بيوعات الحرم.. وما حول الحرم
يوسف الفراج
حدثني أحد الأصدقاء بأنه وبينما كان في زيارة إلى مكة المكرمة, وفي انتظار أحدى الصلوات في الحرم ومع زحام الناس إذ وصل إلى سمعه حديث رجلين من خلفه، وقد ارتفعت أصواتهما – نوعا ما – وكانا يتفاوضان في قيمة سلعة من السلع – كما بدا له من الوهلة الأولى , وقرر الالتفاف عليهما لنصحهما بأن هذا المكان ليس مناسبا لذلك وأن المساجد لم تبن لهذا, ولا سيما مع ارتفاع أصواتهما, فلماهم بذلك تفاجأ بما لم يخطر بباله حيث تبين له أن السلعة التي يتم عليها التفاوض هي قطعة في الحرم يدعي البائع أنه يملكها, وهي مكان جلوسه بالتحديد , ويفاوضه الآخر على شرائها, ولا يهم هنا الحديث عما قام به صاحبي من إجراء وما انتهى إليه الوضع..

وإنما المهم أن نعرف أن هؤلا عبارة عن بعض الدجالين يلبسون على بعض المغفلين والسذج يدعون أنهم ورثوا بعض الأماكن في الحرم من بعض الصالحين والأولياء أو أنه كافأهم بها لقاء أتباعهم له, ويدجلون على الناس ببيع هذه الأماكن لهم, وفي رأيي أن هذه صور نادرة لم تصل لتكون ظاهرة وإنما هي وقائع فردية نظرا لكونها من الدجل الظاهر الذي لا ينطلي إلا على القلة من المغفلين فضلا عن غيرهم, وينبغي تشديد العقوبة عليهم حال كشفهم , والقبض عليهم .

قصدت من الحديث عن هذا الدجل الحاصل من البعض في بيع ما هو داخل الحرم إلى الحديث عن دجل آخر في بيوعات تحصل خارج الحرم, وأعني بالتحديد الأراضي الشاسعة الفضاء في مكة المكرمة, أو المدينة المنورة من غير تملك لهذه الأرض بإرث أو شراء أو إقطاع أو أي نوع من أنواع التملك المعروفة والمعتبرة, لا بد من القول إن هناك أراضي مملوكة لأصحابها من قديم الزمان ورثوها عن آبائهم وأهليهم حتى ولو لم يكن لديهم صكوك شرعية عليها فهي ملكهم ولكن يحتاجون إلى التقدم إلى المحكمة للحصول على صك حجة استحكام عليه ليستطيعوا التصرف فيها, وهذه في الحقيقة أملاك لا غبار عليها حال ثبوتها أمام القضاء, إلا أن المقصود هنا أن يقوم البعض ممن لا يملكون هذه الأراضي وقد يكونون من الوجهاء, ومن المنتمين إلى القبائل المعروفة في المنطقة أو غيرها ببيع ما لا يملك إلى بعض التجار الذي يقوم بدوره ببيعها لآخر أو التقدم إلى المحكمة بطلب صك عليها, ولا شك أن هذا من الدجل وهو يشابه الدجل الذي أشرت إليه في أول المقال, ولا سيما إذا علمنا أن البائع يبيع هذه الأرض إلى أكثر من مشتر وبالتالي تحصل الدعاوى والمشاكل بين الناس، والغريب أنه مع كثرة هذه الصور وظهور دجل أصحابها إلا أنه لا يزال هناك من يشتري مثل هذه الأراضي.

إعادة نشر بواسطة محاماة