قد تتشابه فكرة الجريمة ظاهريا وتبدو انها تختلط مع غيرها من المعاني الأخرى مثل (الجريمة المدنية) L، INFRACTION CIVILE او كما يسميها البعض (الجنحة المدنية) (LE Delit CIVIL) والجريمة التأديبية (L، INFRACTION DISCIPLINAIRE غير ان من يتتبع تعريف الجريمة ويدقق فيها يجد ان الاختلاف كبير جدا ووجه الشبه يكاد يكون معدما. فالجريمة، حسب تعريفها، لابد من ان ينص عليها قانون العقوبات او احد القوانين المكملة له وبالتالي فهي واردة فيه على سبيل الحصر، اما الجريمة المدنية مكانها القانوني المدني وهي لم ترد فيه على سبيل الحصر وانما احتوى صلبه على تعريف لها قائلا ( هي كل فعل نشأ عنه ضرر للغير واوجب ملزومية فاعله بتعويض الضرر سواء كان معاقبا عليه ام لا (1). كقتل حيوان الغيل عمدا او اتلاف مال له اهمالا.

ورد الفعل للجريمة هي العقوبة او التدبير الاحترازي التي أساسها تحقيق مصلحة عن طريق اصلاح الجاني وردع غير بينها رد الفعل للجريمة المدنية وما يستتبعها هو اصلاح الضرر تحقيقا لمصلحة فردية. ويترتب على الجريمة المدنية رفع الدعوى المدنية في حين يترتب على الجريمة الجنائية (الجزائية) رفع الدعوى الجزائية او كما يسميها البعض الدعوى العامة. ولا تلازم بين الجريمة المدنية والجريمة الجزائية. فقد ينشأ عن الفعل جريمة مدنية فقط دون ان ينطوي هذا العمل على جريمة وعكس ذلك صحيح أيضاً. وقد ينطوي فعل على جريمة جزائية وجريمة مدنية ما كفعل القتل او الجرح حيث ينشأ عن كل منهما دعويان جزائية ومدنية.

ويراد بالجريمة التأديبية، كل فعل يعتبر اخلالا بواجبات الوظيفة او المهنة او الهيئة التي ينتسب اليها فاعله او مساسا بالهيئة والاحترام اللازمين لهؤلاء الاعضاء بحكم صفتهم هذه والذي يستوجب عقوبات تأديبية (2). كالاشتغال الموظف بالتجارة او اهماله في ادعاء عمل وظيفته او ارتكابه عملا يخل بكرامة هيئة او طائفة معينة، وعقوباتها ادارية (انضباطية) كالإنذار وتأخير التوقيع والفصل والعزل وغايرها. وتوقع بقصد المحافظ على شرف الطائفة او الهيئة وعلى حسن اداء اعمالها. ويترتب عليها دعوى انضباطية امام مجالس الانضباط او لجانها. ولا تلازم بين الجريمة التأديبية، غير انه قد يكون الفعل الواحد جريمة جزائية واخرى تأديبية كحالة الموظف الذي يعتدي على رئيسه بالضرب وعندئذ تنشأ عنها دعويان جزائية وانضباطية.

__________________________

1-لم يعرف القانون المدني العراقي الجريمة المدنية بل تكلم راسا عن الضرر وما يستتبعه من تعويض.

2-ويسمي القانون العراقي هذا النوع من العقوبات بالعقوبات الانضباطية، كما يسميه البعض بالعقوبات المسلكية. انظر الوسيط، المرجع السابق ص262. ويرى البعض في الفقه السوفيتي بان الفرق بين الجريمة الجزائية والجريمة التأديبية يكمن في درجة الخطورة الاجتماعية للفعل مع الأخذ بنظر الاعتبار ان هذا الاختلاف لا ينظر إليه من حيث الكمية فحسب وانما من حيث النوعية أيضا. انظر الدكتور سامي النصراوي، المرجع السابق ص112 و27.

المؤلف : علي حسين خلف + سلطان عبد القادر الشاوي
الكتاب أو المصدر : المبادئ العامة في قانون العقوبات

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .