بحث قانوني و دراسة حول المسؤولية الجنائية و امتناع العقاب

خطة البحث
مقدمة :
1-تعريف
2- أساس المسؤولية الجنائية
أ- المذهب التقليدي في حرية الاختيار :
ب- مذهب الحتمية
ج : التجريح بين المذهبين
-3- المدرسة التقليدية الحديثة :
4 – الاتحاد الدولي لقانون العقوبات
5- أسس مقترحة للمسؤولية الجنائية
الفصل الأول: قرينة البراءة
1 : مضمون قرينة البراءة
2 – مبررات قرينة البراءة
النتائج الغير المباشرة لقرينة البراءة :
5- قرينة البراءة و إجراءات تامين الأدلة
الفصل الثاني : عموميات حول المسؤولية الجنائية
المبحث الأول : المسؤولية الجنائية للأشخاص الطبيعية
1 – الإدراك و العلم
2 – الإرادة وحريتها
المبحث الثاني المسؤولية الجنائية للأشخاص المعنوية
1 – الاتجاهات الفكرية والفلسفية .
2 أنواع المسؤولية للشخص المعنوي :
أ – المسؤولية الجنائية المباشرة
ب – المسؤولية الجنائية الغير المباشرة :
موقف المشرع المصري :
المبحث الثالث : مصدر المسؤولية الجنائية
المبحث الرابع : محل المسؤولية : الجريمة
المطلب الأول : تعريف الجريمة
الأركان العامة للجريمة
الأركان الخاصة للجريمة
المطلب الثاني : المسؤولية المفترضة
أولا:شروط المسؤولية المفترضة
ثانيا : نطاق الشروط المفترضة
ثالثا : تقسيم الشروط المفترضة
ربعا:النظام القانوني لشروط المفترضة
الفصل الثالث : أسباب امتناع المساءلة الجنائية
المبحث الأول : الأسباب المادية لامتناع المسؤولية الجنائية
المبحث الثاني : الأسباب المعنوية لامتناع المسؤولية الجنائية .
المبحث الثالث : انتفاء صفة الجريمة
المطلب الأول : استعمال الحق
أولا: شروط استعمال الحق
ثانيا : تطبيقات استعمال الحق
المطلب الثاني : الدفاع الشرعي
اولا : شروط الدفاع الشرعي
ثانيا : قيود الدفاع الشرعي
ثالثا : أثر الدفاع الشرعي
رابعا : تجاوز الدفاع الشرعي
خامسا : بعض قرارات محكمة النقض المصرية
المطلب الثالث: استعمال السلطة
أولا : المقصود بالموظف العام
ثانيا : العمل القانوني
ثالثا : العمل الغير قانوني
ربعا : بعض قرارات محكمة النقض المصرية
المطلب الرابع : رضا الجني عليه
المبحث الرابع : الاعتراف المعفي من العقاب
أولا : الإعفاء في جريمة الرشوة
المطلب الأول : جريمتي الرشوة و الاتفاق الجنائي
ثانيا : الإعفاء في الاتفاق الجنائي .
ثانيا : الإعفاء في الاتفاق الجنائي .
المطلب الثاني : الإعفاء في الجنايات و الجنح المضرة بأمن الدولة من جهة الداخل
والخارج
أولا : الجنايات و الجنح المضرة بأمن الدولة من الخارج
ثانيا : الجنايات و الجنح المضرة بأمن الدولة من جهة الداخل
المطلب الثالث: الإعفاء في جرائم اختلاس المال العام و العدوان عليه و الغدر .
أولا : الإعفاء الوجوبي
ثانيا :الإعفاء الجوازي
المطلب الرابع : الإعفاء في الجرائم المسكوكات المقلدة أو المزيفة أو المزورة
وجرائم التزوير
أولا : جرائم المسكوكات المقلدة أو المزيفة أو المزورة
ثانيا : الإعفاء في جرائم التزوير
المطلب الخامس : الإعفاء في جرائم المخدرات
كتاب امتناع العقاب في ضوء الفقه والقضاء : للدكتور عبد الحكم فودة محامي بمحكمة النقض المصرية مستشار – وكيل التفتيش القضائي – سابقا- .
مطبعة : دار الألفي لتوزيع الكتب القانونية بالمنيا مصر , تاريخ الطبع غير موجود حجم الكتاب متوسط يتوفر على 206 صفحات .

مقدمة:

1- تعريف

المسؤولية الجنائية عبارة عن التزام قانوني يتحمل التبعة ٬ أي التزام جزئي و هي في نفس الوقت التزام تبعي اذ تنشا بالتبعية لالتزام قانوني اخر و هو الاتزام الاصلي من اجل حمايته من عدم التنفيد و لضمان الوفاء الاختياري به.
و يرى اغلب الفقهاء الجنائيون ان صور القاعدة التجريمية عبارة عن واقعة قانونية منشاة لعلاقة يكون طرفها الاول الدولة ٬ و الثاني الفرد٬ تؤهل كل منهما لان تنشا له حقوق و التزامات متبادلة ٬ هاته القاعدة تنشا على عاتق الفرد التزام اصلي يكون موضوعه الامتناع عن سلوك ٬ أو الامتناع عن تحقيق واقعة معينة حددتها تلك القاعدة في صورة التزام عام ٬ هدا الأخير يستمد مصدره من النص الجنائي في الشق الدي يحدد ما هو محظور.
ان الحقوق و الالتزامات الاصلية المتبادلة بين الدولة و الفرد انشاتها قاعدة قانونية تجريبية سرعان ما تتحول الى جانب المؤولية الجنائية ادا خل الاطراف بالتزامه فيها .
فادا كان هو الدي ارتكب السلوك المحظور و حقق الواقعة المجرمة تولد التزامه بتحمل العقوبة اي نشات مسؤولية الجنائية .
و الواقع ان الجزاء يتضمن نوعين : العقوبة و هي وسيلة لمنع الاجرام تتميز بعنصر الايلام ٬ و التدبير الاحترازي او الوقئي و هو وسيلة للعلاج اكثر من الايلام.

-2- اساس المسؤولية الجنائية

أ- المذهب التقليدي في حرية الاختيار:
إن أساس المسؤولية الجنائية الجنائية حسب انصار هدا المدهب مردها ان في وسع الجاني الاحجام عن ارتكاب الجريمة بدلا من الاقدام على ارتكابها ٬ فادا أقدم على إتيانها عد مسؤولا ادبيا لعصيانه اوامر المشرع ونواهيه ٬ فمهما كانت الدوافع التي تضغط على ارادة الفرد لاتيان سلوك مجرم فان من المؤكد ان يبقي لديه القدرة على التمييز بين الشر و الخير ٬ الخطأ و الصواب.
ان الاعتراف بحرية الاختيار يعني ان الانسان ادا واجهته مؤترات متعددة بعضها يدفعه الى العمل و البعض يرغب عنه , فسيظل له دائما القدرة على الاختيار .
ويرى انصار هدا المدهب ان الاساس الوحيد المتصور للمسؤولية هي حرية الاختيار, و بالتالي ادا كان الانسان يتطلب الثناء على ما يصنع ٬ فانه يستحق العقاب على ما يرتكب٬ كما أن الاعتراف بحرية الاختيار يدفع الفرد على انتهاج السبيل الامثل وزيادة طاقته للتغلب على النوازل الشريرة.
فادا انتفت حرية الاختيار انتفت المسؤولية ٬ و اذا قل نصيب الفرد من هده الحرية خفت مسؤولية تبعا لذالك .

ب- مذهب الحتمية
حسب انصار هذا المذهب فالجريمة ليست تمرة حرية الاختيار ٬ بل هي ظاهرة انسانية تحكمها اسباب طبيعية عضوية ٬ ونفسية تؤدي اليها حتما ٬ وان حرية الاختيار لاتعدو ان تكون وهما شخصيا يكذبه الواقع العضوي و النفسي .
ورد أصحاب هذا المذهب على معرضيهم ان الحتمية تدفع دائما الى العمل و التحري عن الاسباب المؤدية للجريمة لمقاومتها فتمتنع بالتالي نتائجها ٬ وان الإيمان بتسلسل الأسباب يجعلنا ننظر للجاني كضحية الظروف الاجتماعية الداخلية والخارجية ٬ فليس هناك مذنبون و لكن خطرون٬ فمن حق المجتمع ان يدافع عن نفسه بل ان ذلك من واجبه.
و ينظر أصحاب هذا المذهب في تقديرهم لدرجة مسؤولية الجاني إلى الظروف الشخصية و البيئية والاجتماعية فالجريمة ما هي إلا نتاج لاجتماع مختلف هاته الظروف ٬ فحسب منظور أصحاب مذهب الحتمية الجريمة نتيجة حتمية لعوامل مختلفة ليس معناه ترك فاعلها و شأنه لأنها مقدرة عليه بل على المجتمع اتخاذ الوسائل الكفيلة بحمايته و هذا ما دفع أنصار هذا المذهب إلي تقسيم المجرمين غالى فئات أربع 1- مجرم بالولادة 2 مجرم بالعاطفة 3 – مجرمين بالمصادفة 4- مجرم مجنون و أضاف فريق أخر من المذهب تقسيما أخر خاص بالمجرمين المعتادين ٬ كما حصروا مبادئ العدالة الاجتماعية في اثنين ك الردع و العقاب ٬ الردع يستدعي تركيز الانتباه على الجريمة كوحدة موضوعية ٬ أما العقاب يؤدي إلى الاهتمام بفاعل الجريمة ٬ أي الخطر الذي يمثله هذا الفاعل – المتهم
كما أن الفهم التجريبي لأهلية ارتكاب الجريمة يجب أن يهدف إلى تحقيق الدفاع الوقائي و الدفاع العقابي ٬ هدا الأمر أصبح له وضيفة قانونية في العدالة الاجتماعية ٬ ففكرة الجزاء يجب أن تقاس وفقا لخطورة الجاني باتخاذ معيار شخصي يحل محل المعيار الموضوعي في تحديد التدبير الذي يتخذ حبال المتهم ٬ فحالة الخطورة تستدعي أمرين –خطورة الجني من ناحية –وقابلية التكيف في الحياة الاجتماعية من ناحية ثانية و تواجه خطورة الجاني بالتدابير الوقائية ٬ وتقوم حالة الخطورة الاجتماعية و مما تستتبعه من تدابير قيل ارتكاب الجريمة ٬ أما قابلية التكيف فلا تثور إلا بعد وقوع الجريمة و قد أيد بعض الفقهاء هاته التفرقة في المؤتمر الولي الثاني لعلم الإجرام .
ولقد تعرض هذا التيار لعدة انتقادات أهمها :
الفصل بطريقة حاسمة بين الوقاية والجزاء رغم أنهما وجهان للدفاع الاجتماعي ٬ وبالتالي يجب العمل علة التوفيق بينهم في النشاط الذي تقوم به الدولة ضد الجريمة
– تتحقق الوقاية بالإجراءات الوقائية أما الجزاء فيتحقق عن طريق جهاز العدالة الجنائية .
– أنصار هدا التيار لا ينظرون إلى الجريمة باعتبارها ذنبا تترتب عليه المسؤولية الجنائية بل مجرد وسيلة للدفاع عن المجتمع .

ج : التجريح بين المذهبين
. إن تحديد العقاب بين حرية الاختيار و الحتمية يعتبر من بين أبرز الموضوعات التي زادت الخلاف بين المدرسة التقليدية و المدرسة الوضعية ٬ الأمر الذي جعل جميع المشتغلين بالمسائل الجنائية يشتركون في المعركة إما بالانضمام لأحد الرأيين و إما محاولة التوفيق بينهما على سند من أن كل منهما ينطوي على جانب من الحقيقة ٬ أو بالزعم بعدم أهمية هذا الخلاف لأنه يتعلق بمشاكل نظرية و إما باقتراح أسس جديدة للمسؤولين .

-3- المدرسة التقليدية الحديثة :

ظهرت هذه المدرسة كرد فعل للاتجاهات الحتمية , فنادوا بان شعور كل إنسان بحريته يجب أن يظل أساس المسؤولية ٬ ففي جميع الأعمال الإرادية يتصرف الفرد وهو يشعر بأنه حر بل انه يستطيع أن ينقل للآخرين هذا الشعور ٬ و أن إدراك الشخص لقدرته على إجراء خيار بين عدة أمور٬ يرتب أثار مختلفة وعليه تحمل نتيجة هذا الخيار٬ وبالتالي فان مفهوم المسؤولية الأدبية لا يجب التخلي عنه لصلح مفاهيم أخرى أكثر تقعيدا مثل الخطورة أو الأهلية الجنائية .
و اذا كانت التشريعات الحديثة تكاد تجمع على اعتناق فكرة حرية الاختيار ٬ وإما صراحة أو ضمنيا ٬ فان هذا الاتجاه لا يزال يسيطر على التعديلات التي أدخلت على التشريعات المعاصرة –قانون الأحداث الفرنسي بتاريخ 22 دجنبر 1958 -الذي يشترط لتوافر مسؤولية الحدث ثبوت الخطأ و الإدراك .

4 – الاتحاد الدولي لقانون العقوبات

لقد ارتكز الاتحاد في التوفيق بين المدرسة التقليدية الحديثة و المدرسة الوضعية على دعامتين رئيسيتين أولهما أن مهمة قانون العقوبات هي الكفاح ضد الجريمة باعتبارها ظاهرة اجتماعية ٬ ثانيهما على قانون العقوبات والتشريعات الجنائية مراعاة النتائج التي تفسر عنها الدراسات الانتروبولوجية و الاجتماعية ولقد طالب الاتحاد رجال القانون بان عليهم التسليم جدلا بالشعور الداخلي للفرد بحريته سواء كان هذا الشعور حقيقي أو مجرد وهم ٬ فانه أمر لا يهم ٬ فهذا الشعور له أهمية قصوى في عملية التكييف الاجتماعي .
و لهذا المنحى الذي اخدت به المدرسة التوفيقية ميزتان ٬ فهو يتجنب الخوض في المبادئ الفلسفية التي نادى بها الوضعيون و خصومهم ٬ ومن ناحية أخرى مراعاة متطلبات.
و تسلم نظرية الدفاع الاجتماعي ٬ وفقا لمدلولها الأول الذي قال به رجال الاتحاد الدولي بلا حرية النسبية للأفراد غير أنها غير مبنية على أساس المفهوم الفلسفي للحرية الاختيار فهي تعرف الإرادة بأنها العمليات التي تجعل الشخص يقرر أن يفعل أو لا يفعل دون دخول تفاصيل تهدف إلى معرفة هل الإرادة حرة أو تخضع لمبدأ السببية و بين حالة الخطورة التي عليها المتهم الأمر الذي يترتب عليه ثلاثة نتائج رئيسية :
أولهما : إن الاعتداد بها يستتبع بالضرورة التسليم باصطلاح المجرم الخطر .
ثانيهما : ضرورة الأخذ بفكرة العزل أو الإبعاد بالنسبة للمجرمين الخطرين .
ثالثهما : ضرورة تطبيق نظام العقوبات غير المحددة .
و كان لمبادئ الاتحاد الدولي للعقوبات أثرها الواضح على كثير من التشريعات الوضعية في أوروبا و أمريكا .

5- أسس مقترحة للمسؤولية الجنائية

يرى بعض الفقهاء أن إقامة ردة فعل الاجتماعي على أساس الحتمية مع تجريده من كل فكرة لخطأ أو الواجب يؤدي إلى برود الضمير الخلقي و زعزعة كيان قانون العقوبات .
– و ينكر البعض الأخر حرية الاختيار ويقيم المسؤولية على أساس ما اسماه القدرة علة التصرف الطبيعي وفقا للبواعث.
-ويذهب فريق ثالث إلى إحلال مفهوم الأهلية الجنائية محل المسؤولية ويعتبر الشخص أهلا جنائيا إذا كان يمكنه أن يستشعر وقت ارتكاب الجريمة خوفا أو رهبة من العقوبة .

الفصل الأول: قرينة البراءة
المادة 9 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1789 و المادة 9 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي تبنته الأمم المتحدة سنة 1948 , والمادة 14 من الاتفاقية الدولية للحقوق المدنية و السياسية التي وافقت عليها الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 1966 ٬ والإعلان الدستوري لفرنسا 4 أكتوبر 1958 و المادة 67 من الدستور المصري لسنة 1971 على مبدأ قرينة البراءة _ المتهم برئ حتى تثبت إدانته في محاكمة عادلة قانونية تكفل له ضمانات الدفاع عن نفسه _

1 : مضمون قرينة البراءة
قرينة البراءة تعني افترض براءة كل فرد ٬ مهما كان وزن الأدلة أو قوة الشكوك التي تحوم حوله أو تحيط به ٬ فهو برئ هكذا ينبغي أن يصنف طالما أن مسؤوليته لم تثبت بحكم صحيح ونهائي صادر عن القضاء المتخصص ٬ هاته القرينة تقرر ضمانة هامة من ضمانات الحرية الشخصية للفرد ضد تعسف السلطة ٬ و هي ضمانة مطلقة يستفيد منها المتهم سواء كان مبتدأ أم مجرما عائدا .
فالخطورة الإجرامية لدى الشخص لا تلعب دورا إلا في بصدد تقدير الجزاء المناسب للمجرم وتلك مرحلة لاحقة على ثبوت الجريمة وثبوت نسبتها إليه ٬ كما يستفيد المتهم منها مهما كانت جسامة الجريمة المسندة إليه ٬ فهاته القرينة تلازم المتهم أثناء مرحلتي التحقيق و الحكم ٬ حتى اذا انتهت بإحالة المتهم إلى المحاكمة .
ويجع ذلك إلى سببين : أولهما نظري و مقتضاه أن قرينة البراءة لا تسقط إلا بصدور حكم نهائي بالإدانة وهو أمر لا يتصور صدورها لا من قضاء الحكم ٬ أما السبب الثاني فعملي مقتضاه أن قرينة البراءة ضرورية للمتهم في مرحلة التحقيق في مواجهة النيابة العامة لما لها من سلطات لحماية حريته الشخصية و حقوقه في الدفاع .
و تنقلب قرينة البراءة ضد المتهم في حالة صدور حكم حائز لحجية الأمر المقضي به ٬ وتنقلب هاته القرينة إلى قرينة عكسية .
إن قرينة البراءة أول ما عرفت كان ذالك في القرن 18 مع النهضة الفلسفية التي ظهرت وركزت في تنديدها بالنظام القضائي القائم إلى إن عبر عن هده القرينة بطريقة شبه صريحة في كتاب الجرائم و العقوبات الذي صدر سنة 1764 للمحامي بكاريا .

2 – مبررات قرينة البراءة
افتراض البراءة في المتهم إلى أن يصدر حكم جنائي بإدانته هي قرينة قانونية بسيطة أي تقبل إثبات العكس.
ان قرينة البراءة تعبير عن وضع واقعي تعززه الاعتبارات العملية لا مجرد ميزة إجرائية فرضتها اعتبارات الفن القضائي ٬ بالإضافة إلى دلك فان افتراض البراءة للمتهم تعززه الكثير من الاعتبارات العملية فحماية الحرية الشخصية للفرد و حماية أمنه الشخصي تفرض أن يكون تعامل السلطات معه قائما على أساس براءته ٬ و بالتالي فان افتراض البراءة للمتهم هو الضمانة الأولى التي تقي الفرد من مخاطر سوء الاتهام و لاقتناع المتعجل اللذان يعتبران المصدر الرئيسي للأخطاء القضائية .

نتائج قرينة البراءة

1- النتائج الغير المباشرة لقرينة البراءة :
يترتب على قرينة البراءة عدم جواز الطعن بطريق إعادة النظر في الحكم الحائز لحجية الشيء المقضي به إذا كان صادرا بالبراءة ٬ كما تستوجب البراءة في حالة التنفيذ المكون لركن المادي للشروع في الجريمة .
ويترتب على قرينة البراءة وجوب الإفراج في الحال عن المتهم المحبوس احتياطيا إذا كان الحكم صادرا بالبراءة او بعقوبة أخرى غير حبسية.
إن قرينة البراءة تقف بطريقة غير مباشرة سببا في حرمان المدعي بالحق المدني من رفع دعواه المدنية التابعة للدعوى الجنائية.
إن قرينة البراءة تنتج في واقع الأمر اثرين ٬ أولهما سلبي وهو إعفاء المتهم من عبء إقامة الدليل على براءته, و ثنيهما ايجابي و هو وضع هذا العبء كليا على عاتق جهة الاتهام ٬ وهو أمر يتطلب عند تحليله واستخراج النتائج أن نأخد في الاعتبار دلك التوازن الدقيق الذي يحكم الإثبات الجنائي .
هذا معناه أن إلقاء عبء الإثبات كلية على عاتق جهة الاتهام يقابله في توازن دقيق إعطاء النيابة العامة حريتها في الإثبات و الاعتراف للقاضي الجنائي بدور ايجابي في الكشف عن الحقيقة ٬ مقابل إعفاء المتهم كلية من عبء إقامة الدليل على براءته .
إن إلقاء قواعد الإثبات في المواد الجنائية مع نظيرتها المدنية حول إلقاء عبء الإثبات على عاتق من يدعي مرجعه هو ان المدعي عند الدفع و هي الشق المكمل لمبدأ البينة على المدعي في المواد المدنية لا تجد مجالا للتطبيق في المواد الجنائية فالنيابة العامة وحدها يقع عليها عبء الإثبات.

5- قرينة البراءة و إجراءات تامين الأدلة
افتراض البراءة في المتهم إلى أن تثبت مسؤوليته بمقتضى حكم صحيح ونهائي صادر عن القضاء المتخصص تفرض معاملة المتهم خلال مراحل الإجراءات معاملة الأبرياء ٬ وبالتالي لا يجوز منطقيا سلب حريته أو تقييدها أثناء المراحل التي تمر بها الدعوى الجنائية إلى أن يصدر حكم نهائي بإدانته .
فالثر الايجابي لقرينة البراءة هو إلقاء عبء الإثبات كلية على عاتق جهة الاتهام مما يفرض بحكم .

الفصل الثاني : عموميات حول المسؤولية الجنائية

المبحث الأول : المسؤولية الجنائية للاسخاص الطبيعية
أخد المشرع المصري بفكرة المذهب التقليدي فالشخص الذي يتحمل العقاب هو الآدمي التي تتوافر صلاحية وأهلية معينة و هي أهلية تتركب من عنصرين الإدراك و الإرادة .

1 – الإدراك و العلم
هو تلك الملكة العقلية التي تؤهل الإنسان و تجعله قادرا على أن يعلم بالأشياء و طبيعتها ويعرفها و يتوقع الآثار التي من شانها إحداثها ٬ أي تجعله قادرا على الإحاطة بالأمور و نفهم الماهيات الحسية أي المعرفة بالمعاني و المفهومات الذهنية بحيث يستطيع التمييز بينها ويعلم بعواقبها ويقدر نتائجها ٬ فالعلم يعتبر عنصرا من العناصر التي تتركب منها الصورة العمدية للركن المعنوي اللازم لقيام المسؤولية الجنائية .
من المتصور أن يكون الشخص أهلا لتحمل المسؤولية بان تتوافر فيه ملكة الإدراك والاستعداد ومع ذلك يثبت انه يجهل بتوافر عنصر من عناصر الجريمة ٬ و بذلك تمتنع المسؤولية الجنائية لانعدام القصد الذي تتميز به الصورة العمدية لركنها المعنوي .

2 – الإرادة وحريتها
المقصود بالإرادة تلك القدرة و القوة النفسية التي يستطيع بها الشخص التحكم في نشاطه العضوي او النفسي و السيطرة عليه بان يسلك سلوك معين أو يمتنع عنه ٬ هاته القدرة أو القوة النفسية لا تتوفر إلا من بلغ سن النضوج-
– العضوي النفسي – الذي حدده المشرع في نصوصه ٬ الذي يمكنه من التحكم الشخصي في سلوكه و السيطرة الذاتية على أفعاله ٬ هاته السيطرة هي القدرة النفسية في حالة نشاطها وفعاليتها حيث تستطيع التحكم في مراكز الحركة العضوية فيختار الشخص أن يكف عن حركة أو يعدل فيها أو يخرجها إلى حيز الوجود الواقعي بعيدا عن كافة المؤثرات التي تعدم تلك الحركة في الاختيار .

المبحث الثاني : المسؤولية الجنائية للاسخاص المعنوية

1 – الاتجاهات الفكرية والفلسفية .

الرأي الأول: يذهب أصحاب هذا الرأي إلى عدم مسائلة الشخص المعنوي جنائيا وذلك لأسباب :
– إن المسؤولية الجنائية إنما تنهض قبل الأشخاص الطبيعيين لان لهم من التمييز و الإرادة ما يجعلهم أهلا لتحمل المسؤولية
– إذا كان الشارع قد اعترف للشخص المعنوي بأهلية قانونية فان هذه الأهلية محدودة بالأغراض التي شرع من اجل تحقيقها .
– إن القول بمسؤولية الشخص المعنوي جنائيا يتنافى مع مبدأ شخصية العقوبة التي تطبق على الشخص المعنوي لابد أن يمتد أثرها إلى الأشخاص المساهمين فيه أو الداخلين في تكوينه .
– إن المشرع وضع العقوبات وقصد تطبيقها على الأشخاص الآدميين الذين تبثث إدانتهم ٬ ومنها ما هو سالب للحياة كالإعدام ٬ ومنها ما هو سالب للحرية مثل عقوبتي السجن و الحبس .

و يترتب على ذلك النتائج التالية :
– لا يمكن إقامة الدعوى الجنائية قبل الشخص المعنوي
وجوب توقيع عقوبة مستقلة عن كل عضو من الأعضاء الداخلي في تكوين الشخص المعنوي تثبت إدانته في الجريمة التي وقعت- تعدد العقوبات –
– لا يسأل الشخص المعنوي عن الغرامات المحكوم بها على الأعضاء الدخلين في تكوينه .
ب – الرأي الثاني : يذهب أصحاب هدا الرأي إلى جواز مسائلة الشخص المعنوي جنائيا ٬ وحججهم في دلك :
– ان الشخص المعنوي موجود حقيقيا و إرادة واقعية تمكنه من أن يصبح طرفا في كل عقد مشروع ٬ وتجعله أهلا للتداعي و تحمل المسؤولية عن الفعل الضار .
– و يضفون أن جميع التشريعات الجنائية و ضعت عقوبات خاصة للشخص المعنوي كالحل لمدة معينة.
لا تتحقق الغاية منة عقاب شخص معنوي كالحل و التوقيف اذ يرتبط ذلك بحقوق الأغيار و الدائنين .
ج – الرأي الثالث : حاول الترجيح بين الرأيين السابقين قائلا أن إنكار المسؤولية الجنائية للأشخاص المعنوية لا يعني تجريد المجتمع من الوسائل التي تحمي بها كيانه , إذا تبت أن الشخص المعنوي مصدر خطر يهدده ٬ كما لو كان أسلوب نشاطه ضار أو كانت بعض أمواله مصدر خطر عليه ففي استطاعته المجتمع أن يتقي هده الخطورة عند اتخاذ التدابير الاحترازية ضد الشخص المعنوي نفسه .

2 أنواع المسؤولية للشخص المعنوي :

أ – المسؤولية الجنائية المباشرة :
فيها تسند الجريمة إلى الشخص المعنوي ٬ فتقام عليه الدعوى الجنائية بصفة أصلية و يقضي عليه بالعقوبات المقررة و التي تناسب مع طبيعته .

ب – المسؤولية الجنائية الغير المباشرة :
تقام الدعوى الجنائية على الشخص المعنوي باعتباره خصما تبعيا ٬ وتكون مسؤوليته غير مباشرة عندما يسال بطريق التضامن مع الأشخاص الطبيعيين الداخلين في تكوينه .

2- موقف المشرع المصري :
لا يجوز مسالة الشخص المعنوي جنائيا عن الجرائم التي يقترفها و إنما يسال عنها الأعضاء الذين يدخلون في تكوينه كما لو ارتكبوها باسمه ولحسابه الخاص فتوقع عليه العقوبات المقررة له فلا تقام الدعوى الجنائية على الشخص المعنوي نفسه إنما على ممثله الذين ينسب إليهم المساهمة في الجريمة فالمرتكبة لحساب هذا الشخص.

المبحث الثالث : مصدر المسؤولية الجنائية .

المصدر هو السبب القانوني الذي ينشأ علاقة من العلاقات أو يحدث فيها تعديلا ٬ و يلجأ المشرع عند و صفه لقواعده أن تتضمن صيغة خطاب يحتوي على إنذار موجه إلى المرسل إليه ينبه عليهم فيه بأنه اذا ارتكب سلوكا حقق به واقعة معينة فإن دلك يؤدي إلى التزامه بتحمل عقوبة محددة نوعا وقدرا ٬ الأمر الذي يفيد أن الالتزام بالعقوبة أصبح مشروطا بتحقيق المخاطب لتلك الواقعة .
لهذا فالفقه الجنائي الحديث يرى أن قاعدة التجريم تتكون من شقين : الأول شق الحكم يتضمن ما نهى عنه المشرع أو ما يأمر به ٬ الشق الثاني هو الجزاء ويتضمن بيانا بالأثر القانوني المترتب على الإخلال بذلك الالتزام الأصلي .
– ويلاحظ أن المشرع قام بإيراد بيان وصفي و كامل للواقعة الجنائية المؤثرة ٬ رسم مركبتها و مقومتها و عين عناصرها من سلوك وأمور و إحداث و وقائع جزئية ٬ وبالتالي يتضح أنه أعطى نموذجا قانونيا لها .
– ويلاحظ أن القواعد الجنائية ليست كلها قواعد تجريمية بل هناك قواعد جنائية تتضمن وقائع أخرى إذا توفرت إحداها فانه يؤثر على المسؤولية الجنائية بان تحول دون توفر شروطها و نشوئها ٬ بل تمنع قيامها – م245 من عقوبات مصرية-
– كما أن هناك قواعد جنائية تتضمن وقائع إذا توفرت إحداها أثرت في المسؤولية الجنائية بان تحول دون تنفيذ العقوبة 205 من عقوبة مصرية – إعفاء الأشخاص المرتكبين للجنايات المذكورة في المادة 202/203 من العقاب إذا أخبروا الحكومة بتلك الجنايات .

المبحث الرابع : محل المسؤولية : الجريمة

الجريمة كيان قانوني تتوفر من ركنين ك ركن مادي وأخر معنوي بالإضافة إلى شروط مفترضة يحددها المشرع صراحة أو ضمنيا , و تضاف إلى دلك ظروف يترتب على توفرها تشديد العقاب أو تخفيفه ٬ يمكن تعريف النموذج القانوني للجريمة بأنه الشكل القانوني للجريمة الذي يضم كالعناصر اللازمة لقيام الجريمة التي لو تخلف احدها لامتنع قيامها .
و يجب أن يتطابق الفعل الصادر عن الجاني مع النموذج القانوني للجريمة ٬ ولإجراء المطابقة بمعرفة القاضي يلزم أن يقوم بعملية من مرحلتين :
1- تطابق أركان الجريمة و شروطها مع نموذجها القانوني
2- فحص الحالة الواقعية ومدى تناسبها مع النموذج القانوني للجريمة .

المطلب الأول : تعريف الجريمة

الجريمة فعل غير مشروع صادر عن إرادة جنائية يقرر له القانون عقوبة٬ و طبقا لهذا التعرف تقوم الجريمة على عدة عناصر.
– تفترض الجريمة ارتكاب فعل يتمثل في الجانب المادي لها ٬ فلا جريمة إذا لم يرتكب فعل و كل واقعة تنتفي عنها صفة الفعل لا يتصور ان تكون محل للتجريم ٬ و الفعل هو السلوك الإجرامي سواء كان ايجابيا أو سلبي .
– تفترض الجريمة أن يكون الفعل غير مشروع طبقا لقانون العقوبات أو القوانين المكملة له.
– تفترض الجريمة صدور الفعل غير مشروع عن إرادة جنائية٬ فالجريمة ليست ظاهرة مادية خالصة بل هي عمل إنسان يسال عنها و يتحمل العقاب من اجلها .
– و الإرادة الجنائية صورتان :
– القصد الجنائي وهو توجيه الجاني إرادته إلى الفعل و نتيجته .
– الخطأ الغير ألعمدي اتجاه الإرادة إلى الفعل دون نتيجة .
– تفترض الجريمة أن القانون يقرر لها عقوبة أو تدبير احترازي .

1- الأركان العامة للجريمة

+ ركن شرعي: هو الصفة الغير المشروعة للفعل و يكتسبها ذا توافر له أمران, خضوعه لنص التجريم و عدم خضوعه لسبب إباحة.
+ الركن المادي : هو ماديات الجريمة أي المظهر الذي تبرز به إلى العالم الخارجي ٬ هذا الركن يقوم على ثلاث عناصر .
الفعل و هو النشاط الايجابي او الفعل السلبي الذي ينسب الى الجانب . النتيجة هو أثره الخارجي الذي يثمتل في الاعتداء على حق يحميه القانون , وعلاقة سببية الرابطة بين الفل و النتيجة و ثبوت النتيجة راجع الى ارتكاب الفعل .
+ الركن المعنوي : هو الرادة التي يقترن بها الفعل سواء اتخذت صورة القصد الجنائي او اتخذت صورة الخطأ غير عمدي .

2- الأركان الخاصة للجريمة

لكل جريمة أركان خاصة تميزها عما عدها من الجرائم فالأركان الخاصة للقتل العمد هي كون المجني عليه حيا وقت الجريمة و فعل الاعتداء على الحياة التي تترتب عليه الوفاة ٬ والقصد الجنائي الذي يتطلب نية إزهاق الروح .

المطلب الثاني : المسؤولية المفترضة

أولا:شروط المسؤولية المفترضة
هاته الشروط هي العناصر القانونية السابقة على تنفيذ الجريمة و التي يتوقف عليها وجود أو انتفاء الجريمة حسب الوصف المقرر في نص التجريم ومثال ذلك وصفة الطبيب في جريمة الإجهاض .
ويتمثل الشرط المفترض في الصور التالية :
أ – الشرط المفترض عمل قانوني .
العمل القانوني قد يكون تصرفا قانونيا أو إجراء قانوني
التصرف القانوني ينحصر في الإرادة المتجهة إلى إحداث اثر قانوني معين فيرتب القانون عليها هذه الأثر خيانة الأمانة .
الإجراء القانوني يتمثل في قيام الدعوى في الجرائم التي يفترض وقوعها قيام دعوى قضائية ٬ مثالها الإخلال بمقام قاضي .
ب – الشرط المفترض واقعة قانونية و هي تلك الواقعة المادية التي يترتب القانون عليها اثر مثالها جريمة إخفاء الأشياء المتحصل عليها من جناية أو جنحة .
ج – الشرط القانوني مركز قانوني تحميه القاعدة الجنائية و يتميز بأنه
– عنصر مستقل عن نشاط الجاني و علاقته السببية – بأنه عنصر لازم للوجود القانوني للجريمة
-بأنه مركز قانوني تحميه القاعدة الجنائية .

