العقوبات العينية كبديل للعقوبة السالبة للحرية.
الأستاذ مسعودي كريم

باحث في قسم الدكتوراه

جامعة سعيدة

الجزائر

العقوبات العينية كبديل للعقوبة السالبة للحرية.

مقدمة:

البدائل العينية للعقوبة بدورها تقترب من العقوبات الكلاسيكية إلا أنها تمس المدان فقط في ذمته المالية،وتعد من مصادر الإرادات للخزينة العمومية وتتولى عملية تحصيلها مصالح الضرائب المختلفة ،ومن من هنا فيما تتمثل هذه البدائل أساسا باعتبارها عقوبات بديلة لعقوبة الحبس؟ وهل نص المشرع الجزائري ضمن تشريعه العقابي؟

الفرع الأول: الغرامة الجنائية.

هي إلزام المحكوم عليه بدفع مبلغ من المال لصالح خزينة الدولة،فهي تحقق الردع العام و الخاص وتؤدي إلى انتقاص الذمة المالية للمحكوم عليه،كما تحقق إصلاح الجاني من خلال عقابه بالغرامة على الجرم الذي اقترفه،أما اقتصاديا فهي تعويض للمجتمع عن الأضرار التي سببتها الجريمة(1)،وقد نص المشرع الجزائري على الغرامة كعقوبة أصلية يحكم بها القاضي مستقلة عن عقوبة الحبس،وبالتالي فهي في بعض الجرائم قد تكون بديلة للعقوبة السالبة للحرية طالما كان الحكم بها مستقلا عن باقي العقوبات(2).

الفرع الثاني:الإلزام بإزالة الأضرار و تعويض المجني عليه.

يجوز للمحكمة بناء على طلب من المجني عليه أن تحكم على الفاعل بغزالة الأضرار التي أحدثتها جريمته،وتعويض المجني عليه وفي حالة رفض المحكوم عليه تطبق العقوبة،ويصب في ذلك بما يعرف بالصلح القانوني حسب المشرع الجزائري في المادة 6فقرة4من قانون الإجراءات الجزائية وفي هذا علاقة بانقضاء الدعوى العمومية(3).

الفرع الثالث:نظام تحويل الدعوى الجنائية إلى الطريق غير الجنائي.

وهو أسلوب حديث يسمح بتفادي الحبس في أحوال معينة بالنسبة للمحكوم عليهم،ويطبق هذا النظام بصورة كبيرة في الولايات المتحدة في متابعة المدمنين على المخدرات و الكحول.

خاصة إذا رأى القاضي أن الطريق الجنائي لم يجدي نفعا.إلا انه لا يجدي نفعا في المجتمع الجزائري،لأنه باعتقادي لا يمكن تحويل الجنائي إلى المدني،فعلى الرغم من أنهما نظامان متكاملان إلا أنهما مختلفان (4).

الفرع الرابع:المصادرة.

تهدف إلى انتزاع ملكية الأموال المتأتية من الجريمة لصالح الدولة و حرمان الجاني منها،وقد استعملتها بعض التشريعات كعقوبة تكميلية أو تدبير وقائي كالمشرع المصري،وأخرى اعتبرتها عقوبة أصلية كالمشرع الفرنسي،أما المشرع الجزائري فقد نص على المصادرة الجزئية للأموال ضمن العقوبات التكميلية وتجدر الإشارة إلى أن المادة 16من قانون العقوبات الجزائري نصت على الأخذ بالمصادرة كتدبير أمن(5)،ومن ثم أقول أن المصادرة في التشريع الجزائري ليست بديلا و إنما عقوبة تكميلية(6).

الخاتمة:

على الرغم من المعارضة الشرسة الذي تتعرض لها بدائل العقوبات من الكثير من الدارسين و حتى بالنسبة لرأي العم،فإنه في الحقيقة لا ينكر دورها إلا جاحد،بل وأكثر من ذلك لا تستطيع السياسات الجنائية الحديثة أن تستغني عنها خاصة في ظل توسع مجالات الإجرام و توسع المشرعين و إسرافهم في العقاب،مما يجعل بعض حالات الإدانة لا تستغني على البديل من جهة حتى يتم إصلاح الجاني على الأقل لكي لا تزداد خطورته الإجرامية،ومن جهة أخرى نظرا لاكتظاظ المؤسسات العقابية.

وعليه لابد من أيجاد وسائل على الأقل تكون تكميلية للعقوبة و تحصل من لا تكون له ميولات جامحة نحو الإجرام من العودة إلى السلوك الذي بدر منه سهوا أو خطا أو بسبب حالة نفسية أو أي وضع من الأوضاع التي تدفع بالإجرام .

قائمة المراجع:

1_ راجع الفقرة الأولى من المادة 5مكرر1من قانون العقوبات الجزائري.

2_ عبد المالك سايش، دور بدائل العقوبة في التقليص من ظاهرة العود إلى الجريمة،مداخلة غير منشورة قدمت لإثراء أعمال الملتقى الوطني حول بدائل العقوبات الجزائية في التشريع الجزائري و المقارن،المنظم من طرف كلية الحقوق و العلوم السياسية جامعة عبد الرحمان ميرة بجاية،يومي 16و17نوفمبر 2011،ص.300.

3_ عبد الرحمان خلفي،العقوبات البديلة_دراسة فقهية تحليلية تأصيلية مقارنة-،المؤسسة الحديثة للكتاب،لبنان،الطبعة الأولى،2015،ص.301.

4_ عبد المالك سايش،المرجع السابق،ص.301.

5_ أنظر المادة 16من قانون العقوبات الجزائري.

6_ عبد الرحمان خلفي،المرجع السابق،ص.301.

7_ المرجع نفسه،ص.302.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت