دراسة مقارنة عن الإيجاب بين الفقة والقانون

الإيجاب هو تعبير لازم بات عن إرادة شخص يتجه به إلى شخص أخر يعرض عليه رغبته في إبرام عقد معين بقصد الحصول على قبول هذا الخير فإذا حصل على هذا القبول انعقد العقد. وقد عرف إسماعيل غانم الإيجاب بأنه

(1) ((هو العرض الصادر عن شخص يعبر به على وجه جازم عن إرادته في إبرام عقد معين بحيث إذا ما اقترن به قبول مطابق له انعقد العقد)).

وعلى هذا يمكن استخلاص الخصائص الواجب توافرها في العرض حتى يعتبر إيجاباً بالمعنى القانوني: أولا: أن يكون التعبير عن الإرادة باتا: ويقصد به أن يكون التعبير باتا وجازما في دلالته على إرادة التعاقد.

(2) فإن لم يكن باتا وإنما يقصد منه صاحبه استطلاع رأي الطرف الآخر فيما يدعو إليه من التعاقد فإن هذا لا يكون إيجاباً وإنما يكون من باب الدعوة إلى الدخول في مفاوضات حول العقد المراد إبرامه وهذه المفاوضات قد تطول أو تقصر وقد تنتهي إلى عرض بات من أحدهما، أي إيجاب يقبله الطرف الأخر فينعقد العقد، وقد تقطع المفاوضات دون أن تنتهي إلى شيء (3).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ

(1)إسماعيل غانم . النظرية العامة للالتزام . الجزء الأول . مصادر الالتزام . 1968 . فقرة 56 – ص 104. (2)مصطفى محمد الجمال . النظرية العامة للالتزام . الجزء الأول . مصادر الالتزام 1985 . فقرة 58 – 6651. (3)عبد المنعم البدراوي النظرية العامة للالتزام في القانون المدني المصري مصادر الالتزام 1997 الجزء الأول فقرة 141 صفحة 198 وما بعدها.

********************************

والقانون لا يرتب في الأصل على قطع المفاوضات أثراً قانونياً.

فكل شخص له الحق في قطع المفاوضات في أي وقت يريد إلا أن العدول عن المفاوضات قد يرتب مسؤولية على من قطعها إذا اقترن العدول بخطأ والمسؤولية هنا مسؤولية تقصيرية أساسها الخطأ.

-وجعل التعبير باتا في دلالته على إرادة التعاقد لا يتعارض مع تعليقه على شروط صريحة أو حتمية والمثال على ذلك عرض شخص على الجمهور شيء ذا كمية محدودة كأماكن المسرح أو ملاعب الكره فيكون هذا إيجاباً معلقا على عدم نفاذ الشيء المعروض ويتم التعاقد مع من يقبل أولا حتى نفاذه ففي مثل هذه الحالات متى توافرت نية التعاقد على وجه بات.

-فإن تعليق العرض على شرط صريح أو ضمني لا يمنع من اعتباره إيجاباً (1).

-وليس من اللازم لكي يعتبر التعبير عن الإرادة إيجاباً أن يتم توجيهه إلى شخص معين بالذات بل يمكن أن يكون موجها إلى العامة طالما أنه يحمل في طياته نية التعاقد مع أي شخص يظهر رغبة في القبول.

فإذا كان العرض الموجه للجمهور لإبرام عقد من عقود الاعتبار الشخصي التي يعتد فيها بشخص المتعاقد كعقد العمل والشركة والوكالة والإيجار وفي القرض فهذا العرض لا يعتبر إيجاباً ملزما بل يكون مجرد دعوة للتعاقد لا إيجاباً له.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــ

(1)الدكتور نبيل إبراهيم سعد “النظرية العامة للالتزام” الجزء الأول . مصادر الالتزام في القانون اللبناني والتشريعات العربية . صفحة /101/.

ثانياً: يجب أن يكون التعبير عن الإرادة كاملا أي أن يتضمن الإيجاب العناصر الجوهرية للعقد المراد إبرامه وهن شرط منطقي يتحقق بتلاقي التعبير عن أرادتين متطابقتين ، فبالتالي يجب أن يتضمن الإيجاب العناصر الأساسية للعقد المراد إبرامه بحيث إذا ما صادفه قبول مطابق له انعقد العقد. ففي البيع مثلا لن يعتبر العرض إيجاباً إلا إذا عين فيه على الأقل الشيء المبيع والثمن تعيناً بعيداً عن الجهالة.

-وعلى هذا فإن كل تعبير عن الإرادة لا يتضمن العناصر الأساسية للعقد المراد إبرامه لا يعتبر إيجاباً وذلك كأن يعرض شخص البيع شروط مغرية فما دام لم يحدد الثمن ولا الشيء المبيع أو شروطه فلا يعد تعبيره هذا إيجاباً. ويشترط لكي يكون التعبير عن الإرادة كاملاً أن تكون الإرادة غير مشوبة بعيب ينقص من كمالها فإنه عندها العقد رغم انعقاده يفقد أثره الإلزامي ويكون قابلا للإبطال.

(1)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1)مصطفى أحمد الزرقا . شرح القانون المدني السوري . نظرية الالتزام العامة . الطبعة الثالثة . الجزء الأول صفحة 123. ولا ينعقد العقد بمجرد الاستجابة بل تعد الاستجابة إيجاباً ينقصه قبول المعلن لينعقد العقد. وللمعلن قبول الإيجاب أو رفضه بشرط ألا يكون متعسفاً في رفضه.(1)

مدى القوه الملزمة للإيجاب: إن صدور الإيجاب عن الموجب لا يترتب أي أثر قانوني أو أي التزام مادام لم يتصل بعلم من وجه إليه وهذا هو الوجود العقلي للتعبير عن الإرادة، لكن إذا اتصل الإيجاب بعلم من وجه إليه فإنه يتحقق له وجوده القانوني بحيث لو اقترن به قبول مطابق انعقد العقد. والتساؤل الذي يجب أن تتم الإجابة عليه يتعلق بالمرحلة السابقة على صدور القبول ويتلخص فيما إذا كان الموجب ملزما بان يبقى على إيجابه بحيث لا يجوز له مع ذلك الرجوع فيه طالما أنه لم يتم القبول بعد. والإجابة على هذا السؤال تتلخص في أن الأصل في الإيجاب أنه قابل للرجوع عنه طالما لم يصدر من الموجه إليه قبول مطابق وبالتالي لم ينعقد العقد (2) لكن هذا الأصل لا يجوز تطبيقه على إطلاقه لأنه من الممكن أن يؤدي إلى الإضرار بالاستقرار في المعاملات.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1)إسماعيل غانم . النظرية العامة للالتزام الجزء الأول مصادر الالتزام 1968 فقرة 59 . ص 107 نبيل سعد النظرية العامة للالتزام الجزء الأول صفحة 102.

(2)P.H.Malaurie, L.Aynes, op cit, N0245,P179.

لذلك كان هناك اتجاه للقوانين الحديثة تلخص فيما نصت عليه المادة 93 من القانون المدني المصري التي نصت على أنه:

1-إذا عين ميعاد لقبول التزام الموجب بالبقاء على إيجابه إلى أن ينقضي هذا الميعاد.

2-وقد يستخلص الميعاد من ظروف الحال أو من طبيعة المعاملة.
(1)
ويدل هذا على أن الإيجاب قد يتضمن صراحة ميعادا للقبول في هذه الحالة يلتزم الموجب بالبقاء على إيجابه طوال هذه المدة إلا انه قد لا يتضمن الإيجاب أي ميعاد للقبول وذلك لا يمنع من أن يكون الإيجاب ملزما لأن القاضي يمكن له استخلاص هذا الميعاد من ظروف الحال تفيد باقتران الإيجاب بميعاد ضمني للقبول يتمثل في الوقت الذي يتسع للعلم بالإيجاب والبت فيه وبالرد عليه ووصول الرد إلى الموجب وفقا للمجري العادي للأمور (2) وقد نصت على ذلك المادة 179/2 موجبات وعقود لبناني بالنص التالي :

“عندما يتحصل من ماهية الإيجاب أو من الظروف التي صدر فيها أو من نص القانون أي صاحب الإيجاب كما ينوي إلزام نفسه ، فيجب حينئذ استمرار الإيجاب في المدة المعينة من صاحبه أو المستمدة من العرف أو القانون، بالرغم من حدوث وفاته أو فقدانه الأهلية الشرعية.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1)مطابق لنص المادة 94 من القانون المدني السوري.

مطابق لنص المادة 93 من القانون المدني الليبي. مطابق لنص المادة 84 من القانون المدني العراقي.

مطابق لنص المادة 179 موجبات لبناني. (2)مصطفى الجمال المرجع السابق صفحة 68.  كذلك يكون الأمر ولا سيما :

1-إذا كان الإيجاب مقروناً بمهلة على وجه صريح.

2-إذا كان الإيجاب في أمور تجاريه.

3-إذا كان الإيجاب بالمراسلة.

4-إذا كان وعداً بمكافأة.

سقوط الإيجاب:

الأصل أنه مادام الإيجاب لم يتصل بعلم من وجع غليه فإنه يجوز للموجب العدول عنه ويكون بذلك الإيجاب غير ملزم للموجب. ولكن متى اتصل الإيجاب بعلم من وجه إليه فإنه يمكن أن يسقط في عدة حالات وهي:

1-إذا لم يعين مدة لقبول الإيجاب وانقضت هذه المدة دون قبول أو رفض الطرف الموجه إليه الإيجاب.

2-رفض الطرف الموجه إليه الإيجاب ولو قبل انقضاء المدة سواءً أكان الرفض صريحاً أو ضمنياً.

3-إذا كان التعاقد بين حاضرين فالإيجاب يسقط إذا انفض مجلس العقد دون أن يصدر ممن وجه إليه الإيجاب قبولاً.

4-عدول الموجب عن إيجابه في مجلس العقد ودون صدور قبول من الطرف الأخر.يتبين أن الإيجاب الملزم يتميز في كيانه عن الوعد بالتعاقد فالأول إرادة منفردة والثاني اتفاق أرادتين. (2)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(2) مجموعة العمال التحضيرية صفحة 36.

ويذهب العلامة عبد الرزاق السنهوري إلى أن الإيجاب متى كان قائماً ملزماً فإنه يسقط في حالتين:

الحالة الأولى: أن يرفض الموجب له الإيجاب فيسقط حتى ولو لم تنته المدة.

الحالة الثانية: أن تنقضي المدة التي يجب أن يكون فيها الإيجاب ملزماً فيسقط وينتهي الإلزام والقيام في وقت واحد.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــ

* عبد الرزاق السنهوري . الوسيط . صفحة 225 . مصادر الالتزام . 15 . المجلد الأول. ********************

الإيجاب في الفقه الإسلامي:

ينأ العقد بالإيجاب والقبول أي بوجود ولكن العقد وهذا لا بد له من شروط وهي:

(1) 1-الأهلية: فلا بد للإيجاب أن يعبر عن إرادة صحيحة، فإذا كانت إرادة أحد المتعاقدين لا تعبر عن إرادة التعاقد كما لو كانت هذه الإرادة محل شك فلا عقد هناك ولذلك كان لابد للإيجاب أن يكون صادرا من شخص ذي أهلية.

2-الرضا: قد تتوفر الأهلية للموجب ولكن قد يكون الرضا غير سليم كما لو كانت الإرادة مصابة بعيب من العيوب لذلك يضاف إلى شروط الأهلية شرط سلبي أخر وهو عدم وجود عيب في الإرادة.

3-مطابقة الإيجاب والقبول: أي أن يوافق الإيجاب القبول وتكون الموافقة صريحة أو حتمية وشرط أن يكون الإيجاب والقبول على أمر غير منهي عنه شرعاً.

4-اتصال الإيجاب والقبول: ويشترط الفقهاء لذلك الاتصال الشروط التالية:

1-الشرط الأول: أن يكون الإيجاب والقبول في مجلس واحد: إذ لا يجوز أن يكون الإيجاب في مجلس والقبول في مجلس أخر فإذا صدر الإيجاب من احد العاقدين كما لو قال البائع للمشتري بعتك هذا الكتاب ثم انتقل الموجب إلى مجلس أخر أو من غرفة إلى غرفة فيعتبر المجلس الأول قد انتهى فإذا جاء المشتري وقال اشتريت فلا يصح هنا العقد لأن الإيجاب قد بطل والقبول بدون إيجاب لا يصح والقبول هنا يعتبر إيجاباً جديداً.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الدكتور عبد الرحمن الصابوني المدخل لدراسة التشريع الإسلامي الجزء الثاني صفحة 120 1986 – 1987.

وذهب بعض المالكية إلى أنه إذا قيد الموجب نفسه بمدة معينة تقيد بها والتزم بما الزم به نفسه، فلو قال البائع للمشتري أنا ملزم بايجابي مدة ثلاثة أيام فللمشتري حق القبول خلال هذه المدة. -وقد اعتبر الفقهاء تفرق المجلس قرينة عرفية على إعراض الموجب عن إيجابه أو عدم قبول الطرف الثاني للإيجاب ولهذا فكان الأصل في ذلك أن يتم القبول فور الإيجاب دون فاصل زمني بينهما ولو في المجلس الواحد، كما ذهب إلى ذلك الإمام الشافعي:

حيث يشترط الفورية في الإيجاب والقبول ودون فاصل بينهما. -أما الأحناف فقد رأوا في فورية القبول للإيجاب تضييق على المتعاقدين وخاصة بالنسبة للقابل إذا يحتاج إلى فترة يفكر فيها بالقبول أو عدمه.

-وقد استحسن أكثر الفقهاء أن يمتد الوقت لدى القابل إلى آخر المجلس ليكون لدى القابل الوقت الكافي للتفكير والتروي.

2-الشرط الثاني: وكذلك يبطل الإيجاب إذا صدر من القابل بعد الإيجاب ما يدل على إعراضه كما لو قال البائع بعتك هذا الشيء بمئة فأعرض المشتري عن ذلك بانشغاله في حديث أخر لا صلة له بالموضوع ولو استمر المجلس فيعتبر هذا الإعراض بمثابة العدول أو رفض الإيجاب فيبطل إذا عاد وقال له اشتريت فلا ينعقد لهذا العقد.

3-الشرط الثالث: وهو أن يستمر الموجب على إيجابه حتى قبول الطرف الآخر أما إذا عدل الموجب عن إيجابه فلا يصح القبول.

لأن للموجب لدى جمهور الفقهاء أن يعدل عن إيجابه مادام الطرف الثاني لم يقبل ويعتبر من قبيل رجوع الموجب عن إيجابه لو قدم عرضا جديدا أي إيجاباً جيداً يختلف عن الإيجاب السابق قبل الطرف الأخر، وذهب المالكية إلى أن الموجب لا يجوز له أن يرجع عن إيجابه إلا إذا عدل من وجه له الإيجاب عن القبول.

وحجة المالكية في ذلك (1) : ((إن الموجب قد أثبت لمن وجه إليه الإيجاب حق القبول والتملك بموجب إيجابه فإذا قبل وتملك فقد استعمل حقه الذي ثبت له، وإذا أعرض فقد ترك حقه وتنازل عنه وبذلك يسترد الموجب حريته، ولهذا لا يجوز للموجب الرجوع عن إيجابه كيلا يسقط حقاً ثبت لغيره)).

-وإن رأي المذهب المالكي يتفق مع ما جاء به القانون المدني السوري فقد نصت المادة 94 فقرة 1 على ما يلي: “إذا عين ميعاد للقبول التزم الموجب على إيجابه إلى أن ينقضي هذا الميعاد”.؟

وفي الفقرة 2: وقد يستخلص الميعاد من ظروف الحال أو من طبيعة المعاملة. -وقد رد جمهور الفقهاء مع الأحناف على ذلك (2) “بأن الإيجاب إذا ترتب عليه حق للطرف الأخر فهو حق مؤقت لا يقع إلا برضا الموجب فله أن يرجع عنه إذا أراد وخاصة وإن هذا الحق يعارضه حق أقوى منه وهو حق المالك في أن يتحكم بملكة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ

(1)– شرح الخطاب ج 4 صفحة 240. (2)شرح الوجيز ج 8 صفحة 104.

******************* ويمنعه عن غيره وإذا تعارض حقان قدم أقواهما” وقال الأحناف (1): إن للموجب حق الرجوع عن إيجابه ما دام لم يقيد بعد بالقبول لأن الالتزام لم ينشأ بعد ، إذ هو ارتباط أرادتين ولم يحصل هنا الارتباط بمجرد الإيجاب.

-وقد أراد بعض الفقهاء أن يجمع هذه الشروط الثلاثة باشتراط اتحاد المجلس ولهذا فإنهم ينصبون إلى أن اتحاد المجلس يكفي عن بقية الشروط، لأن تغيير المجلس قد يكون حقيقياً كما لو تفرق المتعاقدان بالانتقال من مجلس لأخر ويكون حمياً بصدور ما يدل على الإعراض من أحد المتعاقدين. -هذا ما ذهبت إليه مجلة الحكام العدلية: م-103 – العقد التزام المتعاقدين أمر وتعهد هما به، وهو عبارة عن ارتباط الإيجاب بالقبول. م-104- الانعقاد تعلق كل من الإيجاب والقبول بالأخر على وجه مشروع يظهر أثره في متعلقهما.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) البدائع ج 5 صفحة 135.
*********خيار المجلس
خيار المجلس هو أن يكون لكل من المتعاقدين حق الفسخ ما دام لم يتفرقا بالابدات، أما إذا تفرق المجلس سقط حق الفسخ ويختلف الفقهاء في ثبوته على النحو التالي:

قال الحنابلة والشافعية: لكل من العاقدين حق الفسخ ما دام المجلس منعقداً فإذا تفرق العاقدان فلا يثبت هذا الحق وهم لم يكتسبوا هذا الحق في جميع العقود. فلا يثبت فيه خيار المجلس ولا يحق لأحد طرفيه الفسخ وهم يستدلون على ذلك بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم “البيعان بالخيار ما لم يتفرقا”.

(1) وذهب الأحناف والمالكية: إلى أن العقد متى تم بالإيجاب والقبول فلا يترتب فيه خيار المجلس ولا يحق لأحد طرفيه الفسخ واستدلوا على ذلك بقول الله عز وجل “يا أيها الذين أمنوا أوفو بالعقود”.

وخلاصة القول أن فقهاء الحنفية حين قالوا بأن العقد إيجاب وقبول إنما قصدوا بذلك أنه متى تم الاتفاق بين العاقدين في مجلس واحد أصبح للعقد قوة ملزمة فلا يجوز لاحدهما فسخه إلا أن غير الحنفية قد ذهبوا إلى القول بأن الإيجاب والقبول يتم في مجلس واحد على أن يكون لأحد العاقدين الخيار في فسخ العقد ما دام المجلس قائماً.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
(1) صحيح مسلم ج5 صفحة 10