الفرق بين القرار القضائي والحكم القضائي

{{ الحكم هو كل قرار صادر عن هيئة قضائية في دعوى رفعت إليها طبقاً لقواعد أصول المحاكمات ، فهو يتميز بالعنصرين الآتيين :

1 – بكونه صادراً عن سلطة قضائية مكونة وفقاً لأحكام القانون .
2 – بكونه صادراً في منازعة تكونت بين خصوم و طبقاً للقواعد المقررة للفصل فيها .

و يشمل لفظ ( حكم ) مبدئياً جميع القرارات التي تتخذها الهيئات القضائية سواء كانت مكونة من قاضي واحد أو من قضاة عديدين.

غير أن هذا اللفظ بمفهومه الضيق ، قد درج إطلاقه على الأحكام الصادرة عن القضاة المنفردين و المحاكم البدائية ، أما الأحكام الصادرة عن محاكم الاستئناف و محكمة التمييز و قاضي الأمور المستعجلة و المحكمين فتسمى ( قرارات ) .
و تختلف الأحكام بمفهومها المتقدم عن القرارات الرجائية أو الإدارية التي يتخذها القضاة أو المحاكم في بعض الأحوال . و يعمد القضاة إلى اتخاذ القرارات الرجائية في حدود السلطة الولائية التي يمنحهم إياها المشترع ، و بالقدر الذي تستلزمه مصلحة الأفراد الذين يلجأون إليهم و حقوقهم من حماية في الأحوال المعينة في القانون ، و من الأمثلة على هذه القرارات : القرار الصادر بالتصديق على اتفاق الخصوم أو على الصلح ، و القرار بإثبات الوفاة و حصر الإرث ، و القرار القاضي بتعيين الوصي أو القيم و محاسبته و الترخيص له بإجراء بعض التصرفات ، و قرار وضع الأختام و قرار تعيين الحارس أو المصفي ، و القرارات الصادرة على العرائض كقرار الحجز الاحتياطي و الحجز لدى ثالث ، و كذلك قرار تقصير المهل .
و لا يتبع القاضي في إصدار هذه القرارات الأصول المعينة للفصل في المنازعات ، كما أن طرق الطعن فيها تختلف اختلافاً تاماً عن الطرق المقررة للطعن في الأحكام .

و لا تحوز تلك القرارت قوة القضية المُحكمة ، إذ أنها صادرة بدون نزاع في موضوع معين و بدون خصومة .
و لهذا يحق للمستدعي الذي طلب إصدار القرار و ردّ طلبه أن يقدم طلباً جديداً لاتخاذ قرار آخر ، و يجوز للقاضي عندئذ أن يرجع عن قراره الأول أو أن يعدله حسب مقتضيات الحال إذا كانت الظروف التي صدر فيها قد تبدلت .
و يقدم الطلب الجديد إلى نفس القاضي ، و يكون القرار الثاني المتخذ على أساسه قراراً رجائياً أيضاً .

و إذا كان القرار قد أجاب الطلب فيعود للشخص المتضرر منه أن يقدم استدعاء إلى القاضي نفسه يطلب منه الرجوع عن هذا القرار ، و ينشأ في هذه الحال نزاع بين خصمين يتعين فصله وفقاً للأصول العادية ، و تكون للقرار الصادر بنتيجته صفة الحكم القضائي التي تجعله قابلاً للطعن بالطرق المقررة في القانون .

فيتضح من ذلك أن القرارات الرجائية هي متميزة تماماً عن الأحكام القضائية ، و أن لكل من الفئتين صفات و ميزات خاصة بها .

و يلاحظ أخيراً أن ثمة قرارات محض إدارية تصدر عن القضاء و لا تكون لها صفة الأحكام القضائية و لا القرارات الرجائية بالمعنى الصحيح ، بل يقصد بها انتظام سير الأعمال القضائية : كقرار توزيع الدعاوى و الأعمال بين مختلف غرف المحكمة ، و قرار تعيين الجلسات في مواعيد معينة ، فمثل هذه القرارات التي تتعلق بالإدارة العدلية الصرفة تشكل فئة خاصة ، و لا يكون ثمة مجال للطعن بها بالطرق المقررة للطعن بالأحكام القضائية أو بالقرارات الرجائية }}
ادوار عيد – أصول المحاكمات – ج2 – فقرة 284