دروس عن التحكيم التجاري الدولي

فرع قانون العلاقات الاقتصادية الدولية

السنة الثالثة / السداسي الاول

تمهيد

يعتبر التحكيم التجاري الدولي من أهم المواضيع التي تشغل مكانا بارزا في الفكر القانوني و الاقتصادي على المستوى العالمي في الوقت الحالي ، فقد كثرت فيه المؤلفات ، و تواترت فيه الأحكام ، و أنشئت هيئات متخصصة فيه ذات أنظمة معترف بها دوليا ، و عنيت بتدريسه معاهد علمية و عقدت بشأنه معاهدات دولية للاعتراف بالأحكام الصادرة عن القضاة الوطنيين ، و أصبح العالم يموج بالتطورات حول هذا الموضوع إلى درجة تصعب متابعتها .
فمنذ القدم ، يجري الفصل في المنازعات بواسطة حكيم إلى جوار القاضي المنصب في كل الجماعات ، لهذا عرفه القانون الروماني و أوجده في القرون الوسطى كما أخذت به التقنيات الصادرة في القرن الماضي كوسيلة يباح الالتجاء إليها للفصل في منازعات مدنية و بالأخص التجارية منها .

و لقد أصبح التحكيم من مظاهر العصر لأهميته في المعاملات التجارية عموما ، سيما ما كان منها متميزا بطابع التخصص أو الصفة الدولية ، فالاعتبارات العلمية تدعو دائما إلى الاتفاق على التحكم ، لطرح النزاعات على أشخاص محل ثقة الخصوم – بدلا من طرحها على المحاكم المختصة – إما للاستفادة من خبرتهم الفنية ، و إما لتجنب مشاكل التنازع الدولي في القوانين ، و إما لتجنب علانية جلسات القضاء ، مع الاقتصاد في الجهد و النفقات و الوقت .

قال أرسطوط : ” إن أطراف النزاع يستطيعون تفضيل التحكيم على القضاء ذلك لأن المحكم يرى العدالة بينما لا يعتد القاضي إلا بالتشريع ” .
و يرى الفقه المعاصر بأن تطور التحكيم التجاري و اتساع مجاله هو بمثابة رد فعل حرفية قانون القضاء ، و يعبر عن رغبة أطراف النزاع في التخلص منه كي تحل منازعاتهم طبقا لمبادئ أكثر رحابة من تلك التي يتضمنها القانون الوضعي .
يرى د/ أبوزيد رضوان – في مؤلفه الأسس العامة في التحكيم التجاري الدولي ( دار الفكر العربي ، القاهرة 1981 ص 21 ) – ” أن التحكيم التجاري الدولي قد ارتبط بالتجارة الدولية و التبادل التجاري بين الشعوب و ازدهر بازدهار هذه التجارة ، حيث كانت المرتع الخصب لإنماء و تطوير قواعد التحكيم التجاري الدولي ، و نتيجة لزيادة معدلات التجارة الدولية و نموها و ازدهارها و اتساع أسواقها نتيجة لزيادة و سهولة المواصلات و الاتصال عبر القارات و انتشار العقود النموذجية و الشروط العامة لتسليم البضائع ، بدأت العلاقات التجارية الدولية تبتعد تدريجيا عن سيطرة قانون الوطن ، لتحكم أو تنظم بقواعد ذات منبع أو طابع مهني و قواعد عرفية ، حيث يلعب التحكيم التجاري الدولي دورا بارزا كوسيلة لتأكيد قانون مجتمع تجاري على الصعيد الدولي ، و زيادة فعاليته ، حيث يعتق التجارة الدولية من الخضوع للقواعد الصماء فضلا عما يوفره من سرعة في حل المنازعات و الإبقاء على الوفاق بين الأطراف ، و عدم إفشاء أسرار المنازعات… ” .

فالتحكيم التجاري الدولي قد اصبح ضرورة يفرضها واقع التجارة الدولية ، و لم يعد يقتصر على فض المنازعات بعد نشوبها ، بل أصبح أداة فعالة يجب استخدامها لتفادي قيام المنازعات أثناء إبرام العقود الدولية طويلة المدى التي تتعلق بالتصنيع ، أو نقل التكنولوجيا ، أو المشروعات المشتركة أثناء تنفيذ هذه العقود ، و لقد حضي التحكيم التجاري الدولي باهتمامات الدولة منذ ما يزيد عن نصف قرن فأبرمت بشأنه الكثير من الاتفاقيات و البروتوكولات الدولية .

تأسيسا على ما سبق بيانه يتضح أن التحكيم هو وسيلة فض نزاع قائم أو مستقبلي ، و يتضمن العزوف عن الالتجاء إلى القضاء المختص بشأنه و طرحه أمام أفراد و هم المحكمون أنيطت بهم مهمة نظره و الفصل فيه ، بناء على اتفاق بين المتنازعين على ذلك ، و التحكيم معناه رغبة الطرفين في عدم عرض نزاعهم على القضاء العادي في الدولة و رغبتهم في إقامة محكمة خاصة بهم يختارونها بأنفسهم و يحددون لها موضوع النزاع و القانون الذي يرغبون تطبيقه فيما بينهم ، فالمحكم ليس قاضيا مفروضا على الطرفين و إنما هو قاضي مختار بواسطتهم فهو يحفظ أسرار الطرفين لذلك يحرص أطراف المنازعة على تشكيل هيئة تحكيم خاصة بهم على الالتجاء إلى مراكز التحكيم المتخصصة مثل غرفة التجارة الدولية بباريس و محكمة التحكيم بلندن و غيرهما من المراكز ، فالتحكيم يحافظ على العلاقة بين الطرفين فهو ليس طريقا هجوميا عنيفا ، و إنما هو أقرب إلى التفاهم بين الطرفين بخلاف استعمال أساليب الكيد – في الغالب – أمام القضاء العادي ، لذلك يقال أن الأطراف يدخلون في التحكيم و هم ينظرون إلى الأمام ، و قد قال عميد فقه القانون التجاري الدكتور محسن شفيق ( د/ كمال ابراهيم ، التحكيم التجاري الدولي ط1 ، 1991 ، دار الفكر العربي القاهرة ص 37 ، ص 38 ) :” التحكيم في الحقيقة ليس اتفاقا محضا ، و إنما هو نظام يمر في مراحل متعددة يلبس في كل منها لباسا خاصا و يتخذ طابعا مختلفا ، فهو في أوله اتفاق و في وسطه إجراء و في آخره حكم و ينبغي مراعاة هذه الصور عند تعيين القانون الواجب التطبيق ” ( أبوزيد رضوان ، المرجع السابق ) .

إن ما يحدث في الجزائر من تحولات لدخول إقتصاد السوق أثر على موقف الجزائر من التحكيم بالرغم من حضره بموجب المادة 442 من قانون الإجراءات المدنية .
ففي المرسوم التشريعي 93/09 المؤرخ في 25-04-1993 المعدل للأمر رقم 66/154 المؤرخ في 08-06-1966 المتضمن قانون الإجراءات المدنية أصدرت الجزائر قوانين داخلية فيما يتعلق بالتحكيم
التجاري الدولي بتاريخ 25-04-1993 ، هذا المرسوم التشريعي جاء بعد إبرام الجزائر للاتفاقية 88/18 المؤرخة في 24-07-1988 و المتعلقة بالانضمام لاتفاقية نيويورك لعام 1958 .

التحكيم التجاري الدولي قبل صدور المرسوم التشريعي 93/09 المؤرخ في 25-04-1993 المعدل و المتمم لقانون الإجراءات المدنية

بعد الاستقلال مباشرة قام المجلس الوطني المؤقت بإصدار قانون بتاريخ 31-12-1962 يقضي بتمديد التشريع الفرنسي ما عدا في أحكامه التي تمس بالسيادة الوطنية و تخلق تمييز بين الجزائريين مما يفيد أن التشريع الإجرائي و كذا القانون التجاري تم تمديدهم و من ثم فإن القانون الفرنسي هو الذي كان يطبق في مجال التحكيم التجاري .
غير أن الجزائر و بعد التصحيح الثوري في 19-06-1965 و تصريح مجلس الثورة آن ذاك قرر اختيار الاشتراكية كنمط التسيير الاقتصاد الوطني .
1- القطاع الاقتصادي في الاشتراكية : تميزت الفترة ما بين 1965 إلى غاية 1979 بتوسيع القطاع الاقتصادي و تميزه بالملكية العمومية لوسائل الإنتاج و أيضا هيمنة القطاع العام على القطاع الخاص و انطباق القانون العام على كل التصرفات و المعاملات التجارية للمتعاملين العموميين الاقتصاديين .
في المنطق و الإيديولوجيا الاشتراكية لا يمكن أن تتناقض مصالح المتعاملين العموميين لأن أسس التحقيق غاية مشتركة تتمثل في الصالح العام و المنفعة العامة مما يجعل فكرة التحكيم التجاري لا مجال لتطبيقها في هته الفترة ، بل كل المنازعات التي تنشأ بين متعاملين عموميين تسوى عن طريق تدخل الوصاية ( الوزارات ) قصد وجود حل للنزاع المطروح .
2- عدم جواز اللجوء إلى التحكيم التجاري في مجال التجارة الدولية : تتميز التجارة الدولية في الفترة السالفة الذكر باحتكار الدولة عن طريق مؤسساتها التجارية للتجارة الدولية مما يجعل أن كل المؤسسات العمومية الاقتصادية التي تمارس نشاط يندرج ضمن التجارة الدولية و في حالة نشوء نزاع مع متعامل أجنبي تتدخل السلطات العمومية عن طريق السلطات العامة ( وزارة الخارجية ، التجارة ، المالية ، التخطيط …) كي تجد حل للنزاع المطروح دون اللجوء إلى التحكيم لأن الدول التي تتعامل معها الجزائر تربطها اتفاقيات مسبقة تنص على كيفية معالجة المشاكل التي يمكن أن تنشأ من جراء التعامل التجاري بين هذه الدول أو بالأحرى بين مؤسساتها الاقتصادية و المؤسسات التجارية الجزائرية .
بعد إلغاء القانون المتعلق باحتكار الدولة للتجارة الخارجية و إعادة الاعتبار للقطاع الخاص الذي أصبح مشارك و قطاع تكميلي للقطاع العام و صدور مجموعة القوانين المتعلقة باستقلالية المؤسسات العمومية الاقتصادية و التي أخذت شكل شركات تجارية تتعامل وفق أحكام القانون التجاري و خاصة بعد تعديل قانون الإجراءات المدنية بموجب المرسوم التشريعي رقم 93/09 المؤرخ في 25-04-1993 أصبح التحكيم التجاري الطريقة الأنجع و المفضلة لتسوية النزاعات المتعلقة بالتجارة الدولية .

تنظيم التحكيم التجاري الدولي

1/ مجال تطبيق التحكيم التجاري :
تقضي المادة الأولى من المرسوم التشريعي رقم 93/09 المؤرخ في 25-04-1993 على أن :” يجوز لكل شخص أن يطلب التحكيم في حقوق له مطلق التصرف فيها ” بمعنى أن المشرع الجزائري جعل للتحكيم مجال واسع يمس كل حقوق الأشخاص باستثناء الالتزامات للنفقة و حقوق الإرث المتعلقة بالمسكن و لا في المسائل المتعلقة بالنظام العام أو حالة الأشخاص .

بمعنى أن المشرع الجزائري بموجب هذه المادة الأولى من المرسوم التشريعي السالف الذكر ألغى المادة 442 من قانون الإجراءات المدنية السابق و استثنى بذلك مجال تطبيق التحكيم على كل ما يخص بالحقوق الشخصية للأفراد و أيضا بالمسائل المتعلقة بالنظام العام ، نجد هذا الاستثناء موجود في كافة التشريعات الأجنبية بينما الجديد في التحكيم التجاري هو ما جاء في الفقرة الأخيرة من المادة الأولى للمرسوم التشريعي 93/09 التي تقضي على أن :” … و لا يجوز للأشخاص المعنويين التابعين للقانون العام أن يطلبوا التحكيم ما عدا في علاقاتهم التجارية الدولية ” بمعنى أن الأشخاص العموميين التابعين للقانون العام أو ما يسمى أيضا بالمؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري يجوز لها أن تطلب التحكيم في علاقاتها التجارية الدولية و هذا ما يعد بالجديد في قانون الإجراءات المدنية و أيضا في مجال القانون الوضعي الجزائري بدليل أنه بالرجوع إلى المادة 07 من قانون الإجراءات المدنية التي تجعل من كل منازعة تكون طرفا فيه الدولة ، الولاية ، البلدية ، أو أي مؤسسة عمومية ذات طابع إداري هي من اختصاص القضاء الإداري أما هذه المادة الأولى للمرسوم التشريعي 93/09 المعدل و المتمم لقانون الإجراءات المدنية تمكن الأشخاص العموميين التابعين للقانون العام أن يلجئوا إلى التحكيم في علاقاتهم التجارية الدولية .

2/ الأشخاص اللذين يجوز لهم اللجوء إلى التحكيم التجاري :
المشرع الإجرائي بموجب المرسوم التشريعي 93/09 السالف الذكر لا يميز بين المتعاملين سواء أكانوا أشخاص طبيعيين أم أشخاص معنويين ويقصد بهؤلاء التجار اللذين يكتسبون هذه الصفة إعمالا بمقتضيات المادة الأولى من القانون التجاري و أيضا أحكام القانون 90/22 الصادر في 18-08-1990 و المتضمن قانون السجل التجاري .
و أيضا الشركات التجارية بمقتضى المادة 544 من القانون التجاري التي تقضي على أن :” يحدد الطابع التجاري للشركة إما بحسب موضوعها أو بحسب شكلها و تعد شركات تجارية بحسب الشكل : شركة التضامن – الشركة ذات المسؤولية المحدودة – شركة التوصيات – شركة المساهمة ” و نضيف إلى هذه الشركات التجارية ذات الأشكال القانونية الواردة في المادة 544 من القانون التجاري كل المؤسسات العمومية الاقتصادية ذات الطابع التجاري و التي لم تأخذ شكل من الأشكال المنصوص عليها في المادة 544.
من القانون التجاري ، بالإضافة إلى المتعاملين السالف ذكرهم ، نضيف المؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري الذي يجوز لهم و الأمر جوازي و ليس إجباري اللجوء إلى التحكيم في مجال معاملاتهم التجارية الدولية .

3/ دولية التحكيم :
تقضي المادة 458 مكرر على ما يلي :” يعتبر دوليا بمفهوم هذا الفصل ، التحكيم الذي يخص النزاعات المتعلقة بمصالح التجارة الدولية و الذي يكون فيه مقر أو موطن أحد الطرفين على الأقل في الخارج ” .
إن هذه المادة هي مزيج بين المادة 1492 من قانون الإجراءات المدنية الفرنسي لسنة 1981 و المادة 176 من القانون السويسري المتعلق بالقانون الداخلي الخاص لسنة 1987 ، فالمادة 1492 أعلاه تنص على أنه :” يعتبر دوليا التحكيم المتعلق بمصالح التجارة الدولية ” و هو الشطر من المادة 458 مكرر ، أما المادة 176 من القانون السويسري فتقضي على أنه :” يطبق هذا القانون الجديد إذا وجد مقر المحكمة في سويسرا ، أو يكون مقر أو موطن أحد الطرفين على الأقل في الخارج وقت إبرام مشارطه التحكيم ” و هو الشطر الثاني من المادة 458 مكرر ، و لذا قلنا بالمزيج المذكور .
على هذا الأساس فإن القانون الجزائري قد مزج بين القانون الفرنسي و السويسري و يكون بذلك تبنى معيارين لتعريف التحكيم الدولي و هما : المعيار الاقتصادي ( الفرنسي ) ، و المعيار القانوني ( السويسري ) .

*/ الفرع الأول : المعيار الاقتصادي :
يتمثل هذا المعيار في أن التحكيم يعتبر دوليا إذا تعلقت النزاعات بالمصالح التجارية الدولية ، و إن جاء به القانون الفرنسي و أخذه عنه القانون الجزائري هو تقنين القضاء الفرنسي في مسألة صلاحية شرط التحكيم في ميدان التحكيم الدولي ، لقد حكم القضاء الفرنسي المعروف باسم قضاء MATTER إن العقد ينتج حركة مد و جزر فوق الحدود و لذا اعتبرت صحيحة الشروط العقدية التي تعتبر باطلة في القانون الداخلي .

و قد اعترف قرار EMARDEL و قرار DAMBRICOURT لمحكمة النقض الفرنسية بصحة شرط التحكيم المبرم بين الأطراف و ذلك لأن النزاع الخاص بالعقود يتعلق بمصالح التجارة الدولية ، ففي القرارين اتضح أن شرط التحكيم يعتبر صحيحا ما دام الأمر يتعلق بمصالح التجارة الدولية و ذلك في وقت كانت فيه هذه البنود محظورة في القانون الداخلي ، شرط التحكيم ممنوع في العقود الداخلية التي تكون الدولة الفرنسية و المؤسسات العمومية الفرنسية طرفا فيها ( أنظر محكــمة النقض الفرنسية 514- REVUE CRITIQUE DE DIP 1931 P ) ، وقد استعمل نفس المعيار 50 سنة فيما بعد في قضية IMPEX (انظر محكمة النقض الفرنسية 1972 DALLOZ 1971/05/18– الصفحة 36-38)

و يمكننا أن نذكر قضايا أخرى في نفس الموضوع لا تقل أهمية مثل قضية : MAHIEUX / MENUCCI و باريس 12/1975 ، أيـضـا قـضـيــــــــة NORSOLOR / AKSAL ( REVUE D ARBITRAGE 1981 P. 306 ) .

و هكذا فقد اعترفت محكمة استئناف باريس إن نزاعا بين شركتين إيطاليتين لهما مقرا في إيطاليا لكن إحداهما كانت تحت الرقابة الأجنبية ( شركة أجنبية ) اعتبرت ذلك له علاقة بمصالح التجارة الدولية لأن هناك رؤوس أموال و ممتلكات عبر الحدود ، و قضت محكمة باريس كذلك أن عقدا من الباطن Sous Traitance أبرم بين شركتين فرنسيتين و نفذ في الخارج يتعلق بمصالح التجارة الدولية لأن فيه ممتلكات عبرت الحدود .

كل هذا يفسر الشطر الأول من المادة 458 مكرر التي تقول :” أنه يعتبر دوليا التحكيم الذي يخص النزاعات المتعلقة بمصالح التجارة الدولية ” .
لم يشر القانون الجزائري إلى اتفاقية نيويورك 1958 مثل القانون السويسري الذي نص عليها في المادة 194 ، فالجزائر انضمت إلى اتفاقية نيويورك و لكن في موضوع التحكيم لم تشر الاتفاقية و هذا لا يعني أن الجزائر لا تعترف بهذه الاتفاقية ، فإذا ظهر تعارض بين هذه الاتفاقية و القانون الداخلي فإن المعاهدة تسمو على القانون الداخلي حسب المادة 129 من الدستور .
و هكذا فالنصوص الجديدة الجزائرية لا ترتكز على الطابع الدولي للعملية فحسب و لكن ترتكز كذلك على عنصر أجنبي يتعلق بموطن أحد الأطراف .

*/ الفرع الثاني : المعيار القانوني :
تنص المادة 458 مكرر على أن يكون مقر أو موطن أحد الأطراف على الأقل موجود بالخارج و يعني أن الأطراف يمكن أن يكون موطنها أو مقرها في بلد أجنبي واحد ، و لا يحدد القانون الجزائري الوقت الذي يتم فيه العنصر الأجنبي مائة بالمائة للنظام القانوني الجزائري عكس ما يقول به القانون السويسري الذي يأخذ بوقت إبرام اتفاق التحكيم أو وقت نشوب النزاع ، فالقانون الجزائري يترك الباب مفتوحا ، فلو يدعي أحد الأطراف أن النزاع ليس دوليا فإن المحكم سيبين العنصر الأجنبي ليبين أن التحكيم دولي .

القانون الجزائري واضح ، فلكي يكون التحكيم دوليا يجب توفير المعيارين : الاقتصادي و القانوني و يتمثل المعيار القانوني في العنصر الأجنبي .

لذا فالقانون الجزائري هو أكثر ليبرالية من القانون السويسري ( الذي قال أن العنصر الأجنبي يكون وقت إبرام اتفاق التحكيم ) ، و حتى يعتبر التحكيم دوليا يجب أن يخص مصالح التجارة الدولية ، أن لا يكون مقر كل الأطراف في الجزائر . و هذا ما يخل في القانون الجزائري المتعلق بالتحكيم في النظام التنازعي التقليدي ، فالبحث عن العنصر الأجنبي يدخل في منهج تنازع القوانين .
ملاحظة : انظر الاتفاقية الأوروبية المتعلقة بالتحكيم التجاري الدولي يجنيف 21-04-1961 – م.01 الفقرتان أ و ب منها تنص الفقرة أ على :
تطبق هذه الاتفاقية :
أ) ” على اتفاقيات التحكيم المبرمة من أجل الفصل في النزاعات التي نشأت أو التي ستنشأ خاصة بعمليات التجارة الدولية بين أشخاص معنوية أو طبيعية التي تكون لها وقت إبرام الاتفاق إقامتها أو مقرها في دول متعاقدة مختلفة ” .
ب) ” الإجراءات و القرارات التحكيمية تأسيسا على الاتفاقيات المشار إليها في الفقرة (أ ) من هذه المادة”.

تنظيم التحكيم التجاري الدولي

و سنقسم هذا العنصر إلى أربعة فروع هي كالتالي :
1/ تعيين الحكمين .
2/ رد الحكمين .
3/ الإجراءات التحكيمية .
4/ القانون الواجب التطبيق في موضوع النزاع .

الفرع الأول/ تعيين الحكمين :
لقد نص المرسوم التشريعي 93/09 على أن تعيين أو عزل أو استبدال أو استخلاف الحكمين يكون عن طريق الأطراف المادة 458 مكرر 2/1 .

1/ تعيين المحكم مباشرة من قبل الأطراف :
تنص المادة 458 مكرر 2/1 على أنه يمكن للأطراف مباشرة ” … تعيين المحكم أو المحكمين ” و يعني هذا أن الأطراف يمكن أن تعين مسبقا في اتفاق التحكيم المحكم أو المحكمين أو تنتظر حتى ينشأ النزاع لتعينه أو تعينهم .
في حالة التحكيم الذي يشتمل على المحكمين يمكن للأطراف أن يعينوا المحكم الثالث أو أن يتركوا ذلك للمحكمين المعينين .

2/ التعيين بالرجوع إلى نظام تحكيمي :
تنص المادة 458 مكرر 2/1 على أن :” يمكن للأطراف مباشرة أو بالرجوع إلى نظام تحكيمي تعيين المحكم أو المحكمين ” ، إن الرجوع إلى نظام تحكيمي يؤدي إلى تدخل هيئة دائمة للتحكيم .
إن طرق تعيين المحكمين المحددة في النظام التحكيمي تعتبر مقبولة من الأطراف يمكن للأطراف أن يختاروا أي هيئة تحكيمية دائمة .
ما يلاحظ هو أن الجزائر قد لجأت في أغلب الأحيان إلى تحكيم الغرفة التجارية الدولية .

3/ التعيين بالرجوع إلى القاضي :
تنص المادة 458 مكرر 2/2 على أن :” و في غياب مثل هذا التعيين و في حالة صعوبة تعيين المحكمين و عزلهم أو استبدالهم ، يجوز للطرف المعني بالتعجيل أن يقوم بما يلي :
أ) رفع الأمر أمام رئيس المحكمة المختصة طبقا للمادة 458 مكرر 3 ، إذا كان التحكيم يجري في الجزائر .
ب) رفع الأمر أمام رئيس محكمة الجزائر إذا كان التحكيم يجري في الخارج و قرر الأطراف بصدده تطبيق قانون الإجراءات الجزائرية “.

إذن في غياب أو صعوبة تعيين المحكمين يجوز للطرف المعني بالتعجيل أن يرفع دعوى أمام رئيس المحكمة المختصة ، و قد حددت هذا الاختصاص المادة 498 مكرر 3 حيث نصت أن :” الجهة القضائية المختصة المذكورة في المادة 458 مكرر 2/2 أ : هي المحكمة المحددة في اتفاقية التحكيم و في غياب ذلك المحكمة التي حددت هذه الاتفاقية مقر محكمة التحكيم ضمن دائرة اختصاصها أو المحكمة مقر إقامة المدعى عليه أو المدعى عليهم في النزاع أو محكمة إقامة المدعى عليه إذا كان المدعى عليه لا يقيم في الجزائر . إذا كان التحكيم يجري في الجزائر فالمحكمة المختصة هي تلك المنصوص عليها في المادة 458 مكرر 3 و يعني بذلك المحكمة المحددة في اتفاقية التحكيم المحكمة التي حددت هذه الاتفاقية مقر محكمة التحكيم ضمن دائرة اختصاصها ، و يعني هذا إذا ما تم اختيار هيئة تحكيم دائمة كغرفة التجارة الدولية أن يتم تكريس هيئة تحكيم وفق هذه الأحكام التي تكون الأطراف قد قبلت بها مسبقا ” م.8/ أ من النظام الجديد للمصالحة و نظام التحكيم المعدل و الساريان اعتبارا من 01-01-1988 التي تنص :” إذا اتفق الأطراف على اللجوء إلى تحكيم غرفة التجارة الدولية فإنها تخضع بالتالي إلى هذا النظام ” .
أي أن يعين الأطراف نظاما تحكيميا فتكون بذلك قد قبلت بالأحكام الخاصة الواردة فيه و المتعلقة بتحديد المحكمين أي المحكمة التي يحدد في دائرة اختصاصها مقر التحكيم : محكمة مقر إقامة المدعى عليه في النزاع-الخصومة- ” .

– محكمة إقامة المدعي أو المدعى عليه لا يقيم بالجزائر .

قد يؤدي مقر المدعي أو المدعى عليه إلى صعوبات ، ففي المادة 458 مكرر تنص على أنه :” لكي نكون بصدد تحكيم دولي يجب أن يكون لأحد الأطراف على الأقل مقره أو موطنه في الخارج ” .
فبالمخالفة يعني هذا أن يكون للطرفين مقرهما أو موطنهما في الخارج ، و قد يؤدي هذا إلى اختصاص محكمة أجنبية و هذا غير معقول أو غير مرغوب فيه لسير التحكيم .
كان من الممكن التقيد بمقر التحكيم أي المكان الذي يجري في التحكيم .
إذا كان التحكيم يجرى في الخارج و اختار الأطراف تطبيق الإجراءات الجزائرية فرئيس محكمة الجزائر هو المختص ( انظر إلى المادة 1423 من قانون الإجراءات المدنية الفرنسي ) الذي ينص على اختصاص محكمة باريس في كل الحالات .
أ) إذا كان التحكيم يجرى بالخارج فتكون محكمة الجزائر هي المختصة إذا اختار الأطراف تطبيق القانون الجزائري أما فيما عاد ذلك … و قد حددت المادة 458 مكرر 4 إجراءات تدخل المحكمة من أجل تعيين محكمة المحكمين :” إذا دعي قاضي إلى تعيين محكم حسب الشروط المذكورة في المواد السابقة فإنه يستجيب لطلب التعيين بموجب أمر يصدر بناء على مجرد عريضة إلا إذا بينت دراسة موجزة عدم وجوب أية اتفاقية تحكيم بين الطرفين .

إذا دعا القاضي إلى تعيين محكم مرجح وجب أن يكون هذا الأخير من جنسية مخالفة لجنسية الأطراف ”
لم تنص المادة 458 مكرر4 على الطعن الموجه ضد الأمر الذي يقبل أو يرفض الطلب .
إن سكوت النص على ذلك يثير إشكالا ما دام الأمر يتعلق بتعيين المحكم أو عدم وجود أي اتفاقية تحكيم لأن الأمر هو بمثابة قرار في الموضوع لا مجرد إجراء مؤقت و بعدم تعيين المحكم لا يتم التحكيم ” لذا وجب الرجوع للمادة 172/1 و 2 من قانون الإجراءات المدنية الجزائري و التي تنص على أنه :” الطلبات التي يكون الغرض منها إصدار أمر بإثبات الحالة أو الإنذار أو اتخاذ إجراء مستعجل في أي موضوع كان دون مساس بحقوق الأطراف ، تقدم إلى رئيس الجهة القضائية المختصة الذي يصدر أمره بشأنه ، و في حالة الاستجابة للطلب يرجع إليه الأمر في إشكالية التنفيذ ، و في حالة رفض الطلب يكون الأمر بالرفض قابلا بالاستئناف إذا كان مصدره رئيس محكمة من محاكم الدرجة الأولى و ذلك فيما عدا مادتي إثبات الحالة و الإنذار ” .
على ضوء هذه الأحكام يمكننا اعتبار الأمر المؤدي إلى تعيين الحكم غير قابل لأي طعن أما الأمر الذي يرفض الطلب ( طلب التعيين ) فإنه يكون قابلا للاستئناف .

عندما يدعو القاضي إلى تعيين المحكم المرجح فيجب أن تكون جنسية هذا الأخير مختلفة عن جنسية الأطراف و تختلف كذلك عن جنسية المحكمين الأولين .
فيما يتعلق بالمحكم المرجح فهو يكون في حالة تعيين محكمين اثنين و تقع ضرورة تعيين محكم ثالث ليفصل في الأمر لعدم توافق رأيي المحكمين الأولين .
4/ مبدأ الاختصاص بالاختصاص :
تنص المادة 458 مكرر 7 على أنه :” تفصل محكمة التحكيم في الاختصاص الخاص بها و يجب إثارة الدفع بعدم الاختصاص قبل أي دفاع يتعلق بالموضوع . تفصل محكمة التحكيم في اختصاصها بقرار أولي إلا إذا كان الدفع بعدم الاختصاص مرتبطا بموضوع النزاع”.

تؤكد هذه المادة النظرة اللبيرالية التي تبناها المشرع الجزائري اتجاه التحكيم ، و ترمي إلى توفير فعالية لطريقة الفصل في النزاعات بمنحها للمحكم كل الحريات من أجل النظر في صلاحية أو صحة اتفاقية التحكيم مضمونها و مداها .
و قد اتبع المشرع الجزائري الفقه و القضاء و عددا من التشريعات الوطنية و الدولية و لا سيما نظام التحكيم لغرفة التجارة الدولية المادة 8/3 و 4 .
تنص المادة 8/3 على أن :” إذا أثار أحد الأطراف دفعا أو أكثر يتعلق بوجود اتفاق التحكيم أو بصحته ، كان لهيئة التحكيم بعد التحقق لأول وهلة من وجود ذلك الاتفاق ، أن تقرر مواصلة التحكيم و ذلك دون المساس بقبول هذه الدفوع أو سلامتها . و للمحكم وحده بهذه الحالة اتخاذ أي قرار يتعلق باختصاصها .
الفقرة 4 من نفس المادة تنص على أن :” إذا لم يكن ثمة اتفاق على خلاف ذلك ، فإن ادعاء ببطلان العقد أو الزعم بانعدامه لا يترتب عليهما عدم اختصاص المحكم إذا ارتأى صحة اتفاق التحكيم ، و يظل المحكم حتى في حالة انعدام العقد نفسه أو بطلانه مختصا لتحديد حقوق الأطراف و الفصل في ادعاءاتها و طلباتها ” .

و قد نصت المادة 458 مكرر 7 على أن :” يثار الوضع بعدم الاختصاص قبل أي دفاع يتعلق بالموضوع” و يعني هذا لو أنها أثيرت بعد الدفاع المتعلق بالموضوع فإنها ترفض و أن الحكم بالاختصاص يتم بقرار أولي إلا إذا كان الدفع بعدم الاختصاص مرتبط بموضوع و يعني هذا أنه إذا كان الدفع مرتبطا بموضوع النزاع فإن الحكم يتم بحكم تحكمي . و قد نصت المادة 458 مكرر 8 : ” تكون دعوى التحكيم معلقة عندما يرفع أحد الأطراف دعوى أمام المحكم أو المحكمين المعينين باتفاقية التحكيم ، أو عندما يباشر أحد الأطراف إجراء في تأسيس محكمة التحكيم في حالة غياب مثل هذا التعيين .
يكون القاضي غير مختص للفصل في الموضوع متى كانت دعوى التحكيم معلقة ” .

مما تقدم نستنتج ثلاث حالات :

* التأكد أنه ليس هناك مشكل يتعلق بالتقادم و الذي يعطي له الحل القانوني الواجب التطبيق .
** تعتبر الدعوى معلقة عندما ترفع أمام المحكمة ، و هذا يعني أن المدعي قد قام بتقديم دعوى .
*** عندما يباشر أحد الأطراف إجراء في تأسيس محكمة التحكيم و يعني ذلك أن أحد الأطراف قد تقدم بعريضة التحكيم و يبقى السؤال مطروحا إذا كان الدفع بسبق الإدعاء له مفعول في الحالات التي يكون فيها رفع الدعوى لتقديم عريضة أو أنه يجب على المدعي أن يقدم ادعاءاته ، و على هذا الأساس يقول الأستاذ يسعد : ” ليس من السهل التحديد بدقة الوقت الذي تكون فيه الدعوى معلقة و الأخطر هو عندما تقول المادة بعدم اختصاص القاضي متى كانت دعوى تحكيم معلقة لأن هذا يعني أن القاضي يحكم لعدم الاختصاص و يرجع الأطراف إلى التحكيم لأن الاختصاص يؤول أصلا إلى المحكم .
لقد وضع المشرع هذا الحكم ليبقى الباب مفتوحا للقضاء الجزائري ( إشكالية التعليق ) ، و هو الحل الذي كرسته المادة 2/3 من اتفاقية نيويورك ” .

إذن الحل السليم يكمن في أن يؤخذ بعين الاعتبار وجود اتفاق التحكيم الذي يؤدي إلى عدم اختصاص القاضي في كل الحالات التي يثير بشأنها أحد الأطراف هذا الاتفاق ، و إلا فالعواقب ستكون وخيمة حيث يكون للطرف الذي له سوء نية أن يتسرع باللجوء إلى القضاء كلما هدد بإجراء التحكيم .

الفرع الثاني/ رد المحكمين :
لقد نصت المادة 458 مكرر 2 على أن استبدال المحكمين يخضع لنفس شروط التعيين ، أما الرد فقد نصت عليه المادة 458 مكرر 5 : ” يمكن رد المحكم :
أ) عندما لا تتوفر فيه المؤهلات المتفق عليها بين الأطراف .
ب) عندما يكون سبب الرد المنصوص عليه في نظام التحكيم الذي اعتمدته الأطراف قائما .
ج) عندما تسمح الظروف بالارتياب المشروع في استقلاليته لا سيما بسبب وجود علاقات اقتصادية أو علاقات مصالح مباشرة أو بواسطة شخص آخر مع طرف من الأطراف لا يجوز للطرف الذي عين المحكم أو ساهم في تعيينه أن يرده إلا بسبب يكون قد اطلع عليه بعد هذا التعيين ، و يتعين إطلاع محكمة التحكيم و الطرف الآخر بسبب الرد .

وفي حالة النزاع و ما لم تقم الأطراف بتسوية إجراءات الرد ، يفصل القاضي المختص وفقا للمادة 458 مكرر 2 بأمر بناء على طلب من الطرف المعني بالتعجيل ، و لا يقبل هذا الأمر أي طريق من طرق الطعن ” .
لقد تأثر المشرع بالمادة 183 من القانون السويسري إلا أن القانون الجزائري استخلف عبارة ” حياد المحكمين ” بعبارة ” استقلالية ” و هي أكثر وضوحا و موضوعية .
و قد تأكد ذلك في المادة 2/7-1 من النظام التحكيمي لغرفة التجارة الدولية :” يجب أن يكون كل محكم تعينه هيئة تحكيمية أو تثبته مستقبلا عن الأطراف في التحكيم و أن يظل كذلك ” .
ما نلاحظه هنا هو أن المشرع الجزائري قد وضع معايير و ترك الحرية للأطراف في ذلك ، و في غياب تحديد ذلك من الأطراف فيمكن للقاضي أن يبحث في الموضوع .
لقد حددت المادة 458 مكرر 5/1 ثلاثة شروط لرد التحكيم : – غير مؤهل – سبب الرد وارد في نظام التحكيم الذي اعتمدته الأطراف – استقلالية المحكم .
و الاستقلالية تتمثل في أنه لا توجد علاقات مصالح مهما كان نوعها بين الأطراف غير أنه لا يمكن اللجوء إلى القاضي إذا كان الحكم خاص ( AD-HOC ) .

فرع قانون العلاقات الاقتصادية الدولية

السنة الثالثة / السداسي الثاني

الفرع الثالث/ الإجراءات التحكيمية :
و سنقسم هذا الفرع إلى أربعة أقسام هي :
– تحديد قواعد الإجراءات .
– الإجراءات المؤقتة أو التحفظية .
– تقديم الأدلة .

1/ تحديد قواعد الإجراءات :
تنص المادة 458 مكرر 6 على أنه :” يمكن لاتفاقية التحكيم أن تضبط الإجراءات اللازم اتباعها في الهيئة التحكيمية مباشرة أو بناءا على نظام تحكيمي ، كما يمكنها إخضاع هذا الإجراء إلى قانون الإجراءات الذي تحدده الأطراف فيها ، إذا لم تنص الاتفاقية على ذلك ، و لم يحصل اتفاق بين الطرفين تتولى محكمة التحكيم ضبط الإجراء مباشرة أو استنادا إلى قانون أو نظام تحكيمي كلما تطلبت الحاجة ذلك ” .
تحدد قواعد الإجراءات بحرية حيث يمكن أن يتم تحديدها من قبل الأطراف أو من قبل المحكم أو محكمة التحكيم ، حيث يمكن للأطراف تحديد الإجراءات في هذا الاتفاق و من حيث المبدأ اتفاق التحكيم هو الذي يحدد ذلك كما يمكن أن تحدد من قبل الأطراف من غير اللجوء إلى الإجراءات ، و إذا لم تفصل الأطراف في المسألة فالمحكم هو الذي ينوب عنها بكل حرية إما بالرجوع إلى قانون وطني أو إلى نظام تحكيمي أما مسألة مقر التحكيم فلم تطرح من قبل المشرع الجزائري و لم تنص القواعد الجزائرية على ذلك ، و في حالة أن يجري التحكيم في الجزائر فهو يخضع لقواعد غير جزائرية فتدويل قواعد الإجراءات لا يخل بالنظام الإجرائي الجزائري إلا في حالة المساس بالمساواة و مبدأ وجاهية المحاكمة بمعنى أن يكون التحكيم حضوريا و في حالة عدم تطبيق قواعد إجرائية جزائرية فإن هذا التحكيم يكون سلميا .

2/ الإجراءات المؤقتة أو التحفظية :
تنص المادة 458 مكرر 9 على أن :” يمكن لمحكمة التحكيم أن تأمر بتدابير تحفظية بطلب من أحد الأطراف إلا إذا كانت هناك اتفاقية مخالفة ” ، إذا لم يخضع المعني بالأمر بمحض إرادته لهذه التدابير لمحكمة التحكيم أن تطلب مساعدة القاضي المختص و يطبق هذا الأخير قانونه الخاص ” .
لقد خول المشرع المحكم اتخاذ تدابير مؤقتة أو تحفظية فالإجراءات التحفظية تتخذ لحفظ الحقوق و الأموال مثل الحجز التحفظي ، التأمين البحري ، حق حبس المنقول ، أما الإجراءات المؤقتة فتنظم حالة عاجلة مؤقتة حتى يصدر فيها قرار نهائي مثل الحراسة القضائية على الأموال .
و قد تم تصنيفها إلى ثلاثة أنواع لها أهداف مختلفة و هي :
– إجراءات تتعلق بتقديم الأدلة و الاحتفاظ بها .
– إجراءات تتعلق باستقرار العلاقات القانونية بين الأطراف أثناء سير الخصومة .
– إجراءات تهدف إلى الحفاظ على الواقعية و يطلق عليها اسم إجراءات تحفظية .

الإجراءات المؤقتة يعني الفصل في النزاع و الموضوع و يرمي إلى الحصول على نتيجة ثانوية لاحقة كتقديم كفالة أو حجز أموال و يمكن للمحكمة أن تتخذ إجراءات تحفظية و يتخذ المحكم نفس الإجراءات للحفاظ على الحقوق و مادام لا يتمتع بسلطة القمع المخصصة للمحكمة فقط فإن فعالية الإجراء المتخذ يخضع لإرادة الأطراف و في حالة عدم الامتثال من قبلهم فيمكن للمحكم أن يطلب مساعدة القاضي المختص و عندما يطبق هذا الأخير قانونه الخاص به ، و نعني قانون الإجراءات القاضي الذي طلب منه المساعدة على تنفيذ الإجراءات التحفظية أو المؤقتة و ترجع هذه الأخيرة إلى طابع تنفيذي بالتنفيذ الجبري الخاص بالديون و القرارات المتخذة في قانون الإفلاس حيث يمكن للقاضي تقديم ضمانات للمدعي ، و هنا وجب للأطراف معرفة إمكانية طلب اتخاذ الإجراءات المؤقتة أو تحفظية قبل رفع الدعوى أمام محكمة التحكيم ( أنظر المادة 458 مكرر 9 من المرسوم التشريعي 93/09 ) و بالنظر العبارة المستعملة ” يمكن ” فهذا يعني أن هناك إمكانية الأمر بتدابير مؤقتة أو تحفظية من طرف المحكم ما لم توجد اتفاقية ، و في حالة وجودها و عدم إمكانية اتخاذ مثل تلك التدابير فلا يمكن اتخاذها و في حالة ما لم تنص الاتفاقية على خلاف ذلك فيمكن للأطراف أن يطلبوا من المحكم اتخاذ التدابير و إذا ما تعلقت المسألة بالإمكانية فهل يمكن للأطراف اللجوء إلى القاضي لاتخاذ مثل ذلك فإن المادة 458 مكرر 9 تنص على أنه :” يمكن لمحكمة التحكيم أو القاضي ” و هذا يعني أن الأطراف يمكنها طلب ذلك الأمر من القاضي أو المحكم ، هل يمكن طرح نفس الإشكالية بالنسبة لتقديم الأدلة ؟ .

3/ تقديم الأدلة :
تنص المادة 458 مكرر 10 على أنه :” تباشر محكمة التحكيم بنفسها تقديم الأدلة ” و هي أخذت بالمادة 184/1 من القانون السويسري و تضيف المادة 458 مكرر 11 إذا كانت مساعدة السلطة القضائية ضرورية لتقديم الأدلة ، جاز لمحكم التحكيم أو الأطراف المتفق معها أو الخصم المعني بالتعجيل الذي

تأذن له المحكمة أن يطلب بناء على عريضة مساعدة القاضي المختص وفقا لأحكام المادة 455 مكرر 2 ، و يطبق هذا القاضي قانونه الخاص .
لقد كرس المشرع الجزائري حرية تقديم الأدلة مائة بالمائة للأطراف و المحكم ، فيمكن للمحكم أن يقدم الأدلة بكل الوسائل المتاحة له و يكون ذلك وفقا للمادة 458 مكرر 6 ، و إذا كانت مساعدة القاضي ضرورية لتقديم الأدلة يمكن لمحكمة التحكيم مباشرة أو الأطراف بالاتفاق معها و التي تأذن لهم بذلك أن تطلب بناء على عريضة مساعدة القاضي المختص و يكون ذلك وفق المادة 458 مكرر 2 و يطبق القاضي المختص قانونه يمكن لتقديم الأدلة أن تخضع إما لقواعد ملائمة لا علاقة لها بأي قانون وطني ، و إما تكون بالرجوع إلى قانون وطني و نظام تحكيمي ، ما يلاحظ هو أن المشرع الجزائري لم يحدد محتوى النظام العام الإجرائي و ذلك لمنع محكمة التحكيم من الخروج المحتمل عن القواعد الإجرائية وقت سيرها ، و يكون ذلك وقت سير الإجراءات أي قبل النطق بحكم التحكيم .

الفرع الرابع/ القانون الواجب التطبيق في موضوع النزاع :
تنص المادتان 458 مكرر 14 و 458 مكرر 15 على ما يلي : ” تفصل محكمة التحكيم في النزاع طبقا لقواعد القانون الذي اختاره الأطراف .
و في غياب ذلك تفصل محكمة التحكيم وفقا لقواعد القانون و الأعراف التي تراها ملائمة ” ( م 458 مكرر 14 ) .
” تفصل محكمة التحكيم كمفوض في الصلح إذا خولتها اتفاقية الأطراف هذه السلطة ” (م 458 مكرر 15)

1/ المحكم يفصل في النزاع طبقا لقواعد القانون :
يكرس القانون الجزائري حرية الأطراف في اختيار القانون الواجب التطبيق ( مبدأ سلطان الإرادة ) ، و يكون بذلك قد طبق ما جاء في المادة 18 ق م و التي تنص :” يسري على الالتزامات التعاقدية قانون المكان الذي يبرم فيه العقد ، ما لم يتفق الأطراف على تطبيق قانون آخر ” .
تكريس لمبدأ سلطان الإرادة و لكن عندما لا تعين الأطراف الواجب التطبيق ، فالمحكم و هو الذي يختاره وفقا للقواعد و العرف التي يراها ملائمة ، أما المادة 458 مكرر 14 فإن المحكم هو الذي يحدد قواعد القانون و الأعراف التي يراها ملائمة ، و تكون بذلك هذه المادة قد أخذت بالمادة 187 من القانون السويسري و المادة 496 من قانون الإجراءات المدنية الفرنسي و التي تنص على أنه :” يفصل المحكم في النزاع وفقا لقواعد القانون التي اختارها الأطراف ، في غياب ذلك يتم اختيار قواعد القانون وفقا للقانون الذي تعتبره ملائما تؤخذ في كل الحالات بعين الاعتبار أعراف التجارة و المادة 13/3 من نظام التحكيم لغرفة التجارة الدولية و التي تنص :” للأطراف حرية تحديد القانون الواجب على المحكمين تطبيقه على موضوع النزاع فإذا لم يحدده الأطراف طبقا المحكم القانون الذي تحدده قواعد التنازع التي تراها المحكمة ملائمة في هذا الخصوص ” و قد جاء في الفقرة 5 منها ” يراعي المحكم في كل الأحوال أحكام العقد و العادات التجارية أو الأعراف التجارية ” بهذا يكون المشرع الجزائري قد ذهب إلى أبعد مما ذهبت إليه هذه النصوص التي ذكرناها ، ويبدو ذلك في السلطة المخولة للمحكم في القانون الجزائري .

فهنا التميز يتمثل في أن القانون الجزائري لا ينقل القيد الموجود في القانون السويسري الذي مفاده أنه : عند عدم اختيار قانون من قبل الأطراف فالمحكم يفصل في النزاع وفق قواعد القانون التي تكون لها علاقة وثيقة بموضوع النزاع ، و ينقل مرونة النص الفرنسي الذي يطلب من المحكم أن يأخذ بعين الاعتبار أعراف التجارة الدولية م 1496 .

لم يأخذ المشرع الجزائري بالمادة 13/05 من النظام التحكيمي لغرفة التجارة الدولية التي تنص على أن يراعي المحكم في كل الأحوال أحكام العقد و العادات التجارية و هنا أيضا تقييد بهذا يكون القانون الجزائري قد تحرر من أي إسناد إلى قانون دولة و بالتالي يحرر المحكم من أي خضوع لمنهج تنازع القوانين و يكون بذلك قد اندمج للتوجه الحالي للتحكيم الدولي لإعطائه الدور الأول لإرادة الأطراف و المحكم ، و رفع كل لبس عن تطبيق الأعراف و العادات التجارية .

2/ يفصل المحكم في النزاع كمفوض في الصلح :
لا يمكن أن يقوم المحكم بذلك إلا إذا خولته اتفاقية الأطراف هذه السلطة و يعني هذا أن المحكم حر في البحث عن الحل الذي يبدو له ملائما و مشروعا للأطراف . لا يكون المحكم مقيد في أي قانون معين غير أنه يمكن الفصل في النزاع وفقا للقانون إذا كان هذا الحل هو الذي يبدو له ملائما للفصل في النزاع ، يمكنه كذلك أن يفصل في النزاع حسب قواعد الإنصاف إذا كان ذلك هو الغرض المتبع من فبل الأطراف و لكن يجب أن نتفق على أن الفصل كمفوض في الصلح ليس هو الفصل حسب قواعد الإنصاف حتى و إن كان هذا الفصل حسب هذه القواعد ، كما كان على الحكم في كل الحالات أن يأخذ بعين الاعتبار القواعد الآمرة و النظام العام الدولي الجزائري ، غير أن الرجوع إلى قواعد القانون ( و هو ممكن ) لا يعني أن المحكم فصل فيه حسب قواعد القانون ، و لكنه فصل كمفوض في الصلح و يمكن أيضا أن يفصل حسب قواعد الإنصاف و لكن دائما كمفوض للصلح و ذلك حتى لا يقيد حرية المحكم الذي تنتظر منه الأطراف حلا منطقيا مقبولا ، و تقييد حرته قد يحول دون وصوله إلى الحل الذي كانت الأطراف تنتظره منه .

القرار التحكيمي – الاعتراف ، التنفيذ و طرق الطعن

و سندرس هنا ثلاثة مباحث و هي :
– تكريس القرار التحكيمي .
– الاعتراف و التنفيذ .
– طرق الطعن – الاستئناف و الإلغاء و الطعن و النقض .

المبحث 1/ تكريس القرار التحكيمي :

جاء في القسم 3 من المرسوم التشريعي 93/09 بعنوان ” في الاعتراف بالقرارات الصادرة من مادة التحكيم الدولي و تنفيذها الجبري و طرق الطعن فيها ” .
لم يأخذ المشرع الجزائري في الفصل الرابع من قانون الإجراءات المدنية الفرنسي الذي ينص على :” الاعتراف- التنفيذ و طرق الطعن تجاه القرارات التحكيمية الصادرة في الخارج أو في مادة التحكيم الدولي ” .
و قد سقطت عبارة ” الصادرة في الخارج ” من النص الجزائري ، فهل يعني هذا أن المشرع الجزائري لا يميز بين القرارات التحكيمية الصادرة في الخارج و القرارات الصادرة بالجزائر أي قرارات في مادة التحكيم الدولي و قرارات صادرة بالخارج ؟
لقد رأى الفقه الفرنسي عدم التمييز بين القرارين التحكيميين بسبب أنهما لا يخضعان للنظام القانوني الفرنسي ( C.F FOUCHARD /PH/ L arbitrage international France ../ op cit, P.402 )

أي أن الفقه لا يميز بين القرارات التحكيمية الدولية و بين القرارات التحكيمية الصادرة بالخارج ، و قد يبدو أن القانون الجزائري قد أخذ بهذا الرأي عندما نص على أن :” القرارات التحكيمية الصادرة في مادة التحكيم الدولي ” هذا العنوان يدل على أن المشرع الجزائري قد أخذ بما جاء به الفقه الفرنسي ، و لكن المشرع الجزائري قد ميز بين القرارات التحكيمية الصادرة في الخارج و القرارات التحكيمية الصادرة في الجزائر ، حيث نصت المادة 458 مكرر على أنه :” يمكن أن تكون القرارات التحكيمية الصادرة بالجزائر في مجال التحكيم الدولي موضوع طعن بالبطلان في الحالات المنصوص عليها في المادة 458 مكرر 23 أعلاه ” .

التمييز بين القرارات التحكيمية الصادرة في مادة التحكيم الدولي بالخارج و القرارات التحكيمية الصادرة في التحكيم الدولي بالجزائر أن هذه الأخيرة تخضع للطعن .
و في المكان الذي يصدر في القرار التحكيمي هو الذي يحدد ما إذا كان صادرا في الجزائر أم لا ، لهذا تكون الجزائر قد احترمت اتفاقية نيويورك : م.1 :” تطبق من جهة إلى أحكام المحكمين في إقليم دولة غير الدولة التي يطلب إليها الاعتراف و تنفيذ هذه الأحكام على إقليمها ، و من جهة على أحكام المحكمين التي لا تعتبر وطنية . ( صادرة في دولة أخرى غير المطالب فيها بالاعتراف أو التنفيذ ) . و قد تعني هذه الفقرة الأخيرة في القانون الجزائري القرارات الصادرة في مادة التحكيم الدولي .
و قد نص القانون الجزائري على قرارات تحكيمية مختلفة ، فجاء في م 458 مكرر 12 :” يجوز لمحكمة التحكيم إصدار قرارات تحكيمية جزئية أو بما اتفق عليه الطرفان إلا إذا كانت هناك اتفاقية مخالفة ” و قد جاء في المادة 458 مكرر 14 أن محكمة التحكيم تفصل في النزاع وفق قواعد القانون ، أي أن القرارات التحكيمية تصدر وفق قواعد القانون ، أما المادة 458 مكرر 15 فتنص على أنه يمكن للمحكم أن يصدر القرارات التحكيمية كمفوض في الصلح ، أي لا يفصل بتطبيق قواعد القانون و لكن كمفوض في الصلح .

1/ القرارات التحكيمية الجزئية :
تنص المادة 458 مكرر 7 أن :” تفصل محكمة التحكيم في الاختصاص الخاص بها ” ، و في هذه الحالة تفصل في اختصاص بقرار أولي أي أن الحكم لا يفصل في النزاع كليا و هو بذلك قرار جزئي .
جاء في المادة 458 مكرر 16 :” إن القرار التحكيمي الذي يفصل في المنازعة ينهي مهمة التحكيم ” الأمر لا يتعلق بكل النزاع و إنما يخص التكاليف أو أتعاب المحكمين .
المحكم عندما يفصل في المنازعة المطروحة فإنه لا يفصل في النزاع كله ، و بالتالي فإنه يمكن أن يفصل في أتعاب المحكمين و تكاليفهم .

2/ القرارات التحكيمية باتفاق بين الطرفين :
و هي التي يتم الاتفاق بشأنها بين الطرفين في شكلان :
الأطراف تضع حدا لإجراء التحكيم بتنازلهما أو إبرامهما مصالحة .
يمكن أن يصدر المحكم قرار تحكيميا إلا فيما يتعلق بتكاليف و أتعاب المحكمين ، إما أن الأطراف تضع حدا للتحكيم أو ترى أن يكرس المحكم اتفاقهما في قرار تحكيمي : م 17 من نظام التحكيم لغرفة التجارة الدولية :” إذا توصل الأطراف إلى اتفاق بعد تسلم المحكم للملف وفقا للمادة 10 ، يثبت ذلك في حكم يصدر عن المحكم باتفاق الأطراف ” .

3/ الشكل و الإجراءات :
تنص المادة 458 مكرر 13 على أن :” يصدر قرار التحكيم ضمن الإجراء و حسب الشكل الذي يتفق عليه الأطراف تكريس لقانون سلطان الإرادة بحيث أن الأطراف هي التي تختار الشكل و الإجراءات المتبعة في ذلك غير أن المادة 458 مكرر 13 تنص على أنه :” في غياب مثل هذه الاتفاقية ، يصدر القرار التحكيمي : المحكم الوحيد ، بالأغلبية عندما تشمل محكمة المحكمين على عدة محكمين ” .

هنا المرسوم التشريعي هو الذي يحدد الإجراءات ( محكم وحيد ، أغلبية ) كما أن الفقرة 3 منها تنص على أن :” يكون القرار التحكيمي مكتوبا ، مسببا ، معين للمكان مؤرخا و موقعا ” ما يجلب الانتباه هو النص على أن يكون القرار التحكيمي مسببا فالمعمول به في التحكيم الدولي أن تسبيب القرارات التحكيمية غير ملزم و أن الأطراف هي التي تطالب بذلك ، و لكن في القانون الجزائري فإن تسبيب القرارات القضائية هي مبدأ دستوري تخضع له المبادئ الأخرى المادة 135 دستور 1989 ، و التي تنص على :” تعلل الأحكام القضائية و ينطق بها في الجلسات علنية ” و يعني ذلك أنه حتى إذا طلب من المحكم أن يفصل في النزاع كمفوض في الصلح فعليه أن يسبب القرار التحكيمي ، و أخيرا تنص المادة 458 مكرر

13-4 و 5 على أن :” يمكن للمحكم الذي يحوز الأقلية أن يدرج رأيه في القرار التحكيمي ، و إذا رفض أحدهم توقيعه يشير المحكمون الآخرون إلى هذا الرفض في قرارهم التحكيمي ، و ينتج عن هذا القرار التحكيمي نفس الأثر كأنهه موقع من جميع المحكمين ” .
يمكن للمحكم أن يدلي برأيه المخالف إذا حاز الأقلية و ذلك حتى لا يؤثر في التنفيذ اللاحق لا سيما عندما يكون رأيه غير مؤسس قانونا و بالتالي يكون للقرار التحكيمي نفس الأثر حتى عندما لا يوقع من قبل كل المحكمين و كأنما وقع من كل المحكمين ، و على هذا الأساس يكون للقرار