الوساطة الأسرية

جليل الباز
طالب، باحث بماستر التقنيات البديلة لحل المنازعات
بكلية الحقوق المحمدية

الوساطة الأسرية
مقدمة

إن المساطر البديلة لتسوية المنازعات ليست آليات جديدة، وإنما هي قديمة قدم البشرية وكانت حاضرة وفعالة لدى كل المجتمعات، لكن الجديد هو ضرورتها في وقت يحتاج إليها الجميع على مختلف الأصعدة والمجالات هذه الضرورة أفرزتها المعضلة التي يواجهها القضاء الرسمي في مختلف الأنظمة القضائية عبر العالم تتجلى في تراكم أعداد هائلة من القضايا بسبب التأخير في إصدار الأحكام والبطء في حسم النزاعات.

والمغرب بدوره أولى اهتماما كبيرا لهذه الوسائل حيث نظم المشرع التحكيم بنوعيه الداخلي والدولي والوساطة الاتفاقية في قانون المسطرة المدنية والصلح في مدونة الأسرة…. الخ، و إذا كانت هذه المجالات خصبة لقيام النزاعات تتطلب إعمال هذه البدائل، فإن اللجوء للوسائل البديلة يزداد أهمية متى تعلق الأمر بالمنازعات الأسرية نظرا لطبيعة العلاقة التي تربط بين مكونات الأسرة.

لذلك أصبح لابد من البحث عن وسائل أخرى ناجحة في حل النزاعات الأسرية وتطوير مسطرة الصلح، لما يحققه هذا الأخير من توازن مادي ومعنوي للمرأة والأطفال وضمان المحافظة على استقرار الأسرة وتماسكها وعدم تفككها .

وفي هذا الإطار، تعد الوساطة الأسرية من أهم الطرق البديلة التي أثبتت فعاليتها في حل النزاعات في مختلف الميادين لتشمل النزاعات الأسرية، ولمعرفة ذلك لابد من الحديث عن ماهية الوساطة الأسرية في (المبحث الأول)، في حين سنفرد (المبحث الثاني) للحديث عن الأطراف المتدخلة في الوساطة الأسرية ورهانات إدماجها في النظام القانوني المغربي.

المبحث الأول: ماهية الوساطة الأسرية

تعد الوساطة الأسرية إحدى الطرق البديلة لفظ المنازعات المتعلقة بالأسرة والتي عرفت انتشار واسعا، إضافة إلى فوائدها الإيجابية المتمثلة في تخفيف العبء عن القضاء، إذ أصبحت الوسيلة الأولى لتسوية النزاعات في جل القوانين.
ومن أجل الحديث عن الوساطة الأسرية، يقتضي منا أولا إبراز مفهومها مع تمييزها عن باقي الطرق البديلة لحل الخصومات بين الأطراف، وتبيان أهم خصائصها وأنواعها (المطلب الأول) مرورا بتحديد الأطراف الفاعلة فيها وصولا إلى المراحل التي تمر منها، من أجل الحصول على حل ودي يحسم النزاع الأسري (المطلب الثاني).

المطلب الأول مفهوم الوساطة الأسرية وتحديد خصائصها وأنواعها

أصبح الحديث عن الوسائل البديلة عن القضاء الرسمي لحل النزاعات المطروحة، يكتسي أهمية كبرى في العقود الأخيرة إذ أصبحت هذه الوسائل ضرورة ملحة من أجل مواكبة مستجدات مدونة الأسرة حفاظا على أهدافها العليا في إرساء أسس متينة للأسرة المغربية من جهة، وضمانا لحقوق أطرافها ورعاية لمصالح الأبناء وتسهيل سبل حصول المواطنين على حقوقهم من جهة أخرى.
ونظرا لأهميتها فإننا سنحاول دراستها في فقرتين: الأولى تتعلق بتعريف الوساطة الأسرية وتميزها عن باقي الطرق البديلة لحل النزاعات الأسرية. أما الفقرة الثانية نتناول فيها خصائص الوساطة الأسرية وأنواعها.

الفقرة الأولى: تعريف الوساطة الأسرية وتميزها عن الطرق البديلة لحل النزاعات الأسرية

لقد تعددت التعاريف التي تناولت مفهوم الوساطة الأسرية، لذلك سأعمد إلى تقسيم هذه الفقرة إلى نقطتين: أعرج في الأولى لعرض مفهوم عام للوساطة كوسيلة بديلة عن القضاء في حل النزاعات، تم تحديد المعنى الدقيق للوساطة الأسرية، بحيث سأتناول في النقطة الثانية تميز الوساطة الأسرية عن باقي الوسائل البديلة لحل الخلافات في مجال الأسرة.

أولا: تعريف الوساطة الأسرية

في لسان العرب الوساطة هي المصدر، وهي مهمة الوسيط، أي الذي يتوسط بين متخاصمين، والذي هو أيضا الحسيب في بني قومه.

وقد اكتسبت الوساطة معناها السياسي الاجتماعي، باعتبارها المسعى الذي تقوم به دولة ما أو منظمة أو لجة للمساعي الحميدة بغية التوفيق بين دولتين متنازعتين، وإيجاد تسوية للخلاف القائم.[1]
أما تعريف الوساطة الأسرية من الناحية القانونية فيراد بها وسيلة لفض المنازعات يقوم بواسطتها طرف ثالث محايد يسمى الوسيط الأسري مهمته توفير المناخ الملائم للمقابلات التواصلية السرية، بمساعدة أعضاء الأسرة المختلفين للتوصل إلى حل طوعي مؤقت أو دائم وقبول مرضي لكلا الجانبين، تم التفاوض عليه لضمان استمرارية العلاقات الأسرية بمختلف مكوناتها.

وفي هذا الإطار خلقت الورشة التشاركية المنظمة بين وزارة العدل المغربية والمنظمة الأمم المتحدة ومنظمة اليونيسيف إلى تبني تعريف خاص بالوساطة الأسرية وذلك كالتالي هي مؤسسة اختيارية غير قضائية لحل جميع النزاعات الأسرية يقوم فيها طرف ثالث محايد وكفء بمساعدة الأطراف بطلب منهم أو بإحالة من القضاء الأسرة للتوصل إلى حل رضائي توافقي لا يتعارض مع القانون ومع النظام العام في إطار إجراءات سرية لا يطلع عليها إلا الأطراف أو الجهة القضائية الآمرة بإنجازها و لا يحتج بنتائجها و لا بما أدلي فيها في نزاع أخر.[2]

ثانيا : تمييز الوسائط الأسرية عن باقي الطرق البلدية لحل النزاعات الأسرية

على الرغم من أن الوساطة الأسرة حسب مفهوم المشار إليه أعلاه، تختلف عن باقي الطرق البلدية لحل النزاعات، فإنها تختلف مع هذه الأخيرة في عدة نقط، والتي سنقتصر عن تمييزها عن كل من الصلح والتحكيم ونظام إدارة الدعوى كأهم الوسائل التي يمكن توظيفها لفض الخلافات الأسرية.

-1- : تمييز الوساطة الأسرية عن الصلح الأسري

حرص المشرع على تجسيد مسطرة الصلح في جل أو معظم النصوص القانونية كالصلح في المادة الاجتماعية وفي المادة التجارية وفي المادة الجنائية ثم مدونة الأسرة، التي أولت عناية خاصة لمساطر الصلح عند إنهاء الرابطة الزوجية، حيث نصت المادتين 81 و 82 من مدونة الأسرة على ضرورة استدعاء الزوجة قبل الطلاق والاستماع إليها في غرفة المشورة قصد بحث أسباب الخلاف وتذويبها من خلال فتح حوار بين الزوجين والاستماع إلى كل من تراه المحكمة فائدة في الاستماع إليه، والقاضي وهو يقوم بعملية الصلح له أن يتخذ كل الإجراءات التي يراها مناسبة للتوصل إلى حل، بما فيها انتداب حكمين أو مجلس العائلة أو من يراه مؤهلا لإصلاح ذات البين[3].
ولا غرو أن الوساطة الأسرة تلتقي مع الصلح في عدة نقط، كما أنها تختلف عنها في نقط أخرى.

أوجه الالتقاء :
وتظهر من خلال ما يلي :
الوساطة تجوز في كل ما يجوز فيه الصلح وما لا يجوز فيه الصلح لا يمكن أن يكون محلا للوساطة[4].
تلتقي الوساطة مع الصلح في كون الشخص الذي يقوم بالصلح أو الوساطة لا يملك سلطة اتخاذ القرار.
تلتقي الوساطة مع الصلح في أن كلا منهما يعدان من الوسائل البديلة لحل النزاعات.

أوجه الاختلاف :
وتبرز من خلال ما يلي :
يظهر الفرق بين الصلح والوساطة في كون القاضي وهو يقوم بالصلح يخضع لضوابط وقيود تحكم عمله القضائي، بينما الوسيط يقوم بعمله وهو متحرر من كل القيود التي من شأنها أن تعرقل وصوله إلى صلح يرضي طرفي النزاع.
كما أن الوساطة الأسرية هي في حد ذاتها وسيلة لحل النزاع العائلي، في حين أن الصلح بطبيعته غاية. [5]

الأسرار التي راجت في الوساطة لا يحتج بها أمام المحكمة عند فشل الوساطة، بينما في الصلح القضائي يمارس عمله بقبعتين تجعل من الصعب أن يتنصل من المعلومات والأسرار التي وقف عليها عند مسطرة الصلح.

المصالح أكثر فعالية من الوسيط، فهو يتوفر على وسائل عديدة لتقريب وجهات نظر ومواقف أطراف النزاع، أما الوسيط فينحصر دوره في تقريب وجهات النظر بين الأطراف دون اقتراح أو فرض حلول بخلاف المصالح.

-2- : تمييز الوساطة الأسرية عن التحكيم الأسري

نظم المشرع التحكيم الأسري من خلال المادتين 94 و 95 من مدونة الأسرة، فقد تنبه إلى إمكانية فشل المحكمة في الوصول إلى حل بين الزوجين أثناء محاولة الصلح وسمح للقضاء بإعادة المحاولة من قبل أهل الأطراف في إطار ما يعرف بمؤسسة الحكمين بهدف الوصول إلى حل ودي يرضي الطرفين، وان كانت الوساطة طوعية وغير ملزمة لحل النزاعات الخاصة بين طرفي العلاقة الزوجية، فإن التحكيم يمكن أن يمر بنفس الكيفية ويؤدي إلى نفس النتيجة، مما يستدعي إجراء مقارنة للوقوف على نقاط التشابه والاختلاف[6].

أوجه التشابه :
وتظهر من خلال ما يلي :
الحكم لا يتقيد بالجوانب القانونية ولكنه يناقش الوقائع والجوانب الاجتماعية وحتى الإنسانية المرتبطة بالنزاع والآثار المترتبة عليها، ونفس الأمر ينطبق على الوسيط الأسري الذي يملك حرية كبيرة في مناقشة الطرفين.
إذا نجحا الحكمان في مسعاهما الرامي إلى الصلح وجب مضمونه في تقرير يرفع إلى المحكمة يتم الإشهاد على وقوع الصلح بين الطرفين بمقتضى حكم[7].

تلتقي الوساطة مع الصلح في أن كليهما يسعيان إلى بدل الجهد الجهيد والسداد القويم للتوفيق بين الزوجين بأية وسيلة يريانها مفيدة لذلك.

أوجه الاختلاف :
تبرز من خلال ما يلي :
في حالة فشل الحكمين في مسعى الصلح وجب تضمين ذلك من لدنهما في التقرير مع بيان مسؤولية كل واحد من الزوجين في ما وقع من شقاق مع تحديد أوجه هذه المسؤولية، بخلاف جلسات الوساطة التي تمر في سرية ويلتزم جميع الأطراف بالحفاظ على السرية ومن تم لا يمكن استعمال ما راج فيها أو التمسك بتصريحات أو عروض أو تنازل أي طرف فيها إذا ما انتهت مساعي الوساطة بالفشل ورفع النزاع للمحكمة[8].

أن الحكمان ينتدبان من أهل أطراف العلاقة الزوجية، بمعنى حكم من أهل الزوج وحكم من أهل الزوجة، وذلك لأجل محاولة الإصلاح ذات البين، وهذا وقد لا يكون بالضرورة القائم على عملية الصلح حكمين إذ يكفي أن يكون حكما واحدا معينا من قبل الزوجين، بخلاف الوسيط في حالة الوساطة الأسرية الذي يعين باتفاق الأطراف في الوساطة الاختيارية وبأمر من المحكمة في حالة الوساطة القضائية.

الوسيط في الوساطة الأسرية ملزم بمرور مراحل للوصول إلى حل عن طريق جلسات يعقدها في أماكن خاصة إما في أقسام قضاء الأسرة في حالة الوساطة القضائية أو في مراكز خاصة في حالة الوساطة الاختيارية، هذا بخلاف الحكمين وبحكم آصرة القرابة التي تجمعهما مع أطراف النزاع فغالبا ما تتم مسطرة الصلح أمام أفراد الأسرة.

الفقرة الثانية : خصائص الوساطة الأسرية وأنواعها

تتميز الوساطة الأسرية بمجموعة من المميزات تميزها عن غيرها من الطرق البديلة لحل النزاعات الأسرية، ويجعلها أنجح الوسائل لمعالجة هذا النوع من القضايا، وهي كبديل لأسلوب التقاضي التقليدي ولتوضيح ذلك ارتأيت تقسيمه إلى نقطتين وذلك على الشكل التالي :

أولا : خصائص الوساطة الأسرة
ثانيا : أنواع الوساطة الأسرية

أولا : خصائص الوساطة الأسرة

تتسم الوساطة الأسرية بشكل عام والوساطة بشكل خاص بعدة خصائص تنفرد بها غيرها من الوسائل البديلة لحل النزاعات، ومن أهم هذه الخصائص:

-1- : السرية

إن الوسيط في إطار جلسات الوساطة مطالب لضمان سريتها في كل ما يروج خلالها، لأن من شأن ذلك أن يؤدي إلى إفشاء الأسرار الخاصة بالحياة الزوجية من جهة وإلى تعميق البحث وتأجيج الصراع من جهة أخرى.

هذا بخلاف ما توفره مسطرة التقائي التي لها ميزة أخرى وهي العلنية التي تجعلها مرافعة مفتوحة لا يتوانى خلالها أي طرف في استعمال كل معلومة تم الإدلاء بها والبوح بها، وبهذا المعني فإن الوساطة الأسرية يجب أن تكون محاطة بالسرية التامة، نظرا لما توفره هذه الأخيرة لطرفي العلاقة المتنازعين مجالا مريحا للتعبير بكل حرية واطمئنان عن مشاكلهما وعن أسباب الخلاف بينهما[9].

وحرصا على الإبقاء السرية التامة لعملية الوساطة الأسرية، فإننا نقترح من خلال وجهة نظرنا المتواضعة جدا أن يتم وضع مقتضيات قانونية زجرية سواء في القانون الجنائي أو القانون المنظم لمهنة الوساطة الأسرية تلزم كلا من الوسيط والأطراف المتنازعة بوجوب كتمان السر المهني، وعدم إفشاءه للأغيار حتى تبقى جلسات الوساطة في سرية تامة وتسير على أحسن وجه.
وانسجاما مع ذلك، فقد عمل المشرع المغربي من خلال القانون رقم 05/08 المنظم للوساطة الاتفاقية على ضمان هذه الخاصية من خلال الفصل 66/327 من قانون المسطرة المدنية الذي ينص على أنه:

” يلتزم الوسيط بوجوب كتمان السر المهني بالنسبة إلى الأغيار وفق المقتضيات وتحت طائلة العقوبات المنصوص عليها في القانون الجنائي المتعلقة بكتمان السر المهني، ولا يجوز أن تثار ملاحظات الوسيط والتصاريح التي يتلقاها أمام القاضي المعروض عليه النزاع إلا باتفاق الأطراف ولا يجوز استعمالها في دعوى أخرى “.
وهذا فيه إشارة واضحة إلى أن كل العروض أو التنازلات التي يقدمها الأطراف في جلسات الوساطة لا يمكن أن تستعمل ضدهم في نفس النزاع عندما يعرض على المحكمة[10].

-2-: الاختيارية

تعتبر الوساطة بطبيعتها اختيارية بحيث أن الأطراف يلجئون إليها عن طواعية واختيار ما دامت تهدف للوصول إلى حل توافقي ورضائي لذلك فإنه من العبث ومن غير المعقول إجبار الأطراف على هذا المسار[11].

-3- : المرونة

من أهم مزايا الوساطة أنها تتم في جو تنتفي فيه التوترات والمشاحنات التي تلازم عادة المحاكمة وتعمل على اقتراح حل البديل الذي تجنب الأطراف هاجس احتمال خسارة الدعوى بسبب خطا في الدفاع[12].
ولذلك، فإن الوساطة الأسرية وبخلاف المحاكمة التقليدية التي تؤطرها عدة نصوص وقواعد شكلية وأخرى موضوعية وما يحققها من تعديلات وتغييرات تقلص من حرية القاضي تتميز بالمرونة التي تسمح بتحرك الوسيط بكل حرية بهدف الوصول إلى اتفاق ودي نهائي وإيجاد حل يرضي الأطراف جميعا.
-4- : السرعة

فمن بين خصائص الوساطة الأسرية أيضا السرعة على اعتبار أن عامل الوقت في حل أي نزاع قد يتطلب وقتا قياسيا وفي ظرف وجيز، هذا بخلاف ما عليه القضاء الرسمي بحكم طول إجراءاته ومساطره المعقدة البطيئة والذي قد يستغرق مدد طويلة في الفصل في القضايا، حيث يبقى أطرافه رهائن لإجراءات بطيئة وتأخيرات متناهية قد لا تكون دائما ضرورية ومبررة مما تتفاقم معه الأضرار التي تنجم عن تحصيل الحقوق في أماد قصيرة بسبب عدم حل النزاعات في أجل معقولة.
ومن هنا تأتي أهمية الميزة التي تمتاز بها الطرق البديلة وهي سرعة الحسم في النزاع والذي تتم فيه تسوية النزاع في أجال قصيرة وأحيانا في إطار جلسة واحدة[13].

-5- : الحياد

تعتبر صفة الحياد من أهم الصفات التي ينبغي على من يفصل في أي نزاع أن يتحل بها لذلك، فإنه صار من الملزم على الوسيط أثناء تسييره لمفاوضاته وجلساته أن يبتعد عن السلوك الذي من المحتمل أن يظهره بمظهره التحيز، فهو لا يمكنه إجبار طرف على حل معين، وهو غير مقيد بقاعدة معينة فسنده الوحيد في أداء مهمته هو إجراء الحوار وقوة الإقناع وحسن لاستماع والقدرة على طرح عدة حلول وتصورات لكل النزاع.

-6- : مشاركة الأطراف في النزاع

تكتسي هذه الخاصية أهمية كبيرة في تدبير النزاع الأسري، كما تعد أهم ميزة تنفرد بها الوساطة الأسرية لذا فمن خلالها يتمكن الطرفان في العلاقة الأسرية وبمساعدة وسيط الأسرة من استعادة التواصل والحوار بهدف التوصل إلى الحلول المرضية لهما معا والحيلولة دون انفصال أسرتهما.
وعليه فإن ما يميز الوساطة بالتحديد، هو أن أطراف النزاع هم من يختارون الحل بأنفسهم بدل الخضوع له، فحل مشاكلهم العائلية يكون بأيديهم وبمساعدة الوسيط طبعا بعد الحوارات والمفاوضات التي تجمعهم وتتيح لهم فرصة المكاشفة والمصارحة لبعضهم البعض، وتفريغ المؤاخذات المتبادلة، تم تهدئة النفوس، والتطرق إلى جوهر النزاع ومحاولة إيجاد تسوية ودية لهم بتدخل الوسيط[14].

فبمشاركة الأطراف في النزاع وإتاحة الفرصة لهم للكشف عن أسرارهم ومؤاخذتهم في أنفسهم وتعاونهم الجاد على إدارة النزاع والسيطرة عليه وحله جميعا يبقى الطريق مهددا للوسيط بغية الوصول إلى حل ودي توافقي يتقبله جميع الأطراف بشكل تلقائي.
وإلى جانب هذه الخصائص التي تمتاز بها الوساطة الأسرية هناك ميزة أخرى، وتتجلى في كون الوساطة الأسرية تتسم بقلة تكاليفها وبمحافظتها أكثر على العلاقات العائلية والاجتماعية بين الأطراف، وبإنهائها للنزاعات الأسرية بشكل ودي يحافظ على الترابط العائلي أو على الأقل يحد من آثار الصراعات داخل الأسرة وخاصة على الأطفال بإيجاد حلول دائمة مقبولة ومرضية للجميع تحافظ على أدوار الوالدين تجاه أبنائهما بعد انفصام العلاقة الزوجية.

وتأسيسا على ما سبق، يتضح بأن الوساطة بشكل عام والأسرية بشكل خاص، ولما تتميز به من خصوصيات تنفرد عن باقي الوسائل البديلة لفض النزاعات يبقى تفعيلها في المغرب رهين بالمحافظة على الخصوصية المغربية عند تطبيقها من جهة وملائمتها للتشريع القانوني في مجال الأسرة.

ثانيا : أنواع الوساطة الأسرية

تتنوع الوساطة الأسرية بالنظر لمختلف الأنظمة التي تعتمدها في حل النزاعات الأسرية إلى وساطة أسرية قضائية، وأخرى وساطة أسرية اتفاقية.

-1- : الوساطة الأسرية القضائية

وهي تلك الوساطة التي تمارس بإشراف من القضاء وتوجيه وتتطلب بالضرورة وجود نزاع معروض أمام هذا الأخير، وفي هذا الإطار نميز بين حالتين أو نوعين من الوساطة الأسرية القضائية، فهي إما أن تباشر من طرف قاض من القضاة المكلفين بقضايا الوساطة وهو القاضي الوسيط، وإما أن يقوم بها وسيط محترف تعينه المحكمة المعروض عليها النزاع من ضمن قائمة الوسطاء المعتمدين لديها، والذي يكون في غالب الأمر من دوي الخبرة في الميدان القانوني كقاض متقاعد أو محام أو خبير[15] ويمكن أن يكون الوسيط مؤسسة مختصة في الوساطة كمكتب للدراسات والاستشارات القانونية أو جمعية مهنية أو شركات متخصصة في الوساطة الأسرية، في هذا الإطار نجد بعض المحاكم الأجنبية كالأمريكية منها أو البريطانية يمارس لديها وسطاء معينون بصفة منتظمة كما نجد وسطاء يعملون بمراكز ومعاهد متخصصة في الوساطة قد تستعين بهم هذه المحاكم في القيام بالوساطة[16].

وعليه، فإن دور القاضي الوسيط لا يمكن أن يكون خصما وحكما في نفس الوقت، وإنما تبقى مهمته تقريب وجهات النظر بين الأطراف من جهة، وتدبير الخلاف بشكل ودي ومقبول من جهة أخرى، إذا أن الوسيط لا يملك أية سلطة في ذلك، لأن القضاء هو الموكول له بالبث في النزاع الأسري حالة فشل الوسيط في مهامه، مما يوضح وبشكل جلي أن تدخل القضاء في هذا الصدد يتم على مستويين مستوى يقوم فيه بدور وقائي تحفظي على سلامة الإجراءات القانونية، ومستوى ثان يمكن في الأمر باتخاذ إجراءات إدارية قضائية للوصول إلى حل النزاع بمساعدة وسيط الأسرة[17].

-2- : الوساطة الأسرية الاتفاقية

وهي التي يتفق عليها الطرفان دون أن يكون هناك أي نزاع معروض بينهما على المحكمة، ومن خلالها يسعيان بمحض إرادتهما، إلى الوصول إلى اتفاق لتسوية خلافاتهما العائلية بمساعدة وسيط الأسرة، الذي يشرف على عملية حل النزاع دون أن تكون له الصلاحية لصنع القرار، وتكون هذه القناعة باللجوء إلى الوساطة الأسرية وليدة الإرادة للأطراف المتنازعة، لذلك فهي تبقى اختيارية وطوعية ملزمة، ويتم اختيار الوسيط الأسري في الوساطة الاتفاقية، بناء على رضا الطرفين المشترك، واعتمادا على ما يتمتع به الوسيط من قيم ومؤهلات عملية وعلمية، تؤهله للقيام بفتح الحوار بين الطرفين، وتهيئ أجواء التواصل، وسب التفاهم التي تساعدهما على تغيير التصورات، واستعراض الأطروحات الممكنة، والبدائل للوصول إلى أنسب نقطة تفاهم، في المستوى الذي تلتقي فيه مصالحهما، والانتهاء إلى قرار يضع للنزاع بينهما ثم صياغته والمصادقة عليه[18].

المطلب الثاني : رصد بعض التجارب الدولية في ميدان الوساطة الأسرية

ساهمت الوساطة الأسرية كإحدى الطرق البديلة لحل النزاعات الأسرية وبشكل كبير ومباشر في تخفيف العبء عن المحاكم والإبقاء على تماسك العلاقات الاجتماعية بين الأسر والحفاظ على عرى الزوجية بين الأزواج وهذا ما جعلها تحظى بأهمية كبرى في العديد من الدول الأجنبية الغربية منها والعربية، وعليه سأعمد من خلال هذا المطلب على رصد بعض التجارب الدولية في ميدان الوساطة الأسرية من خلال فقرتين اعرض في الفقرة الأولى تجربة بعض الدول العربية في مجال الوساطة الأسرية، وفي الفقرة الثانية تجربة بعض الدول الغربية في مجال الوساطة الأسرية.

الفقرة الأولى : تجارب بعض الدول العربية في مجال الوساطة الأسرية

لقد شهدت الدول العربية في الآونة الأخيرة إقبالا كبيرا على الطرق البديلة لتسوية النزاعات أمام موجة التقدم التكنولوجي وتطور أساليب العيش وتغير متطلبات العصر وارتفاع مؤشر القضايا المعروضة على المحاكم.
بحيث تعد الوساطة بشكل عام من ابرز هذه الوسائل البديلة لتسوية النزاعات، وخاصة القضايا ذات الصلة بالأسرة والعلاقات العائلية.
ومن بين الدول العربية التي سارت على هذا النهج نذكر على سبيل المثال التجربة الكويتية والتجربة المصرية.

أولا : التجربة الكويتية في الوساطة الأسرية

كغيرها من الدول العربية اتجهت نحو اعتماد الطرق البديلة لحل النزاعات انسجاما مع التطورات العالمية في هذا المجال وكذلك مع التوجهات الإستراتيجية لكافة دول الخليج في تطوير مؤسسة القضاء.
لهذا الغرض قام المشرع الكويتي بإحداث مكتب الاستشارات الأسرية سنة 1966 تابع لوزارة العدل.

ويقدم هذا المكتب خدماته الاستشارية في حالات قبل وبعد الطلاق وتتجلى أهدافه في التقليل من نسب الطلاق وتحقيق التعامل الايجابي بين المطلقين والأبناء إلى جانب دراسة الطلاق التي ترد إدارة الوثيقات الشرعية قبل القيام بالإجراءات القانونية اللازمة لإتمام الطلاق ويبلغ الزوجة بموعد الطلاق ويعطي للزوجين مهلة تتراوح بين أسبوع وثلاثة أسابيع ليتمكنوا من خلالها من مراجعة نفسيهما قبل إيقاع الطلاق[19].
والجدير بالذكر، أن هذه المكاتب تعمل في سرية تامة وتعتبر كل باحثة اجتماعية مسئولة مسؤولية كاملة عن أي شيء يتسرب خارج المكتب كما لا يمكن لآي شخص فتح أي ملف من الملفات إلا بالأرقام السرية.

ثانيا: التجربة المصرية في الوساطة الأسرية

أنشأ قانون رقم 10 الصادر سنة 2004 محاكم الأسرة المصرية تتولى الفصل في النزاعات المتعلقة بالأحوال الشخصية[20] وقد تم التنصيص في هذا القانون على إنشاء مكتب أو أكثر لتسوية المنازعات الأسرية بدائرة اختصاص كل محكمة يكون تابعا لوزارة العدل التي تصدر قرار يتضمن تشكيل هذه المكاتب ومقر عملها وإجراءات تقديم طلبات التسوية إليها وتحديد جلستها والإجراءات المتبعة للقيام بمهامها[21].

ونظرا لأهمية هذه الوسيلة في حل النزاعات الأسرية ارتأى المشرع المصري إلزام الأطراف المتنازعة باللجوء إلى مكتب التسوية أولا ثم اللجوء بعد ذلك إلى عرض النزاع على المحكمة[22].

ويتم اللجوء إلى هذه المكاتب دون أداء الرسوم أي تكون مجانية ويجب أن تنقضي التسوية خلال خمسة عشر يوما من تاريخ تقديم الطلب ولا يجوز تجاوز هذه المدة إلا باتفاق الأطراف فإذا تم الصلح حرر رئيس مكتب التسوية المنازعات الأسرية محضرا بذلك لإثباته يوقعه أطراف النزاع إذا لم تنجح الجهود الرامية إلى تسوية النزاع بين الأطراف حرر محضرا بذلك وأرفق به تقارير الأخصائيين وتقرير رئيس المكتب ويرسل الجميع إلى كتابة ضبط محكمة الأسرة وذلك داخل اجل لا يتجاوز 7 أيام من تاريخ طلب أي واحد من أطراف النزاع قصد البت فيه[23].

والمميز في هذه المسطرة، أن المشرع المصري خلال المحاكمة ألزم الاستعانة الأخصائيين الاجتماعيين والنفسانيين، وذالك راجع لأهميتها في تسوية النزاعات الأسرية والدين عليهما أن يقدما للمحكمة تقريرا في مجال تخصصهما.
وجدير بالذكر، أن التشريع المصري قد اخذ بمبادئ الوساطة الأسرية من دون إصدار قانون خاص بالوساطة، وهو بذلك كرس مبادئها بطريقة غير مباشرة بخلاف بعض التشريعات التي قننت مبادئها بشكل مباشر كالتشريع الفرنسي.

الفقرة الثانية: تجارب بعض الدول الغربية في مجال الوساطة الأسرية

لقد شهدت الدول الغربية انتشارا واسعا وتطورا ملحوظا لطرق البديلة لحل النزاعات في شتى الميادين وخاصة الأسرية وقد انطلقت الوساطة الأسرية من الولايات المتحدة الأمريكية لتنتشر في باقي الدول الأخرى، وعلى هذا الأساس سأتطرق في هذه الفقرة إلى :
أولا : تجربة الدولة الفرنسية
ثانيا : تجربة الدولة الأمريكية

أولا : التجربة الفرنسية في الوساطة الأسرية

مر التوفيق بين الأطراف في القانون الفرنسي بثلاث مراحل رئيسة، فقد كان التوفيق قبل بدء الخصومة إجباريا، حيث يتعين على الأطراف اللجوء إلى محاكم الصلح وعرض النزاع عليها، ولما ظهرت مساوئ التوفيق الإجباري حاول المشرع الحد منها فجعله مقتصرا على بعض النزاعات وادخل بدلا منه نظام التوفيق الاختياري، ثم وصل التطور مداه عندما الغي الإجباري ما لم يوجد نص خاص بموجبه[24].

وللتعريف بالوساطة الأسرية وتطويرها بفرنسا اجتمع المهتمون بها وخلقوا جمعية تدعى “الارتقاء بالوساطة APME ” التي بدأت مهامها بصيانة قانون أخلاق هذه المهنة التي بقيت لوقت طويل في إطار نسيج جمعوي.

وفي بداية أكتوبر 1988 تم فتح مصلحة للوساطة الأسرية من طرف جمعية أصدقاء (جون بوسكو)، التي نظمت بتعاون مع جمعية الارتقاء بالوساطة الأسرية المؤتمر الأوربي الأول للوساطة بفرنسا في سنة 1990، والذي حضره أكثر من 500 مشارك من ثماني جنسيات مختلفة، وكان هذا المؤتمر مناسبة لتقديم الوساطة من طرف محترفين وخبراء من آفاق مختلفة.
وبعد ذلك، تم خلق اللجنة الوطنية للجمعيات والمصالح الوساطة الأسرية التي ستتحول إلى فيدرالية للجمعيات التي تدير خدمة الوساطة، وذلك بهدف الدفاع عن وجود الوساطة، واحترام قانون المهنة[25].

وفي هذه الفترة بالضبط حدث ارتفاع في معدلات الطلاق فجاءت الوساطة كحل مطلوب للتخفيف من المنازعات القضائية وتم الترحيب بها كعدالة مرنة و بديلة[26].
إلا أنه في غياب مقتضيات قانونة وتنظيمية خاصة بها عمدت العديد من الاجتهادات القضائية إلى البحث عن أساس قانوني للوساطة الأسرية اعتمادا على مقتضيات المادة 21 من ق.م.م الفرنسي، والتي تنص على انه يدخل في مهمة القاضي محاولة الإصلاح بين الأطراف، حيث تم التوسع في تفسير المادة السالفة الذكر فأصبح بإمكان القضاء الفرنسي اعتماد الوساطة الأسرية كآلية للصلح وتخفيف العبء عليه وهذا التوجه سارت عليه مجموعة من المحاكم التي عملت على اعتماد الوساطة الأسرية كوسيلة مسبقة قبل بدء الدعوى وجعلت الاستفادة منها مجانية[27].

ولم يبقى المشرع الفرنسي مكتوف الأيدي، إذ قام بإصداره للقانون المنظم للوساطة الأسرية بفرنسا المعدل في سنة 2003، بحيث نص في مادته الثانية بان الوساطة الأسرية هي مسار لإدارة نزاع عائلي لاسيما في حالة انفصام العلاقة الزوجية يقوم بها وسيط محايد أو وسيط عائلي بطريقة سرية من أجل مساعدة الأطراف على أن يجدوا حلا مناسبا لنزاعاتهم.

ثانيا : تجربة الدولة الأمريكية

إن أول من قام بأبحاث حول الوساطة الأسرية هو المحامي الأمريكي ج. كولسن « J.Colsin » إذ انطلق من تقنيات التحكيم وذلك من اجل التخفيف من أثار الطلاق الصادمة كما قام محام آخر من ولاية اطلانطا كولغر « Colgher » بفتح أول مركز للوساطة الأسرية في حين اعتبرت ولاية كاليفورنيا أول ولاية تتبنى قانون يلزم الآباء باللجوء إلى وسيط اسري في حالة النزاع على حضانة الأبناء وتنظيم حق الزيارة وقد تبعتها في ذلك العديد من الولايات[28].

وقد ظهرت في الولايات المتحدة الأمريكية في بداية القرن الماضي، وتم تكريسها في السبعينيات ثم عرفت انتشارا في رجوع العالم بعد أن فرضت وجودها بفضل ما تمتاز بها من فعالية وسرعة ويسر في المسطرة[29].

والوساطة في الولايات المتحدة الأمريكية نوعان وساطة قضائية ووساطة اتفاقية إلا أنه لا يتم اللجوء إليها إلا وفق الشروط التالي :
التكافؤ بين الأطراف ففي حالة التي تكون فيها مدة الزواج يعتمد على الأخر في حياته أو عند وجود تخوف احد الطرفين من الأخر أو عدم استقلاليته عنه لا يكون مجال الوساطة.
عدم وجود اعتداء على احد الطرفين أو على الطفل بالعنف أو وجود حالة اغتصاب.
تكون الوساطة غير ممكنة أو غير مجدية عندما يكون احد الطرفين متعاطيا للمخدرات أو الأدوية ويكون الطرف الأخر مساهما أو متحكما في هذه المسألة كتزويده بمادة التخدير.
السرية في الوساطة المطلوبة وعدم استعمال الحجج والوثائق الناتجة عنها أمام المحاكم إلا باتفاق الطرفين.
على الوسيط إخبار الأطراف بالطابع الاختياري والاستثماري للوساطة ليكونوا في وضعية مريحة.

أما بالنسبة للوسيط المعين من طرف المحكمة في قضايا حضانة الأبناء فإنه يجب أن تتوفر فيه[30] :
معرفته بعوائد المجتمع الذي ستحيل عليه الطفل.
معرفته بالتطور الصحي والنفسي والآثار التي قد تترتب على الفل نتيجة طلاق أبويه.

المبحث الثاني: أطراف الوساطة الأسرية مراحلها ورهانات إدماجها في النظام القانوني المغربي

المطلب الأول: أطراف الوساطة الأسرية ومراحله

إن الوساطة الأسرية باعتبارها وسيلة من الوسائل البديلة لحل الخلافات الأسرية، تعرف تدخل عدة فاعلين لإنجاحها، وهم القاضي والمحامي وأطراف النزاع والعدول ثم الوسيط الذين يساهمون جميعا في بلوغ الوساطة مراميها المنشودة، كما أن هذه الأخيرة تمر بعدة مراحل في حل الخلافات بين الأطراف.
ولتوضيح ذلك أكثر، سنقسم هذا المطلب إلى فقرتين:
الفقرة الأولى: أطراف الوساطة الأسرية ومراحلها
الفقرة الثانية: مراحل الوساطة الأسرية

الفقرة الأولى: الأطراف الفاعلية في الوساطة الأسرية

باعتبار الوساطة الأسرية آلية بديلة لتسوية النزاعات الأسرية، فإنها تحتاج في قيامها على الوجه الأكمل تدخل عدة فاعلين تختلف نوعية مساهماتهم في إنجاح هذه الآلية كل على حسب مهمته، ولمعرفة هؤلاء الأطراف ومدى أدوارهم في خدمة الوساطة الأسرية، سوف نركز على دور كل من القاضي والمحامي في الوساطة الأسرية في النقطة الأولى، ثم دور من العدول والأطراف والوسيط الأسري في نقطة ثانية.

أولا : دور القاضي والمحامي في الوساطة الأسرية

-1- : دور القاضي في الوساطة الأسرية

مما لا شك فيه أن دور القاضي في إنجاح الوساطة الأسرية، لا يتم إلا في إطار الوساطة القضائية وهذا ما جرت عليه العديد من الأنظمة القضائية التي تأخذ بها.

وفي هذا الصدد، فإن أول ما تحتاج إليه الوساطة القضائية هو قاضي مؤهل تأهيلا متمرسا كاف من الناحية القانونية والاجتماعية، وقادر على إقناع الطرفين المتنازعين بأهمية وجدوى هذه الوسيلة في فض النزاعات علاوة على ذلك، تحسسيهم بمزايا اللجوء إليها لحل خلافاتهم الأسرية، والقاضي إضافة إلى ذلك، هو من يقوم بعملية الوساطة آو يعين الوسيط الذي يقوم بها حالة عدم اتفاق الطرفين على اختياره حسب الأحوال، كما يحدد المدة التي تتم خلالها عملية الوساطة، مع إمكانية تجديدها بناءا على طلب مبرر من الوسيط، كما يمكن له وضع حد لها كلما ظهرت لديه مؤشرات توحي بعدم جدوى الوسيلة في تسوية الخلاف، وذلك إما بطلب من الأطراف أو احدهم، غير أن دور القاضي في الوساطة الأسرية يزيد أهمية في الأنظمة التي توكل مهمة القيام بها للقاضي نفسه، حيث يعادل دوره فيها أو يفوق دور الوسيط الأسري وكذلك دور المحامي[31] والعدول أيضا.

-2-: دور المحامي في الوساطة الأسرية

يعتبر المحامي جزءا لا يتجزأ من أسرة القضاء، وشريكا في تصريف العدالة، فهو من خلال باقي تجارب الأنظمة الأجنبية الرائدة في مجال الوساطة الأسرية، قد لعب دورا بارزا في إنجاح هذه العملية بمختلف مراحلها، لذلك فالمحامي ومنذ أول وهلة يمكن أن يقنع موكله باللجوء إلى الوساطة كطريق ودي لتذويب الخلافات، على اعتبار أنه أول من يفتح له النزاع قبل أن يصل إلى يد القضاء لفصل فيه، فمن هذا المطلق، فإن المحامي ومن خلال اطلاعه على جدوى هذه العملية وميكانيزماتها والضمانات التي توفرها له والتي من شأنها أن تجنبه الدخول في مساطر قضائية قد تطول مدتها وتثقل كاهله بتكاليفها مع ما لها من أثار في تعميق الخلافات العائلية.

وبالرجوع إلى التجارب الأجنبية في هذا الإطار، نجد هيئة الدفاع في بريطانيا ساهمت بشكل كبير في إشعاع الدور الذي يلعبه مركز الوسائل الفعالة لحل النزاعات (CEDR) قبل أن يتطور دورها في هذا المجال، ويفرض هذا القانون البريطاني على المحامي اللجوء إلى الوساطة قبل التوجه إلى المحكمة، ومناقشة الإمكانيات المتوفرة في الوساطة مع الزبناء تحت طائلة اعتباره مخلا بالواجب المهني[32].

أما فيما يخص نظامنا القضائي المغربي، فقد بدأت مساهمة المحامي في تشجيع الإقبال على الطرق البديلة لحل النزاعات، ومنها الوساطة وذلك من خلال التعديل الذي لحق القانون المنظم لمهنة المحاماة بمقتضى القانون رقم 08/28 الصادر في 20 أكتوبر 2008 والذي ينص في مادته 43 على أنه يحث المحامي موكله على فض النزاع عن طريق الصلح أو بواسطة الطرق البديلة الأخرى قبل اللجوء إلى القضاء.

فمن خلال المادة المذكورة أعلاه يستفاد منها على أن المشرع قد أحسن صنعا حينما أورد هذه المادة بقانون المحاماة، والتي تهدف إلى اشتراك هيئة الدفاع في العملية الصلح لما لها من دور جد فعال وهام في ذلك، علاوة على ذلك، فان المحامي هو من يلجأ إليه المتقاضين قبل المحكمة، إﻻ أن هذه التقنية البديلة ﻻزالت تطبيقها محتشما شيئا ما وذلك راجع إلى عدم وعي أطراف النزاع وكذا المحامون بأهميتها وجدواها فضلا عن ذلك، انه ﻻ توجد مقتضيات قانونية زجرية تفرض على هيئة الدفاع اللجوء إلى الوساطة قبل التوجه إلى دهاليز المحكمة مسايرة في ذلك للدول السابقة والرائدة في هذا المجال كبريطانيا التي اشرنا إليها سلفا.

هذا ويمكن للمحامي أن يمارس بنفسه دور الوسيط في الوساطة الأسرية عندما يتعلق الأمر بالأنظمة التي تأخذ بالوساطة الاتفاقية أو تلك التي تأخذ بالقضائية مع الإحالة إلى وسطاء معتمدين لدى المحاكم غير القضاة الممارسين بشرط اﻻ يكون المحامي الوسيط وكيلا لأحد الأطراف في نفس النزاع[33].

ثانيا : دور العدول والأطراف والوسيط الأسري في الوساطة الأسرية

-1-: دور العدول في الوساطة الأسرية

تعتبر مهنة العدول أو ما يطلق عليها بقانون خطة العادلة من اشرف المهن وأقدمها تاريخا في تصريف شؤون العدالة، إذا تعد من المهن المساعدة للقضاء نظرا للدور الطلائعي الذي كان ومازال بعض السادة العدول يقومون به في الحد من الأزمات الأسرية، وهذا راجع إلى الأعراف والتقاليد التي كان المجتمع المغربي متشبع بها.
إذ كان العدول بمثابة وسطاء اجتماعيين يحدون من كثرة النزاعات الأسرية باليات عرفية تلامس هم وكنه النزاعات القائمة بضمانات اجتماعية، بحيث أن أول ما كان يهرع إليه رب الأسرة إما إلى فقيه المسجد وخطيبه أو إلى العدول، والعدل آنذاك كان يقوم بدور الشرح والتوضيح في قضايا المستفسر فيها، والمثارة للنزاع بين الزوجين أو بين الأسرتين أو بين الورثة، وذلك بحكم أنهم يمثلون سلطة معنوية وتفسيرية للنصوص الفقهية والنوازل الشرعية باعتبار أن اللجوء إليهم يحمل مسؤولية أخلاقية وجزائية في الدار الآخرة لتوضيح حكم الشرع فيها.

وبهذا يكون العدل، ذلك الفقيه اللبيب بحكم تجربته الاجتماعية في تعدد المسائل والنظائر للقضايا المستفسر فيها تتكون لديه تراكمات لقضايا أسرية بعضها يفتي ويحل النزاع وبعضها يقترح حلول قانونية لها[34].

ومن هذا المنطلق، ومن خلال وجهتنا المتواضعة جدا، أن ينظم المشرع المغربي هذه الآلية التي تتماشى مع الأعراف والتقاليد السائدة، النابعة من عمق المجتمع المغربي والتخلص من التبعية في استيراد القوانين الأجنبية إن صح التعبير ، وذلك من خلال إيجاد نصوص ومقتضيات قانونية تبين طريقة عملها والمسطرة المتبعة، وذلك بإنشاء مراكز للسادة العدول داخل أقسام قضاء الأسرة تكون مخصصة لهذه الغاية، وذلك بإشراف وانخراط بعض السادة القضاة المتخصصين في مجال الأسرة بانتقائهم لبعض العدول الذين تتوفر فيهم الكفاءة العملية والصفات الفقهية والشروط الأخلاقية يكون دورهم مرشدين وموجهين وناصحين للأسرة المغربية في مجال قضايا الأسرة، آنذاك نكون قد أنشانا مؤسسة ذات طابع وسائطي غير إلزامي دورها فض النزاعات الأسرية وإصلاح ذات البين بسبل يسيرة وغير مكلفة ماديا.

-2-: دور الأطراف في الوساطة الأسرية

ﻻيختلف اثنان أو أكثر في أن تعاون أطراف النزاع في الوساطة الأسرية يشكل السبيل الوحيد ﻻنجاحها نظرا لكونهم أهم الفاعلين فيها، وخاصة أن نجاحها على أيديهم بحكم ارتباطهم الوثيق بطبيعة سلوكاتهم ومواقفهم في معالجتها.

فإقبال الأطراف على الانخراط عن رضا في خطوة الوساطة والتزامهم بالحضور لجلساتها والبوح بخلافاتها الأسرية بكل صدق ووضوح كلها شروط مبدئية وأساسية للمساعدة في إنجاح العملية، كما أن طبيعة سلوكاتهم ومواقفهم هي المحدد الأساسي لمسار عملية التوفيق والوساطة، ذلك أنه كلما اتجهت هذه السلوكات نحو التنافسية والعناد كلما قلت حظوظ أيجاد الحل، ﻻن البحث يكون في هذه الفريضة عن نتيجة الفوز ﻻحد الأطراف على حساب الطرف الأخر، أما إذا اتجه سلوك الأطراف نحو التعاون للعمل على وصول إلى اتفاق يحفظ علاقاتهم، ويضمن أكبر عدد من المكاسب المشتركة فإن درجة نجاح الوساطة الأسرية تكون مرتفعة.[35]

غير انه، إذا كانت مشاركة أطراف النزاع في الوساطة الأسرية لحل خلافاتهم اكبر مساهمة لهم في إنجاح الوساطة وتحقيق أهدافها، فإنها على الرغم من ذلك تبقى غير كافية طبعا في الوصول إلى حل لخلافاتهم الأسرية عن طريق هذه الوسيلة في غياب دور العدول الذين كان لهم الدور السباق في حل مثل هذه الخلافات.

-3- دور الوسيط الأسري في الوساطة الأسرية

يتمثل الدور الرئيسي للوسيط في السعي بكل الوسائل والطرق الممكنة والمشروعة إلى تقريب وجهات نظر الطرفين المتنازعين بالشكل الذي يوصلهم إلى حل خلافاتهم حبيا دون الحاجة إلى أية مرجعية تستمد قوتها الإلزامية من قرار المحكمة أو حكم المحكمة[36].
إن دور الوسيط الأسري في عملية الوساطة الأسرية عموما، له دور أساس وطلائعي يعمل من خلال على معرفة النزاع وكيفية تسوية ومدى تسيير المفاوضات بين الأطراف المتنازعة ومساعدتهم على الوصول إلى حل ودي، بعد خلق جو من الاحترام المتبادل لمنحهم الثقة اللازمة لإجراء حوار مستمر وتحفيزهم على استعمال طاقتهم للتوصل إلى حل يرضي الجميع.

وانطلاقا من كل ما سبق، نستنتج بذلك انه قد أوجدنا أطرافا فاعلة من شأنهم أن يساهموا بشكل كبير في التخفيف من العبء على القاضي والمتقاضين على حد سواء ووفرنا الجهد والوقت للأسرة القضائية في التفرغ والبحث في قضايا أخرى لها أهمية اكبر وكذا التجمهر أمام أبواب المحاكم المغربية وكشف الحجب عن الجهل وبعض الشائعات التي نتجت عن مدونة الأسرة في غياب التواصل بين النص القانوني والتقاضي بل بين الأسرة كلها.

الفقرة الثانية : مراحل الوساطة الأسرية

أن عملية الوساطة الأسرية تمر بمراحل مختلفة، يجب على الوسيط الأسري أن يراعيها أثناء تأديته لمهامه دون القفز على أية مرحلة أو تجاوزها، كما أن عددها يقل أو يزيد بحسب طبيعة أو نوعية النزاع.

وعليه سأعرج إلى تقسيم هذا المطلب إلى أربع مراحل :
المرحلة الأولى: مرحلة الترحيب بإطراف النزاع والإعداد للوساطة.
المرحلة الثانية: مرحلة طرح الموضوع للنقاش وجمع المعلومات.
المرحلة الثالثة: مرحلة التفاوض وطرح الحلول الممكنة.
المرحلة الرابعة: مرحلة الاتفاق وتسوية النزاع.

-1- مرحلة الترحيب بإطراف النزاع والإعداد للوساطة

تعد هذه المرحلة هي أول وأهم مرحلة في الوساطة الأسرية وفيها يستهل الوسيط بتقديم فكرة عن مهمته وتحديد الأهداف كما يجب على الأطراف التزام الجدية والموضوعية والصراحة في بسط وجهات نظرهما[37]، مما يؤكد على مبدأ سرية الإجراءات وغيرها من الضمانات التي تمنح الثقة للأطراف مع حرصه على بيان القواعد المطلوب احترامها خلال مسار الوساطة والتي تتمثل أساس في المشاركة الفعلية للأطراف والتي تنبني على رغبته في الوصول إلى حل النزاع القائم بينهما وهذا لن يتحقق إلا بالمشاركة الفعلية للأطراف فلا يمكن للوسيط القيام بكل شيء بل إن مهمته تقتصر في إدارة الحوار من شأنه أن يوصل إلى حل وبعد قيام الوسيط بشرح مسار الوساطة والقواعد التي تحدد سير جلساتها يقدم في نهاية هذه المرحلة للأطراف وثيقة الاتفاق ليتم توقيعها ويلتزم بمقتضاها الأطراف الشروع في عملية الوساطة[38].

ويمكن له في هذا الصدد طرح الأسئلة ثم بعد ذلك أخد موافقة الأطراف على الشروع في الوساطة إذ لابد من رضا الطرفين معا على الانخراط حتى تتأتى خطوة الوفاق على أحسن وجه.

-2- مرحلة طرح الموضوع للنقاش وجمع المعلومات

وهي المرحلة الثانية من مراحل الوساطة الأسرية بحيث يعرض الوسيط الموضوع المطروح للنقاش فيحاول صياغة عبارات كل من الطرفين من تمكين كل واحد منهما من الدفاع عن فكرته في إطار معقول وواضح مستعينا بلغة النطق والعقل في تسيير الاجتماع كما يحاول تجزئة فكرة وتقريبها للطرفين علاوة على ذلك يقوم بالاستعلام حول وضعية الأطراف وكذا الأطفال[39] فهو بالتالي يؤسس لقناعة مبدئية وموقف وطلب كل جهة ومن تم الانتقال إلى مرحلة التفاوض.

-3- مرحلة التفاوض وطرح الحلول الممكنة

تتميز هذه المرحلة بكونها محطة للنقاش والحوار وتوضيح المشاكل والحاجيات بشكل مفصل[40] حيث يقوم الوسيط بدور مهم في إنجاح الوساطة من خلال مساعدة الأطراف على البحث على أفضل الحلول الممكنة للنزاع بينهما[41] كما يتعين عليه مساعدة الطرفين على المستقبل والتذكير بالروابط الأسرية ومصير الأطفال في حالة حصول الطلاق بين الزوجين[42].
وتمكن هذه المرحلة الأطراف من فتح فضاء جديد للتفاهم والتقارب على أن يكون الحل واقعيا وجديا وقريبا للتنفيذ في أسرع وقت ممكن.
وفي هذا الصدد تتعدد الحلول أمام الطرفين فيكون عليهما بمساعدة الوسيط التخلي عن الحلول الجزئية واللجوء إلى الحلول التي من شأنها أن تكون قابلة للتطبيق في وقت قصير وفي الأخير نكون أمام مرحلة الاتفاق وتسوية النزاع.

-4- مرحلة الاتفاق وتسوية النزاع

وهي المرحلة النهائية للوساطة الأسرية حيث يتم تتويج مجهودات الوسيط بالاتفاق النهائي حول الحلول المقترحة للنزاع مما يحتم على الوسيط وضع جدول زمني للتنفيذ كما لو تعلق الأمر بوقت زيارة الأبناء أو أداء مبالغ مالية في ذمة الزوج الآخر كما يحرر في هذا الإطار محضر يوقع عليه طرفي النزاع في الجلسة الختامية.
أما في حالة فشل الوسيط في إقناع الطرفين بالتوصل إلى حل، فإنه يعلن لهما ذلك في الجلسة الختامية المشتركة ويحيل ملف القضية على المحكمة المختصة للبت فيه طبقا لمسطرة التقاضي العادية[43].

المطلب الثاني: رهانات إدماج الوساطة الأسرية في النظام القضائي القانوني المغربي واليات تطوير أداءها

بعد أن رصدنا الأطراف الفاعلة في الوساطة الأسرية ومراحلها في المطلب الأول، سنخصص المطلب الثاني من هذا المبحث للحديث عن رهانات إدماج الوساطة الأسرية في النظام القانوني المغربي وآفاق تطويرها، ذلك أن هذه الآلية أبانت عن تحقيقها لنتائج ايجابية في بعض الأنظمة القانونية، وعليه سوف نقسم هذا المطلب إلى فقرتين نخصص (الفقرة الأولى) للحديث عن مختلف المجهودات لترسيخ أهداف الوساطة، واليات تطوير أداء الوساطة الأسرية على المستوى العملي (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى : مختلف المجهودات لترسيخ أهداف الوساطة

إن الوساطة كوسيلة بديلة لتسوية المنازعات الأسرية بالمغرب لا يقتصر نجاحها على الجوانب التشريعية التي تعني بوضع الأرضية القانونية، بل لابد أن تواكبه مجهودات عملية تنظم الوساطة في مدونة الأسرة، وتضافر جهود وزارة العدل والحريات (النقطة الأولى)، آو من خلال تكوين وسطاء اجتماعيين في قضايا الأسرة ( النقطة الثانية).

أولا: مجهودات وزارة العدل والحريات

لا يخفى على احد في ما بدله وزارة العدل والحريات من مجهودات من أجل التهييئ لخلق نظام وساطة أسرية وفي هذا الصدد ومن اجل الانفتاح على التجارب الدولة وتبادل الخبرات معها تم تبني برنامج دولي في موضوع الوسائل البديلة وعلى رأسها الوساطة ويتعلق الأمر بتجربة التعاون مع المؤسسة الأمريكية (ISDLS) التي قامت رفقة ممثلين في وزارة العدل بدراسة ميدانية للمحاكم المغربية بهدف الوقوف على الأرضية العامة ومدى استجابة الواقع العملي المغربي لتطبيق آليات الوساطة ثم بعد ذلك قام وفد مغربي بزيارة المحاكم التابعة لولاية كاليفورنيا وعدد من المكاتب المختصة في الوساطة الأسرية تم من خلالها الوقوف عن قرب على الإجراءات المسطرة التي يتبعها الوسيط الأسري الذي غالبا ما يكون محاميا أو قاضيا متقاعدا أو رجل قانون له الإلمام بطرق وتقنيات الوساطة كما تم الانفتاح على التجربة الدنماركية في مجال مختلف القضايا المتعلقة بالأسرة وخصوصا لكيفية ممارسة قواعد هذه الآلية والتقنيات التي يجب على الوسيط إتقانها بهدف القدرة على تقريب وجهات نظر الأطراف وتذويب الخلافات القائمة بينهم.

وقد سبق للمغرب وتتويجا لمجهوداته في هذا المجال أن ابرم أيضا بروتوكولا بتاريخ 20/02/2004 بتعاون مع الحكومة البريطانية التزمت بمقتضاه منظمة تسمى البحث عن أرضية مشتركة [44]( SEARCH FOR COMMON CROUND ) بتقديم الدعم المادي والتقني للحكومة المغربية من اجل إدخال الوسائل البديلة لحل النزاعات إلى تنظيمها القانوني والقضائي وتكوين الوسطاء والمؤطرين المحليين والأجانب والمشاركة في اتخاذ جميع القرارات المتعلقة بتنفيذ مراحل المشروع وبالمقابل التزمت وزارة العدل والحريات بتقديم الدعم المعنوي واللوجيستكي من خلال توفير فضاء الاجتماعات الخاص بعمل المنظمة وتوفير العناصر البشرية المطلوبة لإطلاق حملات تحسيسية وعلاقات عامة لتأييد المشروع إضافة إلى التزامها بإحداث جهاز أو مؤسسة مختصة بالوسائل البديلة لحل المنازعات وتسهيل مهمتها.

ويتضح مما تقدم مدى الاهتمام الذي توليه وزارة العدل والحريات للوساطة الأسرة من خلال المشاريع تعاون تهدف إلى بلورة نظام الوساطة داخل أقسام قضاء الأسرة والاستفادة من المزايا التي توفرها هذه الوسيلة لحل النزاعات إلا أن الخطوة الأساسية والمتمثلة في تفعيل هذه الوسيلة على ارض الواقع لم تنفد بعد مما يدفعنا إلى التساؤل عن المعيقات التي تواجهها.

ثانيا: تكوين وسطاء اجتماعيين في قضايا الأسرة

لا شك أن العنصر الجوهري الأساسي في تفعيل آلية الوساطة هو تكوين الوسيط الذي يتولى إدارة هذه الآلية وذلك من خلال خلق ورشات تكوينية لتلقين هؤلاء الوسطاء المبادئ العامة لهذا النظام وحدود وصلاحية تدخل الوسيط والتقنيات والآليات اللازمة تلقينها له قصد النجاح في تنفيذ النزاع وتقريب وجهات النظر بين الأطراف المتنازعة بطريقة تتماشى مع خصوصية المجتمع المغربي مع الأنظمة الدولة للوساطة الأسرية والوسيط في النزاعات الأسرية حتى تكون له القدرة على فهم حقيقة النزاع الأسري ويضبط قواعد إدارة جلسات الصلح لا بد أن يكون رجل قانون ذو تكوين سوسيولوجية وذلك على غرار ما هو معمول به في التجارب الدولية خاصة الأمريكية والكندية واللتين اثبتا فعاليتهما في حل كثير من النزاعات الأسرية بسبب توليها من طرف رجال قانون إما محامون أو قضاة متقاعدون راكموا تجربة كبيرة في مسارهم المهني.

الفقرة الثانية : آليات تطوير أداء الوساطة الأسرية على المستوى العملي

إن تطوير الوساطة الأسرية يقتضي تدخل المشرع من خلال النص بشكل واضح في مدونة الأسرة لإضفاء طابع الشرعية وإزالة أي لبس أو غموض وإدراجها في المنظومة القضائية بشكل تدريجي (نقطة أولى) غير أن ذلك لا يمكن أن يتأتى إلا بضرورة تحديد مدى إمكانية تطبيقها ببلادنا قيل تدخل المشرع (نقطة ثانية).

أولا : التدريجي في اعتماد الوساطة الأسرية

أن تحديد طبيعة الوساطة الأسرية المرغوب فيها يعد من أهم الصعوبات التي تعرض تطبيق الوساطة الأسرية بالمغرب مما يعني أن المشرع قد تبنى في هذا الإطار الوساطة الأسرية القضائية التي تتم داخل أسوار المحكمة أولا في مرحلة “(أولى)” وبعد التغلب على مجموعة من الصعوبات الواقعية القانونية بالإمكان الحديث عن وساطة أسرية كمؤسسة مستقلة خارج دهاليز المحكمة “(ثانيا) “.

-1-: اعتماد الوساطة الأسرية القضائية كمرحلة أولى

الوساطة الأسرية كمؤسسة خارج الحكم تفرض أداء أطراف النزاع أتعاب الوسيط وذلك على أساس اتفاق بينهم وهو الاتفاق الذي يتم بين الوسيط والأطراف قبل الشروع في عملية الوساطة إذ تؤدى للوسيط سواء انتهت إلى نجاح أو الفشل وأداؤها يتم عموما على أساس مقابل معين لكل ساعة يتم استغراقها في الوساطة كما هو الحال بالنسبة لبعض النماذج الغربية[45] هذا الأمر الذي لن يتأتى تطبيقه على ارض واقعنا خاصة وان اغلب شرائح المنازعات الأسرية من الفئات التي يصعب عليها أداء حتى المصاريف القضائية الرمزية عن تسجيل الدعوى.

وعلى هذا الأساس، فالتمهيد للوساطة الأسرية يقتضي في مرحلة أولى اعتماد وساطة قضائية تحت إشراف قضائي يباشر إجراءاتها قاض من قضاة المحكمة وذلك في إطار الاستفادة من الورش الذي فتحته وزارة العدل والحريات خلال الفترة الممتدة من 2004/2005 إلى ألان بشان تكوين وتأهيل القضاة والمسؤولين القضائيين والأطر القضائية بالإدارة المركزية لوزارة العدل والحريات من خلال الأوراش والزيارات الميدانية داخل المغرب وخارجه للوقوف على تقنيات الوساطة وكل الجوانب القانونية والواقعية المتعلقة بها حرصا على عقلنة وترشيد طرق تدبير الشأن القضائي وتحديث الإدارة القضائية للرفع من كفاءة أدائها وذلك في مواكبة القضاء للطرق البديلة لحل النزاعات هذه الأخيرة التي لا يمكن تصورها بمعزل عنه استجابة الأساسية لإصلاح القضاء[46].

وعموما، فالعمل بالوساطة القضائية كمرحلة أولى من شأنه وضع أرضية صلبة لنجاح الوساطة الأسرية كما يقتضي بدل كل المجهودات من اجل ترسيخ أهداف هذه الوسيلة في ثقافة ومرجعية للتقاضي بصفة عامة في أفق التغلب على الصعوبات التي يمكن أن تقف عائقا أمام تفعيل هذه الآلية على ارض الواقع ذلك أن العمل بالوساطة القضائية كمرحلة تجريبية كفيل بالتمهيد لها ومن تم تحديد المقتضيات التشريعية الكفيلة بتنظيمها كمؤسسة فعالة قادرة على التخفيف من عبء القضاء الأسري.

-2-: إحداث مؤسسة الوساطة كمرحلة ثانية

يجب خلق مكاتب تتولى الفصل في النزاعات التي تقبل الصلح هذا الأمر من شأنه أن يخفف كاهل قضاء الأسرة الذي يعاني من كثرة القضايا والبطء في تصريف أحكام هذه المكاتب التي ستكون تابعة لأقسام قضاء الأسرة ويشرف على إدارتها اطر ذوي كفاءة في ميدان الوساطة هذه الأطر التي من اللازم أن تتوفر على دبلوم في الوسائل البديلة لحل المنازعات أو دبلوم الوسيط العائلي، وكفاءة في العمل الاجتماعي وخبرة في حقل العمل التربوي أو النفسي إضافة إلى امتلاك مهارة التسيير وإدارة النزاع بشكل جيد يمكنه من تحقيق الهدف من الوساطة، بمعنى التوصل لحل المشكل القائم معتمدا في ذلك على إشراك الطرفين في اقتراح الحلول ومساعدتهم في التوصل إلى حل يرضي طموحاتهم وتطلعاتهم في اللجوء إلى مؤسسة الوساطة[47]، إذ ليس من الممكن اختيار أي شخص ليكون وسيطا إنما لابد أن تحظى كفاءته ومؤهلاته برضي الأطراف، بعد أن تكون الجهات المعنية بتكوين الوسطاء قد استكملت التكوين من خلال مسايرة بعض التجارب التي حققت نتائج في ميدان الوساطة الأسرية حيث عملت على إحداث شعب خاصة بالوساطة العائلية بهدف تكوين عملي ينصب حول آليات طرق التفاوض وآليات تقريب وجهات النظر عن طريق دورات تكوينية يشرف عليها خبراء في مجال الوساطة يجمعون بين ملكة التكوين النظري وخبرة الممارسة الميدانية.

وعلى هذا الأساس، فالمشرع ملزم بالانفتاح على النماذج الأجنبية التي حققت نتائج متميزة في مجال الوساطة الأسرية والاقتضاء بها في سبيل أحداث مؤسسة متطورة قادرة على تولي هذا الرهان الذي هو الكفيل بتخفيف العبء عن القضاء الأسري حيث تسند لهذه المكاتب مهمة تسوية النزاعات التي تقبل الصلح ويكون غايتها بداية تسوية للنزاع وفي حالة فشل الوصول إلى حل ودي يمكن التوصل إلى تسوية النزاعات التي يمكن أن تنصب حول أثار إنهاء العلاقة الزوجية من نفقة وحضانة واقتسام الأموال المشتركة ذلك أن النماذج التي استفادت من مزايا الوساطة اعتمدت على المبادرة الإرادية من أفراد الآسرة التي تختار أو تقبل اللجوء إلى الوساطة من اجل الحفاظ على الأدوار الأبوية بعد الفراق ذلك أن فشل مكاتب الوساطة في الوصول إلى حل لاستمرار الحياة الزوجية لا يعني آن مساعي الوساطة قد فشلت إذ يكفي أن ينجح الوسيط في تقريب وجهات النظر من خلال السير بالأطراف نحو اتفاق حول أثار إنهاء العلاقة الزوجية.

ثانيا: مدى إمكانية تطبيق الوساطة الأسرية بالمغرب قبل تدخل المشرع

سبق وان اشرنا إلى أن الوساطة في حد ذاتها وبمفهومها العام وغايتها المحددة في محاولة التوفيق بين الأطراف للوصول إلى حل ودي تصالحي لنزاعاتهم ليست غريبة عن مجتمعنا وثقافتنا الإسلامية ذلك أن الصلح والوساطة والتحكيم ظهر قبل قضاء الدولة وقبل الدولة نفسها وان ما يعرف اليوم بالوسائل البديلة ليس سوى رجوعنا إلى الماضي[48].
وعليه فمهما اختلفت المسميات بين هذه الطرق، فان الغاية تبقى واحدة ألا وهي الإصلاح والتوفيق.

وإذا كانت مدونة الأسرة لم تشر في نصوصها إلى مصطلح الوساطة فإنها نصت في مادتها 82 على انه للمحكمة أن تقوم بكل الإجراءات بما فيها انتداب حكمين أو مجلس العائلة آو من تراه مؤهلا لإصلاح ذات البين فتكون بنصها هذا قد فتحت الباب على مصراعيه لقاضي الصلح لاتخاذ كل ما يراه مناسبا وضروريا لإصلاح ذات البين بين الزوجين والاستعانة بكل من يراه مؤهلا للقيام بهذه العملية، وهي بذلك تعطي مؤشرات لتفعيل حركة الوساطة في مجال قضاء الأسرة خصوصا بإشارتها المقتضبة في ديباجتها إلى مصطلح الوساطة من خلال عبارة تعزيز آليات التوفيق والوساطة بتدخل الأسرة والقاضي، ورغم أن العبارة جاءت مركزة فإنها تعطي المؤشرات الأساسية للوساطة الأسرية وان كانت لا تستعمل هذه المصطلح في النصوص.
وبهذه المؤشرات تكون مدونة الأسرة قد فتحت المجال لقضاة الأسرة ليساهموا لأنفسهم في تأسيس وتنظيم وساطة أسرية[49].
و هكذا فإن ضرورة تعميم المساعدات الاجتماعية على أقسام قضاء الأسرة، تم تكوين مجموعة من القضاة في بعض المقاربات الاجتماعية، كمقاربة النوع الاجتماعي، ومقاربة حقوق الطفل وعلم النفس الاجتماعي الأسري، كما تم إعطاء انطلاقة التكوين في المحور الخاص بالتواصل ودينامية الجماعة، مع إرساء دعائم مؤسسة القاضي الوسيط، داخل أقسام القضاء الأسري[50].

خاتمة

ومما لا شك فيه أن الارتقاء بإجراء الصلح إلى نظام الوساطة في مدونة الأسرة سيلقى قبولا وترحيبا نظرا لطبيعة العلاقة الأسرية بصفة عامة والأسرة المغربية بصفة خاصة وما تتميز به من خصوصية. وهكذا نصل إلى نتيجة مفادها أن كلما كان حل الخلافات الزوجية بعيدا عن دهاليز المحاكم ومحصورة بين الزوجين وطرف ثالث يعمل كل ما في وسعه لإصلاح ذات البين وإسداء النصح للمتخاصمين، كلما أمكن علاجها ووضع حل لها بسهولة التعامل معها بحكمة وبروح التصالح والتناصح.
ولذلك، ينبغي على المشرع المغربي وكل الفاعلين إيلاء هذه الوسيلة الوساطة اهتماما بالغا ومتزايدا على صعيد نظامنا القانوني والقضائي نظرا لما توفره من رضا تام بالحلول التي تساهم في التوصل لها باعتبارها عدالة تفاوضية[51].

لائحة المراجع

ابن منظور، لسان العرب المجلد الخامس عشر، دار الطباعة والنشر ببيروت، طبعة 2004، ص 208.
عبد المجيد غميجة، الوساطة الأسرية ورشة حول بلورة نظام الوساطة بأقسام قضاء الأسرة، المنظمة بالرباط يوم 25 أكتوبر 2007.
سعيد المعتصم، مرحلة الصلح في المساطر القضائية، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون المدني، جامعة محمد الخامس اكدال كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الرباط السنة الجامعية 2004/2005 .
علي حسني وعبد الحميد كميرو، الوساطة في حل النزاعات دراسة في ضوء القانون رقم 05/08 بحث نهاية تدريب الملحقين القضائيين الفوج 34 سنة 2007/2009 .
انظر بنسالم اوديجا : الوساطة كوسيلة من الوسائل البلدية لفض المنازعات، مطيعة دار القلم الطبعة الأولى .
حنان البركمي، الوساطة الأسرية بين الأسس النظرية والجانب التطبيقي، رسالة لنيل دبلوم الماستر المتخصص المهن القضائية والقانونية كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي الرباط السنة الجامعية 2010/2011.
عادل حاميدي، التطليق للشقاق وإشكالاته العملية مطبعة دار السلام الرباط الطبعة الاولى 2007/200.
محمد الفلاقي، الصلح والطرق البديلة لتسوية النزاعات الأسرية، رسالة دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص وحدة التكوين والبحث في تشريعات والهجرة كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية جامعة محمد الأول وجد السنة الجامعية 2007/2008.
محمد سلام : دور الطرق البديلة لحل النزاعات في اصلاح القضاء وتأهيله لمواجهة تحديات العولمة، مقال منشور بمجلة الملحق القضائي العدد 37 .
الحسن بويقين، مدى إمكانية تطبيق الوساطة بالمغرب، مجلة المرافعة عدد 14/15 دجنبر 2004.
إدريس جلام، الوسائل البديلة لحل النزاعات وعلاقتها القضاء، مجلة المحاكم عدد 12 فبراير 2008.
مجيدة بجو، دور الوسائل البديلة في تسوية النزاعات الأسرية، المعهد العالي للقضاء رسالة نهاية تدريب الملحقين القضائيين الفوج 36 لسنة 2009/2011 .
فوزية زيهور، الطرق البديلة لحل النزاعات الأسرية من الصلح إلى الوساطة، بحث نهاية تدريب الملحقين القضائيين المعهد العالي للقضاء الفوج 35 سنة 2008/2010.
زهور الحر، الصلح والوساطة الأسرية في القانون المغربي والقانون المقارن، الصلح والتحكيم والوسائل البديلة لحل النزاعات من خلال اجتهادات المجلس الأعلى،
احمد الفقيه، قراءة في مشروع قانون الوساطة بالمغرب، الصلح والتحكيم والرسائل البديلة لحل النزاعات من خلال اجتهادات المجلس الأعلى.
موقع وكالة الأنباء الكويتية ” كونا “.
صابر عبد الرحيم : م س، ص 5.
محاضرة القاضية الأمريكية لانج توماس بالمعهد العالي للقضاء ماي 2008 تحت عنوان الوساطة بالولايات المتحدة.
بنسالم اوديجا، الصلح والتحيك والوسائل البديلة لحل النزاعات من خلال اجتهادات المجلس الاعلى الندوة الجهوية الحادية عشر قصر المؤتمرات بالعيون يومي 1 و 2 نونبر 2007 مطبعة الامنية الرباط.
الحسن بويقيق، مدى إمكانية تطبيق نظام الوساطة بالمغرب، مرجع سابق
كتيب دليل الوساطة يراجع الموقع : www.tanmia.ma
جريدة الصباح، نظام للوساطة في قضايا الأسرة عبر بوابة العدول، الاثنين 14/05/2012 العدد 3759 بقلم الدكتور “حسن الزباخ”
فوزية زيهور، مرجع سابق، ص 112.
كارل اسيكيو ، عندما يحتدم الصراع دليل لاستخدام الوساطة في النزاع،
عثمان اخديم، الوسائل البديلة لحل النزاعات الأسرية نموذجا،
نهلة ياسين حمدان، الوساطة في الخلافات العربية المعاصرة، دار الكتاب العملية الطبعة الأولى 2005 بيروت.
محبوب التجاني، أهمية الصلح في مدونة الأسرة، بحث نهاية تمرين الملحقين القضائيين العهد العالي القضاء الفوج 35 فترة التدريب 2008/2010.
منظمة دولية غير حكومية تعمل في مجال تدبير حل النزاعات.
كلمة الدكتور إدريس الضحاك، في الندوة الجهوية الحادية عشر المنعقدة بالعيون يومي 1 و 2 نونبر 2007، الصلح والتحكيم والوسائل البديلة لحل النزاعات من خلال اجتهادات المجلس الأعلى.
الموقع : ima-arlhtmllmodel-ar.asp ?/www.pooluma.org

Guy hiernaux : divorce et séparation de corps, édition laracier Bruxelles 2001.
Jean cruypalants et Michel gonda et marc wagemous : droits et pratique de la médiation édition Bruxelles 2008 .
Florance van de Putte : la médiation familiale, édition Labor Bruxelles 2006.

الهوامش
[1] ابن منظور، لسان العرب المجلد الخامس عشر، دار الطباعة والنشر ببيروت، طبعة 2004، ص 208.
[2] عبد المجيد غميجة، الوساطة الأسرية ورشة حول بلورة نظام الوساطة بأقسام قضاء الأسرة، المنظمة بالرباط يوم 25 أكتوبر 2007.
[3] – سعيد المعتصم : مرحلة الصلح في المساطر القضائية رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون المدني جامعة محمد الخامس اكدال كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الرباط السنة الجامعية 2004/2005 ص 32.
[4] – انظر علي حسني وعبد الحميد كميرو الوساطة في حل النزاعات دراسة في ضوء القانون رقم 05/08 بحث نهاية تدريب الملحقين القضائيين الفوج 34 سنة 2007/2009 ص 9.
[5] – انظر بنسالم اوديجا : الوساطة كوسيلة من الوسائل البلدية لفض المنازعات، مطيعة دار القلم الطبعة الاولى ص 83.
[6] – حنان البركمي : الوساطة الأسرية بين الأسس النظرية والجانب التطبيقي، رسالة لنيل دبلوم الماستر المتخصص المهن القضائية والقانونية كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي الرباط السنة الجامعية 2010/2011 ص 11.
[7] – عادل حاميدي، التطليق للشقاق وإشكالاته العملية مطبعة دار السلام الرباط الطبعة الاولى 2007/2008 ص 49.
[8] – راجع بنسالم اوديجا : الوساطة كوسيلة من الوسائل البلدية لفض المنازعات، مرجع سابق ص 75.
[9] – محمد الفلاقي : الصلح والطرق البديلة لتسوية النزاعات الأسرية، رسالة دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص وحدة التكوين والبحث في تشريعات والهجرة كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية جامعة محمد الأول وجد السنة الجامعية 2007/2008 ص 90.
[10] – محمد سلام : دور الطرق البديلة لحل النزاعات في اصلاح القضاء وتأهيله لمواجهة تحديات العولمة، مقال منشور بمجلة الملحق القضائي العدد 37 ص 34.
[11] – الحسن بويقين : مدى امكانية تطبيق الوساطة بالمغرب، مجلة المرافعة عدد 14/15 دجنبر 2004 ص 16.
[12] – ادريس جلام : الوسائل البديلة لحل النزاعات وعلاقتها القضاء، مجلة المحاكم عدد 12 فبراير 2008 ص 97.
[13] – مجيدة بجو : دور الوسائل البديلة في تسوية النزاعات الاسرية، المعهد العالي للقضاء رسالة نهاية تدريب الملحقين القضائيين الفوج 36 لسنة 2009/2011 ص 60.
[14] – فوزية زيهور : الطرق البديلة لحل النزاعات الاسرية من الصلح إلى الوساطة، بحث نهاية تدريب الملحقين القضائيين المعهد العالي للقضاء الفوج 35 سنة 2008/2010.
[15] – زهور الحر : الصلح والوساطة الاسرية في القانون المغربي والقانون المقارن، الصلح والتحكيم والوسائل البديلة لحل النزاعات من خلال اجتهادات المجلس الاعلى، مرجع سابق ص 127.
[16] – بنسالم اوديجا : مرجع سابق ص 41.
[17] – محمد الفلاقي : الصلح والطرق البديلة لتسوية النزاعات الاسرية، رسالة دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص وحدة التكوين والبحث في تشريعات والهجرة كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية جامعة محمد الأول وجد السنة الجامعية 2007/2008 ص 88.
[18] – الاستاذ احمد الفقيه : قراءة في مشروع قانون الوساطة بالمغرب، الصلح والتحكيم والرسائل البديلة لحل النزاعات من خلال اجتهادات المجلس الأعلى مرجع سابق ص 452.
[19] – موقع وكالة الأنباء الكويتية ” كونا “.
[20] – الذي دخل حيز التنفيذ ابتداء من فاتح اكتوبر 2004.
[21] – المادة 7 من قانون رقم 10 لسنة 2004 المتعلق بإنشاء محاكم الاسرة المصرية.
[22] – المادة 9 من قانون رقم 10 لسنة 2004 المتعلق بإنشاء محاكم الاسرة المصرية.
[23] – المادة 8 من قانون رقم 10 لسنة 2004 المتعلق بإنشاء محاكم الاسرة المصرية.
[24] – راجع سعيد معتصم : مرحلة الصلح في المساطر القضائية، مرجع سابق ص 137.
[25] – زهور الحر : م س، ص 130 و 131.
[26] – صابر عبد الرحيم : م س، ص 5.
[27] – محمد الفلاقي : م س، ص 96.
[28] – محاضرة القاضية الامريكية لانج توماس بالمعهد العالي للقضاء ماي 2008 تحت عنوان الوساطة بالولايات المتحدة.
[29] – بنسالم اوديجا : ادماج الوساطة في النظامين القانوني والقضائي بالمغرب السياق العام الاشكالات المطروحة أي دور للمحامي في التجربة مقال منشور بسلسلة الندوات الجهوية طيلة سنة 2007 بمناسبة احتفاء بالذكرى الخمسينية لتأسيس المجلس الاعلى تحت عنوان الصلح والتحيك والوسائل البديلة لحل النزاعات من خلال اجتهادات المجلس الاعلى الندوة الجهوية الحادية عشر قصر المؤتمرات بالعيون يومي 1 و 2 نونبر 2007 مطبعة الامنية الرباط ص 388.
[30] – محمد الفلاقي : م س، ص 105.
[31] – ذ/ الحسن بويقيق : مدى امكانية تطبيق نظام الوساطة بالمغرب، مرجع سابق ص 18.
[32] – بنسالم اوديجا : المرجع السابق، ص 131 و 132.
[33] – كتيب دليل الوساطة يراجع الموقع : www.tanmia.ma
[34] – جريدة الصباح : نظام للوساطة في قضايا الاسرة عبر بوابة العدول، الاثنين 14/05/2012 العدد 3759 بقلم الدكتور “حسن الزباخ”
ص 14.
[35] – فوزية زيهور : مرجع سابق، ص 112.
[36] – الاستاذ احمد الفقيه : م س، ص 449.
[37] – راجع كارل اسيكيو : عندما يحتدم الصراع دليل لاستخدام الوساطة في النزاع، م س، ص 35.
[38] – انظر عثمان اخديم : الوسائل البديلة لحل النزاعات الاسرية نموذجا، م س، ص 84.
[39] – Guy hiernaux : divorce et séparation de corps, édition laracier Bruxelles 2001 p 26.
[40] – Jean cruypalants et Michel gonda et marc wagemous : droits et pratique de la médiation édition Bruxelles 2008 p 192.
[41] – Florance van de Putte : la médiation familiale, édition Labor Bruxelles 2006 p 50.
[42] – راجع نهلة ياسين حمدان : الوساطة في الخلافات العربية المعاصرة، دار الكتاب العملية الطبعة الاولى 2005 بيروت ص 84.
[43] – محمد سلام : مرجع سابق، 82.
[44] – منظمة دولية غير حكومية تعمل في مجال تدبير حل النزاعات.
[45] – ففي التجربة الامريكية يتم اداؤها على اساس 150 دولار لساعة باستثناء المدة التي يستغرقها الوسيط في دراسة القضية في حين نجد القانون الاردني ينص على استراد المدعي نصف رسوم الدعوى اذا كانت الوساطة قضائية وكامل الوساطة اتفاقية.
[46] – راجع محمد سلام : دور الطرق البديلة لحل المنازعات اصلاح القضاء وتأهيله لمواجهة تحديات العولمة، مرجع سابق، ص 5.
[47] – راجع بنسالم اوديجا : الوساطة كوسيلة من الوسائل البديلة لفض النزاعات، مرجع سابق ، ص 44.
[48] – كلمة الدكتور ادريس الضحاك : في الندوة الجهوية الحادية عشر المنعقدة بالعيون يومي 1 و 2 نونبر 2007، الصلح والتحكيم والوسائل البديلة لحل النزاعات من خلال اجتهادات المجلس الاعلى، م س، ص 7 و 5.
[49] – عبد الرحيم صابر ومصطفى كاك، مرجع سابق، ص 92 و 93.
[50] – يراجع الموقع : ima-arlhtmllmodel-ar.asp ?/www.pooluma.org
[51] – محبوب التجاني : اهمية الصلح في مدونة الاسرة، بحث نهاية تمرين الملحقين القضائيين العهد العالي القضاء الفوج 35 فترة التدريب 2008/210.