ثانيا : نطاق الشروط المفترضة
يتجه الفقه الغالب إلى بسط فكرة الشروط المفترضة في الجرائم كافة من وراء تحليل فكرة المركز القانوني فكل تجريم يتضمن في ثناياه عدوان على مركز قانوني تحميه قاعد التجريم , فالحماية الجنائية لا تقتصر على طائفة دون الأخرى من المراكز القانونية الشخصية .

ثالثا : تقسيم الشروط المفترضة
1- الشروط المفترضة الايجابية و الشروط المفترضة السلبية
الشرط المفترض الايجابي : يكون كذلك إذا كان يقابل مركزا قانونيا يضفي عليه المشرع حمايته ضد الاعتداءات التي يمكن أن تقع عليه من احد أطرافه فالمشرع يقرر للمركز الموضوعي حماية جنائية ضد الاعتداءات التي يمكن ان تقع من أطرافه .
– الشرط المفترض السلبي ك يكون كذلك إذا كان يقابل مركزا قانونيا يضفي عليه المشرع حمايته ضد اعتداءات الغير .

3- الشروط المفترضة الجنائية والغير جنائية
الشروط المفترضة الجنائية ك هاته الشروط تقابل واجبات غير مقررة في أي فروع من فرع القانون غير الجنائية و تعد ناشئة عن قانون العقوبات فهي إذن شروط مفترضة جنائيا.
الشروط المفترضة غير جنائية هاته الشروط تقابل مراكز قانونية او واجبات موضوعية متفرعة عنها من طبيعة غير جنائية .

4- الشروط المفترضة لوجود الجريمة و الشروط المفترضة لوقوع الجريمة.
الشروط المفترضة للوجود القانوني للجريمة , تكون كذلك إذا ما تقررت الحماية الجنائية للمركز الموضوعي ذاته أو تقررت لواجبات وسلطات موضوعية متفرعة عنه ٬ فيعد الشرط مفترضا لوجود الجريمة إذا قابل مركزا موضوعيا أسبغ عليه المشرع حمايته الجنائية.
الشروط المفترضة لوقوع الجريمة : تقابل مراكز قانونية واجبة الاقتضاء نجد مصدرها في عمل قانوني من ناحية وواقعة قانونية من ناحية أخرى .

ربعا:النظام القانوني لشروط المفترضة

1- تفسير الشروط المفترضة في الجريمة
إن الشرط المفترض هو مركز قانوني يضفي عليه المشرع حماية جنائية , و غالبا ما يكون هذا المركز مقررا في فرع أخر من فروع القانون غير قانون العقوبات , كما ان المشرع عندما يضفي الحماية الجنائية على مركز قانوني ينصرف قصده إلى حماية المركز القانوني في ذاته أو حماية جوانبه فقط أو حماية الآثار المترتبة عليه , واستظهار حقيقة قصد المشرع هو مهمة من يتصدى لتفسير النص الجنائي .

2- دور الشرط المفترض في تحديد نطاق تطبيق القاعد الجنائية .
– من حيث المكان : الأصل في تطبيق قانون العقوبات من حيث المكان هو مبدأ الإقليمية , أي انطباق قانون العقوبات على كل ما يرتكب من جرائم فوق إقليمها , والسائد فقها و قضاء ان مكان وقوع الجريمة يتحدد بمكان وقوع النشاط أو تحقق النتيجة .
– من حيث الزمان: يقتصر أحكام تطبيق القانون الجنائي من حيث الزمان على القوانين التي تحدد شق التكليف و شق الجزاء في القاعدة القانونية الجنائية دون تلك التي تحدد شروط التجريم التي تتولاها قواعد غير جنائية .

3- القانون الواجب التطبيق على الشروط المفترضة
قد تعرض على القاضي الجنائي حالات يطبق فيها قانونا أجنبيا غير جنائي ٬ ففيما يتعلق بالقواعد الجنائية يكون القانون الوطني واجب التطبيق ٬ أما فيما يتعلق بالأحكام غير الجنائية ٬ فينبغي أن يطبق بشأنها القانون الذي تعنيه قاعدة التنازع الدولي الخاص .

4- صلة الشرط المفترض بالركن المعنوي في الجرائم العمدية
ان الشروط المفترضة تسبق النشاط الإرادي للجاني الأمر الذي يترتب عليه أن الإرادة وهي احد عنصري العمد لا تتجه إلى تحقيق هده الشروط وان كانت تتجه إلى العدوان عليها في حالة القصد الخاص ومع دلك فان القصد الجنائي لا يقوم إلا إذا أحاط العلم بهده الشروط سواء حالة القصد العام أو القصد الخاص .
ويلاحظ ان الجهل أو الخطأ في الواقع يحول دون معرفة الحقيقة بالشيء و معرفة حقيقة الشيء ٬ أما الجهل و الغلط في القانون إذا انصب على الشرط المفترض فإنه ينفي القصد الجنائي .

5- النظام الإجرائي للشروط المفترضة في الجريمة
– الاختصاص بالفصل في الشروط المفترضة :
– جعل المشرع للمحكمة الجنائية الاختصاص بالفصل في جميع المسائل التي يتوقف عليها الحكم في الدعوى الجنائية المرفوعة أمامها تطبيقا لقاعدة ان قاضي الدعوى هو قاضي الدفع .
– إذا كان الحكم في دعوى جنائية يتوقف على نتيجة الفصل في دعوى جنائية أخرى و جب وقف الأولى حتى يتم الفصل في الثانية , أما إذا كان الحكم في الدعوى الجنائية يتوقف على الفصل في مسالة من مسائل الأحوال الشخصية جاز للمحكمة ان توقف الدعوى و تحدد المتهم او المدعي بالحقوق المدنية او المجني عليه أجلا لرفع المسالة المذكورة إلى الجهة ذات الاختصاص.
– إثبات الشروط المفترضة في الجريمة
– المبدأ هو إثبات وقائع قانونية ٬ و مجال المبدأ هو إثبات أركان الجريمة دون شروطها المفترضة وان كان الركن و الشرط المفترض يتفقان في أنهما لازمان لقيام الجريمة ٬ وفي أنهما يكونان محلا للإثبات
– طبيعة فصل القاضي الجنائي في الشرط المفترض
ان فصل القاضي الجنائي في الدفع المتعلق بالشروط المفترضة هو عمل قضائي لأنه يقدم الحل في منازعة و القاضي الجنائي لن يصدر حكما منفصلا بقيام الشرط المفترض تم يعاود الفصل في شأن الجريمة بل الفصل في الأمر يجري في وقت واحد .
– حجية الحكم الصادر في الشرط المفترض .
لأعمال هذه الحجية لابد من توافر ثلاث شروط
1- أن يكون فصل القاضي الجنائي فيها ضروريا
2- أن يكون الفصل فيها على سبيل التأكيد
3- تطابق المسالة التي فصل فيها القاضي مع المسالة المراد طرحها على القاضي المدني .
إن الأساس هاته الحجية يجد تطبيقاته في المسؤولية المفترضة التي سوف نتعرض لبعض حالتها .
– حالة المسؤولية الكاملة : مسؤولية صاحب المحل , حيث يلزم مسائلته عما يقع من مخالفات توافر الشرطين الاثنين :
1- أن يكون مالك المحل ملكية كاملة أو مشتركة .
2- أن لا يقوم عذر من الأعذار المخففة و هو الغياب أو استحالة المراقبة .
3- مسؤولية المدير : المدير هو الشخص المكلف بتوجيه أو إذا دارة المؤسسة أو الجمعية أو التركة و لم ينص القانون على تعريف المدير وهو أمر يترك استخلاصه من ظروف الدعوى ٬ أن مسؤولية المدير مسؤولية مفترضة تقوم على أساس أنه كلف بواجب خاص لا يجب عليه التهاون فيه ٬ ويفرض عليه اتخاذ الإجراءات الضرورية في نطاق سلطاته لكفالة تطبيق القانون .

الفصل الثالث : أسباب امتناع المساءلة الجنائية

المبحث الأول : الأسباب المادية لإمتاع المسؤولية الجنائية

1 الإكراه المادي

الإكراه المادي هو القوة التي يباشرها شخص عمدا ضد أخر فيسلبه إرادته ماديا بصفة مطلقة فيما يكرهه على إتيانه من الأعمال الايجابية أو السلبية .
ومثلا ذلك من يمسك شخص للتوقيع على إيصال مزور او يرغمه على تقليد توقيع شخص على إيصال مدينه مخالف الحقيقة .

3- القوة القاهرة

القوة القاهرة تعزى إلى أمر خارجي قد يكون لطبيعة ذاتها فتقد الشخص إرادته و اختياره فتدفعه إلى إتيان نشاط ايجابي أو إرغامه على الامتناع عن نشاط مطلوب اتخاذه دون أن يكون في إمكانه التدخل للحيلولة دون ذلك ٬ كالزلزال و البراكين و العواصف .

المبحث الثاني : الأسباب المعنوية لامتناع المسؤولية الجنائية .

1- انعدام الأهلية الجنائية
أ – صغر السن: الصغير الذي لم يبلغ السابعة من عمره بعد دون تمييز وإدراك وبالتالي منعدم المسؤولية الجنائية و لا تجوز إقامة الدعوى ضده ٬ وإذا أقيمت على القاضي أن يقضي بامتناع المسؤولية الجنائية.
ب- الجنون : هي حالة يعيش بموجبها الشخص معزولا عن الحياة الخارجية التي تحيط به ٬ و يعيش حياة خاصة به وحده , فيعجز عم التوفيق بين إحساسه و الأوضاع المحيطة به للآفة أصابة عقله .

2 – انعدام حرية الاختيار
أ : الغيبوبة : الغيبوبة تنشا إما بواسطة عقاقير مخدرة أيا كان نوعها إذا أخدها قصرا أو على غير علم منه بها ٬ و يشترط للانتفاء المسؤولية أن يكون فقد الشعور تماما وقت ارتكاب الجريمة ٬ وان يكون قد تناول الماد ة المسكرة قهرا أو دون علم بها .
ب – الضرورة : هي الحالة التي يكون فيها الإنسان مضطرا إلى ارتكاب الجريمة لدرأ الخطر أو ضرر جسيم على وشك الوقوع ٬ رغم انه كامل قواه العقلية .
ج- الإكراه المعنوي : يثمتل في نشاط يؤدي إلى شل حركة الجسم , أو إيقاع الضرر به ٬ الأمر الذي يؤدي إلى أن يرتكب المجني عليه تحت ثاتير الخوف او تلافي الضرر جريمة ما .

المبحث الثالث : انتفاء صفة الجريمة

المطلب الأول : استعمال الحق

أولا: شروط استعمال الحق
1- استعمال الحق .
الحق مصلحة قانونية يقررها القانون نو يدبر لها وسيلة قضائية لحمايتها ٬ وقد تكون المصلحة للشخص المستفيد من سبب الإباحة أو لغيرة كالأسرة و المجتمع ٬ ومن أمثلة : الحقوق القائمة حق الطبيب في العلاج و هو مقرر لمصلحة المريض و المجتمع ٬ وحق التأديب مقرر لمصلحة الأسرة والمجتمع .
و يجب أن يكون الحق محل اعتراف وحماية من طرف القانون و إلا انتفت عنه هذه الصفة حتى ولو كانت هناك مصلحة في استعماله, فالمصلحة في حد ذاتها لا تصلح سببا للإباحة .
2 – الفعل وسيلة لاستعمال الحق .
لتوافر الإباحة يتعين أن يكون الفعل المرتكب هو الوسيلة الوحيدة لاستعمال الحق ٬ و حتى يكون استعمال الحق مشروعا ٬ يلزم أن يكون استعمال الحق داخل إطار الحق دون مجاوزة, و ان يكون الجاني حسن النية لا يبغي الإساءة و التعسف في استعمال الحق .
و بالنسبة للالتزام حدود الحق , فذلك أمر طبيعي فليس هناك حق طبيعي مطلق الحدود لا ترد عليه القيود ٬ إن ممارسة حق الدفاع يتعين إن يكون بالقدر اللازم لتوضيح وجهة النظر دون الإساءة فالدف أو السب إذا كان دون مقتضى يقع تحت طائلة القانون .

ثانيا : تطبيقات استعمال الحق

1- حق التأديب :
– تأديب الزوجة : مصدر هذا الحق الشريعة الإسلامية ٬ و لا يجوز استعمال هدا الحق إلا اذا أنت الزوجة معصية تقتضي التأديب و يشترط للتمتع بهذا الحق أن يتدرج التأديب و في ثلاث مراتب تصاعدية – الوعظ – تم الهجر في المضجع – ثم الضرب في النهاية ٬ وان يكون الغرض من الضرب التهذيب لا الانتقام .
– تأديب الصغار : مقرر الأب و الأم و الولي الشرعي و الموصي ٬ كما هو مقرر لصالح المعلم في المدرسة و رب الحرفة ٬ و ان يكون الضرب خفيفا لا يترك إصابات الجسم .

2- حق مباشرة الأعمال الطبية : يقتضي هذا الحق منح الطبيب الحق في أن يأتي الأفعال الضرورية اللازمة لشفاء المريض وفق الأصول المتعارف عليها في مهنة الطب كإعطاء الأدوية ٬ و إجراء العمليات الجراحية .

3- حق ممارسة الألعاب الرياضية : من الألعاب الرياضية ما تتسم بالقوة كالملاكمة و المصارعة و استخدام السيف و الرمح إذ قد يترتب على دلك مساس بجسم الخصم فلا مسؤولية على اللعب في دلك طالما اتبع قواعد اللعب المقررة ٬ مرد هده الإباحة تشجيع الدولة للرياضة و للمحا فضة على صحة الشباب .

المطلب الثاني : الدفاع الشرعي

الدفاع الشرعي هو استعمال القوة لدفع خطر حال غير مشروع يتضمن اعتداء على حق يحميه القانون و هو حق الشخص يمكنه أن يتولى رد الخطر الذي يحدق به إما للحيلولة بين بدء التعدي أو وقف استمراره عند بدئه بالفعل .

اولا : شروط الدفاع الشرعي .

1 – شرط الخطر
ا: عدم مشروعية الخطر : يجب ان يكون الخطر الذي يبرر الدفاع الشرعي أمرا غير مشروع يقتضي ارتكاب جريمة معينة عل المدافع كتهديد جسمه بالسلاح ٬ أما إذا انتفى عن الخطر صفة عدم المشروعية فلا محل للدفاع الشرعي.
ب : تهديد الخطر للنفس و المال يشترط أن يهدد الخطر نفس المدافع أو نفس غيره مما يهمه أمره أو ماله ٬ و حق الدفاع الشرعي عن المال يبيح استعمال القوة لرد أي فعل يعتبر جريمة تمس بالمال و النفس .

2- شروط رد الفعل :
ا : ضرورة الدفاع : لقيام سبب الإباحة يتعين أن يكون ما أثاره المدافع أن يتناسب ضروريا و لازما لدرء الخطر و بالتالي إذا كان رد الفعل غير لازم باعتبار انه كان في إمكان المدافع أن يلجا إلى السلطات العامة فان رد الفعل يكون قد وقع دون مقتضى ويشكل اعتداءا ينتفي معه سبب الإباحة .
ب تناسب رد الفعل مع جسامة الخطر : يتعين في رد الفعل الذي يأتيه المدافع أن يتناسب مع فعل الاعتداء غير متجاوز للحدود اللازمة لدرء الخطر ففعل الدفاع هو في الحقيقة جريمة ٬ و يجب ألا يدعي القدر اللازم و الضروري لدرء الاعتداء.

ثانيا : قيود الدفاع الشرعي

1 – حضر مقاومة مأموري الضبط
مأموري الضبط هم رجال الضبطية الإدارية و القضائية سواء كانوا أعضاء النيابة العامة أو رجال الشرطة أو رجال الجمارك أو رجال حرس الحدود.
ولقد حظر الدفاع الشرعي ضد هؤلاء لتسهيل مهمتهم التي تتطلب السرعة و الحزم ويتعين لتعطيل حق الدفاع الشرعي أن يكون عمل الضبط مشروعا داخل الإطار القانوني .
و إذا كان الدفاع محظورا في مواجهة مأمور الضبط فإنه بالإضافة إلى شرعية العمل يتعين أيضا أن يكون داخلا في اختصاصه ٬ وان يكون الموظف حسن النية يعتقد انه يؤدي عمله في حدود القانون و إن لا يكون هناك خوف من أن يترتب على الفعل الصادر من مأمور الضبط الموت أو الجروح البليغة.
غير انه توجد حالات يجوز فيها الدفاع الشرعي ضد مأمور الضبط وذلك إذا كان فعله غير مشروع أو خارج اختصاصه أو كان سيء النية يبغي الإضرار بالمجني عليه .

2- القتل العمد في حالات محددة
أ – القتل العمد دفاعا عن النفس : لا يجوز قتل إنسان دفاعا عن النفس إلا في حالات ثلاث :
– أن يأتي الفاعل أفعالا تهدد المدافع بالموت أو الجراح البليغة و المعيار في هاته الحالة هو معيار الشخص العادي الذي يوجد في مثل ظروف المدافع طالما انه بني اعتقاده على أسباب معقولة .
– الحالة الثانية إتيان المرأة كرها يبرر الدفاع الشرعي عن طريق ارتكاب جريمة القتل العمد .
الحالة الثالثة : هي الخطف يبيح القتل إما لمنع وقوع الاختطاف أو لوقف سريان جريمة الخطف بعد بدئها .

ب القتل العمد دفاعا عن المال : أباح المشرع للمدافع أن يقتل خصمه عمدا في أربع حالات على سبيل الحصر:
الحالة الأولى : جريمة الحرق العمد – الباب الثاني من الكتاب الثالث ق ن العقوبات المصري.
الحالة الثانية : السرقة بإكراه أو المصحوبة بظروف تغير الوصف القانوني من الجنحة إلى الجناية.
الحالة الثالثة : مفاجئة المدافع في منزله المسكون ليلا أو في احد ملحقاته .
الحالة الرابعة : ارتكاب المعتدي فعل اعتداء على المال يهدد حياة المدافع أو وقوع ضرر جسيم عليه ٬ كإتلاف آلة .

ثالثا : أثر الدفاع الشرعي
يتمثل اثر الدفاع الشرعي في نتيجة توافر شروطه ثم رقابة محكمة النقض ثم كيفية التمسك به .
1- نتيجة توافر الدفاع الشرعي و التزام ضوابطه يصبح الفعل الجنائي مشروعا فتنتفي مسؤولية المتهم الجنائية
2- رقابة محكمة النقض على محكمة الموضوع التي لها سلطة تقتصي توافر شروط الدفاع الشرعي من الوقائع الدالة عليها ٬ إما استخلاصها لقيام الدفاع الشرعي أو انتفاء مسالة قانون تخضع للاختصاص محكمة النقض .
3- الدفع بقيام الدفاع الشرعي دفع جوهري أثارته توجب على محكمة الموضوع التزاما بالتصدي له و التأكد من قيامه.

رابعا : تجاوز الدفاع الشرعي
1- التعريف بالتجاوز ك يقصد بالتجاوز عدم قيام التناسب بين فعل الاعتداء و فعل الدفاع , فمن يهدد غيره بالعصا لا يجوز أن يقابل هدا تهديد بإطلاق النار في مقتل فالضرب بالعصا قد لا يؤدي إلى القتل أما إطلاق النار قد يؤدي إلى دلك .
2- حكم التجاوز : يشترط لإعمال رخصة الدفاع الشرعي آن يقوم التناسب , فإذا انتفى , انتفى الدفاع الشرعي و الإباحة و اعتبر الفعل جريمة يتعين العقاب عليها إذا توافرت أدلة الإدانة .
خامسا : بعض قرارات محكمة النقض المصرية
– نقض جلسة 26/1/1956 – الدفاع يجب أن يكون لرد الاعتداء لا لأجل الانتقام .
– نقض جلسة 2/4/1957 – انعدام التناسب لا ينفي حالة الدفاع الشرعي .
– نقض جلسة 14/10/1958 – نية الانتقام تنفي حالة الدفاع الشرعي .
– نقض جلسة 21/05/1956 –لا تجوز مسائلة الدفاع الشرعي لأول مرة أمام النقض .
– نقض جلسة 17/05/1965 – يجوز الدفاع الشرعي ضد جرائم المال .

المطلب الثالث: استعمال السلطة

يدخل في دراسة استعمال السلطة التعريف بالموظف ثم العمل القانوني الذي يجريه الموظف و يتمتع بشأنه بالإعفاء ثم العمل غير القانوني الذي ينفي توافر سبب الإباحة .

أولا : المقصود بالموظف العام
1- التعريف بالموظف العام : الموظف العام هو كل شخص يشارك على نحو عادي في تسير مرفق عام يدار بطريق الاستقلال المباشر فيشتغل فيه وظيفة دائمة .
و لا يشترط في إسباغ صفة الموظف العمومي على الفرد أن يتقاضى مرتبا شهريا ٬ بل يمكن أن يتقاضى مكافأة على فترات غير شهرية ٬ وسواء كان عمله تابع للسلطات الحكومية , أو الهيئات العامة,مادام انه يتمتع بقدر من السلطة العامة سواء بصفة مؤقتة أو دائمة وسواء كان مصدر هذه الصفة القانون أو اللائحة .
2- حكم الموظف الغير العمومي : تنقضي هده الصفة خارج العمل .

ثانيا : العمل القانوني
يظل الموظف في نظر القانون إذا أتى فعله في إحدى الصورتين : الأولى : أن يأتي الفعل تنفيذا لأمر القانون و الثانية أن يأتي الفعل تنفيذا لأمر رئيس تجب عليه طاعته
1- إتيان الفعل تنفيذا لآمر القانون : إتيان الفعل في هذه الحالة يكون مشروعا ٬ لكن المشروعية تستند مباشرة إلى القانون ٬ كما لو الزم القانون الموظف بإتيان العمل و حدد شروطه ٬ فإن مجال للسلطة التقديرية في هذا الشأن ٬ و عندئذ فالعمل من صميم اختصاص الموظف .
2- إتيان الفعل تنفيذا لآمر الرئيس : إذا اصدر الرئيس أمره إلى مرؤوسه فإطاعة هذا الأخير وطبقه ٬ فالفعل مشروع ويشكل احد أسباب الإباحة٬ ذلك أن القانون يأمر المرؤوس أن يطيع الرئيس لاستتباب النظام و تحقيق المصلحة العامة .

ثالثا : العمل الغير قانوني
1- الخطأ في الاختصاص : في هذه الحالة يأتي الموظف عملا على اعتقاد انه صحيح قانونا و إن القانون يجوز له مباشرته .
2- الخطافي الطاعة : ويحدث ذلك عندما يخطا الموظف و يطيع الرئيس فيما أمره مع أن هده الطاعة بالنسبة للأمر الصادر من الرئيس غير واجبة ٬ وذلك لان الرئيس لا يملك هذا الأمر ٬ فلا طاعة لمخلوق في معصية القانون .
3- شروط إعفاء الموظف من المسؤولية : يجب أن يكون حسن النية ٬ ويقصد بحسن النية أن يجهل الموظف العيب الذي لحق بعمله بل كان يعتقد بمشروعيته فعله و أنه متفق مع القانون بحيث ينتفي لديه القصد الجنائي .

ربعا : بعض قرارات محكمة النقض المصرية
-نقض جلسة 25/12/1956 : أداء الواجب مانع المسؤولية .
4- نقض جلسة 11/04/1960 : لا طاعة لمخلوق في معصية القانون .

المطلب الرابع : رضا الجني عليه

أولا : معيار جرائم الرضاء
المعيار في تحديد جرائم الرضاء يستند إلى الحق المعتدى عليه , التساؤل هل يجوز للمجني عليه أن يتصرف في هذا الحق و هل يجيز القانون مثل هذا التصرف ٬ إذا كانت الإجابة بالإيجاب فتعدي على هذا الحق لا يشكل جريمة مثال ذلك حق الملكية فيجوز للمجني عليه أن يتصرف فيه و يجيز القانون هذا التصرف ٬ فادا طلب المجني عليه من الغير أن يتلف ما لا له جريمة لتوافر عنصر الرضاء .

ثانيا : شروط الرضاء :
1 – يتعين أن يكون المجني عليه مميزا أي مدركا للفعل و الآثار الناجمة عنه و خطورته ٬ ولا يرتبط سن التمييز بالقانون المدني بل بقانون العقوبات .
2- خلو الإرادة من العيوب التي يمكن أن يشوبها مثل الغلط و التدليس ٬ فلا عبرة برضاء زوجة اعتقدت ان شخص دخل عليها سريرها وواقعها انه زوجها ٬ لوقوعها في غلط صاحب إرادتها عند الرضاء .
3- المعاصرة الزمنية للرضاء مع الفعل الواقع على المجني عليه , فإذا كان الرضاء سابقا على الفعل منتفيا وقت وقوعه فلا عبرة به.

المبحث الرابع : الاعتراف المعفي من العقاب

المطلب الأول : جريمتي الرشوة و الاتفاق الجنائي

أولا : الإعفاء في جريمة الرشوة
يمتنع العقاب في هاتين الجريمتين في حالتين :
1- إخبار السلطات بالجريمة : الأخبار يعني إبلاغ السلطات بالجريمة قبل اكتشافها ٬ ذلك أن الإخبار بعد الاكتشاف عديم الجدوى , ويقصد بالسلطات هنا تلك الجهة المختصة بتلقي البلاغ ٬ سواء كانت إدارية يتبعها الموظف المرتشي أو جنائية كالشرطة أو النيابة العامة .
2- الاعتراف بالجريمة : إن الاعتراف غير مقيد بشرط زماني أو مكاني أو إجرائي , فيجوز ان يصدر في أي وقت و إما أي جهة ٬ لكن يفقد أثره إذا صدر عن الراشي أو الوسيط أمام سلطة التحقيق ثم عدل عنه الراشي أو الوسيط أما المحكمة فان المنفعة من ورائه تكون قد تخلفت .
بعض قرارات محكمة النقض المصرية
نقض جلسة 24/12/1951 – إعفاء الراشي لا يستتبع تعويضه ورد مبلغ الرشوة إليه .
نقض جلسة 18/04/1961 – لا إعفاء للراشي في جريمة عرض الرشوة من عدم قبولها .

ثانيا : الإعفاء في الاتفاق الجنائي .
يمتنع العقاب في حالتين :
1- الإخبار بجريمة الاتفاق الجنائي قد حدث قيل وقوع الجريمة وقبل البحث و التفتيش عن الجناة , ويجب ان يكون الإخبار عن ماهية الاتفاق الجنائي و المشتركين فيه محددا أسمائهم او الكشف عن شخصيتهم او محت إقامتهم .
2- الحالة التي يرضيها الجاني الاعتراف بعد وقوع الجريمة المتفق عليها فعلا , و قيام الحكومة بالبحث و التفتيش عن الجناة , هنا لكي يكون الإخبار و الاعتراف مفيدا يجب أن يوصل إلى ضبط الجناة الآخرين .
بعض قرارات محكمة النقض المصرية
نقض جلسة 26/01/1954 – بشرط آن يكون الإعفاء قبل وقوع الجريمة .

المطلب الثاني : الإعفاء في الجنايات و الجنح المضرة بأمن الدولة من جهة الداخل والخارج .

أولا : الجنايات و الجنح المضرة بأمن الدولة من الخارج
يستفيد من العذر من هاته الجرائم من يكون قد درا عن الدولة ضررا محققا ٬ بإبلاغه السلطات بأمر الجريمة التي تمس امن الدولة من جهة الخارج وذلك قبل وقوعها أو بعد دلك و أدى الإبلاغ إلى ضبط الجناة فانه يستفيد من عذر المعفي من العقاب في حالتين.
1- أن يبلغ الجاني سلطات الدولة بأمر الجريمة قيل بدأ تنفيذها و قبل البدء في التحقيق .
2- أن يبلغ الجاني بأمر الجريمة بعد حدوثها و بعد البدا في ضبطها .

ثانيا : الجنايات و الجنح المضرة بأمن الدولة من جهة الداخل
1- الإعفاء الجوازي : يجوز لمحكمة الموضوع أن تعفي أيا من الشركاء في هذا النوع من الجرائم إذا بادر الجاني بإبلاغ السلطات القضائية بهاته الجريمة بعد وقوعها , ولكن شريطة أن لا يكون قد صدر فيها حكم جنائي ٬ و يجب أن يكون الجاني الذي قام بالإبلاغ من الفاعلين الأصليين وان لا يكون محرضا على ارتكاب الجريمة.
2- الإعفاء الو جوبي : هناك حالتين للإعفاء الوجوبي الأولى هي حالة إخبار الحكومة بالجريمة قبل وقوعها البدء في ضبطها و الثانية هي حالة إخبار الحكومة بعد وقوعها و بعد البدء في التنفيذ.

المطلب الثالث: الإعفاء في جرائم اختلاس المال العام و العدوان عليه و الغدر .

اولا : الإعفاء الوجوبي
يعفى الشريك هنا من العقاب و تقضي ببراءته ٬ إذا هو بلغ السلطات بأمر الجريمة التي تساهم فيه إذا ثم ذلك قبل اكتشافها , و من ثم لا يمتنع من الإعفاء كل من ابلغ الجريمة التي ساهم فيها إذا تم ذلك قبل اكتشاف أمرها ٬ ولا يمتنع بالإعفاء كل من ابلع بارتكاب الجريمة وهو شريك بطريق التحريض .

ثانيا :الإعفاء الجوازي
يكون في حالتين الأولى تتعلق باعتراف الشريك من غير المحرضين بالجريمة او مر تكبيها بعد وقوعها ٬ وبعد اكتشافها أيضا بمعرفة السلطات المختصة و لكن قبل صدور الحكم الجنائي فيها.
أما الحالة الثانية فتتعلق باعتراف من أخفى مالا متحصلا من هذا النوع من الجرائم إذا أدى هدا الاعتراف إلى اكتشاف الجريمة ورد المال المتحصل منها .

المطلب الرابع : الاعفاء في الجرائم المسكوكات المقلدة أو المزيفة أو المزورة وجرائم التزوير

اولا : جرائم المسكوكات المقلدة أو المزيفة أو المزورة
حالة الإعفاء الوجوبي : يتمتع الجاني من الإعفاء بتوافر شرطين : أولهما أن يكون الإخبار قد تم قبل استعمال العملة المقلدة أو المزيفة أو المزورة ٬ والشرط الثاني ان يكون قبل شروع السلطات في التحقيق الواقعة , والتحقيق هنا بمعناه الواسع يتمثل في إجراءات الاستدلال التي تباشر ها الشرطة ٬ إما في تحقيق قضائي باشرته النيابة العامة ٬ و في حالة تعدد الجناة الذين اخبروا بالجريمة فالإعفاء يكون مستحقا للأسبق منهم ٬ إذ اللاحق لا يؤدي إخباره إلى خدمة الدولة .
2 – حالة الإعفاء الجوازي : في هاته الحالة يكون أمر الإعفاء الجاني متروكا لقاضي الموضوع ٬ يقدره بحسب ظروف كل حالة على حدة ٬ فادا انتهى اى أحقية الجاني للبراءة أو عدم أحقيته لها قلا تترتب عليه في ذلك طالما أعطى نسبيا كافيا ٬ وله سنده من الأوراق .
3- بعض قرارات محكمة النقض المصرية :
نقض جلسة 22/5/1951 -شرط الإعفاء و الإرشاد عن باقي الجناة .
نقض جلسة 18/2/1940 – العدول عن الاعتراف لا يحرم المعترف من الإعفاء .

ثانيا : الإعفاء في جرائم التزوير
1 حالة الإخبار : هي الحالة التي يعفى الجاني فيها تماما ٬ والمقصود بالتمام هو استعمال الأشياء المقلدة او المزورة او إدخالها إلى البلاد ٬ فيشترط ان يكون الإخبار قبل حدوث ذلك وإلا فقد قيمته .
كما يشترط للتمتع بالإعفاء أيضا ان يكون الإخبار قبل الشروع في البحث عن الجناة ويجب ان يكون إخباره متضمنا لمعلومات تساعد السلطات على معرفة باقي الجناة , و أن يكون الإخبار سابقا على الشروع السلطات المختصة في البحث عن الجناة بوسائل الاستدلال لأول تحقيق .
2 حالة تسهيل القبض على الجناة ٬ في هاته الصورة يأتي الإخبار بعد ان تكون الحكومة شرعت في البحث عن الجناة و عندئذ يلزم لكي يتمتع لإعفاء , أو من يساهم مع السلطات في عملية القبض على يعلمه من باقي الجناة ٬ فالفائدة التي يمكن ان تستفيد منها الدولة هي المساعدة التي يقدمها المبلغ ٬ بإعطاء المعلومات اللازمة للقبض عليهم .
3- بعض القرارات : نقض جلسة 17 /2/1936 العدول عن الاعتراف بعد تسهيل القبض لا يحرم المعترف من الإعفاء .

المطلب الخامس : الإعفاء في جرائم المخدرات

1 حالة إبلاغ السلطات العامة بالجريمة قبل علمها بها ٬ هنا يتمتع المبلغ بالإعفاء إذا هو بادر بالكشف عن الجريمة قبل علم السلطات بها ٬ فإذا علمت بالجريمة فان بلاغه يكون دون جدوى ٬ ويكفي أن تعلم السلطات بالجريمة ولو لم تكن تعلم بمرتكبيها
ولا يكفي أن يعترف المتهم بالجريمة أمام سلطات التحقيق حتى يتحقق الإعفاء إذ المفروض أن دلك تم بعد العلم بالجريمة ٬ بل يجب أن يتقدم المتهم أمام السلطات العامة و هي الجهات الأمنية المعنية بأمر جرائم المخدرات .
2 حالة إبلاغ السلطات العامة بالجريمة بعد علمه بها : الفائدة من هده الحالة أن المبلغ يؤدي خدمة للعدالة ٬ بمعاونتها على القبض على باقي الجناة بتقديم معلومات جدية ٬ أما إذا كانت هده المعلومات مشوهة و لم تؤد إلى القبض على باقي الجناة فان المبلغ لا يتمتع بالإعفاء .
و لا يكفي أن يتم القبض على جميع الجناة فيكفي أن يتحقق ذلك بالنسبة لمن يعلم أمرهم المبلغ إذ لا تكليف إلا بالمقدور .
3- بعض قرارات محكمة النقض المصرية :
نقض جلسة 26/ 12/1971 – لا يجوز الإعفاء إلا بعد إسباغ الوصف القانوني الصحيح على الواقعة.
نقض جلسة 15/10/1972 – لكي يقضي القاضي بالإعفاء يجب التمسك أمامه بذالك.