الاعتراض على الحكم الغيابي

أود أن أوضح إلى القارئ الكريم ما هو الاعتراض على الحكم الغيابي هو طريق من طرق الطعن المقررة قانونا للطعن في الأحكام التي تصدر غيابا بحق الخصم و التي تصدر من محاكم الأحوال الشخصية و محاكم البداءة فهو طريق غير عادي أي انه طريق طعن استثنائي .

إذ تبادر إلى ذهني سؤال ، كيف يتم الطعن بطريق الاعتراض على الحكم الغيابي ؟
الحكم الغيابي هم الحكم الذي يصدر بحق المدعى عليه غيابيا رغم تبليغه الصحيح بعريضة الدعوى فحينما يصدر الحكم و يكون في غير صالح المدعى عليه الذي تبلغ بعريضة الدعوى .
يقوم المدعى عليه الذي تبلغ بقرار الحكم الغيابي بإقامة دعوى الاعتراض على الحكم الغيابي أمام المحكمة التي أصدرته و يكون ذلك خلال عشرة أيام تبدأ من اليوم التالي لتبليغ الحكم و تنتهي في اليوم العاشر التالي لصدور الحكم و تتخذ المحكمة نفس الإجراءات التي تتخذها في أي دعوى إذاً هي دعوى اعتراضية .

لقد نصت المادة 177 من قانون المرافعات العراقي ( يجوز للمحكوم عليه الاعتراض على الحكم الصادر عليه غيابا من محكمة البداءة أو المحكمة الشرعية و ذلك في غير المواد المستعجلة خلال عشرة أيام ) .
من خلال هذا النص القانوني يتبين لنا ما هو الاعتراض على الحكم الغيابي .
و لكن الإشكال الذي حدث إن المشرع العراقي المحترم نص في قانون المرافعات المشار إليه أعلاه في نص مادة 49 البند الثاني ( على الخصم أن يجيب على الدعوى بعد تبليغه بعريضتها و قبل حلول الجلسة المحددة لنظرها و للمحكمة أن تستخلص من عدم إجابته قرينة تساعده على حسم الدعوى ) لو لاحظنا الشطر الأخير من هذه المادة .

بأنه نص على عدم إجابة الخصم على الدعوى فإنها تكون قرينة تساعد المحكمة على حسم الدعوى أي إن الخصم الذي تبلغ بعريضة الدعوى يستطيع أن يجيب عن الدعوى بلائحة إيضاحية إن تعذر عليه الحضور أمام المحكمة التي تنظر الدعوى .

لأنه كما معروف بان تبليغ الخصم يتم بنسخة التبليغ مرفق بها عريضة الدعوى و كافة الأوراق التي يقدمها المدعي لإثبات دعواه فيستطيع المدعى عليه أن يجيب بلائحة أثناء تبليغه على عريضة الدعوى فان عدم إجابته تعد قرينة تساعد المحكمة على حسم الدعوى و القرينة نوعين :

أولا : القرينة القانونية :ـ و هي استنباط المشرع أمر غير ثابت من أمر ثابت كما أنها تغني لمن تقررت لمصلحته عن أي دليل أخر من أدلة الإثبات . المادة 98 قانون إثبات عراقي و المرقم 107 لسنة 1979 .
ثانيا : القرينة القضائية :ـ هي استنباط القاضي أمر غير ثابت من أمر ثابت لديه في الدعوى المنظورة مادة 102 إثبات .
فما هو نوع القرينة المشار إليها في نص المادة 49 أعلاه ؟
هي قرينة قانونية تساعد المحكمة على حسم الدعوى كون المشرع هو الذي اقرها و الدليل على ذلك اعتبر عدم حضور الخصم رغم تبليغه بعريضة الدعوى قرينة تساعد المحكمة على حسم الدعوى أي قبول المدعى عليه بما ورد في العريضة و بالحكم الذي يصدر لان عدم حضوره معناه إقرارا معنويا بدعوى المدعي أي قبول ضمني .

إذ هنا يتبين لنا الخطأ الذي وقع فيه المشرع العراقي المحترم .
و هو تناقض واقع بين النصين القانونيين 177 و 49 المشار إليهما أعلاه فكيف يعطي للمحكمة الحق في حسم الدعوى في حالة عدم حضور المدعى عليه رغم تبليغه الصحيح و في الوقت نفسه يعطي للخصم المدعى عليه الذي الحكم بحقه غيابا أن يعترض على هذا الحكم و يطلب إبطاله فهذا هو التناقض الذي وقع به المشرع و خلل واضح في النصين القانونيين السابقين .
إني اتفق معه فيما ذهب إليه في نص المادة 49 .

و لكني اختلف معه فيما ذهب إليه في نص المادة 177 و هي الاعتراض على الحكم الغيابي كون هذا الطريق يؤدي إلى تأخير تنفيذ قرارات الحكم و عدم استقرار المعاملات و تأخير حقوق المدعي صاحب الحق إن ثبت ادعاءه فتبلغ المدعى عليه و عدم حضوره حسب رائيي هو إقرار و قبول بما موجود في عريضة الدعوى أو بالحق المدعى به .
فكان الأجدر بالمشرع العراقي المحترم حسب رائيي المتواضع أن يلغي هذا النص كطريق من طرق الطعن .
هنا سؤال سيطرح من القارئ الكريم و ربما يتبادر إلى ذهنه .

كيف سيدافع المدعى عليه عن حقه في الحكم الذي صدر بحقه غيابا و خاصة إذا كان عدم حضوره بعذر مشروع و لا يوجد من يمثله قانونا و هي حالات قليلة الوقوع ؟
يحق له الطعن بطرق طعن أخرى كالتمييز و الاستئناف عن طريق وكلاء يوكلونهم عنهم .
و حتى الأشخاص الذين لا يتوافر لديهم عذر و يتعمدون عدم الحضور يستطيعون أن يطعنوا بالطرق الطعن أنفة الذكر غير الاعتراض .
أو كان الأجدر به أن يعدل من النص بدلا من إلغاءه و التعديل يتم كالأتي :
هو أن يجعل حق الاعتراض فقط في الأحكام الصادرة من محاكم البداءة بدرجة أولى ( و التي تزيد قيمة الدعوى فيها على 1000 دينار كون الاستئناف جائز بها و الاستئناف هو طريق من طرق الطعن المقررة قانونا في العراق كون محكمة الاستئناف هي درجة من درجات التقاضي الذي يستطيع الخصم بعد صدور الحكم الغيابي أن يستأنفه و يقف أمام محكمة الاستئناف و الدفاع عن نفسه ) .
فهو فعل ذلك في ( إعادة المحاكمة ) هي طريق من طرق الطعن المقررة قانونا في نص المادة 197 من قانون المرافعات المدنية العراقي ( لا يقبل الطعن بطريق إعادة المحاكمة في الأحكام الصادرة من محاكم البداءة بدرجة أولى ما دام الطعن بطريق الاستئناف جائز ) فكان الأجدر بالمشرع العراقي المحترم أن ينص مثل هذا النص في الطعن بطريق الاعتراض على الحكم الغيابي .

اعادة نشر بواسطة محاماة نت