جنايات السطو والسرقة ليلاً في القانون الفلسطيني

لقد تناول الفصل الثالث والثلاثون من قانون العقوبات الفلسطيني مواد السرقة والسطو وحالاته و تعريف وتفسير المصطلحات المتعلقة بالسطو وكيفيته ووسائله وطريقة الدخول التي تجعل الجريمة تتحول من سرقة عادية بسيطة إلى سطو ، فنصت المادة (294) على أنه ” كل من سطا على قسم من بناية ، داخلياً كان أم خارجياً ، أو فتح باباً أو نافذة أو درفة أو أي شيء آخر يراد به إغلاق أو سد أي منفذ في البناية أو ممر يصل بين قسم وآخر منها سواء أكان ذلك بفتح القفل أو بكسر الباب أو النافذة أو الدرفة أو الشيء أو الممر أو بسحبه أو بدفعه أو رفعه أو بأية طريقة أخرى ، يعتبر أنه سطا على البناية .

يعتبر الشخص بأنه دخل البناية حالما يصبح أي جزء من جسمه أو من الآلة التي يستعملها داخل البناية.

كل من دخل بناية متوسلاً إلى ذلك بالتهديد أو باستعمال الحيلة أو بالتواطؤ مع أي شخص فيها أو دخل مدخنة تلك البناية أو كوة أخرى فيها تترك مفتوحة على الدوام لغاية ضرورية دون أن يكون القصد منها استعمالها عادة كواسطة للدخول ، يعتبر أنه سطا على تلك البناية ودخلها”.

فمن خلال التعريف السابق يتبين لنا أن الفعل يعتبر جريمة سطو والسرقة ليلاً إذا ما توافرت الحالات التالية:
أولاً: مكان وقوع السرقة .
ثانياً: السرقة ليلاً.
ثالثاً: الوسيلة التي تستخدم في السرقة.

أولاً : مكان وقوع السرقة:
اشترط المشرع أن تكون الجريمة انصبت على دخول بناية معده للسكنى والاستعمال والمراد بالسكنى هنا الإقامة وهي تعني تخصيص المكان لمظاهر الحياة التي يحرص كل شخص أن يكون في عزلة حين يباشرها وأهم هذه المظاهر النوم والخلود للراحة أو العمل الهادئ .
ولا يشترط أن تكون إقامة الشخص في مكان السكن بصفة مستمرة وإنما تكون متقطعة كالأماكن المخصصة لقضاء العطلة الأسبوعية أو الإجازة الصيفية.
وكما يظهر لنا من التعريف السابق للمشرع فإنه يدخل في حكم المكان المعد للسكن ملحقات هذا المكان أي قسم من البناية سواء كان داخلي أو خارجي أو فتح باب أو نافذة أو درفة ……..الخ.

كما وأن قانون العقوبات الفلسطيني أورد تعريفاً بالمادة الخامسة منه لبيت السكن وللبناية فنص على أن “….. وتشمل عبارة “بيت السكن” أية بناية أو عمارة أو أي قسم من بناية أو عمارة اتخذه المالك أو الساكن إذ ذاك سكناً له ولعائلته وخدمه ، أو لأي منهم ، ولا عبرة في ذلك إذا خلا من السكان بين الآونة والأخرى.
وتعتبر كل بناية أو عمارة ملاصقة لبيت السكن أو ملحقة به قسماً من بيت السكن إن كان بينهما اتصال مباشر أو كانا متصلين بواسطة ممر مسقوف ومحوط يؤدي من أحدهما إلى الآخر ، وتستثنى من ذلك كل بناية أو عمارة لا يتوفر فيها ها الشرط.
والسبب في اعتبار المكان ظرفاً مشدداً في جريمة السرقة هو ما للمكان من حرمة خاصة لا يجوز دخوله إلا بإذن صاحبه أو ساكنه أو في الحالات التي يجيزها القانون ، ولأن مكان السكنى هو المكان الذي يهدأ فيه الشخص لنفسه ويودعه أسراره وانتهاك هذا المكان من قبل السارق فيه اعتداء على حرمة المسكن إلى جانب الاعتداء على المال .

ثانياً : السرقة ليلاً:
لا خلاف عندنا في قانون العقوبات حول تحديد فترة الليل حيث حددت بنص القانون وذلك وفقاً للأمر رقم 59 لسنة 1939 التابع لقانون العقوبات الحالي حيث جاء في الفقرة “ب” منه “…. ويقصد بلفظتي ” الليل ” و” ليلاً” ما بين الساعة السادسة والنصف مساءً والساعة السادسة والنصف صباحاً…….”. والسبب في اعتبار الليل ظرفاً مشدداً بالنسبة لجريمة السرقة هو أنه يجعل السرقة أشد خطراً سواء بالنظر إلى السهولة التي يستمدها الجاني من هذا الظرف ويهيئ له ارتكاب السرقة وسواء بالنظر إلى الصعوبة التي يلقاها المجني عليه في حماية ماله حيث يكون من الصعب عليه الاستنجاد بالآخرين، كما أنه قد يكون عرضة لاستعمال العنف ضده من الجناة أو أحدهم .

ثالثاً : الوسيلة التي تستخدم في السرقة:
من خلال التعريف السابق والذي تعدد فيه طريق الدخول للبناية بهدف السرقة منها فإنه من الممكن أن نحصر تلك الوسائل على النحو التالي :-
1- هدم الحائط أو تسلق الجدار.
2- كسر أو خلع الباب.
3- فتح الأقفال بمفاتيح مصطنعة أو أدوات مخصوصة.
4- التوسل بالتهديد واستعمال الحيلة والتواطؤ مع شخص آخر.

1-هدم الحائط أو تسلق الجدار:
هدم حائط مكان السكنى في سبيل تنفيذ المشروع الإجرامي وسيلة غير عادية بل أنها وسيلة تدل على نفسية خطرة للسارقين . والهدم معناه أن يأتي الجناة على الحائط كله تقريباً بعكس النقب الذي يكون بإتلاف جزء منه واختراقه للدخول إلى المكان.
لو نلاحظ بأن المشرع لم يكن واضحاً في تحديد وسيلة الهدم في سياق تعريفه للسطو إلا أنه أوضح التسلق أكثر في سياق التعريف إلا أنه يراد من كلمة ” …. أو بأية طريقة أخرى ….” بأنها تشمل كل هدم وتكسير وغيرها من الوسائل التي تستخدم للدخول للبناية .
والتسلق هو الآخر طريق غير مألوف في الدخول إلى المسكن ، وسواء أن يكون السارق قد استخدم أداة معينة مثل حبل أو سلم أو أن يكون قد قام بالقفز إلى أن وصل أعلى الجدار.
ويسري حكم التسلق كظرف مشدد سواء أكان بقصد الدخول إلى المكان لارتكاب السرقة فيه وسواء بقصد الخروج بالمسروقات . ومتى لجأ المتهم إلى هذه الطريقة .فإنه لا يحول دون توافر الظرف المشدد في حق السارق أن يكون باب المكان مفتوحاً وكان يمكن الدخول منه دون كسر . بمعنى أنه إذا ثبت دخول السارق عن طريق غير مألوف لدخول المكان ، فإنه لا ينفي التشديد عنه إذا كان بوسعه الدخول بالطريق المألوف كما لو كان بالسور باب خلفي ترك مفتوحاً ، ولكنه لم يلتجئ إليه جهلاً به أو تفضيلاً للطريق الذي استخدمه.
ويشترط أن يكون هدم الحائط أو تسلق الجدار بقصد السرقة من داخل المكان. لأنه لو كان الهدم أو التسلق لسبب آخر مثل التخريب والإضرار بصاحب الحائط أو للتلصص واستراق النظر إلى من بداخل المنزل فهنا لا يستفاد من الظرف المشدد للهدم والبناء ولكن تتوافر بحق من اقترف تلك الأفعال جرائم أخرى .
والسبب في اعتبار هدم الحائط أو تسلق الجدار من الظروف المشددة في جريمة السرقة هو ما يتضمنه هذا الظرف من معنى الخطورة الإجرامية الكامنة في نفس من يلجأ إليه ، ولأن المجني عليه يكون قد اتخذ كافة الاحتياطات اللازمة لحماية مسكنه وماله فهو لم يتركها دون حماية وإنما أقام حولها عائقاً في وجه كل من تسول له نفسه الدخول بقصد السرقة.

2-الكسر أو الخلع:
طريق غير مألوف في الدخول إلى المكان وفيه شيء من العنف . وهو إما أن يكون خارجياً بقصد الدخول إلى المكان المراد ارتكاب السرقة فيه ، وإما أن يكون كسراً داخلياً كما هو الحال في كسر أبواب الغرف أو الصناديق الحديدية أو الخزائن المقفلة ، وفي هذه الحالة يكون ظرف الكسر المشدد متحققاً حتى ولو كان الدخول إلى المكان نفسه عن طريق مفتاحه الخاص أو أن الباب كان مفتوحاً ثم دخل منه السارق .
ولا عبرة بالآلة أو الأداة التي يستخدمها السارقون أو أحدهم في الكسر أو الخلع .
ويستوي في الكسر أو الخلع الخارجي أن يكون مقصوداً به الدخول إلى المكان لارتكاب السرقة فيه أو أن يكون القصد منه الخروج إلى المكان لارتكاب السرقة فيه أو أن يكون القصد منه الخروج بالأشياء المسروقة مثال ذلك أن يكون السارقون قد تمكنوا من الدخول عن طريق بابه المفتوح والاختباء في أحد أركان الحديقة إلى أن خرج من في المنزل وبعد أن قاموا بجمع المسروقات وهموا بالخروج وجدوا أن الباب مغلق فقاموا بتحطيمه. فالسرقة هنا يكون بظرف الكسر المشدد لأن النتيجة الجرمية لا تكون متحققة إلا بمغادرة المكان الذي وقعت فيه السرقة.
ويشترط في الكسر أو الخلع باعتباره ظرفاً مشدداً في جريمة السرقة أن يكون الغرض منه إزالة الحواجز أو العوائق المادية التي تحول بين السارق وبين الوصول إلى الشيء المراد سرقته أي أن يكون ظرفاً مستقلاً عن السرقة التي يراد به تسهيلها .
فإن حصل لا بقصد الوصول إلى المكان الذي يراد سرقة موجوداته بل بقصد سرقة المهمات المكونة للحاجز ذاته كالأقفال والأبواب والشبابيك ، فإن الكسر لا يعتبر في مثل هذه الحالة ظرفاً مشدداً ، ذلك لأن غرض الشارع من التشديد عند وقوع السرقة بالكسر ليس حمايته للحاجز .. بل حماية الأشياء الموجودة في الداخل .

3-فتح الأقفال بمفاتيح مصطنعة أو أدوات مخصوصة:
اعتبر المشرع استعمال مفتاح مصطنع أو أداة مخصوصة ظرفاً مشدداً في جريمة السرقة ، سواء أكان ذلك في السرقة التي ترتكب في المكان المعد للسكنى ، وسواء بالنسبة للسرقة التي تقع في أماكن مقفلة مصانة بالجدران مأهولة كانت أم لا ومتصلة بمكان مأهول أم لا ، وسواء أيضاً بالنسبة لسرقة محتويات الغرف أو الصناديق الحديدية أو الخزائن المقفلة الموجودة في مكان مأهول أو غير مأهول . وبهذا فإنه يستوي أن يستعمل الجاني المفتاح المصطنع أو الأداة المخصوصة لدخول مكان السرقة أو أن يستعمله في داخل المكان لفتح أبواب الغرف الداخلية أو الصناديق الحديدية أو الخزائن المقفلة.
المفتاح المصطنع هو مفتاح غير المفتاح الذي أعد خصيصاً لباب المكان الذي ارتكبت السرقة في داخله . وهو بهذا الوصف يشمل المفتاح المقلد الذي يصنعه الشخص على غرار المفتاح الأصلي ويشمل كذلك المفتاح الذي تجري عليه تعديلات كي يصبح مماثلاً للمفتاح الحقيقي .كما يشمل المفتاح الأصلي إذا فقد من صاحبه فاستبدله بمفتاح آخر ، لأن المفتاح في هذه الحالة يكون قد فقد تخصيصه بسبب ضياعه ، كذلك يشمل المفتاح الذي يصلح لفتح عدة أبواب. أما إن لم يفقد المفتاح الأصلي تخصيصه فإنه لا يعتبر في حكم المفتاح المصطنع ويبقى مفتاحاً أصلياً.
أما الأداة المخصوصة فهي عبارة عن جميع الآلات التي يمكن أن تفتح بها الغالات والأقفال وغيرها مما لم يخصصه صاحب المحل أو المستأجر لفتحها . فيدخل من ضمن الآلات ( شوكة الطعام والسكينة والمفك …..الخ ).
ومما يجدر ذكره في نهاية هذا المجال أنه يتعين إجراء الكشف بواسطة خبير فني للتأكد مما إذا كان فتح الباب قد تم عن طريق مفتاح مصطنع أو آلة مخصوصة أم لا وإذا أغفلت محكمة الموضوع هذا الأمر فإن حكمها يكون مستوجباً للنقض.

4-التوسل بالتهديد واستعمال الحيلة والتواطؤ مع شخص آخر:
بالإضافة للشروط آنفة الذكر يجب أن يتوافر هذا الشرط والمتمثل في استعمال أساليب الحيلة والخداع والتوسل ، علاوة على استعمال التهديد سواء كان باستخدام العنف أو السلاح أو بطريق الاتفاق والتواطؤ مع شخص آخر لتسهيل مهمة الدخول للبناية بقصد السرقة منها أو ارتكاب جريمة أخرى كون أن المشرع لم يجعل السطو لبيوت السكن فقط بقصد ارتكاب السرقة ولكن لارتكاب أية جناية أخرى كما ورد في نص المواد (295 ، 296 ، 297 ، 298 ) عقوبات فلسطيني .

إعادة نشر بواسطة محاماة نت