حماية الطفل في ظل الهيئات الاجتماعية

( دراسة في القانون رقم 15-12 المتضمن حماية الطفل الجزائري)

أ. آمنة وزاني، كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد خيضر بسكرة – الجزائر-

ملخـــــص:
الطفولة أولى المراحل التي يمر بها الإنسان، بحيث يكون فيها الطفل ضعيفا سواء من الناحية الجسدية أو النفسية والعقلية، ونتيجة لذلك لا يستطيع الاهتمام بنفسه ولا أن يدفع المخاطر التي قد يتعرض لها، ومن هذا المنطلق اتجهت جل الجهود الدولية والداخلية ومن بينها المشرع الجزائري إلى البحث عن طرق لحماية الطفل والمحافظة على حقوقه وكرامته، ومن أبرز هاته الطرق التي تم استحداثها من قبل المشرع الجزائري في القانون رقم 15-12 المتعلق بحماية الطفل هي الحماية الاجتماعية له، والتي تتكفل بها الهيئة الوطنية لحماية وترقية الطفولة على النطاق الوطني، ومصالح الوسط المفتوح على النطاق المحلي.

الكلمات المفتاحية: طفل، حماية، اجتماعية.

مقدمــــــــة:

يتصدر موضوع حماية الطفل قائمة الأولويات في المجتمعات، حيث تتجه الجهود والسعي الحثيث نحو توفير أنجع السبل وأفضل الطرق الممكنة لتحقيق طفولة آمنة ومستقرة، وطفولة خالية من المشاكل والعنف بكل أشكاله، فلأطفالنا قيمة كبيرة فهم أمل المستقبل لأي مجتمع مهما كان، ومن أجل ذلك لابد من تأسيس بيئة لها القدرة في توفير الرعاية الأمثل والاهتمام الأفضل لهم، بعيدا عن أي اعتداء أو عنف يحتمل أن يقع عليهم، ولا يتحقق ذلك إلا بإرساء قواعد وإجراءات فعالة ومؤسسات خاصة تهتم بالتعامل مع هذه الفئة الهشة المعرضة للخطر، وهذا ما قام المشرع الجزائري في القانون 15-12 باستحداثه لحماية الطفل في حالة خطر من خلال الحماية الاجتماعية له.

وقد ارتأينا دراسة موضوع الحماية الاجتماعية للطفل في حالة خطر باعتباره نوع جديد من الحماية له، مجسدة في هيئات مخصصة لهذا المجال، فانطلاقا مما سبق نطرح إشكالية الدراسة على النحو التالي:

ما هي الأجهزة المستحدثة من قبل المشرع الجزائري المنوط إليها بالحماية الاجتماعية للطفل في حالة خطر؟

للإجابة عن الإشكالية السابق ذكرها قمنا بتقسيم دراستنا إلى مبحثين الأول خصصناه بما لما قام المشرع الجزائري باستحداثها على النطاق الوطني بالتحديد في الهيئة الوطنية لحماية وترقية الطفولة، أما المبحث الثاني فمحور الحديث سيتركز على الحماية الاجتماعية للطفل على النطاق المحلي.

المبحث الأول: الهيئة الوطنية لحماية وترقية الطفولة:

سنحاول في هذا المبحث إعطاء مفهوم عام لهذه الهيئة ، وكذا التطرق للجانب التنظيمي لها وهذا من خلال المطالب التالية الذكر:

المطلب الأول: مفهوم الهيئة الوطنية لحماية وترقية الطفولة.

في هذا المطلب سنتحدث عن تعريف الهيئة الوطنية لحماية وترقية الطفولة في الفرع الأول، ومهامها في الفرع الثاني:

الفرع الأول: تعريف الهيئة الوطنية لحماية وترقية الطفولة:

هي هيئة وطنية موضوعة لدى الوزير الأول مقرها بمدينة الجزائر[1]،مكلفة بالسهر على حماية الطفل وترقية حقوقه برئاسة المفوض الوطني لها، بحيث تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي ومتاحة لها كل الوسائل البشرية والمادية من أجل تحقيق أهدافها والقيام بمهامها وفق شروط محددة عن طريق التنظيم[2]، وهو المرسوم التنفيذي رقم 16-334 المحدد لشروط وكيفيات تنظيم وسير الهيئة الوطنية لحماية وترقية الطفولة.

الفرع الثاني: مهام الهيئة الوطنية لحماية وترقية الطفولة:

نص القانون المتعلق بحماية الطفل على مجموعة من المهام الموكلة للهيئة بتنفيذها، من أجل حماية وترقية الطفولة من أي خطر تتعرض له وتتمثل هذه المهام في:

1/ حماية الطفل من خلال فحص كل وضعية ماسة بحقوقه سواء في صحته أو أخلاقه أو تربيته أو أمنه في خطر أو عرضة له، أو تكون ظروف معيشته أو سلوكه من شأنها أن يعرضاه للخطر المحتمل أو المضر بمستقبله، كذلك أن يكون في بيئة تعرض سلامته البدينة أو النفسية أو التربوية للخطر سواء عاينتها أو بلغت عنها3، باستثناء القضايا المعروضة على القضاء4.

2/ كما تتولى الهيئة ترقية حقوق الطفل بالتنسيق مع مختلف الهيئات والإدارات العمومية وكذا الأشخاص المكلفون برعاية الطفولة5،

3/ ترقية التعاون الدولي في مجال حقوق الطفل تحديدا مع مؤسسات الأمم المتحدة والمؤسسات الإقليمية المتخصصة والمؤسسات الوطنية لحقوق الطفل في الدول الأخرى، كما تتعاون مع المنظمات غير الحكومية الدولية،ومختلف الجمعيات والهيئات الناشطة في نفس المجال وذات الصلة[3].

4/ للهيئة الاستعانة بأي هيئة أو شخص للمساعدة في مهامها2.

المطلب الثاني: الجانب التنظيمي للهيئة الوطنية لحماية وترقية الطفولة.

يرئس الهيئة مفوض وطني لحماية الطفولة ومجموعة من الهياكل هي ( أمانة عامة، مديرية حماية حقوق الطفل، مديرية ترقية حقوق الطفل، لجنة تنسيق دائمة) 3، وهذا ما سنحاول بيانه بشيء من التفصيل في الفروع التالية الذكر:

الفرع الأول: المفوض الوطني للهيئة الوطنية لحماية وترقية الطفولة.

سنتناول في هذا الفرع كيفية تعيين المفوض الوطني للهيئة بداية، ثم بيان المهام التي يتحملها:

1/ تعيين المفوض الوطني للهيئة الوطنية لحماية وترقية الطفولة: يعين المفوض الوطني بموجب مرسوم رئاسي من بين الشخصيات الوطنية ذات الخبرة والمعروفة بالاهتمام بالطفولة4، ومراعاة نص المادة 12 من القانون 15-12 تم تعيين مريم شرفي كمفوضة وطنية ورئيسة للهيئة الوطنية لحماية وترقية الطفولة، وهي قاضي للأحداث منذ فترة من الزمن، وتشغل منصب مديرة فرعية لحماية الأحداث والفئات الضعيفة بالمديرية العامة لإدارة السجون، كما كانت عضوا في اللجنة الوزارية المشتركة التي أعدت قانون حماية الطفل، وتم تنصيبها من طرف الوزير الأول عبد المالك سلال بتاريخ 09/06/20165

2/ مهام المفوض الوطني: يعتبر الدور الرئيسي للمفوض الوطني لحماية الطفولة هو التنظير والتخطيط لوضع برامج وطنية ومحلية لحماية وترقية حقوق الطفل من خلال التنسيق بين مختلف المتعاملين مع الموضوع، وبالرجوع لنص المادة 13 من القانون 15-12

السابق الذكر فإن المفوض الوطني يتولى تسيير الهيئة وتنشيطها وتنسيق نشاطها ومن أبرز مهامه:

* إدارة الهيئة وإعداد برامج سير هياكلها، مع تمثيلها أمام الجهات الإدارية والقضائية؛

* وضع برامج وطنية ومحلية لحماية وترقية حقوق الطفل بالتنسيق مع مختلف الإدارات والمؤسسات والهيئات العمومية والأشخاص المكلفين برعاية الطفولة وتقييمها الدوري؛

* متابعة الأعمال المباشرة ميدانيا في مجال حماية الطفل والتنسيق بين مختلف المتدخلين؛

* القيام بكل عمل للتوعية والإعلام والاتصال؛

* تشجيع البحث والتعليم في مجال حقوق الطفل بهدف فهم الأسباب الاقتصادية والاجتماعية و/ أو الثقافية لإهمال الأطفال وإساءة معاملتهم واستغلالهم وتطوير سياسات مناسبة لحمايتهم؛

* إبداء الرأي في التشريع الوطني الساري المفعول المتعلق بحقوق الطفل؛

* ترقية مشاركة هيئات المجتمع المدني في متابعة وترقية حقوق الطفل؛

* وضع نظام معلوماتي وطني حول وضعية الطفل في الجزائر بالتنسيق مع الإدارات والهيئات المعنية[4]؛

* زيارة المصالح المكلفة بحماية الطفولة وتقديم أي اقتراح كفيل بتحسين سيرها أو تنظيمها2.

وللإشارة أنه يجب على الإدارات والمؤسسات العمومية وكل الأشخاص المكلفين برعاية الطفولة تقديم التسهيلات للمفوض الوطني وأن تضع تحت تصرفه المعلومات التي يطلبها على أن يتقيد بعدم إفشائها، ويستثنى من المنع السلطة القضائية3.

كما لا يمكن الاعتداد بالسر المهني في مواجهة المفوض الوطني، ويعفى كل من قدم معلومات له حول المساس بحقوق الطفل، وكل من تصرف بحسن نية من أي مسؤولية إدارية أو مدنية أو جزائية حتى وإن لم تؤد التحقيقات لأي نتيجة،

3/ التزامات المفوض الوطني: يلتزم المفوض الوطني لحماية وترقية الطفولة بإعداد تقارير على المستوى المحلي و على المستوى الدولي وها ما سنبرزه فيما يلي:

4/ التزام المفوض الوطني على النطاق المحلي: بحسب نص المادة 20 من القانون 15-12 يلتزم المفوض الوطني لحماية وترقية الطفولة بإعداد تقريرا سنويا عن حالة حقوق الطفل ومدى تنفيذ اتفاقية حقوق الطفل 1989 ويرفعه إلى رئيس الجمهورية ، ويتم نشره وتعميمه خلال 3 أشهر الموالية1

5/ التزام المفوض الوطني على النطاق الدولي: بالرجوع لنص المادة 20 من القانون 15-12 فإن المفوض الوطني لحماية الطفولة يلتزم بإعداد تقارير عن حقوق الطفل من أجل تقديمها إلى الهيئات الدولية والجهوية المختصة2

الفرع الثاني: الأمانة العامة للهيئة الوطنية لحماية وترقية الطفولة:

يسيرها أمين عام مكلف بما يلي:

1/ يسهر على مساعدة عمل المفوض الوطني في تنفيذ برنامج الهيئة.

2/ ضمان التسيير المالي و المحاسبي والإداري للهيئة.

3/ تضم المديرية الفرعية لها مكتبين3 .

الفرع الثالث: مديرية حماية حقوق الطفل :

تتمحور مهامها على الخصوص بحسب ما حددته نص المادة 11 من المرسوم التنفيذي 16-334 وهي:

1/ وضع برامج وطنية ومحلية لحماية حقوق الطفل بالتنسيق مع كل من له علاقة برعاية الطفولة مع تقييمها الدوري،

2/ تنفيذ التدابير التي تدخل ضمن السياسة الوطنية لحماية الطفل، وتشجيع البحث والتعليم في مجال حقوق الطفل،

3/ متابعة الأعمال المتعلقة بحماية الطفل ميدانيا وتشجيع كل الهيئات على العمل في ذلك، مع وضع آليات عملية للإخطار عن الأطفال في حالة خطر1

الفرع الرابع: مديرية ترقية حقوق الإنسان:

تناولتها نص المادة 12 من المرسوم التنفيذي 16-334، ومكلفة بـ:

1/ وضع برامج وطنية ومحلية لترقية حقوق الطفل وتنفيذها،

2/ القيام بكل عمل تحسيسي وإعلامي في مجال ترقية الطفل بالتنسيق مع المجتمع المدني،

3/ تسيير النظام المعلوماتي حول وضعية الطفل بالجزائر2

الفرع الخامس: لجنة التنسيق الدائمة:

يتمثل دور اللجنة في دراسة المسائل المتعلقة بحقوق الطفل التي يعرضها عليها المفوض الوطني للتعاون والتشاور مع مختلف القطاعات والهيئات العمومية والخاصة، من خلال تزويدها بالمعلومات الخاصة بالطفولة3، بحيث تضم هذه اللجنة المفوض الوطني رئيسا أو ممثله، وممثلي الوزارات ( الشؤون الخارجية والداخلية والجماعات المحلية، العدل، المالية، الشؤون الدينية، التربية، التعليم العالي التكوين والتعليم المهني، العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، والثقافة، والتضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة، والصحة، الشباب والرياضة، الاتصال، والمديرية العامة للأمن الوطني، وقيادة الدرك الوطني، وممثلي عن المجتمع المدني) 4،يتم تعيين الأعضاء لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد بناء على طلب السلطات والمنظمات التي يتبعونها، ويشترط لعضوية ممثلي الوزارات أن يكونوا يشغلون منصب نائب مدير في الإدارة المركزية على الأقل، وتم تنصيبها في 21 نوفمبر 2017 في حفل تنصيب لها أشرفت عليه السيدة مريم شرفي المفوض الوطني للهيئة5

المطلب الثالث: آلية الإخطار للهيئة الوطنية لحماية وترقية الطفولة.

سنخصص هذا المطلب للحديث عن أهم آلية مستحدثة لنظام المساعدة الاجتماعية وهي آلية إخطار الهيئة الوطنية لحماية وترقية الطفولة، من خلال إبراز الجهات المسؤولة عن القيام به:

الفرع الأول: جهات الإخطار:

نصت المادة 15 من القانون 15-12 المتعلق بحماية الطفل على:” يخطر المفوض الوطني لحماية الطفل من كل طفل أو ممثله الشرعي أو كل شخص طبيعي أو معنوي حول المساس بحقوق الطفل”.

1/ الطفل: بحسب نص المادة 02 /1 من القانون 15-12 فالطفل هو كل شخص لم يبلغ الثامنة عشر (18) سنة كاملة1.

2/ الممثل الشرعي: بالرجوع لنص المادة 2 من القانون 15-12 المتعلق بحماية الطفل، حددت لنا من هو الممثل الشرعي للطفل بقولها:” وليه أو وصيه أو كافله أو المقدم أو حاضنه”.

من خلال نص المادة السابقة الذكر سنقوم بتحديد الممثل الشرعي في كل صورة على حدا فيما يلي:

* الولي: بحسب نص المادة 87 من الأمر 05-02 2حددت لنا من هو الولي بقولها:” يكون الأب وليا على أولاده القصر وبعد وفاته تحل الأم محله قانونا. وفي حالة غياب الأب أو حصول مانع له تحل الأم محله في القيام بالأمور المستعجلة..”3فالأصل أن الأب هو الولي على الطفل وفي حالة وفاته أو غيابه تحل محله الأم وذلك بقوة القانون، وتقع على مسؤوليتهما حمايته وتأمين كل الظروف الملائمة لتنشئته نشأة متوازنة وسوية، وحمايته من التعرض للخطر أو أن يصبح جانحا3.

* الوصي1: هو شخص معين وفق شروط من طرف أصول الطفل الأب أو الجد بالطرق القانونية من أجل تولي أموره، ويتحقق ذلك في وفاة الأم أو إثبات عدم أهليتها بالقيام بواجباتها كأم، وهذا ما نصت عليه المادتين 92 ، 93 من القانون 84-112 .

* الكافل3: هو شخص متبرع لتربية ولد قاصر معلوم أو مجهول النسب في النفقة والتربية والرعاية وفق شروط محددة قانونا، وهذا ما حددته نصوص المواد من 117 إلى 119 من قانون الأسرة4.

* المقدم5: هو شخص معين من طرف المحكمة في حالة عدم وجود ولي أو وصي على من كان فاقدا للأهلية أو ناقصا لها، ويكون بطلب أحد الأقارب أو من له مصلحة أو من النيابة العامة، وهو يخضع لنفس أحكام الوصي على شرط أن يكون عديم أو ناقصا للأهلية، وهذا ما جاءت به المادتين 99، 100 من القانون رقم 84-11

* الحاضن6: بحسب نص المادة 64 من الأمر رقم 05-02 حددت لنا صاحب الحق في الحضانة، وهي بالترتيب الأم، الأب، الجدة لأم، الجدة لأب، الخالة، العمة، الأقربون درجة وحق الحضانة يكون في الغالب في حال انفصال الوالدين بالطلاق أو بوفاة أحدهما، فيصبح المسؤول عن رعاية الطفل حمايته.

* شخص طبيعي: ويقصد بالشخص الطبيعي هو الإنسان الذي يكون صالحا لاكتساب الحقوق وتحمل الالتزامات،

* شخص معنوي: ويقصد به مجموعة من الأشخاص أو الأموال التي تتحد من أجل تحقيق غرض وهو حماية الطفل، ويكون معترف لها بالشخصية القانونية، وهو كيان له تنظيم خاص لممارسة ذلك، ما ينتج له مجموعة من الآثار القانونية على إبرام العقود وله ذمة مالية خاصة، ويتمتع بأهلية التقاضي7 .

الفرع الثاني: الإخطار التلقائي:

ويقصد به التدخل للمفوض الوطني ، تلقائيا لمساعدة الأطفال في خطر أو حالات المساس بالمصلحة الفضلى للطفل1، يتم التبليغ عن طريق رقم أخضر مجاني عن كل الانتهاكات الماسة بحقوق الطفل، مع بقاء عنصر السرية للأشخاص المبلغين ولا يتم الكشف عن الهوية إلا برضا الشخص المبلغ تحت طائلة العقوبات في حالة الكشف2.

1/تصرف المفوض الوطني في الإخطارات: تناولت المادة 16 من القانون 15-12 السابق الذكر كيفية تصرف المفوض الوطني لحماية الطفولة في الإخطارات المبلغة له عن وجود طفل في حالة خطر، ونقسمها إلى:

* إخطارات لا تتضمن وصفا جزائيا: يتم تحويلها إلى مصلحة الوسط المفتوح المختصة إقليميا للتحقيق فيها واتخاذ الإجراءات المناسبة طبقا للطرق المنصوص عليها،

* إخطارات تتضمن وصفا جزائيا: يتم تحويلها إلى وزير العدل حافظ الأختام، الذي بدوره يخطر النائب العام المختص قصد تحريك الدعوى العمومية عند الاقتضاء، كما يتم تبليغ قاضي الأحداث في حالة الخطر الحال الماس الذي يهدد الطفل ويقتضي إبعاده عن أسرته، وهذا في حالة أن يكون المصدر الخطر الموجه إلى الطفل هو ممثله الشرعي3.

المبحث الثاني: الحماية الاجتماعية على المستوى المحلي.

تختص مصالح الوسط المفتوح بالتنسيق مع مختلف الهيئات والمؤسسات العمومية والأشخاص المكلفين بالاهتمام والرعاية بالطفولة بالحماية الاجتماعية لهم، وسنحاول فيما يلي بيان الجانب التنظيمي لها، وكذا الجانب الإجرائي.

المطلب الأول: الجانب التنظيمي لمصالح الوسط المفتوح.

الفروع التالية سنوضح دور مصالح الوسط المفتوح الذي أوجدت من أجله، والمهام المنوطة إليها:

الفرع الأول: دور مصالح الوسط المفتوح:

يتمحور دور مصالح الوسط المفتوح بمتابعة وضعية الأطفال في خطر والتكفل بهم ومساعدة أسرهم1، ويتم إنشاء بمعدل مصلحة واحدة بكل ولاية من الولايات الجزائرية الثماني والأربعين، لكن في الولايات ذات الكثافة السكانية المرتفعة كالجزائر العاصمة ووهران وقسنطينة، يتم إنشاء عدة مصالح بحسب المقاطعات والمدن الجديدة بها، كل في دائرة اختصاصها لكن للإشارة أنه لا يمكن لأي مصلحة رفض التكفل بطفل يقيم خارج نطاق اختصاصها الإقليمي، إلا أنه يمكنها طلب مساعدة المصلحة المختصة إقليميا في مكان إقامة أو سكن الطفل أو تحويلها إليها مباشرة2.

الفرع الثاني: تشكيلة مصالح الوسط المفتوح:

تتشكل مصالح الوسط المفتوح من:

1/ موظفين مختصين؛

2/ مربين؛

3/ المساعدين الاجتماعيين؛

4/ اختصاصيين نفسانيين؛

5/ اختصاصيين اجتماعيين؛

6/ كفاءات من رجال القانون والحقوق؛

ويتم الرجوع للتنظيم الخاص بمصالح الوسط المفتوح لتحديد الشروط وكيفيات التطبيق3 .

المطلب الثاني: الجانب الإجرائي لمصالح الوسط المفتوح.

كما سبق وأن ذكرنا تتمتع الهيئة الوطنية لحماية وترقية الطفولة بآلية الإخطار ، وهي أهم ما استحدثه قانون حماية الطفولة، وقد أورد هذه الآلية لمصالح الوسط المفتوح كذلك وهذا ما سنبرزه في الفروع الآتية:

الفرع الأول: آلية الإخطار لمصالح الوسط المفتوح:

بالرجوع لنص المادة 22 من القانون 15-12 يتم إخطار مصالح الوسط المفتوح من قبل كل من:

1/ لطفل أو ممثله الشرعي: بنفسه أو بمرافقة ممثله الشرعي أو ممثله الشرعي بمفرده،

2/ الشرطة القضائية: وهي المصالح بجميع وحداتها على مستوى الولايات، وتشرف على ممارسة الضبطية القضائية والفرق المتنقلة للشرطة القضائية، بحيث لها فروع على مستوى أمن الدوائر تسمى بشعبة الشرطة القضائية، وكذا على مستوى الأمن الحضري تسمى بمكاتب الشرطة القضائية1.

3/ الوالي: وهو ممثل الدولة ومفوض الحكومة على مستوى الولاية2.

4/ رئيس المجلس الشعبي البلدي: وهو المسؤول الأول ويمثل الهيئة التنفيذية على مستوى البلدية 3،

5/ الجمعية: بإسقاط نص المادة 2 من القانون رقم 90-31 فهي اتفاقية يجتمع في إطارها أشخاص طبيعيون أو معنويون على أساس تعاقدي ولغرض غير مربح في تسخير معارفهم ووسائلهم لمدة محددة أو غير محددة من أجل ترقية الأنشطة من أجل حماية الطفولة 4.

6/ الهيئات العامة أو الخاصة ذات الطابع الاجتماعي التي تنشط في مجال حماية الطفل.

7/ المساعدون الاجتماعيون.

8/ المربون.

9/ المعلمون.

10/ الأطباء.

11/ كل شخص طبيعي أو معنوي آخر.

12/ التدخل تلقائيا.

وللإشارة أنه يتم إعفاء الأشخاص الطبيعية وكذا المعنوية الذين قدموا إخطارات بحسن نية حول المساس بحقوق الطفل إلى مصالح الوسط المفتوح من أي مسؤولية سواء كانت إدارية أو مدنية أو جزائية، خاصة إذا كانت الأبحاث الاجتماعية لم تؤد إلى أي

نتيجة [5].

الفرع الثاني: تصرف مصالح الوسط المفتوح في الإخطارات:

عند إخطار مصالح الوسط المفتوح عن وجود الطفل في حالة خطر تقوم هذه الأخيرة بأبحاث اجتماعية من خلال الانتقال إلى مكان تواجد الطفل والاستماع إليه وإلى ممثله الشرعي من أجل تحديد وضعيته، مع إمكانية طلب تدخل النيابة العامة أو قاضي الأحداث إذا كان الخطر الماس بالطفل ذو طبيعة جزائية2، وهذا ما سنركز بدراسته فيما يلي:

1/ معالجة مصالح الوسط المفتوح: في حالة إذا تم التوصل من خلال الأبحاث التي قامت بها مصلحة الوسط المفتوح أن الطفل ليس في حالة خطر بحسب ما حددته المادة 2/2 من القانون 15-12 المتعلق بحماية الطفل يتم تبليغ الطفل وممثله الشرعي بذلك، لكن في المقابل إذا تم التأكد من وجود الطفل في حالة خطر يتم الاتصال بممثله الشرعي من أجل الاتفاق على اتخاذ الإجراء والتدبير المناسب والأكثر ملائمة لحماية الطفل وإبعاده من الخطر كل حسب حالته وبحسب الخطر الذي يتعرض له، مع وجوب إشراك الطفل الذي يبلغ 13 سنة على الأقل بالتدبير الذي سيتخذ بشأنه، وللإشارة فالاتفاق عبارة عن محضر موقع من طرف جميع الأطراف، مع وجوب قيام مصلحة الوسط المفتوح إعلام الطفل البالغ من العمر 13 سنة على الأقل وممثله الشرعي

على الحق رفض الاتفاق قبل تحريره1، مع إمكانية مراجعة التدبير المتفق عليه جزئيا أو كليا من قبل مصلحة الوسط المفتوح بصورة تلقائية أو بطلب من الطفل أو ممثله الشرعي2، وقبل اتخاذ أي تدبير من التدابير المتفق عليها يجب على مصلحة الوسط المفتوح إبقاء الطفل في أسرته، وإمكانية اقتراح مجموعة التدابير الاتفاقية وهي:

* إلزام الأسرة باتخاذ التدابير الضرورية المتفق عليها لإبعاد الخطر عن الطفل في الآجال التي تحددها مصلحة الوسط المفتوح،

* تقديم المساعدة الضرورية للأسرة وذلك بالتنسيق مع الهيئات المكلفة بالحماية الاجتماعية،

* إخطار الوالي أو رئيس المجلس الشعبي البلدي المختصين أو أي هيئة اجتماعية من أجل التكفل الاجتماعي بالطفل،

* اتخاذ الاحتياطات الضرورية لمنع اتصال الطفل مع أي شخص يمكن أن يهدد صحته أو سلامته البدنية أو المعنوية3.

وكملاحظة أن مصالح الوسط المفتوح تتمتع بمجموعة من الامتيازات تتمثل في وضع الدولة تحت تصرفها مختلف الوسائل البشرية من اختصاصيين وكفاءات في مجال حماية الطفل، والوسائل المادية اللازمة للقيام بمهامها4، وكذا إلزام للإدارات والمؤسسات التبعة للقطاع العام والأشخاص المكلفين برعاية الطفولة تقديم كل التسهيلات لها بشرط تقييدها بعدم إفشائها، ويستثنى من هذا الإلزام السلطة القضائية5.

2/ الإحالة لقاضي الأحداث: يعتبر دور قاضي الأحداث كمراقب ومشرف على الحماية الاجتماعية للطفل على المستوى المحلي ويظهر ذلك جليا من خلال نص المادة 29/1 من القانون 15-12 بحيث هنالك إلزام لمصلحة الوسط المفتوح بإعلام قاضي الأحداث دوريا بالأطفال المتكفل بهم وبالتدابير المتخذة بشأنهم1، والحالات التي يتم الرفع فيها لقاضي الأحداث مباشرة هي:

* عدم التوصل إلى اتفاق بين المصلحة وبين الطفل وممثله الشرعي في أجل أقصاه 10 أيام من تاريخ إخطارها.

* حالة تراجع الطفل أو ممثله الشرعي عن الاتفاق المبرم.

* فشل التدبير المتفق عليه بالرغم من مراجعته .

* الرفع الفوري لقاضي الأحداث في حالات الخطر الحال.

* الحالات التي يستحيل معها إبقاء الطفل في أسرته باعتباره ضحية لممثله الشرعي2 .

الخاتمـــــة:

في الأخير نقول أن الجزائر في الفترة الأخيرة تشهد تطورا قانونيا وتشريعيا ملحوظا في مجال حقوق الطفل، ويظهر ذلك من خلال تنوع مجالات الحماية له، الأبرز من بينها هي الحماية الاجتماعية للطفل في حالة خطر، وهاته الأخيرة تجسدت من خلال استحداث أجهزة وهيئات منشأة لتحقيق ذلك الغرض، ومن خلال دراستنا لهذا الموضوع توصلنا لمجوع من النتائج هي:

* إن استحداث قانون متعلق بحماية الطفل خاصة لما يحتويه من شق الحماية الاجتماعية هو تكريس لالتزامات الجزائر الدولية بالتحديد لما جاءت به اتفاقية حقوق الطفل لسنة 1989، والتفاعل مع الجهود الدولية لتطوير وإرساء بنى مؤسساتية من أجل تحقيق بيئة تشريعية حامية للطفولة.

* رغم التقدم النسبي للمشرع الجزائري في الآونة الأخيرة في مجال حماية الطفل إلا أنه متأخر بـ 25 سنة بالنظر لتاريخ إصدار اتفاقية حقوق الطفل 1989، وحتى على المستوى الداخلي فقد مرت أكثر من سنة ونصف حتى تم إصدار المرسوم التنفيذي المحدد لشروط وكيفيات تنظيم وسير الهيئة الوطنية لحماية وترقية الطفولة، بينما المرسوم المتعلق بتنظيم وسير هيئات الوسط المحلي فلم يتم إصداره لحد الساعة.

وتوصلنا في الأخير لمجوعة من التوصيات هي:

* لابد على المشرع من إصدار قوانين تفسيرية وتوضيحية لإزالة كل لبس وغموض يشوب القانون المتعلق بحماية الطفل، كما لابد من مراجعة وتعديل منظومة القوانين المتعلقة في مجال حماية الطفل خاصة في مجال الهيئات القائمة على الحماية الاجتماعية، وجعلها مسايرة للقوانين والاتفاقيات الدولية على ألا تتعارض مع مبادئ الدين الإسلامي والثوابت الوطنية.

* الإسراع في تجسيد الأجهزة المختصة بالحماية الاجتماعية على أرض الواقع فقد قرب مرور السنتين على صدور القانون المتعلق بحماية الطفل ولم يتم تجاوز الأمور التنظيمية الإنشائية لها.

[1] المادة 11 من القانون 15-12 المؤرخ في 28 رمضان 1436 هـ، الموافق لـ 15 يوليو 2015م، المتعلق بحماية الطفل، ( ج ر عدد 39، المؤرخ في 3 شوال 1436ه، الموافق لـ 19 يوليو، 2015م)، ص، 7.

[2] المادة 2 من المرسوم التنفيذي رقم 16-334 المؤرخ في 19 ربيع الأول 1438هـ، الموافق لـ 19 ديسمبر 2016م، المحدد لشروط وكيفيات تنظيم وسير الهيئة الوطنية لحماية وترقية الطفولة ( ج ر عدد 75، المؤرخة في 21 ربيع الأول 1438هـ، الموافق لـ 21 ديسمبر 2016م)، ص، 10.

3 المادة 3/1 من المرسوم التنفيذي رقم 16-334، ص، 10

4 المادة 6 من المرسوم التنفيذي رقم 16-334، ص، 10.

5 المادة 3/2 من المرسوم التنفيذي 16-334، ص، 10.

[3] المادة 4 من المرسوم التنفيذي 16-334، ص، 10.

2 المادة 5 من المرسوم التنفيذي 16-334، ص، 10.

3 المادة 7 من المرسوم التنفيذي 16-334، ص، 10.

4 نجيمي جمال، قانون حماية الطفل في الجزائر تحليل وتأصيل، دار هومه، الجزائر، 2016، الطبعة الأولى، ص49.

5 http://www.annasronline.com النصر يومية كل القراء، الجزائر، تاريخ المشاهدة 10/10/2016.

[4] المادة 13 من القانون 15-12، ص، 7.

2 المادة 14 من القانون 15-12، ص، 7.

3 المادة 17 من القانون 15-12، ص، 7.

1 انجيمي جمال، المرجع السابق، ص51

2 المادة 19 من القانون 15-12، ص، 8.

3 المادة 10 من المرسوم التنفيذي 16-334، ص، 10، 11.

1 المادة 11 من المرسوم التنفيذي 16-334، ص، 11.

2 المادة 12 من المرسوم التنفيذي 16-334، ص، 11.

3 المادة 15 من المرسوم التنفيذي 16-334، ص، 11.

4 المادة 16 من المرسوم التنفيذي 16-334، ص، 11.

5 http://www.eldjazaironline.net الجزائر أونلاين، الجزائر، تاريخ المشاهدة 22/11/2017.

1 بن عبد القادر فاتح، اختطاف الأطفال الأسباب والحلول، دار الشافعي، الجزائر، 2016، الطبعة الأولى، ص26.

2 المادة 87 من الأمر رقم 05-02 المؤرخ في 18 محرم 1426ه، الموافق لـ 27 فبراير 2005م، المعدل والمتمم للقانون رقم 84-11 المؤرخ في 9 رمضان 1404ه، الموافق لـ 9 يونيو 1984 المتضمن لقانون الأسرة، ( ج ر عدد 15، المؤرخ في 18 محرم 1426ه، الموافق لـ 27 فبراير 2005م)، ص، 22.

3 عبد الله سيد أحمد سرور، الولاية على قانون الولاية على النفس، دار الألفي للنشر والتوزيع، مصلا، 2002، ص13.

1 محمد سعيد جعفور، مدخل إلى العلوم القانونية- دروس في نظرية الحق-، الجزء الثاني، دار هومه، الجزائر، 2011، ص608.

2 المادتين 92، 93 من القانون رقم 84-11 المؤرخ في 9 رمضان 1404ه، الموافق لـ 9 يونيو 1984 المتضمن لقانون الأسرة، ( ج ر عدد، 24، المؤرخ في 12 رمضان 1404ه، الموافق لـ 12 يونيو 1984م)، ص، 915.

3 محمد مصطفى شلبي، أحكام الأسرة في الإسلام، دار النهضة العربية، مصر، 1977، ص 254.

4 لمادة 64 من الأمر رقم 05-02، ص، 22.

5 مصطفى السباعي، عبد الرحمن الصابوني، الأحوال الشخصية في الأهلية والوصية والتركات، المطبعة الجديدة، سوريا، 1978، الطبعة الخامسة، ص 77.

6 حسيني عزيزة، الحضانة في قانون الأسرة، رسالة ماجيستير، جامعة الجزائر، كلية الحقوق، 2001، ص، ص، 28، 29.

7 عمار بوضياف، الوجيز في القانون الإداري، جسور للنشر والتوزيع، الجزائر، 2007، الطبعة الأولى، ص149.

1 المادة 19/1 من المرسوم التنفيذي 16-334، ص، 12.

2 المادة 21/2،3 من المرسوم التنفيذي 16-334، ص، 12.

3 المادة 23 من المرسوم التنفيذي 16-334، ص، 12.

1 المادة 22/1 من القانون 15-12، ص، 8.

2 المادة 22/3 من القانون 15-12، ص، 8

3 المادة21/3 من القانون 15-12، ص، 8.

1 هنوني نصر الدين، يقدح دارين، الضبطية في القانون الجزائري، دار هومه، الجزائر، 2009، الطبعة الأولى، ص، 15.

2 محمد الصغير بعلي، القانون الإداري، دار العلوم للنشر، الجزائر، 2004، الطبعة الأولى، ص، 54.

3 عمار عوابدي، دروس في القانون الإداري، دار المطبوعات الجامعية، الجزائر، 1990، الطبعة الأولى، ص 194.

4 المادة 2 من القانون 12-06 المؤرخ في 18 صفر 1433هـ الموافق لـ 12 يناير 2012 المتعلق بالجمعيات، ( ج ر عدد 2، المؤرخة في 21 صفر 1433هـ الموافق لـ 15 يناير 2012م)، ص، 34.

[5] المادة31/3 من القانون 15-12، ص، 9.

2 المادة 23 من القانون 15-12، ص، 8.

1 المادة 24/1 من القانون 15-12، ص، 8.

2 المادة 24/2 من القانون 15-12، ص، 8.

3 المادة 25 من القانون 15-12، ص، 88، 9.

4 المادة 31/1 من القانون 15-12، ص، 9.

5 المادة 31/2 من القانون 15-12، ص، 9.

1 المادة 29 من القانون 15-12، ص، 9.

2 المادة 28 من القانون 15-12، ص، 9.