یتعرض العدید من الأطفال في مختلف أنحاء العالم إلى مخاطر عدیدة بسبب أعمال العنف والتمییز التي یتعرضون لھا، تصل إلى غایة حرمانھم من الحیاة ، مما كان سببا في ظھور دعوات توصي بحمایة الطفل ، فكیف تجسد الاھتمام الدولي بخطر عقوبة الإعدام على الأحداث ؟ ان الاھتمام بالأطفال وبحقوقھم شأن قدیم عنیت به أمم الأرض على اختلاف درجات ھذا الاھتمام حیث اخذ الاھتمام في التطور التدریجي على أن وصل في العصر الحدیث إلى شكل مقنن ، حیث برزت جھود دولیة عدیدة في مجال العنایة بالأطفال والتأكید على حقوقھم ، من خلال المواثیق والاتفاقیة الدولیة والإقلیمیة ویعتبر إعلان جنیف الذي تبنته عصبة الأمم المتحدة عام 1924 ، وتم تطویره فیما بعد لیصبح نواة لإعلان حقوق الطفل لعام 1951 ، بعد ذلك تم تبني الاتفاقیة الدولیة الخاصة بحمایة حقوق الطفل في العشرین من نوفمبر عام 1989 والتي تعتبر أكمل بیان صدر حتى الآن بشأن حقوق الطفل ، طرحت اتفاقیة حقوق الطفل للتوقیع في 20 نوفمبر 1989 ، والیوم أصبح النص الذي دخل حیز التنفیذ في عام 1990 بلا شك وثیقة الأمم المتحدة التي حظیت بأكبر عدد من التصدیقات من جانب الدول الأعضاء . (1) في ھذه الاتفاقیة یتم التأكید على أھمیة وضع الطفل كفرد له حقوق معترف بھا وحریات وواجبات على عدم المساواة مع الأفراد الآخرین في المجتمع الذي فیه یعیش وینمو ویتطور شخصیته ومعارفه ، وطبقا للمادة 01 ” فالطفل ھو: كل إنسان یقل عمره عن 18 عاما ” (2)

إن الحظر على عقوبة الإعدام جراء جرائم اقترفھا مخالفون للقانون من الأحداث أي الأشخاص تحت سن 18 عاما وقت ارتكاب الجریمة ھو أمر واضح وراسخ في قانون المعاھدات الدولي والقانون الدولي العرفي یطبق حتى في أوقات الحرب ، وتحظر اتفاقیة حقوق الطفل ھذه العقوبة وھذا ما تضمنته نص مادتھا 37 (3) والتي جاء نصھا كالتالي : “ لا تكفل الدول الأطراف :- ألا یعرض أي طفل للتعذیب أو لغیره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسیة أو اللا إنسانیة أو المھنیة ولا تفرض عقوبة الإعدام أو السجن مدى الحیاة لسبب جرائم یرتكبھا أشخاص تقل أعمارھم عن ثماني عشرة سنة دون وجود إمكانیة للإفراج عنھم . حیث نجد أن اللجنة المعنیة بالحقوق المدنیة والسیاسیة ، في دورتھا الخامسة والثلاثون سنة 1989 من خلال التعلیق العام رقم 17 حول المادة 24 من اتفاقیة حقوق الطفل تشیر إلى أن یستفید الأطفال بوصفھم أفرادا من جمیع الحقوق المدنیة المبنیة في العھد وتؤكد فیما یتعلق في الحیاة انھ لا تجوز توقیع عقوبة الإعدام بسبب جرائم یرتكبھا أشخاص تقل أعمارھم عن 18 سنة ( 4).

وتعتبر الأغلبیة العظمى من الدول تلتزم بھذا الجظر ، فلم یبق في العالم سوى خمس دول ( 5). لازالت مستمرة في إعدام الأحداث المخالفین لقانون فقد تم إعدام 32 حدثا سنة 2005 : إیران ( 26 )، المملكة العربیة السعودیة ( 2)، السودان (2)، باكستان ( 1)، والیمن ( 1)، ومن المعتقد أن أكثر بكثیر من مائة حدث مخالفین للقانون ینتظرون تنفیذ حكم الإعدام بحقھم في انتظار نتائج الاستئناف في القضاء ، أو نتائج المفاوضات على العفو لتبدیل الإعدام بدفع التعویض المالي في بعض قضایا القتل (6) وفي ھذا الصدد صرحت منظمة العفو الدولیة في تقریر لھا عام 2005 (7) الأشخاص جراء جرائم ارتكبوھا وھم في سن الطفولة في خمس دول ، من شأنه أن یسفر عن الحظر الشامل على عقوبة إعدام الأحداث ، وقد صرحت” كلاریسكا بینكومو” ، باحثة حقوق الطفل عن منظمة الشرق الأوسط وشمال إفریقیا في منظمة العفو الدولیة “ تبقت خمس دول في العالم لم تحظر عقوبة إعدام الأحداث ” ، وتابعت قائلة : ” وھذه المعاقل القلیلة المتبقیة یجب أن تتخلى عن ھذه الممارسة الوحشیة حتى لا یعدم أحد ثانیة أبدا جراء جریمة اقترفھا وه الطفل ” ، وتلتزم الأغلبیة العظمى من الدول التي صادقت أو انضمت إلى معاھدات تحظر عقوبة الإعدام على الأحداث بھذا الالتزام ، مع ملاحظة اتجاه الولایات المتحدة والصین، في السنوات الأخیرة نحو خطر عقوبة إعدام الأحداث وتعزیز تدابیر حمایة الأحداث المخالفین للقانون .

وعلیه فالأمم المتحدة تولي اھتماما بالغا بالأحداث وذلك في إطار الاھتمام الدولي بحقوق الطفل بصفة عامة ، فقد أصدرت الأمم المتحدة وثائق حقوقیة كثیرة اتخذت من الحدث موضوعا لھا ، ومن بینھا قواعد الأمم المتحدة لحمایة الحدث والتي صدرت بقرار من الجمعیة العامة للأمم المتحدة رقم 45/113 الصادر في 14 دیسمبر عام 1990 ، والغرض منھ ھو إقرار القواعد التي ینبغي على الدول الأطراف أن تلتزم بھا وتراعیھا بشأن الحدث حمایة الحدث من الجرم و على العمل من اجل إیجاد ضمانات فعالة تكفل بھا المنظمة احترام حقوق الحدث وضمان محاكمة مناسبة لوضعیتھ الخاصة. بالإضافة إلى الحد الأدنى لقواعد إدارة العدالة للأحداث في إطار الأمم المتحدة ” إعلان بیجین ” ” بجنیف ” ولقد أقرت الجمعیة العامة للأمم المتحدة ھذه القواعد ( 8) بقرارھا رقم 40/33 الصادر في 29 نوفمبر من عام 1985 ولقد جاء ھذا الإعلان لیقرر المفاھیم الرئیسیة ویضع القواعد التنفیذیة التي تعد وفقا لمنظور الأمم المتحدة الحد الأدنى الذي ینبغي على الدول الأطراف أن تلتزم به من حیث قواعد إدارة العدالة والنظام القضائي للأحداث وذلك ضمانا للالتزام بما یحقق مصلحة الحدث ویحمیه ،وفیما یتعلق بعقوبة الإعدام على الأحداث فإن ھذه القواعد نصت على عدم تطبیق عقوبة الإعدام على الحدث مھما كانت جسامة الفعل الإجرامي الذي ارتكبھ وبصفة عامة عدم إخضاعھ لعقوبة بدنیة . كما أصدرت اللجنة الفرعیة لتعزیز وحمایة حقوق الإنسان في دورتھا الحادیة والخمسین قرار4/ 1999 (9) والذي أكدت فیھ حظر فرض عقوبة الإعدام على أشخاص دون سن الثامنة عشرة وقتارتكاب الجرم .

___________

1- أنظر : زانغي ( كلودیو) ، الحمایة الدولیة لحقوق الإنسان ، مكتبة لبنان ، 2006 ، ص . 450 .

2- أنظر : حسن ( بھي الدین ) ، المواثیق الأساسیة لحقوق الإنسان ، مركز القاھرة لدراسات حقوق الإنسان ، دون مكان نشر ،دون طبعة، ص 190

3- Amnesty internationa، .droit hummainsC .peine de mort . abolition totale ou partielledans la loi et la pratique londres، 1998 ،p8

4- Death penalty ،execution of child offenders since1990 : http//www AmnestyOrg /en / death.penalty /execution of child offenders – since 1990 .

5- The las texecution of child MPE13/059/2007:http//web.Amnesty/org/library/engmde

6- انظر: خمس دول لازالت مستمرة في إعدام الأحداث ، مجلة لعرب العالمیة ، 12 /13/14/9/2008

7- أنظر: آخر المعاقل : القضاء على الإعدام في إیران والمملكة العربیة والسودان وباكستان والیمن . متوفر على الموقع التالي : http: /www. hrw .

8- انظر: شریف بسیوني (محمود) ، الوثائق الدولیة المعنیة بحقوق الإنسان ، المجلد الأول ، دار الشروق ، القاھرة ، 2003 ، ص . 868

9- Amnesty international ، les mineurs face a la peine de mort(les exécutions recensées dans le monde،2002 .p2

المؤلف : جودي زينب .
الكتاب أو المصدر : عقوبة الاعدام بين التشريعات الوطنية والقانون الدولي

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .