مقال رائع حول تنفيذ الأحكام الجزائية في قانون الاجراءات الجنائية المصري

تنفيذ الأحكام الجزائية في قانون الاجراءات الجنائية المصري

لا شك أن مرحلة تنفيذ الأحكام الجزائية تعتبر من أهم مراحل الإجراءات فهي أسمى صورة للعدالة إذ يتم تجسيد منطوق الأحكام و تتحول من صياغتها النظرية القانونية و ما تضمنته من عقوبات إلى فصل عادي واقعي حين ينال المدان جزاؤه، و يستحق المتضرر حقه و يقتص المجتمع برمته ممن خالفوا قواعده، و هو ما تصبو إليه الأمم و الشعوب فمتى صدر حكم جزائي و استوفى كامل إجراءاته أصبح قابلا للتنفيذ، فالسلطة أو الجهة القائمة بإجراءات التبليغ و التنفيذ تكون ملزمة بالتطبيق في حدود ما يقتضيه الحكم أو القرار الجزائي لكن القانون رسم إجراءات التبليغ و يتعين احترامها حماية لحقوق الأشخاص المحكوم عليهم حتى يمكنهم من استعمال حقوقهم و بالوسائل القانونية المحددة في طرق الطعن المقررة تبعا للحكم أو القرار الصادر من الجهة المختصة .
حيث أن نصوص قانون الإجراءات الجزائية عالجت كيفية تنفيذ الأحكام وارتباطه بهذا الخصوص بقانون العقوبات و على ضوء ذلك :-لابد و أن أتطرق للأمور الآتية :- أولا: تعريف العقوبة و أنواعها.ثانيا: تنفيذ الأحكام الجزائية و إجراءاتها.ثالثا :- تنفيذ عقوبة الإعدام.

أولا: تعريف العقوبة و أنواعها

أ – تعريف العقوبة :-
هي الجزاء الذي يقع على مرتكب الجريمة لمصلحة المجتمع و الغرض منها هو حماية المجتمع بالدرجة الأولى فضلا عن منعه من معاودة اقتراف جريمة أخرى و منع الغير من الاقتداء به.
ب – أنواعها :-
1- العقوبات الجنائية هي:-
أ – الإعدام :-
الإعدام :- هو شنق المحكوم عليه , في حالة ثبوت كون المرأة المحكوم عليها بهذه العقوبة حاملاً، يبدل حكم الإعدام بالأشغال الشاقة المؤبدة.
ب – الإشغال الشاقة المؤبدة:-
الأشغال الشاقة :- هي تشغيل المحكوم عليه في الأشغال المجهدة التي تتناسب وصحته وسنه، سواء في داخل السجن أو خارجه.
ج – الاعتقال المؤبد :-
الاعتقال :- هو وضع المحكوم عليه في أحد سجون الدولة المدة المحكوم بها عليه مع منحه معاملة خاصة وعدم إلزامه بارتداء زي السجناء وعدم تشغيله بأي عمل داخل السجن أو خارجه إلا برضاه.
د – الأشغال الشاقة المؤقتة والاعتقال المؤقت :- الحد الأدنى للحكم ثلاث سنوات، والحد الأعلى خمس عشرة سنة.
2- العقوبات الجنحية هي:
أ – الحبس :-
الحبس :- هو وضع المحكوم عليه في أحد سجون الدولة المدة المحكوم بها عليه وهي تتراوح بين أسبوع وثلاث سنوات إلا إذا نص القانون على خلاف ذلك.
ب – الغرامة :-
الغرامة :- هي إلزام المحكوم عليه بأن يدفع إلى خزينة الحكومة المبلغ المقدر في الحكم، وهي تتراوح بين خمسة دنانير ومائتي دينار إلا إذا نص القانون على خلاف ذلك:
1- إذا لم يؤدِ المحكوم عليه بالغرامة المبلغ المحكوم به عليه، يحبس في مقابل كل (500) فلس أو كسورها يوماً واحداً على أن لا تتجاوز مدة الحبس في هذه الحالة سنة واحدة.
2- عندما تصدر المحكمة قراراً بفرض غرامة ينص في القرار المذكور نفسه على وجوب حبس المحكوم عليه المدة التي تقابل الغرامة المفروضة بالنسبة المقررة في الفقرة السابقة عند عدم تأديتها وفي حالة عدم النص تستبدل الغرامة بقرار خاص تصدره النيابة العامة.
3- يحسم من أصل هذه الغرامة بالنسبة التي حددها الحكم كما ورد في الفقرة الأولى من هذه المادة، كل أداء جزئي قبل الحبس أو في أثنائه وكل مبلغ تم تحصيله.
ج – الربط بكفالة:- هي ربط المحكوم عليه بكفالة و يتم تحديدها بالحكم الصادر من المحكمة المختصة و على سبيل المثال ربط الحدث بكفالة حسن سلوك .
3- العقوبات التكديرية:
أ – الحبس التكديرية :-
تتراوح مدة الحبس التكديري بين أربع وعشرين ساعة وأسبوع، وتنفذ في المحكوم عليهم في أماكن غير الأماكن المخصصة بالمحكوم عليهم بعقوبات جنائية أو جنحية ما أمكن.
ب – الغرامة التكديرية :-
تتراوح الغرامة التكديرية بين (100) فلس وخمسة دنانير.

ثانيا: – تنفيذ الأحكام الجزائية و إجراءاتها .

1- الجهة القضائية المختصة قانوناً :-
النيابة العامة هي الجهة المختصة بتنفيذ الأحكام الجزائية الصادرة عن المحاكم باعتبارها السلطة التي تسهر على تنفيذ جميع الأحكام القضائية بحيث يوجد في كل دائرة من دوائر النيابة قسم مختص يقوم بتنظيم ومتابعة تنفيذ الأحكام ضمن اختصاصها بإشراف عضو النيابة المختص و من خلال أوامر التنفيذ التي يصدرها و فق الحكم المراد تنفيذه .
للنيابة العامة الاستعانة بالشرطة القضائية لكي يتم انجاز تنفيذ الأحكام عند اللزوم يكون ذلك بواسطة وثيقة معدة لهذا الغرض يسمى التبليغ بالحكم يحرره أحد موظفي النيابة العامة و موقعة من عضو النيابة المختص يجب أن يتضمن هذا التبليغ الهوية الكاملة للمعني بالأمر و كذلك طبيعة الجريمة و النصوص القانونية المعاقب بها و منطوق الحكم مع التنويه فيما إذ كان الحكم أو القرار غيابي أو حضوريا.
طبقاً للمادة (395) من قانون الإجراءات الجزائية رقم 3 لسنة 2001 .

2- الأحكام القابلة للتنفيذ :-
لا تنفذ الأحكام الصادرة من المحاكم الجزائية إلا إذا أصبحت نهائية، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك , طبقاً للمادة (394) من قانون الإجراءات الجزائية رقم 3 لسنة 2001 .
1- تعريف الحكم الجزائي :-
هو الحكم التي يصدر عن محكمة مختصة قانوناً بالفصل بالدعوى الجزائية وفق القانون أي ختم الدعوى بهذا الحكم و نص قانون الإجراءات الجزائية طبقاً للمادة (276) … على ماذا يجب ان يشمل الحكم ؟ يشتمل الحكم على ملخص الوقائع الواردة في قرار الاتهام والمحاكمة وعلى ملخص طلبات النيابة العامة والمدعي بالحق المدني ودفاع المتهم وعلى الأسباب الموجبة للبراءة أو الإدانة، وعلى المادة القانونية المنطبقة على الفعل في حالة الإدانة، وعلى تحديد العقوبة ومقدار التعويضات المدنية كما ونص المادة (277) على انه يتم توقيع القضاة على الحكم، ويتلى علناً بحضور وكيل النيابة العامة والمتهم، ويفهم الرئيس المحكوم عليه بأن له الحق في استئناف الحكم خلال المدة المقررة قانوناً.
2- الأحكام الصادرة وفق قانون الإجراءات الجزائية ومتى تعتبر نهائية :-
أ – الأحكام الغيابية بالدعوى الجزائية بالمخالفات و الجنح :- إذا لم يحضر المتهم إلى المحكمة في اليوم والساعة المعينين في مذكرة الحضور المبلغة إليه حسب الأصول. يحاكم غيابياً طبقاً للمادة 304 فقرة 1 من قانون الإجراءات الجزائية.
ب – الأحكام الحضورية بالجنايات و الأحكام الحضورية و بمثابة الحضوري بالجنح :- حضور المتهم الى المحكمة او إذا حضر المتهم جلسة المحاكمة التي انسحب منها لأي سبب كان أو غاب عن المحاكمة بعد حضوره إحدى جلساتها، يجوز لتلك المحكمة أن تباشر نظر الدعوى، أو أن تستمر في نظرها كما لو كان المتهم حاضرا طبقاً للمادة 304 فقرة 2 من قانون الإجراءات الجزائية.
ج – الأحكام التي تصدر بالأصول الموجزة بالمخالفات و الجنح :- الحكم الصادر في مخالفة القوانين والأنظمة المتعلقة بالبلدية والصحة والنقل على الطرق طبقاً للمادة (308) من قانون الإجراءات الجزائية و يبلغ المحكوم عليه والنيابة العامة بالحكم حسب الأصول طبقاً للمادة (312) من قانون الإجراءات الجزائية.
د – الأحكام الصادرة بحق المتهم الفار من وجه العدالة بالجنايات :- يعلن منطوق الحكم الصادر على المتهم الفار خلال عشرة أيام من تاريخ صدوره بواسطة النيابة العامة وذلك بنشره في الجريدة الرسمية وفي إحدى الصحف المحلية وتعليقه على باب المسكن الأخير للمتهم، وعلى لوحة الإعلانات في المحكمة، ويبلغ أيضاً إلى مدير دائرة تسجيل الأراضي.
3- متى يكون الحكم نهائياً :-
جميع ا لأحكام الجزائية لا يجوز تنفيذها إلا بعد ان تكون نهائية أي بعد استيفاء مهلة الطعن القانونية فيها و التي تكون كالتالي :-
بالنسبة للأحكام الجزائية الغيابية استيفاء مهلة عشرة أيام للمحكوم عليه غيابياً في مواد الجنح والمخالفات أن يعترض على الحكم خلال العشرة أيام التالية لتبليغه بالحكم، بالإضافة إلى ميعاد مسافة الطريق بالإضافة لمدة الاستئناف اذا تم استئناف رد الاعتراض خلال خمسة عشر يوماً تبدأ من اليوم التالي لتاريخ النطق بالحكم إذا كان حضورياً، أو من تاريخ تبليغه إذا كان بمثابة الحضوري , نجد ان المدة القانونية يجب مراعاتها حتى يصبح الحكم نهائياً فلا يكون قابل للتنفيذ في حال لم تنتهي هذه المدة القانونية طبقاً للمواد التي تأكد ما تم ذكره (314) و (326) و (328) من قانون الإجراءات الجزائية.
بالنسبة للأحكام الجزائية الحضورية استيفاء مهلة خمسة عشر يوماً تبدأ من اليوم التالي لتاريخ النطق بالحكم إذا كان حضورياً، أو من تاريخ تبليغه إذا كان بمثابة الحضوري بالإضافة انه يجب نفذ مدة الاستئناف في حال رغبة النيابة استئناف الحكم استيفاء مهلة ثلاثين يوماً تبدأ من اليوم التالي لصدور الحكم كما يجب أيضا نفذ مدة استئناف الحكم الخاص بعقوبة الإعدام و السجن المؤبد كونها تستأنف بموجب القانون نجد ان المدة القانونية يجب مراعاتها حتى يصبح الحكم نهائياً فلا يكون قابل للتنفيذ في حال لم تنتهي هذه المدة القانونية طبقاً للمواد التي تأكد ما تم ذكره ( 327 ) و( 328 ) و ( 329 ) من قانون الإجراءات الجزائية.
بالنسبة للأحكام التي تصدر بالأصول الموجزة يسري عليه ما يسري على الأحكام الغيابية و الحضورية مع مراعاة ان النيابة تكون غير حاضرة أثناء السير بالدعوى بموجب القانون أي ان حضور النيابة غير لازم و لاعتبار الحكم نهائيا يجب تبليغ النيابة بالحكم طبقا لنص المادة (312) من قانون الإجراءات الجزائية.
بالنسبة للأحكام الصادرة بحق المتهم الفار من وجه العدالة يعلن منطوق الحكم الصادر على المتهم الفار خلال عشرة أيام من تاريخ صدوره بواسطة النيابة العامة وذلك بنشره في الجريدة الرسمية وفي إحدى الصحف المحلية وتعليقه على باب المسكن الأخير للمتهم، وعلى لوحة الإعلانات في المحكمة، ويبلغ أيضاً إلى مدير دائرة تسجيل الأراضي يصبح الحكم نافذاً من اليوم التالي لنشره وإعلانه حسب الأصول، وللنيابة العامة استئنافه في حالة البراءة و إذا سلم المتهم الفار نفسه أو قبض عليه قبل اكتمال مدة انقضاء العقوبة المحكوم بها بالتقادم، فيعتبر الحكم وسائر الإجراءات الجارية ملغاة حتماً، وتعاد المحاكمة وفقاً للأصول المتبعة طبقاً للمواد التي تأكد ما تم ذكره ( 293 ) و ( 294 ) و ( 296 ) من قانون الإجراءات الجزائية.
و في جميع الأحوال يتوجب مراعاة تبليغ المحكوم عليه خلاصة الحكم لغايات بدء مدة الطعون كما أسلفنا الحديث حتى يصبح قابلاً لتنفيذ و ذلك فيما يتعلق بالأحكام الغيابية و الأحكام بمثابة الحضوري .
كما انه لا تحسب أيام العطلات الرسمية من المدد المقررة لجواز الطعن بالاعتراض أو الاستئناف أو النقض أو المدد الأخرى إذا كانت هذه العطلات في نهاية المدة طبقا للمادة (484) من قانون الإجراءات الجزائية.
3- حالات وقف و تأجيل تنفيذ الأحكام متى اعتبرت قابلة للتنفيذ .
أ‌- إذا كان المحكوم عليها بعقوبة سالبة للحرية حاملاً جاز تأجيل تنفيذ العقوبة حتى تضع حملها مدة ثلاثة أشهر على الوضع، فإذا رؤى التنفيذ على المحكوم عليها أو ثبت في أثناء التنفيذ أنها حامل وجبت معاملتها في مركز الإصلاح والتأهيل (السجن) معاملة الموقوفين احتياطياً .
ب‌- إذا كان المحكوم عليه بعقوبة سالبة للحرية مصاباً بمرض يهدد حياته أو يعرض التنفيذ حياته للخطر جاز تأجيل تنفيذ العقوبة عليه.
ت‌- إذا أصيب المحكوم عليه بعقوبة سالبة للحرية بجنون، على النيابة العامة أن تأمر بوضعه في أحد المحال للأمراض العقلية حتى يبرأ، وفي هذه الحالة تستنـزل المدة التي يقضيها في هذا المحل من العقوبة المحكوم بها.
ث‌- إذا كان محكوماً على رجل وزوجته بالحبس مدة لا تزيد على سنة، ولو عن جرائم مختلفة ولم يكونا مسجونين من قبل جاز تأجيل تنفيذ العقوبة على أحدهما حتى يفرج عن الآخر، إذا كانا يكفلان صغيراً لم يتجاوز خمس عشرة سنة كاملة، وكان لهما محل إقامة معروف في فلسطين.
ج‌- يجوز للمحكمة في جميع الأحوال التي تقرر فيها تأجيل تنفيذ العقوبة على المحكوم عليه أن تلزمه بتقديم كفالة تضمن عدم فراره من التنفيذ عند زوال سبب التأجيل، ويقدر مبلغ الكفالة في الأمر الصادر بالتأجيل، ولها أيضاً أن تشترط لتأجيل التنفيذ ما تراه من الاحتياطات الكفيلة بمنعه من الهرب.
ح‌- في حال تقدم استشكال التنفيذ يجوز للمحكة التي أصدرت الحكم أن تأمر بوقف التنفيذ حتى يفصل في النزاع .
خ‌- إذا أبدا المحكوم عليه استئناف الحكم المراد تنفيذه .
4- متى لا يجوز وقف التنفيذ بالطعن .
لا يترتب على الطعن بطريق النقض إيقاف التنفيذ، إلا إذا كان الحكم صادراً بالإعدام طبقا للمادة (398) من قانون الإجراءات الجزائية.

5- المدة التي يجب احتسابها .
أ- إذا حكم ببراءة المتهم من الجريمة التي أوقف من أجلها، وجب احتساب مدة التوقيف الاحتياطي من المدة المحكوم بها في أية جريمة أخرى يكون قد ارتكبها أو حقق معه فيها أثناء مدة التوقيف الاحتياطي.
ب- يكون استنزال مدة التوقيف الاحتياطي عند تعدد العقوبات السالبة للحرية المحكوم بها على المتهم من العقوبة الأخف أولاً، ثم من العقوبة الأشد منها.
ج – يجب إخلاء سبيل المحكوم عليه بعقوبة سالبة للحرية متى قضي في التوقيف الاحتياطي مدة تعادل المدة المحكوم بها عليه.

6- تقادم العقوبة و وفاة المحكوم عليه على الحكم وجب التنفيذ .
تنقسم أسباب انقضاء العقوبة الى أسباب طبيعية وأسباب عارضة والأسباب الطبيعية للانقضاء تتمثل في التنفيذ فالقاعدة ان العقوبة تنقضي بتنفيذها إما الأسباب العارضة فيقصد بها الأحوال التي يسقط فيها حق الدولة في اقتضاء العقوبة قبل تمام تنفيذها وتتمثل تلك الأسباب في التقادم ووفاة المحكوم عليه والعفو غير ان انقضاء العقوبة لا يترتب عليه زوال الآثار الجنائية للحكم بها سوى الأثر الخاص بالالتزام بالتنفيذ ومعنى ذلك ان أسباب السقوط السابقة هي أسباب انقضاء الالتزام بتنفيذ العقوبة ويظل بعد ذلك الحكم منتجا لجميع أثاره الجنائية الأخرى ولا تزول تلك الآثار الجنائية إلا برد الاعتبار وقد عبر المشرع عن الأسباب العارضة بأسباب سقوط العقوبة وهو اصطلاح أدق من أسباب الانقضاء والتي لا تنصرف إلا الى الأسباب الطبيعية للانقضاء والمتمثلة في التنفيذ الكامل للعقوبة .
سقوط العقوبة بمضي المدة متبعا في ذلك ما جرت عليه التشريعات الجنائية المختلفة (المادة 425/1اجراءات ) وأساس المبدأ ان مضي مدة معينة على صدور الحكم بالعقوبة دون تنفيذها ودون حدوث ما يقطع او يوقف تلك المدة يجعل تنفيذها بعد ذلك عديم الجدوى طالما ان العقوبة وفقا للفكر الجنائي الحديث تهدف الى التأهيل الاجتماعي وتهذيب المحكوم عليه ولذلك جعل المشرع من ارتكاب جريمة مماثلة خلال فترة التقادم من الإجراءات القاطعة له وكذلك فان مرور المدة التي ينص عليها المشرع يفترض ان الحكم قد طواه النسيان وقد لا يكون في إثارته من جديد أية مصلحة تعود على المجتمع وذات الاعتبارات هي التي حدت بالمشرع الى اعتبار مضي المدة سببا مسقطا للدعوى الجنائية الناشئة عن الجريمة غير ان المدة التي تسقط بها الدعوى الجنائية تختلف عن تلك التي تسقط بها العقوبة باعتبار ان تلك الأخيرة تفترض صدور حكم واجب النفاذ وبالتالي جعل المشرع مدة سقوط العقوبة أطول من المدة المقررة لسقوط الدعوى الجنائية بالتقادم .
يترتب على تقادم العقوبة و تخلص المحكوم عليه من آثار الإدانة إذا لم تكن العقوبة قد نفذت .
مدة التقادم للعقوبة على اختلاف أنواعها .
1- مدة التقادم في عقوبة الإعدام ثلاثون عاماً.
2- مدة التقادم في عقوبة السجن المؤبد عشرون عاماً.
3- مدة التقادم في أية عقوبة جزائية أخرى ضعف مدة العقوبة المحكوم بها على ألا تتجاوز خمس عشرة سنة ولا تقل عن عشر سنين.
لقد ورد نص في قانون الإجراءات الجزائية ( المادة 433 ) و تضمن بان التقادم المنصوص عليه في مواده لا يحول من تطبيق التقادم المنصوص عليه في قوانين خاصة و هنا و لتوضيح نذكر قانون الكسب الغير مشروع حيث ورد في نصوصه انه لا يوجد تقادم وجاء النص على النحو الأتي … لا تخضع للتقادم قضايا الكسب غير المشروع وكل ما يتعلق بها من إجراءات… نص المادة 33 من ذات القانون .
مدة سريان التقادم .
تبدأ المدة من وقت صيرورة الحكم نهائيا ويقصد بالحكم النهائي هنا البات الذي استنفذ طرق الطعن العادية والطعن بالنقض وذلك ان الدعوى الجنائية تنتهي بالحكم البات ومن غير المتصور ان تبدأ مدة تقادم العقوبة والدعوى الجنائية مازالت لم تنقض بعد بصدور حكم بات فيها و يترتب على ذلك ان شمول الحكم بالنفاذ او صيرورته واجب النفاذ بعد الحكم في الاستئناف لا يعتد بتاريخه في بدء سريان المدة.
و عليه نصت المادة (429) من قانون الإجراءات الجزائية بما يلي … تبدأ مدة التقادم :- 1- في الحكم الحضوري من تاريخ صدوره إذا كان في الدرجة الأخيرة ومن تاريخ صيرورته باتاً إذا كان في الدرجة الأولى.
2- وإذا كان المحكوم عليه موقوفاً احتياطياً، فمن يوم تهربه من التنفيذ وفي هذه الحالة يسقط نصف مدة العقوبة التي نفذت فيه من مدة التقادم.
كما ان المادة 428 فقرة 1 من قانون الإجراءات الجزائية بما يلي ….
1- يجري التقادم من تاريخ الحكم إذا صدر غيابياً، ومن يوم تهرب المحكوم عليه من التنفيذ إذا كان الحكم حضورياً.
انقطاع تقادم العقوبة .
يقصد بانقطاع التقادم عدم احتساب المدة التي انقطعت قبل اتخاذ إجراء من الإجراءات القاطعة للتقادم و يبدأ حساب مدته من تاريخ هذا الإجراء اما وقف التقادم فهو مختلف عن الانقطاع في انه لا تحتسب المدة التي يقع خلالها سبب من أسباب الوقف مع احتساب المدة السابقة عليه استكمالا للمدة اللاحقة و يجد سببين للانقطاع وردا في نص المادة 432 من قانون الإجراءات الجزائية هما :-
1- على ان تنقطع مدة التقادم بالقبض على المحكوم عليه بعقوبة مقيدة للحرية و ذلك إجراء من إجراءات التنفيذ التي تتخذ في مواجهته او تصل الى عمله .
2- سلوك المحكوم عليه وهو اذا ارتكب خلال مدة التقادم جريمة من نوع الجريمة المحكوم عليه من اجلها او مماثلة لها او اشد منها و لا يلزم ان تكون الجريمة المرتكبة خلال مدة التقادم قد صدر فيها حكم بالإدانة قبل انتهاء المدة فالتقادم ينقطع بمجرد ارتكاب جريمة اما اذا صدر حكم بالبراءة فلا يتوفر سبب انقطاع التقادم و بذلك يكون المحكوم عليه غير مرتكب للجريمة خلال مدة التقادم كون حكم البراءة كاشف و ليس منشئاً .
وقف تقادم العقوبة .
ان المدة التي يتوافر فيها أي مانع يحول دون اتخاذ إجراءات التنفيذ تسقط من حساب مدة التقادم و يقصد بالمانع القانوني الأحوال التي يكون فيها المحكوم عليه في وضع قانوني يحول دون إمكان تنفيذ العقوبة و يقصد بالمانع المادي الظروف المادية التي لا يستطيع معها السلطات اتخاذ إجراءات التنفيذ طبقا لنص المادة 432 فقرة 2 من قانون الإجراءات الجزائية حيث نصت على … يوقف سريان مدة التقادم كل مانع قانوني أو مادي يحول دون تنفيذ العقوبة أو التدبير، ولم ينشأ عن إرادة المحكوم عليه ويعتبر تأجيل تنفيذ الحكم مانعاً قانونياً يوقف سريان مدة التقادم.
وفاة المحكوم عليه :- تسقط العقوبة بوفاة المحكوم عليه وذلك ترسيخاً لمبدأ شخصية ارتباط العقوبة للمحكوم عليه و بوفاته تسقط جميع العقوبات المحكوم بها و ذلك طبقا لنص المادة 425 فقرة 3 من قانون الإجراءات الجزائية .
أما بالنسبة للعقوبات المالية المرتبطة بالحكم المسقط عن المحكوم عليه تنفذ من تركته و تستحق و يجب تنفيذها من قبل النيابة العامة وفق القانون كونه عقوبة تصنيفها الغرامة و ذلك طبقا لنص المادة 426 من قانون الإجراءات .
6- حق المحكوم علية طلب التشغيل خارج السجن .
لكل محكوم عليه بالحبس لمدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر أن يطلب من النيابة العامة تشغيله خارج مركز الإصلاح والتأهيل (السجن) بدلاً من تنفيذ عقوبة الحبس عليه، ما لم ينص الحكم على حرمانه من هذا الخيار.

7- متى يخلى سبيل المحكوم عليه .
في غير الأحوال المبينة في القانون لا يخلى سبيل المحكوم عليه من قبل بعقوبة سالبة للحرية قبل أن يستوفي مدة العقوبة و تحتسب المدة للمحكوم عليه كما يلي :- يوم العقوبات أربع وعشرون ساعة والشهر ثلاثون يوماً والسنة اثنا عشر شهراً وفقاً للتقويم الشمسي، وتحسب مدد العقوبة وفقاً للتقويم الشمسي و تبدأ مدة العقوبة السالبة للحرية من يوم القبض على المحكوم عليه، بناءاً على الحكم الواجب تنفيذه، ويراعى إنقاصها بمقدار مدد التوقيت الاحتياطي والقبض يحسب اليوم الذي يبدأ فيه التنفيذ من مدة العقوبة، ويفرج عن المحكوم عليه ظهر يوم انتهاء العقوبة إذا كانت مدة العقوبة السالبة للحرية المحكوم بها أربعاً وعشرين ساعة، ينتهي تنفيذها في اليوم التالي للقبض عليه طبقا للمواد (480) و (481) و (482) و (483) من قانون الإجراءات الجزائية .

ثالثا :-تنفيذ عقوبة الإعدام

تعريف عقوبة الإعدام :- هي قتل عمد يستند إلى قانون , فعل صادر عن المؤسسة الحاكمة ويشرعه القانون و تصدر عن محكمة مختصة . وبهذا المعنى هي “تشريع القتل”.
نص قانون الإجراءات الجزائية على إجراءات خاصة لتنفيذ عقوبة الإعدام على النحو الأتي :-
1- متى يكون حكم الإعدام قابل للتنفيذ.
متى صار حكم الإعدام نهائياً تقوم النيابة العامة بإعلام وزير العدل وجب على وزير العدل رفع أوراق الدعوى فوراً إلى رئيس الدولة و بعد مصادقة رئيس الدولة عليه .
2- إجراءات تنفيذ عقوبة الإعدام.
يشرف النائب العام أو من ينيبه من مساعديه على تنفيذ الحكم المصادق عليه بالإعدام ويحضر تنفيذ الحكم كل من:
1- النائب العام أو من ينيبه.
2- مدير مركز الإصلاح والتأهيل (السجن) أو من ينوب عنه.
3- مدير الشرطة في المحافظة.
4- كاتب المحكمة التي أصدرت الحكم.
5- طبيب مركز الإصلاح والتأهيل (السجن).
6- أحد رجال الدين من الطائفة التي ينتمي إليها المحكوم عليه.
3- لمن الحق بزيارة المحكوم عليه بالإعدام.
ان نص المادة 411 من قانون الإجراءات الجزائية لم يحدد درجة القرابة التي من الجائز مقابلة لمحكوم عليه بالإعدام كما انه لم تحدد المدة الزمنية التي يتاح فيه لأقارب المحكوم عليه بالإعدام بمقابلته لذا فان ذلك متروك لتقدير القائم على التنفيذ أن يقابلوه قبل الموعد المعين لتنفيذ الحكم على أن يكون ذلك بعيداً عن محل التنفيذ.
4- تمكين المحكوم عليه من مقابلة رجال الدين .
على القائم بالتنفيذ إجراء كل التسهيلات اللازمة لأحد رجال الدين من مقابلة المحكوم عليه و إتاحة الفرصة للمحكوم عليه من إجراء التقوس الدينية وذلك وفقا لدينه و عقيدته و جرت العادة ان يتم ذلك قبل موعد التنفيذ بلحظات و ذلك طبقا للمادة 412 من قانون الإجراءات الجزائية حيث تضمنت … إذا كانت ديانة المحكوم عليه تفرض عليه الاعتراف أو غيره من الطقوس الدينية قبل الموت، وجب إجراء التسهيلات لتمكين أحد رجال الدين من مقابلته…
5- تلاوة نص الحكم المراد تنفيذه .
نص المادة 413 من قانون الإجراءات الجزائية … يجب أن يتلى من الحكم الصادر بالإعدام منطوقة، والتهمة المحكوم من أجلها على المحكوم عليه، وذلك في مكان التنفيذ، ويسمع من الحاضرين، وإذا رغب المحكوم عليه في إبداء أقوال حرر النائب العام أو مساعده محضراً تثبت فيه هذه الأقوال…
6- كيفية تنفيذ حكم الإعدام .
ينفذ حكم الإعدام على المدنيين بالشنق حتى الموت، وعلى العسكريين رمياً بالرصاص حتى الموت طبقا لنص المادة 415 من قانون الإجراءات الجزائية .

7- تنظيم محضر بإجراءات التنفيذ .
يتوجب على القائم بالتنفيذ من الإشراف و متابعة تنظيم محضر قضائي بكل ما تم من إجراءات أثناء تنفيذ الحكم على المحكوم عليه ويتم ذلك من قبل كاتب المحكمة أن ينظم محضراً بتنفيذ عقوبة الإعدام يوقعه ممثل النيابة العامة ومدير مركز الإصلاح والتأهيل (السجن) والطبيب والكاتب ويحفظ لدى النيابة العامة طبقا للمادة 416 من قانون الإجراءات الجزائية.
8- متى لا يجوز تنفيذ عقوبة الإعدام .
لا يجوز تنفيذ عقوبة الإعدام في أيام الأعياد الرسمية أو الأعياد الدينية، الخاصة بديانة المحكوم عليه طبقا للمادة 417 من قانون الإجراءات الجزائية.
9- مكان تنفيذ عقوبة الإعدام .
تنفذ عقوبة الإعدام داخل مراكز الإصلاح والتأهيل (السجون) للدولة طبقا للمادة 418 من قانون الإجراءات الجزائية.
10- دفن من تم تنفيذ عقوبة الإعدام بحقه .
تدفن الحكومة على نفقتها جثة من يحكم عليه بالإعدام، إذا لم يكن له أقارب يطلبون القيام بدفنها ويجب أن يكون الدفن بغير احتفال طبقا للمادة 419 من قانون الإجراءات الجزائية.

11- الاستثناء على تنفيذ عقوبة الإعدام .
لا يجوز تنفيذ حكم الإعدام في المرأة الحامل، فإذا وضعت مولوداً حياً تقضي المحكمة التي أصدرت الحكم بالنزول بعقوبة الإعدام إلى عقوبة السجن المؤبد طبقا للمادة 414 من قانون الإجراءات الجزائية