المملكة والأمن السيبراني
عثمان بن حمد أبا الخيل

الكرة الأرضية تحوّلتْ إلى قرية صغيرة يتصل سكانها حيث كانوا بعضهم في الوقت المناسب لكل إنسان ويمكن التجول في هذه القرية الصغيرة بواسطة النقر على فأرة الكمبيوتر المربوط بالشبكة العنكبوتية او بأي وسائل التواصل الاجتماعي، فعلاً كما يقال (العالم أصبح قرية صغيرة).

في هذا العالم أقصد القرية هناك من يستغل هذه الثورة العلمية ويسيء استخدامها لذا ظهر الأمن السيبراني (أمن الفضاء المعلوماتي)، تري ما هو الامن السيبراني؟ هناك عدة تعاريف لكنها تتفق على إن الأمن السيبراني هو ممارسة حماية الأنظمة والشبكات والبرامج من الهجمات الرقمية. التي تهدف عادةً إلى الوصول إلى المعلومات الحساسة أو تغييرها أو إتلافها أو ابتزاز المال من المستخدمين أو مقاطعة العمليات التجارية. حتى على المستوي الشخصي الامن السيبراني يحمي من سرقة الهوية أو محاولات الابتزاز أو فقدان البيانات المهمة مثل الصور العائلية وغيرها.

نفتخر إن مملكتنا الغالية الأولى عربياً و13 عالمياً في مؤشر الأمم المتحدة للأمن السيبراني من بين 175 دولة حسب التقرير الصادر في يوم الخميس – 21 رجب 1440 هـ – 28 مارس 2019 مـ. الهيئة الوطنية للأمن السيبراني رؤيتها واضحة وهي (بناء فضاء إلكتروني آمن ومرن لحماية أولويات الوطن والمواطن، ويعمل على تعزيز اقتصاد المملكة العربية السعودية). أما رسالتها (بالتعاون مع الجهات الحكومية والمنشآت الحيوية الحساسة يسعى مركز الأمن الإلكتروني لحماية الفضاء الإلكتروني للمملكة العربية السعودية ضد التهديدات الإلكترونية، والاستجابة للحوادث الإلكترونية، وتفعيل عمليات الدراية الأمنية للوضع الإلكتروني)، وتماشياً مع رؤيـة المملكـة العربية السـعوديّة 2030، فإن الهيئة تسعى لحمايةً المصالح الحيوية للدولة والأمن الوطني والبنى التحتية الحساسة والقطاعات ذات الأولوية والخدمات والأنشطة الحكومية.

هذا الإنجاز المميز جاء تتويجاً للدعم الكبير الذي يجده هذا القطاع من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز حفظة الله، وولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، لدعم خطط وبرامج الأمن السيبراني في المملكة والذي يحقق بمشيئة الله فضاء سيبراني سعودي آمن وموثوق. هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات ممثل المملكة في الاتحاد الدولي للاتصالات لها دور فعال ومميز ويشكر عليه في توضيح مكانة المملكة والإنجازات التي تحققت في الامن السيبراني.

شركات الاتصالات في المملكة لها دور محوريٍ في رؤية المملكة 2030 كممكن للتحول الرقمي في القطاعين الحكومي والخاص في الأمن السيبراني لبناء قدرات محلية واحترافية في بناءً على أفضل الممارسات والمعايير العالمية، إن الهجمات السيبرانية لن تتوقف إلا بالوعي وتثقيف كافة الجهات ذات العلاقة والموظفين وتطبيق الأنظمة والقوانين التي تحمي المعلومات والبيانات.

هناك دراسات حديثة نشرتها شركة الأبحاث الشهيرة «جارتنر» بأنه في عام 2018 بلغت النفقات العالمية المتعلقة بالأمن السيبراني إلى 96 مليار دولار «360 مليار ريال، كذلك واجهت الشركات خسائر مالية مرتفعة نتيجة الاختراقات الأمنية التي أصابتها، إذ أفاد 45 في المائة من الشركات التي تم استطلاع آرائها في تقرير شركة سيسكو السنوي، بأن خسائر شركاتهم فاقت نصف مليون دولار لكل شركة. اما في مملكتنا الغالية ذكرت شركة كاسبير سكاي الأمنية من خلال دراسة أعدتها ان 60% من المنشآت السعودية تعرضت لهجمات الكترونية خلال العام الماضي فقط، و40% ما زالت بحاجة ماسة لتطوير ادواتها الدفاعية ضد مثل هذه الهجمات وهناك دراسات حديثة على أن تكلفة خسائر هذه الهجمات قد تبلغ 30 مليار ريال في 2020.

على العموم خسائر الهجمات السيبرانية قد تفوق خسائر الأعاصير حيث اشارت التقديرات في عام 2016 إلى أن الهجمات السيبرانية قد كلفت الشركات ما يصل إلى 450 مليار دولار سنوياً على مستوى العالم، وبالمقارنة مع الكوارث الطبيعية مثل الأعاصير فقد تسبب إعصار كاترينا في خسائر تقدر قيمتها بحوالي 108 مليار دولار.

وفي الختام إن تنوع وسائل الاتصالات والتواصل والشبكات العنكبوتية زادت من سرعة التواصل ونقل المعلومات لذا الأمن السيبراني هو الحل الوحيد في تحقيق المطلوب للفرد والمجتمع في ظل الاستخدام الواسع للحاسب الآلي وتطبيقاته والأجهزة والانظمة بكافة أنواعها.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت