حق الزوج في فسخ عقد الزواج وفقا للفقه والقانون اليمني

تعريف فسخ عقد الزواج: معنى الفسخ في اللغة:
الفسخ في اللغة النقض، فيقال: فسخ البيع أي نقضه وأزاله، وتفسخت الفأرة في الماء تقطعت، وفسخت العود فسخاً أزلته عن موضعه بيدك فانفسخ، وفسخت الثوب ألقيته، وفسخت العقد فسخاً أي رفعته وتفاسخ القوم العقد توافقوا على فسخه وفسخت الشيء فرقته، وفسخت المفصل عن موضعه أزلته،

وبذلك يتضح لنا أن الفسخ يطلق في اللغة على معان عدة متقاربة وهي: النقض، والتقطع، والإزالة، والإلقاء، والرفع، والتفّرق، والفساد، وهذه المعاني بينها قاسم مشترك وهو التغيير والتحويل، فهو قائم فيها كلها، فإن نقض الشيء يحول الأمر عما كان عليه سابقاً، كنقض البناء، وكذلك نقض العقد، فإنه مزيل لما يترتب عليه من الأحكام في الحال.

الفسخ في اصطلاح الفقهاء:

الفسخ في اصطلاح الفقهاء لا يخرج عن نطاق معناه اللغوي فهو عندهم حل رابطة العقد المبرم سابقاً، وهدم لكل الآثار التي كانت قد ترتبت عليه بحيث لم يعد له وجود اعتباري، وذلك من وجهة نظر الشارع فقط، لأن الفسخ لا يمكن أن يعدم العقد من الناحية المادية، فإنه قد وجد بالفعل والموجود لا يمكن أن يعتبر معدوماً من ناحية الحس، ولكنه يعتبر معدوماً من حيث إنتاجه لآثاره التي رتبها عليه الشارع، فالانعدام هنا مجازي وليس حقيقياً، وإذا انعدم العقد وأعتبر كأنه لم يكن، انهدمت كل ما ترتب عليه من أثار والتزامات وتحلل كل من المتعاقدين فيه من التزاماته فلا يستطيع أحدهما أن يلزم الآخر بشيء استنادا إلى العقد المفسوخ)1
1)المرجع (صفحة كتب ومراجع قانونيه بالفيس دراسة مقارنة للدكتور :عبد المؤمن شجاع الدين)
محاور البحث
1- حق الزوج في فسخ عقد النكاح في الفقه الإسلامي.
2- حق الزوج في فسخ عقد النكاح في القانون اليمني.
3- الاثار المترتبة على طلب الزوج فسخ عقد النكاح والمحكمة المختصة بالفسخ.
4- الفرق بين الفسخ والطلاق.
v حق الزوج في فسخ عقد النكاح في الفقه الإسلامي
اختلف القائلون بفسخ عقد النكاح بالعيب، في ثبوت ذلك في حق الزوج بعد أن اتفقوا في ثبوته في حق الزوجة، ولهم في ذلك قولان:
القول الأول: أن للزوجين حق فسخ عقد النكاح بالعيب، وإلى هذا ذهب جمهور القائلين بجواز فسخ عقد النكاح بالعيب، وهم المالكية والشافعية والحنابلة.
القول الثاني: أن حق فسخ عقد النكاح بالعيب خاص للزوجة دون الزوج، يكفي الزوج ما يملكه من حق الطلاق، وإلى هذا ذهب الحنفي.
قال الكاساني: «وأما في جانب المرأة فخلوها عن العيب ليس بشرط للزوم عقد النكاح بلا خلاف بين أصحابنا حتى لا يفسخ بشيء من العيوب الموجودة فيه
فالطلاق للرجل لا ينفي أن يملك حق الفسخ؛ لأنه لا منافاة بين الحقين وكل واحد منهما يثبت بأسباب مستقلة.
وهناك عيوب بالمرأة تثبت للرجل الحق بطلب الفسخ كما ذكرها بعض الفقه الى جانب عيوب مشتركة بين الرجل والمرأة وهي
العيوب الخاصة بالمرأة:
وجملة ما ذكره الفقهاء من العيوب الخاصة بالمرأة والتي يفسخ بها عقد النكاح عند من قال به ستة عيوب، وهي عيوب خاصة بالجهاز التناسلي للمرأة، وهي:
1- : الرتق لغة من رتق الشيء إذا سده أو لحمه أو أصلحه وفي اصطلاح الفقهاء هو: «انسداد الفرج باللحم».
2- القرن: لغة يطلق على الطرف الشاخص من كل شيء وعلى الجمع والوصل وفي اصطلاح الفقهاء هو: «انسداد الفرج بعظم»
3- العفل: وهو لغة يطلق على شيء يخرج من قبل النساء، شبيه بالأدرة التي للرجال وفي الاصطلاح اختلفت عبارات العلماء في تعريفه، وخلاصته أنه يطلق عندهم على معنيين:
الأول: أنه لحم ينبت في الفرج، فيسده، لا بأصل الخلقة، فإن كان بأصل الخلقة فهو الرتق
الثاني: قيل إنه رغوة في الفرج تمنع لذة الوطء
4- الفتق: لغة الشق، فهو ضد الرتق وفي الاصطلاح هو: «اختلاط مسلك الذكر بمسلك البول، أو اختلاطه بمسلك الغائط» ويسمى عند بعض الفقهاء بالإفضاء.
5- البخر: يطلق البخر في اللغة على الرائحة الكريهة والنتن وعند الفقهاء يطلق على الرائحة الكريهة في الفرج وفي الفم.
6- القروح السيالة في الفرج: ولم أجد تعريفا محددا لها عند الفقهاء، والظاهر من كلامهم أنها يطلق على الجروح التي في الفرج ويسل منها الدم وما شابهه.

العيوب المشتركة بين الزوجين:
1- الجنون: وهو لغة يطلق على الستر والخفاء. وفي الاصطلاح هو: «اختلال العقل بحيث يمنع جريان الأفعال على نهجة إلا نادرا»
2- الجذام: ويطلق في اللغة على القطع، وعلى داء معروف، وسمي بذلك لتجذم الأصابع وتقطعها وتساقطها.
وعند الفقهاء هو: «علة يحمر منها العضو ثم يسود، ثم ينقطع وتناثر، وينتشر في كل عضو، غير أنه يكون في الوجه أغلب».
3- البرص: هو بياض يظهر في ظاهر البدن لفساد المزاج، وعند الفقهاء هو: «بياض شديد يبقع الجلد ويذهب دمويته».
4– العذيطة وهي لغة الحدث عند الجماع، وعند الفقهاء هي: التغوط عند الجماع.
5- الباسور: في اللغة هو علة تحدث في المقعدة وفي داخل الأنف، وغير ذلك والأشهر حدوثها في المقعدة وعند الفقهاء هو: «داء في المقعدة منه ما هو نائي كالعدس، أو الحمص أو العنب أو التوت، ومنه ما هو غائر داخل المقعدة وكل ذلك إما سائل أو غير سائل».
6- الناسور: هو في اللغة القطع والنقض والكشط، وعند الفقهاء هو: قروح غائرة تحدث في المقعدة، يسيل منها الصديد، ويخرج الريح، والنجو بلا إرادة.)2

2) المرجع الملتقى الفقهي صفحة على جوجل
وهذه هي العيوب التي ذكرها الفقهاء عموما، وهي ليست متفق عليها كما سبق بيان الاختلاف في ذلك.
فقياس ثبوت حق الفسخ بالعيب للرجل على ثبوت ذلك للمرأة بجامع التضرر، فإن كل واحد منهما يتضرر بعيب الزوج الآخر فيجب أن يثبت خيار الفسخ للجميع
فالأدلة على فسخ عقد النكاح عامة يثبت ذلك في حق الزوجين فلا وجه لتخصيص ذلك بالزوجة فقط.
ونجد أن الفسخ والطلاق طريقان مستقلان للفرقة بين الزوجين، ويترتب على كل واحد منهما من الآثار ما يختلف عن غيره، ومن ذلك التبعات المالية، فلا يصح حرمان الزوج من هذا الحق.
ولا منافاة بين ثبوت الحقين، فلا يمنع ثبوت حق الطلاق بثبوت حق الفسخ.
حق الزوج في فسخ عقد الزواج في القانون اليمني:
نظم قانون الأحوال الشخصية مسألة فسخ عقد الزواج في المادتين (36،47) منه والتي نصتا على الاتي:
مادة(36): ـ
((يستحق نصف المهر المسمى بالطلاق أو بالفسخ إذا كان من جهة الزوج قبل الدخول فإذا كان الفسخ من جهة الزوجين معا أو من جهة الزوجة فقط فلا يستحق من المهر شيء ويكون على الزوجة رد ما قبضته مما لا يستحق لها ولا يلزمها رد مثل ما وهبته لزوجها)).
يفهم من نص المادة (36)
1- انه إذا طلق الزوج زوجته او طلب فسخ عقد نكاحها قبل ان يدخل عليها فانه يجب عليه ان يدفع نصف المهر فيحق له ان يفسخ كما يحق له ان يطلق.
2- يفهم أيضا ان الفسخ يصح ان يكون من الزوجين مع ترتيب اثار كل منهما بالنسبة للزوج او الزوجة.
فاعطاء المشرع الحق للزوج كالزوجة بالفسخ لعقد النكاح وهذا ما قضت به المادة(47): ـ
((لكل من الزوجين طلب الفسخ إذا وجد بزوجه عيبا منفرا سواء كان العيب قائما قبل العقد أم طرأ بعده))
فمن نص المادة نجد ان للزوج الحق بمطالبة فسخ عقد النكاح من الزوجة ولكن هذا الحق موقوف على توفر سبب من الأسباب الموجبة للفسخ او عيب من العيوب التي نصت عليها الماده 47 بالقول
((يعتبر عيبا في الزوجين معا الجنون والجذام والبرص، ويعتبر عيبا في الزوجة القرن والرتق والعفل))
فهذه الأسباب التي بينتها المادة سواء المشتركة او العيوب المنفردة في الزوجة والتي تجعل الحق للزوج بطلب الفسخ
وحق الزوج بطلب فسخ عقد النكاح قد يسقط بالرضا بالعيب الا عيب الجنون والجذام والبرص والامراض المعدية فان الرضا يجب ان يكون متجدد حتى وان سبق الرضا وهذا ما تضمنته المادة 47 بالقول((يسقط الحق في طلب الفسخ بالرضا بالعيب صراحة أو ضمناً إلا في الجنون والجذام والبرص وغيرها من الأمراض المعدية أو المستعصي علاجها فإنه يتجدد الخيار فيها وإن سبق الرضا،))

ويمكن اثبات وجود العيب عن طريق الإقرار او بتقرير طبي وهذا أيضا ما نصت عليه المادة 47 بالقول ((يثبت العيب إما بالإقرار ممن هو موجود به أو بتقرير من طبيب مختص)).
ونجد ان الوسيلة او الجهة المختصة بفسخ عقد النكاح وفقا لقانون الأحوال الشخصية هي المحكمة
عن طريق رفع دعوى فسخ اماها بالأسباب الموجبة بالفسخ والاسانيد القانونية اللازمة
وهذا ما نجده واضح جلي بنص المادة 45 من قانون الأحوال الشخصية ان الفسخ لا يكون الا بحكم محكمة ولا اثر يترتب على الفسخ أي اثر قبل الحكم به
مادة(45):ـ
لا ينفسخ الزواج بفسخ أحد الزوجين للآخر بعيب من العيوب ونحوها من الأسباب المختلف في ثبوت الفسخ بها إلا بحكم المحكمة ولا يترتب على الفسخ شيء قبل الحكم به فإذا حكم بالفسخ وكان بعد الدخول وجب العدة أو الاستبراء من حين الحكم به.

الاثار المترتبة على فسخ عقد الزواج
1:انتهاء العلاقة الزوجية بين الزوجين
2:عدم دفع الزوج أي مبالغ للزوجة كالطلاق لان الفسخ لعيب في الزوجة
3:عدم احقية الزوج بمطالبة الزوجة ما سلمه لها مما تستحقه وعلى الزوجة رد ما لا تستحقه مما اعطاها الزوج
لا يلزم الزوجة رد شيء وهبة لزوجها مثله
وقد بينت المادة(36) الاثار المترتبة على فسخ الزوج عقد الزواج بالنص على
((يستحق نصف المهر المسمى بالطلاق أو بالفسخ إذا كان من جهة الزوج قبل الدخول فإذا كان الفسخ من جهة الزوجين معا أو من جهة الزوجة فقط فلا يستحق من المهر شيء ويكون على الزوجة رد ما قبضته مما لا يستحق لها ولا يلزمها رد مثل ما وهبته لزوجها))
الفرق بين الطلاق والفسخ ( المرجع موقع الاهرامات جوجل)

1/الطلاق لا يكون إلا بلفظ الزوج واختياره ورضاه ، وأما الفسخ فيقع بغير لفظ الزوج ، ولا يشترط رضاه واختياره .
قال الإمام الشافعي: “كل ما حُكِمَ فيه بالفرقة ، ولم ينطق بها الزوج ، ولم يردها … فهذه فرقة لا تُسمَى طلاقاً» انتهى ، «الأم» (5/ 128
2/الطلاق أسبابه كثيرة ، وقد يكون بلا سبب ، وإنما لرغبة الزوج بفراق زوجته .
وأما الفسخ فلا يكون إلا لوجود سبب يُوجب ذلك أو يبيحه .
ومن أمثلة ما يثبت به فسخ العقد :
– عدم الكفاءة بين الزوجين ـ عند من اشترطها للزوم العقد .
– إذا ارتد أحد الزوجين عن الإسلام ولم يعد إليه .
– وجود عيب في أحد الزوجين يمنع من الاستمتاع ، أو يوجب النفرة بينهما .
3/لا رجعة للزوج على زوجته بعد الفسخ ، فلا يملك إرجاعها إلا بعقد جديد وبرضاها
وأما الطلاق فهي زوجته ما دامت في العدة من طلاق رجعي ، وله الحق في إرجاعها بعد الطلقة الأولى والثانية دون عقد ، سواء رضيت أم لم ترض .
4/الفسخ لا يُحسب من عدد الطلقات التي يملكها الرجل . قال الإمام الشافعي : “وكل فسخٍ كان بين الزوجين فلا يقع به طلاق ، لا واحدة ولا ما بعدها» انتهى من «الأم» (5 /199) .
قال ابن عبد البر : «والفرق بين الفسخ والطلاق وإن كان كل واحد منهما فراقاً بين الزوجين : أنَّ الفسخ إذا عاد الزوجان بعده إلى النكاح فهما على العصمة الأولى ، وتكون المرأة عند زوجها ذلك على ثلاث تطليقات ، ولو كان طلاقاً ثم راجعها كانت عنده على طلقتين». انتهى «الاستذكار» (6 /181
5/الطلاق من حق الزوج ، ولا يشترط له قضاء القاضي ، وقد يكون بالتراضي بين الزوجين .
وأما الفسخ فيكون بحكم الشرع أو حكم القاضي ، ولا يثبت الفسخ لمجرد تراضي الزوجين به ، إلا في الخلع .
قال ابن القيم : «ليس لهما أن يتراضيا بفسخ النكاح بلا عوض [أي : الخلع] بالاتفاق» انتهى «زاد المعاد» (5/598
والله الموفق
بحث وجمع/ عبده ناجي الحيظاني
اشراف الأستاذ/ امين حفظ الله الربيعي
إعادة نشر بواسطة محاماة نت