ماذا يقول القانون العُماني في حرية الرأي والتظاهر ؟

المحامي صلاح بن خليفة المقبالي

نتحدث في زاويتنا القانونية لهذا الأسبوع عن موضوع مهم، ينبغي أن يكون له صدى مع الجميع، خصوصا مع التوسع في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وسرعة انتشار استخدامها بين فئات المجتمع. وسيكون الموضوع حول الاعتصامات من حيث مفهومها وأنواعها ومدى قانونيتها.

مفهوم الاعتصام عالميا

نبدأ الموضوع بتوضيح مفهوم الاعتصام عالميا، حيث يُعرف التظاهر (في مظاهرة أو تظاهرة) بأنه تعبير عن الرأي من أجل تحقيق مطلب للمواطن، كأحد أشكال المشاركة السياسية. والتظاهر فعل سياسي جماعي، كما أنه يتطلب تنظيماً وتحديداً للأولويات، وتلك من السمات المهم وجودها في أي مجتمع. وقد يكون هدف التظاهر التأييد أو الاحتجاج.

ورغم هذا المفهوم إلا أنه يجب التأكيد على أن التظاهر ليس حقاً مطلقاً بل هو حق تنظمه قوانين خاصة بكل بلد، كتنظيم المكان والتوقيت والفترة، وغالباً ما يكون من خلال جهة مختصة بذلك.

الاعتصام السلمي في السلطنة

منذ أن تولى حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله- مقاليد الحكم في البلاد، وهو ينادي بحرية الرأي والتعبير وعدم مصادرته بأي شكل من الأشكال، وقد كفل النظام الأساسي للدولة حق حرية الرأي والتعبير عنه إذ نصت المادة(29):- بـ “حرية الرأي والتعبير عنه بالقول والكتابة وسائر وسائل التعبير مكفولة في حدود القانون في حدود القانون”.

فالمفهوم من المادة سالفة الذكر أن المواطن بإمكانه استخدام وسائل متعددة في إيصال مطالبه للحكومة ، وليس الأمر حكرا فقط على التجمع في مكان معين، والقارئ للمادة السابقة يستوحي بأن الوسائل متعددة منها وسائل تقنية المعلومات، والإذاعة والتلفزيون ، وعبر الصحف الورقية والإلكترونية.

وبما أن قانون البلد أعطى للمواطن حرية الرأي والتعبير لإبداء مطالبه المدنية والسياسية وفق قنوات حددها له ، فإنه يجب التنسيق الأمني عند الرغبة في إقامة تجمع أو اعتصام، وذلك بإبلاغ السلطات المختصة بموعد الاعتصام أو التجمع ومكانه والمطالب التي ستُرفع فيه، حفاظا على مكتسبات البلد ومقدراته وتجنبا لحدوث أي شغب،ولإضفاء الطابع الحضاري عليه، بعيدا عن إقلاق الراحة العامة، والتزاما بالنظام العام.

عقوبة الإساءة في حرية الرأي والتعبير والتجمهر وإحداث الشغب

كفل القانون العُماني حُرية الرأي والتعبير عنه، لكنه شدد في الوقت نفسه على عدم احتكار الرأي ومصادرة آراء الآخرين، وحدد عقوبات للمسيئين لحرية الرأي، والمتسببين في إحداث الشغب. فالبعض قد يسيء حرية الرأي والتعبير المكفولة له من خلال استخدام وسائل تقنية المعلومات وذلك بالتعدي على الآخرين بالقذف والتشهير الذي يجعله يُخالف قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (12/2011)، والبعض قد يُقحم نفسه في نشر أخبار مغلوطة تمس من هيبة الدولة عبر الصحف وهذا يُعد مخالفةً صريحةً لقانون المطبوعات والنشر.

أما فيما يتعلق بالتجمهر من أجل الإخلال بالنظام العام وإيجاد الفوضى فإن قانون الجزاء العماني جرّم ذلك استنادا إلى المادة (137) التي نصت بـ:-“يُعاقب بالسجن من شهر إلى سنة، وبغرامة لا تتجاوز مائتي ريال كل من اشترك في تجمهر مؤلف من عشرة أشخاص بقصد الإخلال بالنظام العام ، وإذا استخدم العنف أثناء التجمهر يُعاقب بالسجن مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة لا تتجاوز خمسمائة ريال”.

عمان وقائدها أمانة

إن التعبير عن الرأي وإبداء المطالب لا يتحقق فقط من خلال التجمهر والاعتصامات والوقوف في مكان وزمان محددين، فهناك طرق عديدة يستطيع الفرد استثمارها لإيصال صوته ومطالبه إلى الجهات المختصة، والسعي نحو تحقيقها، خصوصا مع الوسائل الإعلامية الحديثة.

وبما أن القانون كفل الحق السلمي وجرّم الإساءة والشغب فإنه ينبغي من الجميع عدم الانجرار وراء بعض المناشدات التي تظهر من وقت إلى آخر، وتدعو إلى إثارة الفتن والشغب، كما ينبغي من الجميع أن يضعوا حفظ مكتسبات الوطن أمام أعينهم، وأن يكون هدفهم خدمة عمان ورفعة اسمها.