انقضاء المعاهدة

انتهاء المعاهدة يعني أن أحكامها قد توقفت عن السريان وزالت قوتها الملزمة، حينما نتكلم عن الانقضاء فنحن نفترض وجود معاهدة صحيحة، أما بطلان المعاهدة فيتحقق عندما تفقد المعاهدة شرطاً من شروط الانعقاد.
المبحث الأول : طرق انقضاء المعاهدات

أولاً- انقضاء المعاهدة بالاتفاق:
قد يتفق أطراف المعاهدة على طريقة إنهاء العمل بها بإحدى الصور الآتية:
1- قد تنص المعاهدة على أنها تسري لأجل محدد وقد تحتوي على شرط فاسخ فتنقضي المعاهدة بحلول الأجل أو يتحقق الشرط الفاسخ، وقد ينص على انقضاء المعاهدة بمجرد تنفيذها تنفيذاً كاملاً، كمعاهدات تعيين الحدود بين دولتين، وانتهاء المعاهدة فهذه الحالات لا يحول دون الاستشهاد بها كوثيقة تتثبت ما تضمنته من التزامات، أما إذا كانت المعاهدة متعددة الأطراف وتتطلب لنفاذها انضمام عدد معين من الدول إليها وحدث بعد نفاذها أن نقص عدد أطرافها عن الحد الأدنى الذي قررته المعاهدة فإن ذلك لا يؤدي إلى انقضاء المعاهدة إلا إذا نصت على خلاف ذلك.
2- وقد تبيح المعاهدة انسحاب أحد الأطراف منها بشروط معينة، ويترتب على الانسحاب في المعاهدات الثنائية انقضاء المعاهدة، أما في المعاهدات الجماعية فتظل المعاهدة سارية المفعول في مواجهة باقي الأطراف، وتعتبر المعاهدة منتهية في مواجهة الطرف المنسحب منها.
3- وقد تنقضي المعاهدة باتفاق الدول الأطراف فيها صراحة على إنهائها أو تعديلها وقد يكون اتفاق الأطراف ضمنياً باستبدال معاهدة جديدة بها أو بعقد معاهدة جديدة بين أطراف المعاهدة الأولى تحتوي على نصوص تتعارض مع نصوص المعاهدة الأولى الذين لم يوافقوا عليها.
* وإذا كانت المعاهدة خالية من أي نص يحدد طريقة إنهائها أو يعطي لأطرافها الحق في الانسحاب منها فإنها تظل نافذة طالما لم يطرأ سبب آخر يؤدي إلى انقضائها.
ثانياً- انقضاء المعاهدة بغير الاتفاق:
يجوز للدول استثناء من المبدأ العام التحلل من المعاهدة بإرادتها المنفردة وذلك في الأحوال التالية:
1-انقضاء المعاهدة بالفسخ:
يجوز لدولة طرف فسخ المعاهدة بإرادتها المنفردة أو توقف تنفيذ أحكامها كلياً أو جزئياً إذا ما أقر الطرف الآخر بالتزاماته المقررة في المعاهدة، ولكن يجب ان يكون الفسخ مقترناً بأسباب قوية تتعلق بإخلال بمسائل جوهرية في المعاهدة، أما الفسخ غير المشروع أو التعسفي فيرتب تحمل الدولة الفاسخة تبعة المسئولية الدولية. وأجازت معاهدة فيينا إنهاء المعاهدة سواء كانت ثنائية أم جماعية إذ كانت هناك إخلال جوهري بأحكام المعاهدة ولكن يقتصر أثر الإنهاء في المعاهدة الجماعية تجاه الدول المخالفة فقط. ولكن معاهدة فيينا فرضت على الدولة التي تغرب في إنهاء المعاهدة على أساس الفسخ أو غير من المبررات إخطار الطرف الآخر للمعاهدة بذلك، فإذا أبدى هذا الطرف اعتراضه كان عليهما أن يتفقا على حل للمسألة بطريقة سلمية وفق أحكام ميثاق الأمم المتحدة المتعلقة بتسوية المنازعات بالوسائل السلمية.
2- انقضاء المعاهدة بتغير الظروف:
تبرم المعاهدات بصفة عامة تحت شرط ضمني هو بقاء الظروف على حالها فإذا ما تغيرت الظروف كان للدولة أن تطالب الطرف الآخر بإنهاء أو تعديل المعاهدة ويكون طلبها هذا متفقاً مع قواعد القانون الدولي العام، ولكن يجب أن يكون التغيير في الظروف أساسياً، وغالباً ما ترفض المحاكم الدولية الأسباب التي يدعيها الطرف الذي يطلب إنهاء المعاهدة لتغيير الظروف وذلك حفاظاً على استقرار المعاملات الدولية. واشترطت معاهدة فيينا للانسحاب من المعاهدة بسبب تغيير الظروف ما يلي:
أ- إذا كان وجود هذه الظروف قد كون أساساً هاماً لارتضاء الأطراف الالتزام بالمعاهدة.
ب- إذا ترتب على التغير تبدل جذري في نطاق الالتزامات التي يجب أن تنفذ مستقبلاً طبقاً للمعاهدة.
* وتقرر معاهدة فيينا أنه لا يجوز الاستناد إلى التغير الجوهري في الظروف كسبب لإنهاء المعاهدة أو الانسحاب منها في الأحوال التالية:
أ- إذا كانت المعاهدة منشئة لحدود.
ب- إذا كان التغير الجوهري إخلال طرف بالتزام طبقاً للمعاهدة أو بأي التزام دولي لأي طرف آخر في المعاهدة.
* والدفع بتغيير الظروف يستلزم إبلاغ الطرف الآخر بذلك كتابة فإذا مضت فترة لا تقل عن ثلاثة شهور دون أن يصدر أي اعتراض من أي طرف آخر يكون للطرف صاحب الإبلاغ أن يقوم بالإجراء الذي اقترحه، أما إذا صدر اعتراض من أي طرف، فعلى الأطراف أن ينشدوا حلاً عن طريق تسوية النزاع بالوسائل السلمية.
3- انقضاء المعاهدة بانقطاع العلاقات الدبلوماسية والقنصلية:
ولكن لا تطبق هذه الحالة إلا حينما يكون وجود هذه العلاقات الدبلوماسية والقنصلية أمراً ضرورياً لتنفيذ المعاهدة وفي مثل هذه الحالات يوقف تنفيذ المعاهدة حتى تعود العلاقات بين الدول مرة أخرى ثم يستأنف تنفيذ المعاهدة.
4- انقضاء المعاهدة بسبب الحرب:تؤدي الحرب إلى قطع العلاقات السلمية بين الدول المتحاربة مما يؤثر على المعاهدات التي تربط بينها.
* ولكن هناك معاهدات لا تنتهي بقيام الحرب وهي:
أ- المعاهدات التي أبرمت خصيصاً لتنظيم حالة الحرب نفسها وبيان ما يترتب عليها من آثار تصبح نافذة المفعول بقيام الحرب لأن مجال تطبيقها هو حالة الحرب نفسها ومن ذلك اتفاقيات جنيف لعام 1949.
ب- المعاهدات التي أبرمت لتنظيم حالة دائمة نهائية وتم تنفيذها بالفعل كمعاهدات التنازل عن الإقليم.
ج- المعاهدات الجماعية أو العامة التي تنظم أموراً تهم الدول جميعاً والتي تساهم فيها دول غير الدول المتحاربة، حيث يوقف نفاذها بالنسبة للدول المتحاربة حتى انتهاء الحرب، حيث تعاود نفاذها بعد انتهاء الحرب دون حاجة لاتفاق جديد ما لم تنص المعاهدة على خلاف ذلك.
* أما المعاهدات التي تنتهي بقيام الحرب فهي:
المعاهدات التي تبرمها دولتان بغرض توثيق علاقاتهما وتحقيق التعاون بينهما في ناحية من النواحي كمعاهدات الصداقة حيث تنتهي بقيام الحرب بين الدول لأن طبيعتها تتنافى مع حالة الحرب، ولا تعود إلى النفاذ بعد انتهاء الحرب إلا باتفاق جديد.
المبحث الثاني : أسباب انقضاء المعاهدة
أولاً- انتهاك أحكام المعاهدة:
لا تنقضي المعاهدة بانتهاك أحكامها بشكل تلقائي وإنما تصبح المعاهدة قابلة للإلغاء من جانب الطرف الذي انتهكت الأحكام حياله، وعلى ذلك فإن إنهاء المعاهدة لا يتحقق إلا من وقت طلبه لا من وقت تحقق سببه.
* وطلب إنهاء المعاهدة لانتهاك أحكامها لا يثر أي مشاكل بالنسبة للمعاهدات الثنائية حيث تكون العلاقة منحصرة بين دولتين فقط، أما في المعاهدات الجماعية فلا يجوز لطرف واحد أن يلغي المعاهدة لأن طرف آخر قد أخل بالتزاماته، فلا بد من إجماع أطراف المعاهدة مع عدا الطرف المخالف على إنهاء المعاهدة ولا يجوز أن يتم ذلك بطريق فردي من أحد الدول.
* شروط الإخلال بالمعاهدة:
أ- أن يكون جوهرياً سواء بنص من نصوص المعاهدة أو بروح الاتفاق نفسه.
ب- أن يحدث من أجهزة الدولة المسئولة، ولا يعتد بالإخلال الصادر من الأفراد أو الجماعات الأخرى التي لا تكون الدولة مسئولة عن تصرفاتهم.
* ويجب على الطرف الذي يطالب بإلغاء المعاهدة أن يستعمل هذا الحق في وقت مناسب من تاريخ وصوله، وإلا فإن السكوت على الإخلال فترة من الزمن قد يفيد قبول الدولة التي انتهكت مصالحها نتيجة هذا الإخلال لهذا الوضع، أي قبولها بعض التغييرات في المعاهدة.
ثانياً- استحالة تنفيذ المعاهدة:
استحالة تنفيذ المعاهدة يعني استحالة تطبيق أحكامها على واقعة معينة بسبب قوة قاهرة أو حالة الضرورة والاستحالة قد تكون موضوعية وقد تكون قانونية.
* الاستحالة الموضوعية: من صورها أن تبرم دولتان معاهدة لتنظيم حقوق كل منهما على جزيرة معينة ثم تختفي هذه الجزيرة نتيجة غمر مياه البحر لها.
* الاستحالة القانونية: من صورها أن تبرم معاهدة تحالف بين ثلاث دول ثم تشب الحرب بين اثنتين منهما، فإن الدولة الثالثة تكون في حل من هذه المعاهدة لأنه يستحيل عليها القيام بالتزاماتها قبل كل من الدولتين المتحاربتين في نفس الوقت، ومن صورها …………… من قواعد النظام العام بعد إبرام المعاهدة تجعل تنفيذها مستحيلاً كتحريم تجارة الدقيق بعد إبرام معاهدة …………….. الدقيق.
* وتنقضي المعاهدة بسبب الاستحالة تلقائياً فيما جرى عليه الفقه الغالب دون حاجة إلى إجراء من جانب أطرافها، المر الذي يمكن معه أن تدخل الاستحالة ضمن انقضاء المعاهدات بدلاً من أسباب انقضائها.
ثالثاً- سقوط المعاهدات بالتقادم:
يقرر الفقه وعلى خلاف التشريع الداخلي إمكانية الأخذ بفكرة سقوط المعاهدة بالتقادم في مجال العلاقات الدولية، وليست هناك مدة محددة يجب انقضاؤها لكي يمكن الاحتجاج بأن المعاهدة قد سقطت بالتقادم، وإن كان يرجح أنه يجب انقضاء فترة زمنية طويلة وممتدة لإمكان إعمال فكرة التقادم بالنسبة للمعاهدات على أنه يجب عدم اتخاذ السكوت وحده دليلاً على سقوط أحكام المعاهدة بالتقادم، بل ………. تقوم بجانبه قرائن قوية تؤدي وتدعم ذلك.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت