حكم تمييز (تعويض)

محكمة التمييز
الدائرة المدنية
جلسة 30/ 5/ 2005
برئاسة السيد المستشار/ منصور حسين – رئيس الجلسة، وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم بركات وعزت عمران ومصطفى مرزوق ومحمد وليد الجارحي.

(53)
(الطعن رقم 387/ 2004 مدني)
1 – مسئولية “المسئولية عن حراسة الأشياء”. تعويض “التعويض في مجال حوادث السيارات”. تمييز “حالات الطعن: الخطأ في تطبيق القانون”. محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير انتقال السيطرة في مسئولية حارس الأشياء”.
– الحراسة الموجبة للمسئولية قيامها على أساس الخطأ المفترض. ماهية ذلك. الأصل في الحراسة أن تكون للمالك. جواز انتقالها إلى غيره بموجب عقد يخول الأخير سلطة الاستعمال والتوجيه والرقابة. العبرة بالسيطرة الفعلية التي يباشرها الغير على الشيء لحساب نفسه. مؤدى ذلك: أن المشتري حارس باستلام المبيع وممارسته سلطاته عليه كمالك. بقاء الحراسة له ولو أبطل العقد أو فسخ حتى يرد المبيع إلى البائع. تقدير قيام الدليل على انتقال السيطرة من شخص الآخر. موضوعي.

– انتقال السيطرة الفعلية على السيارة المتسببة في الحادث إلى المشتري بتسلمه لها بموجب عقد شراء. مؤداه. صيرورته حارسًا عليها وانتفاع هذه الصفة عن البائع. إلزام البائع بالتعويض بالتضامن مع المشترى منه. خطأ يوجب تمييز الحكم جزئيًا.

1 – من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن العبرة بالحراسة الموجبة للمسئولية على أساس الخطأ المفترض – هي بالسيطرة الفعلية للشخص سواء كان طبيعيًا أو معنويًا على الشيء التي تمكن صاحبها من الهيمنة والتسلط عليه لحساب نفسه بحيث يكون زمامه في يده، والأصل أن تكون الحراسة للمالك بتقدير أن حق الملكية يخول صاحبه كافة السلطات التي تخولها الحراسة وأنه إنما يمارسها لحساب نفسه ولكن الحراسة قد تنتقل من المالك إلى غيره بموجب عقد يخول الأخير سلطة الاستعمال والتوجيه والرقابة والعبرة هنا بالسيطرة الفعلية التي يباشرها الغير على الشيء لحساب نفسه فالمشتري يعتبر حارسًا باستلام المبيع وممارسة سلطاته عليه كمالك وتبقى له الحراسة منذ استلامه الشيء ولو أبطل العقد أو فسخ حتى يرد المبيع إلى البائع، والمقرر أنه وإن كان تقدير قيام الدليل على انتقال هذه السيطرة من شخص لآخر من سلطة محكمة الموضوع إلا أن ذلك مشروط بأن تقيم قضاءها في هذا الخصوص على أسباب سائغة تكفي لحمله.

لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن المطعون ضده الأول انتقلت إليه السيطرة الفعلية على السيارة المتسببة في الحادث الذي أدى إلى وفاة مورثة المطعون ضدهم أولاً وأصبحت له الهيمنة والتسلط عليها لحساب نفسه كمالك لها بتسلمه لها بتاريخ 11/ 11/ 2000 بموجب عقد الشراء الصادر له من الطاعنة في نفس التاريخ والغير مجحود منه وعليه أصبح هو الحارس المسئول عنها مما تنتفي معه هذه الصفة عن الطاعنة وبالتالي تنتفي مسئوليتها عن الأضرار التي ترتبت عن الحادث الذي أدى إلى وفاة مورثة المطعون ضدهم وتصبح الدعوى قبلها على غير أساس، وإذ ألزم الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه الطاعنة بالتضامن مع المطعون ضده (ثانيًا) بأن تؤدي إلى المطعون ضدهم أولاً الدية والتعويض المقضى به فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يعيبه ويوجب تمييزه تمييزًا جزئيًا في هذا الخصوص.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة وبعد المداولة.

حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.

وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضده الأول عن نفسه وبصفته أقام الدعوى 777/ 2003 مدني كلي على الطاعنة والمطعون ضده الثاني بطلب الحكم بإلزامهما بالتضامن بأن يؤديا إلي مبلغ خمسين ألف دينار كدية شرعية وتعويضًا عن الأضرار المادية والأدبية التي أصابتهم من جراء وفاة مورثتهم، وقال بيانًا للدعوى إنه بتاريخ 28/ 9/ 2001 اتصدمت السيارة قيادة المطعون ضده الثاني والمملوكة للطاعنة بسيارة مورثتهم مما أدى إلى وفاتها وتحرر عن الواقعة الجنحة رقم 336/ 2001 الصليبية التي قضي فيها نهائيًا ببراءة المطعون ضده الأول، وإذ كانت الوفاة قد حدثت بفعل الأخير كمباشر وكانت الطاعنة حارسة على السيارة مرتكبة الحادث فقد أقاموا الدعوى.

حكمت المحكمة بإلزام الطاعنة والمطعون ضده ثانيًا بأن يؤديا للمطعون ضده الأول عن نفسه وبصفته مبلغ 10733.334 دينار. استأنفت الطاعنة الحكم بالاستئناف رقم 2056/ 2003 مدني واستأنفه المطعون ضدهم تحت بند أولاً بالاستئناف رقم 1633/ 2003 مدني، وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافين قضت بتاريخ 19/ 4/ 2004 برفض استئناف الطاعنة وفي الاستئناف رقم 1633/ 2003 مدني بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام الطاعنة والمطعون ضده الثاني بالتضامن بأن يؤديا للمطعون ضده الأول عن نفسه وبصفته مبلغ ثمانية عشر ألفًا وثلاثمائة وثلاثة وثلاثين دينارًا وثلاثمائة وأربع وأربعين فلسًا. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق التمييز وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بتمييز الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة المشورة حددت جلسة لنظره وفيها صممت الطاعنة على طلباتها والحاضر عن المطعون ضده الأول طلب رفض الطعن ولم يحضر المطعون ضده الثاني رغم إخطاره والتزمت النيابة رأيها.

وحيث إن مما تنعاه الطاعنة بسببي الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت بانتفاء مسئوليتها لأن السيارة مرتكبة الحادث مملوكة للمطعون ضده الثاني وله عليها السلطة الفعلية بتسلمه لها بموجب عقد الشراء المؤرخ 11/ 11/ 2000 وهو المسئول عن استعمالها وقيادتها وإذ رفض الحكم دفاعها وألزمها بالتضامن مع المطعون ضده المذكور فإنه يكون معيبًا بما يستوجب تمييزه.

وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن العبرة بالحراسة الموجبة للمسئولية على أساس الخطأ المفترض – هي بالسيطرة الفعلية للشخص سواء كان طبيعيًا أو معنويًا على الشيء التي تمكن صاحبها من الهيمنة والتسلط عليه لحساب نفسه بحيث يكون زمامه في يده، والأصل أن تكون الحراسة للمالك بتقدير أن حق الملكية يخول صاحبه كافة السلطات التي تخولها الحراسة وأنه إنما يمارسها لحساب نفسه ولكن الحراسة قد تنتقل من المالك إلى غيره بموجب عقد يخول الأخير سلطة الاستعمال والتوجيه والرقابة والعبرة هنا بالسيطرة الفعلية التي يباشرها الغير على الشيء لحساب نفسه فالمشتري يعتبر حارسًا باستلام المبيع وممارسة سلطاته عليه كمالك وتبقى له الحراسة منذ استلامه الشيء ولو أبطل العقد أو فسخ حتى يرد المبيع إلى البائع، والمقرر أنه وإن كان تقدير قيام الدليل على انتقال هذه السيطرة من شخص لآخر من سلطة محكمة الموضوع إلا أن ذلك مشروط بأن تقيم قضاءها في هذا الخصوص على أسباب سائغة تكفي لحمله. لما كان ذلك،

وكان الثابت بالأوراق أن المطعون ضده الأول انتقلت إليه السيطرة الفعلية على السيارة المتسببة في الحادث الذي أدى إلى وفاة مورثة المطعون ضدهم أولاً وأصبحت له الهيمنة والتسلط عليها لحساب نفسه كمالك لها بتسلمه لها بتاريخ 11/ 11/ 2000 بموجب عقد الشراء الصادر له من الطاعنة في نفس التاريخ والغير مجحود منه وعليه أصبح هو الحارس المسئول عنها مما تنتفي معه هذه الصفة عن الطاعنة وبالتالي تنتفي مسئوليتها عن الأضرار التي ترتبت عن الحادث الذي أدى إلى وفاة مورثة المطعون ضدهم وتصبح الدعوى قبلها على غير أساس، وإذ ألزم الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه الطاعنة بالتضامن مع المطعون ضده (ثانيًا) بأن تؤدي إلى المطعون ضدهم أولاً الدية والتعويض المقضى به فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يعيبه ويوجب تمييزه تمييزًا جزئيًا في هذا الخصوص.

وحيث إن موضوع الاستئناف رقم 2056/ 2003 مدني صالح للفصل فيه ولما تقدم يتعين القضاء بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من إلزامهما بالتضامن مع المطعون ضده الثاني بالتعويض المقضى به للمطعون ضدهم أولاً ورفض الدعوى قبلها.
وحيث إنه بالنسبة للمصروفات شاملة أتعاب المحاماة يلزم بها الخاسر للاستئناف.