جريمة الإحتيال

الاحتيال هو الاستيلاء على مال للغير بخداعه وحمله على تسليم ذلك المال والاحتيال يأتي بالاعتداء على حق الملكية سواء في ذلك الملكية المنقولة أو العقارية ويتميز بالأسلوب الذي يتحقق عن طريقه هذا الاعتداء ذلك أن المحتال يصدر عنه فعل خداع من نوع ما حدده القانون فيترتب عليه وقوع المجني عليه في الغلط وإقدامه على تصرف مالي أوحى به إليه المحتال وجعله يعتقد أنه في مصلحته أو في مصلحة غيره ومن شأن هذا التصرف تسليم مال إلى المحتال الذي يستولي عليه بنية تملكه ويمر الاحتيال بالخطوات التالية:

– فعل الخداع.
– وقع المجني عليه بالغلط.
– إتيان المجني عليه تصرفاً مالياً من شأنه تسليم مال إلى المحتال.

ويفترض الاحتيال ارتباط كل خطوة بالخطوة السابقة عليها بصلة السببية ففعل الخداع هو
الذي أدى إلى الوقع في الغلط والتصرف المالي كان تحت تأثير الغلط وتسليم المال هو
نتيجة لذلك التصرف.
نصت المادة 641 عقوبات على مايلي:
1 ـ كل من حمل الغير على تسليمه مالاً منقولاً أو غير منقول أو أسناداً تتضمن
تعهداً أو أبراء فاستولى عليها احتيالاً:
إما باستعمال الدسائس.
أو بتلفيق أكذوبة أيدها شخص ثالث ولو عن حسن نية.
أو بظروف مهد له المجرم أو ظرف استفاد منه.
أو بتصرفه بأموال منقولة أو غير منقولة وهو يعلم أن ليس له صفة للتصرف بها.
أو باستعماله اسماً مستعاراً أو صفة كاذبة.
عوقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين وبالغرامة من مائة إلى خمسمائة ليرة.
2 ـ يطبق العقاب نفسه في محاولة ارتكاب هذا الجرم.
كما جاءت المادة 642 من قانون العقوبات لتضاعف العقوبة إذا ارتكب الجرم ف يإحدى
هاتين الحالتين:
أ ـ بحجة تأمين وظيفة أو عمل في إدارة عمومية.
ب ـ بفعل شخص يلتمس من العامة مالاً لإصدار أسهم أو سندات أو غيرها من الوثائق
لشركة أو لمشروع ما.
ومن استقراء نص المادة 641 من قانون العقوبات نجد بأن هذا النص تضمن بيانا لأركان
الاحتيال وحرص بصفة خاصة على تحديد وسائل الخداع وهو تحديد ورد على سبيل الحصر وعلى
بيان الأموال التي يقع الاحتيال عليها ثم أشار إلى عقوبته وهي عقوبة توقع أيضاً على
الشروع في هذه الجريمة.
أن الركن المادي: للاحتيال قوامه فعل الخداع والنتيجة الجرمية وهي تسليم المجني
عليه ماله إلى المحتال وأخيراً تكون بينهما الصلة السببية التي تتمثل حلقاتها في
الغلط المترتب على الخداع او التصرف المنبني عليه فعن طريق الخداع يوحي المحتال إلى
المجني بأن يوجه أرادته إلى تسليمه مالا.
أما الركن المعنوي: للاحتيال فيقودنا إلى أنه جريمه مقصودة ويتخذ ركنها المعنوي
صورة القصد وهذا ما أكد عليه المشرع حيث قال:
لا توجد جريمة احتيال غير مقصودة ولو توافر لدى المجرم خطأ جسيم كما لو أدعى مشعوذ
قدرته على شفاء الأمراض أو على تحويل النحاس إلى ذهب إذا كان مقتنعا بصحة ادعائه
على الرغم من ابتعادها عن الحقائق العلمية وكان هو نفسه ضحية السذاجة والجهل ولو
اتخذ الغير بادعائه وسلموه بعض أموالهم كل هذا قرائن على توافر القصد وعلى المجرم
إن قرر انتفاءه أن يقيم الدليل على ذلك.
والقصد العام في الاحتيال: كسائر الجرائم هو علم وإرادة علم بتوافر أركان الاحتيال
واتجاه الإرادة إلى إتيان فعل الخداع وتسليم المال فيتعين أن يعلم المجرم أنه يرتكب
فعل خداع من شأنه إيقاع المجني عليه في الغلط الذي يحمله على تسليم ماله.
وتتم جريمة الاحتيال إذا تحققت النتيجة الجرمية وهذه النتيجة هي تسليم المال الذي
سبق ذكره فمهما كان المدى الذي يبلغه المحتال في نشاطه الجرمي فهو لا يجاوز بذلك
الشروع في هذا الجرم إذا لم يسلمه المجني عليه المال الذي يرغب الاستيلاء عليه فإذا
اتصل المحتال بالمجني عليه وبدا في عرض أساليبه عليه ولم يستطع إتمامها أو أتمها
ولكن المجني عليه لم ينخدع بها لأنه اكتشف تضليلها أو نخدع بها ولكن لم يسلم ماله
لأنه اكتشف بعد ذلك جوانب الخداع فيها أو لم ير مصلحته تسليم ماله على الرغم من
ثقته في أكاذيب المدعى عليه المحتال.
فإن النشاط الجرمي في مثل تلك الحالات يقف عند حد الشروع فقط .
يشترط في جريمة الاحتيال أن يأتي المحتال عملا إيجابياً بأن ينتحل اسما مستعارا أو
صفة كاذبه يحمل الغير على تسليمه المال أما إذا ترك هذا المحتال الغير يعتقد خطأ في
صفة ليست له وتمكن من الحصول على المال فلا يعد فعله احتيالا ويبقى الخلاف بينه
وبين المجني عليه عند قبض المال وعدم إنجاز ما وعد به أو تلكأ في إنجازه مدني
الصفة.
إن جريمة الاحتيال من الجرائم المستمرة لا الآنية ويعتبر مرتكبا لجريمة الاحتيال من
يحصل من على قرض باستعماله المناورات الاحتيالية ولو ثبت أنه ملئ وقادر على الدفع
وإن استعمال تلك المناورات شرط أساسي لقيام الجرم وأن تكون منطوية على الغش
والخديعة وعلى توافر النية الجرمية بالاستيلاء على مال الغير.
إن عناصر الاحتيال بالتصرف بأموال الغير منقولة كانت أو غير منقولة تتم حينما يتصرف
الفاعل بهذه الأموال وكأنها له مع علمه بأنها ليست ملكه.
وليس له حق التصرف فيها دون حاجة في ذلك لاستعمال الدسائس وأنواع الغش والتدليس لأن
القانون اعتبر الجريمة قائمة بذاتها بمجرد التصرف وعلم الفاعل وهذان العنصران
يكفيان وحدهما لقيام الجريمة ويشترط في الوسيلة لتحقيق الاحتيال أن تكون منطوية على
معنى الغش والخديعة فقبض الموظف مبلغ لقاء وعد بالقيام بعمل لا يدخل في نطاق وظيفته
يشكل جرم الاحتيال وكذلك أخذ الحارس مبلغ من المال لقاء سكوته على إشادة بناء دون
رخصة يشكل أيضاً جريمة الاحتيال حسب قرارات محكمة النقض.
للقاضي سلطة تطبيق العقوبة بحديها الأعلى والأدنى وهي الحبس من 3 اشهر لـ سنتين
والغرامة من 100ل.س إلى 500 ل.س ويطبق العقاب نفسه على محاولة ارتكاب تلك الجريمة.
وتضاعف العقوبة وفق نص المادة 642 قانون عقوبات.
ويستعمل القاضي سلطته التقديرية وفقاً للقواعد العامة فيرتفع بمقدار العقاب الذي
يحكم به كلما كانت أساليب الخداع والغش جديدة السبك محكمة بحيث يكون من العسير على
المجني عليه اكتشافها وكذلك على القاضي أن يرتفع بالعقوبة بقدر ما يستغل اكتشافها
وكذلك على القاضي أن يرتفع بالعقوبة بقدر ما يستغل المحتال الأساليب التي أتاحها له
تقدم العلم ونمو الحضارة وكذلك كلما ازداد عدد ضحايا المحتال وأيضا كلما ازدادت
الأضرار التي ينزلها بهم.