مبدأ المشروعية أو مبدأ سيادة القانون

ضرورة وجود السلطة: وجود السلطة في المجتمع ضرورة لبقاء المجتمع واستمراره ، وأنه بدون السلطة ينهار المجتمع وينتهي ويتلاشى.

مبدأ المشروعية:

الدولة المعاصرة،دولة قانونية بمعنى أن بها قانون،بمعناه العام يحكم كافة تصرفات الأفراد والسلطة وأنه لكي يكون تصرف السلطة مشروعا ومقبولا فانه يجب أن يتطابق مع حكم القانون ، فحكم القانون هو الذي يسود وهو الذي تخضع له تصرفات السلطة كما يخضع له الأفراد.

أساس ومبدأ المشروعية:

فحوى مبدأ المشروعية ومقتضاه هو وجوب التزام الإدارة حكم القانون في كل أنشطتها وتصرفاتها.

الدستور هو القانون الأعلى في النظام القانوني ومقتضى هذا وجوب التزام المشرع العادي(السلطة التشريعية) لأحكام الدستور فلا يجوز للسلطة التشريعية أن توافق على تشريع أو قانون لا تتفق أحكامه مع أحكام الدستور من هنا أطلق البعض على مبدأ المشروعية تسمية(مبدأ علو الدستور) ذلك أن الإدارة ملتزمة باحترام أحكام القانون والمشرع ملتزم حين يوافق على القانون أن تتوافق أحكام هذا القانون مع أحكام الدستور ولا يعني التزام الإدارة لحكم القانون في كل تصرفاتها أن يظل القانون قائما دون تعديل أو تغيير(جامدا)بل يجب أن يساير تطور المجتمع.

مبدأ المشروعية وتدرج النظام القانوني:

أساس المشروعية يتمثل في علو الدستور، ووجوب التزام المشرع حكم الدستور فيما يسنه من قوانين ثم التزام الإدارة في نشاطها حكم القانون، وهكذا نجد نظاما هرميا احترامه هو الأساس الذي تقوم عليه الشرعية ويطلق على هذا النظام تدرج القواعد القانونية وهذا ما يعني ضرورة التزام القاعدة الأدنى بحكم القاعدة الأعلى ، فالقانون العادي في مرتبة أقل من الدستور، ومن هنا يجب أن لا يخرج القانون العادي على حكم ، لدستور،واللائحة التنظيمية في مرتبة أدنى من القانون العادي، ومن ثم فلا يجوز لها مخالفته،وهكذا.

معايير تتدرج القوانين :

ينظم التدرج القانوني معياران معيار موضوعي وأخر شكلي.

المعيار الموضوعي: مفاده أنه لتحديد القاعدة الأعلى الواجبة الاتباع فانه يجب النظر إلى المضمون، فالقرار الفردي يكون في مرتبة أدنى من القاعدة التنظيمية بغض النظر عن مصدر كل منهما ، فإذا ما أصدر وزير مثلا لائحة تنظيمية بشروط شغل إحدى وظائف وزارته،ثم جاء رئيس الوزراء فأصدر قرارا فرديا بتعيين أحد الأفراد في هذه الوظيفة ، فان قرار رئيس الوزراء الفردي يجب أن يلتزم بحكم القاعدة التنظيمية التي أصدرها الوزير من قبل في هذا الصدد ، ويستند هذا المعيار على أساس أن للقاعدة القانونية قوة الإلزام،فإذا سمحنا للقرار الفردي أيا كان مصدره بمخالفتها فقدت القاعدة القانونية قوة الإلزام فيها وهذا معناه إهدارها كلية.

المعيار الشكلي : يعتمد على مصدر القرار والإجراءات التي اتخذت في إصداره فالدستور أعلى القوانين لأنه صادر من سلطة مؤسسة،والقانون العادي في مرتبة أدنى من الدستور لان السلطة التشريعية قامت استنادا إلى الدستور فوجب عليها التزام أحكامه وقرار الوزير يجب أن يلتزم بقرار رئيس الوزراء.
وإذا أصدرت سلطة إدارية لائحة تنظيمية فإنها تلتزم باحترام هذه القواعد طالما أنها لم تلغها أو تعدلها ويعتمد هذا المعيار كذلك على الإجراءات فحين يشترط الدستور أغلبية معينة لإصدار تشريع معين فمفادها هذا التشريع يكون في درجة أعلى من التشريع العادي الذي لا يشترط له الدستور هذه الأغلبية وأساس العلو هنا هو الإجراءات الشكلية التي أحاطت بالتشريع.

مصادر الشرعية: مفاد مبدأ الشرعية هو التزام السلطات العامة والإدارية منها بحكم القانون في تصرفاتها أي أن تصرفاتها المادية والقانونية مطابقة لحكم القانون بل ومتفقة مع الفهم الصحيح للقانون والقانون الذي يجب أن يسود حكمه على هذه التصرفات هو القانون بمعناه العام والواسع ومن ثم فان مصادر الشرعية هي بذاتها مصادر القانون.

المصادر المكتوبة: هي المصادر الشرعية المكتوبة أو المدونة،هي المصادر الرسمية التي تصدر عن سلطات تملك حق إصدارها وهي حسب تدرجها في الهرم القانوني الدستور، التشريع،اللوائح التنظيمية وأحكام القضاء.

أولا الدستور: La Constitution

هو مجموعة القواعد التي تنظم سلطات الحكم وتبين كيفية تأسيسها واختصاصات كل منها والعلاقة بينها ثم العلاقة بينها وبين المحكومين،ويرسي الضمانات الأساسية للمحكومين.

الدستور له مكانة سامية لأنه يصدر عن سلطة مؤسسة أما القواعد الأخرى فتصدر عن سلطات أنشأها الدستور وتستمد وجودها وشرعيتها من الدستور ذاته.

ولا يخضع الدستور،والنصوص الدستورية لمبدأ الشرعية إذ لا يجوز الدفع بعدم مشروعية نص دستوري بمقولة أنه جاء مخالفا لقواعد العدالة أو لمبادئ القانون الطبيعي كما لا يجوز للقضاء أن يتعرض لمشروعية النص الدستوري على الإطلاق.

وتلتزم جميع السلطات في الدولة،في تصرفاتها وأعمالها،بحكم الدستور.

ثانيا التشريع : La Loi

يعرفه الفقهاء من الزاوية الموضوعية بأنه القواعد العامة المجردة وبأنه القواعد التي يسيطر عليها طابع العمومية عكس القرار الإداري ذي الطابع الفردي.

أما المعيار الشكلي فيعتمد على العضو مصدر القاعدة فالعمل تشريع إذ توفرت فيه الشروط.

1- أن يصدر عن سلطة خولها الدستور حق إصدار التشريع.
2- أن يصدر العمل عن هذه السلطة،طبقا للقواعد والإجراءات والأشكال،التي يبينها الدستور ويستند هذا المعيار إلى نظرية الفصل بين السلطات.

رغم أن التشريع له موقع ممتاز لصدوره عن سلطة تشريعية وهي سلطة منتخبة إلا أنه مع ذلك يجب أن يخضع للدستور، فلا يجوز لتشريع أن يصدر مخالفا لنص في الدستور أو حتى مخالفا لفحواه.

ثالثا القرارات التنظيمية (اللوائح) Les Règlement : هي قرارات تضمنت قواعد عامة ومجردة فهي قرارات تنظيمية ، وتعتبر هذه القرارات التنظيمية بالمعيار الشكلي أي بالنظر لمصدرها ، قرارات إدارية لكنها بالمعيار الموضوعي المادي تعتبر أعمال مشروعة لا تسام قواعدها،بالعمومية أو التجريد.

تحتل هذه القرارات المرتبة الثالثة بعد الدستور والتشريع في النظام الهرمي القانوني، ولئن كانت اللوائح متشابهة للتشريع لا يقع في العمومية والتجريد ، إلا أن الاتفاق منعقد على أن التشريع ، يقع في مرتبة اللوائح ، وتعليل ذلك أن التشريع يصدر عن السلطة التشريعية،وهي سلطة منتخبة ومن ثم فهي الممثلة لكل المجتمع.

ويترتب على ذلك خضوع اللائحة للقانون العادي وللدستور،فلا يجوز للائحة أن تتضمن أحكاما تخالف أو تعادل أو تعطل نصا أو حكما ورد في التشريع أو في الدستور.

رابعا أحكام القضاء : La Jurisprudence

ينحصر عمل القاضي في تطبيق أحكام القانون على ما يطرح عليه من قضايا ومنازعات،فالقاضي،لا يخلق قاعدة وإنما يطبق القواعد العامة الموضوعة سالفا.

وكثيرا ما يجد القاضي نفسه أمام نزاع لم يضع له القانون حلا ، فيضع هو القاعدة القانونية ، يؤصلها ويعمقها ثم يطبقها ويستلهم في ذلك،مبادئ القانون العامة وأحكام القانون الطبيعي وأسس العدالة.

المصادر غير المكتوبة : تتمثل في مصدرين،هما العرف والمبادئ القانونية العامة.

1-العرف : La Coutume
هو تكرار إتباع الناس ، لقاعدة معينة،في نشاط معين إلى أن يشعر وبأنها أصبحت ملزمة،و أنه لا يجوز لهم مخالفتها.

هناك أنواع كثيرة من العرف ، العرف التجاري،العرف الإداري،العرف الدستوري… وقد كان للعرف المرتبة العليا في المجتمعات القديمة إلا أن بعد ظهور التشريع المدون وظهور مزياه من الوضوح والتحديد بسهولة معرفة أحكامه تقهقر العرف ليخلي المكانة الأولى للتشريع فلا يجوز الالتجاء إلى العرف إلا إذا افتقدنا النص.

2-المبادئ القانونية العامة :Les Principes Généraux Du Droit
قواعد قانونية غير مدونة،ملزمة،تتميز بأنها لم ترد في نص مكتوب ولكن القضاء هو الذي يكشف عنها،فتقررها أحكامه وتصدر على مقتضاها.

المبادئ القانونية العامة : تتساوى في المرتبة والدرجة مع التشريع العادي،وأن القاضي لا يلجأ إليها إلا إذا افتقد النص أو كان بالنص غموض يحتاج إلى توضيح أو تفسير أو به نقص أو قصور يحتاج إلى الإكمال،لا يجوز للإدارة مخالفتها لا بقرارات تنظيمية عامة ولا بقرارات إدارية فردية.