، ويقتضي ذلك أن يكون القرار المراد سحبه قد صدر مخالفا للقانون، أما إذا قام القرار الإداري على أسس صحيحة مستوفيا شروطه القانونية فانه يمتنع على جهة الإدارة سحبه، لانتفاء العلة التي من اجلها شرعه قواعد السحب وذلك احتراما للقرار واستقرارا للأوضاع وتحقيقا للصالح العام، وقد اجمع الفقه المصري والفرنسي على أن القرار المعيب يتحصن من السحب والإلغاء، بمرور مدد الطعن القضائي دون الطعن عليه بالإلغاء حيث يصبح القرار في هذه الحالة مشروعا(15).

ويري الدكتور عبد القادر خليل، أن المصلحة العامة هي الأساس القانوني لحق الإدارة في سحب قراراتها الإدارية، فالمصلحة العامة هدف عام يجب أن تسعي الإدارة إلى تحقيقه أثناء مباشره سلطتها وإدارتها للمرافق العامة، فان تجاوزته فان تصرفها يوصم بعيب بالانحراف.

فأصحاب هذه النظرية، يذهبون إلى أن الأساس الذي من اجله منحت الإدارة الحق في سحب قراراتها، هو ضرورة استقرار المراكز والأوضاع القانونية للإفراد لان في ذلك وبلا شك تحقيقا للصالح العام (أو المصلحة الاجتماعية للإفراد) فهم يغلبون مبدأ استقرار الحقوق والمراكز القانونية علي، مبدأ المشروعية واحترام القانون لان في مراعاتها ضمان حسن سير المرافق العامة بانتظام واطراد.

*النظرية الثانية: نظريه احترام مبدأ المشروعية

يتزعم هذا الاتجاه العميد ديجي فيذهب سيادته إلى أن الأساس القانوني لحق الإدارة في سحب قراراتها المعيبة هو مبدأ المشروعية. وعلى هذا المبدأ يجب على الإدارة أن تلتزم في إصدار قراراتها باحترام مبدأ المشروعية، وان يكون هذا المبدأ هو المهيمن على كافة تصرفاتها، فإذا هي خالفته بالخروج عليه وجب عليها الرجوع في قراراتها المخالفة للقانون، ولا تثريب عليها إن هي عادت إلى حظيرة القانون في أي وقت.

ويقول العميد ديجي أن هذا المبدأ ليس له، ولا يمكن أن يكون له، ولا يجب أن يكون له، أي استثناء وانطلاقا من هذا المبدأ، فلجهة الإدارة حق الرجوع في قراراتها أو تصحيح الأخطاء القانونية التي تقع فيها في كل وقت وانه ليس لأحد أن يشكو من سحبها لقراراتها الإدارية لان هذه السلطة إذا تقررت فهي مقرره لمصلحه الأفراد، وانه إذا أضر هذا السحب بأحد فيكفي أن يقرر له الحق في التعويض.

وانتهي العميد ديجي إلى أن مبدأ المشروعية يجب أن يكون هو الأعلى ومن ثم له الأولوية والغلبة دائما، على مبدأ المساس بالمراكز الفردية المكتسبة كلما حدث تعارض بينهما وحجته في ذلك، إن القرار الباطل لا يولد حقوقا، وبناء على ذلك يري إمكان سحب القرار الباطل في كل وقت، تحقيقا لمبدأ المشروعية والقول بغير ذلك يعرض مبدأ المشروعية للخطر، وهو ما لا يمكن التسليم به.

وفي رأيي، إن ما نادي به العميد ديجي لا يمكن التسليم به في كافة جوانبه، لأنه يغالى في الدفاع عن مبدأ المشروعية ويجعله اعلي من اعتبارات ضرورة استقرار الأوضاع والمراكز القانونية للإفراد، فهو يري أن من حق الجهة الإدارية الحق في السحب في أي وقت وغير مقيده بمده معينه مدام أن القرار معيب. فهذا أن كان من شانه أن يودي إلى احترام مبدأ المشروعية، إلا انه سوف يودي إلى زعزعه استقرار المراكز والأوضاع القانونية للإفراد، ويؤدي إلى الإضرار بالصالح العام في النهاية.

وذهب القضاء الإداري إلى تقرير مبدأ ((ضرورة استقرار المراكز والحقوق القانونية للإفراد مع الوضع في الاعتبار ضرورة العمل على احترام مبدأ المشروعية)).

ومن أحكام قضائنا الإداري والذي يؤيد هذه الوجهة من النظر ((من المقرر في قضاء هذه المحكمة بان سحب القرارات الإدارية لا يجوز حصوله بعد انقضاء ستين يوما على صدورها، ولا اعتبار لما تدفع به الحكومة من أن المسالة لا تعدو أن تكون خطا وقعت فيه عند حساب مدة خدمه المدعي بسبب عدم دقه الموظفين المختصين، فلما استبان لها هذا الخطأ أصلحته ورده الأمر إلى نصابه الصحيح أخذا بالقاعدة الأصلية، إن الخطاء لا يجوز إغفاله والإبقاء عليه وهو لا يكسب احد حقا ويضفي عليه مركزا قانونيا جدير بالاحترام، لأنه يقابل هذه القاعدة قاعدة أصليه أخري، هي أحق بالرعاية وأولي بالتقديم ومن مقتضاها كفاله الاستقرار وتوفير الطمأنينة لحفظ المراكز القانونية وجعلها بمنأى عن الزعزعة والاضطراب ولو كانت مشوبة بعد فوات الوقت الذي عينه القانون للطعن عليها من جانب ذي الشأن عن طريق دعوا الإلغاء……..)) (16).

وفي حكم آخر لقضائنا الإداري “إذا تحقق بناء على القرار مراكز قانونية فردية تستلزم صالح العمل واستقرار انتظام العاملين وحسن سير المرافق العامة التي تتولاها الإدارة، إن تستقر تلك المراكز القانونية وتتحصن ما دامت قد فاتت على الإدارة فرصه تصحيحها خلال مده الطعن القضائي”.

وفي حكم أخر ” من المبادئ المقررة انه لا يجوز لجهة الإدارة سحب قرار إداري أصدرته في حدود اختصاصها أو العدول عنه متي ترتب على هذا القرار حق للغير إذا مضت المواعيد المقررة للطعن فيه بالإلغاء إذا بمضي هذه المواعيد يكتسب القرار الإداري حصانه لا يجوز بعدها سحبه أو إلغاؤه لأي سبب كان ولو كان خطا أو مخالفا للقانون. (17).

ومن استقراء الإحكام السابقة، يتبين لنا بوضوح إن القضاء مستقر على مبدأ ضرورة استقرار الأوضاع والمركز القانونية للإفراد، مع الوضع في الاعتبار ضرورة عدم إهمال مبدأ المشروعية واحترام القانون، فوضع ميعاد للطعن في القرار المعيب أو التظلم منه يعتبر بلا شك توفيق بين الاعتبارات المختلفة.

المطلب الرابع: التفرقة بين السحب والإلغاء
سوف نتناول في هذا المبحث التفرقة فيما بين دعوي الإلغاء، والقرار الساحب وذلك في النقاط التالية:

أولا: من حيث التعريف:

*سحب القرار الإداري ((هو قيام الجهة الإدارية بمحو القرار الإداري وإلغاء كافة آثاره، بالنسبة للمستقبل والماضي)) ومن التعريف يتبين لنا أن الجهة التي تملك سحب القرار الإداري، هي الجهة الإدارية سواء مصدره القرار أو السلطة الرئاسية لها.

أما دعوي الإلغاء ((هي الدعوي التي يرفعها صاحب الشأن أمام القضاء الإداري المختص، للمطالبة بإلغاء قرار إداري نهائي صدر مخالفا للقانون)) ومن التعريف يتبين لنا إن الإلغاء هي دعوي قضائية، يرفعها ذوي الشأن للإلغاء القرار الإداري.

ثانيا: من حيث الطبيعة القانونية:

*بالنسبة لقرار السحب فتعرفنا فيما سبق على انه قرار إداري، يخضع لما تخضع له تلك القرارات من أحكام، فيجوز للجهة الإدارية سحبه ونحيل إلى ما سبق.

*إما دعوي الإلغاء، فهي دعوي قضائية موضوعية تنصب على القرار الإداري ذاته للمطالبة بإلغائه لعدم مشروعيته، والحكم الصادر فيها حكما قضائيا يتمتع بما تتمتع به الإحكام من حجية الشيء المقضي فيه، فلا يجوز الرجوع فيه.

ثالثا: من حيث شروط قبول التظلم أو الطعن:

*بالنسبة لقرار السحب، فيشترط لقبول التظلم المقدم من ذوي الشأن أن يكون القرار المراد سحبه مشوبا بعيب عدم المشروعية، وان يتم إجراء السحب في الميعاد المقرر لذلك قانونا.

*أما دعوي الإلغاء، فيشترط لقبولها أن يكون محل الإلغاء قرارا إداريا نهائيا وان يتم رفع الدعوي في الميعاد المحدد لذلك قانونا وان تتوافر مصلحه مباشره يقرها القانون لرافع الدعوي (18).

رابعا: من حيث أسباب التظلم أو الطعن:

*بالنسبة لقرار السحب، فأسباب سحب القرار الإداري، أوسع من أسباب الطعن بالإلغاء فهي علاوة على احتوائها على الأسباب التقليدية للطعن بالإلغاء، فإنها تتضمن السحب لاعتبارات الملائمة، ووفقا لمقتضيات المصلحة العامة.

*أما أسباب الطعن بالإلغاء، فهي مقصورة على عيوب الاختصاص والشكل والمحل وعيب الانحراف بالسلطة (19)

خامسا: من حيث المواعيد:

*بالنسبة لقرار السحب، للإدارة إن تسحب القرار المعيب خلال ستين يوما من تاريخ صدوره، وفي حالة رفع دعوي الإلغاء فيكون للإدارة الحق في أن تسحب القرار ما لم يصدر حكم في الدعوي، ولكن حق الإدارة في هذه الحالة الأخيرة يتقيد بطلبات الخصم في الدعوي أي بالقدر الذي تملكه المحكمة “أي مجلس الدولة”(20).

*أما دعوي الإلغاء، تنص المادة 24 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنه 1972 في فقرتها الأولي على إن ” ميعاد رفع الدعوي إمام المحكمة فيما يتعلق بطلبات الإلغاء ستون يوما من تاريخ نشر القرار الإداري المطعون فيه في الجريدة الرسمية أو في النشرات التي تصدرها المصالح العامة أو إعلان صاحب الشأن به”.

سادسا: من حيث طريقة رفع التظلم:

*بالنسبة لقرار السحب، وهنا يكون ذوي الشأن بالخيار بين أن يقدم تظلمه إلى الجهة مصدره القرار ويسمي التظلم في هذه الحالة بالتظلم الولائي، وإما أن يتقدم بتظلمه إلى الجهة الرئاسية للجهة مصدره القرار ويسمي التظلم هنا بالتظلم الرئاسي، ويمتاز هذا الطريق بالسهولة واليسر، كما انه يحقق مبدأ المشروعية بالإضافة إلى انه يحسم المراكز القانونية وهي في مهدها تفاديا، للوصول بها إلى القضاء.

*أما دعوي الإلغاء، حددت المادة 25 من قانون مجلس الدولة طريقة رفع الدعوي وهي “يقدم الطالب إلى قلم كتاب المحكمة المختصة بعريضة موقعة من محامي مقيد بجدول المحامين المقبولين أما تلك المحكمة، وتتضمن العريضة عدا البيانات العامة المتعلقة باسم الطالب ومن يوجه إليهم الطلب وصفاتهم ومحال إقامتهم موضوع الطلب وتاريخ التظلم من القرار إن كان مما يجب التظلم منة ونتيجة التظلم وبيان بالمستندات المؤيدة للطلب ويرفق بالعريضة صوره أو ملخص من القرار المطعون فيه، ويعيب هذا الطريق انه وعر المسك شدد الوطأة ويتميز بإجراءاته المعقدة وأطاله أمد التقاضي(21).

المبحث الثاني: أنواع القرارات الإدارية من حيث مدي جواز سحبها
من المسلم به في القانون الإداري، أن الجهة الإدارية تملك الحق في سحب ما يصدر عنها من قرارات، ولكن المشكلة التي تطرح نفسها على بساط البحث هي أي نوع من القرارات تملك الإدارة سحبها، فالقرارات الصادرة من الإدارة كما نعلم ليست على نفس الشاكلة فهناك القرارات السليمة، وهي التي صدرت متفقة مع أحكام القانون، وهناك القرارات المعيبة، والتي أصابها عيب من عيوب عدم المشروعية، فهل تملك الجهة الإدارية سحب كل ما يصدر عنها من قرارات، أم أن هناك قرارات إدارية لا تملك الجهة الإدارية سحبها وان كان الأمر كذلك فما هو السبب من منعها.

ومن هذا المنطلق سوف نقسم هذا المبحث إلى مطلبين، نتحدث في الأول عن نهاية القرارات الإدارية السليمة، ثم ننتقل للحديث عن نهاية القرارات الإدارية المعيبة، وذلك في المطلب الثاني.

المطلب الأول: القرارات الإدارية السليمة
يرى القضاء الإداري في فرنسا ومصر عدم جواز سحب القرارات السليمة، سواء أكانت لائحية أم فردية، إذا أن السحب بما له من أثر يمتد إلى الماضي لا يتفق وقاعدة عدم رجعية القرار الإداري.

(أ‌)القرارات الفردية:

استقر القضاء الإداري المصري على أن: “القرارات الإدارية التي تولد حقاً أو مركزاً شخصياً للأفراد لا يجوز سحبها في أي وقت متى صدرت سليمة، وذلك استجابة لدواعي المصلحة العامة التي تقتضي استقرار تلك الأوامر”(22).

فالقاعدة العامة هي عدم رجعية القرارات الإدارية، فالأصل إن آثار القرار الإداري السليم تمتد إلى المستقبل ولا تنصرف إلى الماضي. وذلك حماية للمراكز القانونية التي كانت قائمة قبل صدور القرار (23).

وذهب العميد سليمان الطماوي في تأصيل هذه القاعدة إلى القول.” أن القرار الإداري السليم لا يمكن سحبه تأسيسا على مبدأ عدم رجعيه القرارات الإدارية، وذلك أن القرار الساحب فيما لو أبيح له سحب القرارات الإدارية السليمة سيكون رجعيا من حيث اعدام أثار القرار المسحوب من تاريخ صدور هذا القرار الأخير، وليس هناك من سبب معقول لتحريم الرجعية في حالة القرارات التي تنشئ أو تعدل مراكز قانونية، وإباحتها بالنسبة إلى القرارات التي تلغي مراكز قانونية “. (24).

وتقول محكمة القضاء الإداري في أحد أحكامها (25).” من حيث أن سحب القرارات الإدارية قد شرع لتمكين جهة الإدارة من تصحيح خطا وقعت فيه ويقتضي ذلك أن يكون القرار المراد سحبه صدر مخالفا للقانون. أما إذا قام القرار الإداري على أسس صحيحة مستوفيا شرائطه القانونية فانه يمتنع على جهة الإدارة سحبه لانتفاء العلة التي شرعت من اجلها قواعد السحب، وذلك احتراما للقرار واستقرارا للأوضاع تحقيقا للمصلحة العامة “

ونخلص مما سبق، إلى أن الفقه والقضاء مستقر في مصر وفرنسا على أنه لا يجوز سحب القرارات الإدارية السليمة، وذلك تأسيسا على مبدأ عدم رجعيه القرارات الإدارية وضرورة استقرار الأوضاع والمراكز القانونية الناشئة عن تلك القرارات.

فمشروعية سحب القرار الإداري بما يستتبعه ذلك من أثر رجعي مناطها بالتحديد “تمكين الجهة الإدارية من تصحيح خطأ وقعت فيه” وتعيبّ به القرار الصادر عنها، فلا محل له إذن ما دام القرار قد صدر صحيحاً مستوفياً لكافة شرائطه القانونية”(26). وبالتالي فإن أساس فكرة السحب هي فكرة عدم المشروعية وليس عدم الملائمة “الأصل في السحب أو الرجوع في القرارات الإدارية ألا يقع أيهما إعمالاً لسلطة تقدير أو لاعتبارات الملائمة”(27).

وقد استثنى القضاء الإداري المصري من جواز سحب القرارات الإدارية السليمة حالة فصل الموظفين، فقضت محكمة القضاء الإداري بأن سحب القرار الصادر بفصل المدعي سواء كان صحيحاً أو غير صحيح جائز في كلتا الحالتين ما دام قد تم في خلال الستين يوماً المحددة لتقديم طلب الإلغاء “لأنه إذا اعتبر مخالفاً للقانون فلا جدال في جواز سحبه… ولأنه إذا اعتبر مطابقا ًللقانون فالسحب هنا جائز استثناء لاعتبارات تتعلق بالعدالة…”.

فقد استقر القضاء الإداري في شانها على حق الجهة الإدارية في سحبها في أي وقت، تأسيسا على إن مثل هذه القرارات لا تولد حقوقا أو مزايا للغير (28). ويعلق الدكتور سلمان الطماوي على هذه الاستثناء بقوله ” ونحن رغم تسلمنا بنبل الاعتبارات التي يصدر عنها هذا النظر، فإننا لا نحبذ التوسع في سحب القرارات التي من هذا النوع، فلقد رأينا إن فكره عدم رجعيه القرارات الإدارية لا تستند إلى مجرد فكرة احترام الحقوق المكتسبة والمراكز الشخصية، بل تقوم على اعتبارات أخري تتعلق بممارسه الاختصاصات الإدارية في حدود القانون، وان ممارسه لاختصاص إنما تكون بالنسبة إلى المستقبل. ولو فتحنا هذا الباب على مصراعيه، فإننا نخشى المحسوبية بان يجئ في أي وقت من الأوقات رئيس إداري أو هيئه إدارية تكون له وجهة نظر معينه، فتسحب مثلا العقوبات الموقعة على موظف لمجرد تمكينه من الترقية رغم ما تكون تلك العقوبات قد قامت عليه من أسباب تبررها. أو إن تسحب الإدارة القرار الصادر برفض الترخيص لفرد بفتح محل عام لمنحه اولويه معينه مثلا. ومن ثم فإننا نري عدم أباحه الرجعية في هذه الحالات إلا في أضيق الحدود، ويكفي لإصلاح الآثار التي تترتب على القرار المراد سحبه إصدار قرار جديد وفقا للأوضاع القانونية السليمة وبأثر مبتدأ في الحالات التي يجوز فيها ذلك”(29).

وتأييدا لهذا الرأي أفتت الجمعية العمومية للقسم الاستشاري بمجلس الدولة في 19يونيه 1955 الفتوى رقم 173 بأنه لا يجوز سحب القرارات التأديبية الصادرة من الرؤساء بقولها “إن مشروعيه سحب القرارات التأديبية التي تصدر من وكلاء الوزارات ورؤساء المصالح – في فهم القانون الإداري- تقوم أساسا على تمكين جهة الإدارة من تصحيح خطا وقعت فيه، ويقتضي ذلك أن يكون القرار المراد سحبه قد صدر مخالفا للقانون، أما إذا قام الجزاء التأديبي على أسباب صحيحة مستوفيا شرائطه القانونية، فانه يمتنع على جهة الإدارة أن تنال منه سواء بالسحب أو الإلغاء أو التعديل لانتفاء العلة التي شرعت من اجلها قواعد السحب والتظلم، وذلك احتراما للقرار، واستقرارا للأوضاع وتحقيقا للمصلحة العامة التي تتطلب أن يكون الجزاء التأديبي زجرا لمن وقع عليه، وعبره لغيره من الموظفين”.(30).

على أنه لا يقاس على حالة إنهاء الخدمة بالفصل إنهائها بطريق الاستقالة الصريحة أو الضمنية، فسحب القرار السليم بقبول الاستقالة يخضع للأصل العام في عدم جواز سحب القرارات الإدارية السليمة ذلك لأنه لا يسوغ لجهة الإدارة سحب القرار الصادر بإنهاء الخدمة استنادا إلى الاستقالة الصريحة أو الضمنية لأن سحب قرار انهاء الخدمة في هذه الحالة ينطوي على أهدار الإدارة للضوابط والشروط التي فرضها المشرع على الإدارة عند إعادة العامل إلى الخدمة وحساب المدة التي قضاها خارج الوظيفة.

وبالنسبة للقرار الفردي لا يجوز سحبه إلا استثناء في الحالات القليلة التي لا يولد فيها حقوقا مكتسبة كما سبق القول. وذلك كما هو الحال في القرارات التأديبية. لذلك أجاز مجلس الدولة سحب قرار فصل الموظف، بشرط ألا يكون قد تم تعيين موظف آخر في الوظيفة التي خلت بالفصل، حتى لا يمس قرار السحب بحقوق هذا الموظف الجديد. ويعلل الفقه جواز سحب مثل هذا القرار بالاعتبارات الإنسانية ومسائل العدالة، إذ أن إعادة تعيين الموظف الذي سبق فصله قد يكون من الأمور الصعبة بسبب شروط التعيين مثلا. كما أن التعيين الجديد قد يضر بالموظف فيما يتعلق بأقدميته وما له من مدة خدمة(31).

فقد قضت محكمة القضاء الإداري بأنه: “لئن كان الأصل في السحب أو الرجوع في القرارات الإدارية لا يقع أيهما أعمالاً لسلطة تقديرية أو لاعتبارات الملائمة إلا أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على جواز إعادة النظر في قرارات الفصل من الخدمة سواء أعتبر قرار الفصل صحيحاً أو غير صحيح فسحبه جائز لاعتبارات انسانية تقوم على العدالة والشفقة إذ المفروض أن تنفصم صلة العامل بالوظيفة بمجرد فصله ويجب لإعادته إلى الخدمة أن يصدر قرار جديد بالتعيين كما يجب احساب المدة التي قضاها خارج الوظيفة في أقدميته أو يتم كل ذلك وفقاً للقيود والأوضاع التي فرضها القانون(32).

فمن البديهي إن جزاء الفصل من الخدمة الذي توقعه الإدارة على الموظف، يعتبر من أكثر الجزاءات شدة على الإطلاق، لذلك فلا تلجا إليه الإدارة إلا إذا اقترف الموظف خطأ على قدر كبير من الجسامة يبرر تطبيق هذا الجزاء علية لأنه يضع نهاية لحياته الوظيفية.

وباستقراء الأحكام المختلفة للقضاء الفرنسي والمصري، نجد أنها قد استثنت قرارات فصل الموظفين من تطبيق القواعد العامة للسحب عليها، حيث قررت انه يجوز سحب قرارات فصل الموظفين سواء كانت تلك القرارات سليمة أم معيبة، ولكن كانت هناك بالتأكيد بعض التحفظات من قبل تلك الأحكام.

*موقف القضاء والفقه الفرنسي:

القاعدة مستقرة في فرنسا، على انه يجوز سحب القرارات الصادرة بفصل الموظفين سواء كانت هذه القرارات سليمة أم معيبة ودون التقيد بميعاد، وقد رد الفقه والقضاء هذا الاستثناء إلى اعتبارات العدالة والشفقة بالموظف المفصول، أي قيامها على اعتبارات إنسانية بحته. (33).

وقد قيد قضاء مجلس الدولة الفرنسي سحب قرار الفصل السليم، بالا تكون الإدارة قد عينت في وضيفة المفصول موظف آخر تعيينا سليما وذلك لان معني السحب في هذه الحالة فصل الموظف المعين بطريقة قانونية وبأداة مشروعة، ولما في ذلك من اضطراب وإخلال بحسن سير المرفق العام. (34).

بالإضافة إلى ما سبق فان القضاء الفرنسي مستقر في شأن عوده الموظف المفصول بطريقة غير مشروعة إلى استحقاقه تعويض عما أصابه من ضرر من جراء الفصل، فالتعويض يعتبر اقل ما يجب لجبر ما أصاب ذلك الموظف من ضرر.

*موقف القضاء المصري:

وقد ساير القضاء المصري قضاء مجلس الدولة الفرنسي، حيث استقر على أن قرار الفصل سواء اعتبر صحيح أو غير صحيح فسحبة جائز على أي الحالين، لأنه إذا اعتبر مخالفا للقانون فلا خلاف في جواز سحبه إذ أن السحب يكون مقصود به مفاداة الإلغاء القضائي، أما إذا كان القرار سليما ومطابقا للقانون فسحبه جائز استثناءا، وإذ ولو أن السحب لا يتم أعمالا لسلطه تقديريه إلا انه من الجائز أعاده النظر في قرارات فصل الموظفين وسحبها لاعتبارات تتعلق بالعدالة، لان المفروض أن تنقطع صله الموظف بالوظيفة بمجرد فصله وانه يجب لإعادته إلى الخدمة صدور قرار جديد بالتعين، وذلك قد يحدث جلال فتره الفصل أن تتغير شروط الصلاحية للتعين، وقد يغدو أمر التعين مستحيلا، أو قد يوثر الفصل تأثيرا سيئا في مده خدمه الموظف أو في اقدميته، ومن جهة أخري قد تتغير الجهة التي تختص بالتعيين فتصبح غير تلك التي فصله الموظف، وقد لا يكون لديها الاستعداد لإصلاح الأذى الذي أصاب الموظف بفصله أو غير ذلك من اعتبارات العدالة التي توجب علاج هذه النتائج الضارة.

ومن القواعد التي قررها القضاء الإداري في هذا الشأن أن أعاده الموظف إلى عمله بعد سحب قرار الفصل لا يعتبر تعين جديد بل تصحيح لوضع خاطئ ومن الإحكام الصادرة في هذا الشأن الحكم الصادر في 19/4/1954 “متي ثبت إن قرار فصل المدعي قد الغي اكتفاء بجزاء بالخصم يوقع عليه فليس هناك محل لكف المدعي عن مباشره عمله تنفيذا لقرار لم يصبح له وجود بعد أن سحبته الجهة التي أصدرته وبالت إلى فان القرار الذي يقضي بإعادة المدعي إلى الخدمة لا يعتبر تعيننا جديدا مادام إن فصله عن العمل قد أصبح سحبه غير قائم ويعتبر قرار أعاده المدعي إلى عمله تصحيحا لوضع خاطئ ترتب على تنفيذ قرار بالفصل غير موجود ولم تنفصل به علاقة المدعي بوظيفته ولا يغير من هذا النظر ما نص في هذا القرار من أعاده المدعي في درجه اقل من درجته ولا قبوله الإعادة على هذا الوضع”(35).

إما إذا كان أعاده المدعي إلى عمله قد تم بعد ستين يوما على صدور قرار صحيح بالفصل يعتبر تعيينا جديدا وفي هذا المعني تقول محكمة القضاء الإداري في حكمها الصادر في 22/4/1953 “إن أعاده المدعي إلى العمل بعد مضي أكثر من ستين يوما على صدور قرار فصله الذي صدر صحيحا لا يعتبر بمثابة سحب للقرار لأنه أصبح حصينتا من السحب بمضي ستين يوم على تاريخ صدوره وإنما تكون إعادته إلى الخدمة تعينا جديدا”(36).

ومن المبادئ التي قررتها محكمه القضاء الإداري إن سحب قرار الفصل وأعاده الموظف إلى عمله لا يترتب عليه المساس براتبه ففي الحكم الصادر منها في 4/6/1953 تقول” مادام إن الحكومة لم تكن محقه في فصل المدعي من الخدمة بسبب عدم لياقته الطبية وهي إذا استجابت إلى مظلمته وسحبت قرار الفصل واعدته إلى الخدمة فقد كان واجبا عليها تطبيقا لقرار مجلس الوزراء سالف الذكر عدم المساس براتبه الذي كان يتقاضاه من قبل في وظيفته الأصلية”(37).

(ب‌)القرارات اللائحية:

من المسلم به في القانون الإداري، إن جهة الإدارة تتمتع بالحق في تعديل أو إلغاء قراراتها التنظيمية، وذلك دون التقيد بميعاد، فقد استقر الفقه والقضاء في فرنسا ومصر على تأكيد تلك القاعدة. باعتبار أن القرارات التنظيمية لا تكسب حقوقا شخصية للأفراد، بل تنشئ مراكز قانونيه عامة موضوعيه مجردة، ولا يجوز لشاغلي هذه المراكز الاحتجاج في مواجهة الإدارة بنشوء حق مكتسب لهم من تلك القرارات، فالحقوق المكتسبة لا تنشأ من اللوائح بصوره مباشره، وان كان من الممكن أن تنشأ من القرارات الفردية الصادرة تطبيقا لتلك اللوائح(38).

ويرى الفقهاء جواز سحب القرارات التنظيمية دائما حتى وإن كانت مشروعة لأنها لا تولد حقوقا مكتسبة لأحد (39). لأن اللائحة تضع قواعد عامة لتطبق على الوقائع اللاحقة على صدورها دون السابقة كما أن القانون كذلك – وهو أعلى درجة من اللائحة – لا ينطبق بأثر رجعي على الوقائع السابقة على تاريخ العمل به. وهذه قاعدة دستورية (40).

بينما يرى البعض الآخر أن اللائحة إذا لم تكن قد طبقت بعد فإن الوسيلة القانونية لإنهائها بطريق الإدارة هي الإلغاء وليس السحب لأنها لم تنتج آثاراً في الماضي حتى تثور مشكلة سحبها وانهاء آثارها بأثر رجعي، وإنما يتعلق الأمر فقط بعدم تطبيقها بالنسبة للمستقبل.

وإن كانت قد طبقت فعلاً، فإنها وإن كانت لا تكسب أحداً مباشرة حقوقاً بحكم عموم تطبيقها وتجريده إلا أن القرارات الفردية التي تصدر تطبيقاً لها تكسب الأفراد مباشرة حقوقاً بحيث يترتب على سحب اللائحة اعتبار القرارات الفردية الصادرة تطبيقاً لها في الماضي كأن لم تكن بما يعني المساس بالحقوق المكتسبة التي رتبتها هذه القرارات الفردية، ومن ثم يمتنع على الإدارة سحبها لمخالفة ذلك لمبدأ عدم رجعية القرار الإداري وعدم المساس بالحقوق المكتسبة (41). ولكنها تستطيع إلغائها أو تعديلها في أي وقت بالنسبة للمستقبل لأنه [من المقرر قانوناً أن الجهة الإدارية إذا وضعت قاعدة تنظيمية فإن من حقها أن تلغيها أو تعدلها بقاعدة تنظيمية أخرى في سبيل المصلحة العامة على ألا تسري هذه القاعدة الجديدة إلا من تاريخ صدورها]. (42)

[وقضي إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على التفرقة بين القرارات الإدارية التنظيمية العامة وبين القرارات الإدارية الفردية وأنه يجوز للإدارة سحب القرارات التنظيمية العامة سواء بالإلغاء أو التعديل في أي وقت تشاء حسبما تقتضيه المصلحة العامة، أما القرارات الإدارية الفردية فلا يجوز سحبها ولو كانت مشوبة إلا خلال الستين يوما من تاريخ صدورها بحيث إذا انقضى هذا الميعاد اكتسب القرار حصانة نهائية تعصمه من أي إلغاء أو تعديل ويصبح عندئذ لصاحب الشأن حق مكتسب فيما تضمنه القرار وكل إخلال بهذا الحق بقرار لاحق يعد أمرا مخالفا للقانون يعيب القرار الأخير ويبطله ومرد ذلك إلى وجوب التوفيق بين ما يجب أن يكون الإدارة من حق في إصلاح ما ينطوي عليه قرارها من مخالفة قانونية وبين وجوب استقرار الأوضاع القانونية المترتبة على القرار الإداري مع مراعاة الاتساق بين الميعاد الذي يجوز فيه لصاحب الشأن طلب إلغاء القرار الإداري بالطريق القضائي وبين الميعاد الذي يجوز فيه للإدارة سحب القرار المذكور] (43).

المطلب الثاني: القرارات الإدارية المعيبة
القرار غير المشروع هو ذلك القرار المعيب بعيب من العيوب التي يترتب عليها الحكم بإلغائه عن طريق القضاء، وهي عيوب الاختصاص والشكل والمحل وعيب الانحراف بالسلطة وهي العيوب المعروفة بأوجه الطعن في القرارات الإدارية غير المشروعة. (44).

جري الفقه على أن القاعدة أن القرارات اللائحية لا يجوز سحبها وإن كانت معيبة، وإنما يكتفي بإلغائها. أما القرارات الفردية غير المشروعة فيجوز سحبها.

ويجب أن يكون القرار المسحوب حقيقة غير مشروع، كأن تكون الإدارة قد عينت أحد الموظفين دون أن تتوافر فيه الشروط التي يستلزمها القانون. فإذا كان الأمر لا يتعلق بعدم المشروعية وإنما بعدم ملاءمة القرار للحالة التي صدر من أجلها فلا يجوز للإدارة أن تسحبه ما دام يمس حقوق الأفراد. ومع ذلك أجاز مجلس الدولة الفرنسي للسلطة الرئاسية لمصدر القرار إلغاءه لعدم الملاءمة إذا وجد نص ولو لائحي يسمح بذلك (45)، ويحق للأفراد مطالبة الإدارة بذلك فإن رفضت كان رفضها تجاوزا غير مشروع للسلطة. ويجب أن يتم السحب خلال المدة التي يجوز فيها الطعن في هذه القرارات أمام القضاء وفي البلاد التي لا يوجد بها قضاء إلغاء يجوز للإدارة – ما لم ينص القانون على خلاف ذلك – سحب قراراتها المعيبة في أي وقت تشاء دون التقيد بمدة معينة، رغم ما يؤدي إليه ذلك من عدم استقرار القرارات الإدارية وزعزعة الثقة بالمعاملات.

ويعتبر السحب في هذه الحالة جزاء لعدم المشروعية توقعه الإدارة بنفسها لتتقى به الطعن القضائي. وليس في ذلك اعتداء على الحقوق المكتسبة للأفراد لأن الأمر يتعلق بقرارات غير مشروعة وليس من شأنها أن ترتب حقوقا مكتسبة لأحد.

ولما كان إلغاء القرار الإداري يؤدي إلى انتهاء آثاره بالنسبة للمستقبل دون الماضي، فإن الإدارة لا تكتفي بإلغاء القرار المعيب، وإنما تقوم بسحبه لتنتهي آثاره منذ نشأتها، نظرا لعدم مشروعية أساسها، وإلا تعرض هذا القرار – في حالة الطعن فيه – للإلغاء القضائي بما له من أثر رجعي. ويترتب على سحب القرار المعيب زواله بأثر رجعي يمتد إلى تاريخ صدوره ويستتبع سحب القرار الفردي وجوب سحب القرارات التي اتخذت تنفيذا له أو بناء عليه إذا كانت فردية واعتبار آثاره كأن لم تكن كقاعدة عامة، إلا ما يستثنى منها، أما إذا كانت لائحية فلا يجوز سحبها رغم بطلان أساسها، وذلك حفاظا على مبدأ عدم رجعية القواعد اللائحية(46).

وجري القضاء الإداري على أن القاعدة فيما يتعلق بالقرارات الإدارية غير المشروعة، على وجوب سحبها.

[القرارات الإدارية التي تولد حقا أو مركزا شخصيا للأفراد لا يجوز سحبها في أي وقت متي صدرت سليمة -القرارات الفردية غير المشروعة يجب علي جهة الإدارة أن تسحبها التزاما منها بحكم القانون وتصويبا للأوضاع المخالفة لها -دواعي المصلحة العامة تقتضي أنه إذا صدر قرار معيب من شأنه أن يولد حقا أن يستقر هذا القرار بعد فترة معينة من الزمن بحيث يسري عليه ما يسري علي القرار الصحيح -حددت هذه الفترة بستين يوما من تاريخ نشر القرار أو إعلانه قياسا علي مدة الطعن القضائي -إذا انقضت هذه المدة اكتسب القرار حصانة تعصمه من أي إلغاء أو تعديل ويصبح حينئذ لصاحب الشأن حق مكتسب فيما تضمنه القرار -الإخلال بهذا الحق بقرار لاحق يعد أمرا مخالفا للقانون يعيب القرار الأخير ويبطله -يوجد بعض الاستثناءات من ميعاد الستين يوما تتمثل أولا: فيما إذا كان القرار المعيب معدوما أي لحقت به مخالفة جسيمة للقانون تجرده من صفته كتصرف قانوني وتنزل به إلي حد غصب السلطة، وتنحدر به إلي مجرد فعل مادي منعدم الأثر لا تلحقه أي حصانة -ثانيا: فيما لو حصل أحد الأفراد علي قرار إداري نتيجة غش أو تدليس من جانبه، إذ أن الغش أو التدليس يعيب الإدارة ويفسد الرضا، والقرار الصادر من جهة الإدارة نتيجة هذا الغش أو التدليس يكون غير جدير بالحماية -في مصل هذه الأحوال الاستثنائية يجوز سحب القرار دون التقيد بميعاد الستين يوما] (47).

وقضي [إن شرط عدم الحكم على الشخص الذى يعين في خدمة الحكومة، في جناية أو في جريمة مخلة بالشرف هو شرط صلاحية لتولى الوظائف العامة والاستمرار في شغلها وقد أعتبره المشرع من الشروط الجوهرية فأوجب توافره في المرشح للتعيين في خدمة الحكومة كما أوجب إنهاء خدمة الموظف إذا ما حكم عليه أثناء الخدمة في جناية أو في جريمة مخلة بالشرف على ذلك فإن المشرع لم يترك لجهة الادارة أي حرية في الاختيار تجاه توافر هذا الشرط، بل جعل سلطتها مقيدة في شأنه، ويترتب على ذلك أن مخالفة هذا الشرط أو أغفاله من شأنه أن يعيب القرار الصادر بالمخالفة له بعيب جسيم ينحدر بالقرار إلى درجة الانعدام وبذلك يجب على جهة الادارة نزولا على أحكام القانون أن تتدخل وتصحح الوضع متى أستبان لها مخالفة قرار التعيين للقانون دون أن تتقيد في ذلك بأن يصدر القرار الساحب في المواعيد المحددة لسحب القرارات الادارية الباطلة] (48).

ويجب سحب القرارات الإدارية غير المشروعة ولو تعلقت بها حقوق مكتسبة للأفراد فقد قضي بأن: [للجهة الإدارية العامة التي أصدرت القرار أو للجهة الرئيسية لها سحب القرارات الإدارية التي صدرت منها أو إلغاؤها إذا شابتها مخالفة قانونية حتى ولو ترتب على هذه القرارات حق للغير ما دام السحب أو الإلغاء قد حصل في الميعاد المقرر قانونا للطعن في هذه القرارات لمجاوزة حدود السلطة] (49).

وقضي بـ [أنه من المقرر أن السلطة التي تملك سحب القرار الإداري النهائي المشوب هي الجهة التي أصدرته أو الجهة الرئاسية بالنسبة إليها فلا وجه للنعي على القرار الساحب الصادر من ذات الجهة التي أصدرت قرار الحفظ بأنه مشوب بعدم الاختصاص بمقولة أن الفصل في التظلمات بالنسبة إلى موظفي وزارة التربية والتعليم من اختصاص وكيل الوزارة. ذلك أن لمصدر القرار المشوب أن يسحبه من تلقاء نفسه دون انتظار لتظلم ذي الشأن منه] (50).

[سحب القرارات الإدارية لا يكون سليما ومشروعا ومنتجا لآثاره إلا إذا تم في إطار النظام القانوني المقرر لاتخاذ هذا الإجراء بأن يجري السحب بالطريق الذي رسمه القانون وبالأداة القانونية للسحب أو الإلغاء ممن يملك ذلك طبقا للقانون -لا يسوغ السحب إلا من ذات مصدر القرار المراد سحبه أو ممن يعلوه من السلطات المختصة -إن وجدت -وليس من أي سلطة أدنى -يتوجب أن تجري السلطة المختصة السحب في خلال الميعاد المحدد لذلك وهو ستون يوما من تاريخ إصدار القرار المراد سحبه إذا ارتأت أنه قد شابه العوار وابتغت إعادة تصويب الأمر في إطاره الصحيح وذلك صونا للمراكز القانونية وعدم زعزعتها بعد أن تكون قد استقرت بمضي المدة المحددة -بغير إتباع ذلك يظل القرار المسحوب منتجا لآثاره من الناحية القانونية] (51).

وقضى بأن: [قرارات التسكين بالوظائف المعتمدة والمقررة هي وفق ما جرى به قضاء هذه المحكمة قرارات إدارية، كما جرى قضاء هذه المحكمة بأن استيفاء شرط التأهيل العلمي المتطلب قانوناً لشغل الوظيفة هو شرط أساسي للدخول ابتداء في إحدى وظائف المجموعة النوعية المنتمية إليها الوظيفة فإذا تخلف هذا الشرط كلية أو كان المؤهل الحاصل عليه العامل غير مناسب للوظيفة المطلوب لها فإن القرار الصادر بشغله إياها يكون قد انطوى على مخالفة جسيمة لأحكام القانون تنحدر به إلي درجة الانعدام فلا تلحقه حصانة ويجب سحبه في أي وقت دون التقييد بالمواعيد المحددة لسحب القرارات الإدارية غير المشروعة] (52).

[ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة مستقر على أن القرارات الإدارية الصادرة عن سلطة مقيدة يجوز لجهة الإدارة سحبها متى استبان لها وجد الخطأ فيها دون التقيد بالميعاد المقرر للطعن القضاء، وأن القرار الصادر بإعلان نتيجة الامتحان إنما يصدر عن سلطة مقيدة، إذ حدد المشرع فحوى هذا القرار وحدد الواقعة المادية التي تكون ركن السبب فيه ألا وهي أداء الطالب الامتحان في جميع مواده بنجاح مما يثبت أهليته وجدارته، فإذا انعدم أساس النجاح سواء بعدم أداء الامتحان أو بعدم الإجابة عليه إجابة سليمة انعدم السبب الذي لا تقوم النتيجة بالنجاح إلا على أساسه وأصبحت هذه النتيجة قائمة على سببه الصحيح وواقعاً على محله القانوني، وإلا تمخض عن مجرد تصرف لا أساس له ولا سند يقوم عليه مما ينحدر به إلى درجة الانعدام، ويجوز للجهة الإدارية تصويبه في أي وقت دون التقيد بميعاد السحب أو الإلغاء] (53).

[القانون الخاص بالإدارات القانونية في المؤسسات العامة والهيئات العامة والوحدات التابعة لها هو الأساس في تنظيم شئون مديري وأعضاء الإدارات القانونية بحيث تنطبق عليهم أحكامه سواء كانت أكثر أو أقل سخاء من تلك الواردة بالتشريعات السارية بشأن العاملين بالحكومة أو القطاع العام -لا يجوز كقاعدة عامة إهدار القانون المشار إليه باعتباره قانونا خاصا والرجوع إلى أحكام القانون العام في كل ما فات القانون الخاص من أحكام لما في ذلك من منافاة صريحة للغرض الذي من أجله وضع القانون الخاص -القول بغير ذلك مؤداه أن يجمع من تنطبق عليهم قوانين خاصة من العاملين بين ما تضمنته هذه القوانين من أحكام يراعي فيها المشرع نوعية مؤهلاتهم وتخصصاتهم والمهام المسندة إليهم وبين أحكام القوانين العامة التي تنطبق على سائر العاملين المدنيين بالدولة -المشرع نظم الحقوق المالية من مرتبات وبدلات وعلاوات للعاملين بالإدارات القانونية قبل الجهات التي يعملون بها، ومن ثم فلا يجوز الرجوع إلى أحكام قوانين العاملين المدنيين بالدولة والقطاع العام فيما نظمه القانون المشار إليه -إذ كان هذا القانون قد نظم العلاوات المستحقة لأعضاء الإدارات القانونية فحدد قدرها وقواعد منحها، فلا يجوز استعارة أنواع أخرى من العلاوات وردت في نظم العاملين المدنيين بالدولة أو القطاع العام -العلاوة التشجيعية لا يعرفها القانون المذكور فإذا صدر قرار بمنح أحد أعضاء الإدارات القانونية علاوة تشجيعية فإن هذا القرار يكون قد شابه عيب جسيم ومخالفة صريحة للقانون تنحدر به إلى درجة الانعدام إذ لا يعدو أن يكون عملا ماديا لا يكتسب حصانة بمضي المدة المقررة للسحب، كما لا يكسب من تلقوا هذا العمل أية مراكز قانونية وبالتالي لا يرتبط سحبه بميعاد معين بل يجوز سحبه في أي وقت دون التقيد بميعاد الستين يوما المقررة لسحب القرارات الإدارية الباطلة – تطبيق] (54).
المبحث الثالث: ميعاد سحب القرار
المطلب الأول: ارتباط ميعاد السحب بميعاد الطعن القضائي

إذا كان سحب القرار الإداري هو جزاء لعدم مشروعية القرار توقعه الإدارة بنفسها على نفسها لتفادي إجراءات التقاضي المعقدة فإن إمكانية سحب الإدارة للقرار تتقيد لذات الحكمة بنفس المدة التي يمكن الطعن فيها أمام القضاء وهي ستون يوماً من تاريخ نفاذ القرار الإداري فإذا أصبح القرار غير مهدد بالطعن القضاء لانقضاء مدته انغلق أيضاً أمام الإدارة باب الرجوع فيه بالسحب، وعندئذ يدخل القرار في عداد القرارات المشروعة وتستقر المراكز القانونية الناشئة عنه بالنسبة للإدارة وللأفراد معاً.

فيجب أن يتم سحب القرار الإداري المعيب في خلال الفترة التي يجوز فيها الطعن في هذا القرار، وهي في الأصل ستون يوما، على أن المدة التي يجوز فيها السحب تمتد مع امتداد مدة الطعن لسبب من الأسباب كالتظلم الولائي أو الرئاسي إلى من صدر منه القرار أو رئيسه. كما يجوز سحب القرار الإداري في أثناء نظر الطعن فيه أمام القضاء وفي هذه الحالة يجب أن يكون السحب لنفس الأسباب التي من أجلها رفع الطعن وفي حدوده.

وذلك يبين مدى التقارب والتشابه بين السحب كجزاء لعدم المشروعية توقعه الإدارة بنفسها، وبين الإلغاء القضائي كجزاء لعدم المشروعية ينطق به القاضي الإداري بناء على طلب أصحاب الشأن من الأفراد.

فإذا انقضت المدة التي يكون القرار الإداري فيها مهددا قضائيا يغلق الباب أمام الإدارة فيما يتعلق بالسحب كما يغلق أمام الأفراد بانتهاء مواعيد الطعن. ويأخذ القرار غير المشروع في هذه الحالة حكم القرار المشروع ويعتبر مصدرا للحقوق، وذلك حفاظا على استقرار المعاملات والأوضاع القانونية(55).

فقد قضي بأنه [من المبادئ المقررة أنه لا يجوز لجهة إدارية سحب قرار إداري أصدرته في حدود اختصاصها أو العدول عنه متى ترتب على هذا القرار حق للغير إذا مضت المواعيد المقررة للطعن فيه بالإلغاء إذ بمضي هذه المواعيد يكتسب القرار الإداري حصانة لا يجوز بعدها سحبه أو إلغاؤه لأي سبب كان ولو كان خطأ أو مخالفا للقانون. وعلى ذلك فإن القرار الإداري الصادر من وزارة المالية في حدود اختصاصها وظل نافذا مرعيا من تاريخ صدوره في 7 من أغسطس سنة 1940 حتى أحيل للمعاش في سنة 1948 أي زهاء ثمانية سنوات وقد ترتب عليه حق للمدعى وهو ضم مدة خدمته المتنازع فيها إلى المعاش ومن ثم فلا يجوز لوزارة المالية سحبه أو العدول عنه لأي سبب كان. ومتى تقرر ذلك كان قرار السحب الصادر من وزارة المالية باطلا عديم الأثر مما يتعين معه اعتبار القرار الأول باقيا منتجا آثاره إلى اليوم ثم الحكم للمدعى بطلباته تأسيسا عن ذلك] (56).

[إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أنه لا يجوز سحب القرارات الفردية المخالفة للقانون إذا ترتب عليها حقوق للغير إلا في ميعاد الستين يوما المنصوص عليه في المادة 35 من قانون إنشاء مجلس الدولة (57) فإذا انقضى هذا الميعاد اكتسب القرار حصانة نهائية تعصمه من أي إلغاء أو تعديل من جانب الإدارة وأصبح لصاحب الشأن حق مكتسب فيما تضمنه القرار بحيث يعتبر الإخلال بهذا الحق بقرار لاحق مخالفة للقانون تعيب هذا القرار الأخير وتبطله] (58).

[إذا صدر القرار بسحب الترقية بعد إذ أصبح قرار الترقية حصينا من الإلغاء لفوات الميعاد الستين يوما عليه فإنه وإن كان هذا الميعاد قد نص عليه في قانون إنشاء مجلس الدولة في صدد ميعاد رفع الدعاوى بطلب إلغاء القرارات الإدارية، إلا أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الحصانة التي يكتسبها بعد فواته تكون نافذة في حق الإدارة كما في حق الأفراد لوحدة العلة وهى وجوب استقرار الأوضاع القانونية الناتجة من القرارات الإدارية وللمساواة بين طرفي القرار في هذا الشأن -ومن ثم يكون القرار المطعون فيه إذ سحب قرار الترقية السابق بعد الميعاد قد جاء مخالفا للقانون حقيقا بالإلغاء] (59).

وقضى بأن: [من المبادئ المقررة أنه ليس للسلطة الإدارية حق سحب قراراتها الفردية بعد اكتسابها الحصانة من الطعن عليها بالإلغاء لفوات المواعيد المقررة لهذا الطعن أي بعد ستين يوماً من تاريخ صدورها حتى ولو بان خطؤها، إذ لا يجوز أن يباح للسلطة الإدارية المساس بالمركز القانوني الذي أنشأه القرار الإداري بعد صيرورته نهائياً لأن في ذلك مساساً بالحق المكتسب بذلك القرار، والمساس بالحقوق المكتسبة بإصدار قرارات فردية من السلطة الإدارية أمر لا يجيزه القانون لأنه في الواقع ليس إلا غصباً غير مشروع لهذه الحقوق] (60).

[إنه وإن كان حق جهة الإدارة في إلغاء أو تعديل القرارات التنظيمية العامة وفق ما تقتضيه المصلحة العامة مطلقاً غير مقيد بميعاد فإن حقها في إلغاء أو تعديل القرارات الفردية مقيد بميعاد الستين يوماً المنصوص عليه في المادة 35 من قانون إنشاء مجلس الدولة فإذا انقضى هذا الميعاد أصبح القرار غير قابل للتعديل أو الإلغاء من جانب جهة الإدارة وحكمة ذلك مراعاة التناسق بين الميعاد الذي يجوز فيه لذوى الشأن طلب إلغاء القرارات الإدارية بالطريق القضائي وبين الميعاد الذي يجوز فيه لجهة الإدارة سحب قرارها أو تعديله حتى يستقر أمره بعد مضى فترة واحدة وبناء عليه فالقرار الصادر بترقية موظف تطبيقاً لأحكام قواعد المنسيين لا يجوز إلغاؤه بعد انقضاء فترة تزيد على أربعة أعوام بقرار آخر ويكون قرار الإلغاء هذا مخالف للقانون ومخل بحق كسبه الموظف بقرار الترقية الذي استقر به مركزه القانوني بعد انقضاء الميعاد المحدد بالمادة 35 من قانون إنشاء مجلس الدولة] (61).

[إن قضاء هذه المحكمة جرى على أنه لا يجوز للجهة الإدارية سحب القرارات الفردية بدعوى مخالفة القانون بعد مضى ميعاد الستين يوماً الذي شرعه قانون مجلس الدولة للأفراد لطلب إلغاء هذه القرارات أسوة بهم وتقريراً للمعادلة بينهم ولكي يتم الاستقرار بعد انقضاء زمن واحد فإذا ما انتهى هذا الميعاد اكتسب القرار حصانة نهائية تعصمه من أي إلغاء أو تعديل] (62).
المطلب الثاني: آثار ارتباط ميعاد السحب بميعاد الطعن القضائي

ويترتب على ارتباط مواعيد السحب بمواعيد الطعن القضائي ما يلي:

1-أن فترة سحب القرار الإداري محددة بستين يوماً من تاريخ نشر القرار أو إعلانه قياساً على مدة الطعن القضائي.

[أن القاعدة المستقرة هي أن القرارات الإدارية التي تولد حقاً أو مركزاً شخصياً للأفراد لا يجوز سحبها في أي وقت متى صدرت سليمة وذلك استجابة لدواعي المصلحة العامة التي تقتضى استقرار تلك الأوامر إما بالنسبة للقرارات الفردية غير المشروعة فالقاعدة عكس ذلك إذ يجب على جهة الإدارة أن تسحبها التزاما منها بحكم القانون وتصحيحاً للأوضاع المخالفة له إلا أن دواعي المصلحة العامة أيضاً تقتضى أنه إذا صدر قرار معيب من شأنه أن يولد حقاً فإن هذا القرار يجب أن يستقر عقب فترة معينة من الزمن بحيث يسرى عليه ما يسرى على القرار الصحيح الذى يصدر في الموضوع ذاته وقد اتفق على تحديد هذه الفترة بستين يوماً من تاريخ نشر القرار أو إعلانه قياساً على مدة الطعن القضائي بحيث إذا انقضت هذه الفترة أكتسب القرار حصانة تعصمه من أي إلغاء أو تعديل ويصبح عندئذ لصاحب الشأن حق مكتسب فيما تضمنه القرار وكل إخلال بهذا الحق بقرار لاحق يعد أمراً مخالفاً للقانون يعيب القرار الأخير ويبطله] (63).

[ومن حيث إنه من المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة أن القرارات الإدارية التي تولد حقاً أو مركزاً شخصياً للأفراد لا يجوز سحبها في أي وقت متى صدرت سليمة وذلك استجابة لدواعي المصلحة العامة التي تقتضى استقرار تلك الأمور، أما بالنسبة للقرارات الفردية غير المشروعة فالقاعدة عكس ذلك إذا يجب على جهة الإدارة أن تسحبها التزاما منها بحكم القانون وتصحيحاً للأوضاع المخالفة، إلا أن دواعي المصلحة العامة تقتضى أنه إذا صدر قرار فردى معيب من شأنه أن يولد حقاً فإن هذا القرار يجب أن يستقر بعد فترة من الزمن بحيث يسري عليه ما يسري على القرار الصحيح، وقد استقر القضاء على تحديد هذه الفترة بستين يوماً من تاريخ نشر القرار أو إعلانه قياساً على مدة الطعن القضائي بحيث إذا انقضت هذه الفترة اكتسب القرار حصانة تعصمه من أي إلغاء أو تعديل ويكون القرار حجة على ذوى الشأن فيما أنشأه أو رتبه من مراكز قانونية، ويصبح عندئذ لصاحب الشأن حق مكتسب فيما تضمنه القرار، وكل إخلال بهذا الحق بقرار لاحق يعد إجراء مخالفاً يعيب القرار الأخير ويبطله (حكمها على سبيل المثال في الطعن رقم 1999 لسنة 43 ق. عليا جلسة 13/2/2000) ولم تستثن المحكمة في العديد من أحكامها من ميعاد الستين يوماً هذه إلا القرارات المعدومة أي التي لحقت بها مخالفة جسيمة للقانون تجرده من صفته كتصرف قانوني فتنزل به إلى حد غصب السلطة وتنحدر به إلى مجرد الفعل المادي المنعدم الأثر قانوناً، فلا تلحقها أية حصانة وكذلك القرارات التي يحصل عليها الأفراد نتيجة غش أو تدليس من جانبهم حين تكون مثل هذه القرارات غير جديرة بالحماية] (64).

[فالقرارات الإدارية التي تولـــد حقاً أو مركزاً شخصياً للأفراد لا يجوز سحبها في أي وقت متى صدرت سليمة، أما القرارات الفردية غير المشروعة فيجب على جهة الإدارة أن تســحبها التزاماً منها بحكم القانون وتصويباً للأوضاع المخالفة، إلا أن دواعي المصلحة العامة تقتضى أنه إذا صدر قرار معيب من شأنه أن يولد حقاً، فإن هذا القرار يستقر بعد فترة معينة من الزمن ويسرى عليه ما يسرى على القرار الصحيح، وقد حددت هذه الفترة بستين يوماً من تاريخ نشر القرار أو إعلانه قياساً على مدة الطعن القضائي بحيث إذا انقضت هذه الفترة اكتسب القرار حصانة تعصمه من أي إلغاء أو تعديل ويصبح لصاحب الشأن حق مكتسب فيما تضمنه القرار، والإخلال بهذا الحق بقرار لاحق يعد أمراً مخالفاً للقانون يعيب القرار الأخير ويبطله] (65).

[ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن القرارات الإدارية التي تولد حقا أو مركزا شخصيا للأفراد لا يجوز سحبها في أي وقت متى صدرت سليمة استجابة لدواعي المصلحة العامة التي تقتضي استقرار تلك القرارات، أما القرارات الفردية غير المشروعة فالقاعدة فيها عكس ذلك إذ يجب على جهة الإدارة أن تسحبها التزاما منها بحكم القانون وتصويبا للأوضاع المخالفة إلا أن دواعي المصلحة العامة تقتضي أيضا إذا صدر قرار معيب من شأنه أن يولد حقا أن يستقر هذا القرار عقب فترة معينة من الزمن بحيث يسرى عليه ما يسرى على القرار الصحيح وقد اتفق على تحديد هذه الفترة بستين يوما من تاريخ نشر القرار أو إعلانه قياسا على مدة الطعن القضائي بحيث إذا انقضت هذه الفترة اكتسب القرار حصانة تعصمه من أي إلغاء أو تعديل ويصبح عندئذ لصاحب الشأن حق مكتسب فيما تضمنه من هذا القرار وكل إخلال بهذا الحق بقرار لاحق يعد أمرا مخالفا للقانون يعيب القرار الأخير ويبطله] (66).

[ومن حيث إن المستقر عليه قضاء أن القرارات الإدارية التي تولد حقا أو مركزا شخصيا للأفراد لا يجوز سحبها في أي وقت متى صدرت سليمة وذلك استجابة لدواعي المصلحة العامة الت تقضي استقرار تلك الأوامر أما بالنسبة للقرارات الفردية غير المشروعة فالقاعدة عكس ذلك إذ يجب على جهة الإدارة أن تسحبها التزاما منها بحكم القانون وتصحيحا للأوضاع المخالفة له إلا أن دواعي المصلحة العامة أيضا تقتضي أنه إذا صدر قرار معيب من شأنه أن يولد حقا فإن هذا القرار يجب أن يستقر عقب فترة معينة من الزمن بحيث يسرى عليه ما يسرى على القرار الصحيح الذي صدر في الموضوع ذاته وقد اتفق على تحديد هذه الفترة بستين يوما من تاريخ نشر القرار أو إعلانه قياسا على مدة الطعن القضائي بحيث إذا انقضت هذه الفترة اكتسب القرار حصانة تعصمه من أي إلغاء ما لم يكن هذا القرار قد بني على غش أو تدليس ممن صدر لصالحه أو منعدما والقرار الإداري الصادر بترقية العامل ترقية عادية حتى ولو كان قائما على تسوية خاطئة لحالته الوظيفية وأيا ما كان وجه مخالفة التسوية لأحكام القانون فإنه ينشئ مركزا قانونيا ذاتيا للعامل وبالتالي لا يجوز سحب هذا القرار المعيب إلا في خلال الستين يوما المقررة لسحب القرارات الإدارية الباطلة] (67).

[ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على أن القرارات التي تولد حقا أو مركزا شخصيا للأفراد لا يجوز سحبها في أي وقت متى صدرت سليمة وذلك استجابة لدواعي المصلحة العامة التي تقضي استقرار تلك الأوامر، أما بالنسبة للقرارات الفردية غير المشروعة فالقاعدة عكس ذلك إذ يجب على جهة الإدارة أن تنهض لتصحيحها التزاما منها بأحكام القانون، إلا أن دواعي المصلحة العامة تقتضي أنه إذا صدر قرار فردي معيب من شأنه أن يولد حقا فإن هذا القرار يجب أن يستقر عقب فترة معينة من الزمن بحيث يسرى عليه ما يسرى على القرار الصحيح وتحددت هذه الفترة بستين يوما من تاريخ نشر القرار أو إعلانه قياسا على مدة الطعن القضائي بحيث إذا انقضت هذه الفترة اكتسب القرار حصانة تعصمه من أي إلغاء أو تعديل ويصبح عندئذ لصاحب الشأن حق مكتسب فيما تضمنه القرار وكل إخلال بهذا الحق بقرار لاحق يعد إجراء مخالفا للقانون يعيب القرار الأخير ويبطله] (68).

[ومن حيث إنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن القرارات الإدارية التي تولد حقا أو مركزا شخصياً للأفراد لا يجوز سحبها في أي وقت متى صدرت سليمة، وذلك استجابة لدواعي المصلحة العامة التي تقتضى استقرار المراكز القانونية، أما القرارات الفردية غير المشروعة فيجب على الإدارة سحبها التزاما منها بحكم القانون وتصويبا للأوضاع المخالفة لـه، إلا أن دواعي المصلحة العامة تقتضى أيضا باستقرار القرارات المعيبة بعد مرور فترة معينة من الزمن بحيث يسرى عليها ما يسرى على القرار الصحيح، وقد اتفق على تحديد تلك الفترة بستين يوما من تاريخ نشر القرار أو إعلانه قياساً على مدة الطعن القضائي، بحيث إذا انقضت هذه الفترة اكتسب القرار حصانة تعصمه من أي إلغاء أو تعديل، ويصبح عندئذ لصاحب الشأن حق مكتسب فيما تضمنه القرار، وكل إخلال بهذا الحق بقرار لاحق يعد أمرا مخالفا للقانون يعيب القرار الأخير ويبطله] (69).

[ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن القرارات الإدارية غير المشروعة يجب على جهة الإدارة التزاماً منها بحكم القانون وتصحيحاً للأوضاع المخالفة أن تسحبها إلا أن دواعي المصلحة العامة تقتضي أن القرارات المعيبة التي تولد حقاً أو مركزاً شخصياً يجب أن تستقر عقب فترة معينة من الزمن بحيث يسري على القرار المعيب ما يسري على القرار الصحيح وهذه المدة هي ستين يوماً قياساً على مدة الطعن القضائي، بحيث إذا انقضت هذه المدة دون أن تمارس جهة الإدارة حقها في السحب اكتسب هذا القرار حصانة تعصه في الإلغاء أو السحب وكل إخلال بهذا الحق بقرار لاحق يعد أمراً مخالفاً يعيب القرار الأخير ويبطله](70).

2-يترتب على ارتباط مواعيد السحب بمواعيد الطعن القضائي أنه كلما امتد ميعاد الطعن بالإلغاء لأحد الأسباب التي يقررها القانون امتد تبعاً له ميعاد السحب.

[لا وجه لما يتحدى به المدعى من أن قرار وزير العدل الصادر في 21 من يناير سنة 1947 بتعيين المدعى في الدرجة السابعة بدلاً من الدرجة الثامنة قد أصبح حصيناً من كل سحب بعد أن انقضى منذ صيرورة ميعاد الستين يوماً المحددة لطلب الإلغاء لا وجه لذلك ما دامت قد اعترضت الجهة المختصة وهى وزارة المواصلات على هذا القرار في 5 من مارس سنة 1947 أي خلال الميعاد وإذا كان سقوط حق الإدارة في سحب القرار الإداري لفوات الميعاد قد قيس على سقوط حق الأفراد في طلب الإلغاء لانقضاء ذات الميعاد فإن القياس يقتضى بوجه التقابل أن يقف الميعاد إذا اعترضت جهة مختصة على القرار إذ مثل هذا الاعتراض يقابل التظلم المقدم من الأفراد] (71).

3-يمكن للإدارة سحب القرار ولو رفعت دعوى الإلغاء فعلاً خلال المدة المقررة ما دام لم يصدر حكم في الدعوى

[ومن حيث ان قضاء هذه المحكمة قد جرى على ان ” الخصومة في دعوى الالغاء هي خصومة عينية مناطها اختصام القرار الإداري في ذاته، استهدافا لمراقبة مشروعيته، ويترتب على سحب القرار بمعرفة الجهة الادارية، ما يترتب على الغائه قضائيا اذ يعتبر كان لم يكن وتمحى اثاره من وقت صدوره، وقد استقر القضاء على انه اذا استجابت الجهة الادارية المدعى عليها إلى طلب المدعى في تاريخ لاحق لرفع الدعوى، فان الخصومة تبعا لذلك ونتيجة له، تصبح غير ذات موضوع، ويتعين من ثم الحكم باعتبار الخصومة منتهية في هذا الطلب مع الزام الحكومة بالمصروفات] (72).

[ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة يجرى على أنه إذا استجابت الجهة الإدارية المدعى عليها إلى طلب المدعى في تاريخ لاحق لرفع الدعوى فإن الخصومة تبعاً لذلك ونتيجة له تصبح غير ذات موضوع ويتعين من ثم الحكم باعتبار الخصومة منتهية في هذا الطلب مع إلزام جهة الإدارة بمصروفاته] (73).

[الخصومة في دعوى الالغاء هي خصومة عينية مناطها اختصام القرار الإداري في ذاته استهدافا لمراقبة مشروعيته ـ يترتب على سحب القرار بمعرفة الجهة الادارية ما يترتب على الغائه قضائيا اذ يعتبر كأن لم يكون وتزول آثاره من وقت صدوره ـ إذا استجابت الجهة الادارية المدعى عليها الى طلب المدعى في تاريخ لاحق لرفع الدعوى فان الخصومة تبعا لذلك ونتيجة له تصبح ذات موضوع ويتعين من ثم الحكم باعتبار الخصومة منتهية في الطلب] (74).

4-يكفي لاعتبار قرار السحب قد تم خلال المدة القانونية أن تبدأ الإدارة إجراءات السحب خلال هذه المدة حتى ولو صدر قرار السحب بعد ذلك:

[أن القرارات الباطلة لمخالفتها القانون يجوز للإدارة الرجوع فيها وسحبها بقصد ازالة آثار البطلان وتجنب الحكم بإلغائها قضائيا شريطة أن يتم ذلك في خلال المدة المحددة لطلب الالغاء، ومرد ذلك إلى وجوب التوفيق بين ما يجب أن يكون للإدارة من حق في اصلاح انطوى عليه قرارها من مخالفة قانونية وبين ضرورة استقرار الأوضاع القانونية المترتبة على القرار الإداري من مراعاة الاتساق بين الميعاد الذى يجوز فيه لصاحب الشأن طلب الغاء بالطريق القضائي وبين الميعاد الذى يجوز فيه للإدارة سحب القرار تقريرا للمساواة في الحكم ومراعاة للمعادلة بين مركز الادارة ومركز الأفراد ازاء القرار الإداري حتى يكون للقرار حد يستقر عنده المراكز القانونية الناشئة عنه حصانة تعصمها من كل تغير أو تعديل لئن كان الأمر كذلك إلا أنه مما تجب المبادرة إلى التنبيه إليه أنه ليس بلازم أن يتم السحب كليا أو جزئيا خلال المدة المقررة له، وإنما يكفى لتحقيق مقتضى الحكم المتقدم بأن تكون اجراءات السحب بإفصاح الادارة عن ارادتها في هذا الخصوص قد بدأت خلال الميعاد المذكور فيدخل القرار بذلك في طور من الزعزعة وعدم الاستقرار ويظل بهذه المثابة طوال المدة التي يستمر فيها فحص الادارة لشرعيته طالما أنها سلكت مسلكا ايجابيا نحو التحقيق من مطابقته أو عدم مطابقته للقانون الى أن تحدد موقفها منه نهائيا، والقول بغير هذا النظر ينطوي على تكليف الادارة بما يجاوز السعة ويؤدى إلى اسراعها على وجه مبتسر تفاديا لنتائجه إلى سحب القرار دون استكمال البحث الصحيح مما يتعارض مع مصلحة ذوى الشأن فيه . بل ومع المصلحة العامة] (75).

[إذا تظلم ذو المصلحة من هذا القرار فأن ذلك يخول للجهة الإدارية الحق في بحث تظلمه والرجوع في قرارها وسحبه بقصد ازالة آثار البطلان لتجنب الحكم بإلغائه قضائيا، بشرط أن يتم ذلك خلال المدة المقررة لطلب الإلغاء وهو ستون يوما من تاريخ تقديم التظلم، فإذا انقضت هذه المدة دون أن تجيب عنه الجهة الادارية فان ذلك يعتبر بمثابه رفضه، وذلك حسبما قضت به المادة 22 من قانون مجلس الدولة رقم 55 لسنة 1959، ولكن لئن كان ذلك كذلك الا أن هذه المحكمة قد سبق أن قضت بأن ليس بلازم أن يتم السحب كليا أو جزئيا خلال المدة المقررة له . وإنما يكفي لتحقيق مقتضى الحكم المتقدم أن تكون اجراءات السحب بإفصاح الادارة عن ارادتها في هذا الخصوص قد بدأت خلال الميعاد المذكور، بأن قامت ببحث التظلم بحثا جديا للتأكد من مدى شرعية قرارها محل التظلم، أو تكون قد سلكت مسلكا ايجابيا نحو التحقيق من مطابقة أو عدم مطابقته للقانون إلى أن تحدد موقفها منه نهائيا] (76).

[وإن كان قضاء محكمة القضاء الإداري قد جرى على أن حق جهة الإدارة في سحب القرارات التي تصدرها لا يعدو أجله الستين يوماً التالية لصدورها للمعادلة بين هذا الحق وحق الأفراد في طلب إلغائها، فإذا ما انقضى هذا الميعاد اكتسبت القرارات حصانة تعصمها من التعديل والتغيير -إنه وإن كان الأمر على ما تقدم فإن هذا لا يتحتم معه أن يصدر القرار الإداري بالسحب في الميعاد المذكور، بل يكفي لتحقيق مناط هذا الحكم أن تكون إجراءات السحب قد بدأت خلاله فيدخل القرار بذلك في طور من الزعزعة وعدم الاستقرار] (77).

[إن حق الإدارة في سحب القرارات التي تصدرها لا يعدو أجله الستين يوما التالية لصدورها، للمعادلة بين هذا الحق وحق الأفراد في طلب إلغائها، فإذا ما انقضى هذا الميعاد اكتسبت القرارات حصانة تعصمها من التعديل والتغيير إلا أن ذلك لا يتحتم معه أن يصدر القرار الإداري بالسحب في الميعاد المذكور بل يكفي لتحقق مناط هذا الحكم أن تكون إجراءات السحب قد بدأت خلاله فيدخل القرار بذلك في دور من الزعزعة وعدم الاستقرار، ولما كان الثابت من الأوراق أن قرار ترقية المدعي إلى الدرجة الثالثة قد صدر في 30 من يناير سنة 1955 وفي 30 من مارس سنة 1955 قررت الجامعة إيقاف الترقية بعد أن علمت بأن قرارا قد صدر من وزير التربية والتعليم في 22 من أبريل سنة 1951 بإحالته إلى مجلس التأديب، فتكون إجراءات السحب بدأت في خلال ستين يوما من صدور قرار الترقية، وإذ عرض الأمر على الجمعية العمومية للقسم الاستشاري بمجلس الدولة بجلسة 7 من مارس سنة 1956 فأفتت بأن قرار الإحالة إلى مجلس التأديب يظل قائما، ولا تجوز الترقية حتى يصدر قرار المجلس التأديبي للمخالفات المالية في شأنه، ويتعين على الجامعة سحب قرار الترقية خلال ستين يوما من تاريخ إبلاغها فتوى الجمعية العمومية وقد أبلغت الجامعة بهذه الفتوى في 16 من أبريل سنة 1956، فصدر قرار مدير الجامعة بسحب الترقية في 14 من يونية سنة 1956، وعلى ذلك وللاعتبارات المتقدمة تكون إجراءات السحب قد تمت صحيحة وفق القانون] (78).

5-يعتبر القرار الساحب قراراً آخر خلال القرار المسحوب وله كيان منفصل عنه بحيث يمكن الطعن عليه في الميعاد القانوني.

[إن الثابت أن المدعى قد تظلم في 1965/6/6 من القرار رقم 676 ولسنة 1965/64 فيما تضمنه من ترقية السيدين/ . . . . . .. و. . . . . . . إلى الدرجة الرابعة ولتخطيه في هذه الترقية وذلك بعد أن نشر هذا القرار بنشرة الوزارة عن شهر مايو سنة 1956، وكان السيد الوزير قد قرر بتاريخ 1965/6/2 سحب التسويات والترقيات التي صدرت بالمخالفة للمبدأ الذى أصدرته المحكمة الإدارية العليا بجلسة 1965/5/16 في الطعن رقم 395 لسنة 18 القضائية، ولكن المدعى لم يعلم بذلك الا بعد صدور القرار رقم 707 لسنة 1965/64 الصادر في 1965/6/15، ثم تلاه بعد ذلك القرار رقم 715 لسنة 1965/64 الصادر في 1965/6/24 الذى تضمن صراحة سحب القرار رقم 676 لسنة 65/64 السالف الذكر وأعاده حالة المطعون في ترقيتهما إلى ما كانت عليه قبل صدور القرار المذكور، فأصبح السيد / . . . .. . . . في الدرجة الخامسة من 1963/1/31 والسيد / . . .. . . . . . في هذه الدرجة من 1963/3/31 بعد أن كانا في الدرجة الرابعة من 1962/12/6 قبل صدور قرار الساحب، الا أنه لم يثبت من الأوراق أن المدعى قد علم بهذا القرار الا عندما تظلم منه في 1965/10/12، ولا شك أن القرار المذكور يعتبر قرارا جديدا أنشأ مراكز قانونية جديدة فيحق للمدعى أن يتظلم منه إذا تضمن مساسا بمركزه القانوني.

ومن حيث أنه لا وجه بعد ذلك لما تدعيه الوزارة من أنها إذ أخطرت المدعى في 1965/8/19 برفض تظلمه الأول الذى قدمه في 1965/6/6 فكان يتعين عليه أن يلجأ إلى القضاء في ميعاد أقصاه 1965/10/18 ولكنة أقام دعواه في 1965/11/23 بعد الميعاد -لا وجه لذلك لأن القرار الساحب رقم 735 لسنة 1965/1964 يصلح -على النحو الذى سلف بيانه -أن يكون محلا لتظلم جديد، لأنه قرار آخر خلاف القرار المسحوب وذلك متى تضمن -في نظر المدعى-أغفالا لترقيته إلى أحدى الدرجتين اللتين قد خلتا بسحب ترقية المطعون فيها إلى الدرجة الرابعة، وبهذه المثابة لا يعتبر تظلما ثانيا كما أشارت الوزارة -بل هو في الحقيقة تظلم أول بالنسبة للقرار الجديد، وإذ قدم المدعى هذا التظلم في 1965/10/12 على النحو السالف ايضاحه، ثم أقام دعواه في 1965/11/23 فإنها تكون قد أقيمت في الميعاد القانوني متعينا قبولها، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه مذهبا مخالفا فأنه يكون قد جانب الصواب وأخطأ في تأويل القانون وتطبيقه حريا بالإلغاء وذلك فيما قضى به من عدم قبول الدعوى شكلا لرفعها بعد الميعاد] . (79).

6-في حالة فوات ميعاد الطعن بالنسبة لأحد الأشخاص فإن حق الإدارة في سحب القرار الإداري يستمر ما دام القرار متصل بأشخاص آخرين ما زال ميعاد الطعن قائماً بالنسبة إليهم.

[لا وجه للنعي على التظلم بأنه غير منتج في وقف سريان الميعاد لعدم إمكان إلغاء قرار القومسيون البلدي بعد التصديق عليه وبأنه أصبح غير قابل للرجوع فيه -لا وجه لذلك لأن هذا التصديق ليس من شأنه أن يجعل القرار غير قابل للرجوع فيه ممن يملكه وإنما هو المرحلة الختامية التي يصبح بها القرار نهائيا وطلب الإلغاء أمام محكمة القضاء الإداري لا يكون إلا عن أمثال هذه القرارات، على أن القرارات الصادرة من القومسيون البلدي حتى بعد -التصديق عليها من وزير الداخلية قابلة للرجوع فيها من ذلك المجلس البلدي الذي له حق سحبها في الميعاد وبالطريق القانوني، ولا يمكن اعتبار ميعاد السحب قد فات ما دام الأمر متصلا بأشخاص آخرين مازال ميعاد الطعن قائما بالنسبة إليهم] (80).

غير أن هذا لا يمنع من:

– إمكان رفع دعوى التعويض عن الأضرار الناشئة عن القرار المعيب رغم تحصنه بقوات ميعاد الطعن فيه بالإلغاء. وذلك لأن مدة الطعن بالتعويض أطول من مدة الطعن بالإلغاء.

– إمكان الدفع بعدم مشروعية اللائحة – أي القرار التنظيمي دون الفردي – إذا أريد تطبيقها على الأفراد لأن هذا الدفع لا يتقادم. وذلك فضلا عن جواز الطعن بالإلغاء في القرارات الفردية الصادرة تطبيقا لها(81).

المطلب الثالث: الاستثناءات من ميعاد السحب
وترد على القاعدة العامة في تقييد ميعاد السحب بمدة الستين يوماً عدة استثناءات لا يتقيد فيها سحب القرارات غير المشروعة بمدة معينة على النحو التالي:
حالة القرار المعدوم:
يقصد بالقرار المعدوم أن تكون قد لحقت به مخالفة جسيمة للقانون تجرده من صفته كتصرف قانوني لتنزل به إلى حد غصب السلطة وتنحدر به إلى مجرد الفعل المادي المنعدم الأثر قانونا.

فالقرار المعدوم هو الذي تبلغ درجة جسامة العيب فيه حدا يفقده صفته كقرار إداري، فيتعذر القول بأنه تطبيق للائحة أو قانون، ويجوز سحبه في أي وقت (82).

[إن القاعدة المستقرة هي أن القرار الإداري يجب أن يقوم على سبب يبرره في الواقع وفى القانون وذلك كركن من أركان انعقاده، والسبب في القرار الإداري هو حالة واقعية أو قانونية تحمل الادارة على التدخل بقصد أحداث أثر قانوني هو محل القرار ابتغاء الصالح العام الذى هو غاية القرار، وأنه ولئن كانت الإدارة غير ملزمة بتسبيب قرارها ويفرض في القرار غير المسبب أنه قام على سببه الصحيح الا أنها إذا ذكرت أسبابا له فإنها تكون خاضعة لرقابة القضاء الإداري للتحقيق من مدى مطابقتها أو عدم مطابقتها للقانون وأثر ذلك في النتيجة التي انتهى إليها القرار، وأن القرارات التي تولد حقا أو مركزا شخصيا للأفراد لا يجوز سحبها في أي وقت متى صدرت سليمة وذلك استجابة لدواعي المصلحة العامة التي تقتضى استقرار تلك الأوامر أما بالنسبة للقرارات الفردية غير المشروعة فالقاعدة عكس ذلك إذ يجب على جهة الادارة أن تسحبها التزاما منها بحكم القانون وتصحيحا للأوضاع المخالفة له، الا أن دواعي المصلحة العامة أيضا تقتضى أنه إذا صدر قرار فردى معيب من شأنه أن يولد حقا فأن هذا القرار يجب أن يستقر عقب فترة معينة من الزمن بحيث يسرى عليه ما يسرى على القرار الصحيح الذى يصدر في الموضوع ذاته، وقد استقر الرأي على تحديد هذه الفترة بستين يوما من تاريخ نشر القرار أو إعلانه قياسا على مدة الطعن القضائي، بحيث إذا انقضت هذه الفترة أكتسب القرار حصانة تعصمه من أي إلغاء أو تعديل ويصبح عندئذ لصاحب الشأن حق مكتسب فيما تضمنه القرار، وكل أخلال بهذا الحق بقرار لاحق يعد أمرا مخالفا للقانون يعيب القرار الأخير ويبطله، الا أن ثمة استثناءات من موعد الستين يوما هذه تتمثل أولا فيما إذا كان القرار المعيب معدوما أي لحقت به مخالفة جسيمة للقانون تجرده من صفته كتصرف قانوني لتنزل به إلى حد غصب السلطة وتنحدر به إلى مجرد الفعل المادي المنعدم الأثر قانونا ولا تلحقه أي حصانة وثانيا فيما لو حصل أحد الأفراد على قرار إداري نتيجة غش أو تدليس من جانبه إذ أن الغش يعيب الرضاء ويشوب الارادة-والقرار الذى يصدر من جهة الإدارة نتيجة هذا الغش والتدليس يكون غير جدير بالحماية بهذه الأحوال الاستثنائية التي توجب سحب القرار دون التقيد بموعد الستين يوما فتصدر جهة الإدارة قرارها بالسحب في أي وقت كان حتى بعد فوات هذا] (83).

[ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن القرارات الإدارية التي تولد حقا أو مركزا شخصيا للأفراد لا يجوز سحبها في أي وقت متى صدرت سليمة استجابة لدواعي المصلحة العامة التي تقتضي استقرار تلك القرارات، أما القرارات الفردية غير المشروعة فالقاعدة فيها عكس ذلك إذ يجب على جهة الإدارة أن تسحبها التزاما منها بحكم القانون وتصويبا للأوضاع المخالفة إلا أن دواعي المصلحة العامة تقتضي أيضا إذا صدر قرار معيب من شأنه أن يولد حقا أن يستقر هذا القرار عقب فترة معينة من الزمن بحيث يسرى عليه ما يسرى على القرار الصحيح وقد اتفق على تحديد هذه الفترة بستين يوما من تاريخ نشر القرار أو إعلانه قياسا على مدة الطعن القضائي بحيث إذا انقضت هذه الفترة اكتسب القرار حصانة تعصمه من أي إلغاء أو تعديل ويصبح عندئذ لصاحب الشأن حق مكتسب فيما تضمنه من هذا القرار وكل إخلال بهذا الحق بقرار لاحق يعد أمرا مخالفا للقانون يعيب القرار الأخير ويبطله بيد أن ثمة استثناءات من موعد الستين يوما هذه تتمثل أولا فيما إذا كان القرار المعيب معدوما أي لحقت به مخالفة جسيمة للقانون تجرده من صفته كتصـــــرف قانوني لتنزل به إلى حد غصب السلطة وتنحدر به إلى مجرد الفعل المادي المنعدم الأثر قانونا فلا تلحقه أية حصانة وثانيا فيما لو حصل أحد الأفراد علي قرار إداري نتيجة غش أو تدليس من جانبه فهذه الأحوال الاستثنائية تجيز سحب القرار دون التقيد بموعد الستين يوما ولجهة الإدارة أن تصدر قرارها بالسحب حتى بعد فوات هذا الموعد] (84).

[ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جري علي أن القرارات الإدارية التي تولد حقاً أو مركزا شخصياً للأفراد لا يجوز سحبها في أي وقت، وذلك استجابة لدواعي المصلحة العامة التي تقتضي استقرار تلك المراكز، فإذا كانت غير مشروعة تعين علي جهة الإدارة أن تسحبها التزاماً بحكم القانون وتصحيحاً للأوضاع المخالفة، إلا أن ذلك رهين بأن يكون ذلك خلال الفترة المحددة للطعن علي القرار بدعوى الإلغاء، وذلك أيضاً لدواعي المصلحة العامة التي تقتضي أنه إذا صدر القرار معيباً وكان من شأنه ترتيب حق للغير فإن هذا القرار وجب أن يستقر عقب مضي فترة معينة علي صدوره، بحيث يسري عليه بعد ذلك ما يسري علي القرار الصحيح الذي يصدر في الموضوع ذاته، ولا يجوز بعد انقضاء هذه الفترة التي اكتسب القرار فيها حصانة أن يكون عرضة لعملية السحب أو الإلغاء ويصبح عندئذ لصاحب الشأن حق مكتسب فيما تضمنه القرار، وكل إخلال بهذا الحق بقرار لاحق يعد امراً مخالفاً للقانون يعيب القرار الأخير ويبطله .

إلا أنه ثمة استثناءات ترد على هذه القاعدة بحيث يجوز سحب القرار فيها حتى بعد مضي ستين يوماً على صدور القرار أو العلم به:

أولهما: فيما إذا كان القرار المعيب معدوماً.

ثانيهما: فيما لو حصل أحد الأفراد على قرار إداري نتيجة غش أو تدليس من جانبه.

وهذه الحالات الاستثنائية تجيز سحب القرار دون التقيد بميعاد الستين يوماً] (85).

[ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جري علي أن القرارات الإدارية التي تولد حقا أو مركزا شخصياً للأفراد لا يجوز سحبها في أي وقت، وذلك استجابة لدواعي المصلحة العامة التي يقتضي استقرار تلك المراكز، فإذا كانت غير مشروعة تعين علي جهة الإدارة أن تسحبها التزاما بحكم القانون وتصحيحا للأوضاع المخالفة، إلا أن ذلك رهين بأن يكون ذلك خلال الفترة المحددة للطعن علي القرار بدعوى الإلغاء، وذلك أيضا لدواعي المصلحة العامة التي تقتضي أنه إذا صدر القرار معيبا وكان من شأنه ترتيب حق للغير فإن هذا القرار وجب أن يستقر عقب مضي فترة معينة علي صدوره، بحيث يسري عليه بعد ذلك ما يسري علي القرار الصحيح الذي يصدر في الموضوع وأنه، ولا يجوز بعد انقضاء هذه الفترة التي اكتسب القرار فيها حصانة أن يكون عرضه لعملية السحب أو الإلغاء ويصبح عندئذ لصاحب الشأن حق مكتسب فيما تضمنه القرار، وكل إخلال بهذا الحق بقرار لاحق يعد أمراً مخالفا للقانون يعيب القرار الأخير ويبطله، إلا أنه ثمة استثناءات ترد علي هذه القاعدة بحيث يجوز سحب القرار فيها حتي بعد مضي ستين يوما علي صدور القرار أو العلم به.

أولهما: فيما إذا كان القرار المعيب معدوما وثانيهما: فيما لو حصل أحد الأفراد على قرار إداري نتيجة غش أو تدليس من جانبه، وهذه الحالات الاستثنائية يجيز سحب القرار دون التقيد بميعاد الستين يوما] (86).

[القرارات الإدارية التي تولـــد حقاً أو مركزاً شخصياً للأفراد لا يجوز سحبها في أي وقت متى صدرت سليمة، أما القرارات الفردية غير المشروعة فيجب على جهة الإدارة أن تســحبها التزاماً منها بحكم القانون وتصويباً للأوضاع المخالفة، إلا أن دواعي المصلحة العامة تقتضى أنه إذا صدر قرار معيب من شأنه أن يولد حقاً، فإن هذا القرار يستقر بعد فترة معينة من الزمن ويسرى عليه ما يسرى على القرار الصحيح، وقد حددت هذه الفترة بستين يوماً من تاريخ نشر القرار أو إعلانه قياساً على مدة الطعن القضائي بحيث إذا انقضت هذه الفترة اكتسب القرار حصانة تعصمه من أي إلغاء أو تعديل ويصبح لصاحب الشأن حق مكتسب فيما تضمنه القرار، والإخلال بهذا الحق بقرار لاحق يعد أمراً مخالفاً للقانون يعيب القرار الأخير ويبطله، وثمة استثناءات من ميعاد الستين يوماً تتمثل فيما إذا كان القرار المعيب معدوماً -أي لحقت به مخالفة جسيمة للقانون تجرده من صفته كتصرف قانوني وتنزل به إلى حد غصب السلطة ويصبح مجرد فعل مادى منعدم الأثر فلا تلحقه حصانة، كذلك لو حصل أحد الأفراد على قرار إداري نتيجة غش أو تدليس من جانبه، لأن الغش يعيب الإرادة ويفسد الرضاء ويصبح القرار المبنى عليه مخالفاً القانون ويجوز سحبه دون التقيد بميعاد](87).

[ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن القرارات الإدارية التي تولد حقا أو مركزا شخصيا للأفراد لا يجوز سحبها في أي وقت متى صدرت سليمة استجابة لدواعي المصلحة العامة التي تقتضي استقرار تلك القرارات، أما القرارات الفردية غير المشروعة فالقاعدة فيها عكس ذلك إذ يجب على جهة الإدارة أن تسحبها التزاما منها بحكم القانون وتصويبا للأوضاع المخالفة إلا أن دواعي المصلحة العامة تقتضي أيضا إذا صدر قرار معيب من شأنه أن يولد حقا أن يستقر هذا القرار عقب فترة معينة من الزمن بحيث يسرى عليه ما يسرى على القرار الصحيح وقد اتفق على تحديد هذه الفترة بستين يوما من تاريخ نشر القرار أو إعلانه قياسا على مدة الطعن القضائي بحيث إذا انقضت هذه الفترة اكتسب القرار حصانة تعصمه من أي إلغاء أو تعديل ويصبح عندئذ لصاحب الشأن حق مكتسب فيما تضمنه من هذا القرار وكل إخلال بهذا الحق بقرار لاحق يعد أمرا مخالفا للقانون يعيب القرار الأخير ويبطله بيد أن ثمة استثناءات من موعد الستين يوما هذه تتمثل أولا فيما إذا كان القرار المعيب معدوما أي لحقت به مخالفة جسيمة للقانون تجرده من صفته كتصـــــرف قانوني لتنزل به إلى حد غصب السلطة وتنحدر به إلى مجرد الفعل المادي المنعدم الأثر قانونا فلا تلحقه أية حصانة وثانيا فيما لو حصل أحد الأفراد علي قرار إداري نتيجة غش أو تدليس من جانبه فهذه الأحوال الاستثنائية تجيز سحب القرار دون التقيد بموعد الستين يوما ولجهة الإدارة أن تصدر قرارها بالسحب حتى بعد فوات هذا الموعد](88).

حالة القرار المعدوم:
يجوز كذلك سحب القرار الإداري دون التقيد بمدة جواز الطعن في حالة قيامه على غش أو تدليس من جانب صاحب المصلحة. إذ القاعدة أن الغش يفسد كل شيء. كما أن حسن نية المستفيد من القرار هي التي تبرر عدم جواز المساس به بعد فوات مواعيد الطعن، فإذا انتفى حسن نية فاتت الحكمة من حماية القرار (89).

[إن القاعدة المستقرة هي أن القرار الإداري يجب أن يقوم على سبب يبرره في الواقع وفى القانون وذلك كركن من أركان انعقاده، والسبب في القرار الإداري هو حالة واقعية أو قانونية تحمل الادارة على التدخل بقصد أحداث أثر قانوني هو محل القرار ابتغاء الصالح العام الذى هو غاية القرار، وأنه ولئن كانت الإدارة غير ملزمة بتسبيب قرارها ويفرض في القرار غير المسبب أنه قام على سببه الصحيح الا أنها إذا ذكرت أسبابا له فإنها تكون خاضعة لرقابة القضاء الإداري للتحقيق من مدى مطابقتها أو عدم مطابقتها للقانون وأثر ذلك في النتيجة التي انتهى إليها القرار، وأن القرارات التي تولد حقا أو مركزا شخصيا للأفراد لا يجوز سحبها في أي وقت متى صدرت سليمة وذلك استجابة لدواعي المصلحة العامة التي تقتضى استقرار تلك الأوامر أما بالنسبة للقرارات الفردية غير المشروعة فالقاعدة عكس ذلك إذ يجب على جهة الادارة أن تسحبها التزاما منها بحكم القانون وتصحيحا للأوضاع المخالفة له، الا أن دواعي المصلحة العامة أيضا تقتضى أنه إذا صدر قرار فردى معيب من شأنه أن يولد حقا فأن هذا القرار يجب أن يستقر عقب فترة معينة من الزمن بحيث يسرى عليه ما يسرى على القرار الصحيح الذى يصدر في الموضوع ذاته، وقد استقر الرأي على تحديد هذه الفترة بستين يوما من تاريخ نشر القرار أو إعلانه قياسا على مدة الطعن القضائي، بحيث إذا انقضت هذه الفترة أكتسب القرار حصانة تعصمه من أي إلغاء أو تعديل ويصبح عندئذ لصاحب الشأن حق مكتسب فيما تضمنه القرار، وكل أخلال بهذا الحق بقرار لاحق يعد أمرا مخالفا للقانون يعيب القرار الأخير ويبطله، الا أن ثمة استثناءات من موعد الستين يوما هذه تتمثل أولا فيما إذا كان القرار المعيب معدوما أي لحقت به مخالفة جسيمة للقانون تجرده من صفته كتصرف قانوني لتنزل به إلى حد غصب السلطة وتنحدر به إلى مجرد الفعل المادي المنعدم الأثر قانونا و لا تلحقه أي حصانة وثانيا فيما لو حصل أحد الأفراد على قرار إداري نتيجة غش أو تدليس من جانبه إذ أن الغش يعيب الرضاء ويشوب الارادة-والقرار الذى يصدر من جهة الإدارة نتيجة هذا الغش والتدليس يكون غير جدير بالحماية بهذه الأحوال الاستثنائية التي توجب سحب القرار دون التقيد بموعد الستين يوما فتصدر جهة الإدارة قرارها بالسحب في أي وقت كان حتى بعد فوات هذا الموعد] (90).

[القرارات الادارية التي تولد حقا أو مركزا شخصيا للأفراد لا يجوز سحبها في أي وقت وذلك استجابة لدواعي المصلحة العامة التي تقتضى استقرار تلك المراكز – إذا كانت غير مشروعية تعين على جهة الادارة أن تسحبها التزاما بحكم القانون وتصحيحا للأوضاع المخالفة الا ان ذلك رهين بأن يكون ذلك خلال الفترة المحددة للطعن على القرار بدعوى الالغاء – لا يجوز بعد انقضاء هذه الفترة التي اكتسب القرار فيها حصانة أن يكون عرضة لعملية السحب أو الالغاء ويصبح عندئذ لصاحب الشأن حق مكتسب فيما تضمنه القرار – كل اخلال بهذا الحق بقرار لاحق يعد امرا مخالفا للقانون يعيب القرار الاخير ويبطله – ثمة استثناءات ترد على هذه القاعدة بحيث يجوز سحب القرار فيها حتى بعد مضى ستين يوما – حالة حصول أحد الافراد على قرار إداري نتيجة غش أو تدليس من جانبه – التدليس عيب من عيوب الارادة إذا شاب التصرف أبطله إعمالا للأصل بأن الغش يفسد كل شيء – يتبقى أن يكون التدليس المصاحب لمراحل إصدار القرار الإداري عملا قصديا يلجأ فيه صاحب الشأن الى طرق احتيالية بنية التضليل للوصول الى غرض غير مشروع يدفع فعلا الادارة الى إصدار قرارها ويلزم فيه أيضا أن يكون صادرا من المستفيد أو يثبت انه كان يعلم به أو من المفروض حتما أن يعلم به بحيث لا يضار المستفيد إن تخلف ركن العلم – اساس ذلك: معاقبة المدلس ذاته وحرمانه من نتيجة عمله] (91).

حالة القرار الذي لم يعلن أو ينشر:
لا تسري المدة التي يجوز فيها سحب القرار الإداري إلا من تاريخ شهره بإعلانه أو نشره حسب طبيعته الفردية أو اللائحية. فإذا لم يتم ذلك فإن مدة السحب لا تبدأ في مواجهة الإدارة وتستطيع سحبه في أي لحظة، ولا في مواجهة الأفراد الذين يستطيعون الطعن فيه قضائيا دون التقييد بميعاد (92).

غير أن هذه الحالة لا تصدق إلا بالنسبة للقرارات الصريحة فقط دون غيرها. أما القرارات الضمنية التي تنشأ – حسب القانون – من سكوت الإدارة خلال مدة معينة، فإنها تصبح نهائية بانتهاء هذه المدة ولا يجوز للإدارة سحبها حتى أبان مدة جواز الطعن فيها (93).

حالة القرارات المبينة على سلطة مقيدة:
ويضيف مجلس الدولة المصري – دون الفرنسي – إلى ذلك حالة القرارات الإدارية المبنية على سلطة مقيدة. أي الحالة التي لا يمنح القانون فيها الإدارة سلطة تقديرية في إصدار قراراتها. إذ في هذه الحالة لا يمنح القانون فيها الإدارة سلطة تقديرية في إصدار قراراتها. إذ في هذه الحالة تنشأ المراكز القانونية من القاعدة التي يطبقها القرار مباشرة، أما القرار نفسه فإنه يشتبه بالعمل المادي. ويرى بعض الفقهاء أن هذا الاتجاه من جانب مجلس الدولة المصري منتقد، لأن القرار المعيب يجب أن يستقر بمضي مدة التقاضي بصرف النظر عن مدى سلطة الإدارة في إصداره (94). غير أن جانب آخر من الفقه يرى أن هذا الاتجاه محمود، لأن القرار غير المشروع الذي ليس للإدارة سلطة تقديرية في إصداره يخالف القانون مخالفة صارخة. يكاد يشتبه فيها بالقرار المعدوم. إذ أن القرار المعيب في هذه الحالة ليس له أي أساس من القانون الذي يستند إليه. ذلك القانون الذي يحرم الإدارة من السلطة التقديرية في مجاله ويلزمها بإصداره على نحو معين لا خيار لها فيه (95).
المبحث الرابع: السلطة التي تملك حق سحب القرار

يتم السحب كقاعدة عامة بواسطة السلطة التي أصدرت القرار أو الجهة الرئاسية لها:

[من المقرر أن السلطة التي تملك سحب القرار الإداري النهائي المشوب هي الجهة التي أصدرته أو الجهة الرئاسية بالنسبة إليها فلا وجه للنعي على القرار الساحب الصادر من ذات الجهة التي أصدرت قرار الحفظ بأنه مشوب بعدم الاختصاص بمقولة أن الفصل في التظلمات بالنسبة إلى موظفي وزارة التربية والتعليم من اختصاص وكيل الوزارة. ذلك أن لمصدر القرار المشوب أن يسحبه من تلقاء نفسه دون انتظار لتظلم ذي الشأن منه] (96).

[إن القاعدة العامة أن السلطة التي تملك سحب القرار الإداري هي السلطة التي أصدرته أو السلطة الرئاسية، وقد كانت هذه هي الحال قبل نفاذ القانون رقم 210 لسنة 1951 الخاص بنظام موظفي الدولة، عندما صدر الجزاء التأديبي الذي توقع على المدعي بخصم خمسة عشر يوماً من مرتبه، فكان طريق الطعن بالتظلم من هذا الجزاء إلى الوزير ممكناً، وكان للوزير -والحالة هذه -أن يسحب مثل هذا القرار، فله أن يسحبه أيضاً حتى بعد نفاذ قانون الموظفين؛ إذ أن هذا القانون لم يستحدث سوى استغلال التظلم الإداري إلي السلطات الرئيسية بالنسبة إلي القرارات الصادرة بعقوبتي الإنذار والخصم من المرتب عن مدة لا تجاوز خمسة عشر يوماً في السنة الواحدة، وما دام القرار-عند صدوره -كان قابلاً للتظلم منه إلي الوزير في ظل القانون القديم، فإن نفاذ قانون موظفي الدولة الجديد لا يحول دون ذلك؛ لما هو معلوم من أن أثر القوانين لا ينسحب على الوقائع السابقة التي تمت قبل العمل بها وقد سبق أن أشارت هذه المحكمة في قضائها إلى أن الحوادث التي تقع وتتم آثارها تحت سلطان القانون القديم ينطبق عليها ذلك القانون ما لم ينص على خلاف ذلك بنص خاص أو كان القانون الجديد مفسراً للقانون القديم؛ إذ في هاتين الحالتين ينسحب أثر القانون الجديد على ما وقع وتم قبل نفاذه، يضاف إلى ذلك أن القوانين الملغية أو المنشئة لطرق الطعن لا تسري على القرارات الصادرة قبل نفاذها، وإلا كان ذلك تطبيقاً لها بأثر رجعي وهو ما لا يجوز إلا بنص خاص فيها، وهذا الأصل من الأصول العامة المسلمة، وقد طبقها قانون المرافعات المدنية والتجارية بالنسبة لما صدر من الأحكام قبل نفاذ القوانين الملغية أو المنشئة لطريق من طرق الطعن، فنص علي أنه: “تسري قوانين المرافعات على ما لم يكن قد فصل فيه من الدعاوى أو تم من الإجراءات قبل تاريخ العمل بها. ويستثنى من ذلك … (3) القوانين المنظمة لطرق الطعن بالنسبة لما صدر من الأحكام قبل تاريخ العمل بها متى كانت ملغية أو منشئة لطريق من تلك الطرق” (م 1 فقرة 3)] (97).

[الأصل في القرار الإداري أنه يجوز الرجوع فيه دائما ممن أصدره أو من السلطة الرئاسية سواء بطريق السحب لمخالفة القرار للقانون Retrait فيقوم السحب عندئذ مقام الإلغاء ولو أتيح له أن يتم في ميعاده أثر القرار من وقت صدوره، أو سواء بالإلغاء Abrogation الذي يزيل أثر القرار في المستقبل] (98).

ويغلب أن يتم سحب القرار صراحة من الجهة التي تملك حق السحب إلا أن السحب يمكن أن يكون ضمنياً ما دام التعبير عن الإدارة في القرار الإداري يمكن أن يستخلص ضمناً إذا صدر من هذه الجهة ما يدل على عدولها عن قراراها السابق فقد قضت المحكمة الإدارية العليا بأن : [أن القرار الذى يصدره مجلس الجامعة في شأن تعيين أعضاء هيئة التدريس -شأنه شأن أي قرار إداري آخر-يجب أن يقوم على سبب صحيح، ولا يكون ثمة سبب للقرار إلا إذا قامت حالة واقعية أو قانونية تسوغ أصدراه وللقضاء الإداري في حدود رقابته القانونية أن يراقب صحة قيام هذه الوقائع وصحة تكييفها القانوني غير أن هذه الرقابة القانونية لا تعنى أن يحل القضاء الإداري نفسه محل مجلس الجامعة المنوط به اصدار القرار بالموافقة على التعيين أو بعدم الموافقة عليه، وذلك اعتبارا بأن هذا الأمر متروك لتقديره ووزنه في ضوء ما تقدمه إليه اللجنة العلمية من بيانات بشأن مدى قيام الحالة القانونية أو الواقعية التي تكون ركن السبب وتبرر بالتالي اصدار القرار-وإنما تجد الرقابة القضائية حدها الطبيعي كرقابة قانونية في التحقق مما إذا كانت النتيجة التي انتهى إليها مجلس الجامعة في هذا الخصوص مستفادة من الأوراق ومستخلصة استخلاصا سائغا من أصول تنتجها ماديا أو قانونا، فإذا كانت منتزعة من أصول غير موجودة أو كانت مستخلصة من أصول لا تنتجها أو كان تكييف الوقائع القائمة ماديا لا ينتج النتيجة التي يتطلبها القانون كان القرار فاقدا لركن من أركانه وهو ركن السبب ووقع مخالفا للقانون، أما إذا كانت النتيجة مستخلصة استخلاصا سائغا من أصول تنتجها ماديا أو قانونا فقد قام القرار على سببه وكان مطابقا للقانون .

ومن ثم ولما كان مجلس جامعة الإسكندرية بعد أن رفض بجلسته المنعقدة يوم 1965/7/29 الموافقة على تعيين المطعون ضده في وظيفته أستاذ مساعد مادة البكتيريولوجيا بالمعهد العالي للصحة العامة استنادا إلى ما ارتآه من أن تقديم بحثين فقط أحدهما جيد والثاني مقبول لا يرقى بالمطعون ضده لاستحقاق الوظيفة، عاد بناء على التظلم المقدم من المدعى فقرر بجلسته المنعقدة يوم 1965/10/26 تكليف عميد المعهد بتقديم مذكرة لإعادة النظر في الموضوع في ضوء ما دار من مناقشات بالجلسة الأولى، فلما أعيد العرض بجلسة 1965/12/28 ناقش المجلس مذكرة عميد المعهد وانتهى إلى الموافقة على تعيين المطعون ضده في الوظيفة المعلن عنها، وذلك بعد تمحيص حالته ومؤهلاته العلمية والأبحاث ذاتها المقدمة منه ثم اعادة الموازنة والترجيح، وبهذه المثابة فإن مجلس الجامعة في قراره الأخير قد دمغ قراره الأول الذى أطرح فيه النتيجة التي انتهت إليها اللجنة العلمية بأنه لم يكن قائما على سبب صحيح من الواقع والقانون ولم يكن مستخلصا استخلاصا سليما من عيون الأوراق، وبالتالي فإن قرار مجلس الجامعة بالموافقة على تعيين المطعون ضده يحمل في طياته افصاحا عن نية المجلس في سحب قراره الأول واعتباره كأن لم يكن وهذا السحب يستتبع العودة بحالة المطعون ضده وأن القرار المسحوب لم يصدر قط ولم يكن له أي وجود قانوني ومن ثم يقتضى الأمر محو كل أثر للقرار المذكور من وقت صدوره وأعاده بناء مركز المطعون ضده وكأن القرار الصادر بالموافقة على تعيينه قد صدر يوم 1965/7/29 وهو تاريخ صدور القرار المسحوب وما يتبع ذلك من أعمال سائر الآثار المترتبة على السحب ] (99).

المبحث الخامس: آثار سحب القرار الإداري
السحب كالإلغاء القضائي يعدم القرار منذ ولادته، ولما كان السحب يرجع إلى مخالفة القرار المسحوب للقانون، فانه يأخذ في العمل إحدى صورتين إما السحب الكلي والذي يتناول القرار جميعه إذا ما كان القرار غير قابل للتجزئة والسحب الجزئي إذا كان القرار قابلا للتجزئة ولم يخالف القانون إلا جزئيا فحينئذ يجوز إن يرد السحب على الجزء المخالف للقانون.

والأصل أن يتم السحب صراحة أي بصدور قرار ساحب من مصدر القرار المسحوب أو من رئيسه، ولكن لما كان القرار الإداري هو مجرد إفصاح عن إرادة الإدارة دون حاجه لان تفرغ هذه الإرادة في صوره معينه، فان السحب قد يتم في صوره ضمنية بان يصدر من الجهة التي تملك السحب ما يدل على عدولها عن قراراها السابق.

وسنتناول في هذا المبحث الآثار المترتبة عن سحب الإدارة لقراراتها وذلك في ثلاث مطالب كالتالي:
المطلب الأول: زوال القرار المسحوب وآثاره القانونية بأثر رجعي

من المسلم به أن السحب يؤدي إلى زوال القرار الإداري وكل ما يترتب علية من أثار وذلك بأثر رجعي، فالسحب يهدد القرار المعيب منذ صدوره ويمحو أثارة، وهو في ذلك يتفق مع الإلغاء القضائي، كما يترتب على القرار الساحب تجريد القرار المسحوب من قوته القانونية من وقت صدوره ومحو أثاره التي تولدت عنه، ومقتضي الأثر الرجعي للسحب هو أن تتدخل الإدارة بقرار أخر جديد لسحب القرار السابق الذي ولد معيبا من وقت صدوره. (100).

وفي هذا المعني تقول المحكمة الإدارية العليا في حكمها الصادر في 2/1/1966 “إن السحب الإداري والإلغاء القضائي كليهما جزاء لمخالفة مبدأ المشروعية يؤدي إلى إنهاء القرار بأثر رجعي اعتبارا من تاريخ صدوره”. (101).

وتقول محكمة القضاء الإداري في حكمها الصادر في 8/3/1955″أن مقتضي الحكم الصادر بالإلغاء –وهي ذات مقتضيات السحب-إرجاع الحال إلى ما كان علية قبل صدور القرار الملغي، على أن تمتنع الإدارة عن اتخاذ أي إجراء تنفيذي ينبني علية ترتيب أثر لهذا القرار بعد إلغائه-أو بعد سحبه-وان تتخذ الإجراءات الكفيلة بتنفيذ مؤدي الحكم مع تطبيق نتائجه القانونية، على أساس افتراض عدم صدور القرار الملغي من بادئ الأمر، وتسوية الحالة على هذا الوضع، ومن ثم تسترد سلطتها في هذه الحدود في الإفصاح عن إرادتها لإحداث مراكز قانونية حسبما لا يتعارض مع هذا الحكم”. (102).

إذا كان السحب، بمعناه السابق يتمثل في إعدام القرار بأثر رجعي، يختلف عن التصرف الإنشائي الذي تجريه الإدارة، ويتضمن تعديلا في المراكز القانونية القائمة، والتي تقتضي تدخل الإدارة لإحداث ذلك الأثر، أو كما تقول محكمه القضاء الإداري في حكمها الصادر في 15/6/1950 “انه ليس كل إلغاء أو عدول من جانب الحكومة عن قراراتها الإدارية النهائية بعد فوات مواعيد الطعن فيها بالإلغاء يعتبر سحبا غير جائز قانونا، إذ عدم جواز السحب مقصور على تلك الحالات التي لا يجد فيها لأصحاب الشأن في تلك القرارات مراكز قانونية جديدة تقتضي تعديلا في حالاتهم بما يطابق القانون، ففي تلك الحالات لا يجوز للحكومة أن تنقض قراراتها السابقة بعد فوات مواعيد الطعن فيها بالإلغاء، لما في ذلك من إخلال بالحقوق المكتسبة لأصحاب الشأن فيها- مما يجد مخالفة قانونية- أما إذا ترتبت لهؤلاء مراكز قانونية جديدة تقتضي على حسب القانون تعديل ما كسبوه منها بمقتضي قرارات إدارية سابقة، فان ذلك لا يعد سحبا لتلك القرارات، وإنما هو تصرف إنشائي تجربه الحكومة في ضوء الوقائع الجديدة في ضوء القانون”(103).
المطلب الثاني: أعاده الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل صدور القرار

يعتبر القرار المسحوب كأن لم يكن من تاريخ صدوره وذلك لـ [أن السحب الإداري والالغاء القضائي كليهما جزاء لمخالفة مبدأ المشروعية يؤدى الى انهاء القرار بأثر رجعى اعتبارا من تاريخ صدوره] (104).

[من حيث إن قضاء هذه المحكمة جري على أن: “الخصومة في دعوى الإلغاء هي خصومة عينية مناطها اختصام القرار الإداري ذاته استهدافاً لمراقبة مشروعية ويترتب على سحب القرار بمعرفة الجهة الإدارية ما يترتب على إلغائه قضائياً إذ يعتبر كأن لم يكن وتزول آثاره من وقت صدوره فإذا استجابت الجهة الإدارية المدعي عليها إلى طلب المدعي في تاريخ لاحق لرفع الدعوى فإن الخصومة تبعاً لذلك ونتيجة له تصبح غير ذات موضوع ويتعين من ثم الحكم باعتبار الخصومة منتهية] (105).

[ومن حيث ان قضاء هذه المحكمة قد جرى على ان ” الخصومة في دعوى الالغاء هي خصومة عينية مناطها اختصام القرار الإداري في ذاته، استهدافا لمراقبة مشروعيته، ويترتب على سحب القرار بمعرفة الجهة الادارية، ما يترتب على الغائه قضائيا اذ يعتبر كان لم يكن وتمحى اثاره من وقت صدوره، وقد استقر القضاء على انه اذا استجابت الجهة الادارية المدعى عليها إلى طلب المدعى في تاريخ لاحق لرفع الدعوى، فان الخصومة تبعا لذلك ونتيجة له، تصبح غير ذات موضوع، ويتعين من ثم الحكم باعتبار الخصومة منتهية في هذا الطلب مع الزام الحكومة بالمصروفات] (106).

و[ان سحب القرار الإداري قد يكون كليا شاملا لجميع محتوياته واثاره، وقد يكون جزئيا مقصورا على بعضها مع الابقاء على بعضها الاخر كل ذلك حسبما تتجه اليه نية الادارة فعلا، ومتى تكشف هذه النية للمحكمة وجب على مقتضاها تحديد مدى السحب وإنزال أثره القانوني] (107).

ومن المسلم به أن سحب القرار الإداري، يؤدي إلى إعدام القرار بالنسبة للمستقبل والماضي أي إلغاء القرار بأثر رجعي، بحيث يصبح وكأنه لم يوجد إطلاقا، ويستتبع هذا بالضرورة إلى تدخل الإدارة لتنفيذ القرار الساحب، وذلك بإعادة الأوضاع إلى ما كانت علية قبل صدور القرار الملغي، مهما طالت الفترة فيما بين صدور القرار وصدور القرار الساحب أو حكم الإلغاء، فلا يجب إن يضار ذوي الشأن من بطء إجراءات التقاضي أو طول فتره السحب (108).

ومما لا شك فيه أن إعمال هذه القاعدة كثيرا ما يتسبب عنها مضايقات شديدة لجهة الإدارة، فإنها مضطرة لإعادة النظر في كثير من القرارات التي صدرت مستندة إلى القرارات الملغية وأيضا إعادة النظر في جميع الآثار التي ترتبي في الماضي، والتي تستند إلى القرار الملغي، وللإدارة في هذا السبيل إن تصدر قرارات ذات أثر رجعي لان تغدو ضرورية لتنفيذ الحكم الصادر بالإلغاء أو القرار الساحب (109).

ومن المبادئ التي قررتها محكمة القضاء الإداري في هذا الشأن، إن الجهة الإدارية تتحمل بالتزامين حيال القرار الساحب أو حكم الإلغاء، أولهما سلبي بالامتناع عن ترتيب أي أثر للقرار المسحوب، وثانيهما ايجابي باتخاذ الإجراءات الكفيلة بتنفيذ مؤدي الحكم أو القرار الساحب وفي هذا المعني تقول محكمة القضاء الإداري في أحد إحكامها “إن القاعدة في تنفيذ أحكام الإلغاء تقضي بتحمل الجهة الإدارية بالتزامين: أحدهما سلبي بالامتناع عن اتخاذ أي إجراء تنفيذي يترتب علية حدوث أثر للقرار بعد إلغائه، وثانيها ايجابي باتخاذ الإجراءات الكفيلة بتنفيذ مؤدي الحكم مع تطبيق نتائجه القانونية وذلك على أساس افتراض عدم صدور القرار الملغي ابتداء”(110).

ومما سبق يتضح لنا أن هناك اثرين للسحب، الأول هو الأثر الهادم، والثاني هو الأثر البناء.

أولا: الآثار الهادمة للقرار الساحب.

فالقرار الساحب يجرد القرار المسحوب من قوته القانونية من وقت صدوره ومحو أثاره التي تولدت بصدوره، أو بمعني أخر، هو إلغاء القرار المعيب بأثر رجعي، والأثر الرجعي في هذا الشأن معناه تدخل الإدارة بقرار جديد لسحب قرار سابق ولد معيبا من وقت صدوره.

ويري الدكتور حسني درويش إن الرجعية في شان سحب القرارات الإدارية غير المشروعة قد تبدو غير مقبولة ولا تتفق مع منطق الأمور، ومثال ذلك سحب قرار الصادر بتعين موظف، يقتضي الأثر الرجعي للسحب اعتبار الإعمال الصادرة منه معدومة لصدورها من غير مختص، ومع ذلك تبقي في الحدود التي تقتضيها نظرية الموظف الفعلي أو الواقعي (111).

ثانيا: الآثار البناءة للقرار الساحب.

إن القرار الساحب لا يستهدف إلغاء القرار المسحوب بأثر رجعي فحسب، وإنما يتعين بحكم اللزوم إعادة الحال إلى ما كانت عليه قبل صدور القرار المسحوب. وبالت إلى فان جهة الإدارة تلتزم بإصدار كافة القرارات التي يقتضيها تحقيق أعاده الحال إلى ما كانت عليه، فإذا القرار المسحوب قرار إداري صادر بفصل موظف فانه يتعين على الإدارة إصدار القرار بإعادة الموظف إلى عمله كما لو كانت خدمته مستمرة وترتيب كافة الآثار التي تنجم عن ذلك. (112).

وفي هذا المعني تقول المحكمة الإدارية العليا في حكمها الصادر في 30/1/1960 “إن سحب القرار الصادر بإلغاء الترقية يترتب عليه عودة الحال إلى ما كانت عليه، فيصبح القرار الأصلي بالترقية قائما منذ تاريخ صدوره”

*ما هو جزاء القرار الإداري الصادر بترتيب أثار مخالفة لإعادة الحال إلى ما كانت عليه؟

تجيب محكمة القضاء الإداري على هذا التساؤل في حكمها الصادر في 7/1/1953 “إذا كان القرار الساحب قرارا صحيحا فان من مقتضاه اعتبار القرار المسحوب في خصوص فصل المدعي كأن لم يكن ويعتبر كأن خدمة الموظف لم تنقطع فيكون القرار الصادر بعد ذلك بتعينه في الخدمة تعيننا جديدا هو قرار باطل، ومن ثم يتعين إلغاؤه باعتبار المدعي ما زال في الخدمة ولم يفصل منها مع ما يترتب على ذلك من أثار مالية وفي تحديد وضعه في الأقدمية بين أقرانه”. (113).

ونخلص من كل ما تقدم إلى أن السحب يزيل القرار المسحوب من الوجود بأثر رجعي، ويعتبر كان لم يكن، كما يعود الحال إلى ما كان عليه قبل صدور ذلك القرار المسحوب، وعلى الجهة الإدارية إصدار كافة القرارات واتخاذ ما يلزم من الإجراءات الكفيلة بتحقيق هذه الغاية.

المطلب الثالث: ما مدي شرعيه القرارات المبنية على قرارات معيبة تحصنت بفوات المواعيد المقررة للسحب قانونا
من المسلم به فقهاً وقضاءً أن القرارات الإدارية غير المشروعة التي تحصنت بفوات مواعيد سحبها أو الطعن عليها بالإلغاء لا تصبح قرارات مشروعة وكما علمنا سابقا أن الدافع وراء ضرورة تحصن تلك القرارات كان هو ضرورة استقرار الأوضاع والمراكز القانونية للإفراد وتغليب القضاء والفقه لهذا المبدأ على مبدأ المشروعية واحترام القانون لذلك فلا يمكن التحدي بان فوات المدة المقررة قانونا للتخلص من ذلك القرار المعيب تقلب ذلك القرار المعيب إلى قرار مشروع.

إن الفقه والقضاء متفق على إن مرور المدة التي يجوز خلالها طلب إلغاء القرار غير المشروع، لا يحول دون طلب التعويضات المترتبة على تنفيذ القرار، وبالت إلى فان استقرار الأمر الإداري في مثل هذه الحالة لا يحجب عدم المشروعية تماما (114).

ولكن الخلاف يظهر حول مدي جواز إصدار قرارات جديدة مبنية على القرارات المعيبة التي تحصنت بفوات مواعيد السحب…. (115).

ويمكن إجمال ذلك الخلاف بين اتجاهين كالتالي:

الاتجاه الأول: يري أن استقرار القرار الإداري غير المشروع لا يصلح أساسا إلا لترتيب الآثار المباشرة للقرار فقط دون الآثار غير المباشرة.

الاتجاه الثاني: فيري إن القرار الإداري غير المشروع يصلح أساسا لإصدار القرارات التي تترتب عليه كما لو كان سليما.

وفيما يلي نعرض لكل اتجاه على حده مدعما بمبادئ محكمه القضاء الإداري والمحكمة الإدارية العليا.

*الاتجاه الأول

يتجه البعض من الفقه وأحكام القضاء إلى بان استقرار الأمر الإداري غير المشروع بفوات مواعيد الطعن لا يصلح أساسا إلا لترتيب الآثار المباشرة للقرار فحسب أما الآثار غير المباشرة فلا يجوز ترتيبها على القرارات غير المشروعة ولو كانت قد استقرت ولقد أكد هذا الاتجاه بعض فتأوي مجلس الدولة ومنها الفتوى رقم 246 الصادرة في 6/3/1966 ونصها:

“إن تحصن القرار الخاطئ لا يعني تحوله إلى قرار صحيح من جميع الوجوه، إذ أن القرارات غير المشوبة بعيب مخالفة القانون التي يحصن بفوات ميعاد الطعن فيها بالإلغاء لا تنتج غير الآثار التي تنشا عنها مباشرة، وبصفة تلقائية دون حاجه إلى تدخل جديد من جانب السلطة الإدارية في صورة تصرف إداري جديد، ومن ثم لا يجوز اتخاذها أساسا لقرار إداري أو إدخالها كعنصر، لان تحصينها لا يسبغ عليها المشروعية ولا تطهرها من العيوب التي شابتها مما يلزم الجهة الإدارية بالاعتداد، لان القول بذلك معناه، إلزام الإدارة باحترام الخطأ، الأمر الذي يتنافى مع حسن سير الإدارة ومبدأ المشروعية(116).

ومن أحكام محكمة القضاء الإداري المؤيدة لهذا الاتجاه الحكم الصادر في جلسة 17/6/1961 والذي جاء فيه:

“أما إذا تحصنت القرارات بفوات ميعاد المطالبة بالإلغاء، فإنها لا تنتج غير الآثار التي تنشأ عنها مباشرة وبصفة تلقائية، أي دون حاجه إلى تدخل جديد من جانب السلطة الإدارية في صورة قرار إداري جديد، ومن ثم لا يجوز اتخاذها أساسا لقرار إداري أخر، أو إدخالها كعنصر من عناصره لان تحصنها لا يسبغ عليها المشروعية، ولا يطهرها من العيوب التي شابتها بحيث تكون الجهة الإدارية ملزمه بوجوب الاعتداد بهذه القرارات، لان القول بغير ذلك معناه إلزامها باحترام الخطأ الأمر الذي يتنافى مع حسن سير الإدارة ومبدأ المشروعية. (117).

ويري سيادة المستشار حمدي ياسين عكاشة مؤيدا بذلك الدكتور سلمان الطماوي انه لا يمكننا الدفاع عن هذا الاتجاه، ذلك أن تحصن القرار الإداري غير المشروع يقتضي أن يعامل القرار غير المشروع معامله القرار السليم في كل ما لم يرد به نص مخالف، وإلا لما كان لتحصنه نتيجة، ذلك إن دواعي الاستقرار هي الحجة الرئيسية لتحصن القرارات الفردية غير المشروعة بصرف النظر عن العيب الذي شاب القرار بعد مرور وقت معقول، وان تعامل الإدارة الأفراد على هذا الأساس، وعلي ذلك نري أن القرار الفردي غير المشروع يصلح هنا أساسا لإصدار كافه القرارات التي تترتب عليه كما لو كان سليما وهو ما يتفق مع ما قال به أنصار الاتجاه الثاني(118).

كما يقول الدكتور سلمان الطماوي إن نظريه تحصين القرارات الإدارية المعيبة بفوات المدة تفد أساسها لو قصرناها على الآثار المباشرة هذا فضلا عن صعوبة التميز بين الآثار المباشرة وغير المباشرة ولهذا فان القرار غير المشروع، الذي يتحصن بمرور مدد التقاضي دون أن يسحب إداريا أو يلغي قضائيا، ينتج كافة الآثار التي من شانها التي تترتب علية لو كان سليما، سواء أكانت تلك الآثار مباشرة أو غير مباشره ولا يخرج من ذلك إلا نتائج محدودة رتبها المشرع أو القضاء وأهمها:

(1) انه يجوز طلب التعويض عن القرار المعيب رغم تحصنه لان دعوي التعويض مدتها أطول من مدة دعوي الإلغاء.

(2) إن اللوائح (القرارات التنظيمية) رغم تحصنها يمكن شل أثارها بأحد أسلوبين:

– الطعن بعدم شرعيتها إذا أرادت الإدارة تطبيقها على الإفراد لان الدفع بعد الشرعية لا يسقط بالتقادم

– يمكن طلب إلغاء القرارات الإدارية الفردية التي تصدر تطبيقا للائحة المعيبة بالغرم من تحصنها، وذلك استنادا إلى ما في اللائحة من عيوب (119).

*الاتجاه الثاني

يري أنصار هذا الاتجاه وهم الغالبية من الفقه وأحكام القضاء انه يجوز أن تصدر الجهة الإدارية قرارات إدارية آخري استنادا إلى القرار الإداري المعيب الذي تحصن بفوات مواعيد السحب، وان ذلك نتيجة منطقية لاستقرار القرار الإداري المعيب فقرار التعين غير المشروع إذا ما تحصن واستقر كان أساسا صالحا ليس فقط لترتيب الآثار المباشرة للتعين من تسلم العمل وتقاضي الراتب المقرر لوظيفته وإنما أيضا لترتيب الآثار غير المباشرة الخاصة بحياة الموظف كالقرارات الصادرة بالترقية وبمنح المكافآت وخلافة(120).

وقد أصدر القسم الاستشاري لمجلس الدولة فتوى في 9/4/1966 والتي ورد فيها:

“إن القرارات التي صدرت بضم مدد بحث سابقة في الأقدمية في وظيفة باحث على خلاف أحكام القانون تعتبر مخالفة للقانون، ويجوز سحبها في أي وقت دون التقيد بميعاد الستين يوما، إذ أنها من قبيل قرارات التسوية التي لا تتمتع بالحصانة بمضي ذلك الميعاد، إلا انه بالنسبة إلى قرارات الترقية إلى وظيفة أستاذ باحث مساعد التي صدرت بالاستناد إلى قرارات ضم مدد البحث المخالفة للقانون فإنها تعتبر بدورها مخالفة للقانون، ومن ثم تعتبر باطله، إلا أنها تتحصن بانقضاء ميعاد الستين يوما، بحكم كونها قرارات إدارية صادرة بالترقية لا قرارات تسوية، ولا يجوز بعد انقضاء هذا الميعاد سحبها حتى ولو تم سحب قرارات ضم مدد البحث التي بنيت عليها”(121).

وفي هذا المعني نجد حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر في 1966 والذي تصوغ فيه المحكمة هذه القاعدة في ألفاظ واضحة حيث تقول:

“إن القرار الإداري المعيب، متى كان من شأنه إن يولد حقوقا بالمعني الواسع، فان حق الإدارة في سحبه يقوم في الفترة التي يكون فيها مهددا بالإلغاء القضائي، وانقضاء ميعاد الطعن بالإلغاء معناه صيرورة القرار الإداري محل الطعن حصينا ضد الإلغاء، وهو ما يجعله في حكم القرار المشروع، مما يجعله لنفس السبب مصدرا يعتد به شرعا لمراكز قانونيه صحيحة، ولحقوق مكتسبه لذوي المصلحة فيه، بحيث لا يكون من المقبول والحالة هذه أن يباح للإدارة اغتصاب هذه الحقوق بأي شكل كان، وذلك مهما يكن القرار مصدر هذه الحقوق خاطئا أو مخالفا للقانون، ما لم تصل المخالفة للقواعد التشريعية بالقرار الإداري إلى حد الانعدام، مما يفقده صفة القرار الإداري، ويهبط به إلى مجرد الأعمال المادية التي لا تتمتع بشيء من الحصانة “(122).

ويعلق الدكتور سليمان الطماوي على هذا الاتجاه “لقد كان من الممكن اعتبار المبدأ السابق من قبيل المسلمات القضائية لو لا أننا وجدنا حكما للمحكمة الإدارية العليا وفتوى للقسم الاستشاري تورد قيدا على ذلك المبدأ من مقتضاه إن القرار المعيب الذي يتحصن بفوات الميعاد لا يترتب علية إلا الآثار المباشرة دون الآثار غير المباشرة”.
الخاتمة

ومن خلال ما سبق يستخلص من هذا البحث أنه:

أولا: يترتب على سحب القرارات الإدارية، إلغاء كافة الآثار الناشئة عنه، سواء تلك التي ترتبت في الماضي، أو التي يمكن أن تترتب في المستقبل، بالإضافة إلى التزام الإدارة بإعادة الحال إلى ما كان عليه قبل صدور القرار.

ثانيا: قد يكون سحب القرار كاملا، أي يشمل جميع بنوده، إذا كان القرار غير قابل للتجزئة، وقد يكون السحب جزئيا، أي يشمل بعض بنوده دون البعض الأخر، وذلك إذا كانت المخالفة تمس بعض بنوده فقط، وكان القرار قابلا للتجزئة.

ثالثا: الأصل أن تقوم الإدارة بسحب القرار الإداري غير المشروع سحبا صريحا، أي بصدور قرار إداري صريح بالسحب سواء من السلطة مصدرة القرار أو من السلطة الرئاسية بالنسبة لها، إلا انه من الجائز إن يتم السحب بطريقة ضمنية.

رابعا: لا يجوز أن يؤدي سحب القرارات الإدارية غير المشروعة إلى توقف أو إعاقة السير المنتظم للمرافق العامة باطراد بأي حال من الأحوال، فإذا وقع بين سحب قرار إداري غير مشروع وبين مبدأ انتظام وحسن سير المرافق العامة، فان الأولوية لذلك المبدأ الأخير.

خامسا: يعتبر سحب القرار الإداري قرارا إداريا جديدا، وهو في ذلك يخضع لكل ما تخضع له القرارات الإدارية من قواعد وأحكام، بما فيها قابليته للتظلم منه والطعن فيه قضائيا.

سادسا: أن انقضاء المدة القانونية على القرار غير المشروع دون سحبة إداريا، أو إلغائه قضائيا، وبالت إلى تحصنه لا يؤدي إلى إغلاق الباب نهائيا في وجه المضرورين من القرار لعلاج ما أصابهم من ضرر، ولكن يظل إمامهم أكثر من طريق وذلك مثل حقهم في طلب التعويض (123).
المراجع

(1) موقع www.eastlaws.com

(2) القانون الإداري (النشاط الإداري) الدكتور/عبد العظيم عبد السلام عبد الحميد والدكتور/عبد الرؤوف هاشم محمد طبعة 2003 الناشر مكتبة الرواد

(3) الاتجاهات الحديثة للقضاء الإداري في الرقابة على ملائمه قرارات نزع الملكية للمنفعة العامة للدكتور/محمد صلاح عبد البديع السيد طبعة 2006 الناشر دار النهضة العربية

(4) نهاية القرار الإداري عن غير طريق القضاء للدكتور/حسني درويش عبد الحميد الناشر دار الفكر العربي

(5) القرار الإداري في قضاء مجلس الدولة للمستشار/حمدي ياسين عكاشة طبعه 1987 الناشر منشأ المعارف بالإسكندرية

(6) قضاء التأديب للدكتور حمدي عمر والدكتور مجدي شعيب طبعة 2004

(7) النظرية العامة للقرارات الإدارية دراسة مقارنة للدكتور سليمان الطماوي الطبعة الرابعة 1976 الناشر دار الفكر العربي

(8) الوجيز في القانون الإداري دراسة مقارنة للدكتور سليمان الطماوي طبعه 1979 الناشر دار الفكر العربي

(9) مبادئ القانون الإداري دراسة مقارنة للدكتور سليمان الطماوي الطبعة الثالثة 1979 الناشر دار الفكر العربي

(10) القانون الإداري دارسة مقارنة لتنظيم نشاط الإدارة العامة – أساليب الإدارة العامة ووسائلها وامتيازاتها للدكتور احمد حافظ نجم الطبعة الأولي 1981

(11) القضاء الإداري ” مبدأ المشروعية-دعوي الإلغاء ” للدكتور عبد الرؤوف هاشم محمد والدكتور مدحت احمد يوسف غنايم طبعة 2004

شارك المقالة

1 تعليق

  1. حلمي ابو الفضل

    9 نوفمبر، 2017 at 10:35 م

    البحث غاية في الروعة، سلمت يد من اعده، وان كنت اتمني ان يتم الاسترشاد والاستشهاد والاستدلال باحكام وفتاوي حديثة متزامنه مع توقيت اعداد البحث، واظن ان >لك من شأنه ان يزيد البحث كمالا، ولي استفساران: الاول مدي صحة ماورد بالبحث من اطلاق الحكم بأن القرارات الادارية المعيبة لاتولد حقوقا مكتسبة، ومامدي صحة ماقرأته من ان المحكمة الادارية العليا اعطت احقية لجهة الادارة في سحب القرار المعيب نسبيا دون التقيد بمواعيد السحب ا>ا ماتعلق القرار بالمرتبات ومافي حكمها ( بالاضافة طبعا الي الحالات المعروفة من حالات القرار المنعدم وحالات الغش والتدليس وحالات السلطة المقيدة للادارة .. الخ)، واكون شاكرا لو تفضلتم بالرد علي تلك الاستفسارات، تقبل تحياتي.. موبايل 01226974945

اترك تعليقاً

لن يتم نشر بريدك الالكتروني.