الحريات في الإسلام :

كفل الإسلام كافة الحريات و ضمن للإفراد جميع الحقوق و ليس هناك حرية وقف الإسلام في سبيل التمتع بها أو قيدها بقيود يفرغها من معناها ..

فقد حرص الإسلام على كفالة حرية التنقل للفرد متى و أينما أراد مطلقاً في ذلك حريته دون تقييد إلا في بعض الاستثناءات حيث جعل من تقييد حقه في التنقل عقوبة أو تدبير احترازي يبرره الصالح العام ، فقد استخدم الإسلام النفي كعقوبة لجريمة الإفساد في الأرض و هو ما جاء بقوله تعالى في الآية 33 من سورة المائدة ” إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ۚ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ” ..

أما فيما يخص احترام الإسلام لحرمة المسكن فلا نجد ابرز من الأمر الإلهي الصادر في الآية 27 من سورة النور كخير دليل على كفالة الإسلام لحرمة المسكن بقوله تعالى ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّىٰ تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَىٰ أَهْلِهَا ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ “

و في مجال كفالة حرية الرأي في الدولة الإسلامية فقد اعتنى الإسلام بكفالة حرية التعبير عن الآراء السياسية منها و غير السياسية و قد كان خلفاء رسول الله حريصين من بعده على التأكيد على كفالتها و في ذلك نجد قول أبو بكر حال توليه الخلافة ” قد وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني ” وواقعة الإمام علي كرم الله وجه مع الخوارج حيث بعث الصحابي الجليل ابن عباس يناظرهم فعاد من عاد معه ثم أرسل الخليفة إلى من بقى من الخوارج ” كونوا حيث شئتم و بيننا و بينكم ألا تسفكون دما حراما … ” و حتى في الأمور العادية الغير سياسية لم نجد من الإسلام أن أطلق حرية الرأي من أي قيد و لا أدل على ذلك من واقعة الخليفة عمر بن الخطاب حين نهى عن الغلو في المهور و قامت امرأة من صفوف النساء تعارضه و تناظره بالحجة حتى قال أصابت امرأة و أخطا عمر “

و لحديثنا بقية أن شاء الله عن مبدأ قانوني أخر من المبادئ القانونية الإسلامية

العدل في الإسلام :

العدل و الشورى و المساواة و الحريات من أهم المبادئ القانونية و الدستورية التي نظمها الإسلام منذ ما يزيد عن الألف عام ، سابقاً بذلك العديد من النظم القانونية و السياسية في تنظيمها وما رسمه من تفاصيل في تلك المبادئ و قد رأيت أن أكتب في هذا الشهر الفضيل عن تلك المبادئ القانونية في الإسلام أمالا أن ينال عرضي استحسانكم ..

العدل في الإسلام ليس فضيلة بقدر ما هو جزء لا يتجزأ من النظام الإسلامي ذاته و هو ما تكشف عنه العديد من الآيات القرآنية و الأحاديث النبوية منها على سبيل المثال قوله تعالى في الآية 90 من سورة النحل ” إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ ” و قوله تعالى في الآية 135 من سورة النساء “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ ” صدق الله العظيم ..

و كذلك نجد السنة النبوية حريصة على إبراز أهمية العدل و فيها نجد حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم ” سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله أولهم إمام عادل ………. ” و قوله صلوات الله عليه و سلامه لأبى هريرة ” يا أبا هريرة عدل ساعة أفضل من عبادة ستين سنة “

و قد أنفرد الفقه الإسلامي عن النظم الدستورية المعاصرة في تنظيمه للعدل أن مصطلح العدل لم يقتصر استخدامه و تقنينه في القضاء دون غيره ، فلا يقترن العدل إلا بالقضاء فقط دون غيره وهو ما يتضح من استعمال مصطلح Justice تعبيراً عن العدل و القضاء على حد سواء كمترادفين ، بل أن العدل في الفقه الإسلامي تجاوزت الحدود القضائية إلى الميدان السياسي فالعدل شرط من الشروط الواجب توافر في رئيس الدولة و سائر رجال الحكم في الفقه الإسلامي ، بل أنه متطلب في ابسط العلاقات الشخصية و هي العلاقة الزوجية فجعل الإسلام العدل هو شرط تعدد الزوجات في قوله تعالى ” فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَة ” .

و العدل الذي عرفه الإسلام عدل ساوى بين الناس أمام القانون في الحقوق و الوجبات ، و في ذلك حديث أخر إن شاء الله

المستشار أحمد رزق

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .