شروط الحماية القانونية للحيازة

حتى تكون الحيازة محلا للحماية القانونية فقد إشترط المشرع فيها أربعة شروط حتى تحضى بالحماية القانونية و بالتالي الحماية القضائية (1)

-1- الإستمرار:
نصت المادة 524 / 1 من قانون الإجراءات المدنية والادارية على ما يلي: (يجوز رفع دعاوى الحيازة، فيما عدا دعوى استرداد الحيازة ممن كان حائزا بنفسه أو بواسطة غيره لعقار أو لحق عيني عقاري، وكانت حيازته هادئة وعلنية ومستمرة لا يشوبها انقطاع وغير مؤقتة، دون لبس، واستمرت هذه الحيازة لمدة سنة على الأقل ) .
وعليه فإشتراط إستمرار الحيازة لمدة سنة كان من أجل الوصول بالحيازة إلى حالة مستقرة جديرة بالحماية ولا يجوز الإعتداء عليها .

ومعنى إستمرار الحيازة أنه يتعين أن تتوالى أعمال السيطرة المادية على الشيء في فترات متقاربة منتظمة أي أن تكون مستمرة غير متقطعة ، فيستعمل الحائز الشيء في كل وقت تقوم الحاجة إلى إستعماله على نفس المنوال الذي يستعمل فيه المالك ملكه عادة ، أما إذا مضى بين العمل والآخر وقتا طويلا لم يستعمل فيه الحائز الشيء ، فإن الحيازة تكون في هذه الحالة متقطعة وبالتالي لا تصلح سندا لدعاوى الحيازة ، ولا يجوز الإستناد عليها كسند للملكية .

ويجب ألا ينقطع الحائز عن إستعمال الشيء إلا الفترة التي ينقطع فيها المالك عادة عن إستعمال ملكه ، وإستمرار الحيازة لا يعني أن يستعمل الحائز الحق في كل وقت بدون إنقطاع ، إذ يكفي أن يستعمله على فترات متقاربة منتظمة (2).
ويختلف الإستعمال المنتظم للشيء بإختلاف طبيعة الشيء، فهناك أشياء تقتضي طبيعتها إستعمالها في فترات متقاربة جدا كحيازة الأرض الزراعية ، وأخرى تقتضي طبيعتها أن تستعمل في وقت معين ثم تترك بعد ذلك بدون إستعمال ، كحيازة المكان الذي تخزن فيه المحصولات الزراعية بعد حصادها ، كما أن عدم إستعمال الشيء المحاز بسبب القوة القاهرة لا يخل بشرط إستمرار الحيازة ، غير أن هذه الحيازة تنقضي إذا إستمر هذا المانع سنة كاملة و ترتبت حيازة جديدة وقعت رغم إرادة الحائز أو دون علمه (3) ، ويكفي لإثبات إستمرار الحيازة خلال مدة سنة إثبات قيامها في وقــت سابق معين و في الحال كي توجد قرينة على قيامها ، في المدة الممتدة بين الزمنين (4) وللخلف ضم حيازته لمدة حيازة السلف شريطة أن توجد رابطة قانونية بين الحيازتين .

-2- العلنية :
يتعين في الحيازة أن تكون علنا يباشرها الحائز على الملأ ،من الكافة أو على الأقل على مشهد من المالك أو صاحب الحق الذي يحوزه الحائز ، لأن من يحوز حقا يتعين عليه أن يستعمله كما لو كان صاحبه أي أن يستعمله في علانية ، أما إذا أخفى الحيازة على الحائز ولم تكن له نية التملك صارت حيازته مشوبة بعيب الخفاء فلا تنتج أثرها في إكتساب الملكية بالتقادم ولا في الإحتماء بدعاوى الحيازة ، وهو ما أكدته المادة 524 من قانون ا. م.ا .
وإذا كان إخفاء حيازة المنقول أمر سهل، فإنه على عكس ذلك بالنسبة لإخفاء حيازة العقار، لكن مع ذلك يمكن تصور الحيازة الخفية، كحيازة سكن تم الوصول إليه مثلا عن طريق التسلق دون أن يعرف أي أحد ودون أن يتبين بأن السكن مشغول .
ولا يشترط في علنية الحيازة أن يعلم بها المالك علم اليقين ، بل يكفي أن تكون من الظهور بحيث يستطيع العلم بها .

-3- الهدوء :
تكون الحيازة مشوبة بعيب الإكراه أو عدم الهدوء إذا كان صاحبها قد حصل عليها بالقوة أو التهديد ، وظل محتفظا بها دون إنقطاعهما ، سواء وقع ذلك على المالك الحقيقي لإنتزاع ملكه منه أو ضد حائز سابق غير المالك لنزع حيازته ، وسواء كان الشخص الذي إستخدم القوة أو التهديد هو الحائز نفسه أو بواسطة الغير.
أما إذا رفع الحائز التعدي الذي وقع على حيازته فإن ذلك لا يجعل حيازته مشوبة بالإكراه ، فبزوال الإكراه وإستمرار الحائز في حيازته فإن الحيازة تصبح هادئة خالية من عيب الإكراه ، وعليه فلا تجدر حماية الحيازة المشوبة بالعنف أو الإكراه المادي أو الأدبي إلا بعد صيرورتها هادئة (5) فالعبرة إذن ببداية الحيازة .

-4- الوضوح :
فضلا عن توافر الشروط الثلاثة السابقة ، فيجب أن يتوفر في الحيازة شرط الوضوح بمعنى ألا يشوبها عيب أو لبس (6)، وهذا العيب ينصب على العنصر المادي للحيازة بمعني الغموض الذي يكتنف حيازة الحائز نتيجة تأويل نيته في الحيازة لأكثر من معني مما يثير لدى الغير الشك في حقيقة الحيازة ، وما إذا كان الحائز يحوز لحساب نفسه أم يحوز لحساب غيره كحيازة أحد الشركاء على الشيوع ، وتمسكه بحيازة العين لحساب نفسه.
غير أن أفعال الحيازة المادية التي يمارسها في العين تكون من قبيل الأعمال التي يباشرها الشريك على الشيوع، وفي نفس الوقت تكون أعماله هي نفس أعمال المالك في الملكية المفرزة ، لكنه يقـوم بـها على أساس أن باقي شركاء المال الشائع يشتركون معه في الملكية، ففي هذه الحالة يوجد لبس في حيازة الشريك في الشيوع للعين الشائعة .