الشعب.

الشعب هو الركن الأساسي لقيام أي تنظيم أو ظهوره ولولاه ما وجدت الدولة لذلك لا يمكن تصور قيام دولة بدون شعب، مع أن عدد أفراد الشعب لا يهم في الحقيقة إلا من حيث اعتبار ذلك عاملا من عوامل القوة للدولة سياسيا واقتصاديا. فما هو مفهوم الشعب؟ وكيف نميزه عن غيره من المدلولات التي ترتبط به؟

هذا ما سنتناوله في الفرعين التاليين:

الفرع الأول: مفهوم الشعب.

يقصد بالشعب مجموعة من الأفراد يقيمون على أرض الدولة ويرتبطون بها برابطة قانونية هي الجنسية ويخضعون لسلطة سياسية، كما قد تتوفر ظاهرة أخرى هي الظاهرة الاجتماعية والتي يقصد بها توافر روابط معينة بين أفراد هذا الشعب أساسها مقومات مشتركة مثل الأصل والدين واللغة والتاريخ، هذه العناصر ليست شرطا لتكوين الدولة ولكن توافرها في شعب معين من شأنها أن تكون عنصر دعم ووحدة للدولة.

ومنه نخلص إلى أنه لا يشترط في شعب الدولة أن يكون أمة واحدة، فقد يكون جزء من أمة كما هو الشأن بالنسبة للشعوب العربية، ويكون شعب الدولة من عدة أمم مثل الشعب الهندي وشعب الولايات المتحدة الأمريكية، أو قد يكون أمة واحدة كما هو الشأن بالنسبة للدولة الإسلامية سابقا أو الدولة الألمانية الحالية.

كما يجب التفرقة بين الشعب بمفهومه الاجتماعي عن الشعب بمفهومه السياسي.

1) الشعب بالمفهوم الاجتماعي. يقصد به مجموعة الأفراد الخاضعين لسلطة الدولة والمتمتعين بجنسيتها دون اعتبار لسنهم ومدى قدرتهم على إجراء التصرفات القانونية أو السياسية.

2) الشعب بالمفهوم السياسي. يقصد به كل المواطنين الذين يحق لهم المشاركة في تسيير أمور الدولة أي الذين يتمتعون بحق الانتخاب.

كما يجب التفرقة بين الشعب والسكان.

1) ـ الشعب هم الأفراد الخاضعين لسلطة الدولة ويحملون جنسيتها.

2) ـ السكان يشمل كل الأفراد المقيمين على إقليم الدولة سواء كانوا رعاياها أم أجانب.

الفرع الثاني: التمييز بين الشعب والأمة.

الشعب في الدولة يتكون من أمة أو جزء من أمة أو من عدة أمم. وهذا يبين أن هناك فرق بين المدلولين، فالشعب هو مجموعة من الأفراد يقطنون أرضا معينة أما الأمة فهي إلى جانب ذلك تتميز باشتراك أفرادها في عنصر أو عدة عناصر كاللغة والدين والأصل والرغبة في العيش المشترك.

العناصر المكونة للأمة تختلف باختلاف الفقهاء، فكل فقيه ينظر إليها من خلال انتمائه إلى بلد معين، مما يدفع به إلى التركيز على عناصر معينة وإهمال أخرى. وأهم ما يمكن الإشارة إليه في هذا المجال هو اندماج مفهوم الأمة والدولة أثناء الثورة الفرنسية حيث أصبح يقال الدولة الفرنسية والأمة الفرنسية.

ومن أهم النظريات التي تناولت موضوع الأمة وتحديد العناصر المكونة لها نذكر:

أولا: النظرية الألمانية.

تعتمد هذه النظرية على عنصر اللغة في تكوين الأمة ومن أشهر القائلين بها المفكران فيخت(Fichte) و هردر (Herder) وذلك تلبية لرغبة الألمان في ضم الألزاس واللورين إلى السيادة الألمانية لأنهما ناطقتان باللغة الألمانية.

ثانيا: النظرية الفرنسية.

جاءت كرد على النظرية الألمانية، حيث ترى أن العنصر المميز للأمة عن الشعب هو الرغبة والإرادة المشتركة في العيش معا داخل حدود معينة، وليس العرق ولا اللغة.

والنقد الذي وجه لهذه النظرية هو أن الرغبة في العيش المشترك هي نتيجة لظهور الأمة وليست عاملا في تكوينها.

ثالثا: النظرية الماركسية.

اقتصر أنصار الشيوعية في تحديد العناصر المكونة للأمة على العامل الاقتصادي. وهذه النظرية كذلك لاقت انتقادا شديدا من جمهور الفقهاء لأن العديد من الأمم استعمرت ولم تصمد سوى الأمم التي بنيت على العوامل المعنوية مثل العواطف والتاريخ المشترك واللغة والدين، ولكن العنصر المادي لم يكن له تأثير في تحريك الأمم ضد مستعمريها.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت