حكم تمييز شيك بدون رصيد ( براءة)

محكمة التمييز

الدائرة الجزائية

جلسة 17/ 2/ 2004

برئاسة السيد المستشار/ كاظم محمد المزيدي – رئيس الجلسة

وعضوية السادة المستشارين/ محمود دياب وعاطف عبد السميع ونجاح نصار ومصطفى كامل

(20)

(الطعن رقم 578/ 2002 جزائي)

1 – حكم (تسبيب حكم البراءة) – شيك – دعوى مدنية تابعة – دعوى جزائية – تمييز [(أسباب الطعن)، (سبب قائم على جدل موضوعي)].

– كفاية تشكك المحكمة في صحة إسناد التهمة إلى المتهم للقضاء بالبراءة – ما دامت أحاطت بالدعوى عن بصر وبصيرة.

– القضاء بالبراءة في الدعوى الجزائية يتلازم معه حتمًا الحكم برفض الدعوى المدنية.

– عدم التزام المحكمة في حالة القضاء بالبراءة بالرد على كل دليل من أدلة الثبوت ما دام أنها رجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة في عناصر الإثبات – التفاتها عنها مفاده – إطراحها لها.

– الجدل الموضوعي في استخلاص صورة الواقعة وتقدير أدلتها – غير جائز أمام التمييز.

– مثال لتسبيب سائغ لحكم بالبراءة في جريمة شيك بدون رصيد.

1 – يكفي في المحاكمات الجزائية أن تتشكك المحكمة في صحة إسناد التهمة إلى المتهم كي تقضي ببراءته ما دامت قد أحاطت بالدعوى عن بصر وبصيرة وخلا حكمها من عيوب التسبيب. وإن القضاء بالبراءة في الدعوى الجزائية لعدم ثبوتها، يتلازم معه حتمًا الحكم برفض الدعوى المدنية، المقامة تبعًا لها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى ببراءة المطعون ضده ورفض الدعوى المدنية، على قوله: (.. وكان الثابت لدى هذه المحكمة من اطلاعها على صورة مذكرة النيابة العامة في الجناية رقم….. لسنة 2000 الصالحية المقدمة ضمن حافظة مستندات المتهم المقدمة لمحكمة أول درجة، أن الرائد….. ضابط مباحث الصالحية، شهد في تحقيقات تلك الجناية أنه فتش مسكن….. بناءً على إذن النيابة العامة بذلك، وعثر فيه على صورة ضوئية للشيك رقم….. المسحوب على البنك العقاري الكويتي،

وصورة ضوئية للشيك رقم….. المسحوب على بنك الخليج)، وهما الشيكان موضوع الاتهام في هذا الاستئناف. وأن كل من الصورتين خاليتين من البيانات عدا توقيع الساحب – المتهم – وإذ كان ما تقدم يرسخ اطمئنان المحكمة أن المتهم لم يصدر الشيكين موضوع هذه الدعوى إلى الشاكي – المدعي بالحق المدني – وفقًا لتصويره للواقعة في بلاغه، وإنما اقتصر نشاطه على التوقيع عليهما على بياض، وسلمهما إليه لاستعمالهما في تسيير أمور العمل في مؤسسته، وهي الصورة الحقيقية التي تراها هذه المحكمة للواقعة، وتستخلص من استقرائها لصورة المذكرة المشار إليها، وصورة مذكرة النيابة العامة في القضية رقم 390 لسنة 2000 جنايات الصالحية المودعة بحافظة مستندات المتهم المقدمة لمحكمة أول درجة، أن المتهم وثق بالمدعي بالحق المدني إلى أبعد الحدود، بينما مرد الأخير على استغلال هذه الثقة والعبث بها، باستعمال الشيكات المسلمة إليه موقعة على بياض من المتهم، وبطاقات السحب الآلي في غير ما انصرفت إليه نيته، وهو ما لا تطمئن معه المحكمة لصحة ما أسنده المدعي بالحق المدني للمتهم، ويجعل اتهامه له بإصدار الشيكين له بلا رصيد يفتقد لسنده من الواقع أو القانون، ولا ترى المحكمة فيما ساقه المدعي بالحق المدني من أسانيد لزعمه ما ينال من اطمئنان المحكمة لعدم صحة بلاغه وشكها فيه. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم مفاده أن تسليم الشيكين موضع الدعوى موقعين من المطعون ضده على بياض، لم يكن بقصد التخلي عنهما لمصلحة الطاعن الشخصية، حتى يسوغ اعتباره مفوضًا في أن يستكمل بياناتها على هذا الأساس،

وإنما كان لأجل استعمالهما في أمور تتعلق بنشاط مؤسسة المطعون ضده. وأن ما أقدم عليه الطاعن من استكمال البيانات باعتباره المستفيد بالشيكين، إنما كان على خلاف قصد الساحب، وأن الحكم أطرح التصوير المخالف للواقعة الذي أبداه الطاعن، وما قدمه من أدلة وقرائن عليه. وكان ما خلص إليه الحكم يسوغ به حمل قضائه بالبراءة ورفض الدعوى المدنية، وكانت محكمة الموضوع لا تلتزم في حالة القضاء بالبراءة بالرد على كل دليل من أدلة الثبوت، ما دام أنها قد رجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة في عناصر الإثبات، ولأن في عدم تناولها ما يفيد أنها أطرحتها ولم ترَ فيها ما تطمئن معه إلى إدانة المطعون ضده، فإن الطعن في جملته ينحل إلى جدل حول سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الدعوى، وتقدير أدلتها، مما لا تجوز إثارته لدى محكمة التمييز.

الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده في قضية الجناية رقم….. لسنة 2000 – 64 لسنة 2000 الفيحاء، بأنه في يوم 23/ 10/ 2000 بدائرة مخفر شرطة الفيحاء محافظة العاصمة: أصدر بسوء نية الأمر….. الشيك رقم….. مسحوبًا على البنك العقاري الكويتي، والشيك رقم….. مسحوبًا على بنك الخليج بمبلغ إجمالي قدره مائة وثمانية وأربعين ألف دينار، دون أن يكون لهما مقابل وفاء قائم وقابل للتصرف فيه. وأحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمادة (237/ 1 (أ)) من قانون الجزاء. حكمت المحكمة غيابيًا بحبس المطعون ضده خمس سنوات مع الشغل والنفاذ. عارض المطعون ضده، وادعى الطاعن مدنيًا بمبلغ 5001 دينار على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة المعارضة حكمت بإلغاء الحكم المعارض فيه وبراءة المطعون ضده ورفض الدعوى المدنية. استأنف الطاعن هذا الحكم واستأنفته النيابة العامة، وبتاريخ 25/ 11/ 2002 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، وقرر الطاعن بالطعن في هذا الحكم بطريق التمييز.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة وبعد المداولة.

حيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون.

وحيث ينعى الطاعن – المدعي بالحقوق المدنية – على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضده من تهمة إعطائه الشيكين موضوع الدعوى، دون أن يكون لهما رصيد قائم وقابل للتصرف فيه ورفض الدعوى المدنية، قد شابه خطأ في تطبيق القانون، وانطوى على قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال، ذلك بأن تسليم الشيكين إلى الطاعن موقعين من المطعون ضده على بياض، هو في صحيح القانون – تفويضًا من المطعون ضده في وضع بياناتهما من الطاعن، وقد خالف الحكم هذا النظر.

وإن الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى هى أن المطعون ضده مدين للطاعن بقيمة الشيكين واقترض منه مبالغ أخرى، وقد اختلق المطعون ضده صورة مؤداها أن الطاعن اختلس الشيكين وخان الأمانة، ردًا على مطالبة الطاعن بحقوقه قبله بالدعوى رقم….. لسنة 2000 عمالي كلي، ورغبته في العمل مستقلاً عنه. ومما يدل على ذلك وعلى سوء نية المطعون ضده، تأخره في تحرير الجنحة رقم….. لسنة 2001 التي زعم فيه باختلاس الشيكين، واستعانته فيها بشهود يعملون لديه خاضعين لنفوذه، وهو ما كان يستوجب من المحكمة ندب خبير للوقوف على أسباب إصدار الشيكين. ولم تتفطن المحكمة إلى التناقض في قول المطعون ضده حين أدعى بسرقة الشيكين في كتبه إلى البنوك، رغم إقراره بالتحقيقات بأنه سلمهما إلى الطاعن موقعين على بياض. أو إلى تناقض المركز المالي المصطنع الذي قدمه المطعون ضده لمؤسسته، مع الثابت بالميزانيات المقدمة إلى البنوك للحصول على قروض. ولم تعرض لطلب الطاعن التصريح له بالاطلاع على تلك الميزانيات، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب تمييزه.

وحيث إنه يكفي في المحاكمات الجزائية أن تتشكك المحكمة في صحة إسناد التهمة إلى المتهم كي تقضي ببراءته ما دامت قد أحاطت بالدعوى عن بصر وبصيرة وخلا حكمها من عيوب التسبيب. وإن القضاء بالبراءة في الدعوى الجزائية لعدم ثبوتها، يتلازم معه حتمًا الحكم برفض الدعوى المدنية، المقامة تبعًا لها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى ببراءة المطعون ضده ورفض الدعوى المدنية، على قوله: (.. وكان الثابت لدى هذه المحكمة من اطلاعها على صورة مذكرة النيابة العامة في الجناية رقم….. لسنة 2000 الصالحية المقدمة ضمن حافظة مستندات المتهم المقدمة لمحكمة أول درجة، أن الرائد يوسف خالد ضابط مباحث الصالحية، شهد في تحقيقات تلك الجناية أنه فتش مسكن…..

بناءً على إذن النيابة العامة بذلك، وعثر فيه على صورة ضوئية للشيك رقم….. المسحوب على البنك العقاري الكويتي، وصورة ضوئية للشيك رقم….. المسحوب على بنك الخليج)، وهما الشيكان موضوع الاتهام في هذا الاستئناف. وأن كل من الصورتين خاليتين من البيانات عدا توقيع الساحب – المتهم – وإذ كان ما تقدم يرسخ اطمئنان المحكمة أن المتهم لم يصدر الشيكين موضوع هذه الدعوى إلى الشاكي – المدعي بالحق المدني – وفقًا لتصويره للواقعة في بلاغه، وإنما اقتصر نشاطه على التوقيع عليهما على بياض، وسلمهما إليه لاستعمالهما في تسيير أمور العمل في مؤسسته، وهي الصورة الحقيقية التي تراها هذه المحكمة للواقعة، وتستخلص من استقرائها لصورة المذكرة المشار إليها، وصورة مذكرة النيابة العامة في القضية رقم….. لسنة 2000 جنايات الصالحية المودعة بحافظة مستندات المتهم المقدمة لمحكمة أول درجة، أن المتهم وثق بالمدعي بالحق المدني إلى أبعد الحدود،

بينما مرد الأخير على استغلال هذه الثقة والعبث بها، باستعمال الشيكات المسلمة إليه موقعة على بياض من المتهم، وبطاقات السحب الآلي في غير ما انصرفت إليه نيته، وهو ما لا تطمئن معه المحكمة لصحة ما أسنده المدعي بالحق المدني للمتهم، ويجعل اتهامه له بإصدار الشيكين له بلا رصيد يفقتد لسنده من الواقع أو القانون، ولا ترى المحكمة فيما ساقه المدعي بالحق المدني من أسانيد لزعمه ما ينال من اطمئنان المحكمة لعدم صحة بلاغه وشكها فيه. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم مفاده أن تسليم الشيكين موضع الدعوى موقعين من المطعون ضده على بياض، لم يكن بقصد التخلي عنهما لمصلحة الطاعن الشخصية، حتى يسوغ اعتباره مفوضًا في أن يستكمل بياناتهما على هذا الأساس، وإنما كان لأجل استعمالهما في أمور تتعلق بنشاط مؤسسة المطعون ضده.

وأن ما أقدم عليه الطاعن من استكمال البيانات باعتباره المستفيد بالشيكين، إنما كان على خلاف قصد الساحب، وأن الحكم أطرح التصوير المخالف للواقعة الذي أبداه الطاعن، وما قدمه من أدلة وقرائن عليه، وكان ما خلص إليه الحكم يسوغ به حمل قضائه بالبراءة ورفض الدعوى المدنية، وكانت محكمة الموضوع لا تلتزم في حالة القضاء بالبراءة بالرد على كل دليل من أدلة الثبوت، ما دام أنها قد رجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة في عناصر الإثبات، ولأن في عدم تناولها ما يفيد أنها أطرحتها ولم ترَ فيها ما تطمئن معه إلى إدانة المطعون ضده، فإن الطعن في جملته ينحل إلى جدل حول سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الدعوى، وتقدير أدلتها، مما لا تجوز إثارته لدى محكمة التمييز.

ولما تقدم يتعين رفض الطعن.