العنف ضد العمال «فقء العين نموذجاً»..!
في بلادنا، يعاني عمال النظافة على وجه التحديد من مشاكل عدة، ليس أشدها تدني مستوى رواتبهم، ولكن المعضلة هي النظرة الدونية لهم باعتبار أنهم يجوبون الشوارع وينظفونها ويرفعون النفايات، وبرغم نبل هذا العمل وجمال نتائجه إلا أن كثيراً من الناس لا يقدرون القائمين عليه.

وبسبب تلك النظرة القاصرة والاستهانة بإنسانيتهم أقدم عدداً من الشباب المستهتر بالنظام على ضرب أحد عمال النظافة بعنف وقسوة وقاموا باقتلاع عينه (هكذا)!.. دون دوافع دينية تردعهم، ولا نوازع إنسانية تزجرهم، ولا أخلاق تنهرهم، ولا قانون يجرّمهم ويحظر فعلهم! وقبلهم عمد أحد الشباب بسكب القهوة الحارة على عاملٍ في أحد المطاعم! مما يشير إلى أن بعض البشر في مجتمعنا لا يملك أدنى معاني الإنسانية والخلق الإسلامي الرفيع!.

والحق أن ما فعله المراهقون بالعامل المسكين الذي ابتعد عن أهله ووطنه ليعيش أشد أنواع الغربة والقسوة التي تفرضها عليه مهنته وضغوطها يحتاج لمعالجة شاملة، كما يحتاج هؤلاء الشباب إلى تدخل وعلاج نفسي، والذين فشلت أسرهم في تربيتهم وتوجيههم فانقلبوا لعاهات اجتماعية بعدما تحولت تلك الأسر لمضخات بشرية فحسب، مهمتها الإنتاج الرديء والتناسل فقط، وترك مسؤولية تربية أبنائها للشارع، فضلاً عن أن أغلب الآباء يمارسون ذات الفعل مع العمالة التي تحت مسؤوليتهم، ولو شاهدوا آباءهم يحسنون التعامل مع العمال لما أقدموا على فعلتهم النكراء! وهذا التصرف بلا شك مخرجات التربية الفاسدة التي يزرعها الأب في شخصية ابنه باحتقار العمالة، مع غياب كامل للقانون الذي لو تم إقراره فإنه سيحد من ممارسة العنف، وسيأخذ كل فرد في وطننا حقه وينال كل معتدٍ جزاءه.

ولأن الدنيا دول؛ فإن هؤلاء الشباب لم يوجَّهوا فيعرفوا أن بلاد ذلك العامل كانت مقصداً لأجدادهم للبحث عن لقمة العيش قبل زمن ليس بالبعيد، ولو أدركوا ذلك لتغير فكرهم القاصر ولتفهموا سوء فعلهم ونتائج عملهم المشين، ولو استوعب الشباب عموماً هذه المعلومة لراجعوا أنفسهم في تعاملهم مع العمالة الوافدة، ولقدّروا حقوقهم، ولما استعرضوا قوتهم بِذلهم وإهانتهم وضربهم وفقء عيونهم!.

إن الغريب له حق لغربته

على المقيمين في الأوطان والسكن

لا تنهرنَّ غريباً حال غربته

الدهر ينهره بالذل والمحن

وما يؤسف له أن هؤلاء الشباب أضاعوا أصالة الماضي، ولم يرتقوا لجمال الحاضر، وإن لم تتم معاقبتهم سيظهر لدينا جيل متوحش دنسه الدلال ولوثته التنشئة الرديئة!.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت