توضيح قانوني حول مفهوم السياسة

أ/ عبد الله كامل محادين

يقصد بالسياسة Politique حسب اللغة اليونانية القديمة التي تعتبر أصل هذه الكلمة بأنها فن إدارة المدينة . و هذه الكلمة التي تستخدم في وقتنا الحالي في مجالات متعددة تبقى صعبة التحديد .

فمن خلال مفهوم ضيق لهذه الكلمة نقول : سياسة اقتصادية، سياسة اجتماعية، سياسة يسارية و سياسة يمينية، سياسة حرة، سياسة مالية، سياسة ضريبية، و نتكلم عن سياسة دولية….الخ. فتعبير سياسة… يقصد به الأسلوب المتبع لإدارة مجال معين (اقتصادي، اجتماعي، مالي، ضريبي….) أو الصفة التي يمكن إسنادها إلى نظام ما (يميني، يساري، حر…). فبهذا المفهوم الضيق، ترتبط السياسة بالنشاط أو السلوك أو البرنامج الذي يقوم به فرد، أو حزب، أو حكومة، أو دولة،… .

أما إذا أخذنا هذه الكلمة من خلال مفهوم واسع، فإنّ السياسة تخرج عن النطاق السابق المحدد في مجال أو سلوك أو إيديولوجية محددة، بحيث تشكل السياسة مجالاً بلا حدود و لا قيود. بمعنى أوضح فإن كل ما يتعلق بالإنسانية هو سياسي و كل ما هو سياسي هو إنساني، فالسياسة هي التي تميز الإنسان عن الحيوان، بحيث يمكننا تأكيد ما قاله Emmanuel MOUNIER: “إذا لم تكن السياسة كل شيء فإنها في كل شيء”.

انطلاقاً من ذلك يمكننا القول : إنّ السياسة أو علم السياسة هو العلم الذي يدعونا للتفكير بالظواهر السياسية التي يثيرها تجمع الكائنات البشرية في المدينة ، أو الدولة بالمفهوم الحديث. و لكن هذا العلم يتناول الظواهر السياسية دون أي اهتمام معياري، فهو يعبر عما هو كائن لا عما يجب أن يكون. أما القانون الدستوري فإنه يدرس الظواهر السياسية العامة من خلال تحديد العلاقات بين الفرد و المجتمع، بين الحكام و المحكومين، بين الحرية التي يتمتع بها الفرد و السلطة التي يمارسها الحاكم، و يغذيها الفرد، و يخضع لها باعتباره محكوم.