القضاء يعيد الحقوق
علي الجحلي

تقدم عدد غير مسبوق من المواطنين بطلبات استعادة مبالغ مالية من آخرين لأسباب مختلفة، بلغ العدد في شهر المحرم الفائت نحو 63 ألف مواطن طالبوا بما يزيد على 19 مليار ريال.

هذه المبالغ ــ التي توقع كثيرون أنه لا سبيل لاستعادتها ــ أصبحت أقرب للتحصيل مع إنشاء محاكم التنفيذ التي تسيطر على إيرادات الأشخاص وتمكن من يستحقون هذه الأموال من استعادتها بالطرق القانونية للتضييق على مستغلي الآخرين والمماطلين في السداد، بحيث يعينونهم على أنفسهم وعلى طمعهم ليعيدوا حقوق الناس. تساهم هذه الحالة المستجدة في تغيير ثقافة المجتمع في نواح عديدة فمن كان يعيش على الخداع واستغلال الآخرين سيعلم أنه لا يمكن أن يفر بما جمعه باستغلال الثغرات القانونية وسماحة المجتمع وبساطة من خدعهم في الأساس، هذا يعني أن من يريد أن يفعل مثل هذا الأمر سيفكر كثيرا قبل أن يختار فريسته القادمة.

سيبدأ أصحاب الحقوق في التعرف على أمثلة يقدمها لهم القضاء عن أشخاص تجاوزوا المعقول في التعامل مع حقوق الآخرين فنالوا الجزاء الذي يستحقونه، هذه المعرفة ستجعل الجميع أكثر وعيا وتركيزا وهم يتعاملون مع الآخرين في النواحي المالية. أغلب من كانوا يستغلون الناس هم من حملوا لسنوات صفة الاحترام والتقدير المجتمعي لدرجة أنه لا يمكن أن يرفض لهم أحد طلبا. سينكشف كثير من هؤلاء وستتغير النظرة إليهم، وسيعلم من حولهم كيف يتعاملون معهم ويتقون شرهم.

يمكن هذا الإجراء من بقوا لسنوات في انتظار الفرج القادم ممن أخذ أموالهم بحكم أنه لا يمكن أن يطالبوه بسبب عدم وجود وسائل تلزمه بالدفع، يمكنهم هذا الإجراء من التقدم والمطالبة وهو ما يحدث حاليا ونحن نرى المبالغ المليارية التي يطالب بها الناس.

هنا تقف الجهات القضائية في مكانها السليم لتحمي كل من يلجأ إليها، ولتكون القادرة على مواجهة الاستغلال وحماية المجتمع منه. هذه النظرة الجديدة ستكون لها من الإيجابيات الكثير. يقتصر الدور الآن على من يحاول الآخرون استغلالهم ليكونوا أكثر حرصا ومراعاة لما يمكن أن يحمله الطلب القادم من الأشخاص الذين يستغلون طيبة وبساطة المجتمع.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت