خصخصة التدخل الدولي الإنساني

د/ مرغني حيزوم بدر الدين، أستاذ محاضر أ أحمودة محمد البشير، باحث دكتوراه

قسم الحقوق، جامعة الوادي/ الجزائر قسم الحقوق، جامعة الوادي/ الجزائر

ملخص

لقد كان للمتغيرات الكبيرة التي شهدها المجتمع الدولي بعد نهاية الحرب الباردة، وتزايد المخاطر التي تهدد الأمن الدولي نتيجة لكثرة الحروب الأهلية والنزاعات الداخلية، وما رافقه ذلك من انعدام لأمن الجهات المعنية بتقديم المعونة الإنسانية، بالغ الأثر في التوجه نحو التعاقد مع شركات أمنية خاصة للقيام بعمليات التدخل الدولي الإنساني، وذلك في ظل إحجام عديد الدول عن إقحام جنودها في نزاعات خارجية، وهو ما سنتطرق له في هذه الدراسة من خلال الخوض في الجدال القانوني حول مدى شرعية الإستعانة بالشركات الأمنية الخاصة في هذا المجال، وتحديد قواعد المسؤولية لكل المخاطبين بهذا الموضوع، مع البحث في أسباب زيادة التعاقد مع هذه الشركات، وعرض نماذج عملية لعمل هذه الشركات في إطار التدخل الدولي الإنساني.

الكلمات المفتاحية: الشركات الأمنية، التدخل الإنساني، المسؤولية الدولية، الأمم المتحدة.

Abstract:

The great changes the world community has undergone following the end of the cold war, as well as the increasing risks that threaten global security because of the growing number of civil wars and internal disputes with all the insecurity that accompanies the work of those responsible. Humanitarian aid, all of this had a great impact on the direction of signing contracts with private security companies to carry out international humanitarian intervention operations. This is also due to the abstention of several countries to involve their soldiers in external disputes, a debate that we will address during this study through the legal discussion on the legitimacy of the intervention of private security companies in this area. domain and the determination of the responsibilities of all concerned by this subject while investigating the causes of the increase of this kind of contract with these companies and by exposing practical examples of their work in the world humanitarian intervention.

Keywords: Security companies, Humanitarian intervention, International responsibility, The United Nations

مقدمة:

بالرغم من الشعور السائد بعد الحرب العالمية الثانية بضرورة السعي نحو تثبت السلم والاستقرار، والسعي نحو إنشاء عالم خالي من الحروب، إلا أن الخلاف دائما ما كان يحتدم حول الوسائل التي من شأنها إحلال السلم في العالم، فكانت إشكالية استعمال الحرب كوسيلة لإيقاف الحرب مطروحة منذ نشأت الأمم المتحدة، حيث لم يستطع المجتمع الدولي حسم هذه المسألة خلال الحرب الباردة نظرا لتضارب المصالح بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي، وبقي الأمر كذلك حتى نهاية الحرب الباردة وما صاحبها من تغير في مقاربة الأمن العالمي بظهور أبعاد جديدة للأمن، كالبعد الاجتماعي والاقتصادي والثقافي وحتى البيئي….

ويعد الأمن الإنساني أحد أهم إفرازات هذه المرحلة، حيث صار من الممكن حماية الفرد من دولته عند انتهاك حقوقه، وانتقلت حقوق الانسان من الاختصاص الداخلي للاختصاص الدولي، ومما ساعد على ذلك ظهور أنماط جديدة من الصراعات الداخلية والإقليمية الدامية، والتي خلفت معها كوارث إنسانية دفعت الأمم المتحدة للتدخل في الكثير من مناطق الصراع في العالم، كالبوسنة الهرسك سنة 1992-1995، والصومال سنة 1993-1995. لكن مع عدم تحقيق تدخل الأمم المتحدة للأهداف المرجوة في هذه المناطق، فقد كان لجرائم الإبادة الجماعية المرتكبة في رواندا سنة 1994، والتي وقفت هيئة الأمم المتحدة عاجزة عن التصرف إزاءها، كما أن الصور المروعة التي كانت تبثها شاشات التلفزيون العالمية من كل من مقاديشيو وكيغالي، كل ذلك زاد من النداءات الداعية لضرورة جعل آليات التدخل الدولي الإنساني أكثر فعالية استجابة لتحديات مرحلة ما بعد الحرب الباردة، بل طالب البعض بالتدخل حتى خارج إطار مجلس الأمن في حالات الضرورة، لكن بين الآمال المعقودة على دور هيئة الأمم المتحدة، وبين الإمكانيات المحدودة لتحقيقها ظهرت فجوة كبيرة، دفعت القائمين على هذه الهيئة للتفكير في البدائل المتاحة، في وقت كانت الشركات العسكرية والأمنية الخاصة في تطور متصاعد منذ الثمانيات، مما جعلها البديل المتاح في ظل إحجام الدول عن الاستجابة لنداءات الأمم المتحدة، وخاصة مع تعطل العمل بالمادة 43 من الميثاق، هذا البديل الذي طرح ومنذ الوهلة الأولى إشكاليات قانونية عويصة، جعلت منه مثار جدل بين فقهاء القانون الدولي حول شرعيته، وقدرته على تقديم الإضافة في التدخل الدولي الإنساني، خاصة في ظل افتقار القانون الدولي لنصوص منظمة لهذه الشركات التي شهدت تطورا متسارعا جدا في غياب مواكبة قانونية داخلية ودولية، وهو ما سنحاول تبيانه من خلال هذه الورقة البحثية.

المبحث الأول: مشروعيّة الاستعانة بالشركات الأمنية في التدخل الإنساني

إن الاستعجال الذي طبع الاستعانة بهذه الشركات في التدخل الدولي الإنساني، جعل دراسة مشروعية هذا العمل، على الرغم من أهميته، مسألة لم تأخذ حيزا كبيرا وجديا من الاهتمام، فكانت الأولوية لتأمين الأعمال الإنسانية، حيث صدرت في أكتوبر 2002 ورقة بعنوان “الشركات الأمنية الخاصة والعون الإنساني” كتبها مارتن باربر من مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية[1]، وقال فيها بأن الأمم المتحدة قد أصدرت توجيهات لممثليها في أماكن العمل حول استخدام الشركات الأمنية الخاصة وشرط الاستخدام الأساسي أن تكون الشركة مسجلة بواسطة حكومة البلاد التي يمارس فيها العمل، وأن توافق الحكومة على عملهم في عقد محدد، حيث أشارت هذه الورقة إلى الاستعانة بالشركات الأمنية في العمل الإنساني دون أن تجزم بمدى شرعيتها واعتبرت أنه “من الصعوبة بمكان العثور على حقيقة الأمر”[2]، لكن مع مرور الوقت وظهور تداعيات خطيرة وانتهاكات صارخة للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، أصبحت الحاجة ملحّة لدراسة الأسس القانونية الضابطة، وقواعد المسؤولية عن التعاقد مع هذه الشركات، وهو ما سنحاول تفصيله في هذا المطلب.

المطلب الأول: الأساس القانوني للتعاقد مع الشركات الأمنية في التدخل الإنساني: لقد أثير كثير من النقاش عن مدى شرعية اللجوء إلى الشركات العسكرية والأمنية الخاصة في تأمين العمل الإنساني بصفة عامة، والتدخل الدولي الإنساني بصفة خاصة، حيث انقسمت الآراء إلى مؤيد ومعارض، حيث سنعرض كلا الرأيين وما استندا له من حجج كما يلي:

الفرع الأول: الرأي المؤيد للتعاقد مع الشركات الأمنية في التدخل الإنساني: يرى هذا الاتجاه أن الشركات العسكرية الأمنية في الحقيقة جاءت لتكون الحل الأمثل لمعضلة التدخل الدولي الإنساني في حد ذاتها والتي تطرح أربعة إشكاليات أساسية لا يمكن تفاديها إلا بالاستعانة بهذه الشركات.

1- العقد الاجتماعي للدول المتدخلة: إن التدخل الدولي الإنساني هو في الحقيقة خروج من قبل السلطة المتدخلة عن التفويض الذي تمارس من خلاله أعمالها بموجب العقد الاجتماعي الذي يربطها مع الشعب الذي تحكمه، لأن وظيفة السلطة الحاكمة هي حماية شعبها ورعاية مصالحه المادية، وعدم تعريض جزء منه للخطر بأي حجة كانت. فإذا كان التدخل الدولي الإنساني هو واجب تمليه كل الأخلاقيات والأعراف والقوانين الدولية، فإنه يعبر عن تدخل السلطة لحماية مصالح الآخرين على حساب مواطنيها، فثمن هذا التدخل هو تعريض الجيوش المتدخلة للخطر بالإضافة إلى الكلفة المادية التي تقتطع من ميزانياتها والتي من المفترض أن تصرف في تنمية شعوبها ورفاهيّتها، فالجيش إنما أنشأ للحفاظ على مصالح الدولة وشعبها. من هذا المنطلق يكون الحل هو اللجوء للشركات الأمنية والعسكرية الخاصة في حل هذه المعضلة، والتوفيق بين واجبات الدولة الداخلية، والتزاماتها الأخلاقية الخارجية، من خلال القيام بالتدخل الدولي الإنساني نيابة عنها وتجنيبها أثمانه الباهظة.

لكن من جهة أخرى فإن مصالح الشعوب والدول لا يمكن حصرها بالحدود الجغرافية، فالحفاظ على الديمقراطية، وقيم الحرية، وحقوق الإنسان في العالم، هي من أهم المصالح التي ينبغي الحفاظ عليها لكل الشعوب، كما أنه لا يمكن أن نتجاهل الثمن المادي الذي تدفعه الشعوب من قوتها لتمويل الشركات العسكرية والأمنية الخاصة، فلو اعتمدنا على هذه النظرة في ضرورة تجنب دفع أثمان التدخل الإنساني، وصرف مقدرات الشعوب على مصالحها الضيقة، لكان هذا سببا في عدم التعاقد مع هذه الشركات.

2- عدالة تقاسم تكاليف التدخل بين الدول: حيث أن التدخل الدولي الإنساني عن طريق الجيوش النظامية، يؤدي إلى تحمل بعض الدول تكاليف هذه العمليات البشرية والمادية دون الأخرى، بالرغم من أن الفائدة تحل على الجميع، فالاستعانة بهذه الشركات التي لا تعتبر في جد ذاتها متدخلة، لكنها مجرد أداة لهذا التدخل الدولي، يؤدي إلى تقاسم التكاليف المادية لهذا التدخل من قبل دول الأمم المتحدة من خلال المساهمة المالية العادلة.

لكن حتى التدخل بصيغته الحالية، من هذه الناحية يتم بشكل عادل من خلال مساهمة كل دول الأمم المتحدة في ميزانية حفظ السلام بطريقة عادلة، وحتى الدول المتدخلة في مثل هذه العمليات فإن الأمم المتحدة ملزمة بتعويضها ماديا، لذاك فإن مسألة العدالة في تقاسم التكاليف ليست مبررا كافيا لتفضيل الشركات الخاصة عن الجيوش النظامية.

3- النظام القانوني للخدمة العسكرية في الجيوش النظامية: تحتوي قوانين الكثير من الدول على مواد تحرم التدخل الجيش أو إرساله إلى أي مهمة خارج الإقليم الوطني[3]، كما أن العقود المبرمة بين المجند والمؤسسة العسكرية، والقسم الذي يقسمه الجندي عند التحاقه بالجيش النظامي لا يحتوي في غالب الأحيان عن هذا النوع من المهام التي يمكن أن توكل له في يوم من الأيام، مما يجعل الزج به في مثل هذه الأعمال مخالف لنصوص القانون والاتفاق، أما الشركات العسكرية والأمنية الخاصة فعقودها سواء مع المنظمة الدولية، أو مع موظفيها تشتمل القيام بمهمات أكثر تحديدا ودقة.

إن هذا المبرر يتجاهل بشكل أساسي الحالة الطارئة والاستعجالية للتدخل الدولي الإنساني، كما تتجاهل الهدف السامي لهذه العمليات التي تستهدف بالأساس تحقيق العدالة والحفاظ على الإنسان من خلال منع الجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الإبادة الجماعية، وإحلال السلام في العالم، كما أن القوانين الداخلية يمكن أن تعدل بموجب اتفاقيات دولية ملزمة للدول بضرورة المشاركة في هذه الأعمال الإنسانية.

الجدير بالذكر أن بعض الدول تشتمل قوانينها على نصوص تشير إلى مشاركة الجنود النظاميين في عمليات السلام، مثل القسم العسكري في القوات البريطانية، وقانون الولايات المتحدة الأمريكية الذي يشير إلى الطابع العالمي للحروب التي قد يشنها الجيش الأمريكي.[4] الفرع الثاني: الرأي المعارض للتعاقد مع الشركات الأمنية في التدخل الإنساني: وترتكز وجهة النظر هذه على مبررات ثلاث هي:

1- غياب الدافع الإنساني لدى الشركات العسكرية والأمنية الخاصّة: من المعروف أن الطبيعة الخاصة للعمل الإنساني، التي تقتضي التحلي بالرغبة الذاتية في رفع المعاناة عن الآخرين، انطلاقا من المبرر الوحيد وهو الإنسانية، ولقد حاول المشتغلون بهذا المجال جاهدين تحييد العمل الإنساني عن المظاهر المسلحة، مكتفين بثلاثية الحياد والنزاهة والاستقلالية، فعسكرة العمل الإنساني جاءت بعد جدل كبير بسبب الأخطار الكبيرة التي أصبحت محدقة به بعد نهاية الحرب الباردة، ودخول هذه الشركات الخاصة في هذا المجال قد يزيل عنه الطابع الإنساني، ذلك أن العاملين في هذه الشركات يفتقدون عموما للشعور الإنساني الذي يتطلب الكثير من المرونة والتضحية، فتقييم الخطر لدى العامل في الميدان الإنساني يأتي في مرتبة ما بعد القيام بالمهمة الإنسانية، بحيث لا يكون الخطر حائلا دون القيام بالمهمة، عكس الرجل العسكري الذي تكون أولويته مجابهة الخطر على القيام بالمهمة الإنسانية، مما قد يجعله طرفا في النزاع.

إن الحالة المثالية التي يجب أن يكون عليها العمل الإنساني هي أن يكون خاليا من العسكرة بكل أشكالها، لكن مع الأخطار المحدقة به، وعزوف الدول عن إرسال جنودها لـتأمينه، تصبح الشركات الأمنية حتمية لا مناص منها، فهذه الشركات وحين مشاركتها في هذا المجال هي في الحقيقة لا تشارك بصفة مباشرة في الأعمال الإنسانية، ولكن يختصر دورها في التسيير والتعامل من الأخطار أمنية وحسب، ولا يمكن له أن يلغي دور المنظمات الدولية، أو الوكالات المتخصصة. لكن ما ينبغي التركيز عنه، هو ضمان الحياد في عمل هذه الشركات وعدم استعمال القوة إلا في حدود الدفاع الشرعي عن النفس وحماية العاملين في المجال الإنساني.

2- تهرب الدول من التزاماتها: يرى المعارضون لاستخدام الشركات العسكرية والأمنية الخاصة أن الدول الكبرى تتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية في تدهور الحالة الإنسانية في الدول الفقيرة والمضطربة، فبعد عشرات السنين من الاستعمار والاستغلال، تركت هذه الدول تتخبط في دائرة الفقر والجهل والمجاعات والصراعات العرقية والطائفية والحكومات الاستبدادية، التي غالبا ما تكون تابعة لها، فهي تتحمل مسؤوليّة أخلاقية أمام هذه الشعوب، لكن الاستعانة بهذه الشركات هو في الحقيقة تهرب من هذه المسؤولية.

لكن اختلاف الوسائل لا يلغي وجود المسؤولية، حيث أن الشركات الأمنية ما هي إلا وسيلة لتنفيذ ما يكون على عاتق الدول من مسؤولية أمام تدهور الوضع الإنساني في دولة ما، فقيام الدولة بتنفيذ التزاماتها الدولية قد يكون بما تراه من الوسائل الملائمة والمتاحة، إلا أن العبرة في هذه الحالة يكون فقط بمدى مشروعيّة الوسيلة المستخدمة وكفاءتها في القيام بالمهمة المطلوبة.

3- الأثار الوخيمة لخصخصة على العمل الإنساني: إن إخضاع العمل الإنساني لمناقصات الشركات العسكرية والأمنية الخاصة، يضرب مصداقية العمل الإنساني، وذلك للطبيعة الربحية التي تتسم بها هذه الشركات، لا سيما في ظل غياب إطار قانوني ضابط لها، يجعله عرضة لتلاعب هذه الشركات في غياب قواعد النزاهة، والشفافية، بالإضافة إلى إمكانية مساهمة هذه الشركات في تدهور الأوضاع الإنسانية، واستمرار النزاعات لاستنزاف الميزانيات الطائلة المرصودة للأعمال الإنسانية، في ظل الأزمات الاقتصادية وعجز الأمم المتحدة على توفير الدعم المالي اللازم لغالبية التدخلات الإنسانية، بالإضافة إلى ما ينتج عن ذلك من تكدس هذه الأموال في يد هذا النوع من الشركات وما ينجر عنه من تهديد للاستقرار والأمن الدوليين، من خلال تسابق هذه الشركات نحو زيادة تسلحها رغبة منها للحصول على أكبر عدد ممكن الصفقات، وبالتالي تصبح هذه الشركات تتحكم في القرار السياسي العالمي من خلال ثنائية المال والسلاح.

إن معضلة النزاهة ومحاربة التعاملات المالية المشبوهة، من أصعب المعيقات التي ضلت لصيقة بعمل الشركات متعددة الجنسيات عموما، لكن خطورتها لا شك أنها أكبر في مجال الشركات العسكرية الأمنية، وذلك من خلال حساسية الخدمات التي تقدمها وطبيعة السوق التي تنشط فيها، وللقضاء على هذه الممارسات ينبغي تفعيل أنظمة قانونية تكفل التعاون والتنسيق بين مختلف الدول لضمان مراقبة دقيقة لتعاملات هذه الشركات، في ظل الشفافية واحترام القوانين الداخلية والدولية، مع ضرورة مشاركة الدول في تسيير ومراقبة ميزانية الأمم المتحدة، ولا سيما مراقبة تعاقداتها مع هذه الشركات.[5]

الفرع الثالث: مقاربة الأمم المتحدة في التعاقد مع الشركات العسكرية والأمنية الخاصة في التدخل الدولي الإنساني: لقد اعتمدت الأمم المتحدة على مقاربة وسطية في تعاقداتها مع هذه الشركات من خلال إدراكها العميق للحاجة الماسة لها في ظل تراجع الدول عن القيام بأدوارها في التدخل الدولي الإنساني، وكذلك في ظل التطور الكبير لأدوار القطاع الخاص وخصخصة الأمن بصفة عامة في العالم بعد الحرب الباردة، ولما كانت أحد أهم واجبات الأمم المتحدة هو مشاركتها في إثراء قواعد القانون الدولي، حاولت هذه الأخيرة اعتماد معايير الممارسة السليمة، لتأهيل هذه الشركات للمشاركة في العمل الإنساني بصفة عامّة، والتدخل الدولي الإنساني بصفة خاصة، وتثملت هذه المعايير في:

1- معيار الشفافية والوضوح: وذلك من خلال إصدار قائمة الشركات العسكرية والأمنية الخاصة المتعاقدة من هيئة الأمم المتحدة، ومهماتها، بالإضافة إلى مدة التعاقد، وقيمته المالية.

2- احترام القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان: وذلك سواء في ممارساتها السابقة، الحاضرة، أو اللاحقة.

3- الرسكلة والتدريب المستمر لموظفي هذه الشركات: وخاصة فيما يخص احترام القانون الدولي، والتدريب الميداني على كيفية مواجهة مختلف الأخطار على الأرض دون المساس بأهداف العمل الإنساني.

4- اندماج هذه الشركات في السياسة العامة لهيئة الأمم المتحدة في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين: وذلك من خلال احترام ميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن الدولي، وعدم الانخراط في أي أعمال تهدد السلم والأمن الدوليين.

5- التزام الشركات العسكرية والأمنية الخاصة بتطوير قواعد القانون الدولي المتعلقة بها: من خلال المساهمة الفعالة في إنشاء قواعد السلوك ومشاريع الاتفاقيات المنظمة لممارساتها التعاقدية، على غرار وثيقة مونترو، ومشروع الاتفاقية الخاصة بالشركات الأمنية الخاصة، ومدونة قواعد السلوك الدولية لمقدمي خدمات الأمن الخاصة.

6- رعاية الأمم المتحدة لكل عقود هذه الشركات مع المنظمات والوكالات الغير حكومية المتخصصة في العمل الإنساني التي تعمل تحت مظلتها: فلا يسمح للمنظمات الغير حكومية التعاقد مع أي شركة أمنية للتدخل تحت مظلة الأمم المتحدة إلا وفق علم وموافقة، ورعاية مسبقة من هذه الأخيرة لهذا العقد.

7- المراقبة البعديّة لهذه الشركات بعد التعاقد: حيث تتولى لجان متخصصة ومستقلة المراقبة الميدانية والتقييم الدوري لعمل هذه الشركات في الميدان، ومدى تطبيقها لبنود العقد واحترامها للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان.[6]

المطلب الثاني: قواعد المسؤولية وحدود الاختصاص عند انتهاك أحكام القانون الدّولي: يعتبر تحديد المسؤولية عن الأفعال الغير مشروعة لموظفي الشركات العسكرية والأمنية الخاصة، ولا سيما تلك التي تأتي مخالفة لأحكام القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان من أكبر المعيقات التي تواجه التعاقد مع هذه الأخيرة في التدخل الدولي الإنساني، فبالرجوع إلى شروط التدخل الدولي الإنساني، والسيناريوهات المحتملة على وفق ما جرى عليه العمل في هذا المجال، نجد ما استقر عليه العرف الدولي من ضرورة أن يكون هذا الأخير تحت إشراف وتنسيق الأمم المتحدة، والتي قد توكل مهمة التدخل، لدولة معيّنة، أو لمنظمة دولية حكومية إقليمية تحت إشرافها. وهذا الأمر يجعل تعاقد الشركات العسكرية والأمنية الخاصة في إطار التدخل الدولي الإنساني يقع تحت احتمالين لا ثالث لهما، إما أن يكون التعاقد مباشرا مع منظمة الأمم المتحدة أو أحد أجهزتها أو وكالة متخصصة تعمل تحت إشرافها خلال العملية الإنسانية [7]، أو يكون تعاقد الشركة مع دولة مشاركة في هذا التدخل حيث تكون قواتها المشاركة مكونة من قواتها المسلحة مصحوبة بموظفي هذه الشركات[8]. وفي هذا الإطار ندرس مسؤولية الدول والمنظمات الدولية على الأعمال الغير مشروعة لموظفي الشركات العسكرية والأمنية الخاصة المتعاقدة خلال التدخل الدولي الإنساني:

الفرع الأول: مسؤولية الدول عن ممارسات موظفي الشركات الأمنية الخاصة في مجال التدخل الدولي الإنساني: لقد نصت المادة 3 من لائحة لاهاي للحرب البريّة لسنة 1907 على أن: “يكون الطرف المتحارب الذي يخل بأحكام اللائحة المذكورة ملزماً بالتعويض إذا دعت الحاجة، كما يكون مسؤولاً عن جميع الأعمال التي يرتكبها أشخاص ينتمون إلى قواته المسلحة”، مما يكرس نسبة الأفعال الغير مشروعة التي يرتكبها أفراد القوات المسلحة للدولة التي يتبعون لها، كما قررت المادة 91 من البروتوكول الإضافي الأول لسنة 1977 هذه القاعدة، حيث نصت انه:” يسأل طرف النزاع الذي ينتهك أحكام الاتفاقيات أو هذا الملحق عن دفع تعويض إذا اقتضى الحال ذلك، ويكون مسؤولا عن كافة الأعمال التي يقترفها أشخاص يشكلون جزءاً من قواته المسلحة”، لكن هل يمكن أن تنسحب هذه النسبة لأعمال موظفي الشركات العسكريّة والأمنية الخاصة، وهل يمكن إدراجها تحت أعمال الدولة المتعاقدة؟

يجيب على هذا التساؤل نص المادة 5 من مشروع لجنة القانون الدولي حول مسؤولية الدول عن الأفعال الغير مشروعة دوليا، والمعنونة بـ”تصرفات الأشخاص أو الكيانات التي تمارس بعض اختصاصات السلطة الحكومية”، حيث جاء فيها:” يعتبر فعلاً صادراً عن الدولة بمقتضى القانون الدولي تصرف شخص أو كيان لا يشكل جهازاً من أجهزة الدولة بمقتضى المادة الرابعة[9]، ولكن يخوله قانون تلك الدولة صلاحية ممارسة بعض اختصاصات السلطة الحكومية بشرط أن يكون الشخص أو الكيان قد تصرف بهذه الصفة في هذه الحالة المعيّنة”. وبذلك فإن هذه المادة تقرر صراحة مسؤوليّة الدولة عن أفعال موظفي الشركات الأمنية المتعاقدة معها – كما أكدت على ذلك اللجنة في تعليقها على نص المادة – في كل حالات النزاع المسلح[10]، ومن ذلك حالة التدخل الدولي الإنساني، طالما أن هذه الأخيرة تقوم بوظيفة هي في الأصل من مهام الدولة بتفويض منها استنادا إلى قوانينها الداخلية، وتحت إشرافها المباشر.

أما مسؤولية دول الإقليم والمنشأ لهذه الشركات عن أعمال موظفي هذه الأخيرة، فيبيّنه نص المادة الثامنة من مشروع لجنة القانون الدولي حول مسؤولية الدول عن الأفعال الغير مشروعة دوليا، والتي جاء فيها أنه:”يعتبر فعلاً صادراً عن الدولة بمقتضى القانون الدولي تصرف شخص أو مجموعة من الأشخاص إذا كان الشخص أو مجموعة الأشخاص يتصرفون في الواقع بناء على تعليمات تلك الدولة أو بتوجيهات منها أو تحت رقابتها لدى القيام بذلك التصرف”، حيث يتضح من نص هذه المادة شرط وجود الصلة الواقعية من إشراف أو مراقبة أو توجيه من قبل الدولة، أثناء القيام بالفعل المخالف لكي ينسب هذا الأخير لدولة المنشأ أو الإقليم، على عكس الدولة المتعاقدة التي ينسب إليها الفعل المخالف دون وجود هذا الشرط، طالما أن الشركة تمارس نشاطا مخولا لها من قبل الدولة بواسطة العقد.

ولعل سلطة التوجيه والإشراف على عمل الشركات العسكرية والأمنية الخاصة يفتح باب النقاش واسعا حول دور كبار المسؤولين في هذه الشركات بكفالة احترام قواعد القانون الدولي الإنساني من قبل مرؤوسيهم، من خلال التدريب، وكفالة اطلاعهم على هذا الأخير، بالإضافة إلى سلطة اتخاذ إجراءات تأديبية وحتى جنائية لمنع انتهاك القانون الدولي الإنساني، أو حتى قمعها بعد وقوعها، كما هو الحل بالنسبة للقادة العسكريين، بموجب المادة 87 من البروتوكول الإضافي الأول، حيث رتبت المادة 86/2 منه قيام المسؤولية التأديبية وحتى الجنائية على المسؤولين والرؤساء في حال الإخلال بهذه الواجبات، من خلال التقاعس عن منع هذه الانتهاكات مع وجود المعلومات التي تتيح الاستنتاج باحتمال وقوعها، على أن تبق المسؤولية الفردية لمرتكب الجريمة قائمة، إذ لا تعتبر أوامر القادة والرؤساء سببا لسقوط مسؤوليّته عن أفعاله.

في هذا الإطار تتضح تلك الهوة الموجودة بين الموظفين في الشركات الأمنية الخاصة وبين الدولة المتعاقدة من خلال خضوع الموظفين لسلطة سلّمية داخلية في الشركة، دون وضوح صلتهم بالقوات المسلحة للدولة المتعاقدة، ولاسيما في ظل انعدام وصف العسكري على قادة الشركات العسكرية والأمنية الخاصة، فالمادة 86 من البروتوكول الإضافي الأول وضحت وصف الرئاسة الذي يمكن توفره في علاقة مسؤولي الشركة بموظفيها والتي من خلالها يمكن أن يتحمل الرئيس مسؤولية إضافية عن انتهاك المرؤوسين لأحكام القانون الدولي الإنساني، حيث أكدت المحكمة الجنائية الدولية أن علاقة الرئيس بالمرؤوس قد تكون بحكم القانون أو الواقع، من خلال السيطرة التي يمارسها الأول على الثاني وجعله خاضعا له، مع إمكانية علمه بوقوع الانتهاكات قبل وقوعها، أما المادة 87 من البروتوكول الإضافي الأول فقد أتت على وصف القائد- وما ينجر عنه من مسؤوليات والتزامات يمليها القانون الدولي الإنساني في مواجهة مرؤوسيه-، هذا الوصف لا ينطبق على مسؤولي الشركات الأمنية الخاصة، حيث بينت اللجنة الدولية للصليب الحمر أن مسألة القيادة ترتبط أساسا بنظام التسلسل الهرمي في القوات المسلحة النظامية، وإن كانت سلطت القائد قد تتسع لكل من هو تحت قيادته من غير العسكريين، غير أن هذا الوصف مرتبط ابتداء شرط أن يكون هذا القائد عسكريا بالأساس، لأنه في حد ذاته يعتبر جزءا من النظام الهرمي للقوات المسلحة النظامية للدولة.

ولقد حاولت بعض الدول تنظيم عمل هذه الشركات العسكرية والأمني الخاصة، من خلال إحداث منصب ضابط التعاقد، وهو منصب حكومي يمثل القوات المسلحة وله سلطة مباشرة التعاقد مع هذه الشركات، إلا أن وظيفة مراقبة تنفيذ شروط التعاقد، لا تخول له سلطة سلّمية على موظفي الشركات الخاصة، الذين يضلون خاضعين فقد لسلطة رؤساءهم في الشركة فقط. ونستشهد في هذا المقام بالحادثة المعروفة لتعذيب مساجين أبو غريب في العراق سنة 2004، حيث أثبت التقرير ضلوع موظفي شركتين أمنيتين في تعذيب المعتقلين، كما أوضح تقرير المحقق الأمريكي في القضية الجنرال “أنطونيو تاغوبا” عدم وجود أي صلة إشرافية من قبل القوات المسلحة الأمريكية على موظفي الشركتين بما من شأنه منع مثل هذه الممارسات المخالفة للقانون الدولي الإنساني. لذلك فإن غياب مثل هذه العلاقة السلّمية للقوات المسلحة للدولة على موظفي هذه الشركات يضعف من موقف الدولة بالوفاء بالتزاماتها بكفالة التزام هذه الشركات وموظفيها بالقانون الدولي الإنساني.[11]

الفرع الثاني: مسؤوليّة المنظمات الدولية على ممارسات موظفي الشركات الأمنية الخاصة في مجال التدخل الدولي الإنساني: لقد كان الرأي الإستشاري لمحكمة العدل الدولية سنة 1949 – بمناسبة قضيّة التعويضات عن الأضرار التي تقع في خدمة الأمم المتحدة- نقلة نوعية، حيث صرح بإمكانية تمتع كيانات أخرى من غير الدولة بشخصية القانونية الدولية، وما ينجر عنة قابلية التمتع بالحقوق، وتحمل الالتزامات التي يفرضها القانون الدولي، فكان بذلك إيذانا بالانتقال من الفقه التقليدي للقانون الدولي إلى الفقه الحديث[12]، ولقد نتج عن ذلك إمكانية تحمل المنظمات الدولية لتبعات الأفعال الغير مشروعة الصادرة عنها أو عن أحد أجهزتها تحت طائلة أحكام القانون الدولي عامة، لا سيما القانون الدولي الإنساني، وهذا ما أقرته المادة 4 من مشروع المواد حول مسؤولية المنظمات الدولية[13]، والمعنونة بـ” عناصر الفعل غير المشروع دولياً الصادر عن المنظمة الدولية”، حيث نصت أنه” ترتكب المنظمة الدولية فعلاً غير مشروع دولياً إذا كان التصرف المتمثل في عمل أو امتناع عن عمل:

أ- يسند إلى المنظمة الدولية بمقتضى القانون الدولي؛و

ب-‌ يشكل خرقاً لالتزام دولي واقع على المنظمة الدولية.

وبذلك حددت المادة 4 شرطين أساسيين لقيام مسؤولية المنظمات الدولية[14] على أساس نظرية الخطأ، إذ أن المنظمات الدولية شأنها شأن الدول، مازالت تمتنع عن الإقرار بنظرية المخاطر أو مبدأ المسؤولية المطلقة إلا في إطار الاتفاق المسبق[15].

وإذا كان الشرط الثاني يمثل المخالفة التي تقوم بها المنظمة الدولية لقواعد القانون الدولي مهما كان مصدرها اتفاقيا، عرفيا، أو مستمدا إلى قواعد العدالة والإنسانية، فإن الشرط الأول والمتمثل في إسناد الفعل الغير مشروع للمنظمة الدولية، يطرح الكثير من الإشكاليات القانونية في تعاقد المنظمات الدولية مع الشركات الأمنية الخاصة في التدخل الدولي الإنساني، فالمادة 5 من مشروع المواد حول مسؤولية المنظمات الدولية، والمعنونة بـ” قاعدة عامة بشأن إسناد التصرف إلى المنظمة الدولية”، تنص أنه:

1- يعتبر تصرف أي جهاز أو وكيل تابع للمنظمة الدولية في تأدية مهامه فعلاً صادراً عن تلك المنظمة بمقتضى القانون الدولي، بغض النظر عن مركز الجهاز أو الوكيل بالنسبة للمنظمة.

2- تطبق قواعد المنظمة على تحديد مهام أجهزتها ووكلائها.

وبهذا تبين الفقرة الأولى الجهات التي تكون تصرفاتها مسندة للمنظمة والتي تتمثل في أجهزة المنظمة وهي تلك الهياكل المشكلة للمنظمة وهي بمثابة السلطات الثلاث في الدولة، مع ألا يشترط توافرها جميعا في المنظمة الدولية، حيث تعتبر منظمة الأمم المتحدة هي المنظمة الدولية الأرقى في هذا المجال لاحتوائها على الأجهزة الثلاثة، ووكلاء المنظمة الدولية، والذين بينتهم المادة 2 الفقرة (ج): ” يعني مصطلح “الوكيل” الموظفين الرسميين وغيرهم من الأشخاص أو الكيانات ممن تتصرف المنظمة بواسطتهم.”

أما الفقرة الثانية من المادة 4 فقد اعتمدت على المعيار القانوني لتحديد الأجهزة والوكلاء التابعين للمنظمة الدولية، من خلال القانون الداخلي للمنظمة، إلا أن هذا المعيار غير كاف في وجهة نظر محكمة العدل الدولي، ففي تعليقها على نص المادة 4 من مشروع لجنة القانون الدولي حول مسؤولية الدول عن الأفعال غير المشروعة دوليا، حيث عرفت الوكيل على أنه:” كل شخص، أو مجموعة من الأشخاص، مكلف في حالات خاصة، من قبل منظمة دولية، أو أحد أجهزتها، للقيام بعمل، أو المساعدة على القيام بعمل، نيابة عنها، وتحت إشرافها ورقابتها.”، لذلك فقد حددت محكمة العدل الدولية الوكلاء في موظفو المنظمة الدولية، وكل شخص أو مجموعة أشخاص مرتبطين بعلاقة عمل مؤقتة مع المنظمة، أو كل شخص أو مجموعة أشخاص يعمل تحت وصاية أو لمصلحة المنظمة الدولية، مما يجعل الشركات العسكرية والأمنية الخاصة تدخل تحت هذا التعريف للوكلاء.

ولقد أوصت محكمة العدل الدولية بضرورة أن تنسحب مسؤولية الدول على أجهزتها، إلى مسؤولية المنظمات الدولية على أجهزتها ووكلائها كذلك، لكن دون الاكتفاء بمعيار القانون الداخلي سواء للدول أو للمنظمات، واستكماله بالمعيار الواقعي أو الموضوعي لعمل الوكلاء خاصة، لذلك ركزت في تعريفها على أن وصف الوكيل لا يكون مطردا، وإنما يرتبط بالحالة التي يكون فيها الشخص عاملا لمصلحة المنظمة وخاضعا لإشرافها[16]، فالشركة العسكرية والأمنية الخاصة عند اقترافها للعمل الغير مشروع دوليا قد تكون خاضعة لأوامر المنظمة الدولية، فهي في هذه الحالة داخلة تحت وصف الوكيل، وبالتالي يسند الفعل إلى المنظمة الدولية، وتكون مسؤولية المنظمة مسؤولية مباشرة، تلتزم خلالها المنظمة بالتعويض عن الضرر نتيجة الانتهاك المقترف من قبل الشركة الأمنية، كما قد تكون غير خاضعة لرقابة المنظمة وإشرافها، في هذه الحالة يُنتزع وصف الوكيل عن الشركة الأمنية، ولا يجوز إسناد العمل الغير مشروع للمنظمة الدولية، وتكون مسؤوليتها في هذه الحالة مسؤولية غير مباشرة عن الانتهاك، لا تلزم خلاله المنظمة إلا بتسهيل على المتضرر في اللجوء إلى المحاكم المختصة في الحصول على التعويض عن الضرر الذي لحقه، وبتخليها عن هذا الواجب تكون المنظمة قد وقعت تحت طائلة المسؤولية المباشرة.[17]

لكن هذا الرأي يصطدم بنص المادة 7 من مشروع المواد حول مسؤولية المنظمات الدولية، والمعنونة بـ” تجاوز حدود السلطة أو مخالفة التعليمات”، حيث نصت على أنه:”يعتبر تصرف أي جهاز أو وكيل تابع لمنظمة دولية فعلاً صادراً عن تلك المنظمة، بموجب القانون الدولي، إذا تصرف الجهاز أو الوكيل بهذه الصفة، وذلك حتى إذا تجاوز التصرف حدود سلطته أو كان مخالفاً للتعليمات”، فأسندت الأفعال الصادرة عن الوكلاء للمنظمة الدولية حتى وإن كانت مشوبة بعيب تجاوز السلطة، ومخالفة التعليمات، معتمدة في ذلك على المعيار القانوني وليس الواقعي الذي اعتمدته محكمة العدل الدولية.

ولعلنا إذ نحاول التوفيق بين الرأيين، نرى أن إسناد فعل الشركات العسكرية والأمنية الخاصة الغير مشروع للمنظمة الدولية يكون مطلقا، مادامت الشركات تقوم بعملها لصالح المنظمة الدولية وفقا لعقد يربط الجانبين، سواء كان الفعل بتعليمات المنظمة، أو مخالفا لها، وبالتالي فتقع المسؤولية على المنظمة الدولية على هذا الفعل الضار ونحن بذلك نُعمل المعيار القانوني لإسناد الفعل الضار للمنظمة الدولية عن عمل هذه الشركة المتعاقدة معها، لكن في نفس الوقت نُعمل المعيار الواقعي لتحديد طبيعة المسؤولية الواقعة على المنظمة الدولية، فإذا كان الفعل الضار بأمر المنظمة أو تحت إشرافها أو بعلمها، بما يمكّنها من اتخاذ إجراءات كانت من الممكن أن تحول دون وقوعه أو التخفيف من آثاره، كانت المنظمة الدولية مسؤولة مسؤولية مباشرة عن فعل الشركة، أما إذا كان الفعل الضار خارجا عن إشراف ومراقبة الشركة المتعاقدة، فتكون المنظمة الدولية مسؤولة مسؤولية غير مباشرة عن فعل الشركة المتعاقدة.[18]

إن هذه النظرة التوافقية، تؤدي بنا إلى تفادي ذلك اللبس الذي قد يحصل من خلال إعمال المعيار الواقعي في دراسة حالات الإسناد حالة بحالة، مما يصعب معه الإثبات، وما ينجر عنه تهرب المنظمات من مسؤوليتها، ما يجعل المعيار القانوني أسهل في التطبيق وأكثر توافقا مع قواعد العدالة والإنصاف، كذلك فإن تحديد نوع المسؤولية الواقعة على المنظمة الدولية، ينجر عنه تبيين الالتزام الواقع على عاتقها، وتحديد المحاكم المختصة بالبت في النزاع، فالنزاع الذي تتحمل فيه المنظمة الدولية المسؤولية المباشرة، يكون من اختصاص القضاء الدولي أو لجهات التحكيم الدولي، أما المسؤولية الغير مباشرة فتخضع لاختصاص القضاء الوطني، وفقا لقواعد توزيع الاختصاص المتبعة داخل الدولة، والتي تقوم بتعيين الجهة القضائية صاحبة الولاية العامة للفصل في النزاعات.

لكن إذا جاز إسناد الفعل الغير مشروع دوليا والصادر عن الشركة الأمنية للمنظمة الدولية، فهل يجوز إسناد الفعل الفردي لموظف الشركة الأمنية للمنظمة الدولية، أو بعبارة أخرى، ما طبيعة العلاقة الرابطة بين المنظمة الدولية وموظف الشركة الأمنية؟

بالنظر إلى المادة 86 من البروتوكول الإضافي الأول لسنة 1977، يتضح لنا تكريس علاقة الرئيس بالمرؤوس لإسناد الأفعال الغير مشروعة وبالتالي قيام المسؤولية، والتي لا تشترط وصف القيادة العسكرية لقيامها خلافا لما ورد في نص المادة 87، وبالتالي فعند النظر في التسلسل الهرمي للشركات الأمنية وعلاقتها بالمنظمة الدولية، وبالتدقيق في بنود العقد الذي يكون معدا مسبقا من قبل خبراء المنظمة الدولية في شكل يشبه كثيرا عقود الإذعان، والذي تكتسي فيه البنود المقرّرة لضرورة التقيد بأحكام القانون الدولي الإنساني، والمشددة على سلطة الإشراف والمراقبة من قبل المنظمة الدولية أهمية كبيرة. من كل ذلك نلاحظ عدم وجود فراغ في تسلسل المسؤولية بين المنظمة الدولية وموظفي الشركات العسكرية والأمنية الخاصة خلافا لما لاحظناه عند تعاقد هذه الأخيرة مع الدول، مما يجعلنا نستنتج أن موظفي الشركات العسكرية الأمنية الخاصة المتعاقدة يعتبرون وكلاء للمنظمة الدولية خلال التدخل الدولي الإنساني، أي أن أفعالهم الفردية الغير مشروعة تسند للمنظمة الدولية وهي مسؤولة عنها شأنها في ذلك شأن الأفعال الصادرة عن الشركات الأمنية.[19]

المبحث الثاني: حاجة المجتمع الدولي للشركات الأمنية في التدخل الدولي الإنساني

لقد شكلت الحرب الباردة التهديد الأكبر للأمن والسلم الدوليين، إلا أن المنظمات الإغاثية ظلت بعيدة عن دائرة الاستهداف في مناطق النزاع، حيث كانت ثلاثية الحياد، والاستقلالية، والنزاهة، صمام الأمان الذاتي وضمانة فعالة لقبول هذه المؤسسات الإنسانية، وتمتعها بالاحترام لدن جميع الأطراف[20]، لكن التحولات التي طبعت الصراعات المسلحة مع نهاية ثمانينيات القرن الماضي، والتي لم تصبح بالضرورة من أجل استرداد الأرض، بل ظهر نوع من الحروب جعل من القيم والمفاهيم محورا له، كذلك ضعف الدولة المركزية في كثير من المناطق، وتغير قواعد الاشتباك من مواجهات تقليدية بين جيوش نظامية، إلى حرب عصابات مفتوحة في الزمان والمكان، كل ذلك جعل من المنظمات الإنسانية تدخل منطقة الاستهداف[21]، ويصبح موظفوها عرضة للخطف أو القتل، حيث كان لحادث قتل ستة من موظفي الصليب الأحمر في الشيشان سنه 1996، الأثر البالغ في بلورة مقاربة جديدة ترتكز أساسا على عدم الاكتفاء بالحماية الذاتية المبنية على الحياد، وإنما التدخل الفعال لحماية موظفي الإغاثة والقوافل الإنسانية، لكن في ظل إحجام الحكومات على خوض هذا الغمار لأسباب سياسية خاصة، كان الخيار صعبا بين تقليص عمليات الإغاثة الإنسانية، أو على الأقل إدارة البرامج الإنسانية عن بعد، والذي كان أثره سلبيا على كفاءة العمل الإنساني، أو الاستعانة بطرف آخر لتلبية هذه الحاجة الأمنية.

المطلب الأول: أسباب زيادة التعاقد مع الشركات الأمنية في التدخل الدولي الإنساني: ويرجع إقتحام الشركات الأمنية والعسكرية الخاصة لميدان التدخل الدولي الانساني، والذي بلغ حد الظاهرة، إلى عوامل عدّة، والتي منها ما كان عاما، أي أنه ساهم في نموها وازدهارها في كل الميادين، ومنها ما زاد في نشاطها في العمل الإنساني بصفة خاصة:

الفرع الاول: التوجه العالمي نحو الخصخصة الأمنية والعسكرية: لم تمثل الحرب الباردة فقد انتصار قوة عسكرية كبرى على قوة أخرى كانا يتنافسان على مناطق النفوذ وقيادة العالم، وإنما كانت نهاية الحرب الباردة تمثل انتصارا للقيم الليبرالية الغربية على حساب القيم الشيوعية الشرقية.

لقد كان التوجه الليبرالي يتبنى نظاما يتميز بالدور الهام للقطاع الخاص في الحياة الاقتصادية، معتمدا في ذلك على مقاربة اقتصادية تجعل من العرض والطلب والربح والخسارة المحرك الأساس للدولة، وفي هذا الإطار لا يرى هذا التوجه أي حرج في ولوج الخصخصة كل نشاطات الدولة حتى السيادية منها مادام مربحا اقتصاديا، وفي ظل عوامل الإنهاك الاقتصادي الذي شهده بعد نهاية الحرب الباردة، وما يمثله الاحتفاظ بقوات عسكرية كبيرة ودائمة تكلف من خزينة الدولة الكثير والتوجه نحو التعاقد مع شركات أمنية لتنفيذ مهام محددة بمبالغ مالية يتم الاتفاق عليها مسبقا في عقود مثبتة مسبقا.[22]

وفي هذا الإطار تأتي الخصخصة العسكرية والأمنية كأحد الحلول المبتكرة وفق متطلبات المرحلة التي أعقبت الحرب الباردة، ووسيلة من وسائل الهيمنة الجديدة التي اعتمدتها الولايات المتحدة، وليليها بعد ذلك كل المعسكر الغربي، ويمكن تعريفها على انها: “تنازل من الدولة لصالح شركات أمنية أو فرق عسكرية مزودة بمختلف الأسلحة وتقنيات الحرب والتكنولوجيا لتنفيذ كل ما تطلبه منهم القيادات العسكرية والسياسية التي استأجرتهم بمقابل مادي،[23] وفقد عقد يربط الطرفين”.

وتجدر الإشارة هنا أن أول عقد للشركات الأمنية أبرم سنة 1992 بين الإدارة الأمريكية وشركة سيرفس روت براون الأمنية الخاصة، وهي إحدى فروع شركة هاليبرتون التي كان يديرها ديك تشيني لإعداد دراسة كاملة حول كيفية خصخصة القوات المسلحة الأمريكية، هذه الأخيرة التي كانت تسير بشكل تدريجي، من عقود لتدريب الموظفين الحكوميين إلى تطور هذا الأمر بشكل مطرد مع نهاية الحرب الباردة ليأخذ أشكالا أخرى بعد هجمات 11 سبتمبر 2001 التي دفعت بالولايات المتحدة إلى شن حربين على أفغانستان والعراق،[24] أين شهد العالم أكبر موجة للاستعانة بهذه الشركات التي فاقت الجيوش النظامية لكثير من الدول مجتمعة، لتأذن ببداية مرحلة جديدة وضعت معالم جديدة لفلسفة الحروب.

الفرع الثاني: ضعف الحكومات والجيوش الوطنية وتراجع التزام الدول الكبرى بحفظ السلم الدولي: لقد شهدت بداية القرن العشرين تحرر الكثير من البلدان، والتي تركها الاستعمار منهكة ومدمرة، ولا سيما تلك التي خاضت ضده حروبا طويلة وطاحنة، جعلت منها عرضة لمشاكل اقتصادية واجتماعية، زيادة على المشاكل السياسية التي كانت نتيجة لضعف الخبرة وقلة الكفاءات مع ظهور الصراعات الداخلية على السلطة بعيد الاستقلال، لكن الصراع الذي كان محتدما بين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة الأمريكية، استطاع من خلال سياسة استقطاب الحلفاء والتنافس على بسط النفوذ، أن يوفر شيئا من المناعة لهذه الدول من خلال الحماية العسكرية نتيجة للأحلاف العسكرية والاستراتيجية التي كانت القوتين العظمتين تسعى لإنشائها خلال الحرب الباردة، بالإضافة إلى المساعدات الاقتصادية التي كانت تقدمها لهذه الدول الضعيفة في شكل معونات ومشاريع استثمارية لتثبيت نفوذها، إلا أن هذا الدور شهد غيابا مفاجئا عقب نهاية الحرب الباردة، عقب انهيار الاتحاد السوفياتي من جهة، ومن جهة أخرى انكفاء الولايات المتحدة على نفسها في ظل زوال الخطر الشيوعي ومحاولة تدارك الوضع الاقتصادي والاجتماعي الذي خلفته الحرب الباردة على المواطن الأمريكي[25]، كل ذلك أدى إلى انفجار الوضع في دول العالم الثالث حيث تركت وحيدة في مواجهة الأخطار المحدقة بها، مما أدى إلى سقوط الكثير من هذه الدول تحت وقع الصراعات الداخلية وما نتج عنها من انتهاكات لحقوق الإنسان، بالإضافة إلى الأزمات الاقتصادية، والتي صلت إلى حد تفشي المجاعات والأمراض الخطيرة، مما جعل الأمم المتحدة تستنجد بوسائل غير تقليدية لتلبية النداءات الإنسانية المتزايدة في ظل تخلي الدول الكبرى عن التزاماتها في مجال التدخل الدولي الإنساني.

الفرع الثالث: التحول في طبيعة الحروب: لقد شهدت نهاية القرن العشرين وبداية القرن الواحد والعشرين تغيرا جذريا في طبيعة الحروب، ولعل ذلك كان من أهم مفرزات نهاية الحرب الباردة وانتصار القيم الليبرالية الغربية، ويظهر ذلك جليا من خلال الثورة التكنولوجية التي ساهمت في ظهور جيل جديد من الحروب يعتمد أساسا على الوسائل المعلوماتية والاتصالات والهجمات الإلكترونية، كسبيل أقل تكلفة وأكثر فعالية، هذا النوع الجديد الذي لا يتناسب مع طبيعة الجيوش التقليدية، جعل من الشركات الأمنية الخاصة تأخذ مكانة ريادية من خلال توفير الكفاءة اللازمة لذلك، ولقد اعتبرت الأمم المتحدة أن غياب تكنولوجيا المعلومات والاتصال في كثير من الدول الفقيرة كان من أهم الأسباب التي أججت وأطالت في عمر الحروب، كما حصل في روندا ويوغسلافيا[26]، ولم يكن العمل الإنساني عموما بعيدا عن كل هذا، فقد استعان الحلف الأطلسي مع شركات أمنية أمريكية لتطوير تكنولوجيا الاتصال والمعلومات لديه في أواسط التسعينيات ليستفيد منها الحلف في حرب كوسفو سنة 1999 وليوظف التفوق التكنولوجي الذي يحظى به للحد من وقوع إصابات أو أخطاء أثناء الحرب والسيطرة على الفضاء الالكتروني وموجات الأثير التي تستعملها القوات اليوغسلافية.

بالإضافة إلى ذلك فقد شهدت الحرب الحديثة، تطورا خطيرا من خلال الدوافع التي تحركها، فلم تعد الحرب تلك الوسيلة التوسعية الاستعمارية، أو تلك الوسيلة التحررية، وإنما أصبحت تدخل فيما يسمى نشر القيم الديمقراطية الغربية، وذلك حين قال جورج بوش الابن: “الديمقراطية هي الترياق الوحيد للإرهاب”[27]، هذا المفهوم الذي سعى القائمون على الشركات الأمنية الخاصة إلى ترسيخه خاصة لدى الإدارة الأمريكية من خلال صناعة عدو جديد تمثل أساسا في محاربة الإرهاب والتطرف، والذي وجد صدا كبيرا بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، وما انجر عنها من غزو أفغانساتن والعراق، كذلك لم تصبح الحرب هي تلك المواجهة التقليدية بين الجيوش النظامية، إنما أصبحت حربا مفتوحة في الزمان والمكان، مع مجموعات صغيرة متنقلة، أثبت التجربة مقدرتها على الهجمات في كل مناطق العالم بفلسفة مغايرة لا تسعى لاحتلال الأرض بقدر سعيها لإيلام العدو، بالإضافة لاعتمادها على التمويل الذاتي من خلال التهريب واختطاف رعايا الدول الكبرى في مناطق النزاع وطلب الفدية، والذي غاليا ما يكون ضحيته العاملين في الحقل الإنساني[28]، كل ذلك دعى إلى ضرورة تكثيف الجهود الإستخبارية، واتخاذ التدابير الوقائية، وهذا ما ينسجم مع طبيعة الخدمات التي توفرها الشركات العسكرية والأمنية الخاصة.

الفرع الرابع: عدم قدرة منظمة الأمم المتحدة على حفظ السلم والأمن الدوليين: لقد لعب توازن الرعب هنا دورا كبيرا تجاوز دور الأمم المتحدة في حفظ السلم والأمن الدوليين، وبتفكك المعسكر الشرقي فقد ألقى العبء كاملا على الأمم المتحدة في حفظ السلم والأمن الدوليين عن طريق ضمان أمن الدول الأعضاء فيها بكل الآليات التي أنشأها الميثاق، إلا أن الأمم المتحدة ومن خلال الممارسة الدولية يتجلى بأنها قد فشلت فشلا ذريعا في كل الاختبارات التي مرت بها من الصومال 1994 إلى روندا 1994 إلى يوغسلافيا 1991 -1999 إلى سيراليون 1991 وغيرها من الحروب والأزمات والتي دفعت بالأمم المتحدة إلى الاعتراف عن طريق لسان أمينها العام كوفي عنان بفشل المنظمة في مواجهة العدد المتزايد من النزاعات المسلحة وذلك بعد أزمة البلقان[29]. وفي الحقيقة أن أسباب الفشل كانت كثيرة، إلا أن ما يهمنا منها هو ذلك التقاعس الذي أبدته الدول الكبرى في كثير من الأحيان للاستجابة للنداءات الإنسانية التي أطلقها منظمة الأمم المتحدة، والذي يعود أساسا لعدم إبرام الدول الأعضاء للاتفاقات اللازمة لتطبيق المادة 43 من ميثاق الأمم المتحدة، بالإضافة إلى الضغوط التي مارستها الولايات المتحدة في سياق ما يسمى بأمركة القانون الدولي الإنساني.

المطلب الثاني: نماذج للتعاقد مع الشركات الأمنية في التدخل الدولي الإنساني: في دراسة تقييمية أجرتها هيئة الأمم المتحدة خلال العشر سنوات الأولى من القرن الحالي، بأن التعاقد مع الشركات الأمنية الخاصة في العمل الإنساني عموما، تمثل أساسا في مهمات غير مسلحة كان الهدف منها حماية البعثات الإنسانية وضمان استمرار عملها في مناطق النزاع، ويختلف نوعية التعاقد حسب الجهة المتعاقدة مع الشركات الأمنية، حيث تمثلت جل المهمات التي تعاقدت من اجلها المنظمات الغير حكومية في:

– مهمات استخبارية، تحليل وتقييم الأخطار.

– تدريب الفرق العاملة في الأماكن عالية الخطورة.

– تسيير حالات الطوارئ، خاصة خلال الاختطاف أو الاحتجاز.

– الحراسات الغير مسلحة للأشخاص والبنايات والقوافل التابعة للبعثات الإنسانية.

أما بالنسبة للوكالات التابعة للأمم المتحدة، فإن مهمة جمع المعلومات والتقييم والتحليل والتدريب فتوكل عادة لإدارة شؤون الأمن والسلامة التابعة للأمم المتحدة والتي أنشأت

سنة 2005، أما بالنسبة لعمليات الحراسة الغير مسلحة فتوكل عادة لمتعاملين محليين لتسهيل وتعزيز القبول[30] لدى المجتمعات المحلية من خلال سهولة التواصل معها[31]، لكن مع زيادة الأخطار المحدقة على العمل الإنساني، بدأت منظمة الأمم المتحدة تتجه نحو التعاقد مع شركات أمنية متعددة الجنسيات أكثر كفاءة واحترافية، لتوفير الحماية المسلحة للبعثات الإنسانية، ونذكر منها:

الفرع الأول: شركة DynCorp Internationnal: تعاقدت مع الأمم المتحدة في سنوات 2008، 2009، و2010، كما تعاقدت سنة 2010 مع وكالتي UNDP وUNOPS بصفقة قيمتها 3 ملايين دولار أمريكي، وأرتبط اسم هذه الشركة بكثير من الفضائح، حيث أتهم موظفوها بارتكاب انتهاكات جنسية أثناء عملهم في البوسنة سنة 1990، كذلك تورطها في النقل السري لمطلوبين من قبل الإدارة الأمريكية من البوسنة إلى للولايات المتحدة الأمريكية، دون إجراءات قانونية، لكن بالرغم من ذلك لم توضع هذه الشركة في القائمة السوداء، بالرغم من أنها كانت في العديد من المرات محل اتهام بانتهاكات خطيرة للقانون الدولي، كاتهامها بجرائم تعذيب، وتحايل، وممارسات تجارية غير مشروعة، كما أن تقارير الإدارة الأمريكية قيمت نشاط الشركة بين سنتي 2005 و2010 بالسلبي، حيث اتهمتها بالتصريح الكاذب، وعدم القدرة بالإيفاء بالتزاماتها التعاقدية، وأوصت بعدم التعاقد معها من قبل الإدارة الأمريكية، لكن بالرغم من كل ذلك إلا أن هذه الشركة ظلت تتعامل مع هيئة الأمم المتحدة، بحجة عدم إدانتها رسميا بالتهم المنسوبة إليها من قبل أي جهة قضائيّة .

الفرع الثاني: شركةSaracen : استأجرتها الأمم المتحدة في أوغندا لتوفير خدمات أمنية لبعثة السلام هناك، إلا أن تقرير لجنة الخبراء التابع لمجلس الأمن لسنة 2002 قد أشار إلى تورط الشركة في الاستغلال غير القانوني للموارد الطبيعية في جمهورية الكونغو الديمقراطية، كما صرح بتورطها في دعم، وتدريب، وتسليح مجموعات شبه عسكرية لأخ الرئيس الأوغندي الجنرال سليم صالح، والذي اتضح أنه يملك 25% من الفرع الأوغندي للشركة. أما في الصومال فقد تتالت التقارير عن مجموعة مراقبة الصومال التابعة لمجلس الأمن في سنة 2011، عن خرق الفرع العالمي للشركة لحظر بيع الأسلحة للأطراف المتنازعة في الصومال، من خلال توريد الأسلحة، والمركبات، وانشأ مراكز التدريب في الشمال، بالإضافة لأنشطتها المشبوهة للتنقيب عن النفط في المنطقة.

الفرع الثالث: شركة G4S & ArmorGroup: لقد حامت عدة شبهات فساد مالي وممارسات غير مشروعه حول نشاطات هاتين الشركتين، خاصة بعدما جاء في تقرير لجنة مجلس النواب للخدمات العسكرية في سبتمبر 2010، الذي صرح بتعاون هذه الشركة المباشر مع إثنين من أكبر أمراء الحرب في أفغانستان، بالرغم من ذلك ظفرت شركة ArmorGroup بعقود مع UNOPS قدرت قيمتها بـ 15 مليون دولار أمريكي سنة 2008، قبل شراءها في نفس السنة من قبل شركة G4S، هذه الأخيرة التي تعاقدت مع نفس الوكالة لنقل الألغام المنزوعة من منطقة هراة في أفغانستان، كما انه حتى عام 2011 لم تدرج هذه الشركة ضمن القائمة السوداء للأمم المتحدة رغم انتهاكاتها الخطيرة في أفغانستان.[32]

الخاتمة

وفي نهاية هذه الورقة البحثية التي تطرقنا فيها إلى خصخصة التدخل الدولي الإنساني، مع كل ما يكتنفه من صعوبات في الواقع، لا سيما في ظل التعطيل العملي لبعض نصوص ميثاق الأمم المتحدة، إلا أن المقاربة الجوهرية التي يأخذ العمل الإنساني شرعيته منها، وهي ذلك البعد الإنساني والعالمي للأمن، والذي أصبح الفرد بمقتضاه هو الغاية التي تجيز للمجتمع الدولي التحرك بدافع الإنسانية لحمايته حتى في مواجهة دولته، لكن بالرغم من معاني النبل والرقي التي تبنتها نظرية العمل الإنساني، إلا أن التطبيق يبقى بعيدا عن ذلك، إذ لم يخلوا من حسابات المصالح والهيمنة، التي اتخذت أشكلا جديدة مغلفة بحماية حقوق الإنسان، فإذا أضفنا للمقاربة المادية التي أصبحت تتبناها الدول الكبرى تجاه العمل الإنساني، ذلك الظهور المفاجئ للشركات الأمنية الخاصة التي عرضت نفسها بديلا أمنيا للدول في العمل الإنساني، في ظل عزوف هذه الأخيرة لتلبية النداءات الإنسانية، كل ذلك طرح الكثير من المسائل التي حاولنا التطرق إليها.

غير أن الآمال التي كانت تعقد على دور الشركات الأمنية الخاصة في العمل الإنساني، كأداة غايتها تحقيق السلام العالمي اصطدمت بمجموعة من المعوقات والنقائص التي أدت في كثير من الأحيان إلى انحرافات خطيرة في ممارساتها الواقعية، ويحتاج سد هذه الثغرات إلى اتخاذ الكثير من الإجراءات والتي نجملها من خلال هذه الدراسة في ما يلي:

1- لا يمكن للعمل الإنساني أن يبقى مستندا لمجرد أسس مستمدة من الميثاق، أو لأعراف دولية، تخضع غالبا عند تفسيرها لدوافع المصلحة والسياسة، بل لا بد من إقرار اتفاقيات ملزمة ومنظمة لهذا المجال، كما ينبغي تجريم كل تحرك يجري خارج إطار الأمم المتحدة مهما كانت مبرراته.

2- لا شك أن العمل الإنساني واجب مقدس تمليه كل الشرائع والأعراف، لذلك كان لزاما أن يبقى خارج دائرة العسكرة والتسييس، ولا يكون ذلك إلا بتعزيز وسائل الحماية الذاتية، بالإضافة إلى تطوير قواعد القانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وتكييفهما مع الكيانات الجديدة كالشركات الأمنية في ظل الدور الخطير الذي تقوم به في النزاعات المسلحة، بل لا بد إقرار ميثاق عالمي للعمل الإنساني يحدد بدقة قواعده وشروطه وطرق الاستعانة بالقوة العسكرية فيه، والجهات المخولة بذلك.

3- كما يجب تكييف المسؤولية الجنائية مع الكيانات الدولية لتحميلها نتائج جرائمها، فلا يمكن أن تبقى المسؤولية الجنائية حبيسة التطبيق على الأشخاص الطبيعيين، في وقت ترتكب كيانات المجتمع الدولي كل أنواع الانتهاكات على مرأى من العالم.

4- إن مشروعي اتفاقيتي المسؤولية الدولية سواء للدول أو للمنظمات الدولية، يعتبران نقلة نوعية في مجال العلاقات الدولية في حال إقرارهما، إذا يمكن حين إذْ تحديد قواعد المسؤولية، ولا سيما مسائل الإسناد للأفعال غير المشروعة لمختلف الكيانات الدولية، مما يساعد في منع التهرب من العقاب، كما تبين مسائل الاختصاصات الداخلية والدولية، وتبين حدود السيادة الواجب احترامها للدولة.

5- إن تطور عمل الشركات الأمنية الخاصة، يفرض على المجتمع الدولي اتخاذ خطوات جادة في طريق اقرار اتفاقيات ملزمة تحدد أطر عمل هذه الشركات، أو على الأقل إقرار ما هو موجود من وثائق وصكوك ومشاريع اتفاقيات وإدخالها حيز النفاذ، وما ينجر عن ذلك من القضاء على حالة الجدل الدائم حول ماهيتها ومدى تمتعها بالشخصية الدولية، وتحديد المركز القانوني لموظفيها، الذي ظل يتراوح بين الأطر التقليدية التي لا تمت له بصلة.

قائمة المراجع

أولا: المراجع باللغة العربية

– زبير سلطان قدوري، الشركات الأمنية الخاصة، منشورات اتحاد الكتاب العرب، دمشق، 2011.

– لقاء أبو عجيب، أليات ووسائل حماية العمل الإنساني بين النظرية والتطبيق، تقرير المعهد الإسكندنافي لحقوق الإنسان، أوت 2014.

– نيكولاس غايات، ترجمة رياض حسن، قرن أمريكي جديد، دار الفرابي، بيروت 2003 .

– عبد الملك يونس محمد، مسؤولية المنظمات الدولية عن أعمالها والقضاء المختص بمنازعاتها، دار الثقافة للنشر والتوزيع، الطبعة الأول، 2009.

– فيصل إياد فرج الله، مسؤولية الدولة عن انتهاك الشركات الدولية الخاصة العسكرية والأمنية في ضوء القانون الدولي الإنساني، منشورات الحلبي الحقوقية، 2013.

– صدام حسين الفتلاوي – جواد حمد، انتهاكات الشركات الأمنية الخاصة الدولية للقانون الإنساني الدولي والقانون الجنائي الدولي في العراق، مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية والسياسية، العدد 03 السنة السابعة، 2015.

– خديجة عرسان، الشركات الأمنية الخاصّة في ضوء القانون الدولي الإنساني، مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية، المجلد 28، العدد الأول، 2012.

ثانيا: المراجع باللغة الأجنبية

– Åse Gilje Østensen, UN Use of Private Military and Security Companies: Practices and Policies, Geneva center of the democratic control of armed forces, 2011.

– Caroline Holmqvist, Private security companies the case for regulation, Stockholm International Peace Research Institute Policy Paper N°.9, January 2005.

– Carlos Artiz, private armed forces and global security, greenwood publishing group, Westport, Connecticut, USA, 2010.

– Damian Lilly , the privatization of security and peace building international alert, policy and advocacy separtment,London,2000

-Deane Peter Baker – James Pattison, the principled case for employing private miliytary and security companies in humanitarian interventions and peacekeeping operations, working paper no. 56, human rights & human welfare, a forum for works in progress, Posted on 2 February 2010.

– Jean Marguin, la privatisation de force armés une évolution inéluctable, Revue de l’armement, N0 69 mars 2000, ministère de la Défense Française.

– Laura Magi, On the attribution to an internationnal organization of the activity of private companies that operate on its account, Working Paper, Max Weber Programme, European University Institute, July 2007.

– Lou Pingeot, dangerous partnership, private military & security companies and the UN, Global policy forum, New York, USA, June, 2012.

– Lucas Lixinski, legal implication of the privatization of cyber warfare, academy of European lax, 2010.

– Tony vaux- Chris Seiple – Greg Nacano – koenraad Van Brabant, humanitarian action and private security companies international alert and advocacy department, London.

– Vignolles Jean marie ,De Carthage à bogdep;le nouvel âge d’or des mercenaire, les édition de Riaux, 1eredition, paris,2006.

[1] – وكانت هذه الوثيقة حصيلة نقاش عميق بين هيئة الأمم المتحدة ومختلف وكالات الإغاثة من جهة والشركات العسكرية والأمنية من جهة أخرى، منذ أكتوبر 2000 بعد صدور تقرير الأمين العام للأمم المتحدة حول أمن موظفي الهيئة ووكالات الإغاثة العاملة تحت مظلتها.

2- Tony vaux- Chris Seiple – Greg Nacano – koenraad Van Brabant, humanitarian action and private security companies international alert and advocacy department, London, p16-17.

[3] – ونجد ذلك مثلا في نص الدستور الجزائري لعام 1996 المعدل والمتمم، في المادة 25/2 و25/3: ” تتمثل المهمة الدائمة للجيش الوطني الشعبي في المحافظة على الاستقلال الوطني والدفاع عن السيادة الوطنيّة.

كما يضطلع بالدفاع عن وحدة البلاد، وسلامتها الترابية، وحماية مجالها البري والجوي، ومختلف مناطق أملاكها البحرية”.

[4] – Deane Peter Baker – James Pattison, the principled case for employing private miliytary and security companies in humanitarian interventions and peacekeeping operations, working paper no. 56, human rights & human welfare, a forum for works in progress, Posted on 2 February 2010, pp 6-16.

[5] – Deane Peter Baker – James Pattison , op. cit.. pp 23-28.

[6] – Caroline Holmqvist, Private security companies the case for regulation, Stockholm International Peace Research Institute Policy Paper N°.9, January 2005, pp 45-46.

[7] – ونذكر في هذا الصدد بعض الشركات الأمنية الخاصة التي تعاقدت معها منظمة الأمم المتحدة مباشرة:

Armor Group, Control Risks Group, Global Risk Strategies, Erinys, Hart Security, KROLL, Lifeguard, MPRI, Olive, RONCO, Southern Cross, Triple Canopy. Christopher Spearin, Humanitarian Non-Governmental Organizations

and International Private Security Companies :The “Humanitarian” Challenges of Moulding a Marketplace, Geneva Centre for the Democratic Control of Armed Forces (DCAF), Policy Paper – №16.,pp 5-6.

ويعود أول عقد بين الشركات الأمنية ومنظمة الأمم المتحدة إلى سنة 1995 عندما أبرمت المنظمة الأممية عقد مع شركة andsecurity LTD-DSL difence تقوم بموجبه هذه الأخيرة بمساعدة قوات حفظ السلام التابعين للأمم المتحدة في حماية المنشآت التابعة للمفوضية السامية للاجئين وتأمين المناطق التي تعمل فيها.

Vignolles Jean marie ,De Carthage à bogdep;le nouvel âge d’or des mercenaire, les édition de Riaux, 1eredition, paris,2006, p 72.

أما الوكالات المتخصصة فقد تعاقدت مع كثير من الشركات الخاصة نذكر منها: منظمة أطباء بلا حدود التي تعاقدت مع شركات أمنية خاصة في سيراليون، والشيشان، وكوسفو من أجل حماية موظفيها، وفي كولومبو في جانفي 2001 تعاقدت مع شركات أمنية خاصة لحماية مقارها، كذلك منظمتي CARE وCOAL والمعنيتان بمكافحة الفقر حول العالم تعاقدا مع شركة DSL لحماية موظفيها

ConesaPiérve, les ravages d’une guerre arbitraire modernes mercenaire de la sécurité, le monde Diplomatique, N°10080 du mois d’avril,2003, p23.

[8] – وهناك احتمال آخر، وإن كان لم يحدث بعد، إلا أنه متوقع الحدوث في الزمن القريب جدا، وهو أن تكون قوات الدولة المشاركة في التدخل الدولي الإنساني أو في العمل الإنساني عموما مكونة فقط من موظفي الشركات العسكرية والأمنية الخاص.

Laura Magi, On the attribution to an internationnal organization of the activity of private companies that operate on its account, Working Paper, Max Weber Programme, European University Institute, July 2007, PP 2-3.

[9]- تحدثت المادة الرابعة عن مسؤولية الدولة عن أفعال سلطاتها الثلاث: التنفيذية، التشريعية، والقضائيّة.

[10] – مشروع مواد لجنة القانون الدولي حول مسؤولية الدول عن الأفعال غير المشروعة دولياً لعام 2011، تقرير لجنة القانون الدولي عن أعمال دورتها الثانية والخمسين، حولية لجنة القانون الدولي، المجلد الثاني، الجزء الثاني، 2001، ص53.

[11] – صدام حسين الفتلاوي، جواد حمد، انتهاكات الشركات الأمنية الخاصة الدولية للقانون الإنساني الدولي والقانون الجنائي الدولي في العراق، مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية والسياسية، العدد 03 السنة السابعة، 2015، ص 289.

[12] – خديجة عرسان، الشركات الأمنية الخاصّة في ضوء القانون الدولي الإنساني، مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية، المجلد 28، العدد الأول، 2012، ص ص، 495-506..

[13] – وقد اعتمد مشروع الإتفاقية الذي وضعته لجنة القانون الدولي من قبل الجمعية العامة في 27 فيفري 2012 بالقرار A/RES/60/100.

[14] – وهناك شرط ثالث لقيام مسؤولية المنظمات الدولية يتمثل في إلحاق العمل الغير مشروع الضرر بالغير، وهو شرط بديهي لذلك لم يدرج في نص المادة، إذ أن هذا الشرط غاليا ما يتضمنه الفقه، ويترتب عن انتفاءه انتفاء الصفة والمصلحة لقيام دعاوي المسؤولية سواء كانت مدنية أو جنائية. عبد الملك يونس محمد، مسؤولية المنظمات الدولية عن أعمالها والقضاء المختص بمنازعاتها، دار الثقافة للنشر والتوزيع، الطبعة الأول، 2009، ص ص165- 172.

[15] – عبد الملك يونس محمد، مرجع سابق، ص 146.

[16] – Laura Magi, op.cit. pp.05-10.

[17] – فيصل إياد فرج الله، مسؤولية الدولة عن انتهاك الشركات الدولية الخاصة العسكرية والأمنية في ضوء القانون الدولي الإنساني، منشورات الحلبي الحقوقية، 2013، ص 166.

[18]- ويمكن أن نقول نفس الكلام، إذا اعتمدنا على تقسيم الفقهاء لخطأ المنظمة الدولية إلى خطأ مرفقي وخطأ شخصي، بإعتبار أنه يؤدي إلى نفس النتائج في مجال المسؤولية على الخطأ، والذي يخضع في كل الحالات لقاعدة مسؤولية المتبوع عن أفعال التابع ضمن قاعدة أشمل للمسؤولية عن فعل الغير، وكذلك في تحديد الجهات القضائية المختصة، لكن مع تفصيل كبير في معايير التفرقة بين الخطأين. نفس المرجع، ص ص 148-150.

[19]- Laura Magi, op. cit, pp 14-15.

[20] – لقاء أبو عجيب، أليات ووسائل حماية العمل الإنساني بين النظرية والتطبيق، تقرير المعهد الإسكندنافي لحقوق الإنسان، أوت 2014، ص6.

[21] – Christopher Spearin, op. cit, p 3.

[22] – Lucas Lixinski, legal implication of the privatization of cyber warfare, academy of European lax, 2010, P01.

[23] – زبير سلطان قدوري، الشركات الأمنية الخاصة، منشورات اتحاد الكتاب العرب، دمشق، 2011، ص94

24- Damian Lilly , the privatization of security and peace building international alert, policy and advocacy separtment,London,2000,p06..

[25] – ولقد ظهور تيار داخل الولايات المتحدة ينادي بوجوب الاهتمام بالمسائل الاجتماعية والاقتصادية والمعيشية التي تهم المواطن الأمريكي مباشرة،عززه وصول بيل كلينتون إلى سدة السلطة ليكرس اتجاها جديدا في السياسة الأمريكية تسمى بمبدأ “أرباح السلام” فعوضا عن الاستمرار في زيادة النفقات العسكرية يجب أن توجه هذه النفقات لخدمة المواطن الأمريكي مع تغيير الإستراتيجية الأمريكية في المجتمع الدولي من سياسة المواجهة إلى سياسة الاحتواء وذلك بتخصيص موارد مالية محددة للقيام بأنشطة خاصة وذا فائدة إستراتيجية مع إمكانية اشتراك القطاع الخاص في هذه الأعمال. نيكولاس غايات، ترجمة رياض حسن، قرن أمريكي جديد، دار الفرابي، بيروت 2003 ص 147.

[26] – Carlos Artiz, private armed forces and global security, greenwood publishing group, Westport, Connecticut, USA, 2010,p80.

[27]- لقاء أبو عجيب، مرجع سابق، ص 57.

[28] – لقاء أبو عجيب، مرجع سابق، ص 32.

[29]- Jean Marguin, la privatisation de force armés une évolution inéluctable, Revue de l’armement, N0 69 mars 2000, ministère de la Défense Française, p148.

[30] – لقد تبنت الجهات الفاعلة في العمل الإنساني عموما مقاربة امنية تعتمد أساسا على ثلاثية القبول والحماية والردع، حيث أصدر الدليل الأمني لإدارة المخاطر (GPR8) سنة 2000 لتطبيق هذه المقاربة على ارض الواقع، ثم صدر آخر تحيين له سنة 2010. لقاء أبو عجيب، مرجع سابق، ص 12.

[31] – Åse Gilje Østensen, UN Use of Private Military and Security Companies: Practices and Policies, Geneva center of the democratic control of armed forces, 2011, p 14.

[32]- Lou Pingeot, dangerous partnership, private military & security companies and the UN, Global policy forum, New York, USA, June, 2012, pp 28-30.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت