دخول الإنصاف في المجال القانوني

مبدئياً الإنصاف يندرج في موضوع مقابل للقانون. لا يشكل الإنصاف قاعدة قانونية، بل هو قاعدة أدبية، معنوية، تصحيحية، ليس إلا. ففي مشروع القانون المدني الفرنسي للعام الثامن بعد الثورة نقرأ “أن القاضي، في غياب قانون دقيق، يحكم بالإنصاف. الإنصاف هو عودة القانون الطبيعي..”.

المبحث الأول: القانون الداخلي

الفقرة الأولى: القانون المدني

لقد كرَّس القانون المدني والقضاء في نصوص وقرارات عديدة الإنصاف كقاعدة قانونية مستقلة وليس وحسب كقاعدة بديلة أو ملطِّفة.

ففي القانون المدني اللبناني (قانون الموجبات والعقود) نقرأ في المادة 221 (تحت عنوان مفاعيل العقود): أن العقود المنشأة على الوجه القانوني تلزم المتعاقدين. ويجب أن تُفهم وتُفسر وتُنفذ وفاقاً لحسن النية والإنصاف والعرف.

الفقرة الثانية: القانون العام

القانون الإداري هو بامتياز قانون اجتهادي. في غياب النص، أمام نص غامض وحتى في حالة وجود نص حاول القاضي الإداري دوماً إنصاف المستدعين بما له من سلطة تقدير ودون الوقوع في مخالفة واضحة للقوانين. هذا ما فعله القاضي اللبناني في قرار “الياس غصن” عندما منح الأولوية عبر تفسير جريء وتوسعي “جدا” لمبدأ “ضرورة أن يكون في مقدور الأفراد دوماً إمكانية مراجعة القضاء”. مفهوم الإنصاف و”رفع الظلم” هو في أساس اتخاذ هذا الموقف ولو أن الشورى لم يستخدم عبارة إنصاف.

المبحث الثاني: القانون الدولي

في السنوات الأخيرة نزع القانون الدولي إلى جعل مبدأ الإنصاف قاعدة قانونية قائمة بذاتها فيما كان هذا المفهوم في السابق خارج القانون يقوم بدور المساعد والمصحح ليس إلا.

المبحث الثالث: قانون المحاكمة

الفقرة الأولى: المحاكمة العدلية

– مبدأ الحق في محاكمة عادلة

يشكل مبدأ الحق في محاكمة عادلة أكثر فأكثر المحور الأكثر أهمية في الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، وغدا يفرض نفسه على السلطات التشريعية والتنفيذية للدول الوطنية. تنص المادة السادسة من هذه الاتفاقية على ما يلي: “لكل شخص الحق في أن تُسمع قضيتُه إنصافاً équitablement أو بالإنصاف والعدل، بصورة علنية وفي مهلة معقولة من قِبَل محكمة مستقلة وحيادية مشكَّلة بقانون؛ تقرر هذه المحكمة بشأن الحقوق والواجبات ذي الصفة المدنية لهذا الشخص أو بشأن مشروعية أي اتهام جزائي موجه ضده”.

الفقرة الثانية: الدعوى التحكيمية

في الدعوى التحكيمية يحتل الإنصاف أيضاً مكانة مهمة. في الفقه هدف المحكِّم هو البحث عن الحل الأكثر عدالة وليس الحل الأكثر توافقاً مع القانون.