حكم تمييز تزوير أوراق رسمية

محكمة التمييز
الدائرة الجزائية
جلسة30/ 12/ 2003
برئاسة السيد المستشار/ كاظم محمد المزيدي رئيس الجلسة، وعضوية السادة المستشارين/ محمود دياب وعاطف عبد السميع ونجاح نصار ومصطفى كامل.
(35)
(الطعن رقم 318/ 2002 جزائي)
1 – تزوير (تزوير أوراق رسمية) – جريمة [(أركانها {أنواع من الجرائم})] – حكم (تسبيب غير معيب).
– المحرر الذي يصح أن يكون محلاً لجريمة التزوير – هو كل مسطور يتضمن علامات أو رموز ولو كانت اصطلاحية تفيد تعبيرًا متكاملاً عن مجموعة من المعاني والأفكار المترابطة فيها بينها ويصلح لأن يستعمل في الدلالة على واقعة ذات أثر قانوني.
– الإملاء الكاذب – من طرق التزوير التي بينها القانون حصرًا في المادة (257) جزاء.

– قيام الطاعن بإملاء معلومات كاذبة أدخلها على الكمبيوتر المخصص له ترتب عليها تغيير في سجلات ومطبوعات ومستندات أجهزة الكمبيوتر التابعة للإدارة العامة لنظم المعلومات بوزارة الداخلية – ويتحقق به الركن المادي لجريمة التزوير في المحررات الرسمية متمثلاً في جعل واقعة غير صحيحة في صورة واقعة صحيحة.
2 – باعث – تزوير (تزوير أوراق رسمية) – جريمة [(أركانها {أنواع من الجرائم})] – قصد جنائي – تمييز (سبب وارد على غير محل).
– جريمة التزوير في محررات رسمية – تحققها: بمجرد تغيير الحقيقة في المحرر بإحدى الوسائل التي نص عليها القانون تغييرًا من شأنه أن يولد الاعتقاد بأنه مطابق للحقيقة وبنية استعمال المحرر فيما غيرت الحقيقة من أجله بصرف النظر عن الباعث على ذلك أو حصول ضرر يلحق شخصًا بعينه – علة ذلك – أن التغيير ينتج عنه حتمًا ضرر بالمصلحة العامة لما يترتب عليه من عبث بالمحررات الرسمية ينال من قيمتها وحجيتها في نظر الجمهور باعتبارها مما يجب بمقتضى القانون تصديقه والأخذ به.

– قضاء الحكم بإدانة الطاعن بجريمة تزوير في محررات رسمية – مجادلته في تحقق ركن الضرر – في غير محله.
3 – محكمة الموضوع [(سلطتها في تقدير العقوبة)، (سلطتها في أعمال الظروف المشددة أو المخففة)] – تمييز (سبب غير مقبول).

– إعمال الظروف المشددة أو المخففة للعقوبة – من سلطة محكمة الموضوع وهي لا تسألن حسابًا عما خلصت إليه من استحقاق المتهم للعقاب أو قدر العقوبة التي أوقعتها في حدود نص القانون – النعي في هذا الخصوص – غير مقبول.
1 – المقصود بالمحرر الذي يصح إن يكون محلاً لجريمة التزوير هو كل مسطور يتضمن علامات، أو رموز ولو كانت اصطلاحية، تفيد تغيرًا متكاملاً عن مجموعة من المعاني والأفكار المترابطة فيما بينها، ويصلح لأن يستعمل في الدلالة على واقعة ذات أثر قانوني. وليس من عناصر فكرة المحرر أن تحمل – رموزه مادة أو محتوى من نوع معين. وكان الإملاء الكاذب هو من طرق التزوير التي بينها القانون حصرا في المادة (257) من قانون الجزاء. لما كان ذلك، وكان مؤدى ما أثبته الحكم الابتدائي – المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه – من تخصيص الطاعن برقم سري لتشغيل جهاز الكمبيوتر المخصص له، وقيامه بإدخال معلومات إلى هذا الجهاز، تفيد سداد الغرامات المحكوم بها، طبقًا لقانون المرور، من بعض المحكوم عليهم، تعمده عدم إدخال الأحكام الصادرة ضد آخرين، وإثباته إيصالات وهمية للسداد وذلك كله على خلاف الحقيقة، وما ترتب على ذلك الإملاء الكاذب من تلقي الجهاز لهذه البيانات المملاة وتدوينها فورًا في كافة سجلات ومستندات وكشوف وأجهزة الكمبيوتر التابعة للإدارة العامة لنظم المعلومات بوزارة الداخلية الخاصة بأحكام المرور لإثبات هذه البيانات فيها على خلاف الحقيقة ما يتحقق به الركن المادي لجريمة التزوير في المحررات الرسمية، متمثلاً في جعل واقعة غير صحيحة.

2 – من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن جريمة التزوير في محررات رسمية تتحقق بمجرد تغيير الحقيقة في المحرر بإحدى الوسائل التي نص عليها القانون، وأن يكون التغيير من شأنه أن يولد الاعتقاد بأنه مطابق للحقيقة وبنية استعمال المحرر فيما غيرت الحقيقة من أجله، وبصرف النظر عن الباعث على ذلك، أو حصول ضرر يلحق شخصًا بعينه، لأن التغيير ينتج عنه ضرر بالمصلحة العامة، لما يترتب عليه من عبث بالمحررات الرسمية ينال من قيمتها وحجيتها في نظر الجمهور باعتبارها مما يجب – بمقتضى القانون تصديقه والأخذ به. وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجريمة تزوير في محررات رسمية، فإن مجادلته في تحقق ركن الضرر، تكون في غير محلها.
3 – إعمال الظروف التي تراها المحكمة مشددة أو مخففة للعقوبة هو مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع، وهي لا تسألن حسابًا عما خلصت إليه من استحقاق المتهم للعقاب، أو قدر العقوبة التي أوقعتها عليه في حدود نص القانون. فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون بدوره غير مقبول.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن في قضية الجناية رقم (262) لسنة 2001، (156) لسنة 2001 المباحث بأنه في غضون سنة 1999، 2000، 2001 بدائرة الإدارة العامة للمباحث الجنائية – محافظة العاصمة: ارتكب تزويرًا في محررات رسمية بقصد استعمالها على نحو يوهم بأنها مطابقة للحقيقة، هي كشوف أجهزة الكمبيوتر التابعة للإدارة العامة لنظم المعلومات بوزارة الداخلية والخاصة بأحكام المرور، المبينة بالكشوف المرفقة بالأوراق حالة كونه الموظف المختص بتحريرها. وذلك يجعله واقعة مزورة في صورة – واقعة صحيحة، بأن أثبت في البعض منها وعلى خلاف الحقيقة سدد المحكوم عليه فالح ……. وآخرين للغرامات المحكوم بها عليهم. وأغفل إثبات الأحكام الصادرة ضد بعض المحكوم عليهم، وما يفيد سداد بعض الغرامات بموجب إيصالات ثبت أنها وهمية في باقي الكشوف. وكانت المحررات بعد تزويرها صالحة لأن تستعمل على هذا النحو، على النحو المبين بالأوراق. وأحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمادتين (257)، (259) من قانون الجزاء. حكمت المحكمة حضوريًا بالتقرير بالامتناع عن النطق بعقاب الطاعن على أن يقدم إقرارًا كتابيًا مصحوبًا بكفالة مقداره 1000 دينار يتعهد فيه مراعاة حسن السلوك لمدة سنتين. استأنف الطاعن هذا الحكم، واستأنفته النيابة العامة، بالاستئناف رقم (1176) لسنة 2002 ج – م، وبتاريخ 16/ 6/ 2002 قضت المحكمة بتعديل الحكم المستأنف، ومعاقبة الطاعن بالحبس مع الشغل لمدة ثلاث سنوات وأربعة أشهر. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق التمييز.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث ينعي الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة التزوير في محررات رسمية قد شابه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال. ذلك بأن بيانات أجهزة الكمبيوتر لا تعد محررًا في حكم المادة (257) من قانون الجزاء. وما جرى من تغيير فيها – بغرض وقوعه من الطاعن – ليس من طرق التزوير المنصوص عليها حصرًا في المادة المذكورة. أخطأ الحكم حين اعتبر التزوير ترتب عليه المساس بحجية المحررات المستخرجة بناءً على هذه البيانات، ذلك أن وزارة الداخلية المنسوبة إليها المحررات لا تعتمد فقط في حفظ المعلومات على أجهزة الكمبيوتر، وإنما أساس على السجلات المكتوبة مما يقلل من حجية المعلومات المدخلة إلى الأجهزة المذكورة. ودانه الحكم رغم ما دفع به من شيوع التهمة تأسيسًا على ما جرت به عادة الموظفين من ترك أجهزة الكمبيوتر في حالة تشغيل حتى في غير تواجدهم ، وإمكانية الدخول إلى برامجه من الغير لكون نظام الحفظ جزءا من شبكة تتكون من خطوط عدة. وردت المحكمة على دفعه بما لا يصلح ردًا، واعتدت في ذلك بأقوال الشهود وما عُزي إليه من اعتراف للضابط، وكلاهما لا يساند الحكم فيما استخلصه، إضافة إلى أنه نازع في الاعتراف. ولم يراع الحكم موجبات التخفيف التي تضمنها الحكم المستأنف. وذلك يعيب الحكم ويستوجب تمييزه.

وحيث إن الحكم الابتدائي – المؤيد لأسبابه والمكمل والمعدل بالحكم المطعون فيه – بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة التزوير في محررات رسمية التي دان الطاعن بها. وأورد على ثبوتها في حقه أدلة استمدها من أقوال شهود الإثبات، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان المقصود بالمحرر الذي يصح إن يكون محلا لجريمة التزوير هو كل مسطور يتضمن علامات، أو رموز ولو كانت اصطلاحية، تفيد تغييرًا متكاملاً عن مجموعة من المعاني والأفكار المترابطة فيما بينها، ويصلح لأن يستعمل في الدلالة على واقعة ذات أثر قانوني. وليس من عناصر فكرة المحرر أن تحمل – رموزه مادة أو محتوى من نوع معين. وكان الإملاء الكاذب هو من طرق التزوير التي بينها القانون حصرًا في المادة (257) من قانون الجزاء. لما كان ذلك، وكان مؤدى ما أثبته الحكم الابتدائي – المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه – من تخصيص الطاعن برقم سري لتشغيل جهاز الكمبيوتر المخصص له، وقيامه بإدخال معلومات إلى هذا الجهاز، تفيد سداد الغرامات المحكوم بها، طبقًا لقانون المرور، من بعض المحكوم عليهم، تعمده عدم إدخال الأحكام الصادرة ضد آخرين، وإثباته إيصالات وهمية للسداد وذلك كله على خلاف الحقيقة،

وما ترتب على ذلك الإملاء الكاذب من تلقي الجهاز لهذه البيانات المملاة وتدوينها فورًا في كافة سجلات ومستندات وكشوف وأجهزة الكمبيوتر التابعة للإدارة العامة لنظم المعلومات بوزارة الداخلية الخاصة بأحكام المرور لإثبات هذه البيانات فيها على خلاف الحقيقة ما يتحقق به الركن المادي لجريمة التزوير في المحررات الرسمية، متمثلاً في جعل واقعة غير صحيحة في صورة واقعة صحيحة، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقًا صحيحًا. ويضحى نعي الطاعن في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن جريمة التزوير في محررات رسمية تتحقق بمجرد تغيير الحقيقة في المحرر بإحدى الوسائل التي نص عليها القانون، وأن يكون التغيير من شأنه أن يولد الاعتقاد بأنه مطابق للحقيقة وبنية استعمال المحرر فيما غيرت الحقيقة من أجله، وبصرف النظر عن الباعث على ذلك، أو حصول ضرر يلحق شخصًا بعينه، لأن التغيير ينتج عنه حقًا ضرر بالمصلحة العامة، لما يترتب عليه من عبث بالمحررات الرسمية ينال من قيمتها وحجيتها في نظر الجمهور، باعتبارها مما يجب – بمقتضى القانون تصديقه والأخذ به.

وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجريمة تزوير في محررات رسمية، فإن مجادلته في تحقق ركن الضرر، تكون في غير محلها. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي – المؤيد لأسبابه والمكمل والمعدل بالحكم المطعون فيه – قد اطرح دفع الطاعن بشيوع التهمة بما أورده من أنه: (دفاع مرسل لا يؤثر في قناعة المحكمة بصحة ما أسند إليه. وكذا من التوقيع على البيانات المزورة بموجب رقم التشغيل الدال على اسمه. وهي خصائص لا مجال له لدحضها بافتراضات لا أساس لها ولا دليل عليها). وكان ما أورده الحكم سائغًا ويستقيم به إطراح دفع الطاعن بشيوع التهمة، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير مقبول، لما كان ذلك، وكان إعمال الظروف التي تراها المحكمة مشددة أو مخففة للعقوبة هو مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع، وهي لا تسألن حسابًا عما خلصت إليه من استحقاق المتهم للعقاب، أو قدر العقوبة التي أوقعتها عليه في حدود نص القانون. فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون بدوره غير مقبول.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.