تغطية عيب الشكل

درج القضاء الإداري المقارن على القول بأنه يمكن تلافي إلغاء القرار المعيب بعيب الشكل الجوهري بإتباع أربع وسائل يمكن عن طريقها تغطية هذا العيب وهي استحالة إكمال الشكليات والظروف الاستثنائية وقبول صاحب الشأن والاستيفاء اللاحق للشكل .

أولاً- استحالة إتمام الشكليات:

اتجه القضاء الإداري في فرنسا ومصر الى القول بأنه إذا استحال إتمام الأشكال والإجراءات من الناحية المادية فيمكن تجاوز هذه الأشكال .

والاستحالة التي تجوز فيها للإدارة أن تتحلل من الشكلية التي يفرضها القانون هي الاستحالة المادية الطويلة، لأن الاستحالة المؤقتة لا تكفي لتبرير إغفال الإدارة للأشكال المطلوبة . ([1])

ومن أمثلة الاستحالة المادية المانعة من إتمام الشكليات عدم سماع دفاع الموظف المتهم إذا كان ذلك راجعاً إلى استحالة مادية حقيقية تعود إلى عدم تركه لعنوانه، واستحالة الاستدلال على هذا العنوان وكذلك رفض أحد أعضاء اللجنة الحضور رغم تبليغه بقصد تأخير القرار .

وفي ذلك قضت المحكمة الإدارية العليا في مصر : ” الشركة قد اتخذت الإجراءات اللازمة قانوناً في شأن عرض الأمر على اللجنة الثلاثية قبل إصدارها قرار الفصل المطعون فيه، وأن اللجنة حاولت أن تعقد اجتماعاً أكثر من مرة إلا أن العضو الثالث فيها ” ممثل العمال ” الذي ثبت أنه أخطر شخصياً بمواعيد الانعقاد تعمد التخلف عن الحضور أكثر من مرة، فأنه بذلك لا تتريب على الشركة من جهة النظر القانونية أن هي أصدرت قرارها بالفصل ” . ([2])

ثانياً- الظروف الاستثنائية:

تضطر الإدارة أحياناً إلى إغفال الشكليات الواجب مراعاتها قانوناً تحت ضغط الظروف الاستثنائية، وقد سبق أن بينا أن نظرية الظروف الاستثنائية توسع من نطاق مبدأ المشروعية، وتؤدي إلى تحرر الإدارة من كثير من القيود القانونية ومنها ما يتعلق بقواعد الشكل والإجراءات فلا تعد القرارات الصادرة مخالفة للأشكال والإجراءات التي يتطلبها القانون لصدورها في ظل هذه الظروف .

ثالثاً- قبول صاحب الشأن:

من المقرر فقهاً وقضاءً أن الأصل في الشكليات والإجراءات أنها مقررة لمصلحة عامة قدرها المشرع، فهي تمس الصالح العام، ومن هنا فإن قبول ذوي الشأن للقرار المعيب لا يؤدي إلى تصحيح العيب وزوال البطلان . ([3])

إلا أن بعض أحكام القضاء الإداري قد خرجت عن هذا الاتجاه وذهبت إلى قبول المخالفة أو العيب الذي انطوى عليه القرار الإداري وتنازل من شرع الشكل لمصلحته عن التمسك بالبطلان إذا لم يكن هذا الشكل متعلقاً بالنظام العام . ([4])

رابعاً- الاستيفاء اللاحق للشكل:

انقسم الفقه والقضاء الإداري بشأن إمكانية تصحيح عيب الشكل باستيفاء الإجراءات أو الأشكال التي أهملتها الإدارة بعد صدور القرار المعيب فقد ذهب جانب من الفقه معززاً رأيه ببعض أحكام القضاء إلى عدم جواز تصحيح الأشكال والإجراءات بعد صدور القرار لأن هذه الإجراءات إنما وضعت كضمانة للأفراد وللمصلحة العامة قبل إصدار الإدارة قرارها فإذا أهملت الإدارة هذه الضمانة فقرارها يكون معيباً ومستحقاً للإلغاء، ولا يجوز للإدارة أن تصحح هذا العيب لتعطي القرار أثراً رجعياً لأن ذلك يمنح الإدارة رخصة الخروج على قواعد الشكل . ([5])

وذهب جانب آخر من الفقه إلى قبول تصحيح القرار باستيفاء الشكلية بعد صدور القرار تجنباً لإلغائه . ([6])

[1] – د. حنا نده – المصدر السابق – ص 380 .

[2] – القضية رقم 323 لسنة 16 القضائية 15 يناير 1982 المجموعة ص 144 .

[3] – حكم محكمة القضاء الإداري المصري في القضية رقم 3884 لسنة 8 قضائية جلسة أول يوليو 1957 المجموعة ص 638 .

[4] – حكم محكمة القضاء الإداري المصري في القضية 1632 لسنة 1 قضائية جلسة 28 أبريل 1957 المجموعة ص 391 .

[5] – ينظر :

– د. سليمان محمد الطماوي – المصدر السابق – ص 688 .

– د. عبد الغني بسيوني – المصدر السابق – ص 616 .

[6] – د. محسن خليل – المصدر السابق – ص 469 .