دليل المحاكمات العادلة منظمة العفو الدولية

عندما تتهم الحكومة شخصاً بأنه ارتكب جريمة، أو بأن له ضلعاً في ارتكابها، يتعرض هذا الشخص المتهم لخطر الحرمان من الحرية أو نيل عقوبة أخرى. والحق في المحاكمة العادلة ضمان أساسي يقي الأفراد من التعرض للعقاب دون وجه حق، وهو ضرورة لا غنى عنها لحماية حقوق الإنسان الأخرى التي توليها منظمة العفو الدولية اهتماماً خاصاً، مثل الحق في عدم التعرض للتعذيب والحق في الحياة، وكذلك الحق في حرية التعبير، لاسيما في القضايا السياسية.

ومن ثم أصبح رصد المحاكمات جانباً هاماً من الجهود الدولية الرامية لحماية حقوق الإنسان. وينبع هذا الحق من الحق في المحاكمة العادلة والعلنية، وهو الحق المكرس في الكثير من صكوك حقوق الإنسان الدولية والإقليمية، حيث ينص “الإعلان العالمي لحقوق الإنسان” على الآتي: “لكل إنسان، على قدم المساواة التامة مع الآخرين، الحق في أن تنظر قضيته محكمة مستقلة ومحايدة، نظراً منصفاً وعلنياً، للفصل… في أية تهمة جزائية توجه إليه”، و“كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئاً إلى أن يثبت ارتكابه لها قانوناً في محاكمة علنية”.

والحق في المحاكمة العلنية يهدف – في المقام الأول – للمساعدة في ضمان محاكمة عادلة للمتهمين وحمايتهم من أية محاولة لإساءة استغلال إجراءات التقاضي الجنائي لإيقاع الأذى بهم. والرصد العام للمحاكمة من شأنه أن يجعل القاضي وممثل الادعاء حريصين على أداء واجباتهما في إطار من النزاهة وباقتدار مهني. وقد تيسر المحاكمة العلنية الكشف عن الحقائق بدقة، فهي تشجع الشهود على قول الصدق. وعلاوة على ذلك، فالمصلحة العامة، بغض النظر عن حقوق المتهم، تستوجب عقد المحاكمات علانيةً، فمن حق الجماهير أن تعرف كيف تطبق العدالة، والأحكام التي يصل إليها النظام القضائي.

وقد ظلت منظمة العفو الدولية، وغيرها من المنظمات المعنية بحقوق الإنسان، ترسل على مدار سنوا ت كثيرة مراقبين لرصد المحاكمات السياسية الهامة. وقد أصبح قبول وضع مراقبين دوليين لرصد المحاكمات (سواءً أكانوا موفدين من حكومات أجنبية أم من منظمات غير حكومية) قاعدة قانونية دولية يمكن التدليل على صحتها بأسانيد قوية، وعرفاً راسخاً مقبولاً لدى المجتمع الدولي.
ومعايير تقييم المحاكمات كثيرة، سواء كان اعتمادنا على الرصد المباشر لوقائع المحاكمة أم على أساس محررات أو غيرها من التقارير. ويسعى التقييم إلى تحديد ما إذا كانت الإجراءات المتبعة في نظر الدعوى تتفق مع قوانين البلد الذي تنظر فيه أم لا، وما إذا كانت القوانين والأعراف المطبقة في الدعوى تتفق مع المعايير الدولية المنصوص عليها في المعاهدات التي تعد تلك الدولة طرفاً فيها وغيرها من النصوص التي لا تحمل طابع المعاهدة.

وهذا الكتاب يوفر دليلاً للمعايير الدولية والإقليمية للمحاكمة العادلة المنصوص عليها في معاهدات حقوق الإنسان والمواثيق التي لا تحمل طابع المعاهدة. وسوف يساعد العاملين في منظمة العفو الدولية، وغيرهم من المدافعين عن حقوق الإنسان في شتى أرجاء العالم، على السعي لحماية الحق في المحاكمة العادلة. كما سيعين المحامين والقضاة وغيرهم على فهم المعايير الدولية لحماية هذا الحق.

مقدمة
“إن الظلم أينما كان يهدد العدل في كل مكان”.
مارتن لوثر كينغ
تنهض دعائم العدل على احترام حقوق كل إنسان. وقد جسد هذا الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بقوله إن “الإقرار بما لجميع أعضاء الأسرة البشرية من كرامة أصيلة فيهم، ومن حقوق متساوية وثابتة، يشكل أساس الحرية والعدل والسلام في العالم”.

وعندما يمثل المرء أمام القاضي متهماً بارتكاب فعل جنائي، يواجه آلية الدولة بعدتها وعتادها الكامل. ومن ثم، فالطريقة التي يعامل بها عندما يتهم بارتكاب جريمة تدلل بدقة على مدى احترام تلك الدولة لحقوق الإنسان الفرد. فكل محاكمة جنائية تشهد بالتزام الدولة باحترام حقوق الإنسان، ويغدو الاختبار عسيراً في حالة المتهمين بارتكاب جرائم سياسية، أي عندما تشك السلطات في أن الشخص يمثل تهديداً للقابضين على زمامها.

وعلى كل حكومة التبعة في تقديم المسؤولين عن ارتكاب الجرائم إلى العدالة. ومع هذا فهي لا تخدم العدالة عندما تسمح للجور بأن يشوب محاكماتهم.

وعندما يتعرض المرء للتعذيب أو سوء المعاملة على يد الموظفين المكلفين بتنفيذ القانون، أو عندما يدان الأبرياء بجرائم لم يرتكبوها، أو عندما تحيد المحاكم عن العدالة في نظر قضاياهم أو يبدو الأمر كذلك؛ يفقد النظام القضائي مصداقيته. وما لم تصن حقوق الإنسان في مخافر الشرطة وغرف الاستجواب ومراكز الاحتجاز وقاعات المحاكم وزنازين السجون، فإن الحكومة تكون قد أخفقت في أداء واجباتها وخانت المسؤوليات التي أنيطت بها.

ويبدأ خطر تعرض المرء لانتهاكات حقوق الإنسان بمجرد أن يشتبه المسؤولون في أمره، ويستمر الخطر عند لحظة القبض عليه وخلال احتجازه قبل تقديمه للمحاكمة، وأثناء المحاكمة وإبان مراحل الاستئناف جميعاً، إلى حين تطبيق أية عقوبة عليه. وقد وضع المجتمع الدولي معايير للمحاكمة العادلة أعدت لتحديد حقوق الأفراد وحمايتهم خلال كل هذه المراحل.

والحق في المحاكمة العادلة من حقوق الإنسان الأساسية. فهو أحد المبادئ واجبة التطبيق في شتى أرجاء العالم التي اعترف بها “الإعلان العالمي لحقوق الإنسان”، وهو الإعلان الذي اعتمدته حكومات الأرض قبل خمسين عاماً، ومازال يمثل حجر الزاوية في النظام الدولي لحقوق الإنسان. ومنذ عام 1948، أصبح هذا الحق المعترف به في “الإعلان العالمي لحقوق الإنسان” التزاماً قانونياً واقعاً على جميع الدول بوصفه جزءًا من قانون العرف الدولي.

وقد أعيد التأكيد على الحق في المحاكمة العادلة، وفصلت أبعاده منذ عام 1948، في مجموعة من المعاهدات الملزمة قانوناً مثل “العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية” الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1966. كما جرى الاعتراف به والنص عليه في الكثير من المعاهدات، وغيرها من المعايير، التي لا تندرج تحت بند المعاهدات الدولية والإقليمية التي اعتمدتها الأمم المتحدة والهيئات الحكومية الدولية الإقليمية.

وقد وضعت هذه المعايير لكي تطبق على جميع النظم القضائية في العالم وعلى نحو يراعي التنوع الهائل في الإجراءات القانونية – فهي تنص على الحد الأدنى من الضمانات التي ينبغي أن توفرها جميع النظم.

وتمثل هذه المعايير الدولية لحقوق الإنسان، فيما يتعلق بالمحاكمة العادلة، ضرباً من الاتفاق في الرأي أجمعت عليه أمم الدنيا بشأن المعايير اللازمة لتقييم الطريقة التي تعامل بها الحكومات الأشخاص المتهمين بارتكاب جرائم. وهذا الكتاب بمثابة دليل لتلك المعايير.

نضال منظمة العفو الدولية من أجل المحاكمات العادلة
منظمة العفو الدولية هي حركة تطوعية تعمل على تعزيز جميع حقوق الإنسان الواردة في “الإعلان العالمي لحقوق الإنسان” وغيره من المعايير الدولية، بما في ذلك الحق في المحاكمة العادلة. وهي تطالب الحكومات بالالتزام بالمعايير الدولية للمحاكمة العادلة عند محاكمة السجناء السياسيين، أو حيثما تراءت لها احتمالات تطبيق عقوبة الإعدام.

وتدعو المادة 1(ب) من نظامها الأساسي أعضاءها للعمل على تعزيز الحق في المحاكمة العادلة من أجل السجناء السياسيين بموجب “المعايير المعترف بها دولياً”. وقد جدت منظمة العفو الدولية في السعي من أجل تحقيق هذا الهدف من خلال إرسالها لمراقبين لرصد المحاكمات في الكثير من البلدان في كل بقعة في الأرض، وإعداد التقارير عن المشكلات التي تعترض سبيل المحاكمة العادلة في بلدان معينة، وتعبئة صفوف أعضائها من أجل المطالبة بتوفير محاكمات عاجلة عادلة للسجناء السياسيين.

كذلك، فقد سلطت الضوء على بعض بواعث القلق المعينة بشأن المحاكمات الجائرة التي قدم لها سجناء الرأي والأشخاص المتهمون بارتكاب جرائم عقوبتها الإعدام. وأحالت بعض الحالات التي تنطوي على بواعث للقلق بشأن عدالة المحاكمة إلى الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي ومقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بعمليات الإعدام خارج نطاق القضاء والإعدام بدون محاكمة والإعدام التعسفي.

كذلك، فقد ناضلت المنظمة من أجل تطبيق أسمى المعايير الممكنة للمحاكمة العادلة في المحكمتين الدوليتين الخاصتين بيوغوسلافيا السابقة ورواندا، وكذلك المحكمة الجنائية الدولية.

وفي إطار عملها، وضعت منظمة العفو الدولية برنامجاً من 12 نقطة لمنع التعذيب، وبرنامجاً آخر من 14 نقطة لمنع للحيلولة دون وقوع حوادث “الاختفاء”، وآخر من 14 نقطة أيضاً لمنع وقوع عمليات الإعدام خارج نطاق القضاء.

وهي برامج مستمدة من حصيلتها من الخبرات العملية التي تجمعت لديها على مدار سنوات طوال من العمل في شتى أرجاء العالم. وتلخص الكثير من الحقوق المتصلة بحماية الفرد أثناء المحاكمة الجنائية، وتمثل وجهة نظر منظمة العفو الدولية بشأن المعايير التي ينبغي أن تعتمدها جميع الحكومات.

الهدف من هذا الدليل
يسعى هذا الدليل إلى أن يضع معايير حقوق الإنسان ذات الصلة تحت عيني كل من يسعى إلى تقييم مدى تماشي المحاكمات الجنائية أو نظم العدالة مع المعايير الدولية. وقد أعد من أجل راصدي المحاكمات ولغيرهم ممن يقيمون مدى توافر العادلة في محاكمة معينة، ولكل من يَرُوم معرفة ما إذا كان نظام العدالة الجنائية في بلد ما يكفل الاحترام للمعايير الدولية للمحاكمة العادلة.

وتقييم عدالة المحاكمة الجنائية عملية معقدة متعددة الجوانب. فكل حالة تختلف عن الأخرى، ويجب أن تبحث من واقع حيثياتها وككل. ويركز التقييم في العادة على ما إذا كان سير الوقائع يتفق مع القوانين الوطنية، وما إذا كانت القوانين الوطنية تتفق مع الضمانات الدولية للعدالة، وما إذا كانت الطريقة التي تطبق بها تلك القوانين تتفق مع المعايير الدولية. وأحياناً يقتصر الخلل على جانب واحد فحسب، ولكنه في كثير من الأحيان يشمل عدم الامتثال للمعايير الدولية في أكثر من جانب.

والمعايير الدولية التي تُقدر عدالة المحاكمة وفقها كثيرة، وتوجد في الكثير من الصكوك المختلفة، وهي تتطور باطراد. ويحدد هذا الدليل المعايير الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان المحددة لمختلف مراحل الدعوى الجنائية.

ولئن كان بعضها ينطبق على جميع أشكال الاحتجاز (بما في ذلك الاحتجاز الإداري) وأي نوع من أنواع المحاكمات، بما في ذلك المحاكمات غير الجنائية (الدعاوى المدنية)، إلا أن هذا الدليل يركز على المعايير واجبة التطبيق على الإجراءات الجنائية. ولكي يتبين القارئ الأمور التي تطالب المعايير بتطبيقها في الواقع العملي، سوف ندرج في هذا الدليل تفسيرات لبعض المعايير المعينة مستمدة من الهيئات المرجعية في الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية. (انظر المعايير والهيئات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان).

وهذا هو أول دليل تصدره منظمة العفو الدولية عن المحاكمات العادلة، ونحن نرحب بأية مقترحات أو تعليقات حول محتواه. ولذا نرجو إرسال أية تعليقات إلى برنامج المنظمات القانونية والدولية بالأمانة الدولية لمنظمة العفو الدولية، على العنوان الآتي:-

1 Easton Street, London WCIX 8 0DW, United Kingdom
أسلوب تنظيم الدليل
ينقسم هذا الدليل إلى ثلاثة أجزاء، هي المدخل ثم المتن فالملاحق.
ويشمل المدخل جدولاً للمحتويات، ثم توضيح موجز للمعايير والهيئات الخاصة بحقوق الإنسان الدولية والإقليمية ذات الصلة، ثم قائمة بالمعايير والهيئات التي سنعرض لها في الدليل، ثم إرشادات عن كيفية استخدام المصطلحات، ثم قائمة بالمختصرات التي سوف نستخدمها للإشارة للمعايير والهيئات والحالات.

أما المتن، فقد رتبناه في ثلاثة أقسام، الأول يغطي الحقوق في مرحلة ما قبل المحاكمة، ومنها حقوق الأشخاص المحتجزين. ويتناول القسم الثاني الحقوق في مرحلة المحاكمة، ومن بينها نظر الدعوى في الدائرة الابتدائية، وفي مرحلة الاستئناف، وفي مراحل النطق بالحكم وتحديد العقوبة. أم القسم الثالث، فيعالج قضايا المحاكمة العادلة في حالات عقوبة الإعدام وقضايا الأحداث والمحاكمات التي تجرى إبان حالات الطوارئ وأثناء المنازعات المسلحة.

وبالدليل ملحقان، الأول يشمل مجموعة من النصوص المختارة من التعليقات العامة التي اعتمدتها اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، والتي تقدم إرشادات مرجعية لتفسير مواد العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. أما الملحق الثاني، فيتضمن قرار اللجنة الأفريقية بشأن الحق في اللجوء إلى القضاء وتلقي محاكمة عادلة. وقد أعدنا نشر هاتين الوثيقتين لأن الاطلاع عليهما قد لا يكون ميسراً مثل المعايير الأخرى.

وبالنظر إلى ضيق المساحة المتاحة، فقد عمدنا في هذا الدليل إلى الاعتماد على إحالة القارئ إلى الفقرات المناسبة بدلاً من تكرار نفس الفقرات، واقتصرنا على إيراد المواد المختارة من نصوص المعايير بدلاً من إيراد النصوص بأكملها.

كيف يمكن الحصول على نسخ من المعايير
يمكنك الحصول على نسخ من المعاهدات وغيرها من الصكوك التي ليست لها طبيعة المعاهدات الصادرة عن الأمم المتحدة من الجهات الآتية:

مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في نيويورك، وعنوانه:
Office of the UN High Commissioner for Human Rights, United Nations, New York, NY 10017, USA
مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف، وعنوانه:
Office of the UN High Commissioner for Human Rights, United Nations, Office at Geneva, 8-14 avenue de la Paix, 1211 Geneva 10, Switzerland;
http://www.unhchr.ch
وهناك دليل للحصول على معلومات بشأن حقوق الإنسان من الإنترنت :
http://www.derechos.org/human-rights/manual.htm
أو بإرسال خطاب بالبريد الإلكتروني لبرنامج الرد التلقائي على العنوان التالي:
[email protected]
ويمكنك الحصول على نسخ من المعايير الإقليمية من المنظمات الآتية:
منظمة الوحدة الأفريقية:
Organization of the African Unity, POB 3243, Addis Ababa, Ethiopia
منظمة الدول الأمريكية:
Organization of American States, Instituto Interamericano de Derechos
Humanos, Apartado Postal 10081-1000, San Jose, Costa Rica
http://www.oas.org
المجلس الأوروبي:
Council of Europe, F-67075, /Strasbourg cedex, France; http://www.stars.coe.fr
معلومات أخرى
قد يجد الباحث المعني بالحصول على المزيد من المعلومات عن ضمانات المحاكمة العادلة المكفولة في المعايير الدولية فائدة كبيرة في الاطلاع على الوثائق التالية:
– دراسة عن الحق في المحاكمة العادلة نشرتها اللجنة الفرعية لمنع التمييز وحماية الأقليات التابعة للأمم المتحدة، وأعدها ستانيسلاف تشرنيتشنكو، ووليام تريت، وديفيد فيسبروت. وثائق الأمم المتحدة رقم:
E/CN.4/Sub.2/1990/34, 1990; E/CN.4/Sub.2/1991/29,1991; E/CN.4/Sub.2/1992/24&Add.1-3,1992; E/CN.4/Sub.2/1993/24&Add,2,1993; E/CN.4?Sub.2/1994/24,1994)
– مركز الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، شعبة منع الجريمة والعدالة الجنائية، “حقوق الإنسان والاحتجاز قبل المحاكمة، 1994. (رقم الوثيقة في سجل المبيعات:
No.e94.XIV.6.
– مانفريد نواك، “اتفاقية الأمم المتحدة بشأن الحقوق المدنية والسياسية – تعليق”، إن بي انغيل، 1993.
– دي. جي. هاريس، وإم. أوبويل، وجي. وربريك، “قانون الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان”، بترورث، 1995.
– نيغل اس. رودي، “معاملة السجناء بموجب القانون الدولي”، مطبعة كلاريندون، أكسفورد، 1987، (سوف تصدر قريباً طبعة جديدة).
– ديفيد فيسبروت، “مراقبو المحاكمات الدوليون”، مجلة ستانفورد للقانون الدولي، المجلد 18، العدد الأول، ربيع 1982.
– ديفيد فيسبروت وريديغيرفولفروم (محرران)، “الحق في المحاكمة العادلة”، Beitraege zum Auslandischen Recht oeggentichen und Voelkerrecht، المجلد 129، برلين، ربيع 1998 .
– لجنة المحامين المعنية بحقوق الإنسان، “ماهية المحاكمة العادلة؟ مرشد أساسي للمعايير والأعراف القانونية”، 1995
– المعهد النرويجي لحقوق الإنسان، “دليل مراقبة المحاكمات”، مارس/آذار 1998 .
– وليام ايه. شلاس، “إلغاء عقوبة الإعدام في القانون الدولي”، الطبعة الثانية، كمبريدج، المملكة المتحدة، مطبعة جامعة كمبريدج، 1997 .

– منظمة العفو الدولية، “المعايير الدولية لعقوبة الإعدام”، الوثيقة رقم ACT 50/96/97، 1997 .
شكر وتقدير:
لم يكن من الممكن أن يخرج هذا الدليل إلى النور لولا جهود الكثير من الجنود المجهولين الذي لم يضنوا بوقتهم ولا علمهم من أجل مساعدة منظمة العفو الدولية على إعداد هذا العمل الذي بين أيديكم، وعلى رأسهم جيل هيني، بالأمانة الدولية للمنظمة، التي تولت إعداد مادة الدليل وتنظيمه وكتابة مسوداته. كما نتوجه بالشكر إلى الكثير من زملائها بالمنظمة (ومنهم كريستوفر هول، الذي كتب الفصل الخاص بالحق في المحاكمة العادلة إبان المنازعات المسلحة) وقدم لنا النصح والتوجيه، وأفادنا بتعليقاته الدقيقة، كما ساعد في إعداد الدليل.

ونتوجه بشكر خاص إلى أسرة العاملين ببرنامج المنظمات القانونية والدولية، وبرنامج المطبوعات، ومرفت رشماوي، وجوزيف شفارك. كما ساهم آخرون من خارج المنظمة في هذا المشروع. وتتوجه المنظمة بشكر خاص إلى كل من مياكو أبيكو، وجيلينا بييك، ولينا فيليبسون، وديفيد فيسبروت لما قدموه من مساعدة قيمة.

المعايير والهيئات الخاصة بحقوق الإنسان
يوضح هذا القسم الأنواع المختلفة من المعايير الدولية لحقوق الإنسان الخاصة بالمحاكمة العادلة، كما يعرض لبعض الهيئات التي تقدم إرشادات مرجعية حول تفسير هذه المعايير.
1. معايير حقوق الإنسان
1/1 المعاهدات
1/2 المعايير التي ليست لها صورة المعاهدة
2. المعايير الدولية المحددة في صورة معاهدات
2/1 العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية
2/2 المعاهدات الأخرى لحقوق الإنسان التي اعتمدتها الأمم المتحدة
2/3 قوانين المنازعات المسلحة
3. المعايير الدولية التي ليست لها طبيعة المعاهدة
4. المعايير الإقليمية
4/1 أفريقيا
4/2 الأمريكيتان
4/3 أوروبا
5. الآليات الموضوعية التابعة للأمم المتحدة
6. المحاكم الجنائية الدولية

1. معايير حقوق الإنسان
تختلف المعايير الواردة في هذا الدليل من حيث المركز القانوني. فبعضها معاهدات ملزمة من الناحية القانونية للدول التي وافقت على أن تلتزم بها التزاماً قانونياً. وبعضها الآخر (أي المعايير التي ليست لها طبيعة المعاهدة) يمثل لوناً من الاتفاق في الرأي بين أفراد المجتمع الدولي على معايير يتعين على الدول أن تطمح إلى تطبيقها. ويمثل كلا النوعين من المعايير إطاراً دولياً للضمانات الأساسية التي تدرأ خطر المحاكمات الجائرة. وقد تطورت تلك المعايير على مدار النصف الثاني من القرن العشرين كذروة لإنجاز مشترك تضافرت على تحقيقه جميع الشعوب وسائر الأمم.

وباعتبار أن منظمة العفو الدولية حركة معنية بحقوق الإنسان، فسوف نستشهد بأقوى المعايير التي تضمن الحق في تلقي محاكمة عادلة والتي تنطبق على الدول. وسوف نعمد بوجه عام إلى الاستشهاد بالجزء ذي الصلة في المعاهدة الذي يورد الحق الذي يتعين على الدولة أن تكفله. ومع هذا، ففي بعض الأحيان قد لا تنطبق المعاهدة على دولة ما لأن هذه الدولة لم تلزم نفسها بها، وفي أحيان أخرى قد تكون القضية التي نحن بصددها قد عولجت بمزيد من التفصيل في المعايير التي ليست لها طبيعة المعاهدة. ولكن المنظمة في جميع الأحوال تسعى إلى تعزيز الالتزام بالمعايير التي اعترف بها المجتمع الدولي واتفق عليها.

1/1 المعاهدات
المعايير من نوع “العهد” أو “لاتفاقية” أو “الميثاق” أو “البروتوكول” هي معاهدات ملزمة قانوناً للدول التي وافقت على أن تلتزم بأحكامها. ومن المعاهدات ما هو مفتوح أمام جميع البلدان في شتى أرجاء العالم للتصديق عليها، مثل “العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية” و”اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة”، ومنها ما هو قاصر على الدول التي تنتمي إلى منظمة إقليمية معينة.

ويمكن للدولة أن تلتزم بهذه المعاهدات بإحدى طريقتين، فبوسعها أن تسلك طريقاً من مرحلتين، أي تبدأ بالتوقيع ثم تنتهي بالتصديق، أو يمكنها أن تنظم لها في خطوة واحدة مباشرة. وعندما تصدق الدولة على اتفاقية، تعلن بذلك نيتها على التصديق عليها في المستقبل. ولا يجوز لها بمجرد التصديق عليها أن تأتي بأي فعل يتنافى مع الهدف والقصد من المعاهدة. وعندما تصدق عليها أو تنظم لها، تصبح دولة طرفاً فيها. وتتعهد الدول الأطراف بأن تلتزم بجميع الأحكام الواردة في المعاهدة وأن تفي بالتزاماتها التي تمليها عليها.

أما البروتوكول، فهو معاهدة صغرى ملحقة بمعاهدة كبرى كمرفق. ويضيف البروتوكول بوجه عام المزيد من الأحكام للمعاهدة الأصلية، ويوسع من نطاق تطبيقها أو قد يؤسس آلية لبحث الشكاوى المقدمة بشأن مخالفة أحكامها. ويصبح البروتوكول ملزماً قانوناً للدولة عندما تصدق عليه أو تنضم له.

ولتفسير الأحكام الواردة في المعاهدات الدولية يسترشد فقهاء القانون بالتعليقات والقرارات والنتائج التي تصدر وتنتهي لها الهيئات المعنية برصد تنفيذ المعاهدات أو المحاكم المختصة بحقوق الإنسان. وهي هيئات تؤسس بموجب معاهدات أو تنشئها الأمم المتحدة أو المنظمات الإقليمية لرصد تنفيذ المعاهدات وللتحقيق في الشكاوى إذا ما انتهكت أحكامها.

وكما أن تعليقات الهيئات غير الحكومية الأخرى، مثل الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي التابع للأمم المتحدة ومقرري الأمم المتحدة الخاصين التابعين للجنة حقوق الإنسان (انظر الآليات الموضوعية التابعة للأمم المتحدة) توفر أيضاً إرشادات مرجعية.

1/2 المعايير التي ليست لها صورة المعاهدة
توجد الكثير من معايير حقوق الإنسان المتصلة بقضية عدالة المحاكمة التي لا تأخذ شكل المعاهدة، وعادة ما يطلق على هذا النوع من المعايير مسمى “إعلان” أو “مجموعة مبادئ” أو “قواعد”، وهلم جراً. ومن أمثلة تلك المعايير التي توفر ضمانات هامة للمحاكمة العادلة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ومجموعة المبادئ الخاصة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن والقواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء.

ورغم أن هذه المعايير ليست لها ما للمعاهدات من سلطة قانونية، لكن لها قوة حجية لأن صدور كل معيار منها جاء تتويجاً لعملية تفاوضية بين الحكومات استغرقت سنوات طويلة، وأن كل منها اعتمدته هيئة سياسية كبرى، مثل الجمعية العامة للأمم المتحدة، وعادة ما يكون ذلك بإجماع الأصوات. وبسبب هذا الثقل السياسي، يرى الكثيرون أنها ملزمة كالمعاهدات. وأحيانا يأتي إصدار هذا النوع من المعايير ليؤكد مجدداً مبادئ اعتبرت بالفعل ملزمة من الناحية القانونية لجميع البلدان بموجب قانون العرف الدولي.

2. المعايير الدولية المحددة في صورة معاهدات
فيما يلي مجموعة من المعاهدات الدولية الملزمة لدولها الأطراف والتي تحتوي على ضمانات للمحاكمة العادلة، وسوف يرد ذكرها في هذا الدليل.

2/1 العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية
اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة العهد الدولي المذكور في عام 1966، ودخل إلى حيز التنفيذ في عام 1976. وبلغ عدد الدول الأطراف فيه 140 حتى أكتوبر/تشرين الأول 1998. وقد قنن الحقوق المدنية والسياسية في صورة معاهدة ملزمة للدول التي تصدق عليها أو تنضم لها، ووسع من نطاق الحقوق المدنية والسياسية المعترف بها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وهو يحمي الحقوق الأساسية، ومن بينها تلك المبادئ الأساسية التي تهتدي بها منظمة العفو الدولية في لب نشاطها: الحق في الحياة، والحق في حرية التعبير والرأي والتجمع وتكوين الجمعيات والانضمام إليها، والحق في التحرر من القبض أو الاحتجاز تعسفاً، والحق في التحرر من التعذيب وسوء المعاملة، والحق في المحاكمة العادلة.

وقد تأسست من أجل العهد الدولي المذكور هيئة من 18 خبيراً تعرف باسم اللجنة المعنية بحقوق الإنسان. وتوفر التعليقات العامة لهذه اللجنة دليلاً مرجعياً لتفسير مواد العهد. وبعضها وارد في هذا الدليل ومنشور في الملحق الأول المرفق به. وترصد اللجنة المذكورة تنفيذ العهد الدولي وبروتوكوليه الاختياريين (انظر ما يلي). والمطلوب من الدول الأطراف بموجب المادة 40 منه أن تقدم تقارير دورية للجنة بشأن تنفيذها لمواده، وكذلك تقارير خاصة حسب الطلب.

ويجوز للجنة أن تنظر الشكاوى التي تتقدم بها إحدى الدول الأطراف ضد أخرى، شريطة أن تكون كلا الدولتين المعنيتين قد اعترفتا رسمياً باختصاص اللجنة في هذا الشأن، وذلك بأن تعلنا ذلك بموجب المادة 41 من العهد الدولي (نادراً ما تستخدم الدول هذا الإجراء للشكاوى من الدول الأخرى في الكثير من معاهدات حقوق الإنسان التي اعتمدتها الأمم المتحدة والهيئات الإقليمية).

والبروتوكول (الأول) الملحق بهذا العهد والذي دخل إلى حيز التنفيذ في عام 1976 يعطي اللجنة صلاحية النظر في الشكاوى المقدمة من أو بالنيابة عن أفراد يدعون أن إحدى الدول الأطراف في البروتوكول قد انتهكت حقوقهم المكفولة في العهد الدولي. وقد بلغ عدد الدول الأطراف في هذا البروتوكول 92 دولة حتى أكتوبر/تشرين الأول 1998. وقد استشهدنا هنا ببعض الآراء التي تقدمت بها اللجنة في عدد من الحالات الفردية التي عرضت عليها بموجب البروتوكول المذكور.

أما البروتوكول الثاني، والذي يهدف إلى إلغاء عقوبة الإعدام، فقد اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 1989، ودخل إلى حيز التنفيذ في عام 1991. وقد وافقت الدول الأطراف في البروتوكول على أن تضمن عدم إعدام أي فرد خاضع لولايتها القضائية في زمن السلم، وعلى أن تتخذ كافة التدابير الضرورية لإلغاء عقوبة الإعدام. وقد بلغ عدد الدول الأطراف 33 حتى أكتوبر/تشرين الأول 1998.

2/2 المعاهدات الأخرى لحقوق الإنسان التي اعتمدتها الأمم المتحدة
اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة (اتفاقية مناهضة التعذيب) التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بالإجماع في عام 1984 ودخلت إلى حيز التنفيذ في عام 1987. وحتى أكتوبر/تشرين الأول 1998، بلغ عدد الدول الأطراف 109.

وهذه الدول ملزمة بموجب أحكام الاتفاقية بأن توقف وتمنع التعذيب في أراضيها، وأن تجرمه وتحقق في جميع المزاعم الخاصة به، وأن تقدم إلى العدالة الأشخاص المشتبه في ممارستهم له، بينما تضمن أن أي فرد مشتبه في ممارسته للتعذيب سيتلقى معاملة حسنة خلال الإجراءات القانونية، وأن تستبعد المحاكمات جميع الأدلة التي يتم انتزاعها عن طريق التعذيب، وضمان تعويض الضحايا عما حاق بهم من آلام.

وترصد لجنة مناهضة التعذيب تنفيذ الاتفاقية بعدة وسائل من بينها نظر التقارير الدورية التي تتقدم بها الدول الأطراف بشأن تنفيذ أحكامها، وإجراء استقصاءات ونشر النتائج التي تتوصل لها، كما أنها تنظر في الشكاوى المقدمة لها من الأفراد في الحالات التي يعترف باختصاصها في نظرها.

اتفاقية حقوق الطفل
اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1989، ودخلت إلى حيز التنفيذ في عام 1990. وبحلول أكتوبر/تشرين الأول 1998، كانت 191 دولة – أي جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة باستثناء الولايات المتحدة والصومال – قد أصبحت أطرافاً فيها.

وتنطوي هذه الاتفاقية على ضمانات للمحاكمة العادلة بالنسبة للأطفال المتهمين بمخالفة أحكام قانون العقوبات. وقد تأسست لجنة حقوق الطفل بموجب هذه الاتفاقية، وهي اللجنة التي تفحص مدى تقدم الدول الأطراف في تنفيذ التزاماتها بموجب أحكام هذه الاتفاقية. والدول مطالبة بأن تقدم تقارير دورية للجنة المذكورة.

اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة
اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1979، ودخلت إلى حيز التنفيذ في عام 1981. وحتى أكتوبر/تشرين الأول 1998 بلغ عدد الدول الأطراف 162. وتهدف الاتفاقية إلى توفير حماية فعالة للمرأة ضد التمييز. وتنص المواد من 2 إلى 15 على المساواة الكاملة بين المرأة والرجل أمام القانون. وقد تأسست لجنة القضاء على التمييز ضد المرأة بموجب المادة 17 من الاتفاقية، وتتولى رصد تنفيذ أحكامها بوسائل عدة من بينها نظر التقارير الدورية التي تتقدم بها الدول الأطراف.

اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري (اتفاقية القضاء على التمييز العنصري)
اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة هذه الاتفاقية في عام 1965 ودخلت إلى حيز التنفيذ في عام 1969. وحتى أكتوبر/تشرين الأول 1998، بلغ عدد الدول الأطراف 151. والدول الأطراف في هذه الاتفاقية ملزمة بأن تدين التمييز العنصري وأن تتخذ جميع التدابير، بما في ذلك النظام القضائي، للقضاء عليه في كل مكان. وترصد لجنة القضاء على التمييز العنصري تنفيذ هذه المعاهدة.

2/3 القوانين الخاص بالمنازعات المسلحة
توجد ضمانات للمحاكمة العادلة في نصوص اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 التي تحمي السكان المدنيين والمحاربين في أزمان الحروب، خاصة إبان المنازعات المسلحة الدولية، وكذلك أثناء المنازعات الداخلية المسلحة، مثل الحروب الأهلية. وقد بلغ عدد الدول الأطراف فيها 188 حتى فبراير/شباط 1998. واستُكملت أحكام الاتفاقيات بالبروتوكول الإضافي الأول (150 دولة طرف) الذي يوسع من دائرة الحماية بالنسبة للمدنيين وغيرهم أثناء المنازعات المسلحة، والبروتوكول الاختياري الثاني (142 دولة طرف) الذي يوفر الحماية للمدنيين وغيرهم أثناء المنازعات الداخلية المسلحة.

3. المعايير الدولية التي ليست لها طبيعة المعاهدة
فيما يلي مجموعة من المعايير ذات الصلة ليس لها طابع المعاهدة . وقد أدرجنا جميع المعايير من هذا النوع، والتي سوف نستشهد بها في هذا الدليل في القائمة الخاصة بالمعايير والهيئات في نهاية هذا الفصل.

الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (الإعلان العالمي)، وقد اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1948، وهو مجموعة من المبادئ المعترف بها عالمياً والتي ينبغي أن تنظم سلوك جميع الدول. وبعض مواده، ومنها المادتان 10 و11، توردان حقوقاً بشأن المحاكمة العادلة. ولقد نال الحق في المحاكمة العادلة المعترف به في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان اعترافاً واسع النطاق باعتباره جزءًا من القانون الاعتيادي أو المبادئ العامة للقانون في معظم الدول، ومن ثم، فقد أصبح ملزماً من الناحية القانونية لسائر البلدان. وقد استلهمت من مبادئ الإعلان العالمي الكثير من المعاهدات والمعايير على الصعيدين الدولي والإقليمي.

مجموعة المبادئ الخاصة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن (مجموعة المبادئ)، وقد اعتمدتها الجمعية العامة بإجماع الأصوات في عام 1988، وهي تحتوي على مجموعة مرجعية من المعايير المعترف بها بشأن سبل معاملة السجناء والمحتجزين، وهي صالحة للتطبيق في كل دولة. وتحدد المبادئ مفاهيم قانونية وإنسانية أساسية، وتستخدم كدليل يسترشد به المشرعون في صياغة القوانين الوطنية.

القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء (القواعد النموذجية الدنيا)، وقد اعتمدها مؤتمر الأمم المتحدة لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين وصدق عليها المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة، وهي تحدد الأمور المقبولة بوجه عام كمبادئ وأعراف حسنة في مجال معاملة السجناء. وفي عام 1971، دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة الدول الأعضاء لتنفيذ هذه القواعد وإدراجها في تشريعاتها الوطنية.

المبادئ الأساسية الخاصة بدور المحامين، وقد اعتمدها بالإجماع مؤتمر الأمم المتحدة الثامن لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين في عام 1990، ورحبت بها الجمعية العامة للأمم المتحدة. وأوضح المؤتمر المذكور أن توفير الحماية الكافية لحقوق الإنسان والحريات الأساسية، التي هي من حق كل فرد، يستلزم فتح الأبواب أمام جميع البشر للانتفاع بطريقة فعالة من الخدمات القانونية التي يوفرها محامون مستقلون.

المبادئ التوجيهية الخاصة بدور أعضاء النيابة العامة، وقد اعتمدها بالإجماع مؤتمر الأمم المتحدة الثامن لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين في عام 1990، ورحبت الجمعية العامة للأمم المتحدة بهذه المبادئ، التي اعتمدها المؤتمر المذكور، سعياً لمساعدة الحكومات على “إكساب نشاط ممثلي أعضاء النيابة العامة في القضايا الجنائية سمات الكفاءة والنزاهة والحيدة والنهوض بتلك السمات”.

المبادئ الأساسية لاستقلال القضاء، وقد اعتمدها مؤتمر الأمم المتحدة السابع لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين، وصدقت عليها الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1985. وتنطبق هذه المبادئ على كل من يمارس مهنة القضاء بصفة رسمية أو غير رسمية، وفقاً لمقتضيات الأمور، وقد وضعت هذه المبادئ لمساعدة الحكومات “على ضمان استقلال السلطة القضائية وتعزيزها. ويجب أن تأخذها الحكومات في الاعتبار وأن تحترمها في إطار التشريعات والأعراف الوطنية، كما يجب أن ينبه لها القضاة والمحامون وأعضاء السلطة التنفيذية والتشريعية وكذلك الجمهور العام.”

الضمانات التي أقرتها الأمم المتحدة لكي تكفل حماية حقوق الأشخاص الذين يواجهون عقوبة الإعدام، وقد اعتمدها المجلس الاقتصادي والاجتماعي وصدقت عليها الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1984، وهي تقيد استخدام عقوبة الإعدام في البلدان التي لم تلغها حتى الآن.

ومن بين الإجراءات الوقائية التي توفرها، أنها لا تجيز تطبيق عقوبة الإعدام إلا بعد محاكمة توفر للمتهم جميع الضمانات القضائية الممكنة القمينة بأن تكفل له محاكمة عادلة، أو على أقل تقدير، تلك الضمانات الواردة في المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، بما في ذلك حق أي شخص يشتبه في أمره أو يتهم بارتكاب جريمة عقوبتها الإعدام في أن ينال مساعدة قانونية كافية خلال جميع مراحل نظر الدعوى.

4. معايير المعاهدات الإقليمية
أصدرت الهيئات الحكومية الدولية الإقليمية إعلانات ومعاهدات لحماية حقوق الإنسان في الأقاليم التي تشملها. وتنطبق هذه المعايير بوجه عام على الدول التي تنتمي إلي كل منها، وسوف نشير في هذا الدليل إلى الهيئات الإقليمية التالية: منظمة الوحدة الأفريقية ومنظمة الدول الأمريكية، والمجلس الأوروبي. وهناك معايير إقليمية أخرى لها تأثيرها على المحاكمة العادلة، ولكننا لم نتطرق لها في هذا الدليل.

4/1 أفريقيا
الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، وقد اعتمدته منظمة الوحدة الأفريقية في عام 1981، ودخل إلى حيز التنفيذ في أكتوبر/تشرين الأول 1986. وحتى أكتوبر/تشرين الأول 1998، كانت جميع الدول الاثنتين والخمسين الأعضاء في المنظمة المذكورة، باستثناء إريتريا، قد أصبحت أطرفاً فيه. وينص الميثاق على ضمانات للمحاكمة العادلة في إطار حق المرء في التقاضي.

اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب (اللجنة الأفريقية)، وهي ترصد تنفيذ الميثاق الأفريقي، وتتألف من 11 عضواً تعينهم الدول الأطراف وينتخبهم مؤتمر رؤساء دول وحكومات المنظمة، وهم يمارسون مهام عملهم بصفاتهم الشخصية. وللجنة صلاحية نشر الوعي بحقوق الإنسان في ربوع المنطقة، وفحص الشكاوى التي قد تقدمها إحدى الدول الأطراف ضد أية دولة طرف أخرى بدعوى أنها خالفت أحكام الميثاق الأفريقي. وللجنة السلطة في أن تقرر نظر الشكاوى من هذا النوع، بما في ذلك الشكاوى المقدمة من أفراد.

وللجنة أيضاً الحق في “صياغة ووضع المبادئ والقواعد التي تهدف إلى حل المشاكل القانونية المتعلقة بالتمتع بحقوق الإنسان والشعوب والحريات الأساسية لكي تكون أساساً لسن النصوص التشريعية من قبل الحكومات الأفريقية.” (المادة 45/1/ب من الميثاق). وفي عام 1992، أصدرت اللجنة قراراً بشأن الحق في الالتجاء إلى القضاء وتلقي محاكمة عادلة (قرار اللجنة الأفريقية) الذي وسع من ضمانات المحاكمة العادلة الواردة في الميثاق المذكور وعززها.

وقد اعتمد مجلس وزراء خارجية دول منظمة الوحدة الأفريقية في اجتماعه في فبراير/شباط 1998 بروتوكولاً للميثاق الأفريقي يؤسس “محكمة أفريقية لحقوق الإنسان والشعوب” (المحكمة الأفريقية).

وسوف تغدو هذه المحكمة، بمجرد تأسيسها، عنصراً مكملاً لصلاحيات الحماية للجنة الأفريقية، كما ستكون لها أيضاً صلاحية تقديم استشارات لمن يطلب ذلك من الدول الأطراف في الميثاق الأفريقي واللجنة الأفريقية وأجهزة منظمة الوحدة الأفريقية. وحتى أكتوبر/تشرين الأول 1998، كانت 30 دولة قد وقعت على البروتوكول وصدقت عليه دولة واحدة فقط. وسوف تتأسس المحكمة حالما يبلغ عدد الدول المصدقة على البروتوكول 15 دولة.

4/2 الأمريكيتان
الإعلان الأمريكي لحقوق وواجبات الإنسان (الإعلان الأمريكي)، وقد اعتمده المؤتمر الأمريكي الدولي التاسع في عام 1948، الذي اعتمد أيضاً ميثاق منظمة الدول الأمريكية. ويمثل هذا الإعلان حجر الزاوية في المنظومة الأمريكية الدولية لحماية حقوق الإنسان، وجميع الدول الأعضاء في المنظمة المذكورة ملزمة بمراعاة الحقوق الواردة فيه، ومنها الحق في إجراءات قضائية سليمة الذي تكفله المادة 26 من الإعلان.

الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان (الاتفاقية الأمريكية) (المعروفة أيضاً باسم “حلف سان خوزيه، كوستاريكا)، وقد اعتمدت في عام 1969، ودخلت إلى حيز التنفيذ في يوليو/تموز 1978. وباب التصديق عليها والانضمام لها مفتوح أمام جميع الدول الأعضاء في منظمة الدول الأمريكية، وحتى يوليو/تموز 1998، بلغ عدد الدول الأطراف فيها 25 دولة من بين الدول الخمس والثلاثين الأعضاء في المنظمة المذكورة. وتشير المادة 8 منها إلى الحق في المحاكمة العادلة.

كما تنص الاتفاقية على أن تكون اللجنة الأمريكية الدولية لحقوق الإنسان والمحكمة الأمريكية الدولية لحقوق الإنسان (انظر فيما يلي) مختصتين برصد مدى امتثال الدول الأطراف بالتزاماتها بموجب الاتفاقية. وتقبل كل دولة بهذا الاختصاص تلقائياً بمجرد التصديق على الاتفاقية. ومع هذا، ينبغي للدول الأطراف أن تعلن بموجب المادة 62 أنها تعترف بالولاية القضائية للمحكمة. وحتى يوليو/تموز 1998، كانت 17 دولة طرفاً قد قبلت بالولاية القضائية للمحكمة.

بروتوكول الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان الخاص بإلغاء عقوبة الإعدام، وقد اعتمدته الجمعية العامة لمنظمة الدول الأمريكية في عام 1990، وهو يمنع الدول الأطراف في البروتوكول من تطبيق عقوبة الإعدام في أراضيها في وقت السلم. وحتى يوليو/تموز 1998، كانت أربع دول قد صدقت عليه وثلاثة وقعته.

