لقد استقر القضاء في مصر على اخضاع هذه اللوائح لرقابته فمجلس الدولة يكون له النظر في هذه اللوائح قبل إقرار البرلمان لها أما بعد ذلك فيختص بها القضاء الدستوري (1) ، وعلى ذلك قضت محكمة القضاء الاداري بان (( وان كانت السوابق القضائية تؤيد القول بان القرارات الجمهورية بقوانين هي قرارات ادارية يجوز الطعن فيها أمام مجلس الدولة لحين عرضها على البرلمان الا ان الرقابة القضائية على هذه القرارات بقوانين تتابى ان تبحث في القرار بقانون من وجهة مطابقته أو عدم مطابقته للقوانين للقوانين العادية الصادرة عن السلطة التشريعية … لتنحصر الرقابة عليه في التأكيد من التزامه باحكام الدستور ….))(2) .

وقد أكدت المحكمة الدستورية العليا بتاريخ 6/1/2001 بان (( وحيث ان المستفاد من هذا النص ان الدستور وان جعل لرئيس الجمهورية اختصاصا في اصدار قرارات تكون لها قوة القانون وفي غيبة مجلس الشعب الاانه رسم لهذا الاختصاص الاستثنائي حدودا ضيقة تفرضها طبيعتها الاستثنائية منها ما يتعلق بشروط ممارسته ومنها ما يتصل بمآل ماقد يصدر من قرارات استنادا اليه فاوجب …ان يكون مجلس الشعب غائباً وان تطرأ خلال هذه الغيبة ظروف تتوافر فيها حالة الضرورة التي تسوغ لرئيس الجمهورية سرعة مواجهتها بتدابير لاتحتمل التاخير إلى حين انعقاد مجلس الشعب باعتبار ان تلك الظروف هي مناط هذه السلطة وعلة تقديرها واذا كان الدستور يتطلب هذين الشرطين لممارسة ذلك الاختصاص التشريعي الاستثنائي فان رقابة المحكمة الدستورية العليا تمتد اليهما للتحقق من قيامهما باعتبارهما من الضوابط المقررة في الدستور … كما تمتد الرقابة ايضا للتحقق من سلامة الإجراءات واحترام المواعيد التي تطلبها الدستور في عرض تلك القرارات على مجلس الشعب للنظر في اقرارها أو علاج اثارها وذلك حتى لايتحول هذا الاختصاص التشريعي الاستثنائي إلى سلطة تشريعية كاملة مطلقة لاقيد عليها ))(3).

وعلى ذلك فقد اعملت المحكمة الدستورية العليا هذه المعايير بالنسبة للقرار بقانون رقم 44لسنة 1979 المعدل لقانون الاحوال الشخصية وقضت بعدم دستورية هذا القرار بقانون المذكور وذلك في حكمها الصادر في 4/5/1985 حيث جاء فيه (( ان الاسباب التي استندت اليها الحكومة في التعجيل في اصدار القرار بقانون رقم 44لستة 1979 في غيبة مجلس الشعب تتمثل في ما اوردته المذكرة الايضاحية من (ان القوانين رقم 25 لسنة 1920 ورقم 25 لسنة 1929 الخاصين ببعض احكام الاحوال الشخصية قد مضى على صدورهما قرابة 50عاما طرا فيها على المجتمع كثير من التغيير المادي والادبي …مما دعا إلى البحث عن احكام الاحوال التي استجدت في حياة المجتمع المصري وذلك في نطاق نصوص الشريعة…) لما كان ذلك وكانت الاسباب سالفة البيان وحاصلها مجرد الرغبة في تعديل قوانين الاحوال الشخصية بعد ان طال الامر على العمل بها … وان جاز ان تندرج في مجال البواعث والاهداف التي تدعو سلطة التشريع الاصلية إلى سن قواعد قانونية جديدة الا انه لاتتحقق لها الضوابط المقررة في الفقرة الأولى من المادة 147 من الدستور ذلك ان تلك الاسباب تفيد انه لم يطرا خلال غيبة مجلس الشعب ظرف معين يمكن ان تتوافر معه تلك الحالة التي تصل بها رخصة التشريع الاستثنائية …. ومن ثم فان القرار بقانون رقم 44 لسنة 1979… يكون مشوبا بمخالفة الدستور ))(4) .

وكذلك قضت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية القرار بقانون رقم 154لسنة 1980، الخاص باضافة بند جديد الى المادة (34) من قانون حماية القيم من العيب رقم (95) لسنة 1980، وذلك بتاريخ 2/1/1999 حيث جاء فيه ((وحيث انه يبين من الاطلاع على قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 154لسنة 1981 انه قد صدر دون مذكرة ايضاحية تفصح عن الاسباب التي استندت اليها الحكومة في التعجيل باصداره في غيبة مجلس الشعب الا انه عند عرض القرار بالقانون المشار اليه على مجلس الشعب للنظر في اقراره ادى وزير الدولة لشؤون مجلس الشعب … ان رئيس الجمهورية أصدر ذلك القرار بقانون طبقا للصلاحية التي خولها له الدستور في المادة (147) وانه قد صدر لفتح باب التظلم أمام من شملتهم الإجراءات التي اتخذها رئيس الجمهورية طبقا للمادة (74) من الدستور ، وهو ما اورده ايضا تقرير لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية لمجلس الشعب في هذا الشان ، وكان ذلك وان جاز ان يندرج في مجال البواعث والاهداف … الا انه لا يصلح سندا لقيام حالة الضرورة المبررة لاصدار هذا القرار بقانون … صدر دون مراعاة الضوابط التي حددها نص المادة (147) من الدستور لمباشرة رئيس الجمهورية سلطته الاستثنائية في مجال اصدار القرارات التي تكون لها قوة القانون ومناطها قيام ضرورة تقتضي الاسراع في اتخاذ تدابير لا تحتمل التاخير وذلك في غيبة مجلس الشعب ، واذ أصدر رئيس الجمهورية بياناً إلى الشعب في 5 سبتمبر سنة1981 اكد فيها ان الاحداث التي وقعت في الزاوية الحمراء …. قد انتهت….. فان مؤدى ذلك انتفاء حالة الضرورة التي يضطر معها رئيس الجمهورية إلى استخدم سلطته التشريعية الاستثنائية باصداره القرار بقانون محل الطعن))(5).

أما بالنسبة للقانون الأساسي فقد عهد بالرقابة على هذه اللوائح إلى المحكمة العليا ولم تنظر هذه المحكمة بدستورية أي مرسوم صدر وفقا للمادة (26/3) طيلة مدة نفاذ القانون الأساسي العراقي منذ عام 1925-1958 رغم مخالفتها لاحكام الدستور ويرجع البعض السبب في ذلك إلى ان الاحالة على هذه المحكمة ودعوتها لممارسة اختصاصاتها كان متوقفا على موافقة السلطة التنفيذية وحدها فهي لاتكون في حالة انعقاد دائم بل تنعقد بناء على دعوة الحكومة لها وكذلك الاحالة اليها لاتتم الابعد موافقة الحكومة على ذلك ، وبذلك فان الحكومة لن تعرض هذه المراسيم التي اصدرتها للطعن عليها أمام هذه المحكمة التي وان مارست اختصاصها فيكون بناء على موافقة الحكومة(6).

_______________

1- د. رأفت فودة : الموازنات الدستورية لسلطات رئيس الجمهورية الاستثنائية في دستور 1971 ، القاهرة ، دار النهضة العربية ، 2000 ، ص468- وما بعدها ، د. سليمان محمد الطماوي : النظم السياسية والقانون الدستوري ، القاهرة ، دار الفكر العربي ، 1988 ،ص484 .

2- اورده د. محمد ماهر أبو العينين : دعوى الإلغاء أمام القضاء الإداري ، الكتاب الأول ، الإسكندرية ، دار الكتب القانونية ، 1998 ، ص92- 93 .

3- اوروده د. سامي جمال الدين : القانون الدستوري والشرعية الدستورية على ضوء قضاء المحكمة الدستورية العليا ، ط2 ، الإسكندرية ، منشأة المعارف ، 2005 ، ص307 .

4- اورده د. مصطفى أبو زيد فهمي : الدستور المصري ومبادئ الأنظمة السياسية ، الإسكندرية ، دار المطبوعات الجامعية ، 2004 ، ص608-609 .

5- لمزيد من التفاصيل حول هذا الحكم ينظر: د. عبد الفتاح مراد : شرح الحريات العامة وتطبيقات المحاكم بشأنها ، الإسكندرية ، المكتب الجامعي الحديث ، 2002 ص601- وما بعدها .

6- لمزيد من التفاصيل ينظر : د. إسماعيل مرزة : مبادئ القانون الدستوري والعلم السياسي ، ط3 ، بغداد ، دار الملاك للفنون والآداب والنشر ، 2004 ، ص226- وما بعدها .

المؤلف : علي سعد عمران
الكتاب أو المصدر : ظاهرة تقوية مركز رئيس الدولة في بعض النظم الدستورية
الجزء والصفحة : ص261-263

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .