الضريبة

ليست الضريبة واجباً مالياً يؤديه المواطن لخزينة الدولة مقابل الاستفادة من خدمات هو في أمس الحاجة إليها.. بل قد تأخذ الضريبة بعداً أشمل وأبعد مدى من ذلك. فغالباً ما يُعتبر الخضوع لها وأداؤها عنوانا للمواطنة وإسهاماً فعليا في ضمان استمرارية وسيادة الدولة.

وحين يحتج أي منا وهو يرى حقوقه أو سلامته أو أمنه يتعرض للاجحاف أو التهديد فهو يحتج بالقول أنا مواطن ويضيف إليها: وأؤدي الضريبة.. وكأنه هنا يربط بين الحق الواجب.. الحق في المواطنة وواجب أداء الضريبة.

ولا أخفيكم انني احسست بصعوبة ما أقدمت عليه أسرة تحرير »العلم« حين اختارت لملف الأسبوع موضوع الضريبة والتملص الضريبي.

موضوع الضريبة موضوع متشعب ومعقد إن على مستوى فرضها وتحديد الخاضعين لها والوعاء الذي تفرض عليه ومبالغها.. أو فيما يتعلق بترشيدها وضمان عدالتها.

وغالباً ما تجد الحكومة نفسها في موقف حرج حين تضطر أو تقترح فرض ضرائب جديدة بهدف اعادة التوازن لميزانية مختلة منهكة، أو لتحقيق نسبة نمو معينة فتصبح هدفاً للمعارضين والمنتقدين والمواطنين الخاضعين للضريبة.

هذا فيما يتعلق بالضريبة في حد ذاتها أما فيما يتعلق بالتملص الضريبي فهو موضوع يمكن أن نحشره في مجال نهب المال العام.. فالنهب له أكثر من وجه ووسيلة.. فقد يتخذ أسلوب السرقة أو التلاعب بالميزانية والصفقات أو النفخ في الفواتير أو الاستفادة بدون وجه حق من ممتلكات وخيرات عامة قد تكون بنزينا أو عقارات أو رمال أو كل مايمكن أن يدخل في الملك العام.

والذين يتهربون من أداء الضرائب الواجبة للدولة، أو يتحايلون على القانون أو يصرحون بأقل ما يملكون للتملص من الضريبة.. فهؤلاء أيضا يتعين حشرهم في خانة ناهبي المال العام.

ولكم أن تتصوروا الخسارة التي تتكدبها ميزانية الدولة حين تعرفون أن المتمصلين من أداء الضريبة هم أكثر عدداً ممن يؤدونها.. فقد خلصت دراسة إلى أن حجم التهرب الضريبي في المغرب يصل إلى ثلثي المداخيل الضريبية..

المثير للغيظ أكثر هو ان المواطن الفقير أو المتوسط الدخل هو الذي يواظب مضطراً على أداء ما عليه من ضرائب فيما نجد الميسورين وأصحاب الإمتيازات معفون من أداء ضرائبهم بسبب أسلوب الاعفاءات الغريب المطبق في المغرب أو بسبب التحايل وخلط الأوراق.

من الجانب الآخر نجد المراقبة شبه منعدمة أو مشلولة كما أن الصرامة من حجز واكراه بدني وما إلى ذلك تنطبق على الصغار الذين لايعرفون من أين تؤكل الكتف أو يعرفون ولا يستطيعون.

وتبقى العدالة الضريبية مطلبا ملحا بل ومطلوباً أكثر من الضريبة نفسها.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت