بحث قانوني و دراسة عن أثر التطبيقات العملية في الكشف على محل الجريمة

المحقق القضائي / رحيم خليفة عبيد العبيدي

المقدمة

الكشف على الجريمة هو مشاهدة المكان الذي وقعت فيه الجريمة وحالة المجنى عليه وحالة المتهم إذا كان مقبوضاً عليه ووصف كل ذلك بصورة دقيقة وشاملة ويعتبر الكشف من أهم الإجراءات التحقيقية ويحتل المرتبة الأولى بين إجراءات التحقيق المختلفة فهو يعبر عن واقع الحادثة تعبيراً شاملاً وصادقاً ودقيقاً فيزود المحقق بصورة واضحة لمكان الجريمة وإثباتها أو نفيها وكيفية ارتكابها وما يتصل بها من أثار تفصح عن الجاني أو الجنات فالكشف يعطي صورة متكاملة عن الواقعة منذ بدايتها حتى نهايتها ولا يكون الكشف كاملاً ما لم يكون صورة طبق الأصل لمكان الحادثة كما تركه الجاني وكما يراه المحقق إذ أن الغاية منه ليست فقط مجرد استنتاج المحقق بل تمكين الاتهام والدفاع والقضاء وكل ذي شأن في الدعوى من تصور حقيقة محل الحادثة . ويمكن تقسيم موضوع بحثنا الكشف على محل الجريمة وسبل التطبيق العلمي على ثلاثة مباحث :

المبحث الأول : الإجراءات المتبعة في الكشف على محل الحادث .
المبحث الثاني : موضوع الكشف على محل الحادث .
المبحث الثالث : مدلول الكشف على محل الحادث .

المبحث الأول
الإجراءات المتبعة في الكشف على محل الحادث

هناك إجراءات يجب على المحقق القضائي أن يتبعها عند القيام بإجراء الكشف على محل الحادث وهي مايلي :

أولاً: الإسراع في الكشف على محل الجريمة :

لا يتم الكشف إلا إذا انتقل المحقق القضائي إلى محل ارتكاب الجريمة , وكل ما كان انتقاله سريعاً كل ما كان كل ما كان ذلك أفضل , كما قال أدمون لوكار (أن لساعات البحث الأولى قيمة لا تقدر لأن الوقت الذي يمر هو الحقيقة التي تفر) فعامل السرعة له أهمية قصوى من حيث مخلفات الحادث , فالمحقق الذي يستطيع أن يستفيد من هذا العامل تكون إمكانية نجاحه في التحقيق أكبر , أن مرور وقت طويل على الجريمة يؤدي إلى ضياع أو تغيير معالمها أما بفعل الطبيعة أو بفعل الأشخاص الذين لهم علاقة بالحادثة أو بفعل أشخاص لا تربطهم بالجريمة أي صلة .

ثانياً: احتياطات الكشف في محل الحادث :

لما كان الكشف ذا أهمية خاصة بالنسبة للتحقيق وجب على المحقق أن يتخذ كافة الاحتياطات اللازمة للمحافظة على محل الحادث كما تركه الجاني , أن أول شي يجب على المحقق أن يتأكد منه عند وصوله الى محل ارتكاب الجريمة هو بقاء كل شيء في محله على الحالة التي تركها فيها المجرم فعليه أن يتحرى عن الشخص الذي نقله والأسباب التي دفعته إلى هذا النقل ليكون باستطاعته إعادة الحالة إلى سابق وضعها حتى يكون بإمكانه الاستنتاج والاستدلال حول الجريمة وظروفها وأسبابها بصورة صحيحة فإذا علم بأن الجثة قد نقلت من مكانها وجب عليه أثبات ذلك والتأكد من الوضعية الحقيقية التي وجدت فيها الجثة قبل النقل وعليه أيضاً التمييز بين أثار الأقدام وطبعات الأصابع التي وجدت في المكان قبل وقوع الحادثة وتلك التي حدثت بعد ذلك بدخول الذين جاءوا بعد العلم بوقوع الجريمة إن بيان الأمور هذه وتحديدها له من الأهمية ما يساعد سير التحقيق وتكوين الرأي الصحيح ذلك لأن الأشياء التي توجد في مسرح الجريمة يتغير مدلولها بتغير مواضعها وحالتها التي كانت عليه بعد وقوع الجريمة مباشرة فإذا وجدت سكين بجوار جثة قتيل ملوثة بالدماء يجوز إن يكون القتل انتحاراً ولكن إذا تم العثور على هذا السلاح الذي أستعمل في القتل مخبأ تحت الفراش أو ملقى في بالوعة أو حفرة كانت فكرة احتمال الانتحار بعيدة لا يعقل إن يقتل شخص نفسه انتحاراً ويخفى السلاح .

ثالثاً : الوصف في محل الحادث :

بعد إن ينتقل المحقق إلى محل ارتكاب الجريمة عليه إن يصفه وكذلك ما يحتوي عليه وصفاً دقيقاً وشاملاً والوصف إما إن يكون بالكتابة أو بالتصوير الشمسي أو بالرسم الهندسي .

1 ــ الوصف بالكتابة :

يعتبر الوصف بالكتابة من أقدم الوسائل المستعملة في أعطاء صورة واضحة لمكان الواقعة وبالرغم من إن هذا النوع من الوصف يعتبر من أهم الطرق التي تساعد على فهم الحادث ألا إنه قد فقد جزءاً من أهميته في أعطاء القاضي صورة دقيقة لمسرح الجريمة كما تركه المجرم خاصة بعد إدخال التصوير الشمسي والرسم الهندسي اللذان قللا من أهمية الاعتماد على الوصف بالكتابة , غير أن هذه الطريقة لا زالت تقوم بدورها المعتبر في عملية الكشف والمحقق في وصف في محل الحادث كتابه عليه أن يتجنب استعمال الجمل المبهمة التي لا تدل على دقة ما ترمي بالضبط , فالوصف يجب أن يكون خالياً من الإبهام تجسده ألفاظ وجمل سهلة رصينة وعلى المحقق أن يراعي فيه الترتيب , فيبدأ بالعموميات وينتهي بالجزئيات ولا ينتقل من نقطة إلى أخرى ألا بعد استيفاء كل ما يخصها دون إهمال شيء يجب وصفه وبذلك يتلافى الخطأ والنسيان وعلى المحقق أن يثبت ويصف جميع الآثار والأشياء الموجودة في محل الحادث مهما بدت تافهة وعديمة الأهمية , إذ ما تكون هذه الأشياء التافهة مفتاح الجريمة .

2 ــ التصوير الشمسي :

يعتبر الوصف لمحل الواقعة بواسطة التصوير الشمسي مكملاً للوصف بالكتابة حيث أن هناك بعض الجرائم نظراً لطبيعتها لا يمكن أن يقتصر وصفها بواسطة الكتابة فقط بل يجب أن يكمل هذا الوصف بالتصوير الشمسي أيضاً كحوادث اصطدام السيارات والحرائق إذ أن الوصف بالتصوير الشمسي يكون غالباً أحسن طريقة وأحياناً الطريقة الوحيدة التي تسجل وتوضح مسرح الجريمة بتفصيلاته الدقيقة أن الصورة الفوتوغرافية تظهر بوضوح مواقع الأشياء في مسرح الجريمة وتستخدم كدليل لإسناد موقف المحقق بما وجد المسرح وكل ما يتعلق بالشيء الموجود من حيث محلة وطبيعته وشروطه الخاصة به ومن أهم مميزات التصوير الشمسي أنه يعطي صورة طبق الأصل لمسرح الجريمة بالحالة إثبات بعض الأمور في محل الواقعة والتي يكون في ذكرها أهمية خاصة في التحقيق فأن الصورة الفوتوغرافية تأتي فتظهر جميع ما يشتمل عليه مسرح الجريمة فلا تغفل منه شياً .

3 ــ الرسم الهندسي :

يوضح الرسم الهندسي مسرح الجريمة فهو يكمل الوصف بالكتابة والصورة الفوتوغرافية ويبين ما يعجزان عن إيضاحه وذلك كبيان العلاقة بين شيئين عن طريق بيان حجمهما وتحديد أبعداها والمسافة بينهما وتبدوا أهمية الرسم الهندسي بوضوح بالنسبة لحوادث معينة كالإصطدامات المختلفة والحريق العمد والقتل والسرقة ويتوقف حكم القاضي أحياناً وخاصة في حالات الأصطدامات على الرسم الهندسي إذ أنه يبين بطريقة دقيقة معتمدة على القياسات حالة الطريق وعرضه وطول الموقفات واتجاهها وبعد السيارة التي نجم عنها الحادث عن غيرها ولكي يحقق الرسم الهندسي الغاية من الانتقال بسرعة إلى محل الحادث بمجرد وصول الأخبار عنه قبل إن يبدأ أحد بتغيير الأشياء التي يجب رسمها لفائدتها بالتحقيق .

4 ــ الاستنتاج والاستدلال :

على المحقق إن يذكر في محضر الكشف ما استنتجه من عملية الكشف على محل الحادث مبيناً كيفية دخول المجرم محل ارتكاب الجريمة والطريقة التي نفذ بها فعله الإجرامي وكيفية خروجه من محل الحادثة مع بيان رأيه في أسباب القتل فيما إذا حصلت الوفاة وعلى المحقق إن يحرر محضر الكشف في محل الحادثة لأن تحريره بعدئذ يؤدي إلى نسيان أو إهمال أثبات أشياء أو أمور لها علاقة بالجريمة أو بالفاعل ولو كانت تافهة ألا أن نتائج عدم ذكرها قد تكون عظيمة الأهمية في التحقيق .

المبحث الثاني
موضوع الكشف على محل الحادث الأمور التالية

يشمل الكشف على محل الحادث الأمور التالية :

أولاً: إثبات حالة المكان الذي وقعت فيه الجريمة :

أن مكان وقوع الجريمة إما أن يكون مسوراً داخل حدود معينة كالمساكن والمخازن والفنادق أو أن يكون فير مسور كالمزارع والطرق والساحات العامة على المحقق في هذه الحالات أن يتخذ طريقة خاصة عند قيامه بأجراء الكشف على محل ارتكاب الجريمة ويكون ذلك في حالة المكان المسور بكشفه من الخارج أولاً ومن الداخل ثانياً والجزء من المكان الذي وقعت فيه الجريمة ثالثاً .

1 ــ إثبات حالة مكان وقوع الجريمة من الخارج :

عند وصول المحقق إلى مكان وقوع الجريمة يدون ساعة وصوله وأسماء الأشخاص الذين بصحبته يبدأ بوصف الماكن من الخارج ببيان موقع المكان وحدوده وما يحيط به من طرق وأسوار وحدائق ومنازل ويستطيع المحقق أن يسترشد عند الضرورة بمن في المنزل من أصحابه إذا أحتاج إليهم لإكمال معلوماته فيستفسر منهم عن حالة الأبواب والشبابيك الخارجية للمكان قبل وقوع الجريمة وبعده حتى يتعرف على الطريق الذي سلكه المجرم عند دخوله محل الحادثة كأن يكون ذلك عن طريق ثقب حائط أو سقف أو تسلق جدار أو كسر شباك فأن أستطاع أن يقف على شيء من هذا القبيل وجب عليه وصفه وصفاً دقيقاً مع إثبات حالته التي وجد عليها ويجب على المحقق أن يكتب وصفاً كاملاً لكل ما يعثر عليه حول المداخل الاعتيادية لمكان الجريمة أو حول المدخل الذي أحدثه المجرم كطبعات الأصابع وأثار الأقدام أو البقع ويحتفظ بكل ما يجده من هذه الآثار لعرضه على الخبراء بعد ذلك وعلى المحقق أن يذكر في محضر الكشف الذي يحرره الطريق الذي سلكه المجرم لمحل ارتكاب الجريمة وخروجه منه مستدلاً بذلك من الآثار التي عثر عليها عند أجراء الكشف .

2ــ إثبات حالة مكان وقوع الجريمة من الداخل :

بعد أن يثبت المحقق حالة المكان من الخارج يأتي ويثبته من الداخل عن طريق أجراء وصف شامل وعام لجميع مشتملاته كالغرف والقاعات والمرافق الأخرى وبيان موقعها ومحتوياتها وما يعثر فيها من الآثار التي تركتها المجرم كالبقع والآلات والأسلحة والأحذية والمفاتيح والتغيير الذي حصل فيها مع ذكر أوصافها بالتفصيل .

3 ـ إثبات حالة الجزء من المكان الذي وقعت فيه الجريمة :

بعد أن ينتهي المحقق من تثبيت حالة المكان من الداخل ينتقل الى الجزء من الأماكن الذي وقعت فيه الجريمة مادياً , وذلك في الغرفة التي وجدت فيها الجثة أو التي سرقت منها النقود أو التي اشتعلت فيها النار ويثبت حالة كل ذلك بالتفصيل , أن الوصف الدقيق لمكان الجريمة يعتبر أهم وثيقة في ملف الدعوة والأساس الضروري لجميع التحريات التي تقوم بها من يهمة التحقيق لغرض الوصول إلى الحقيقة .

4 ــ إثبات حالة المكان الغير المسور :

إذا كان المكان المراد إثباته غير مسور فعلى المحقق أن يتبع الخطوات التالية :

أ ــ بيان موقع المكان بالنسبة إلى الجهات الأربع الأصلية بالنسبة إلى أقرب موقع ثابت منه كجسر مثلاً مع ذكر المسافة التي تفصله عن أقرب مركز للشرطة .

ب ــ وصف حالة الأرض بصورة عامة هل هي مزروعة او غير مزروعة , وإذا كانت مزروعة فما هي أنواع النباتات والأشجار التالفة وغير التالفة ومقدار هذا التلف وكيفية حصوله .

ج ــ وصف الآثار التي تركها المجرم في محل الحادثة كآثار الأقدام وغيرها .

د ــ تعيين الطريق الذي سلكه الجناة في دخولهم وخروجهم من محل الحادثة والوسيلة التي استعملت في الانتقال كالسيارات أو العربات أو مشياً على الأقدام .

هـ ــ الوصف الدقيق لجسم الجريمة .

ثانياً: أثبات حالة المجنى عليه :

أن المجنى عليه أما ان يكون ميتاً أو حياً وفي الحالتين يجب الإسراع في أثبات حالته وذلك خوفاً من ضياع ما عليها من آثار ففي حالة الوفاة يجب على المحقق إثبات حالة المحل الذي وجدت فيه الجثة بالتفصيل وبيان وضعية الجثة وتعيين الأشخاص الذين عليها وبيان ما فعلوا بها عند اكتشافها كنقلها إلى محل آخر وما سبب هذا النقل ووصف شاملاً ودقيقاً جنس صاحبها والعمر التقريبي وطول القامة والعاملات الفارغة والآثار التي تركت عليها كالجروح والكدمات وبيان موقعها وفحص الملابس الموجودة على الجثة ووصفها وصفاً دقيقاً وكل ما يوجد فيها من تمزق أو فقدان وما عليها من بقع ووصف الجروح التي فيها وبيان سبب الوفاة وبيان ما يوجد حول الجثة من أسلحة وآلات وأمتعة وملابس وآثار أحذية وغيرها من الأشياء التي لها علاقة بالجريمة وفاعلها والتي قد تساعد على التثبت من شخصية صاحب الجثة إذا كان مجهول الهوية أما إذا كان المجنى عليه حياً ويتم ذلك بفحص جسمه فحصاً دقيقاً مع بيان ما به من خدوش وجروح وكدمات وبقع وما إلى ذلك مع بيان شكلها ومساحها وتعيين مواقعها وتاريخ حدوثها والآلة التي أحدثتها وهل من الممكن أحداثها من قبل المجنى عليه .

ثالثاً : إثبات حالة المتهم :

قد يترك الفعل الذي يرتكبه الجاني آثاراً في جسمه أو ملابسه فيجب على المحقق والحالة هذه فحص جسم المتهم واثبات ما يوجد بالوجه واليدين والقدمين وسائر الأعضاء من خدوش وكدمات وجروح وآثار أسنان مما ينشأ عن المقاومة التي يلاقيها من قبل المعتدى عليه مع فحص ملابسة أيضاً وما بها من بقع أو تمزقات والاستفسار منه عن أسباب وجوده وتاريخ حصولها حتى يمكن معرفة ما إذا كان حدوثها يتفق مع تاريخ الحادثة أو لا .

المبحث الثالث
مدلول الكشف على محل الجريمة

يستدل من الكشف على محل ارتكاب الجريمة خاصة إذا قام به المحقق بدقة وترتيب على أمور كثيرة سواء ما تعلق بها بالجريمة المرتكبة أو الجاني او بإرشاد المحقق على القيام ببعض الإجراءات التحقيقية التي من شأنها أن تساعده على للوصول للحقيقة , ويمكن تقسيم ذلك إلى مطلبين :

المطلب الأول : مدلول الكشف بالنسبة إلى الجريمة

يبين الكشف فيما يتعلق بالجريمة الأمور الآتية :

1 ــ وجود الجريمة :

أن الكشف يبين حقيقة وقوع الفعل المكون للجريمة مادياً كان تشاهد آثار الحريق أو جثة القتيل أو الدولاب المكسور إلى آخره .

2 ــ كيفية حدوث الجريمة :

فوجود كسر في باب المنزل الخارجية أو فجوة في أحد جدرانه يدل بوضوح على أن الجريمة وقعت بكسر أو ثقب .

3 ــ مكان ارتكاب الجريمة :

العثور على الجثة في غرفة بالمنزل وبجوارها كمية كبيرة من الدماء يدل دون أدنى شك على حصول عملية القتل في هذه الغرفة نفسها أما إذا وجدت الجثة مذبوحة بآلة حادة ولم يعثر المحقق على بقع دموية في أرضية الغرفة هذا يدل بلا شك على حصول القتل في مكان آخر نقلت الجثة ووضعت في هذا المكان .

4 ــ وقت ارتكاب الجريمة :

يستطيع المحقق بمعاونة الطبيب الشرعي أن يتوصل الى معرفة تاريخ الوفاة مثلاً أو تاريخ حدوث الجروح وذلك من لونها وما يطرأ عليها من تغييرات مختلفة .

5 ــ أداة ارتكاب الجريمة :

إذا وجد المحقق أن المجنى عليه مذبوحاً فأن ذلك يدل على أن القتل كان بسكين أو بأية آلة حادة آخرى حسب ظروف الحال .

6 ــ طريق دخول الجاني وخروجه :

ويكون ذلك واضحاً من خلال اتجاه آثار الإقدام وخط سيرها كما تدل الآثار على حركة وتنقل الجاني في مكان الجريمة .

7 ــ سبب الجريمة :

وجود المجنى عليه مقتولاً في غرفة نومه وأثاثها مبعثر والنقود التي في الدولاب مسروقة يدل على الأرجح بأن سبب القتل هو السرقة أما إذا وجدت جثة المجنى عليه ولم يكن هناك فقدان من محتوياتها أو بعثرة في أثاثها فأن ذلك يدل على الأغلب أن سبب الجريمة هو الانتقام لا السرقة .

المطلب الثاني : مدلول الكشف بالنسبة للمجرم

يبين الكشف فيما يتعلق بالمجرم الأمور التالية :

1 ــ شخصية المجرم :

وجود طبعات أصابع المجرم في محل ارتكاب الجريمة يدل غالباً على شخصيته كما يدل على ذلك أيضاً وجود آثار أقدامه خاصة إذا كانت عارية .

2 ــ عادات المجرم وصفاته :

أن عثور المحقق في مكان الجريمة على أعقاب سكاير يدل على أن الجاني ممن اعتادوا التدخين وقد يستفاد من آثار الإقدام على أنه أعرج أو طويل القامة وقد يشير موضع الإصابة وشدتها كذلك الى قوة الجاني البدنية .

3 ــ مهنة المجرم :

إذا وجد أن باب الدار المسروقة قد فتحت بطريقة محكمة وفنية فأن ذلك غالباً ما يدل على مهنة المجرم كأن يكون نجاراً أو حداداً والجثة المقطعة بمهارة قد يستدل منها على أن المجرم قد يكون جزاراً أو طبيباً أو طباخاً .

4 ــ معرفة المجرم مكان الجريمة :

أن سرقة مبلغ معين من النقود من درج معين في دولاب دون بعثرة محتوياته يدل بوضوح على معرفة المجرم السابقة لهذا المكان قبل السرقة وهذا من شأنه أن يحصل التحقيق في أشخاص معينين بالذات .

5 ــ معرفة المجرم للمجنى عليه :

كما إذا وجد في محل ارتكاب الجريمة آثار أن المجرم قام بجريمته متنكراً أو ثبت أثناء التحقيق أن المجرم قد غير من شكله أو هيئته أو قام بطعن المجنى عليه من الخلف حتى لا يراه ويميزه .

6 ــ عدد الجناة:

ويستدل ذلك من أمور عديدة كوجود آثار الإقدام وطبعات أصابع مختلفة ومتعددة في محل ارتكاب الجريمة أو حالة الشيء المسروق وحجمه ووزنه أو تعدد واختلاف أنواع الإصابات في المجنى عليه .

الخاتمة

وفي الختام نقول أن الكشف على محل الحادث يعتبر أهم أجراء تحقيقي من إجراءات التحقيق المختلفة يعد الخطوة الأولى في البحث عن الحقيقة ومعرفة المجرم في الجريمة وظهور الحقيقة وكلما تأخر المحقق عن الخروج إلى محل الحادث كلما ضاعت معالم الجريمة وضاعت الحقيقة وفلت المجرم من الجريمة .