الاتفاقية الأمريكية الدولية لمنع التعذيب والمعاقبة عليه (الاتفاقية الأمريكية لمنع التعذيب)، وقد اعتمدتها الجمعية العامة لمنظمة الدول الأمريكية في عام 1985، ودخلت إلى حيز التنفيذ في فبراير/شباط 1987. والدول الأطراف فيها ملزمة بأن تقدم تقارير دورية إلى اللجنة الأمريكية الدولية لحقوق الإنسان بشأن التدابير التي اتخذتها لتطبيق تشريعاتها في قوانينها الوطنية، وحتى يوليو/تموز 1998، كان 13 دولة من الدول الأعضاء في المنظمة قد أصبحت أطرافاً في الاتفاقية.

الاتفاقية الأمريكية الدولية بشأن منع العنف ضد المرأة والمعاقبة عليه واستئصاله (“اتفاقية بيلما دو بارا”)، وقد اعتمدتها الجمعية العامة للدول الأمريكية في يونيو/حزيران 1994، ودخلت إلى حيز التنفيذ في مارس/آذار 1995. ومازالت هذه الاتفاقية حتى اليوم تحظى بأكبر عدد من التصديقات في المنظومة الأمريكية الدولية، حيث بلغ عدد الدول الأطراف 27 حتى يوليو/تموز 1998.

الاتفاقية الأمريكية الدولية الخاصة بالاختفاء القسري للأفراد (الاتفاقية الأمريكية الخاصة بالاختفاء)، وقد اعتمدتها منظمة الدول الأمريكية في عام 1994، ودخلت إلى حيز التنفيذ في عام 1996. والهدف منها أن تحول دون وقوع حوادث”الاختفاء” في المنطقة وتعاقب مرتكبيها وتضع حد لها. وعلى النقيض من معظم المعاهدات الإقليمية التي يقتصر باب التصديق عليها أو الانضمام لها على الدول الأطراف في الهيئة الإقليمية التي أعدتها، تفتح هذه الاتفاقية الباب أمام جميع دول العالم للانضمام إليها. وحتى يوليو/تموز 1998، كانت خمس دول فقط قد صدقت عليها ووقعت عليها ثماني أخر.

اللجنة الأمريكية الدولية لحقوق الإنسان (اللجنة الأمريكية الدولية)، وقد تأسست للدعوة لمراعاة حقوق الإنسان والدفاع عنها، ولكي تنهض بدور الجهاز الاستشاري للدول الأعضاء في منظمة الدول الأمريكية في هذه الشؤون. ومن بين صلاحيات اللجنة إجراء زيارات ميدانية بناءً على طلب أو موافقة الدول الأعضاء، وإعداد دراسات خاصة، والإشارة بتوصيات للحكومات بشأن اعتماد تدابير لتعزيز وحماية حقوق الإنسان، ومطالبة الحكومات بأن ترفع تقارير بشأن التدابير التي اتخذتها في هذا الصدد.

وتعالج اللجنة الأمريكية الدولية الشكاوى المقدمة لها من الأفراد أو الجماعات أو المنظمات غير الحكومية التي تزعم وقوع انتهاكات لحقوق الإنسان الواردة في الإعلان الأمريكي، أو لأحكام الاتفاقية الأمريكية بالنسبة للدول الأطراف فيها. ويجوز للجنة، في الحالات العاجلة، أن تطلب اتخاذ تدابير احتياطية لحماية الأشخاص من الأذى. وعلاوةً على ذلك، يجوز للجنة أن تطلب من المحكمة الأمريكية الدولية لحقوق الإنسان اتخاذ تدابير مؤقتة في الحالات الخطيرة والعاجلة التي لم تعرض عليها، عندما تكون هناك ضرورة في ذلك، لمنع وقوع أي ضرر لا يمكن إصلاحه.

المحكمة الأمريكية الدولية لحقوق الإنسان (المحكمة الأمريكية الدولية)، وهي محكمة دولية مؤلفة من سبعة قضاة تنتخبهم الدول الأعضاء في منظمة الدول الأمريكية، ومقرها في سان خوزيه في كوستاريكا.

والغرض منها هو تفسير وتطبيق الاتفاقية الأمريكية. ويجوز للمحكمة أن تفحص الحالات التي تعرضها عليها الدول الأطراف أو اللجنة الأمريكية الدولية، شريطة أن تكون الدولة الطرف قد اعترفت بالولاية القضائية للمحكمة. وقرارات المحكمة ملزمة للدول. وفي الحالات بالغة الإلحاح، يجوز للمحكمة، لكي تتحاشى وقوع المزيد من الضرر، أن تأمر باتخاذ تدابير مؤقتة. كما تمارس المحكمة دوراً استشارياً واسعاً، ويمكن أن يطلب منها أن تعطي رأياً استشارياً بشأن تفسير مواد الاتفاقية.

وتؤلف الآراء الاستشارية الخمسة عشر التي نشرتها اللجنة حتى يوليو/تموز 1998 مجموعة هامة من الاجتهادات التشريعية للمنظومة الأمريكية الدولية.

4/3 أوروبا
الاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية (الاتفاقية الأوروبية)، وقد دخلت إلى حيز التنفيذ في عام 1953. والتصديق عليها أو الانضمام لها هو شرط للانضمام للمجلس الأوروبي.

وحتى سبتمبر/أيلول 1998، كانت جميع الدول الأربعين الأعضاء في المجلس الأوروبي قد أصبحت أطرافاً فيها. وتوفر الاتفاقية ضمانات هامة للمحاكمة العادلة، بما في ذلك المواد 3و5و6 و7
البروتوكول السادس لاتفاقية حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية الخاص بإلغاء عقوبة الإعدام (البروتوكول السادس للاتفاقية الأوروبية)، وقد دخل إلى حيز التنفيذ في عام 1985. ويحظر البروتوكول استخدام عقوبة الإعدام في وقت السلم. وحتى سبتمبر/أيلول 1998، كانت 28 دولة قد صدقت عليه.

البروتوكول السابع لاتفاقية حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية (البروتوكول السابع للاتفاقية الأوروبية)، وقد دخل إلى حيز التنفيذ في عام 1988. وهو يتضمن مواداً لحماية الأجانب، وكذلك الحق في إحالة أحكام الإدانة بارتكاب أفعال جنائية إلى محكمة أعلى لمراجعتها. كما أنها تضمن حق الفرد في ألا يحاكم أو يعاقب على نفس الجرم مرتين في نفس الولاية القضائية. كما أنها تنص على الحق في الحصول على تعويض بسبب الأخطاء في تطبيق العدالة. وحتى سبتمبر/أيلول 1998، كانت 26 دولة قد صدقت عليه.

اللجنة الأوربية لحقوق الإنسان (اللجنة الأوروبية)، وهي ترصد تنفيذ الاتفاقية الأوروبية. وتنظر في الشكاوى التي قد تتقدم بها إحدى الدول الأطراف ضد أية دولة طرف أخرى بزعم خرقها لأحكام الاتفاقية، شريطة أن تكون كلتاهما قد صدقت على الاتفاقية المذكورة. ويجوز للجنة أن تنظر في الشكاوى المقدمة من فرد أو مجموعة من الأفراد أو المنظمات غير الحكومية، شريطة أن تكون الدولة الطرف، المزعوم أنها خرقت أحكام الاتفاقية، قد اعترفت باختصاص اللجنة المذكورة في تلقي الشكاوى من هذا النوع.

المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان (المحكمة الأوروبية)، وتتألف من عدد من القضاة يماثل عدد الدول الأعضاء في المجلس الأوروبي، بغض النظر عما إذا كانت هذه الدول قد صدقت على الاتفاقية الأوروبية أم لا. ومن حق الدول الأطراف في الاتفاقية المذكورة، وكذلك اللجنة الأوروبية، أن تحيل لها قضايا للفصل فيها، إذ أن لها ولاية قضائية على الحالات المتعلقة بتطبيق وتفسير أحكام الاتفاقية. وقراراتها ملزمة للدول الأطراف في الاتفاقية.

وقد اندمجت اللجنة والمحكمة المذكورتين في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني 1998 في مؤسسة واحدة باسم المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، إعمالاً للبروتوكول الثاني. ويمكن للأفراد أن يرفعوا دعاوى مباشرة أمامها هذه المحكمة. وجميع الدول الأربعين الأعضاء في المجلس الأوروبي أطراف في البروتوكول الثاني.

لوائح السجون الأوروبية، وقد اعتمدها مجلس الوزراء الأوروبي في عام 1973، وتولي تنقيحها في عام 1987. ورغم أنها لا تمثل معاهدة ملزمة من الناحية القانونية، إلا إنها توفر مجموعة من المبادئ التوجيهية لمعاملة المحتجزين والسجناء. وهي تحظر التعذيب وسوء المعاملة، وتحمي مبدأ ضرورة الفصل بين فئات السجناء، مثل السجناء الذين لم يقدموا للمحاكمة بعد، وهؤلاء الذين أدينوا بالفعل.

وتضم منظمة الأمن والتعاون في أوروبا جميع الدول الأوروبية، بما فيها جمهوريات آسيا الوسطى، التي ليست أعضاءً في مجلس أوروبا، وكذلك كندا والولايات المتحدة. وقد اعتمدت المنظمة المذكورة في اجتماعين عقدا في كوبنهاغن (1990) وموسكو (1991) مجموعة من المبادئ المفصلة بشأن حقوق الإنسان، وهي من الناحية السياسية لأعضاء المنظمة، ومن بين تلك المبادئ ضمانات المحاكمة العادلة التي أكدت من جديد، وإلى حد بعيد، المعايير التي وضعتها الأمم المتحدة في هذا الشأن، والأحكام الواردة في الاتفاقية الأوروبية.

5. الآليات الموضوعية للأمم المتحدة
علاوة على أجهزة رصد المعاهدات التابعة للأمم المتحدة التي عرضنا لها آنفاً، توجد مجموعة من الخبراء (أعضاء الفرق العاملة والمقررون الخاصون) الذين تعينهم لجنة حقوق الإنسان للاشتغال ببعض الموضوعات المختلفة، وهم يوفرون الإرشادات اللازمة لتطبيق معايير حقوق الإنسان. ويُطلق على هذه الفرق العاملة وهؤلاء الخبراء وصف الآليات الموضوعية. وهم مكلفون بوجه عام باستقصاء الشكاوى المتعلقة بنوع معين من أنواع انتهاكات حقوق الإنسان في جميع البلدان، سواء أكانت الدولة أم لم تكن مرتبطة بمعاهدات دولية لحقوق الإنسان.

ويمكنهم أيضاً أن يقوموا بزيارات لبعض البلدان إذا وافقت حكوماتها على ذلك. ويمكنهم أن يجروا استقصاءات، بما في ذلك الحالات الفردية، ويرفعوا تقارير بالنتائج والتوصيات التي ينتهون إليها إلى الحكومات، كما يرفعون تقريراً سنوياً للجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة. وبعض الآليات الموضوعية التابعة للأمم المتحدة معنية بصورة مباشرة بالقضايا المتصلة بالمحاكمات العادلة.

الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي، وقد تأسس في عام 1991، وهو مكلف باستقصاء حالات الاحتجاز التي يتعرض لها الأفراد تعسفاً أو بأي شكل آخر يتنافى مع المعايير الدولية. وهو يغطي في عمله الاحتجاز السابق للمحاكمة وعقوبات السجن التالية للمحاكمة على السواء.

الفريق العامل المعني بالاختفاء التعسفي أو غير الطوعي، وقد تأسس في عام 1980، ويتولى فحص الأمور المتصلة بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي، ويعمل كهمزة وصل بين أسر “المختفين” والحكومات بهدف ضمان التحقيق في حالات الضحايا وتحديد مصير ومكان وجودهم. كما أنه يرصد مدى امتثال الدول لالتزاماتها النابعة من الإعلان الخاص بحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري.

المقرر الخاص المعني بعمليات الإعدام خارج نطاق القضاء أو الإعدام بدون محاكمة أو الإعدام القسري، وقد تأسس منصبه في عام 1982. ويعمل هذا المقرر الخاص بصفة أساسية للتصدي لانتهاكات الحق في الحياة، بما في ذلك توقيع عقوبة الإعدام بعد محاكمة جائرة. كذلك، فالمقرر الخاص مكلف بأن يوجه عناية خاصة لحالات الإعدام بدون محاكمة أو الإعدام التعسفي التي تتعرض لها جماعات معينة، مثل الأطفال والنساء، والأقليات القومية أو العرقية أو الدينية أو اللغوية.

المقرر الخاص المعني بمسألة التعذيب، وقد تأسس منصبه في عام 1985. وهو مكلف بفحص المسائل المتعلقة بالتعذيب، والدعوة إلى التفعيل الكامل للقوانين الدولية والوطنية التي تحظر ممارسة التعذيب.

المقرر الخاص المعني باستقلال القضاة والمحامين، وقد تأسس منصبه في عام 1994 للإبلاغ عن حالات الاعتداء التي يتعرض لها استقلال القضاة والمحامين، ولكي يستقصي تلك الحالات ويشير بالتدابير اللازمة لحماية استقلال القضاء.

6. المحاكم الجنائية الدولية
تأسست المحكمتان الجنائيتان الدوليتان ليوغوسلافيا السابقة ورواندا بقرار من مجلس الأمن، التابع للأمم المتحدة، من أجل محاكمة المسؤولين عن عمليات الإبادة الجماعية، وغيرها من الجرائم ضد الإنسانية، والانتهاكات الخطيرة للقانون الإنساني، أثناء الصراعات في يوغوسلافيا السابقة ورواندا.

والنظم الأساسية (النظام الأساسي ليوغوسلافيا والنظام الأساسي لرواندا) وقواعد الإثبات والإجراءات التي وضعتها هاتان المحكمتان (قواعد يوغوسلافيا وقواعد رواندا) تعد معايير دولية هامة. وهي تمثل ضمانات معاصرة للمحاكمة العادلة، كما أنها، من بعض الجوانب، تمثل خطوة إيجابية بشأن حماية حقوق المشتبه فيهم والمتهمين، مثل الحق في الاتصال بالمحامين والتزام الصمت. ولا تسمح أي من المحكمتين بتطبيق عقوبة الإعدام.

وقد أدرجت الكثير من هذه المعايير في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، الذي اعتمد في 17 يوليو/تموز 1998 في مؤتمر دبلوماسي عقد في روما. وسوف يبدأ سريان هذا النظام الأساسي، الذي اعتمد بأغلبية 120 صوتاً ضد سبعة وامتناع 21 عن التصويت، بعد أن تصدق عليه ستون دولة. ويستبعد هذا النظام الأساسي عقوبة الإعدام، كما أنه يحتوي على الكثير من ضمانات المحاكمة العادلة الواردة في النظامين الأساسيين لمحكمتي يوغوسلافيا ورواندا ولائحتيهما.

المعايير والهيئات المذكورة في هذا الدليل
فيما يلي مجموعة المعايير والهيئات الخاصة بحقوق الإنسان التي سوف نعرض لبعضها بالإشارة في هذا الدليل باستخدام الاسم المختصر الوارد بين قوسين:
إعلان القضاء على العنف ضد المرأة
إعلان حقوق الطفل
إعلان حماية جميع الأشخاص من الاختفاء التعسفي (الإعلان الخاص بالاختفاء)
إعلان حماية جميع الأشخاص من التعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة (إعلان مناهضة التعذيب)
إعلان وبرنامج عمل بكين
اتفاقيات جنيف الصادرة في 12 أغسطس/آب 1949 (اتفاقيات جنيف)
اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (اتفاقية المرأة)
اتفاقية جنيف الخاصة بحماية الأشخاص المدنيين في زمن الحرب (اتفاقية جنيف الرابعة)
اتفاقية جنيف الخاصة بمعاملة أسرى الحرب (اتفاقية جنيف الثالثة)
اتفاقية جنيف لتحسين حال الجرحى والمرضى من أفراد القوات المسلحة في الميدان (اتفاقية جنيف الأولى)
اتفاقية جنيف لتحسين حال الجرحى والمرضى والغرقى من أفراد القوات المسلحة في عرض البحار (اتفاقية جنيف الثانية)
اتفاقية جنيف للعلاقات القنصلية
اتفاقية حقوق الطفل
اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة (اتفاقية مناهضة التعذيب)
اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها
الإعلان الأمريكي لحقوق وواجبات الإنسان (الإعلان الأمريكي)
الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (الإعلان العالمي)
الإعلان المتعلق بحقوق الإنسان للأفراد الذين ليسوا من مواطني البلد الذي يعيشون فيه
الاتفاقية الأمريكية الدولية بشأن الاختفاء القسري للأفراد (الاتفاقية الأمريكية بشأن الاختفاء)
الاتفاقية الأمريكية الدولية لمنع التعذيب والمعاقبة عليه (الاتفاقية الأمريكية لمنع التعذيب)
الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان (الاتفاقية الأمريكية)
الاتفاقية الأوربية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية (الاتفاقية الأوروبية)
الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري (اتفاقية مناهضة التمييز)
البروتوكول الإضافي لاتفاقيات جنيف الصادرة في 12 أغسطس/آب 1949، والمتعلق بحماية ضحايا الصراعات الدولية المسلحة الدولية (البروتوكول الإضافي الأول)
البروتوكول الإضافي لاتفاقيات جنيف الصادرة في 12 أغسطس/آب 1949، والمتعلقة بحماية ضحايا المنازعات المسلحة غير الدولية (البروتوكول الإضافي الثاني)
البروتوكول الاختياري الثاني للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الرامي إلى إلغاء عقوبة الإعدام (البروتوكول الثاني للعهد الدولي)
البروتوكول السابع لاتفاقية حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية (البروتوكول السابع للاتفاقية الأوروبية)
البروتوكول السادس لاتفاقية حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية الخاص بإلغاء عقوبة الإعدام (البروتوكول السادس للاتفاقية الأوروبية)
الضمانات الكفيلة بحماية حق السجناء الذين يواجهون عقوبة الإعدام (ضمانات عقوبة الإعدام)
العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (العهد الدولي للحقوق)
الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي
الفريق العامل المعني بالاختفاء القسري أو غير الطوعي
القرار الخاص بالحق في اللجوء إلى القضاء وتلقي محاكمة عادلة الخاص باللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب (قرار اللجنة الأفريقية)
القواعد النموذجية الدنيا لإدارة قضاء الأحداث (إعلان بكين)
القواعد النموذجية الدنيا للأمم المتحدة بشأن التدابير غير الاحتجازية (قواعد طوكيو)
القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء (قواعد معاملة السجناء)
اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب (اللجنة الأفريقية)
اللجنة الأمريكية الدولية لحقوق الإنسان (اللجنة الأمريكية الدولية)
اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان (اللجنة الأوروبية)
اللجنة المعنية بحقوق الإنسان
المبادئ الأساسية لاستخدام القوة والأسلحة النارية من جانب الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين

المبادئ الأساسية لاستقلال القضاء
المبادئ الأساسية لدور المحامين
المبادئ الأساسية لمعاملة السجناء
المبادئ التوجيهية الخاصة بدور أعضاء النيابة العامة
المبادئ التوجيهية للأمم المتحدة لمنع انحراف الأحداث (مبادئ الرياض)
المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب (المحكمة الأفريقية)
المحكمة الأمريكية الدولية لحقوق الإنسان (المحكمة الأمريكية الدولية)
المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان (المحكمة الأوروبية)
المقرر الخاص المعني باستقلال القضاة والمحامين
المقرر الخاص المعني بعمليات الإعدام خارج نطاق القضاء والإعدام دون محاكمة والإعدام التعسفي

المقرر الخاص المعني بمسألة التعذيب
الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب (الميثاق الأفريقي)
النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية الخاصة برواندا (النظام الأساسي لرواندا)
النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية الخاصة بيوغوسلافيا السابقة (النظام الأساسي ليوغوسلافيا)
بروتوكول الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان الخاص بإلغاء عقوبة الإعدام
قرار اللجنة الأفريقية الخاص بالحق في اللجوء إلى القضاء وتلقي محاكمة عادلة (قرار اللجنة الأفريقية)

قواعد الإجراءات والإثبات الخاصة بالمحكمة الجنائية الدولية لمحاكمة الأشخاص المسؤولين عن ارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان في أراضي يوغوسلافيا السابقة (قواعد يوغوسلافيا)
قواعد الإجراءات والإثبات الخاصة بالمحكمة الدولية لرواندا (قواعد رواندا)

قواعد الأمم المتحدة لحماية الأحداث المحرومين من الحرية

لجنة مناهضة التعذيب
لوائح السجون الأوروبية
مبادئ آداب مهنة الطب المتصلة بدور الموظفين الصحيين، ولاسيما الأطباء، في حماية المسجونين، والمحتجزين من التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة (مبادئ آداب مهنة الطب)

مجموعة المبادئ الخاصة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجون (مجموعة المبادئ)
مدونة قواعد السلوك الخاصة بالموظفين المكلفين بإنفاذ القانون

استخدام المصطلحات
تختلف النظم القانونية الوطنية والمعايير الدولية في تعريفها للمصطلحات المتصلة بالمحاكمات العادلة في جوانب كثيرة. وسوف نسعى، من خلال التعريفات التالية، إلى توضيح معاني بعض المصطلحات المستخدمة في هذا الدليل والتي تستخدمها منظمة العفو الدولية. ولا تتفق هذه التعريفات دائماً مع تلك المستخدمة في المعايير الدولية أو القوانين الوطنية.

الاحتجاز والسجن
يستخدم مصطلح الاحتجاز عندما يجرد المرء من حريته لسبب لا يتصل بصدور حكم بالإدانة بارتكاب جريمة ما. أما مصطلح السجن، فيستخدم عندما يحرم المرء من حريته نتيجة لإدانته بارتكاب جريمة ما. ويشير المصطلح الأخير إلى الحرمان من الحرية بعد محاكمة وصدور حكم بالإدانة، بينما يشير مصطلح الاحتجاز، في سياق العدالة الجنائية، إلى الحرمان من الحرية قبل وأثناء المحاكمة.

القبض
يقصد بهذا المصطلح “فعل تجريد الفرد من الحرية على يد سلطة حكومية بغرض اقتياده إلى الحجز واتهامه بارتكاب جريمة”.

التهمة الجنائية
يقصد بهذا المصطلح إخطار شخص ما رسمياً من جانب السلطة المختصة بأنها تزعم أنه ارتكب فعلاً جنائياً.

الفعل الجنائي
عند تطبيق معايير المحاكمة العادلة، لا يستند في تحديد ما إذا كان الفعل جنائياً أم غير جنائي على القوانين الوطنية، فالقرار هنا يتحدد بناءً على أمرين، طبيعة الفعل، ثم طبيعة العقوبة المحتملة ومدى شدتها. ورغم أن تصنيف الفعل في القانون الوطني يؤخذ في الاعتبار، لكنه ليس بالعامل الحاسم في هذا الشأن. ومن ثم، لا تستطيع الدول أن تتجنب تطبيق المعايير بتحاشي تصنيف فعل ما تحت بند الأفعال الجنائية أو بنقل الاختصاص القضائي من المحاكم إلى السلطات الإدارية.

التعذيب
أوردت اتفاقية مناهضة التعذيب التعريف التالي لهذا المصطلح: “يقصد بالتعذيب أي عمل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد، جسدياً كان أم عقلياً، يلحق عمداً بشخص ما بقصد الحصول من هذا الشخص أو من شخص ثالث على معلومات أو على اعتراف، أو معاقبته على عمل ارتكبه أو يشتبه في أنه ارتكبه، هو أو شخص ثالث أو تخويفه أو إرغامه هو أو أي شخص ثالث – أو عندما يلحق مثل هذا الألم أو العذاب لأي سبب من الأسباب يقوم على التمييز أياً كان نوعه أو يحرض عليه أو يوافق عليه أو يسكت عنه موظف رسمي أو أي شخص آخر يتصرف بصفته الرسمية.

ولا يتضمن ذلك الألم أو العذاب الناشئ فقط عن عقوبات قانونية أو الملازم لهذه العقوبات أو الذي يكون نتيجة عرضية لها”. ومع هذا، يتعين أن تكون هذه العقوبات مشروعة بموجب المعايير الوطنية والدولية على حد سواء. كذلك يقول إعلان مناهضة التعذيب: “يمثل التعذيب شكلاً متفاقماً ومتعمداً من أشكال المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.”

المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة
تنص مجموعة المبادئ المتعلقة بحماية جميع الأشخاص الذين يواجهون أي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن على أنه “ينبغي تفسير تعبير “المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة” تفسيراً يحقق توفير أقصى قدر من الحماية من الإساءة البدنية أو العقلية، بما في ذلك إبقاء شخص محتجز أو مسجون في ظروف تحرمه بصفة مؤقتة أو دائمة، من استخدام أي من حواسه الطبيعية، كالبصر أو السمع أو من وعيه بالمكان وانقضاء الزمان.”

المحاكم
المحكمة هي هيئة تمارس مهام القضاء. وتؤسس المحكمة بموجب القانون للفصل في الأمور التي تقع في دائرة اختصاصها وفق القواعد القانونية، وطبقاً للإجراءات المعمول بها على النحو المقرر. وتختلف المحاكم في درجاتها، ولكن مصطلح المحكمة يستخدم بوجه عام للإشارة لهذه الهيئة القضائية في صكوك حقوق الإنسان.

المختصرات
استخدمت المختصرات الآتية في هذا الدليل. وسوف نبدأ بالصيغة المختصرة للمعايير والهيئات الخاصة بحقوق الإنسان التي سوف نستخدمها في متن الكتاب للإشارة إليها:

المعايير والهيئات
إعلان بكين
القواعد النموذجية الدنيا لإدارة قضاء الأحداث الصادرة عن الأمم المتحدة
إعلان مناهضة التعذيب
إعلان مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة
اتفاقيات جنيف
اتفاقيات جنيف الصادرة في 12 أغسطس/آب 1949
اتفاقية المرأة
اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة
اتفاقية جنيف الثالثة
اتفاقية جنيف الخاصة بمعاملة أسرى الحرب
اتفاقية جنيف الرابعة
اتفاقية جنيف الخاصة بحماية الأشخاص المدنيين في زمن الحرب
اتفاقية مناهضة التعذيب
اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة
اتفاقية مناهضة العنصرية
الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري
الإعلان الأمريكي
الإعلان الأمريكي لحقوق وواجبات الإنسان
الإعلان الخاص بالاختفاء
الإعلان الخاص بحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري
الإعلان العالمي
الإعلان العالمي لحقوق الإنسان
الاتفاقية الأمريكية
الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان
الاتفاقية الأمريكية بشأن الاختفاء
الاتفاقية الأمريكية الدولية بشأن الاختفاء القسري للأفراد
الاتفاقية الأمريكية لمنع التعذيب
الاتفاقية الأمريكية الدولية لمنع التعذيب والمعاقبة عليه
الاتفاقية الأوروبية
الاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية
البروتوكول الاختياري الثاني للعهد الدولي
البروتوكول الاختياري الثاني للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الرامي لإلغاء عقوبة الإعدام
البروتوكول الإضافي الأول
البروتوكول الإضافي لاتفاقيات جنيف الصادرة في 12 أغسطس/آب 1949، والمتعلق بحماية ضحايا المنازعات المسلحة الدولية
البروتوكول الإضافي الثاني
البروتوكول الإضافي الثاني لاتفاقية جنيف الصادرة في 12 أغسطس/آب 1949 بشأن حماية ضحايا المنازعات المسلحة غير الدولية
البروتوكول السابع للاتفاقية الأوروبية
البروتوكول السابع للاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية
العهد الدولي
العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية
ضمانات عقوبة الإعدام
الضمانات الكفيلة بحماية حق السجناء الذين يواجهون عقوبة الإعدام
قرار اللجنة الأفريقية
القرار الخاص بالحق في اللجوء إلى القضاء وتلقي محاكمة عادلة الصادر عن اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب
قواعد رواندا
قواعد الإجراءات والإثبات الخاصة بالمحكمة الدولية لرواندا
قواعد طوكيو
القواعد النموذجية الدنيا للتدابير غير الاحتجازية الصادرة عن الأمم المتحدة
قواعد معاملة السجناء
القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء
قواعد يوغوسلافيا
قواعد الإجراءات والإثبات الخاصة بالمحكمة الجنائية الدولية لمحاكمة الأشخاص المسؤولين عن ارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان في أراضي يوغوسلافيا السابقة
اللجنة الأفريقية
اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب
اللجنة الأمريكية الدولية
اللجنة الأمريكية الدولية لحقوق الإنسان
اللجنة الأوروبية
اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان
المحكمة الأفريقية
المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب
المحكمة الأمريكية الدولية
المحكمة الأمريكية الدولية لحقوق الإنسان
المحكمة الأوروبية
المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان
الميثاق الأفريقي
الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب
النظام الأساسي
النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية
النظام الأساسي لرواندا
النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية الخاصة برواندا
النظام الأساسي ليوغوسلافيا
النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية الخاصة بيوغوسلافيا السابقة
مبادئ آداب مهنة الطب
مبادئ آداب مهنة الطب المتصلة بدور الموظفين الصحيين، ولاسيما الأطباء، في حماية المسجونين، والمحتجزين من التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة
مبادئ الرياض
المبادئ التوجيهية للأمم المتحدة لمنع انحراف الأحداث
مجموعة المبادئ
مجموعة مبادئ حماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن

القسم (أ)
الحقوق في مرحلة ما قبل المحاكمة

الفصل الأول الحق في الحرية
الفصل الثاني حق الشخص المحتجز في الاطلاع على المعلومات الخاصة به
الفصل الثالث الحق في الاستعانة بمحامٍ قبل المحاكمة
الفصل الرابع الحق في الاتصال بالعالم الخارجي
الفصل الخامس الحق في المثول دون إبطاء أمام قاضٍ أو مسؤول قضائي آخر
الفصل السادس الحق في الطعن في مشروعية الاحتجاز
الفصل السابع الحق في محاكمة عادلة خلال مدة زمنية معقولة أو الإفراج عن الشخص المحتجز
الفصل الثامن الحق في مساحة زمنية وتسهيلات كافية لإعداد الدفاع
الفصل التاسع حقوق الأشخاص المحتجزين خلال مراحل التحقيق
الفصل العاشر الحق في أوضاع إنسانية أثناء الاحتجاز وعدم التعرض للتعذيب

الفصل الأول
الحق في الحرية
لكل إنسان الحق في الحرية الشخصية. فلا يجوز إلقاء القبض عليه إلا طبقاً لأحكام القانون على نحو بعيد عن التعسف، وعلى أن يتم ذلك على يد موظفين مختصين. ولا ينبغي في الأحوال العادية احتجاز المتهمين بارتكاب أفعال جنائية إلى حين تقديمهم إلى المحاكمة.
1/1 الحق في الحرية

1/2 متى يغدو القبض أو الاحتجاز مشروعاً؟
1/2/1 الاتفاقية الأوروبية
1/3 متى يعتبر القبض على المرء أو احتجازه تعسفياً؟
1/4 ما الهيئات التي يجيز لها القانون أن تجرد المرء من حريته؟
1/5 قاعدة إخلاء سبيل المتهم إلى أن تتم محاكمته
1/1 الحق في الحرية

إن لكل إنسان الحق في الحرية الشخصية*. وهذا حق أساسي من حقوقه.
ويجوز للحكومات أن تحرم الأفراد من حريتهم في بعض الحالات المحددة. ولكن المعايير الدولية لحقوق الإنسان تنص على سلسلة من الإجراءات التي تكفل للمرء الحماية حرصاً على ألا يجرد من حريته على نحو غير مشروع أو بصورة تعسفية، وتوفر ضمانات ضد الأشكال الأخرى لإساءة معاملة المحتجزين.

ومنها ما ينطبق على جميع الأشخاص المحرومين من الحرية، سواءً أكان هذا الحرمان راجعاً لارتكاب فعل جنائي أو لسبب آخر، ومنها ما هو قاصر على الأشخاص المحتجزين بسبب اتهامهم بارتكاب جرائم، ومنها أيضاً ما هو خاص بفئات محددة من الأفراد، مثل الرعايا الأجانب أو الأطفال. ورغم أن هذا الدليل يعرض للكثير من الحقوق التي تنطبق على جميع الأشخاص المحرومين من الحرية، بمن فيهم الخاضعين للاحتجاز الإداري، لكنه يركز على الحقوق التي تنطبق على الأشخاص المتهمين بارتكاب أفعال جنائية.

ويرتبط الحق في الحرية ارتباطاً جوهرياً بالحماية من التعرض للاحتجاز التعسفي أو دون سند من القانون. ولحماية الحق في الحرية، وتنص المعايير الدولية، ومن بينها المادة 9 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أنه “لا يجوز اعتقال أي إنسان أو حجزه … تعسفاً”. وينطبق هذا الضمان على كل فرد، سواء أكان محتجزاً بتهمة ارتكاب فعل جنائي أو، على سبيل المثال، بسبب المرض أو التشرد أو إجراءات الهجرة.

ولا تكتفي المعايير الدولية بحظر القبض على أي فرد أو احتجازه تعسفاً، بل تشترط أيضاً أن يتم ذلك بناءً على الإجراءات المحددة في نص القانون ووفقاً لها.

المعايير ذات الصلة
المادة 3 من الإعلان العالمي
“لكل فرد حق في الحياة والحرية وفي الأمان على شخصه.”
المادة 9 (1) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية
“لكل فرد حق في الحرية وفي الأمان على شخصه. ولا يجوز توقيف أحد أو اعتقاله تعسفاً. ولا يجوز حرمان أحد من حريته إلا لأسباب ينص عليها القانون وطبقاً للإجراء المقرر فيه.

وقد اعتبرت اللجنة الأفريقية أن القبض على شخصية سياسية ما واحتجازها “وفقاً لهوى رئيس الدولة”، دون تهمة أو محاكمة لمدة 12 عاماً، بمثابة انتهاك للحق في الحرية الذي تكفله المادة 6 من الميثاق الأفريقي.

واعتبرت اللجنة الأمريكية الدولية أن قرارات تحديد الإقامة في المنزل والنفي إلى الخارج والترحيل القسري إلى موضع آخر قد تنتهك الحق في الحرية الشخصية التي تكفلها المادة 7 من الاتفاقية الأمريكية.

وقالت اللجنة الأمريكية الدولية أن الحق في افتراض البراءة (انظر الفصل 15، افتراض البراءة) المكفول في المادة 8 (2) من الاتفاقية الأمريكية تقضي بأن أية قيود تفرض على الحرية الشخصية يجب أن تقتصر على ما تمليه الضرورة القصوى.

1/2 متى يغدو القبض أو الاحتجاز مشروعاً؟
لا يجوز تجريد الفرد من حريته إلا بناء على الأسباب التي يحددها القانون وطبقاً للإجراءات المقررة فيه.**
وليس المقصود هنا القانون المحلي فحسب، بل المعايير الدولية أيضاً.
وقالت المحكمة الأوروبية في تفسيرها لعبارة “وفقاً للإجراءات المقررة في القانون” الواردة في المادة 5 (1) من الاتفاقية الأوروبية إن المقصود هنا القانون المحلي، ولكن القانون المحلي نفسه “يجب أن يراعي المبادئ المحددة أو المتضمنة في الاتفاقية [الأوروبية]”.

المعايير ذات الصلة
المادة 5/1 من الاتفاقية الأوروبية:
“لكل فرد الحق في الحرية وفي الأمان على شخصه. ولا يجوز تجريد الفرد من حريته إلا في الحالات التالية وطبقاً للإجراءات المقررة في القانون:

(I) احتجاز فرد بعد إدانته أمام محكمة مختصة.
(ب) القبض على فرد أو احتجازه بسبب عدم امتثاله لحكم صادر عن محكمة أو لضمان امتثاله لأي التزام ينص عليه القانون.
(ج) ضبط أو احتجاز فرد بغرض عرضه على السلطة القضائية المختصة أو لوجود أسباب معقولة تدعو للاشتباه في ارتكابه لجريمة ما أو في فراره بعد ارتكاب جريمة.

1/2/1 الاتفاقية الأوروبية
وقد حددت المادة 5 (1) من الاتفاقية الأوروبية الأحوال التي يجوز فيها فقط تجريد الفرد من حريته. ومن بين الحالات التي يجوز فيها القبض على فرد ما عرضه على السلطات المختصة “لوجود أسباب معقولة تدعو للاشتباه في ارتكابه لجريمة ما”.

وقد رأت المحكمة الأوروبية أن هذه “الأسباب المعقولة” التي تبرر القبض على الفرد تتوفر في حالة وجود “حقائق أو معلومات كفيلة بإقناع مراقب موضوعي بأن الشخص المعني ربما ارتكب جريمة.”

1/3 متى يعتبر القبض على المرء أو احتجازه تعسفياً؟
لا يجوز القبض على أي شخص أو احتجازه أو سجنه تعسفاً.***
من الملاحظ أن القبض على فرد أو احتجازه بصورة قانونية قد يعد من منظور المعايير الدولية تعسفياً، ومثال ذلك غموض نصوص القانون الذي احتجز بموجبه، أو إفراطها في العمومية، أو انتهاكها لمعايير أخرى أساسية مثل الحق في حرية التعبير. وعلاوة على ذلك، فالشخص المحتجز الذي يقبض عليه في بادئ الأمر بصورة قانونية، ثم تأمر سلطة قضائية بالإفراج عنه، ولا يفرج عنه، يعتبر احتجازه ضرباً من التعسف.

وقد أوضحت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن مصطلح “التعسف” الوارد في المادة 9(1) لا يجب أن يساوى فقط بالاحتجاز “المنافي للقانون”، ولكن يجب التوسع في تفسيره لكي يشمل العناصر التي تجعله “غير ملائم، أو يفتقر إلى العدالة أو لا يمكن التنبؤ به”.

ورأت اللجنة الأفريقية أن القبض الجماعي على موظفي أحد المكاتب في ملاوي واحتجازهم للاشتباه في أنهم قد استخدموا معدات المكتب مثل أجهزة الفاكس وناسخات المستندات لغايات تخريبية ضرباً من التعسف ينتهك المادة 6 من الميثاق الأفريقي، وأن الاستمرار في احتجاز السجين بعد أن يوفي مدة عقوبته إنما هو ضرب من الانتهاكات للمادة 6 من الميثاق الأفريقي التي تحظر الاحتجاز التعسفي.

وعندما تفحص المحكمة الأوروبية مشروعية إحدى حالات الاحتجاز، تبحث ما إذا كانت هذه الحالة تتفق مع القواعد الأساسية والإجرائية وما إذا كانت تنطوي على لون من التعسف.

وحددت اللجنة الأمريكية الدولية ثلاثة أشكال للاحتجاز التعسفي، هي فيما يلي: الاحتجاز خارج نطاق القانون (أي الاحتجاز دون أساس قانوني، بما في ذلك أوامر الاحتجاز الصادرة عن السلطات التنفيذية أو عمليات الاحتجاز التي تنفذها الجماعات شبه العسكرية برضاً أو قبول من قوات الأمن.)؛ والاحتجاز الذي ينتهك أحكام القانون؛ والاحتجاز يمثل لوناً من إساءة استغلال السلطة، وإن نفذ بصورة تتفق مع أحكام القانون.

1/4 ما الهيئات التي يجيز لها القانون أن تجرد المرء من حريته؟
لا يجوز إلقاء القبض على أي فرد أو سجنه إلا على يد الموظفين المختصين بأداء تلك المهام.**** وهذا المبدأ يحظر صراحة العرف الشائع في بعض البلدان التي تتولى فيها بعض فروع قوات الأمن عمليات القبض على الأفراد واحتجازهم؛ رغم أنها غير مخولة سلطة الضبطية القضائية.

ولا يجوز للسلطات التي تقبض على الأفراد أو تستبقيهم في الحجز أو تحقق معهم أن تتجاوز الصلاحيات التي يخولها لها القانون، ويجب أن تخضع في ممارستها لصلاحياتها للرقابة من جانب السلطة القضائية أو من سلطة أخرى.*****

وينبغي للدول أن تضع قواعد بموجب قوانينها تحدد من خلالها الموظفين الذين سوف تخولهم أمر تجريد الشخص من حريته. ويجب أن تحدد الدولة الظروف التي يجب أن تصدر في ظلها الأوامر من هذا النوع، وضمان فرض ضروب مختلفة من الرقابة الصارمة على جميع الموظفين المسؤولين عن القبض على الأفراد واحتجازهم وحراستهم ونقلهم وسجنهم، على أن يكون من بينها وجود تسلسل قيادي واضح.******

1/5 قاعدة إخلاء سبيل المتهم إلى أن تتم محاكمته
لا ينبغي، كقاعدة عامة، الاستمرار في احتجاز الأشخاص المتهمين بارتكاب أفعال جنائية إلى حين محاكمتهم. وهذه القاعدة التي تفترض ألا يحتجز المتهم بارتكاب جريمة قبل محاكمته إنما تنبع من الحق في الحرية والحق في افتراض براءة المتهم حتى يثبت العكس (انظر الفصل 15، افتراض البراءة). غير أن المعايير الدولية تسلم صراحة بوجود حالات يجوز فيها للسلطات أن تقيد حرية المرء بشروط أو أن تحتجزه ريثما يقدم للمحاكمة.*+ ويشمل هذا تلك الحالات التي يعتبر فيها الاحتجاز ضرورة لمنع المحتجز من الهرب، أو التدخل مع الشهود، أو عندما يمثل المشتبه فيه خطراً واضحاً وبالغاً على الغير لا يمكن احتوائه بإجراء آخر أقل صرامة.

وترى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان “أن الاحتجاز السابق على المحاكمة يجب أن يكون استثناءً ولأقل فترة ممكنة.”

وذكرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن الاحتجاز السابق على المحاكمة لا يجب أن يقتصر فحسب على التمشي مع أحكام القانون، بل يجب أن يكون أيضاً ضرورياً أو معقولاً في حالة تطبيقه. واعترفت اللجنة بأن العهد الدولي يجيز للسلطات أن تحتجز الأفراد كتدبير استثنائي، إذا كان من الضروري ضمان مثول الشخص أمام المحكمة لمحاكمته، ولكنها ضيقت من تفسيرها للمقصود بكلمة “الضرورة”.

كما اعتبرت أن الاشتباه في أن الشخص ارتكب جريمة لا يكفي لتبرير احتجازه ريثما تنتهي التحقيقات وصدور لائحة الاتهام. ومع هذا، فقد رأت أن الاحتجاز قد يكون ضرورة لمنع المتهم من الهرب أو تجنب تدخله مع الشهود أو عبثه بالأدلة الأخرى، أو منعه من ارتكاب الجرائم الأخرى. كذلك، رأت اللجنة أنه يجوز احتجاز الشخص عندما يشكل تهديداً واضحاً وخطيراً للمجتمع لا يمكن احتوائه بأي أسلوب آخر.”

المعايير ذات الصلة
المبدأ 2 من مجموعة المبادئ:
“لا يجوز إلقاء القبض أو الاحتجاز أو السجن إلا مع التقيد الصارم بأحكام القانون وعلى يد موظفين مختصين أو أشخاص مرخص لهم بذلك.”

المبدأ 9 من مجموعة المبادئ:
“لا يجوز للسلطات التي تلقي القبض على شخص أو تحتجزه أو تحقق في القضية أن تمارس صلاحيات غير الصلاحيات الممنوحة لها بموجب القانون، ويجوز التظلم من ممارسة تلك الصلاحيات أمام سلطة قضائية أو سلطة أخرى.

وترى المحكمة الأوروبية أن الاحتجاز المستمر قبل المحاكمة لا يمكن تبريره إلا “إذا توفرت مؤشرات محددة تدل على وجود أحد المتطلبات الحقيقية للمصلحة العامة يطغى، مع افتراض براءة المتهم، على قاعدة احترام الحرية الفردية.”

وإذا احتجز شخص إلى حين تقديمه للمحاكمة، يجب على السلطات أن تخضع الضرورات الداعية لاستمرار احتجازه لمراجعة منتظمة.*++
انظر أيضاً الفصل 5 الخاص بالحق في المثول دون إبطاء أمام قاضٍ أو مسؤول قضائي آخر، والفصل 6 الخاص بالحق في الطعن في مشروعية الاحتجاز، والفصل 7 الخاص بالحق في محاكمة عادلة خلال مدة زمنية معقولة أو الإفراج عن المحتجز.

المعايير ذات الصلة
المادة 9(3) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية
“… ولا يجوز أن يكون توقيف الأشخاص الذين ينتظرون المحاكمة هو القاعدة العامة، ولكن من الجائز تعليق الإفراج عنهم على ضمانات لكفالة حضورهم في أية مرحلة أخرى من مراحل الإجراءات القضائية، ولكفالة تنفيذ الحكم عند الاقتضاء.”

المبدأ 39 من مجموعة المبادئ
“باستثناء الحالات الخاصة التي ينص عليها القانون، يحق للشخص المحتجز بتهمة جنائية، ما لم تقرر خلاف ذلك سلطة قضائية أو سلطة أخرى لصالح إقامة العدل، أن يطلق سراحه إلى حين محاكمته رهناً بالشروط التي يجوز فرضها وفقاً للقانون. وتظل ضرورة هذا الاحتجاز محل مراجعة من جانب هذه السلطة.”

القاعدة 6 من قواعد طوكيو
“6/1: يستخدم الاحتجاز قبل المحاكمة كملاذ أخير في الإجراءات الجنائية مع المراعاة الكاملة للتحقيق في التهمة المزعومة ولحماية المجتمع والضحية.
6/2: التبكير في استخدام بدائل الاحتجاز السابق للمحاكمة في أول مرحلة ممكنة”.