تعدد الزوجات بين الشريعة الاسلامية و قانون الاسرة الجزائري

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تعدد الزواج بين الشريعة الاسلامية والقانون الجزائري (دراسة تحليلية ومقارنة )

لقد اسالة المادة 8 ومكرراتها من قانون الاسرة الجزائري التي موضوع تعدد الزوجات الكثير من الحبر واختلفة الاراء على الساحة القانونية الجزائري بين من يقول انها معارضة للشريعة الاسلامة وبين انها لم تعارض الشريعة الاسلامية بل اعطت تنظيم اكثر لمسالة التعدد

1- تعدد الزوجات في الشريعة الاسلامية

لقد أباح و أجاز الإسلام التعدد في الزواج، و قد جاء تشريعه في سورة النساء، بقوله تعالى: “فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ”، هذه الآية التي أوضحت أنه يجوز التعدد و بأربعة نساء كأقصى حد مع اشتراك العدل أيضاً،
و لقد فرض الإسلام شروطاً للتعدد، أهمها:

– ألا يزيد الرجل على الجمع بين أربع

– العدل بينهن و القدرة على النفقة

فالشرط الأول أمر مفروغ منه و متفق عليه و واضح جداًُ،

أما العدل فيجب على الزوج أن يفعل كل المستطاع و كل ما يقدر عليه ليعدل بينهن قولاً و فعلاً لقوله تعالى: “فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ” و قوله أيضاً: “وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِن تُصْلِحُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا” (النساء) و العدل يكون في الملبس و المأكل و المشرب و المبيت و المعاملة بما يليق بكل زوجة، أما العدل في المحبة و الميول القلبي فالزوج ليس مجبراً به لأنه ليس بالأمر المختار و هو خارج عن إرادته و لا يكلف الله نفساً إلا وسعها… أما النفقة فهي أيضا من أهم الشروط التي يجب أن تتوفر القدرة عليها قبل الإقبال على التعدد، و هي أن يقدر على توفير المأكل و المشرب و الملبس و المبيت فإن لم يستطع الزوج توفيرها فلا يجوز له التعدد، و ذلك لقوله (ص): “يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء” فهذا فيما يخص زوجة واحدة و الأولى اشترطت القدرة على النفقة فما بالكم إن كانتا 2 أو 3 أو 4 زوجات !!! و الأحاديث النبوية التي تدل على وجوب النفقة كثيرة و عديدة.
أما مبررات التعدد في الزواج فكان إشباع زرغبة الزوج الجنسية هي أولها و أهمها من أجل ابتعاده عن الزنا و جميع المحرمات المؤدية إلى ذلك و بالتالي حفظ النسل أيضاً،
و كذلك فإن نسبة النساء كانت دائماً أكبر من نسبة الرجال (لعدة أسباب و وفق عدة إحصائيات)…
هذا تعريف بسيط و مختصر لتعدد الزوجات شرعاً.

2-تعدد الزوجات في قانون الاسرة الجزائري
أما فيما يخص بما أتى به المشرع الجزائري في المادة 8 من قانون الأسرة فقد ذكر في الفقرة الأولى من المادة 8 ما يوافق الشريعة الإسلامية دون أي شك أما الفقرة الثانية فقد اجتهد المشرع و رأى أن موافقة الزوجة الأولى ضروري و إلزامي، لأنه حرص على المحافظة على الزوجة الأولى و حفظ أسرتها لأن في العديد من الحالات ما تطلب الزوجة الأولى الطلاق لاكتشافها أنه قدتم الزواج عليها و بالتالي أوليس الطلاق أبغض الحلال عند الله ؟ أوليس يؤدي إلى هلاك الأسرو ضياع الأطفال و هذا ماأثبتته عدة دراسات عالمية و غالباً ما نرى هذا في واقعنا المعاش (ظلم زوجة الأب أو ظلم زوج الأم أو عدم كفاية النفقة أو عدم حماية الطفل في الشارع…)و بهذا فإن موافقة الزوجة الأولى يؤدي إلى الحفاظ على الأسرة بكاملها.
أما فيما يخص الفقرة الثالثة ففرض ترخيص رئيس المحكمة من أجل السماح بالتعدد و هو أمر معقول و ذلك من أجل تنظيم تعدد الزواج و لم يأتي بما يخالف الشريعة، فقد ذكر المشرع أنه من توفرت فيه الشروط الشرعية فإنه سوف يحصل على الترخيص (…و أثبت الزوج المبرر الشرعي و قدرته على توفير العدل و الشروط الضرورية للحياة الزوجية.)
و هناك من يعيب على هذا لأنه أدى إلى الزواج العرفي (مع أن هذا المصطلح خاطىء)_الذي يقصد به العقد الديني_ و لكن أوَ لم يكن من قبل مشكل الزواج السري العرفي و القانوني الذي يعتبر محرماً شرعاً؟؟؟ أفليس ما وضعه المشرع يحفظ حق الزوجات و حق النفقة و السكن في حالة الطلاق و إثبات النسب…

إن المشرع الجزائري قد اجتهد في الموضوع، حيث أنه قد رأى العديد من العلماء أنه يجب أن لا يتخذ برأي واحد في التشريع لما للقرآن، والسنة من صفة التفسير الملائم لكل وقت، ولكل زمان، فالذي كان يعمل به في بدايات الإسلام، وبعد أن تم ضبط المجتمع، وفق الأحكام الإسلامية قد لا يجدي نفعاً الأن، أو بمعنى أدق يجب أن يفسر بطريقة أخرى أكثر تلائماً مع واقعنا اليوم. فالعديد من الأحكام التي الشرعية التي كانت سارية المفعول في زمن الرسول (ص) و عهد خلفائه الراشدين وُقِف العمل بها و ذلك لتطور المجتمع الإسلامي أو لوجوب ضرروات تبيح المحضورات أو عدم نفعها في وجهة نظر الفقهاء، فاسترسلوا في حجبها، ومن ثم منعها تدريجياً.

و الأمثلة كثيرة في هذا المجال وقد يكون زواج المتعة، والذي حرمه الخليفة الراشدي الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أحد أعظم الأمثلة رغم أنه مباح عند الطائفة الشيعية من المسلمين، ولكنه محرم عند كل المذاهب السنية على أجمعها، ووقف عمر بن الخطاب رضي الله عنه أيضاً، العمل بعقوبة قطع اليد إلى الرسغ للسارق، وذلك في عام الجوع، والذي أرهق المسلمين، ومات في ذلك العام الكثير من الصحابة، فأوقف خليفة المسلمين أحد أهم الأحكام الشرعية في الإسلام، والتي قال فيها الرسول محمد عليه الصلاة والسلام “لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها”، كما أن معظم المسلمين في العالم قد أوقفوا العمل باقتناء العبيد، والآمات رغم أنه جائز شرعاً، ولم يحرم الرق بنص قرآني واضح، أو حديث نبوي صريح مع ذلك فقد منع اليوم.

و ما أتى به في المادة 8 مكرر فإن المشرع الجزائري قد ابتعد عن الشرع لأن المرأة تعتبر ناقصة عقل و تتميز بالغيرة الكبيرة و إعطائها هذه الفرصة في الحصول على التطليق في حالة الزواج عليها فإنه سيؤدي بكل سهولة إلى هدم أسرة بأكملها (و هذا ما نلاحظه حالياً في الواقع المعاش). فلا يجب مواجهة خطأ بخطأ فإن أخطأ الزوج بالزواج سراً فلا نمنح الزوجة أداة لهدم زواجها خاصة إن كان نتج عن هذا الزواج أبناء…

ووفقاً لما تم ذكره ففي رأيي الخاص أن المشرع الجزائري لم يخالف الشريعة الإسلامية في المادة 8 بل أنه قد نظم تعدد الزواج ليجاري مقتضيات المجتمع